الأرض المباركة

شارك بالموضوع
تامر شتيوى
مشاركات: 58
اشترك: أغسطس 23rd, 2009, 5:06 pm
المكان: الإسكندرية - مصر .

ديسمبر 21st, 2009, 8:31 am

1) معنى الأرض المباركة :

الأرض المباركة .. أو الأرض التى بارك الله فيها للعالمين هى الأرض التى فصل الله فيها الخير والرزق والأمن للعالمين أو للعباد الذين ينفصل لهم علم من الله .. ففصل الله هذه الأرض وفضلها عن غيرها من الأرض .. فهى الأرض التى نجا الله النبى إبراهيم والنبى لوط إليها .. يقول الله :

( ونجيناه ولوطا الى الارض التى باركنا فيها للعالمين ) .

وهى الأرض المقدسة التى كتبها الله وأمر بنى إسرائيل أن يدخلوها مع نبيهم موسى .. يقول الله :

( يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التى كتب الله لكم ) .

وهى الأرض التى أورث الله مشارقها ومغاربها لبنى إسرائيل .. يقول الله :

( واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التى باركنا فيها ) .

وهى الأرض التى كان يسكنها النبى سليمان .. يقول الله :

( ولسليمان الريح عاصفة تجرى بامره الى الارض التى باركنا فيها ) .

(2) مكان الأرض المباركة :

الأرض التى بارك الله فيها للعالمين أو لمن ينفصل لهم العلم من الله هى الأرض التى يقع فيها كل مما يلى :

1- البيت الحرام .

2- المسجد الأقصى .

3- المدينة التى هاجر إليها الرسول محمد .

4- جبل الطور أو طور سينين .. وما به من شجر التين والزيتون .

5- الوادى المقدس طوى .

وهى الأرض الواقعة بأرض فلسطين أو دولة إسرائيل حالياً .. فالمسجد الحرام ومكة والمدينة ليس لهم أى علاقة بالأراضى الحجازية كما يزعم أهل السنة .. كما أن جبل الطور ليس له علاقة بسيناء المصرية كما يظن الكثيرون .

والأرض المباركة تمثل من ناحية النطاق الجغرافى مكة أم القرى وما حولها من القرى المباركة أيضاً .. وتلك المساحة هى التى أمر الله رسوله أن ينذر أهلها ويفصل لهم قول الله .. يقول الله :

( ولتنذر ام القرى ومن حولها ) .

( لتنذر ام القرى ومن حولها ) .

أى أن الله أمر رسوله أن ينذر أهل الأرض المباركة أو أهل الأرض التى بارك الله فيها للعالمين تحديداً .. دون سواها من الأرض .

وأم القرى هى قرية مكة التى بها المسجد الحرام .. وهى قرية النبى محمد الكريم .. ويطلق عليها الآن القدس .. أما ما حولها من القرى فهى عدد من القرى المباركة الأخرى .. منهم المدينة .

وتمثل أم القرى وما حولها مجموع القرى المباركة أو القرى التى بارك الله فيها .. يقول الله عن أهل قرية سبأ التى لا تعد من القرى المباركة :

( وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة ) .

ولأن هذه الأرض هى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين .. فإن رسول الله كان رحمة للعالمين .. أى رحمة لمن ينفصل لهم العلم من الله .. يقول الله :

( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ) .

وتعد قرية مكة بجانب المدينة هما القريتان اللتان كان يسكن الأميون فيهما ضمن الأرض المباركة .. يقول الله :

( وقالوا لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم ) .

فالكفار من الأميين ودوا وفضلوا لو كان هذا القرآن قد نزل على رجل عظيم منفصل مفضل منهم يسكن إحدى قريتيهم بدلاً من رسول الله محمد .

والأميون هم الذين لم ينزل عليهم كتاب من قبل من عند الله .. بخلاف أهل الكتاب من بنى إسرائيل الذين نزل عليهم كتاب التوراة والإنجيل .. وهؤلاء كانوا يسكنون فى قريتى الأميين أيضاً مكة والمدينة .. وقد كانت لهم فى المدينة أرض أخذها المؤمنون منهم فى حرب الأحزاب ولم يكن المؤمنون قد وطؤوها أو إنفصلوا فيها من قبل .. يقول الله :

( واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطوها ) .

كما كان لأهل الكتاب قرى أخرى منفردة لهم بالأرض المباركة قد قاتلهم المؤمنون فيها .. يقول الله :

( لا يقاتلونكم جميعا الا فى قرى محصنة او من وراء جدر ) .

وتلك القرى الخاصة بأهل الكتاب مثل القرية التى حدثت فيها حرب الحصون .. وإنتصر فيها المؤمنون .. إقرأ مقال [ الحصون ] .

وتبين الخريطة التالية موقع الأرض المباركة :



(3) تاريخ الأرض المباركة :

( أولاً ) النبى نوح الكريم :

يقول الله :

( وقل رب انزلنى منزلا مباركا وانت خير المنزلين ) .

يبين الله أن الأرض التى هبط ونزل عليها نوح الكريم وأهله بعد الطوفان هى الأرض المباركة .. أو المنزل المبارك .. الذى ينفصل له فيه الرزق والخير .

ويقول الله :

( انا لما طغى الماء حملناكم فى الجارية ) .

فقد خاطب الله المؤمنين فى مكة فى عهد النبى محمد ليبين لهم أنهم ذرية من حملهم الله مع النبى نوح فى السفينة الجارية عندما إنفصل الماء وطغى .

وإبراهيم عليه السلام من شيعة أو ذرية نوح .. يقول الله :

( وان من شيعته لابراهيم ) .

ولقد تحدث الله عن بنى إسرائيل إبن إسحق إبن إبراهيم بإعتبارهم من ذرية من حملهم الله مع النبى نوح الكريم فى الفلك أو السفينة .. فقال الواحد :

( ذرية من حملنا مع نوح ) .

وقال عن أنبيائه أنهم من ذرية نوح .. يقول الله :

( ولقد ارسلنا نوحا وابراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة ) .

والإسلام هو دين النبى نوح الكريم .. ودين إبراهيم عليه السلام وملته .. وهو دين ذرية النبى إبراهيم الأنبياء من بعده .. ولقد شرع الله من الدين ما وصى به هؤلاء الأنبياء .. يقول الله :

( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) .

( ثانياًً ) النبى إبراهيم الكريم :

يقول الله :

( ونجيناه ولوطا الى الارض التى باركنا فيها للعالمين ) .

يتبين من قول الله أن النبيين إبراهيم ولوطاً قد نجاهما وفصلهما الله من بلديهما إلى الأرض المباركة .. وهى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين .

وبناء على ذلك فإن النبى إبراهيم قد إنتقل للأرض المباركة الوحيدة التى بنى فى واديها غير ذى الزرع بيت الله المحرم .. والأرض المباركة للعالمين عند الله هى أرض واحدة فى كل أرضه .

فهى أرض منفصلة مفضلة من الله لتكون قبلة ومصدر لحج كل الناس من كل مكان .. ويسمى النبى إبراهيم عند اليهود إبرام .

والله لم يذكر فى كتابه أن النبى إبراهيم قد خرج من قرى الأرض المباركة بعد هجرته إليها ليذهب إلى الحجاز أو لأى مكان .. فلقد بقى بتلك الأرض المباركة ليبنى فى الوادى غير ذى الزرع بيت الله الحرام بعد أن بوأه الله مكانه تحديداً فى أرضه المباركة .. يقول الله :

( واذ بوانا لابراهيم مكان البيت ان لا تشرك بى شيئا ) .

فالله بوأ وفصل وبين للنبى مكان البيت .. ليس فى الحجاز كما يزعم أهل السنة .. بل فى نفس الأرض التى ذهب إليها .. فى الأرض المباركة .. وفى منطقة بكة تحديداً .. حيث رفع القواعد من البيت مع إبنه إسماعيل .. يقول الله :

( واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ) .

وبالتالى فالنبى إبراهيم لم يترك الأرض المباركة بعد بناء الكعبة كما زعم أهل السنة ليذهب إلى الحجاز .. فلا يوجد فى كتاب الله أى آية تبين أن النبى إبراهيم إنفصل عن الأرض المباركة قبل بناء البيت أو بعد بناء البيت ليذهب للحجاز .. أو أن الله أمره بالهجرة للحجاز .

ويقول الله :

( ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عن بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة ) .

يبين قول الله أن بيت الله الحرام بالأرض المباركة قد رفع النبى إبراهيم قواعده فى واد غير ذى زرع .. وهذا الوادى تحول إلى قرية مكة أو بكة عند نزول القرآن .

ولقد كان النبيان إبراهيم وإسماعيل يعيشان فى قرية أو فى مكان به الماء والزرع ليحصلا على الغذاء .. وفيه ترعى الأنعام التى تحتاج الماء والزرع .. الأمر الذى جعل النبى يذبح ذبحاً عظيما فداءً لإبنه إسماعيل .. ويذبح عجلاً سميناً لرسل الله الذين بشروه بمولد إبنه إسحق .. يقول الله :

( وفديناه بذبح عظيم ) .

( فجاء بعجل سمين ) .

( فما لبث ان جاء بعجل حنيذ ) .

فلقد كانت حياة النبى إبراهيم فى قرية فيها الزرع والماء بالأرض المباركة .. أما البيت الحرام بمكة فهو الذى كان فى واد غير ذى زرع .. وقد أسكن النبى بمكة أو فى هذا الوادى بعضاً من ذريته بعد أن بنى البيت مع ولده إسماعيل .. أى بعد أن كبر عمر إسماعيل .

ولم يذكر الله فى كتابه أن النبى قد ترك زوجه وإبنها الرضيع وحدهما فى مكان لا طعام فيه .. وعلى هذا البعد من الأرض المباركة .. فلا توجد آية تذكر أنه تركهما فى مكة الحجازية ثم رحل .

كما أن الله لم يذكر أن النبى قد ترك الأرض المباركة لينكح إمرأة من مصر ثم يتوجه للصحراء والجبال الحجازية ليترك ولده وزوجه ليبنى البيت الحرام بعيداً عن الأرض التى بارك الله فيها .. فلماذا لم يبن النبى البيت فى الأرض التى باركها الله ؟.. ولماذا هى أرض بارك الله فيها للعالمين إذاً ؟.. لماذا إفترض السنيون أنه بنى البيت بالحجاز ؟.. لا توجد آية تذكر ذلك .

إن ذهاب النبى إبراهيم لمصر وزواجه من مصرية هو قول اليهود فى كتابهم العهد القديم فى سفر التكوين .. كما أن ذهابه لمكة الحجازية هو زعم أهل السنة .. ولا دليل للقولين فى كتاب الله .

أضف إلى ذلك أن أهل السنة يفصلون بين مكان الأرض المباركة وبين أم القرى دون أى حجة أو قول مفصول من الله .. بإعتبار الأولى أرض اليهود والثانية هى أرض المسلمين .. والحقيقة التى غفلوا عنها هى أن الله جعل فى أرضه كلها أرضاً واحدة للمؤمنين على مر العصور سواء كانوا من بنى إسرائيل أو من غيرهم .. هى الأرض المباركة .. أما هذا التفرق لأديان وشيع وأحزاب والذى هم فيه الآن فهذا أمر نهى الله عنه .

والقول الذى يبين كذب ما زعمه أهل السنة هو أن النبى إبراهيم قال أنه أسكن من ذريته عند بيته المحرم ليقيموا الصلاة عند البيت .. يقول الله :

( ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عن بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة ) .

ويعنى ذلك أن البيت كان قد تم بناؤه عندما أسكن النبى عنده من ذريته .. والله قال أن البيت قد رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل معاً .. فالنبى إسماعيل كان عمره مناسباً لبناء بيت الله .. أى أن النبى إبراهيم لم يترك رضيعاً وأمه فى الصحراء عند البيت كما إدعى أهل السنة .. ولم تقل الأم لزوجها النبى أن الله لن يضيعها فى هذا المكان .. لا .. بل أسكن إبراهيم الكريم من ذريته فى هذا الوادى غير ذى الزرع بمكة بعد أن بنى إبنه إسماعيل معه البيت .

وأسكن أى جعل له سكناً وبيتاً بجوار البيت الحرام .. فالنبى إبراهيم أسكن ولده إسماعيل عند البيت بعد أن قاما ببنائه معاً .. ودعا النبى ربه أن يرزق المؤمنين من أهل هذا البلد الحرام من الثمرات كبديل عن إفتقاد أرضه للزرع .. يقول الله :

( واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر ) .

والبيت لم يتم بناؤه من قبل النبى إبراهيم عليه السلام .. فالملائكة لم تبنه كما زعموا .. ولم يهدمه طوفان نوح عليه السلام .. وذلك لأسباب :

1- أنه لو كان المسجد الحرام قد بنى من قبل النبى إبراهيم لذكر الله ذلك صراحة فى كتابه .. فلا يجوز لبشر أن يزعم أمراً لم يذكره الله فى كتابه وليس له به علم .

2- أن الله شهد أن البيت الحرام مقام إبراهيم .. أى أن الذى أقامه هو النبى إبراهيم .. يقول الله :

( فيه ايات بينات مقام ابراهيم ) .

( واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ) .

وليس معنى مقام إبراهيم هو ما زعمه أهل السنة من وجود حجر عليه أثر أقدام النبى إبراهيم الذى قام عليهما لبناء البيت .

3- أن الله قال لأهل مكة أنه أهلك ما حولهم من القرى .. يقول الله :

( ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى ) .

ويعنى ذلك أن قرية النبى نوح الهالكة كانت إحدى القرى التى حول مكة وليست مكة نفسها .. الأمر الذى يبين أن الطوفان لم يمتد للوادى غير ذى الزرع بمكة .. وبالتالى فالطوفان لم يهدم الكعبة كما زعم أهل السنة .

ولقد إنحصر بعث الأنبياء بعد بناء البيت فى ذرية إبراهيم .

والمكان الذى إختاره أهل السنة بالحجاز كان معرضاً للسيول الساقطة من فوق الجبال إذا سقط المطر .. وذلك حتى وقت قريب فى العصر الحديث .. وقد أغرق المسجد الذى يحجون إليه بالحجاز منذ عدة سنوات .. وهذه حقيقة معلومة ومصورة ومدونة فى الكتب التاريخية .. وبالطبع فلن يكون هذا المكان المعرض للسيل منذ القدم هو المكان الذى بوأه الله وفصله وأعطاه للنبى إبراهيم كى يبنى بيت الله الآمن للمصلين .

أضف لذلك درجة الحرارة الشديدة فى كل من مكة والمدينة المزعومتان بالحجاز .. الأمر الذى يتنافى مع كون أى منهما أرض الله المباركة أو المقدسة .

ولقد زعم أهل السنة دون علم من الله أن النبى إبراهيم هبط مسافة طويلة من الأرض المباركة إلى الحجاز وسط مرتفعات الجبال بلا ماء ولا زرع ليبنى بيت الله عند بئر زمزم النابع عند مكة المزعومة .. وهذا أمر لم يذكره الله فى كتابه .. فالإنسان يتحرك دائماً للأرض ذات الزرع والماء .. وهى الأرض الواقعة حول الأنهار وعند العيون والتى يهبط عليها الماء من السماء .. وحيث يتواجد الزرع اللازم للطعام .. ولذلك قامت الحضارات الأولى فى مصر والعراق وفلسطين وإيران .. حيث يتواجد الماء والزرع .. ولا يمكن للإنسان المؤمن أن يهاجر من الأرض التى بارك الله فيها وفصل فيها الخير والرزق لمكان آخر لا يمكنه الطعام فيه بدون أمر من الله .. أما عند الأرض المباركة فتوجد مصادر عديدة للماء .. كما توجد أراضى خصبة عديدة لإطعام البشر والأنعام .. حيث قامت العديد من المدن والقرى والبلاد .

ولقد زعم أهل السنة كذباً أن النبى إسماعيل قد ضرب الأرض برجله وهو رضيع ليخرج ماء زمزم من تحت قدميه فى مكة الحجازية .. أى أن النبى إبراهيم قد ترك رضيعه وزوجه فى أرض ليس فقط تفتقد للزرع .. بل تفتقد للماء .. الأمر الذى يعنى أنه تركهما للموت جوعاً وعطشاً .. وهذا شئ لم يفعله النبى .. ولم يذكره الله فى كتابه .. فبئر زمزم فى الحجاز موجود من الله .. وليس له علاقة بالنبى إبراهيم أو الأرض المباركة .

كما لم يذكر الله فى كتابه أن زوج النبى إبراهيم سعت بين جبلين بحثاً عن الماء .. الأمر الذى ينفى علاقة الصفا والمروة بسعى زوج إبراهيم بحثاً عن الماء .. فالصفا والمروة مسجدان وليسا جبلان .. إقرأ مقال [ مناسك الحج ] .

( ثالثاً ) النبى لوط الكريم :

يقول الله :

( فامن له لوط ) .

يبين قول الله أن النبى لوط قد آمن لإبراهيم الكريم .. وقد هاجر هذا النبى الكريم مع إبراهيم للأرض المباركة كما تبين .. ثم أرسله الله للقرية التى كانت تعمل الخبائث .. وعندما شاء الله أن يهلك كفار تلك القرية فقد أرسل رسله من الملائكة لهلاك قوم لوط بحجارة من طين .. وقبل أن يهلك رسل الله هؤلاء الفاسقين فقد ذهبوا إلى النبى إبراهيم فى قريته بالأرض المباركة ليبشروه ويعدوه بمولد إبنه إسحق .. الأمر الذى يعنى أن قرية النبى لوط الكريم كانت بجوار قرية النبى إبراهيم بالأرض المباركة .. ويعنى ذلك أيضاً أن الملائكة قد بشروا النبى إبراهيم بمولد إبنه إسحق بالقرية التى كان يسكنها النبى إبراهيم بالأرض المباركة .. ويسمى النبى إسحق عند اليهود إيزاك .

( رابعاً ) القرى التى حول مكة :

لقد أمر الله رسوله محمد أن ينذر أم القرى ومن حولها من خلال القرآن العربى المنزل .. يقول الله :

( ولتنذر ام القرى ومن حولها ) .

( لتنذر ام القرى ومن حولها ) .

وقبل أن يبنى النبى إبراهيم البيت فى الوادى غير ذى الزرع بالأرض المباركة فإن ذرية نوح الذين هبطوا ونزلوا منزلاً مباركاً قد سكنوا قرى مختلفة فى الأرض المباركة وما حولها .. تلك القرى كانت حول الوادى غير ذى الزرع .. أى حول مكة أو بكة عند نزول القرآن .. وقد بين الله فى كتابه أن حول مكة قامت قرى أخرى هى التى قامت فيها دعوة الأنبياء .. ولقد أهلكهم الله بفسقهم .. يقول الله :

( ولقد اهلكنا اشياعكم ) .

( ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى ) .

وبين الله أن هذه القرى الهالكة قريبة من مكة .. يمكن التعرف عليها لمجرد أن يسير الإنسان فى الأرض منفصلاً عن مكة .. لأنها قرى قامت على أساس وجود الزرع والماء المتوفر فى الأرض المباركة وما حولها واللازم لمعيشة الإنسان والأنعام .. يقول الله :

( قل سيروا فى الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان اكثرهم مشركين ) .

( اولم يسيروا فى الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا هم اشد منهم قوة واثارا فى الارض ) .

وقد قال الله لرسوله :

( وكم اهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من احد او تسمع لهم ركزا ) .

فهذه القرى كانت معلومة للمؤمنين من سكان مكة .. لها آثار فى الأرض .. يمرون عليها مصبحين وممسين .. يرون ديار الهالكين بأعينهم ولكنهم لا يسمعون صوت أحد حى بها .. بينما حول مكة التى بالحجاز فلا يوجد أى آثار لأى قرى هالكة .

كما أن الله عندما يهلك القرى فإنه يترك آيات مفصولة فى الأرض ليذكر الناس .. وتتمثـل هذه الآيات فى المساكن الخاوية المفصولة عن أصحابها الكفار بالقرى الهالكة التى دمرها الله من قبل بسبب طغيان وظلم أهلها .. فأهلك الله الظالمين وترك مساكنهم وقصورهم وآبارهم المعطلة آيات تدل على قدرة الله على تعذيب من كفر به واتبع الشيطان .. ولقد بين الله أن هذه القرى الهالكة تقع حول مكة أم القرى .. وقد صرف الله لهم الآيات .. أى فصل لهم دلائل قدرته لعلهم يرجعوا وينفصلوا لربهم .. يقول الله :

( فكاين من قرية اهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ) .

والله يقول عن طوفان قوم نوح :

( ولقد تركناها اية فهل من مدكر ) .

فالله ترك آية تدل على هذا الدمار فى الأرض ليدكر أو يذكر الناس وينفصلوا لحكم الله .

كما بين الله أنه بعد تدمير كفار عاد قوم النبى هود الكريم فلم يبق منهم غير مساكنهم آية للناس يرونها بأعينهم .. يقول الله :

( فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم ) .

كما يبين الله أنه دمر وأهلك كفار قرية ثمود قوم النبى صالح الكريم .. وأبقى للناس بيوتهم الخاوية المنفصلة عنهم .. وجعل الله ذلك آية للمؤمنين العالمين الذين يفرقون بين الحق والباطل .. يقول الله :

( انا دمرناهم وقومهم اجمعين فتـلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان فى ذلك لاية لقوم يعلمون ) .

وأوضح الله أن مساكن قوم عاد وثمود باقية مبينة لأهل مكة وقت نزول القرآن .. يقول العظيم :

( وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم ) .

كما ترك الله وفصل مساكن قوم النبى لوط الكريم لأبصار المؤمنين العاقلين المؤمنين الذين يخافون عذاب الله .. وجعل عذاب هؤلاء القوم آية بينة منه .. وبينة أى مفصولة لأبصارهم .. يمر الناس عليها فى الصباح وفى الليل .. وموقع تلك المساكن فى سبيل مقيم أى فى طريق مقيم مفصول لمرور الناس .. قريب منهم .. يقول الله :

( ولقد تركنا منها اية بينة لقوم يعقلون ) .

( وتركنا فيها اية للذين يخافون العذاب الاليم ) .

( وانها لبسبيل مقيم ) .

( وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل افلا تعقلون ) .

كما ترك الله مساكن مدين قوم النبى شعيب الكريم آية للناس فى إمام مبين .. أى فى طريق واضح مفصول للبصر .. يقول الله :

( وانهما لبامام مبين ) .

هذه القرى موجودة بالفعل حول مكة التى فى الأرض المباركة .. وكانت تصلح للحياة والرزق .. ولكنها ليست موجودة حول مكة التى بالحجاز .. حيث زعم أهل السنة كذباً أن قرية عاد الآن تحت رمال الصحراء فى الربع الخالى فى شبه الجزيرة العربية .

كما أن قرية سبأ رغم ما بها من جنتين وزرع ونبات فإن الله لم يذكر أنها مباركة .. بل قال أن بينها وبين القرى المباركة قرى أخرى ظاهرة .. فالقرى التى بارك الله فيها هى مكة أم القرى ومن حولها .. أى القرى التى تقع فى الأرض التى بارك الله فيها .. يقول الله :

( وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى واياما امنين ) .

ويبين الشكل التالى موقع سبأ وموقع القرى المباركة :


وهناك علاقة أخرى بين سبأ والأرض المباركة .. حيث أراد النبى سليمان المؤمن غزو سبأ عندما علم أن أهلها يعبدون الشمس من دون الله .. وقد كان النبى سليمان يسكن الأرض المباركة .. يقول الله :

( وجئتك من سبا بنبا يقين ) .

وذلك يبين أن سبأ ليست فى اليمن كما زعم أهل السنة وكما ورد فى كتب اليهود .. فسبأ الحقيقية لها علاقة متصلة بالأرض المباركة .. وهى أرض كان ينبت فيها الزرع لوجود جنتين فيها .

ونجد أن مكة كمدينة آمنة لها وضع خاص عند الله مقارنة بما حولها من القرى التى هلك قومها بعذاب وعقاب من الله .. فبمجرد أن رفع النبى إبراهيم الكريم القواعد من البيت فى بكة بالأرض المباركة لم يعد عقاب الكافرين فيها هو الهلاك بعذاب فاصل مهلك .. لا .. لقد إختلف الأمر .. فالمؤمن من أهل مكة بالله واليوم الآخر سيرزق من الثمرات بإذن الله .. أما من كفر فسيمتعه الله قليلاً فى الدنيا .. أى يفصل لهم الرزق والخير فى الحياة الدنيا دون هلاك كما فعل بقوم عاد وثمود .. ثم يضطرهم ويفصلهم بعد موتهم لعذاب النار وهو المصير والأجر والجزاء السئ .. فالله لا يهلك أهل بكة لوجود البيت بها .. وهذا أمر تنفرد به وحدها .. يقول الله :

( واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير ) .

ولذلك فعندما دعا رسول الله محمد بعذاب على أهل مكة الكافرين مثل دعاء الأنبياء السابقين على أهل قراهم الكافرين فقد أمره الله بالصبر وأمره ألا يعجل عليهم وعلى عذابهم .. فالله يعد لهم ويمهلهم ويفصلهم متمتعين دون أن يفصلهم إليه حتى يوم موتهم ليعذبهم يوم القيامة .. يقول الله :

( فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا ) .

( وذرنى والمكذبين اولى النعمة ومهلهم قليلا ) .

( سال سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذى المعارج تعرج الملائكة والروح اليه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة فاصبر صبرا جميلا انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) .

وقد كان العذاب للكافرين من أهل بكة أو أم القرى بوسيلة أخرى غير هلاك قريتهم الآمنة التى تقع فى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين .. حيث يرسل الله عباداً له ليقتلوا ويخرجوا الكافرين من هذا البلد الأمين .. ذلك كما سيتبين فى هذا المقال .

( خامساً ) ذرية النبى إبراهيم الكريم :

بشر الملائكة النبى إبراهيم بمولد إبنه إسحق إبن إبراهيم فى القرية التى كان يسكن فيها النبى إبراهيم بالأرض المباركة .. وإسحق هو والد النبى يعقوب .. ويعقوب هو إسرائيل ووالد النبى يوسف الكريم الذى ألقاه إخوته فى الجب وإشتراه رجل من مصر فذهب إليها .. لأنها قريبة منه .

ويسمى النبى يعقوب عند اليهود بإسم ياكوف .

ولقد كانت إقامة النبى يعقوب أو إسرائيل الكريم فى البدو .. أى منفصلون عن المدينة أو مصر فى هذا الوقت .. ولقد كان أبناء يعقوب يذهبون لمصر بيسر للحصول على الكيل من أخيهم يوسف العزيز .. مما يدل أن الطريق بين مكان إقامة النبى يعقوب فى البدو وبين مصر كان قريباً ومعروفاً للناس .. والطريق الذى بين الأرض المباركة ومصر هو الطريق الذى سلكه النبى موسى لمدين بعد قتل المصرى .. وهو ذات الطريق الذى سلكه عودة لمصر عندما أمره الله عند الجانب الأيمن لجبل الطور الغربى بالأرض المباركة أن يذهب لفرعون .. وهو ذات الطريق الذى خرج فيه النبى موسى الكريم مع بنى إسرائيل تجاه الأرض المقدسة أو المباركة .. فالقدس والبركة هما الخير والرزق والفضل الذى فصله الله فى تلك الأرض .

ونجد أنه لو كانت مكة الحجازية هى البلد التى بنى فيها إبراهيم عليه السلام بيت الله الحرام لجاءها اليهود والنصارى من كل مكان .. لعلاقة إسرائيل أو يعقوب بالنبى إبراهيم .

ويقول الله :

( وقال الذى اشتراه من مصر لامراته اكرمى مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا ) .

يتبين من قول الله أن الرجل المصرى الذى إشترى النبى يوسف إبن يعقوب كان قوله مشابهاً لقول المؤمنين .. لأنه قال لإمرأته أكرمى مثوى هذا الغلام المؤمن .. أى أحسنى الأجر والقول والفعل والجزاء المنفصل له .. وهذا القول يشابه قول إمرأة فرعون فى النبى موسى وهو طفل .. وهى المرأة التى شهد لها الله بالإيمان .. يقول الله :

( وقالت امراة فرعون قرت عين لى ولك لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا ) .

كما أن إمرأة العزيز كانت على علم بدين الله .. يقول الله :

( وما ابرى نفسى ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيـم ) .

كما أن الشاهد من أهل إمرأة العزيز كان على علم بالله الواحد .. يقول الله :

( يوسف اعرض عن هذا واستغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين ) .

ولقد مكن الله ليوسف فى الأرض .. وفصل له فيها الرزق والجزاء الحسن .. وأصبح عزيزاً بمصر فى هذا العهد .. وجعله الملك الحاكم آنذاك ذى مكانة فى مصر .. وأحضر النبى أبوه يعقوب وإخوته من البدو إلى مصر فى فترة المجاعة .. الأمر الذى يعنى أن مصر فى هذه الفترة كانت تحت حكم قوم يعلموا رسالة النبى إبراهيم وإن ضلوا وإتخذوا أرباباً متفرقين .

ولذلك كان أمر النبى يوسف لأبيه وأمه وإخوته أن يدخلوا مصر إن شاء الله آمنين .. بلا خوف أو قتل وعذاب .. لأن يوسف المؤمن هو عزيز فى مصر .. وبالتالى فدخولها فى عهده سيكون آمناً لهم إن شاء الله لهم هذا الأمن .. يقول الله :

( وقال ادخلوا مصر ان شاء الله امنين ) .

( سادساً ) النبى موسى الكريم :

يقول الله :

( ولما ورد ماء مدين وجد عليها امة من الناس يسقون ) .

يبين قول الله أن النبى موسى الأمين قد خرج من مصر لمدين بعد قتله للمصرى .. ومدين تقع قرب الأرض المباركة .. فقد كانت مدينة قوم لوط بجوار مدينة مدين .. لقول الله عن أهل مدين :

( وما قوم لوط منكم ببعيد ) .

وهذا يعنى أنها مدينة ذات زرع وماء مناسبة لمعيشة البشر وأنعامهم .. ذلك كما يتبين فى الآيات .. وهى مدينة بالقرب من جبل الطور أو جبل شجرة الزيتون .. حيث مر عليه موسى بأهله .. يقول الله :

( فلما قضى موسى الاجل وسار باهله انس من جانب الطور نارا ) .

( فلما اتاها نودى من شاطى الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة ) .

( وناديناه من جانب الطور الايمن ) .

( وما كنت بجانب الغربى اذ قضينا الى موسى الامر ) .

وجبل الطور ليس هو الموجود بمصر فى قمم المرتفعات حالياً .. ولكن طور سينين هو جبل الزيتون المطل على مدينة مكة بالأرض المباركة .

ونجد أن النبى موسى عندما سار بأهله من مدين قد ناداه ربه من الجانب الأيمن لجبل الطور أو جبل الزيتون .. وقد وصفه الله بأنه الجبل الغربى .. ومعنى أنه الجبل الغربى أى الذى تغرب عنده الشمس .. فرسول الله محمد كان فى مكة وقت نزول القرآن عليه .. وهذا الجبل يقع غرب مكة .. وهذا الجانب الأيمن للجبل الغربى هو الوادى المقدس طوى .. وهو الجانب الأيمن للجبل الغربى لمن يسكن مكة أيضاً .. وكان النداء تحديداً من شاطئ الوادى أى من المكان الذى يفصله عن غيره من الأماكن .. وقد أمر الله النبى موسى بالذهاب إلى فرعون .

وجبل الزيتون هو المطل على قرية مكة .. وبين الله أن هذا الوادى بالجانب الأيمن هو الوادى المقدس .. يقول الله :

( انى انا ربك فاخلع نعليك انك بالوادى المقدس طوى ) .

إذا فهذا الوادى المقدس الأيمن يقع عند الأرض المقدسة المباركة الوحيدة فى أرض الله .. ومعنى أنه مقدس أى فصل الله فيه الخير والرزق .

ونجد أن النبى موسى قد أمر فرعون أن يؤدى أو يفصل له عباد الله المؤمنين ولا يعذبهم فى مصر ليرحلوا معه للأرض المقدسة .. حيث العودة إلى أرض الله المباركة .. وطن المؤمنين .. يقول الله :

( فارسل معنا بنى اسرائيل ولا تعذبهم ) .

( ان ارسل معنا بنى اسرائيل ) .

( ان ادوا الى عباد الله ) .

وبعد ذلك خرج بنو إسرائيل مع النبى من مصر .. يقول الله :

( وجاوزنا ببنى اسرائيل البحر فاتوا على قوم يعكفون على اصنام لهم ) .

يتبين أن النبى موسى قد خرج ببنى إسرائيل المؤمنين من المدينة المصرية أو مصر .. وتبعهم فرعون فغرق مع جنوده فى البحر الذى اعترض طريقهم .. وعبره موسى وبنو إسرائيل .

فبعد أن جاوز وفصل الله ببنى إسرائيل البحر وأغرق فرعون أتوا مباشرة على قرية قوم يعكفون على أصنامهم .. أى قرية بها حضارة بشر .. وطالما كانت كذلك فهى مكان به الزرع والماء .. الأمر الذى يستبعد معه أن تكون سيناء المصرية بالكامل هى تلك المنطقة .. لأن سيناء المصرية أرض لم تقم بها أى حضارات .. وليس بها أماكن للماء والزرع لتكون فيها أى قرية فى هذا الوقت .. كما يستبعد أن تكون أرض الحجاز بالسعودية الآن هى تلك الأرض .

ويقول الله :

( يا بنى اسرائيل قد انجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الايمن ) .

يتبين من قول الله أن النبى موسى ترك قومه وذهب للجانب الأيمن لجبل الطور بأمر الله لتنزل عليه التوراة .. مما يدل على قرب جبل الطور فى القدس من مكان بقاء بنى إسرائيل .

ويقول الله :

( ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) .

( واذ نتقنا الجبل فوقهم كانه ظله وظنوا انه واقع بهم خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) .

يتبين أن الله رفع أو نتق فوق بنى إسرائيل جبل الطور ليتبعوا ما آتاهم الله فى التوراة .

ويقول الله :

( وانظر الى الهك الذى ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه فى اليم نسفا ) . يتبين أن بنو إسرائيل كانوا بجانب البحر عندما ذهب موسى لجبل الطور .. لأن موسى قال أنه سينسف العجل الذى عبدوه فى اليم أو البحر .

ونجد أن قصة بقرة بنى إسرائيل تبين وجود بقرة وسقى للزرع .. مما يدل على تواجد بنى إسرائيل فى مكان فيه الزرع والماء بالقرب من الأرض المقدسة .

كما أن النبى موسى أمر بنى إسرائيل بدخول الأرض المقدسة .. أو قرية مكة بالأرض المباركة .. وهى التى كتبها الله للمؤمنين .. لأن بها المسجد الحرام .. ولكنهم رفضوا .. يقول الله :

( يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين ) .

وعندما رفض القوم دخولها وقتال من فيها حرمها الله عليهم أربعين سنة متفرقين فى الأرض .

والأرض المقدسة أرض ذات أسوار .. وللأسوار أبواب .. حيث أمر رجلان مؤمنان قومهما بدخول الأبواب المؤدية للمدينة لإحراز النصر .. يقول الله :

( قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مومنين ) .

كما نجد أن مكان لقاء النبى موسى بالرجل العليم كان عند مجمع البحرين .. أى عند مكان إلتقاء البحر العذب بالبحر المالح .. أى عند مصب نهر فى بحر .. يقول الله :

( واذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضى حقبا ) .

( سابعاً ) ملوك بنى إسرائيل :

نجد أن الملك طالوت من بنى إسرائيل عندما توجه بجنوده لدخول الأرض المقدسة عبروا جميعاً نهراً .. وهذا يعنى وجود نهر قرب الأرض المقدسة .. يقول الله :

( فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر ) .

ولقد قال الله عن بنى إسرائيل :

( واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التى باركنا فيها ) .

فبعد أن إستضعف فرعون بنى إسرائيل أورثهم الله مشارق ومغارب الأرض التى بارك الله فيها وحدها .. وملكها المؤمنون من بنى إسرائيل .. وهم الملوك طالوت وداود وسليمان .. حيث دخلها طالوت وجنوده المؤمنين .. وهذه هى الأرض المباركة أو المقدسة التى هاجر إليها النبى إبراهيم من قبل .

كما أن داود الملك والنبى المؤمن الذى حكم فى الأرض المقدسة قد حكم فى أمور تتصل بالزرع والغنم .. الأمر الذى يدل على وجود المرعى والماء فى الأرض التى بارك الله فيها .. يقول الله :

( ان هذا اخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة ) .

( وداود وسليمان اذ يحكمان فى الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم ) .

ويسمى الملك داود عند اليهود بإسم ديفد .

ونجد أنه كان للملك داود محراب أو معبد بالأرض المباركة .. وهو الذى أصدر فيه حكمه .. يقول الله :

( وهل اتاك نبا الخصم اذ تسوروا المحراب اذ دخلوا على داود ) .

كما أن الملك والنبى سليمان الكريم قد أمر الجن بإنشاء محاريب أخرى فى الأرض المباركة غير بيت الله الحرام الذى بنى فى الوادى غير ذى الزرع .. كما كان له صرح أو قصر ممرد .. يقول الله :

( يعملون له ما يشاء من محاريب ) .

( قيل لها ادخلى الصرح فلما راته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال انه صرح ممرد من قوارير ) .

ولقد بين الله بوضوح أن الأرض التى كان فيها سليمان إبن النبى داود هى الأرض المقدسة التى بارك الله فيها .. وهى التى هاجر إليها إبراهيم وأمر موسى بدخولها ودخلها طالوت وداود .. يقول الله :

( ولسليمان الريح عاصفة تجرى بامره الى الارض التى باركنا فيها ) .

( ثامناً ) الفساد والعلو :

يقول الله :

( وقضينا الى بنى اسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الارض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ) .

يبين قول الله أن الله قضى وفصل لبنى إسرائيل فى الكتاب .. وهو كتاب التوراة المنزلة على النبى موسى .. وعداً بأنهم سيفسدوا فى الأرض ويفصلوا الإعتداء على الناس وممتلكاتهم دون حكم من الله .. وسيعلوا فى الأرض أو يفصلوا إعتدائهم وبغيهم على الناس فى الأرض علواً أو فصلاً كبيراً دون حق أو إنفصالاً عن حكم الله .. وذلك مرتين .

ويقول الله :

( فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا اولى باس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ) .

يبين الله أنه عندما يتحقق وعد وقول الله المفصول لبنى إسرائيل فى كتابه بالفساد والعلو للمرة الأولى فإنه سيبعث ويفصل من عنده عباداً له من المؤمنين .. أولى بأس وفصل وقوة شديدة .. ليجيسوا أو يفصلوا خلال أو فواصل الديار .. أى يفصلوا أبواب حصونهم المنيعة .

وبين الله أن هؤلاء العباد المؤمنين سيدخلوا المسجد الحرام فى مكة لأول مرة .. ويخرجوا بنى إسرائيل الذين كفروا وأفسدوا فى الأرض من هذا المسجد .. يقول الله :

( وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مره ) .

أى أن الله سيستبدل بنى إسرائيل فى القدس بعباد مؤمنين أولى قوة يجبرونهم على الخروج .. لأن المسجد الحرام لا يدخله إلا المؤمنين .. ذلك كما أمر الله المؤمنين بالله فى وقت النبى محمد .. يقول الله :

( يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) .

ويقول الله :

( ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها فاذا جاء وعد الاخرة ليسووا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ) .

يبين الله لبنى إسرائيل أن من أحسن وعمل ما أمر الله به فهو يحسن ويفصل الأجر والخير لنفسه حيث يدخل الجنة .. ومن أساء وفصل السيئات فهو يفصل السوء والعذاب والعقاب لنفسه .. ويبين أنه إذا جاء وعد الله الآخر أو الثانى المنفصل زمنياً عن الوعد الأول فسوف يأتى عباد لله مؤمنين .. أولى بأس شديد كمن سبقهم فى المرة الأولى .. ليفعلوا ما يلى :

1- يسووا وجوه كفار بنى إسرائيل .. أى يفصلوا لهم الجزاء السيئ والعذاب والعقاب والقتل .. كما فى قول الله :

( فلما راوه زلفه سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذى كنتم به تدعون ) .

2- يدخل هؤلاء المؤمنون المسجد الحرام كما دخله مؤمنون أول مره .. والله يشير إليه بأنه المسجد .. فهو معلوم للمؤمنين فى مدينة مكة التى ينزل فيها القرآن .

3- يتبر المؤمنون ويفصلوا ويهلكوا فصلاً وهلاكاً شديداً كل ما أمكنهم العلو والإنفصال له .

وكلمة يتبروا مشتقة من الإسم تبر .. الذى يعادل ثبر بعد نزع النقاط .. ويعنى الفصل .. يقول الله :

( ولا تزد الظالمين الا تبارا ) لا تزد الظالمين إلا فصلاً للعذاب والعقاب والجزاء السيئ .

( ان هولاء متبر ما هم فيه ) متبر أى ينفصل لهم به العذاب والعقاب والجزاء السيئ .

( وانى لاظنك يا فرعون مثبورا ) أظنك مفصول لك العذاب والعقاب والجزاء السيئ من الله .

( فسوف يدعو ثبورا ) سوف ينفصل له الثبور أو العذاب والعقاب والجزاء السيئ .

( تاسعاً ) مدينة بابل :

نجد أنه بعد موت النبى سليمان فقد أفسد بنوا إسرائيل فى الأرض .. وكفروا .. بينما ظهرت قرية قوية فى العراق عند نهرى دجلة والفرات فى مدينة بابل يحكمها عباد لله من المؤمنين .. وأصحاب قوة شديدة فى القتال .

ولذلك نجد أن بنى إسرائيل الكافرين الفاسدين قد خرجوا وتم نفيهم من الأرض المباركة إلى بابل .. ونجد آيات القرآن تصف وضع بنى إسرائيل وهم فى مدينة بابل بالعراق .. يقول الله :

( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر ) .

تبين الآيات مدى كفر بنوا إسرائيل .. فقد تركوا كتاب الله المنزل على الأنبياء .. وإتبعوا وأطاعوا ما تتلوا وتفصل شياطين الإنس عن الملك الكبير للنبى سليمان .. حيث قال عنه شياطين بنوا إسرائيل أنه رجل كفر بالله .. وأن هناك علاقة بين ملكه الضخم وبين الكفر بالله .. ولقد صدق بنوا إسرائيل قول شياطينهم فإتبعوهم كما يتبع الكافر الشيطان .. فالشيطان يأمر الكافر بكل ما هو منفصل عن دين الله .. وبالتالى فهو الذى يأمر ويفصل ويؤز الكفار ليفعلوا ما يريد فى الدنيا .. لأنه صاحب سلطان عليهم .. يقول الله :

( الم تر انا ارسلنا الشياطين على الكافرين توزهم ازا ) .

ويبين الله أن النبى سليمان لم يكفر بالله .. وأن الشياطين من بنوا إسرائيل هم الذين كفروا بالله .. وأنهم بدلاً من الأمر بما أنزل الله فإنهم كانوا يعلمون الناس منهم ما يلى :

1- السحر .. وهو القول الباطل المنفصل عن الحق .. ليروا الباطل حقاً .

2- ما أنزله الله على الملكين المؤمنين فى مدينة بابل .. وهما الملك هاروت والملك ماروت .. وهما ملكين من الملوك المؤمنين البشر .. وهما ليسا ملكين من الملائكة كما زعم أهل السنة .. فالملائكة تتنزل بالوحى .. أما هذان فإن الله أنزل عليهما قولاً من عنده لكونهما ملكين مؤمنين .. وقد كان القول المنزل عليهما فتنة للناس .. أى جزاء سيئ ينفصل لمن آمن به وإتبعه .

وقد كان الملكان كمصدر لهذا العلم يعلمان الناس ومنهم بنى إسرائيل ما أنزل عليهما من قول .. فإذا علما أحداً قالا له أنهما فتنة .. وأن هذا العلم أنزله الله عليهما فتنة ليعذب ويجزى من إتبعه .. ويأمران من يتعلم منهما ألا يكفر بالله أبداً إذا تعلم هذا العلم .. ذلك لكونهما من الملوك المؤمنين بالله .

ويقول الله :

( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا باذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له فى الاخرة من خلاق ولبئس ما شروا به انفسهم لو كانوا يعلمون ) .

فالناس ومنهم بنوا إسرائيل قد تعلموا من الملكين ما يلى :

1- القول الباطل الذى يفرقون به بين الرجل وزوجه .. حيث يضلون الناس بقولهم .. وقد بين الله أنه لا يوجد أحد يمكن أن يضر من قولهم وضلالهم إلا بإذن الله .

2- كل قول يمكن أن يضرهم ويفصل لهم الأذى والضرر ولا ينفعهم .

ولقد علم بنوا إسرائيل والمتعلمين من الملكين أن من تعلم منهما ليكفر بالله وإشترى هذا القول الباطل مقابل فصل آيات الله وقوله المنزل فى كتبه على رسله عنه وعدم إتباعه .. فما له فى الآخرة من خلاق .. أو ما له من أجر حسن ينفصل له من الله ليفصله للجنة .. أى أنه سيكون من أصحاب النار إن كفر .

وبين الله أنهم شروا أنفسهم وفصلوها عنهم مقابل ثمن بئيس منفصل لا قيمة له .. وهو القول الباطل المنفصل عن الحق والذى يحمل الكفر وأذى الناس .

ونجد أن المؤمنين من مدينة بابل لم يتجهوا صوب مكة الحجازية .. ولو كانت لتلك المدينة أى قيمة دينية لحاول هؤلاء المؤمنون دخولها أو الوصول إليها .

ويتبين من قول الله الذى بين فيه أن بنى إسرائيل سيعلوا ويفسدوا فى الأرض مرتين أنهم عادوا للأرض المباركة مرة أخرى .. وذلك بعد أن أفسد أبناء أو أحفاد من إستوطنوا تلك الأرض بدلاً منهم .. فرد الله وفصل لبنى إسرائيل الكرة أو الفصل والنصر عليهم .. ليدخل بنوا إسرائيل المسجد الحرام بعد إخراجهم .. وقد أمدهم الله بالمال والبنين وجعلهم أكثر من الآخرين نفيراً .. أى جعلهم أكثر فى عدد الأبناء المقاتلين المنفصلين للقتال .. يقول الله :

( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا ) .

والكرة كلمة مشتقة من الإسم كر .. وتعنى الفصل .. يقول الله :

( اذا الشمس كورت ) انفصلت فلم تعد تضئ .

( فلو ان لنا كرة فنكون من المومنين ) الكرة أى الإنفصال من الآخرة للدنيا .

( ااذا كنا عظاما نخرة قالوا تلك اذا كرة خاسرة ) قالوا إن الإنفصال للآخرة إنفصال خاسر ينفصل فيه العذاب والجزاء السيئ .

( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) يفصل بالليل النهار .. ويفصل بالنهار الليـل .

( ثم ارجع البصر كرتين ) كرتين أى مرتين منفصلتين .

كما أن بنى إسرائيل قد خرج عدد منهم إلى قرى مجاورة لمكة .. تفرقوا فيها .. منهم أصحاب السبت الذين سكنوا القرية التى كانت حاضرة البحر .. وقد مسخ الله أهلها قردة خاسئين بما عصوا أمر الله .

( عاشراً ) ذو القرنين وأهل الكهف :

بين الله فى قصص القرآن أن لهذه القصص إرتباط وثيق بالأرض التى نزل بها القرآن .. فالذين يسكنون الأرض المباركة من بنى إسرائيل أو الأميين كانوا على علم بهذه القصص .. الأمر الذى يدل أنها حدثت فى الأرض المباركة .. أو بالقرب منها .. وهذه القصص كما يلى :

(1) قصة ذى القرنين :

حيث سأل أهل مكة نبيهم محمداً عنه .. مما يعنى أنهم كانوا على علم من أمره .. يقول الله :

( ويسالونك عن ذى القرنين قل ساتلوا عليكم منه ذكرا ) .

(2) قصة أصحاب الكهف :

يقول الله :

( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربى اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم احدا ) .

فالذين تحدثوا عن العدد هنا هم قوم من أهل مكة بالأرض المباركة وقت نزول القرآن .. يعلمون قصة أهل الكهف وإن إختلفوا فى عددهم .. وقد أمر الله رسوله ألا يمار أو يفصل قولاً عن أهل الكهف إلا مراءً أو قولاً ظاهراً أو مفصولاً بعلم من الله فى كتابه .. وأمره كذلك ألا يستفت أو يسأل فى أمر أهل الكهف أى أحد من هؤلاء المختلفين فى عددهم بغير علم من الله .

وقد بين الله أن هذا الكهف بجوار مدينة بها الرزق والطعام .. يقول الله :

( فابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فلياتكم برزق منه ) .

( حادى عشر ) النبى زكريا الكريم وآل عمران :

يقول الله :

( فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب ان الله يبشرك بيحيى ) .

نجد أن القرآن الذى نزل فى مكة يذكر أن النبى زكريا من بنى إسرائيل كان يصلى فى المحراب عندما بشره الله بالنبى يحيى الكريم .

كما أن مريم أم النبى الكريم عيسى كانت من آل عمران .. وكانت تصلى أيضاً فى المحراب .. يقول الله :

( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ) .

ولقد كان المسيح إبن مريم من أنبياء بنى إسرائيل أيضاً .. وكان بالأرض المباركة .. وآواه الله مع أمه مريم الطاهرة إلى ربوة أو مكان منفصل ذى قرار .. أى مفصول لسكن وإنفصال البشر .. وذى معين أى ماء مفصول لإستخدام البشر .. يقول الله :

( وجعلنا ابن مريم وامه ايه واويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين ) .

وبشر المسيح الكريم عيسى إبن مريم ووعد بنى إسرائيل برسول يأتى من بعده إسمه أحمد .. يقول الله :

( واذ قال عيسى ابن مريم يا بنى اسرائيل انى رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول ياتى من بعدى اسمه احمد ) .

ومعنى يأتى من بعده أى يأتيهم هم .. لبنى إسرائيل الذين يبشرهم .. وإن لم يكن الرسول أحمد منهم .. يأتيهم فى ذات الأرض .. ولكنه من بعده .

ويقول الله :

( فامنت طائفة من بنى اسرائيل وكفرت طائفة فايدنا الذين امنوا على عدوهم فاصبحوا ظاهرين ) .

عندما قال المسيح لقومه من أنصارى إلى الله فقد آمنت معه طائفة منفصلة من بنى إسرائيل .. وكفرت طائفة أخرى .. ولكن الله أيد ونصر المؤمنين منهم على عدوهم فأصبحوا ظاهرين يفصلون حكمهم وأمرهم على الأرض .

وهذا النصر للنصارى أو للمؤمنين بالمسيح يفسر تواجد عدد من أهل الكتاب المؤمنين فى الأرض المباركة أثناء نزول القرآن على النبى محمد الكريم .. كانوا يؤمنون برسالة المسيح الحقيقية التى كفر بها يهود بنى إسرائيل .. والله بهذا حقق وعده للمسيح بأن ينصر الذين إتبعوه وأيدوه على من إنفصل عنه .. يقول الله :

( اذ قال الله يا عيسى انى متوفيك ورافعك الى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة ) .

( ثانى عشر ) الروم :

يتبين أن الله جعل الإيمان فى قلوب قوم أولى بأس شديد من الروم الإيطاليين نسبة إلى روما .. والذين آمنوا بالمسيح بعد إفساد يهود بنى إسرائيل مرة أخرى وقتلهم الأنبياء فى الأرض المباركة .. وقولهم أنهم قتلوا المسيح .. وعدم إيمانهم برسالته .

ولقد جاءت رسالة النبى محمد بعد وقت من رسالة النبى عيسى .. وجاءت فى مكة بالأرض المباركة أيضاً .. وليس بينهما تلك المدة الطويلة التى حددت بستمائة سنة .. وهى الفرق بين التاريخ الميلادى نسبة لميلاد المسيح والتاريخ الهجرى نسبة لهجرة الرسول محمد .. فالله لم يذكر هذا الفرق الزمنى الكبير فى كتابه .. ولهذا نجد أن الذين آمنوا برسالة محمد فى الأرض المباركة قد حزنوا لهزيمة الروم أمام أعدائهم الذين يفضل اليهود والذين أشركوا أن ينتصروا .. يقول الله :

( الم غلبت الروم فى ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) .

يبين الله أن الروم قد هزموا بعد سنوات من نزول القرآن .. هزموا فى أدنى الأرض .. أى فى أفصل وأقرب الأرض إليهم .. وهذه حقيقة .. فى حين أن الروم لم يهبطوا لمكة أو المدينة الحجازية أبداً لأنها أماكن صحراوية جبلية يندر فيها الماء الساقط من السماء وتنعدم الأنهار ولا توجد زراعة وبالتالى فلن يوجد مرعى ولا أنعام ولا غذاء للخيل والبغال والحمير .

وبين الله أنهم من بعد تلك الهزيمة سيهزمون عدوهم فى خلال بضع سنوات .. حيث يفرح المؤمنون مع النبى محمد بنصر الله للمؤمنين مثلهم .. والله ينصر من يشاء ويفصل ويفضل من عباده .. وقد وعد أن ينصر من ينصره .. والله لا يخلف أو ينفصل عن وعد فصله لأحد .. ولكن أكثر الناس وهم الكافرين لا يعلمون هذه الحقيقة .

( ثالث عشر ) موقف بنى إسرائيل من القرآن :

عندما ننظر إلى إدعاء أهل السنة بأن مكة البلد الحرام هى التى تتواجد بالحجاز فسنجد أن النصارى لم يتواجدوا فى مكة الحجازية .. ولم يذهب أهل الكتاب من اليهود أو النصارى إلى مكة أو المدينة الحجازية من قبل .. والحقيقة أنه عندما نزل القرآن على الرسول محمد الكريم فقد كان فى مكة بالأرض المباركة عدد من أهل الكتاب النصارى المنتصرين الذين آمنوا بالنبى عيسى الكريم .. وكانوا علماء فى الإنجيل .. يعرفونه ويتلون آياته .. ويقيمون الصلاة لله .. وقد آمنوا برسالة الرسول محمد الذى ولد فى الأرض المباركة بمكة .. ووجدوا أن القرآن جاء مصدقاً للإنجيل .. يقول الله :

( اولم يكن لهم اية ان يعلمه علماء بنى اسرائيل ) .

فلقد علم أهل الكتاب النصارى بالقرآن .. وكان إيمانهم به آية لمن لم يؤمن بالقرآن ولم يصدق أنه كتاب من عند الله .. إقرأ مقال [ الذين آمنوا ] .

ونجد أن آيات وأحكام عديدة وكثيرة فى القرآن الكريم كانت موجهة لمن كفر من أهل الكتاب .. وجدالهم مع المؤمنين .. مما يدل على أن القرآن نزل فى المكان الذى يسكنه أهل الكتاب .. فى مركز تجمعهم الرئيسى .. وفى المدينة المقدسة عندهم .. والتى أمر الله موسى بدخولها .. ولن ينزل القرآن لمخاطبة فئة مهاجرة من اليهود للحجاز كما زعم أهل السنة .. والآيات التالية أمثلة تبين أن الله يخاطب اليهود الذين يمثلون ذرية بنى إسرائيل الأصلية الذين نجاهم الله من فرعون .. ورفع فوقهم الطور .. وقتلوا الأنبياء .. وكفروا بالله .. وطلبوا من رسول الله أن يأتيهم بقربان تأكله النار ليصدقوا أنه نبى مثل من سبقه من أنبياء أرسلوا إليهم فى نفس الأرض المباركة المقدسة التى نزل فيها القرآن .. يقول الله :

( واذ فرقنا بكم البحر ) .

( واذ اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ) .

( قل يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله والله شهيد على ما تعملون ) .

( قل يا اهل الكتاب لستم على شى حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم ) .

( قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا ) .

( قل يا اهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ) .

( يا اهل الكتاب لم تحاجون فى ابراهيم ) .

( قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مومنين ) .

( الذين قالوا ان الله عهد الينا الا نومن لرسول حتى ياتينا بقربان تاكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين ) .

ومعنى أنهم أهل الكتاب أى الذين إنفصل لهم الكتاب السابق من ربهم .. وليسوا مجرد مجموعة من اليهود النازحين فى صحراء وجبال الحجاز كما زعم أهل السنة وكما ظن بعض المؤرخين .

ونجد أن الله يقص قصص أنبياء بنى إسرائيل فى كتابه فى مساحة كبيرة منه .

( رابع عشر ) قتال اليهود :

يقول الله :

( لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ) .

يبين الله لرسوله أن أشد الناس عداوة للمؤمنين هم اليهود والمشركين .. وأقربهم مودة هم النصارى الذين آمنوا بالقرآن .. مما يؤكد وجود العدد الأكبر من اليهود والنصارى من أهل الكتاب فى الأرض التى بعث فيها الرسول محمد الكريم .. وهى الأرض المباركة .

ونجد أن رسول الله محمد والمؤمنين معه قد قاتلوا كفار اليهود بأمر الله .. وأخرجوهم من ديارهم جزاء كفرهم وعداوتهم لهم .. وقد أنزلوهم من حصونهم وصياصيهم فى حرب الأحزاب .. كما أنزلوهم من حصونهم فى حرب الحصون التى جرت فى إحدى القرى بالأرض المباركة .. وورث المؤمنون ديارهم وأرضهم .

والحقيقة أنه لا توجد أى آثار لحصون أو ديار قديمة فى مدينتى خيبر والمدينة اللتان زعما أهل السنة أن الرسول قد قاتل فيهما اليهود بالحجاز .

ونجد أن اليهود إستقر بعضهم بالفعل فى قرى حول مكة بالأرض المباركة وأقاموا فيها الحصون والجدر والأسوار .. بينما لا علاقة لهم على الإطلاق بالقرى التى حول مكة الحجازية المزعومة .. وقد بين الله أن كفار أهل الكتاب لا يقاتلون المؤمنين إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر وأسوار .. الأمر الذى يستبعد معه قبول مكة الحجازية كمدينة يحيط بها قرى ذات أسوار وجدر دفاعية أو يحيط بها قرى محصنة ذات حصون .. يقول الله :

( لا يقاتلونكم جميعا الا فى قرى محصنة او من وراء جدر ) .

وقد بين الله أن المدينة التى قاتل عندها المؤمنون فى حرب الأحزاب كانت لها أقطار أو أبواب يتم الدخول منها .. فهى جزء من الأرض المباركة .. فى حين أن ما أسموها المدينة المنورة بالحجاز ليس لها أى أسوار .. يقول الله عن المنافقين والذين فى قلوبهم مرض وإنفصال عن دين الله :

( ولو دخلت عليهم من اقطارها ثم سئلوا الفتنة لاتوها وما تلبثوا بها الا يسيرا ) .

إقرأ مقال [ الأحزاب ] .

ونجد اليوم أن بنى إسرائيل قد توافدوا وهاجروا للأرض المباركة .. وقاتلوا لدخولها تساندهم أقوى البلاد فى الأرض .. فى حين يخرج أهل السنة من تلك الأرض أذلة صاغرين تدريجياً بعدما بدلوا البلد الحرام والبيت الحرام .. وإفتروا على الله كذباً بالأحاديث النبوية والقدسية المزعومة ومخالفتهم وعدم إتباعهم لحكم الله .. ألا ساء ما يحكمون .

( خامس عشر ) هجرة المؤمنين :

هناك حقيقة يغفل عنها الكثير .. وهو أن فى الأرض كلها أرضاً مباركة واحدة .. كتبها الله للمؤمنين من عباده حتى يوم القيامة .

وقد كانت هجرة الرسول والمؤمنين فى عهد النبى محمد هجرة من مكة التى تقع فى الأرض المباركة إلى المدينة الواقعة فى الأرض المباركة أيضاً .. وليس الأمر أن هؤلاء المؤمنين قد هاجروا من مكة الحجازية للمدينة البعيدة بالحجاز كما زعم أهل السنة .

فليس معنى الهجرة أن يهاجر البشر مئات الكيلو مترات .. الهجرة هى إنفصال من مكان لمكان .

والهجرة كلمة مشتقة من الإسم هجر .. وتعنى الفصل .. يقول الله :

( واهجروهن فى المضاجع ) انفصلوا عنهن فى المضاجع .

( واهجرنى مليا ) أبو إبراهيم يطالبه بالإنفصال عنه .

( والرجز فاهجر ) انفصل عن كل أمر منفصل عن دين الله .

( واهجرهم هجرا جميلا ) انفصل عنهم انفصالاً طويلاً .

( وقال الرسول ربى ان قومى اتخذوا هذا القران مهجورا ) انفصلوا عن القرآن.

(4) شجرة الزيتون :

لقد نزلت آيات القرآن الأولى تتحدث بوضوح عن جبل الطور الغربى الذى تنزلت التوراة عند جانبه الأيمن المقدس .. والذى يطل على مكة المباركة التى نزلت فيها كتب الله ومنها القرآن .. وتتحدث عن شجرة الزيتون والتين التى تنبت فى هذا الجبل .. وعلاقة ذلك بالكتاب والقرآن المسطور المفصول للناس فى كتاب منشور مفصول لهم .. وعلاقة الكتاب بالبلد الآمن المحصن الذى يفصل الناس عن القتال فيه .. وبداخله بيت الله الحرام المعمور فى ذات البلد .. والذى يعمره وينفصل له الناس لعبادة الله وحده .. يقول الله :

( والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين ) .

( والطور وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور ) .

والجانب الأيمن للطور واد مقدس عند الله .. كما فى قول الله لنبيه موسى :

( اذ ناداه ربه بالوادى المقدس طوى ) .

( انى انا ربك فاخلع نعليك انك بالوادى المقدس طوى ) .

ولقد ذكر الله شجرة الزيتون التى تنبت فى جبل الطور فى عدة آيات بكتابه .. يقول الله :

( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للاكلين ) .

لقد فصل الله بالذكر شجرة الزيتون التى تنبت فى جبل الطور بسيناء أو سينين .. وهذه الشجرة لها استخدامان :

1- الدهن أو الزيت اللازم لفصل النار مستعرة .. وذلك بعصر ثمار الزيتون .

2- أنها صبغ للآكلين .. أى رزق وطعام فصله الله للآكلين يفصلونه لأنفسهم .

ويقول الله :

( الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون ) .

إن الله هو الذى جعل الشجر الأخضر ينبت ثماراً تعصر لتصير زيتاً يوقد النار .. والله هنا يحدث قوماً فى مكة يستخدمون هذه الشجرة فعلاً .. فى حين أنه فى مكة الحجازية لا توجد هذه الأشجار أو حتى حولها .

ويقول الله :

( افرايتم النار التى تورون اانتم انشاتم شجرتها ام نحن المنشئون ) .

إن الله هو الذى أنشأ شجرة الزيتون التى تفصل زيت النار مستعرة متوهجة لتنير للناس .. والله هنا يحدث الذين يستخدمون هذه الشجرة فعلاً .. فهى أمامهم .. وهذا يتعارض مع موقع مكة الذى إختاره أهل السنة بالحجاز .. حيث لا يوجد عندها جبل الطور .. ولا تنبت فيها أشجار الزيتون .. كما يتعارض ذلك مع موقع جبل الطور الذى إختاروه بسيناء مصر .. حيث لا علاقة له ببيت الله الحرام الآمن المعمور .. فقدسية الوادى المقدس بالجانب الأيمن لجبل الطور ترتبط بالأرض المقدسة .

ويقول الله :

( فلما اتاها نودى من شاطى الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة ان يا موسى انى انا الله رب العالمين ) .

ويقول الله :

( فلما جاءها نودى ان بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ) .

يبين الله أن النبى موسى عندما سار بأهله آنس وفصل من الجانب الأيمن لجبل الطور الغربى ناراً .. وذلك فى الوادى المقدس طوى .. ولما جاء لهذه النار ناداه الله وفصل له القول من هذا الوادى فى البقعة المباركة من الشجرة .. أى فى مكان ثمار شجرة الزيتون .. تلك الثمار التى تنبت بالدهن أو الزيت .. دلالة على كونها وسيلة لإخراج النار المنيرة أو النور والخير للناس .. فكأنها هدى لهم يشيع النور فى الظلمات .

ولأن النبى قد نودى وفصل له قول الله من البقعة المباركة من شجرة الزيتون .. أو البقعة التى تفصل الخير والرزق والنور .. فذلك يعنى أن نداء الله وقوله هو النور .. وبالتالى فإن البركة والخير ينفصل من نداء وقول الله الحسن الذى يفصل الخير للناس .. وهو من فى النار .. وكذلك البركة والخير ستنفصل لكل من وصل له هذا القول أو النور الهادى حول مصدر الإضاءة .. أى لكل من أخرجته هذه النار المضيئة بنورها المشع من الظلمات إلى النور من المؤمنين .

فالبركة والخير ينفصل لمن كان حول النار أو النور المشتعل .. لأن الله هداه بندائه وقوله المنير من النار فصار مبصراً لطريق الله المستقيم المؤدى للجنة .. وبالتالى فهو ليس أعمى ضالاً .

ويماثل ذلك بركة وقدسية أم القرى وما حولها .

وبين الله أن تلك الشجرة الزيتونة هى الشجرة المباركة التى تفصل الخير والرزق من عند الله .. فمعنى أنها زيتونة أى ينفصل منها الزيت المنير الهادى .. يقول الله :

( الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كانها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيى ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شى عليم فى بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه ) .

فالله يبين ما يلى :

(1) أنه هو النور الهادى المنير فى السموات والأرض .

(2) يضرب الله للناس مثل نوره وقوله المنير الهادى كمثل النور الصاعد من المشكاة الموجودة فى بيوت الله التى أذن وفصل حكماً أن ترفع ويذكر فيها إسمه من المؤمنين .

(3) أن تلك المشكاة يحفظ وينفصل فيها مصباح النور الموضوع فى زجاجة .. وشبه الله تلك الزجاجة بالكوكب الدرى .. وهو النجم المشتعل بطبعه .. ذاتى الإشتعال .. والشمس تعد أقرب النجوم للأرض .

(4) أن هذا الكوكب أو النجم ذاتى الإشتعال يكتسب نوره المضيئ من خلال زيت شجرة الزيتون المباركة التى تفصل الرزق والخير .. فقد كان العرب يفجرون النار من زيت الزيتون ليخرج لهم النور والإضاءة .. وقد كان الزيت لفترة قريبة وسيلة لإضاءة قناديل ومشكاة بعض المساجد القديمة .

فالزجاجة إذاً كأنها نجم يستمر مشتعلاً من خلال وقود ينفصل له من زيت شجرة الزيتون .. الشجرة الزيتونة المضيئة التى تخرج الزيت الذى يضيئ ويهدى للطريق المستقيم المؤدى للجنة .. وبالتالى فهى لا تفصل من إهتدى لنورها شرقاً أو غرباً بعيداً عن طريق الله .

فأى شجرة أخرى شرقية أو غربية غير شجرة الزيتون لن تكون شجرة مضيئة .. لأنها لن تفصل الزيت المضيئ المصدر للنور والهدى للناس لطريق الله .. وبالتالى فهى شجرة لا تهدى لطريق الله ونور الله .

(5) أن زيت ثمار شجرة الزيتون يكاد يضئ بمفرده ولو لم تنفصل له النار ليشتعل ويضيئ .. فهو نور على نور .. لأن النور الهادى ينبعث من هذا الزيت مباشرة دون الحاجة لوصله بنور آخر .

(6) أنه كما تبين فإن نور الله أو قوله المنير الصادر من زيت الشجرة الزيتونة المباركة هو نور على نور .. ورغم ذلك فهذا النور والقول المنير الواضح المبين لا يراه أو يهتدى إليه إلا من شاء وفصل وفضل الله .

ولذلك فهناك إرتباط وثيق لا يمكن إغفاله بين الأرض المباركة والأرض المقدسة والبلد الحرام الأمين والبيت الحرام المعمور والوادى المقدس والبقعة المباركة من الشجرة المباركة .. إن كل تلك الأشياء ترتبط بعلاقة مكانية واحدة .

(5) آيات ونعم النبات والمطر والأنهار :

يقول الله :

( فلينظر الانسان الى طعامه انا صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فانبتـنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وابا متـاعا لكم ولانعامكم ) .

ويقول الله :

( ونزلنا من السماء ماء مباركا فانبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد ) .

ويقول الله :

( وانزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه فى الارض وانا على ذهاب به لقادرون فانشانا لكم به جنات من نخيل واعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تاكلون ) .

ويقول الله :

( وسخر لكم الانهار ) .

يتبين من آيات الله أن الله يخاطب قوماً ينزل عليهم المطر وينبت لهم كل أنواع الزرع والفواكه والأعناب والنخيل والحب والنبات لهم ولأنعامهم .. الأمر الذى تفتقده مكة الحجازية وما حولها .. بينما ذلك متوفر بالأرض المباركة .

أضف لذلك أن وسائل الركوب كالخيل والبغال والحمير تحتاج للزرع والمرعى أيضاً كى تطعم .. وبالتالى تستخدم فى السفر والقتال والجهاد .

ويقول الله :

( اولم نمكن لهم حرما امنا يجبى اليه ثمرات كل شى رزقا من لدنا ) .

فالحرم الآمن ذو الطبيعة الجغرافية الخاصة فى مكة بالأرض المباركة يجبى وينفصل إليه كل أنواع الثمرات رزقاً من الله وإستجابة لدعوة النبى إبراهيم .. هذه الثمرات تعنى أن القرى التى حول الحرم بها أراضى تنبت الزرع والثمر فى وقت نزول القرآن لتسهل عملية نقل الثمار للحرم .. أما مكة الحجازية فليس حولها أى قرى زراعية تنبت بتلك الثمار التى تنفصل للبيت الحرام وقت نزول القرآن .. وبالتالى فلا توجد أنعام تنفصل للبيت كهدى فى الحج .

(6) صيد البر والبحر :

أحل الله للمؤمنين صيد البحر وطعامه لهم وللسيارة المسافرين عبر البحر .. يقول الله :

( احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ) .

ومعنى تحليل صيد البحر لهم أى أنهم يتواجدون فى مكان قرب النهر أو البحر .. حيث يأكلون لحماً طرياً مفصولاً لطعامهم من كل من ماء النهر العذب وماء البحر المالح .. يقول الله :

( وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج ومن كل تاكلون لحما طريا ) .

ويبين الله آياته للناس .. حيث مرج وفصل البحر المالح عن البحر العذب وهو النهر بأن جعل بينهما برزخاً أو فاصلاً فلا يبغيان وينفصلان لبعضهما .. وهما يلتقيان فى نقطة واحدة هى مصب النهر فى البحر .. يقول الله :

( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) .

إن نقطة المصب هى التى يلتقى ويجتمع فيها البحران .. مثل مجمع البحرين فى عهد موسى الأمين .. يقول الله :

( واذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضى حقبا ) .

والأرض المباركة تقع بالقرب من البحر وبالقرب من عدة أنهار .. وتقع بالقرب من بحيرات عذبة .. بينما تنعدم الأنهار إنعداماً تاماً حول مكة الحجازية المزعومة .. مما يستحيل معه التصديق أن تلك الآيات موجهة لقوم يسكنون فى مكة أو المدينة الحجازية .

ولقد حرم الله على المؤمنين صيد البر طالما كانوا حرماً فى الأشهر الحرم .. يقول الله :

( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) .

وصيد البر يعنى وجود قطعان كبيرة من الغزلان والظباء والوعول فى الأرض المباركة .. وهذا يعنى وجود مصادر عدة للماء .. ووجود أرض خصبة ومراعى لطعام هذه القطعان الأمر الذى تفتقده الأرض التى حول مكة الحجازية بشدة .

كما أن الله أحل للمؤمنين مسك الجوارح .. يقول الله :

( يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ) .

إقرأ مقال [ الصيد والمسك ] .. وهذا يعنى وجود عدد كبير من الغزلان والطيور يتوفر لهم مصادر الماء والزرع .. وهذا أيضاً تفتقده مكة الحجازية وما حولها من أرض بشدة .

(7) كربلاء والنجف :

لا شك أن البلد الحرام الآمن ليست هى كربلاء الموجودة بالعراق كما يظن الشيعة .. وكربلاء ليست حرماً آمناً .. وليست أرضاً مقدسة .. كما أن مدينة النجف بالعراق أيضاً ليست أرضاً مقدسة .. والله لم يجعلها مقدسة فى كتابه .. فقدسية الأرض لا ترتبط بالحسين ولا بوالده على .. وهو رجل يعترفون أنه جاء بعد نزول القرآن .

كما أن القبور ليست حرماً آمناً .. وليست سبباً لتقديس المدينة التى تقع فيها .. وزيارتها كمكان مقدس للحج ليس من الدين فى شئ .. كما أن أدعية زيارة تلك القبور ليست فى دين الله .. ولا تغنى عن كتاب الله .

كما أن فاطمة أم الحسين ليست سيدة نساء العالمين كما يزعم الشيعة .. فالله لم يعطها هذا الإسم أبداً فى القرآن .. ولا يوجد بإسمها كتاب يسمى قرآناً .. كما أنها ليست سيدة نساء أهل الجنة كما يزعم بعض أهل السنة .

والله لم يذكر فى كتابه رجلاً يسمى على إبن أبى طالب .. أو أن بنت للرسول تسمى فاطمة .. أو أنهما تزوجا وأنجبا ولدين هما الحسن والحسين .

كذلك فكل الأقوال المنسوبة للحسين أو منسوبة لعلى والد الحسين أو للأئمة من أولاده ونسله ليست من الدين .. وغير ملزمة للمؤمنين الحقيقين .. ومثلها مثل الأحاديث المنسوبة لرسول الله .

والله لم يذكر فى كتابه حكماً يقول أنه يحب من أحب الحسين كما يزعم الشيعة .. أو أن على إبن أبى طالب هو حجة الله على خلقه .. أو أن على إبن أبى طالب بيده خزائن السموات والأرض .. فالله هو الذى بيده خزائن السموات والأرض .. أو أن على إبن أبى طالب أعطى زوجه التى أسموها فاطمة مهراً هو أنهار الدنيا وأنهار الآخرة .. أو أنه أعطاها الشفاعة فى الآخرة .. أو أنه أطعم يوم نكاحه لفاطمة عشرة آلاف رجل من المؤمنين .. أو أنه بكى بكاءً شديداً وحزن حزناً شديداً يوم وفاتها .. أو أن فعل على إبن أبى طالب الصالح خير من عبادة الثقلين بإعتبار أن الثقلين يشملا الأنبياء .. أو أن قول الله مرج البحرين يلتقيان يخص إلتقاء ونكاح فاطمة وعلى .. أو أن فاطمة هى الكوثر .. أو أنها تسمى أم أبيها بإعتبار أن أبيها هو رسول الله .. أو أنها أم الأئمة .. أو أنها البتول .. أو أن الله يغضب لغضبها .. أو أن من أرضاها فقد أرضى الله .. أو أن الله شهد لها بالصدق فى القرآن .. أو أن الصلاة تقدم إلى راحتيها .. أو أن من أسموه بالخليفة عمر إبن الخطاب قد روعها وهددها .. أو أن هذا الخليفة المزعوم قال أن الأنبياء لا يورثون .. فالله لم يذكر فى كتابه من أسموهم أبو بكر أو عمر أو عثمان .. ولم يقل أن هؤلاء صحابة لرسول الله ومؤمنون معه .. أو أنهم دفنوا بجانبه .. ولا يوجد مؤمن يقول قولاً مفترى على الله .. إن كل ذلك باطل فى كتب الشيعة والسنة .

لم يذكر الله فى كتابه أيضاً أن الحسن والحسين هما سيدا شباب أهل الجنة .. أو أن من نسلهما من أسموه بالمهدى المنتظر .. أو أن الله ذكر أن هناك مسيخ دجال .. أو أن أهل بيت النبى ونسله منزهون مبرأون معصومون من الذنوب والخطأ .. أو أن آية المودة فى القربى تخص أهل البيت أو نسل النبى أو فاطمة .. أو أنه يجوز ما أسموه التوسل لله بجاه النبى أو على أو الحسين أو فاطمة أو أهل البيت لوجاهتهم عند الله .. بل يبقى كتاب الله المنزل هو الدين الوحيد فى أرض الله .. وكل حديث من بعده هو تفرق وإختلاف وتشيع نهى الله عنه .

... والله أعلى وأعلم ...[/size][/b]

مؤمن مصلح

يناير 23rd, 2010, 10:08 pm

السلام عليكم

للحوار

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر