إسرار الحب

شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

أغسطس 24th, 2008, 10:07 pm

إسرار الحب
عن موقع بيت الحق
هناك حب بين الرجل والمرأة... يفيض بالحماس والحرارة والمتعة...
وهناك حب بين التلميذ والمعلم... يغوص بالاستسلام والهدوء والحكمة...
وهناك إمكانية ثالثة لأفنى وأكون كياناً من الحب... في كل لحظة وفسحة...

هل الحب شيء يتغير باستمرار في الإنسان...
يأتي ويذهب، ويحمل مختلف الأشكال والألوان...
أم أن الحب ببساطة هو كل شيء يكون في كل زمان ومكان؟

يا صديقي... الحب الذي يأتي ويذهب ليس إلا انعكاساً للحب الحقيقي. البدر مكتمل في السماء وتنعكس صورته في البحيرة الهادئة... الانعكاس يشبه البدر تماماً، لكنه يمكن أن يتشوش بسهولة بمجرد مرور نسمة خفيفة... فيتشتت إلى آلاف القطع الفضية التي تملأ كل البحيرة، بعدها عندما تعود البحيرة إلى هدوئها يظهر البدر من جديد. لكن القمر الحقيقي الموجود في السماء لا يتعكر بالرياح ولا بالعواصف والعواطف في الفصول... حتى أنه يبقى موجوداً في النهار بالرغم من أنك لا تستطيع أن تراه بسبب نور الشمس القوي. الحب هو الحالة ذاتها بالضبط... الحب الحقيقي هو فقط أن تكون حبّاً... نبعاً يفيض بالحب... إنه ليس علاقة أو تعليقة، بل هو ذاتك وحالك في الحقيقة. ليس له أي علاقة بأي شخص محدد، بل أنت ببساطة مليء بالحب... يمكن للكثيرين أن يشاركوا به، ويمكن لأي عطشان أن يروي ظمأه منه.... هذا الحال من التجلي بالحب هو قمّة الوعي الأعلى والأسمى.. يمكن أن نسميها حالة اليقظة أو الاستنارة بنور الله المحبة والرحمة... حالة كل أولياء الله والعارفين والسالكين. وما أُرسلتُ إلا رحمةً للعالمين... شخص مثل النبي أو المسيح أو بودا أو الحلاج لا يحبّ... بل هو حب! إنه لا يقوم بأي عمل.. بل حضوره وحضرته تشعّ بالحب... هذا الحب ليس موجّهاً إلى أي شخص محدد، لا لأي طائفة أو أتباع أي دين محدد ومقيّد، بل هو عطاء لا محدود مثل نور الشمس الذي ترسله إلى كل جهة وزهرة وشجرة... حبٌ يصل إلى كل شخص حاضر لاستقباله والشعور بجماله. الحب كحالة داخلية ما هو إلا إمكانية متاحة لأي مريد يريد فيأخذ ويزيد...... يمكنك أخذ ما تشاء حتى أكثر مما يشاء... يمكنك ملء ذاتك بقدر استطاعتك... نبع الحب غير محدود.. يفيض باستمرار ولا يمكن أن تحبسه السدود... إنسان في هذا الحال.. حتى لو كان جالساً لوحده يستمر بإطلاق أنوار الحب... وهذا الحب ينعكس بأنواع مختلفة وملونة لكنها كلها ليست إلا انعكاسات في المرآة. الحب بين الأصدقاء: يمكن أن يظهر بعدة أشكال لكنها دائماً متغيرة... ولا بدّ أن تتغير لأنها مجرد انعكاسات.. خيالات... وزوالها يجلب الكثير من التعاسة. عندما تنعكس صورة القمر في البحيرة هناك فرح وجمال.. وعندما تتبدد بالرياح أو بمجرد حجرة صغيرة ترميها في الماء، يزول كل شيء ويتبعثر... وأنت تعلم من تجاربك أن علاقات الحب مع الأصدقاء، مع الأزواج والزوجات، مع المعلمين وإخوة الطريق، كلها أشياء رقيقة مرهفة وخفيفة... أي شيء صغير يحدث وستجد اختفاء كل الحب... والحب لن يختفي فحسب بل سينقلب إلى ضده! الأصدقاء سيتحولون إلى أعداء، الزوج والزوجة لا يحتاجون لأن يتحولوا لأنهم أعداء من الأساس، التلميذ سيخون ويبيع معلمه وهكذا... نحن نعرف ونختبر كل هذه الأشكال من الحب وهي كلها مشروطة. حتى حب الأهل لأولادهم مشروط: إذا أطعتهم باستمرار ولم تتمرد وتقفز في الدار، وإذا كنت ستصير كما أرادوا لك أن تصير: سيحبّوك كثيراً... أما إذا سلكتَ طريقك الخاص بك، سنجد أن الأهل يمكن حتى أن يهجروا أولادهم ويتبرؤوا منهم ويحرمونهم من الميراث. لكن هذه الانعكاسات تدلّ وتشير إلى شيء حقيقي تنعكس صورته هنا وهناك. بدون شيء حقيقي لا يمكن أن يتشكل أي انعكاس. في الإنسان المستنير، الحب هو طبيعته وفطرته... هواء نفَسه ونبضُ قلبه... أينما يكون يستمر كالغيمة يهطل بأمطار الخير... وهطوله غير مشروط! لا يطلب أي شيء منك، ولذلك لا يمكن أن يتعكر أو يتكسر... وما لم تعرف هذا الحب، فاعلَم أنك كنت ولا تزال تحلم وتفكر بالحب. كل هذه الانعكاسات ما هي إلا أحلام، وتجلب كثيراً من التعاسة والهم والقلق، وبين بين، تعطيك بعض اللحظات من المتعة... هذه اللحظات ليست إلا عزاء وتعويضات. الحب الأصيل هو اكتفاء ورضى كبير في قرارة نفسك... اجتماع طاقاتك في مركز كيانك... هذه الاجتماع ليس جماع أو اجتماع سياسي ولا فرق، بل هو صقل لجوهرة حياتك يصنع تحوّلاً مذهلاً في وعيك وطاقتك... عندها أينما تكون، الحب سيكون.. مع البحر والشجر... مع الجبال والنجوم والبشر.. مع الطير والحجر... لا تستطيع القيام بأي شيء، بل الحب ببساطة سيشع منك. لقد صار لبَّ حياتك... لا يمكنك أن تمنعه وإلا ستقتل نفسك كأنك تنتحر! من "علاقات الحب" عندك، تعلّم شيئاً واحداً فقط: أنه لا بدّ من وجود شيء أصيل وحقيقي وأبدي ينعكس في مرايا العلاقات. وإلى أن تعرف ذلك الحب ستعاني كثيراً ولن تجني شيئاً، ستضيّع وقتك وطاقتك وحيواتك في لعبة "المحبة والكراهية" دون أي محصول. وذلك الحب يمكن أن يُعرف لأنه قدرتك المفطور عليها، البذرة التي أتت معك منذ ولادتك، وما عليك إلا الاعتناء بها قليلاً وستبدأ بالنمو.... وقريباً ستمتلئ نفسك بالأزهار... لقد أتى الربيع وطلع البدر علينا يا سلام... وعندما يأتي مرةً لن يغادرك أبداً حتى آخر لحظة. قصة جميلة جداً عن أحد الأولياء... كان معلماً مشهوراً وحوله كثير من التلاميذ، وقد أخبرهم أنه حين يأتي القمر مكتملاً سوف ينتقل إلى رحمة الله. باختفاء القمر في تلك الليلة سيختفي معه... هذا المعلم أتى إلى الدنيا بعلامات نادرة، لقد وُلد في ليلة مكتملة القمر، استنار في ليلة مشابهة وانتقل أيضاً إلى السكن الأعلى. وهكذا أتى آلاف التلاميذ من العالم لمجرد رؤيته قبل أن يغادر... كان هناك حزن كبير لكن الناس كانوا يحبسون دموعهم ليسهلوا عليه المغادرة. وسأل المعلم: "إذا كان عندكم أي سؤال اسألوني الآن لأنني غداً لن أكون هنا... إذا كان هناك أي سؤال في قلوبكم لم تطرحوه عليّ فاسألوني... قبل أن أغادر أريد أن يكون كل تلاميذي يقظين متفتحين، بدون أي سؤال... أريدكم أن تصبحوا أجوبة لا أسئلة والسائل هو المسؤول". لم يسأل أحد أي شيء... فقط أحمد، أكبر التلاميذ قال: "لقد أجبتنا باستمرار طوال اثنتين وأربعين سنة.. لم يعد لدينا أي أسئلة.. أتينا اليوم فقط لنكون بقربك عندما تذوب في الوعي الكوني. سمعنا من الحكايا القديمة أنه عندما يموت شخص مستنير، عند مغادرته لجسده، ينتشر وعيه ليملأ الكون بالنور والسلام... نريد اليوم أن نكون بجانبك لنتذوق طعم هذا المحيط من الصحوة والمحبة". عندها قال المعلم: "حسناً، سأودعكم الآن... سوف أموت على أربع مراحل.. أولاً سأترك جسدي، ثم سأترك فكري، ثم قلبي، وفي الرابعة سأذوب في محيط الوجود مع الموجود الأوحد". وأغلق عينيه... وفي تلك اللحظة بالضبط أتى رجل راكضاً بسرعة وقال: "أريد أن أسأل شيئاً كنت أؤجله طوال ثلاثين سنة! لقد أتى المعلم إلى قريتي عدة مرات في هذه السنين، وفكرتُ دائماً أن هذه المرة سأقابل المعلم وأطرح عليه سؤالي وحالي.. لكن شيئاً أو آخر كان يمنعني واستمر التأجيل. نعم.. هذا غباء شديد مني... مرةً يأتيني ضيف، ومرةً أنشغل بزبائن المحل، بعدها كان هناك حفل زفاف وشاركت فيه... هكذا بقيتُ أؤجل مفكراً أنه لا يوجد داعي للعجلة، عندما يأتي في المرة القادمة سأسأله... لكن أيضاً مرضت زوجتي مرة فالتهيت.. ومرضتُ أنا مرةً فبقيت في الفراش... ومرّت السنين الثلاثين. منذ لحظات سمعت أن المعلم يموت، والآن لا يمكنني أن أؤجل أبداً ولا يوجد أي سبب يمنعني". لكن أحمد قال له: "أتيتَ متأخراً قليلاً... لقد بدأ المعلم رحلته الداخلية وهو الآن تجاوز مرحلتين: يمكنك أن ترى جسده في صمت مطلق وهو الآن ترك فكره... صامت بلا فكر ويغوص في أعماق الذكر... ربما يحتاج الأمر لحظات قليلة وسيترك قلبه، لأن القلب هو الأداة التي كان يستعملها دائماً ليشع حبه ونور سعادته وصمته... لا يجوز أن تشوشه في هذه اللحظة الحساسة... كان المعلم يتكلم باستمرار طوال اثنتين وأربعين سنة، والآن هذه غلطتك أنت، لم تستطع إيجاد أي وقت خلال ثلاثين سنة لطرح السؤال". لكن المعلم عاد.... تنفسه الذي اختفى عاد للحركة من جديد، وقلبه عاد ينبض وامتلأ الوريد... فتح عينيه وقال: "يا أحمد... هل تريد أن تتذكر الأجيال القادمة أن محبة ذلك المعلم كانت صغيرة جداً لدرجة أنه لم يستطع العودة عن خطوتين في حين أتى إليه إنسان عطشان؟ وأنا لا زلتُ حياً.... كنتُ سأُدان للأبد... لا تمنع هذا الرجل ودعه يسأل السؤال". كانت تلك أول مرة يرى فيها الرجلُ ذلك المعلم العظيم، وفي حالة غريبة جداً: آلاف الناس يحيطون به في صمت وعيونهم مليئة بالدموع.. والمعلم كان نصف ميت: أخذ خطوتين عبر العالم الداخلي، ومجرد خطوتين بعدها سيصبح جزءاً من الكون اللامتناهي... لكن الإنسان المتجلي في الحب.. المصنوع منه قلباً وقالباً.. حتى في مثل هذه الحالة المحالة سيشع بالحب... لم يستطع أحمد وكل التلاميذ أن يصدقوا ما يحصل... من أجل رجل عادي، لم يكن حتى تلميذاً، وقد أجّل سؤاله في لهو وإهمال ثلاثين سنة...... لكن حب ورحمة الأنبياء والحكماء غير محدود.... طلب المعلم من الرجل أن يسأله، لكن الرجل كان مأخوذاً بشدة من هول اللحظة وهالتها ونورها فنسيَ السؤال... وقال: "لقد اكتفيتُ بالذرتين يا رسول الله... لقد شبعت واكتفيت واستويت... حبك هذا أجاب كل أسئلتي... كنتَ نصف ميت ومع هذا رجعتَ لكي تجاوب رجلاً عادياً من السوق كان يتجنبك طيلة ثلاثين سنة، واضعاً آلاف الحجج والأعذار"... انحنى الرجل وقبّل يد المعلم متباركاً.. وقال: اسمح لي أن أكون آخر تلامذتك وأرجو أن تقبلني في مدرسة رحمتك.. لقد أتيتُ لأطرح سؤالاً لكن الحال الآن أزاح كل سؤال... أمام حبك الدافي كل الأسئلة تختفي.. ولا أريد أن أفوت فرصة التبارك بك قبل انتقالك". استقبل المعلم هذا الرجل كآخر تلميذ عنده... وسأل مجدداً: "هل هناك أي سؤال في بالكم؟ لأن الأمر سيكون صعباً جداً عليّ... إذا تجاوزتُ المرحلة الثالثة، تركتُ القلب وانتقلت إلى الوعي الصافي، ثم المرحلة الرابعة، ستكون العودة صعبة... حتى لو أردتُ العودة فلن أستطيع. لذلك رجاءً إذا كان عندكم أي سؤال فلا تخجلوا". قال التلاميذ: "كلنا نشعر بالحزن والأسى لأن هذا الرجل قد عكّر هذه اللحظة الهامة... ولم يكن هذا مناسباً أبداً... هذه اللحظة يجب أن تكون صامتة تماماً، بحيث إذا ذبتَ في المحيط سيصلنا شيء منك نحن أيضاً"..... قال المعلم وداعاً من جديد ودخل في المرحلة الرابعة. القصة رمزية وفيها مغزى ومعنى... حتى لو كانت تاريخية، لكن الشرق يعرف أن الذي لا يمكن قوله بالطرق التقليدية: يمكن أن يشار إليه بالقصص والحكايا. وتقول القصة أنه عندما انتقل ذلك المعلم، تفاجأ الناس بأن الأشجار المصفرة التي كانت تموت عادت إلى الحياة وأزهرت وأثمرت في غير فصلها المعتاد.... كان هناك أثر عظيم لموته... الناس الذين عاشوا معه عشرات السنين ولم يستنيروا، استناروا في تلك اللحظة بالذات... عندما تخلّى عن الجسد وتحرر وعي الساجد انتشر في الكون كله... لهذا أي شخص حاضر لاستقبال الموجة سيتلقى هذا النور ويتنوّر أيضاً.... حتى الأشجار لم تكن غافلة. قبل موته كانت الطيور صامتة... وعندما مات بدأت تغرد وتحتفل... في أي لحظة يموت فيها إنسان مستنير، يشعر العالم كله بأمطار الحب... بأمواج الوعي والصحوة... بأنوار السلام والسعادة. لذلك لا تضع وقتك كله في الانعكاسات رغم جمالها وأهمية دورها... إنها إشارات مهمة مثل الأصابع تشير إلى القمر الحقيقي... فاستخدم الانعكاسات لإيجاد حقيقة الآيات... وسوف تنتقل من هذا العالم المجنون إلى بيتك الداخلي المكنون... من دار الممر إلى دار المقر... هنا والآن....

رشدية
مشاركات: 44
اشترك: يناير 15th, 2008, 12:08 am

أغسطس 27th, 2008, 4:38 pm

ما هو الحب؟



من الغریب أن نسأل ما هو الحب!! لأن كل شخص یتصور أنه یعرف الحب ولكن في الحقيقة لا یوجد أحد یعرف الحب!! الحب من المواضیع التي تكلم عنها الجمیع، هناك أفلام وأشعار وكتب وأغاني تكلمت عن الحب إذن هناك أشخاص كثیرین سعوا لكي یعلنوا عن الحب وأن یُعَرّفوا العالم علیه ومع كل هذا یبقی الحب حدث مجهول. مع أنه یجب أن یكون حدثاً معروفاً جداً...



هذا أشبه بأن یسأل أحد ما هو الطعام؟ ألن تستغرب إذا سألك أحد هذا السؤال؟ فقط إذا كان هناك شخص لم یتذوق أي شيء في حیاته ويُحس أنه میت من الجوع، في هذه الحالة سیكون سؤاله منطقیاً. هذا ینطبق علی الحب تماماً لأن الحب هو طعام الروح، والروح لم تأخذ حظها من الحب أبداً لهذا أنت لا تعرف ما هو طعمه، لهذا السؤال لیس غریباً بالمرة... الجسم یحصل علی الطعام ویستمر في الحیاة ولكن الروح لا تحصل علی طعامها إذن الروح میتة أو هي لم تولد بعد أو هي تحتضر...



حین ولدنا أتینا مع كامل قوانا الأساسیة لنُحب ونَنحب، كل طفل یولد وهو ملیئ بالحب ویعرف ما هو. أنت لست بحاجة لتُعلم الطفل الحب. المشكلة هي أن الأم والأب لا یعرفان الحب.



لا یوجد طفل یحصل علی الأم والأب الذین یستحقهم لأنه ببساطة هذا النوع من الأهل لیسوا موجودین علی الأرض إطلاقاً وبعد كل هذا ینمو الطفل لیصبح هو أیضاً أباً أو أماً وهو أیضاً یفقد الضرورة للحب.



لقد سمعت من قبل قصة عن قریة صغیرة یولد فیها الأطفال وبعد ثلاث شهور یصابون بالعمى وهكذا تحول كل المجتمع إلی عمیان ولكنهم یعیشون حیاة عادیة ومن هنا جیل بعد جیل یمكن أن یسأل الأولاد ما هي العیون؟ كلمة عین تطلق علی أي عضو من الأعضاء؟ ماذا تقصد حین تقول عین؟ هنا یكون السؤال حقیقیاً ومنطقیاً...



كل هذا المجتمع ولد بشكل طبیعي ولكنه فقد الطبیعة في رحلة النمو، وهذا ما یحدث مع الحب. كل طفل یولد بكمٍّ هائل لا یحصی من الحب، یولد وكأنه كتلة من الحب، في حالة ناعمة ومرنة مثل الحب... ولكن الأهل لا یستطیعون أن یعطوه الحب لأنهم متعلقون بأشیاء أخری، یقولون له إننا نحبك ولكن ما یفعلونه لیس حباً، الطریقة التي یقدمون فیها الحب طریقة غیر لطیفة وبدون احترام. لا یوجد أهل یحترمون الأولاد وفي الحقیقة لا أحد یهتم بالاحترام... لا یفكرون أن هذا الطفل سیصبح شخصاً فیما بعد، بل ینظرون إلیه وكأنه مشكلة من مشاكل العصر! إذا كان هادئاً فهو جید، إذا لم یعترض طریق الأهل إذن هو أحسن وأفضل.. هذه هي الطریقة التي یجب أن یكون الطفل فیها بدون احترام وبدون أي حب.



الأهل لا یعرفون معنی الحب، المرأة لا تحب زوجها والزوج لا یحب زوجته وأساساً الحب لم یوجد بینهم إضافة إلی أن حب التحكم والسیطرة والغیرة یدمر الحب.



الحب كالزهرة الهشة، یحتاج للرعایة والدعم والحمایة. فقط في هذه الحالة یمكنه أن یقوی ویزدهر... كذلك حب الأطفال هشّ بطبیعته لأن الطفل رقيق وناعم. هل تعتقد أننا إذا تركنا الطفل لوحده سینجو؟ فكِّر كم هو ضعیف حین یولد؟ أكید إذا تركناه لن ینجو وسیموت وهذا ما یحدث للحب.... لقد تُرك وحیداً بدون رعایة.



الأهل لا یستطیعون أن یحبوا لأنهم لا یعرفون الحب، لم یزهر الحب فیهم. فقط فكّر بأهلك أنت وتذكّر، أنا لا ألقي اللوم علیهم، هم أیضاً ضحیة كما أنت ضحیتهم، لأن أهلهم كانوا كذلك بطبیعتهم... وإذا رجعنا هكذا للوراء سنصل إلی آدم وحواء وأباهم الله ونلاحظ أن الله نفسه لم یحترم آدم وحواء أیضاً وهو منذ البداية كان یتحكم بهم، افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك كلوا من هذا ولا تأكلوا من ذاك وحین أكلوا من الفاكهة الممنوعة غضب الله وأصبحت ردة فعله أن طرد آدم وحواء من الجنة.



هذا الطرد أو الإبعاد دائماً موجود وكل الأهل یسعون إلی طرد أو إبعاد أولادهم عنهم: "إذا لم تسمع الكلام، إذا لم تغیر أفعالك فستطرد"... هكذا یخاف الطفل. كیف یستطیع أن یعیش في هذه الحیاة الوحشیة وحیداً؟ ولهذا یبدأ بالمداهنة، یبدأ بالابتسامة حین یرید الحلیب من أمه، یصبح سیاسیاً، وهذه هي أولى الخطی إلى السیاسة!!

هكذا یبدأ الطفل من الداخل بكره الأهل لأنه لا یحس باحترامهم له، بداخله یشعر بالعجز لأنه لا یُحََب كما یجب، والمتوقع منه أن یعمل بعض الأشياء حتى یُحب. هذا هو الحب المشروط.. لا أحد یهتم به كما هو، یجب أن یكون قلقاً علی حبهم له وبهذه الطریقة فقط یستطیع أن یحصل علی الحب والاهتمام، هذا الشعور یعطیه إحساس غیر حقیقي وفارغ ومن هنا یأتي عدم احترام الذات والشعور بالذنب.



أحیاناً كثیرة یسأل الطفل نفسه هذا السؤال: هل هؤلاء هم أهلي الحقیقیین؟ هل ممكن أن أكون طفلاً بالتبني؟ یمكن أن یكونوا متكفلین بي؟ لأني لا أحس بحبهم...

ألوف المرّات رأی نظرات الغضب في عینیهم، هذا الغضب القبیح علی وجوههم!! لا یستطیع أن یفهم لماذا كل هذا الغضب من هذه الأخطاء والهفوات الصغیرة؟ برأیه هذا لیس عدلاً ولكنه مجبور أن یستسلم ویخضع لما یریدونه وكأنها أشیاء ضروریة، لكن بهذه الطریقة یفقد الطفل قدرته على الحب...



الحب ینمو بالحب فقط، هذه هي القاعدة الأساسیة التي یجب أن تتذكرها دائماً لأنه یحتاج إلی نفس الطاقة من حوله حتى یقوی بها... إذا كانت الأم محبة أو الأب محب لیس بالضرورة أن یحبوا الطفل، حتى إذا كانوا یحبون بعضهم والآخرين... إذا كان البیت مناسب لنمو الحب، في ذلك الحین یصبح الطفل مستعداً لكي یكون محباً هو الآخر ولن یسأل هذا السؤال أبداً: "ما هو الحب؟" سیكون محباً منذ البدایة، الحب سیكون في البنیة الأولى...



ولكن عادةً لا یحدث هذا، وللأسف منذ زمن بعید ما یحدث هو أن الأطفال یتعلمون طریقة الأهل في التذمر والمناقشة... للحظه تأمل نفسك، إذا كنتَ امرأة تأملي نفسك، مع أنك تعتقدین أن لك شخصية مستقلة ولكن بطریقة ما أنت تعیدین عادات أمك... راقبي نفسك وأنتِ مع الحبیب أو مع زوجك، ماذا تعملین؟ ألا تعیدین ما كان یعمله أهلك؟



إذا كنتَ رجلاً راقب نفسك، ماذا تفعل؟ أنت تتصرف كأباك بالضبط!! وأنت الذي كنت تقول في یوم ما، كیف یمكنه أن یفعل هذا؟ والآن أنت تعمل نفس الشيء. الناس یعیدون أنفسهم، البشر كالقرود؛ یعیدون آبائهم وأمهاتهم وهذا الشيء الذي یجب أن تتخلص منه. بهذه الطریقة أنت تتعرف علی الحب وإلا ستبقی في مكانك.



أنا لا أستطیع أن أشرح الحب لأنه لا یوجد شرح له. إنه أحد الأشياء التي لا توصف، تماماً مثل الولادة أو الموت أو الله أو التأمل... لا أستطیع أن أقول لك "هذا هو الحب" ومن خلال التجربة تستطیع أن تتعرف علیه... ولكني أستطیع أن أعطیك طریقة للتجربة:



أول خطوة هي: ابتعد عن أهلك. بهذه الجملة أنا لا اقصد أن تقلل من احترامك لهم أبداً. سأكون آخر شخص ینصحك بهذا، وأنا لا أقصد أن تبتعد عنهم جسدیاً بل أقصد أن تبتعد عن صوت أهلك الداخلي، البرمجة الداخلیة. رضا الوالدين غير طاعة الوالدين... ارفضهم وستجد بكل بساطة أنك تحررت من الداخل، ولأول مرة ستشعر بالرحمة تجاههم وإلا أنت مجبور علی رد الجمیل لهم.



كل شخص یحس بالولاء تجاه الوالدین، وكیف یمكنه أن لا یحس بهذا الولاء؟ لأنهم كانوا یرعوه ویتمنون له كل الخیر... ولكن على ماذا یمكن أن یحصل من مجرد الأماني الطيبة؟ طبعاً لن یحصل على أي شيء من الأماني وهذه هي الحقیقة، لا یوجد أي شك أن الأهل یریدون أن یتمتع أولادهم بحیاتهم، ولكنهم هم أنفسهم أصبحوا آلة، وسواء یعلمون أم لا یعلمون، تجدهم یخلقون نفس الظروف التي تحوّل أطفالهم إلی آلة أیضاً.



إذا كنت ترید أن تصبح إنساناً لا آلة، إذن ابتعد عن أهلك. هكذا ستكون شاهداً على كل مشهد... أكید سیكون الأمر صعباً جداً ویحتاج إلی تحمل مشقة كبیرة وأكید لن تسلك الطریق الصحیح منذ البداية، لذلك یجب أن تكون واعیاً تماماً لتصرّفاتك؛ راقبي وانظري حتى تظهر أمك في تصرفاتك فأوقفيها في الحال... واعملي شیئاً جدیداً؛ شیئاً لا تفعله أمك أبداً. بمعنی إذا نظر زوجك إلی امرأة بإعجاب، فما هي ردة فعلك؟ هل ستفعلین ما كانت تفعله أمك حین كان ینظر أبوك إلی امرأة أخری؟؟؟



إذا فعلتِ ما كانت تفعله فأنتِ بكل بساطة لن تتعرفي علی الحب لأنك تعیدین القصة، نفس القصة تُعاد وكأنك غیرت البطل فحسب...

إذن لا تكن مقلداً أبداً، اخرج من هذه العلبة وافعل شیئاً جدیداً؛ افعل شیئاً لم یكن أباك أو أمك یستطیع أن یفعله وهذا التجدد سیظهر حقیقتك أنت وسیتیح المجال لیزدهر الحب...



الخطوة الثانية هي: أكثر الناس یعتقدون أنهم یستطیعون أن یحبوا فقط حین یعثرون علی الشخص المناسب، هذا غیر منطقي! لا تستطیع أن تجد الشخص المناسب! لا یوجد أي شخص مناسب وكامل وإذا كان موجوداً فهو لا یبحث عنك لأنك أنت أیضاً لست كاملاً ومناسباً..



سمعتُ مرة أنه كان هناك عازباً یجوب كل العالم بحثاً عن المرأة المناسبة وفي عمر السبعین سأله أحد: "في كل هذه الأعوام التي كنتَ تبحث عن المرأة المناسبة ألم تجد واحدة في العالم؟ فأجابه: نعم وجدتها. فسأله: لماذا لم تتزوجها إذن؟! فأجابه: هي أیضاً كانت تبحث عن الشخص المناسب.



وتذكّر أیضاً أن الشخص الكامل یحتاج إلی نوعیة خاصة من الحب التي لا تتناسب مع متطلباتك. أنت حتى لا تفهم الحب الذي یمكنك أن تعطیه، فكیف یمكنك أن تفهم الحب الذي عند الحكماء والأنبياء؟



أولاً یجب أن تفهم الحب... هذا الحدث الطبیعي. حتى إذا لم یحدث لك، تعرّف علی الطبیعة البشریة وتذكر دائماً ألا تبحث عن الشخص الكامل والمناسب لأنك لن تجد الشخص المناسب، ولن تشعر بالسعادة أبداً...



إذا أردت أن یزدهر وینمو الحب فلا تبحث عن الكمال. الحب لا یتعلق بالآخرین: الشخص المحبّ یُحب، بكل بساطة مثلما يعيش یأكل ویتنفس وینام.... إذا كنتَ محباً ستُحب في أي مكان وزمان. بالضبط كالنَفَس: أنت لا تبحث عن هواء نقي ونظیف لتتنفسه! أنت تتنفس في كل مكان حتى في الأماكن الملوثة... لا تستطیع أن تقول أنا لا أجد الهواء النقي إذن لن أتنفس!! كذلك إذا كنتَ تتضوع جوعاً فستأكل أي شيء أو كنت عطشاناً فستشرب أي شيء ولن تجعل له شرطاً. إذن الشخص المحب یُحب... لأن الحب سیكون البنیة الطبیعیة له... كذلك لا یسأل عن الكمال لأن الحب لن یزدهر بهذه الطریقة بالعكس سیكون حقوداً... الناس الذین یبحثون عن الكمال هم ناس حقودین جداً، حتى إذا عثروا علی الحب سیضلّون یصرّون علی الكمال وهكذا یدمرون الحب.



إذا أحب رجلاً امرأة أو أحبت امرأة رجلاً؛ تبرمجه في الحال! تبرمجه علی أن یكون كاملاً: فقط لأنه یحبها وكأنه ارتكب جریمة بهذا الحب. والآن یجب أن یكون كاملاً، أن یترك كل ما كان علیه؛ هكذا فجأة لمجرد أنه أحب هذه المرأة؟



وهكذا لا یستطیع أن یكون إنساناً: یجب أن یكون شیئاً فوق الإنسانیة أو أن یكون كذاب ومنافق وخائن. من الصعب أن تكون شخصاً خارق فوق العادة ومن السهل أن تكون مخادعاً، إذن ستتظاهر وتمثل وتلعب باسم الحب...

تذكر لا تبحث عن الكمال... إذا وجدتَ شخصاً یحبك فكن ممتناً له، لا تحاول أن تبرمجه لأنه لا یمكنك أن تجبر أحد علی أن یحبك؛ إذا أحبك شخص، فهذه معجزة، إذن تمتع بها.



أكثر الناس لا یتمتعون بها لأسباب صغیرة وتافهة هم یدمرون القابلیة علی الحب. لا أحد یكترث للحب أو المتعة الكل یهتم بالغرور والأنانیة...



اهتمّ بالمتعة فقط، وكل شيء آخر لیس أبدي... الحب هو البنیة الطبیعیة بالضبط مثل النفَس، وإذا أحببت شخصاً لا تبرمجه لأنك هكذا تغلق الأبواب؛ لا تتوقع منه أي شيء، إذا صادف وأن أعطاك ما توقعته فكن شاكراً وإلا الحب لا یحتاج إلی دلیل وبرهان.



راقب الناس، الكثیر منا لا حمداً ولا شكوراً... إذا طبخَت الزوجة طعاماً لا تشكرها أبداً، أنا لا أقول أن تكتب لها شعراً علی كل طبخة ولكن كن شاكراً بعینیك؛ أكثر الناس لا یشكر لأن هذا هو عملها!! من قال هذا؟



كذلك المرأة لا تشكر الزوج لأنه یتعب ویجني المال لأن هذا عمله!!



هذه أفكارنا نحن. كیف ینمو وینضج الحب في مثل هذا المكان؟ الحب بحاجة إلی امتنان وشكر لا یحتاج إلی برمجة ووشم.



الخطوة الثالثة: لا تفكر كیف تحصل علی الحب! كن محباً في البداية. أكثر الناس یفكر كیف یمكنه أن یكون محبوباً ویأخذ أكبر كمیة من الحب، ولا أحد یفكر كیف سیكون إذا أحب؟!



الكل یفكر بالحصول علی الحب ولیس بإعطائه، حتى المحبین یحبون حتى یحصلوا علی الحب بالمقابل، وهذه الطريقة هي أشبه بالعمل، أي أن الطرفین یفكر بالأخذ والعطاء والربح.



الحب لیس صفقة. إذن لا تحوله إلی ربح وخسارة لأنك ستفقد أي شيء جمیل فیه. كل الصفقات بشعة وتفتقد الجمال...الكون لا یعرف الصفقات. الأشجار تثمر، هذه لیست صفقة؛ النجوم تلمع، هذه لیست صفقة أیضاً! أنت لا تصلّي لهذا الحدث. لا أحد یبرمج أي شيء لك.



العصفور یطیر ویجلس علی نافذتك ویغني؛ لا یسألك أن تمدحه أو أن تقدره؛ بكل بساطة هو یغني بفرح ویطیر، یترك التوقعات وراء ظهره.



بهذه الطریقة ینمو الحب. بالعطاء... ولا تنتظر ما سیعود علیك من جراء هذا الحب، أكید ستحصل علی شيء بالمقابل وما تحصل علیه سیأتیك بألف طریقة، بطریقة طبیعیة جداً. سیأتي من تلقاء نفسه، إذن لا تبرمجه... إذا برمجته لن تحصل علیه، إذا برمجته ستقتله، أعطي فقط وكن معطاءً...





أكید سیكون صعباً في أول الطریق لأنك تعلمتَ في كل حیاتك أن لا تعطي بل تأخذ... بجب أن تحارب متطلبات نفسك. كل الأحاسیس متجمدة في قلبك لذلك لا تستعجل وخذ خطوةً تلو أخرى.. في البداية ستكون بارداً ومن ثم تذوب وینهر نهر الحب في قلبك.



أولاً ابتعد عن الوالدین، إذا ابتعدت عنهم فأنت تبتعد عن المجتمع وإذا ابتعدت عنهم فأنت بعید عن الحضارات والتعالیم وكل شيء. ستحس بالذات الفریدة؛ وأنك لست جزءاً من كل هذه الفوضى... أنت فرید من نوعك أنت مع ذاتك، هذا هو النضج...



النضج یعني أنك لست بحاجة إلی الأهل، الناضج هو الشخص الذي لا یتعلق بشيء أو بشخص حتى یرشده ویعلمه. الناضج هو الشخص الذي یشعر بالسعادة مع ذاته ونفسه وتصبح هذه الوحدة كأغنیة أو حفلة. الوحدة لیست وحشة بل هي فرح الروح هي كالتأمل.



یجب أن تخرج من رحم الأم في یوم من الأیام، إذا لم تخرج ستموت.. هكذا یجب أن تخرج من رحم العائلة في یوم من الأیام حتى تذهب للمدرسة ومن ثم یجب أن تخرج من رحم المدرسة وتدخل في رحم أكبر ولكن أنت من الداخل لا تزال طفلاً ولا تزال في الرحم.



طبقات وطبقات من الأرحام التي یجب أن تكسرها. هذه ما نسمیه في الشرق الولادة الثانیة... موتوا قبل أن تموتوا... حین تصل إلی هذه المرحلة تحس بالحریة من ضغوط الوالدین، والجمیل في كل هذا هو أنك تحس بالامتنان والشكر لهم أیضاً. هذا الإحساس المتناقض موجود في شخص یحس بالسماح والغفران بالنسبة لهم ویحس بالحب والرحمة، وهو یقدرهم لأنهم كانوا یعانون من هذه المشاكل أیضاً. لا یحس بالغضب أبداً وهو مستعد لیعمل أي شيء حتى یحرر والدیه مما كانوا علیه من قبل، حتى هم أیضاً یتمتعون بالوحدة الذاتیة.



أن تكون فریداً هذه أول خطوة وألا تركض وراء الكمال هذه الخطوة الثانیة، أحبّ الناس العادیین، العادیین جداً، وحاول أن تحترمهم لأن كل شخص فرید من نوعه... الخطوة الثالثة هي أن تعطي دون شرط؛ هكذا أنت تتعرف علی الحب.



لا أستطیع أن أشرحه أو أصفه! لا أستطیع أن أحدّد لك وقت النمو! لا أستطیع أن أعلّمك كیف تزرعه، كیف ترویه، وكیف تحمیه؟

في یوم ما، أنت ستشعر بوجوده. هكذا ازدهر وأنت تشم رائحته في البیت... هكذا یحدث الحب في كل قلب.

رشدية
مشاركات: 44
اشترك: يناير 15th, 2008, 12:08 am

أغسطس 27th, 2008, 4:39 pm

ما هو الحب؟



من الغریب أن نسأل ما هو الحب!! لأن كل شخص یتصور أنه یعرف الحب ولكن في الحقيقة لا یوجد أحد یعرف الحب!! الحب من المواضیع التي تكلم عنها الجمیع، هناك أفلام وأشعار وكتب وأغاني تكلمت عن الحب إذن هناك أشخاص كثیرین سعوا لكي یعلنوا عن الحب وأن یُعَرّفوا العالم علیه ومع كل هذا یبقی الحب حدث مجهول. مع أنه یجب أن یكون حدثاً معروفاً جداً...



هذا أشبه بأن یسأل أحد ما هو الطعام؟ ألن تستغرب إذا سألك أحد هذا السؤال؟ فقط إذا كان هناك شخص لم یتذوق أي شيء في حیاته ويُحس أنه میت من الجوع، في هذه الحالة سیكون سؤاله منطقیاً. هذا ینطبق علی الحب تماماً لأن الحب هو طعام الروح، والروح لم تأخذ حظها من الحب أبداً لهذا أنت لا تعرف ما هو طعمه، لهذا السؤال لیس غریباً بالمرة... الجسم یحصل علی الطعام ویستمر في الحیاة ولكن الروح لا تحصل علی طعامها إذن الروح میتة أو هي لم تولد بعد أو هي تحتضر...



حین ولدنا أتینا مع كامل قوانا الأساسیة لنُحب ونَنحب، كل طفل یولد وهو ملیئ بالحب ویعرف ما هو. أنت لست بحاجة لتُعلم الطفل الحب. المشكلة هي أن الأم والأب لا یعرفان الحب.



لا یوجد طفل یحصل علی الأم والأب الذین یستحقهم لأنه ببساطة هذا النوع من الأهل لیسوا موجودین علی الأرض إطلاقاً وبعد كل هذا ینمو الطفل لیصبح هو أیضاً أباً أو أماً وهو أیضاً یفقد الضرورة للحب.



لقد سمعت من قبل قصة عن قریة صغیرة یولد فیها الأطفال وبعد ثلاث شهور یصابون بالعمى وهكذا تحول كل المجتمع إلی عمیان ولكنهم یعیشون حیاة عادیة ومن هنا جیل بعد جیل یمكن أن یسأل الأولاد ما هي العیون؟ كلمة عین تطلق علی أي عضو من الأعضاء؟ ماذا تقصد حین تقول عین؟ هنا یكون السؤال حقیقیاً ومنطقیاً...



كل هذا المجتمع ولد بشكل طبیعي ولكنه فقد الطبیعة في رحلة النمو، وهذا ما یحدث مع الحب. كل طفل یولد بكمٍّ هائل لا یحصی من الحب، یولد وكأنه كتلة من الحب، في حالة ناعمة ومرنة مثل الحب... ولكن الأهل لا یستطیعون أن یعطوه الحب لأنهم متعلقون بأشیاء أخری، یقولون له إننا نحبك ولكن ما یفعلونه لیس حباً، الطریقة التي یقدمون فیها الحب طریقة غیر لطیفة وبدون احترام. لا یوجد أهل یحترمون الأولاد وفي الحقیقة لا أحد یهتم بالاحترام... لا یفكرون أن هذا الطفل سیصبح شخصاً فیما بعد، بل ینظرون إلیه وكأنه مشكلة من مشاكل العصر! إذا كان هادئاً فهو جید، إذا لم یعترض طریق الأهل إذن هو أحسن وأفضل.. هذه هي الطریقة التي یجب أن یكون الطفل فیها بدون احترام وبدون أي حب.



الأهل لا یعرفون معنی الحب، المرأة لا تحب زوجها والزوج لا یحب زوجته وأساساً الحب لم یوجد بینهم إضافة إلی أن حب التحكم والسیطرة والغیرة یدمر الحب.



الحب كالزهرة الهشة، یحتاج للرعایة والدعم والحمایة. فقط في هذه الحالة یمكنه أن یقوی ویزدهر... كذلك حب الأطفال هشّ بطبیعته لأن الطفل رقيق وناعم. هل تعتقد أننا إذا تركنا الطفل لوحده سینجو؟ فكِّر كم هو ضعیف حین یولد؟ أكید إذا تركناه لن ینجو وسیموت وهذا ما یحدث للحب.... لقد تُرك وحیداً بدون رعایة.



الأهل لا یستطیعون أن یحبوا لأنهم لا یعرفون الحب، لم یزهر الحب فیهم. فقط فكّر بأهلك أنت وتذكّر، أنا لا ألقي اللوم علیهم، هم أیضاً ضحیة كما أنت ضحیتهم، لأن أهلهم كانوا كذلك بطبیعتهم... وإذا رجعنا هكذا للوراء سنصل إلی آدم وحواء وأباهم الله ونلاحظ أن الله نفسه لم یحترم آدم وحواء أیضاً وهو منذ البداية كان یتحكم بهم، افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك كلوا من هذا ولا تأكلوا من ذاك وحین أكلوا من الفاكهة الممنوعة غضب الله وأصبحت ردة فعله أن طرد آدم وحواء من الجنة.



هذا الطرد أو الإبعاد دائماً موجود وكل الأهل یسعون إلی طرد أو إبعاد أولادهم عنهم: "إذا لم تسمع الكلام، إذا لم تغیر أفعالك فستطرد"... هكذا یخاف الطفل. كیف یستطیع أن یعیش في هذه الحیاة الوحشیة وحیداً؟ ولهذا یبدأ بالمداهنة، یبدأ بالابتسامة حین یرید الحلیب من أمه، یصبح سیاسیاً، وهذه هي أولى الخطی إلى السیاسة!!

هكذا یبدأ الطفل من الداخل بكره الأهل لأنه لا یحس باحترامهم له، بداخله یشعر بالعجز لأنه لا یُحََب كما یجب، والمتوقع منه أن یعمل بعض الأشياء حتى یُحب. هذا هو الحب المشروط.. لا أحد یهتم به كما هو، یجب أن یكون قلقاً علی حبهم له وبهذه الطریقة فقط یستطیع أن یحصل علی الحب والاهتمام، هذا الشعور یعطیه إحساس غیر حقیقي وفارغ ومن هنا یأتي عدم احترام الذات والشعور بالذنب.



أحیاناً كثیرة یسأل الطفل نفسه هذا السؤال: هل هؤلاء هم أهلي الحقیقیین؟ هل ممكن أن أكون طفلاً بالتبني؟ یمكن أن یكونوا متكفلین بي؟ لأني لا أحس بحبهم...

ألوف المرّات رأی نظرات الغضب في عینیهم، هذا الغضب القبیح علی وجوههم!! لا یستطیع أن یفهم لماذا كل هذا الغضب من هذه الأخطاء والهفوات الصغیرة؟ برأیه هذا لیس عدلاً ولكنه مجبور أن یستسلم ویخضع لما یریدونه وكأنها أشیاء ضروریة، لكن بهذه الطریقة یفقد الطفل قدرته على الحب...



الحب ینمو بالحب فقط، هذه هي القاعدة الأساسیة التي یجب أن تتذكرها دائماً لأنه یحتاج إلی نفس الطاقة من حوله حتى یقوی بها... إذا كانت الأم محبة أو الأب محب لیس بالضرورة أن یحبوا الطفل، حتى إذا كانوا یحبون بعضهم والآخرين... إذا كان البیت مناسب لنمو الحب، في ذلك الحین یصبح الطفل مستعداً لكي یكون محباً هو الآخر ولن یسأل هذا السؤال أبداً: "ما هو الحب؟" سیكون محباً منذ البدایة، الحب سیكون في البنیة الأولى...



ولكن عادةً لا یحدث هذا، وللأسف منذ زمن بعید ما یحدث هو أن الأطفال یتعلمون طریقة الأهل في التذمر والمناقشة... للحظه تأمل نفسك، إذا كنتَ امرأة تأملي نفسك، مع أنك تعتقدین أن لك شخصية مستقلة ولكن بطریقة ما أنت تعیدین عادات أمك... راقبي نفسك وأنتِ مع الحبیب أو مع زوجك، ماذا تعملین؟ ألا تعیدین ما كان یعمله أهلك؟



إذا كنتَ رجلاً راقب نفسك، ماذا تفعل؟ أنت تتصرف كأباك بالضبط!! وأنت الذي كنت تقول في یوم ما، كیف یمكنه أن یفعل هذا؟ والآن أنت تعمل نفس الشيء. الناس یعیدون أنفسهم، البشر كالقرود؛ یعیدون آبائهم وأمهاتهم وهذا الشيء الذي یجب أن تتخلص منه. بهذه الطریقة أنت تتعرف علی الحب وإلا ستبقی في مكانك.



أنا لا أستطیع أن أشرح الحب لأنه لا یوجد شرح له. إنه أحد الأشياء التي لا توصف، تماماً مثل الولادة أو الموت أو الله أو التأمل... لا أستطیع أن أقول لك "هذا هو الحب" ومن خلال التجربة تستطیع أن تتعرف علیه... ولكني أستطیع أن أعطیك طریقة للتجربة:



أول خطوة هي: ابتعد عن أهلك. بهذه الجملة أنا لا اقصد أن تقلل من احترامك لهم أبداً. سأكون آخر شخص ینصحك بهذا، وأنا لا أقصد أن تبتعد عنهم جسدیاً بل أقصد أن تبتعد عن صوت أهلك الداخلي، البرمجة الداخلیة. رضا الوالدين غير طاعة الوالدين... ارفضهم وستجد بكل بساطة أنك تحررت من الداخل، ولأول مرة ستشعر بالرحمة تجاههم وإلا أنت مجبور علی رد الجمیل لهم.



كل شخص یحس بالولاء تجاه الوالدین، وكیف یمكنه أن لا یحس بهذا الولاء؟ لأنهم كانوا یرعوه ویتمنون له كل الخیر... ولكن على ماذا یمكن أن یحصل من مجرد الأماني الطيبة؟ طبعاً لن یحصل على أي شيء من الأماني وهذه هي الحقیقة، لا یوجد أي شك أن الأهل یریدون أن یتمتع أولادهم بحیاتهم، ولكنهم هم أنفسهم أصبحوا آلة، وسواء یعلمون أم لا یعلمون، تجدهم یخلقون نفس الظروف التي تحوّل أطفالهم إلی آلة أیضاً.



إذا كنت ترید أن تصبح إنساناً لا آلة، إذن ابتعد عن أهلك. هكذا ستكون شاهداً على كل مشهد... أكید سیكون الأمر صعباً جداً ویحتاج إلی تحمل مشقة كبیرة وأكید لن تسلك الطریق الصحیح منذ البداية، لذلك یجب أن تكون واعیاً تماماً لتصرّفاتك؛ راقبي وانظري حتى تظهر أمك في تصرفاتك فأوقفيها في الحال... واعملي شیئاً جدیداً؛ شیئاً لا تفعله أمك أبداً. بمعنی إذا نظر زوجك إلی امرأة بإعجاب، فما هي ردة فعلك؟ هل ستفعلین ما كانت تفعله أمك حین كان ینظر أبوك إلی امرأة أخری؟؟؟



إذا فعلتِ ما كانت تفعله فأنتِ بكل بساطة لن تتعرفي علی الحب لأنك تعیدین القصة، نفس القصة تُعاد وكأنك غیرت البطل فحسب...

إذن لا تكن مقلداً أبداً، اخرج من هذه العلبة وافعل شیئاً جدیداً؛ افعل شیئاً لم یكن أباك أو أمك یستطیع أن یفعله وهذا التجدد سیظهر حقیقتك أنت وسیتیح المجال لیزدهر الحب...



الخطوة الثانية هي: أكثر الناس یعتقدون أنهم یستطیعون أن یحبوا فقط حین یعثرون علی الشخص المناسب، هذا غیر منطقي! لا تستطیع أن تجد الشخص المناسب! لا یوجد أي شخص مناسب وكامل وإذا كان موجوداً فهو لا یبحث عنك لأنك أنت أیضاً لست كاملاً ومناسباً..



سمعتُ مرة أنه كان هناك عازباً یجوب كل العالم بحثاً عن المرأة المناسبة وفي عمر السبعین سأله أحد: "في كل هذه الأعوام التي كنتَ تبحث عن المرأة المناسبة ألم تجد واحدة في العالم؟ فأجابه: نعم وجدتها. فسأله: لماذا لم تتزوجها إذن؟! فأجابه: هي أیضاً كانت تبحث عن الشخص المناسب.



وتذكّر أیضاً أن الشخص الكامل یحتاج إلی نوعیة خاصة من الحب التي لا تتناسب مع متطلباتك. أنت حتى لا تفهم الحب الذي یمكنك أن تعطیه، فكیف یمكنك أن تفهم الحب الذي عند الحكماء والأنبياء؟



أولاً یجب أن تفهم الحب... هذا الحدث الطبیعي. حتى إذا لم یحدث لك، تعرّف علی الطبیعة البشریة وتذكر دائماً ألا تبحث عن الشخص الكامل والمناسب لأنك لن تجد الشخص المناسب، ولن تشعر بالسعادة أبداً...



إذا أردت أن یزدهر وینمو الحب فلا تبحث عن الكمال. الحب لا یتعلق بالآخرین: الشخص المحبّ یُحب، بكل بساطة مثلما يعيش یأكل ویتنفس وینام.... إذا كنتَ محباً ستُحب في أي مكان وزمان. بالضبط كالنَفَس: أنت لا تبحث عن هواء نقي ونظیف لتتنفسه! أنت تتنفس في كل مكان حتى في الأماكن الملوثة... لا تستطیع أن تقول أنا لا أجد الهواء النقي إذن لن أتنفس!! كذلك إذا كنتَ تتضوع جوعاً فستأكل أي شيء أو كنت عطشاناً فستشرب أي شيء ولن تجعل له شرطاً. إذن الشخص المحب یُحب... لأن الحب سیكون البنیة الطبیعیة له... كذلك لا یسأل عن الكمال لأن الحب لن یزدهر بهذه الطریقة بالعكس سیكون حقوداً... الناس الذین یبحثون عن الكمال هم ناس حقودین جداً، حتى إذا عثروا علی الحب سیضلّون یصرّون علی الكمال وهكذا یدمرون الحب.



إذا أحب رجلاً امرأة أو أحبت امرأة رجلاً؛ تبرمجه في الحال! تبرمجه علی أن یكون كاملاً: فقط لأنه یحبها وكأنه ارتكب جریمة بهذا الحب. والآن یجب أن یكون كاملاً، أن یترك كل ما كان علیه؛ هكذا فجأة لمجرد أنه أحب هذه المرأة؟



وهكذا لا یستطیع أن یكون إنساناً: یجب أن یكون شیئاً فوق الإنسانیة أو أن یكون كذاب ومنافق وخائن. من الصعب أن تكون شخصاً خارق فوق العادة ومن السهل أن تكون مخادعاً، إذن ستتظاهر وتمثل وتلعب باسم الحب...

تذكر لا تبحث عن الكمال... إذا وجدتَ شخصاً یحبك فكن ممتناً له، لا تحاول أن تبرمجه لأنه لا یمكنك أن تجبر أحد علی أن یحبك؛ إذا أحبك شخص، فهذه معجزة، إذن تمتع بها.



أكثر الناس لا یتمتعون بها لأسباب صغیرة وتافهة هم یدمرون القابلیة علی الحب. لا أحد یكترث للحب أو المتعة الكل یهتم بالغرور والأنانیة...



اهتمّ بالمتعة فقط، وكل شيء آخر لیس أبدي... الحب هو البنیة الطبیعیة بالضبط مثل النفَس، وإذا أحببت شخصاً لا تبرمجه لأنك هكذا تغلق الأبواب؛ لا تتوقع منه أي شيء، إذا صادف وأن أعطاك ما توقعته فكن شاكراً وإلا الحب لا یحتاج إلی دلیل وبرهان.



راقب الناس، الكثیر منا لا حمداً ولا شكوراً... إذا طبخَت الزوجة طعاماً لا تشكرها أبداً، أنا لا أقول أن تكتب لها شعراً علی كل طبخة ولكن كن شاكراً بعینیك؛ أكثر الناس لا یشكر لأن هذا هو عملها!! من قال هذا؟



كذلك المرأة لا تشكر الزوج لأنه یتعب ویجني المال لأن هذا عمله!!



هذه أفكارنا نحن. كیف ینمو وینضج الحب في مثل هذا المكان؟ الحب بحاجة إلی امتنان وشكر لا یحتاج إلی برمجة ووشم.



الخطوة الثالثة: لا تفكر كیف تحصل علی الحب! كن محباً في البداية. أكثر الناس یفكر كیف یمكنه أن یكون محبوباً ویأخذ أكبر كمیة من الحب، ولا أحد یفكر كیف سیكون إذا أحب؟!



الكل یفكر بالحصول علی الحب ولیس بإعطائه، حتى المحبین یحبون حتى یحصلوا علی الحب بالمقابل، وهذه الطريقة هي أشبه بالعمل، أي أن الطرفین یفكر بالأخذ والعطاء والربح.



الحب لیس صفقة. إذن لا تحوله إلی ربح وخسارة لأنك ستفقد أي شيء جمیل فیه. كل الصفقات بشعة وتفتقد الجمال...الكون لا یعرف الصفقات. الأشجار تثمر، هذه لیست صفقة؛ النجوم تلمع، هذه لیست صفقة أیضاً! أنت لا تصلّي لهذا الحدث. لا أحد یبرمج أي شيء لك.



العصفور یطیر ویجلس علی نافذتك ویغني؛ لا یسألك أن تمدحه أو أن تقدره؛ بكل بساطة هو یغني بفرح ویطیر، یترك التوقعات وراء ظهره.



بهذه الطریقة ینمو الحب. بالعطاء... ولا تنتظر ما سیعود علیك من جراء هذا الحب، أكید ستحصل علی شيء بالمقابل وما تحصل علیه سیأتیك بألف طریقة، بطریقة طبیعیة جداً. سیأتي من تلقاء نفسه، إذن لا تبرمجه... إذا برمجته لن تحصل علیه، إذا برمجته ستقتله، أعطي فقط وكن معطاءً...





أكید سیكون صعباً في أول الطریق لأنك تعلمتَ في كل حیاتك أن لا تعطي بل تأخذ... بجب أن تحارب متطلبات نفسك. كل الأحاسیس متجمدة في قلبك لذلك لا تستعجل وخذ خطوةً تلو أخرى.. في البداية ستكون بارداً ومن ثم تذوب وینهر نهر الحب في قلبك.



أولاً ابتعد عن الوالدین، إذا ابتعدت عنهم فأنت تبتعد عن المجتمع وإذا ابتعدت عنهم فأنت بعید عن الحضارات والتعالیم وكل شيء. ستحس بالذات الفریدة؛ وأنك لست جزءاً من كل هذه الفوضى... أنت فرید من نوعك أنت مع ذاتك، هذا هو النضج...



النضج یعني أنك لست بحاجة إلی الأهل، الناضج هو الشخص الذي لا یتعلق بشيء أو بشخص حتى یرشده ویعلمه. الناضج هو الشخص الذي یشعر بالسعادة مع ذاته ونفسه وتصبح هذه الوحدة كأغنیة أو حفلة. الوحدة لیست وحشة بل هي فرح الروح هي كالتأمل.



یجب أن تخرج من رحم الأم في یوم من الأیام، إذا لم تخرج ستموت.. هكذا یجب أن تخرج من رحم العائلة في یوم من الأیام حتى تذهب للمدرسة ومن ثم یجب أن تخرج من رحم المدرسة وتدخل في رحم أكبر ولكن أنت من الداخل لا تزال طفلاً ولا تزال في الرحم.



طبقات وطبقات من الأرحام التي یجب أن تكسرها. هذه ما نسمیه في الشرق الولادة الثانیة... موتوا قبل أن تموتوا... حین تصل إلی هذه المرحلة تحس بالحریة من ضغوط الوالدین، والجمیل في كل هذا هو أنك تحس بالامتنان والشكر لهم أیضاً. هذا الإحساس المتناقض موجود في شخص یحس بالسماح والغفران بالنسبة لهم ویحس بالحب والرحمة، وهو یقدرهم لأنهم كانوا یعانون من هذه المشاكل أیضاً. لا یحس بالغضب أبداً وهو مستعد لیعمل أي شيء حتى یحرر والدیه مما كانوا علیه من قبل، حتى هم أیضاً یتمتعون بالوحدة الذاتیة.



أن تكون فریداً هذه أول خطوة وألا تركض وراء الكمال هذه الخطوة الثانیة، أحبّ الناس العادیین، العادیین جداً، وحاول أن تحترمهم لأن كل شخص فرید من نوعه... الخطوة الثالثة هي أن تعطي دون شرط؛ هكذا أنت تتعرف علی الحب.



لا أستطیع أن أشرحه أو أصفه! لا أستطیع أن أحدّد لك وقت النمو! لا أستطیع أن أعلّمك كیف تزرعه، كیف ترویه، وكیف تحمیه؟

في یوم ما، أنت ستشعر بوجوده. هكذا ازدهر وأنت تشم رائحته في البیت... هكذا یحدث الحب في كل قلب.

faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

أغسطس 27th, 2008, 8:29 pm

الحب يضفي على كل محب قيمة سامية مشبعة بالمعاني التي يدرك فيها مدى نفض الاستكبار الاناني و سجوده باستغفار لفراغه من جبروت الانا و علوها الوهمي الى سموها و سيحانها في البعد الكلى والكوني.. و من تلك الانتفاضة الذاتية يعي مدى استقلالية شموخ فرذيته عوضا عن الإنسلاخ الذاتي و التموضع التعبدي الذي يلبس به بعض المحبين انفسهم فيكونوا على الهامش كالظلال التي تشفها نور الشمس على الجبال..كالظلال التي ليس لها جسدا مستقلا بذاته و انما تتوكيء على نور الشمس يغيب وجودها الى زوال في ظلام دامس بمغيب لهيب الشمس.. هشة ضعيفة لا أنفاس لها.. و هكذا حال عبد المحب و ليس معبود الحب..
كل واحد له حريته الفرذية ليس بحاجة أبدا أن يستعبد نفسه في غيره حتى لو كان ذلك في سبيل محبة الغير .. هذه الحرية المقدسة التي وهبت للإنسان هي مصدر ألامه في بعض الاحيان لأنه له الخيار في أن يبقيها أو يلغيها من حياته..
فالحرية الذاتية شريعة القلب التقي الذي يؤمن بدين الحب و الإيمان الروحي فتقديسها تسخيرا لوصية الضمير.. إن الاستسلام لألهة الحب يرمز إلى الأصالة العميقة لقوى يحملها القلب و بديمومة السر العميق الذي يجرف الإنسان في لب الألوهية الساكنة في قلبه.. عند الاستسلام سيستقر الحب في القلب و يستمر في جريانه إلى اللانهاية ..

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر