<u><center><font size=+3>رؤية في الجهاد <br>كسبيل لاستحقاق الحياة
</font></center></u>
<font size=+1> ميز الصوفية المسلمون بين موتين؛ <u>الموت الاضطراري و الموت الإرادي</u>. فالأول مرتبط بالأجل المحدد للإنسان في اللوح المحفوظ</font>, لا دخل فيه للإرادة, قد يباغت الإنسان في أية لحظة كما جاء في النص القرآني "ولا تدري نفس بأي أرض تموت". أماالموت الثاني فهو الموت الإرادي, وهو سلوك يلجأ إليه الصوفي لاستحقاق الحياة</font>, انسجاما مع مفهومه الخاص للحياة.
في هذا الموت الإرادي يلجأ الصوفي إلى الانفصال عن العام لبلوغ الخاص. فكما لم يرض الصوفية بحياة العامة, لأنها ظلت مقترنة بمشاغل وهمية وبحجب اصطنعها الإنسان واعتقلته بتضييق حياته, فإنهم سلكوا طريق الأسرار سعيا وراء حياة المعنى. وبلوغ هذه الحياة بما هي انفصال لا يتحقق عندهم إلا بالموت. وقد ميزوا في الموت الإرادي, الذي اعتبروه مسلك هذه الحياة الخاصة, بين ميتات أربع, ووسموا كل واحدة من هته الميتات بلون من الألوان. وهكذا تحدثوا, وفق ما خبروه تجربة, عن موت أبيض, وموت أخضر, وموت أسود وموت أحمر.
<u>أ. الموت الأبيض: </u></font>وهو الانفصال عن سلطة العادة, فإيقاع الحياة مبني, لدى العامة, على التكرار, وهو ما يخلق التعود على الشيء. وينجم عن التعود كسل جسدي وروحي. كما تنجم عنه أفكار تتحول إلى سلطة تغدو مع الزمن أوهاما يصعب الانفصال عنها. لذلك تصبح العادة أشبه باعتقال رمزي يكبل القدرة على التجدد. ولما كان الانفصال عنها صعبا, فإنه اعتبر موتا. ومن ثم كان الصوفي حريصا على خرق العادة وتجديد هذا الخرق. فقد قال ابن عربي في "رسالة لا يعول عليه": (خرق العادة إذا لم يتحول عادة لا يعول عليه).
<u>ب. الموت الأخضر: </u></font>وهو عندهم لباس المرقعات الذي عرف بالخرقة. فلباس الخرقة مقام صوفي يمثل مرحلة من مراحل الموت الإرادي. ولباس الخرقة ليس إلا سلوكا تربويا موجها للمريدين, لذلك يتعين تجاوز ظاهره لفهم باطنه. فاللباس هنا هو التحلي بالأخلاق الفاضلة وبما يمكن الصوفي من ضمان خضرة دائمة, أي تجدد مستمر. وعندما يرتدي المريد الخرقة فلكي يرث أحوال شيخه. وواضح أن الخرقة مجرد ظاهر لباطن أخفى.
<u>ج. الموت الأسود: </font></u>ويقصد به الصوفية تحمل الأذى. فمن المعلوم أن الإنسان مجبول على حب من يحسن إليه والاطمئنان لمن يمدحه, وأنه ينزعج لمن يسيء إليه. وقد انفصل الصوفية عن ذلك لأنه يقوم على إرضاء الجماعة وقبول أوهامها والدفاع عنها. فلكي يكون المرء محبوبا لدى العامة عليه موافقتها والقول برأيها. ولما كان الطريق الصوفي بحثا عن معان تبدو للعامة غريبة بل ومستقبحة, فإن على الصوفي أن يموت هذا الموت الأسود بقبول تجريح العامة والفقهاء ليتأتى له استحقاق هذا الطريق. فقد كفّر الفقهاء والعامة الصوفية وحاربوهم. والتذاذ الحلاج بالصلب الذي تعرض له بتدبير من الفقهاء هو موت أسود.
<u>د. الموت الأحمر :</font></u> وهو مخالفة النفس في أغراضها. وليس أشق على الإنسان من مخالفة نفسه. فهذه المخالفة تهذيب لها وإعادة بناء لميولاتها وتوجهاتها. وذلك بالسفر بعيدا فيها. وبهذه المخالفة أيضا يتم التعرف على النفس بما هي عالم لا محدود. لهذا ذهب الصوفية إلى أن معرفة العالم و الخالق لا تستقيم بدون معرفة النفس. وهو ما تأولوه من الحديث الشريف "من عرف نفسه عرف ربه".
إن المشترك في هذه الميتات التي عليها يقوم الموت الإرادي الصوفي هو الانفصال. ذلك أن الموت هو عموما فراق و انفصال . لهذا كانت الحياة, لدى الصوفية, تتأسس على الموت به يحمون تميزهم عن العامة. فالحياة الخاصة لا تقوم إلا على موت ينفصل فيه الصوفي عن حياة العامة.
</font>
<center>-------------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads/d ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1042154215Hatem">
<p>رأيك في هذا المقال:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>
رؤية في الجهاد كسبيل لاستحقاق الحياة
مراقب: Hatem
-
- معلومات
-
الموجودون الآن
الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر