الحكم بين الناس

شارك بالموضوع
تامر شتيوى
مشاركات: 58
اشترك: أغسطس 23rd, 2009, 5:06 pm
المكان: الإسكندرية - مصر .

يناير 19th, 2010, 6:35 pm

(1) مكان الحكم بين الناس :

مكان الحكم فى كتاب الله هو المكان الذى يصدر منه الحاكم قراره الفورى بناء على شرع الله .. ويمكن أن يكون هذا المكان كما يلى :

1- مكان الحاكم .

2- مكان الخصوم .

( أولاً ) الحكم فى مكان الحاكم :

يقول الله :

( وهل اتاك نبا الخصم اذ تسوروا المحراب اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط )
.

الحاكم فى هذا الأمر كان النبى داود الكريم .. كان فى محراب العبادة لله .. وقد جاءه الخصم أو الطرفان الخصمان المنفصلان لمكانه بالمحراب .. طلباً للحكم بما انزل الله .. وفقاً للحق .. لا وفقاً لأى شرع أو قانون آخر .. ومعنى أنهم تسوروا المحراب .. أى فصلوا المحراب ودخلوه .. وصيغة الجمع هنا تبين أن كل خصم كان معه جمع من أهله أو عشيرته .

ويقول الله :

( قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى الى الله ) .

فى هذه الحالة فقد ذهبت المرأة المؤمنة للنبى تجادله فى زوجها الذى ظاهر منها .. أى ذهبت لمكان الحاكم .. وقد أنزل الله حكمه فى شكواها لله .. وبالتالى فقد حكم الرسول بما أنزل الله .. إقرأ مقال [ المظاهرة ] .

( ثانياً ) الحكم فى مكان الخصوم :

يقول الله :

( وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ) .

بين الله فى حالتى الشقاق ونشوز الزوج أن الحكمين يتم إرسالهما لمكان الحكم فى بيت الزوجين .. ويعد هذا حكماً من الله بذلك فى الحالتين المحددتين .. ولا يذهب الزوجان هنا لمحاكم الأسرة أو أى محكمة كما فى قوانين بعض الدول السنية .

(2) سرعة الحكم بين الناس :

لم يحل الله لأى حاكم عادل يعلم شرع الله تأخير صدور الحكم عن وقت سماع قول الخصمين .. أو تأخير الفصل فى أمر ما طالما كان الحكم عالماً بحكم الله .. لأن أحكام الله قد تنزلت للفصل الفورى بين الناس .. وهذا هو النبى داود يفصل فوراً بين الناس .. يقول الله :

( ان هذا اخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزنى فى الخطاب قال لقد ظلمك بسوال نعجتك الى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ) .

لقد أصدر النبى حكماً فورياً بمجرد سماع قول الخصم .. الذى تحدث دون محامى يدافع عنه .. ولم يؤجل الحكم ليوم واحد .. ولم يفعل مثلما يحدث الآن من تأخير لمدة سنوات لحقوق الناس فى المحاكم والجهات القضائية .

ولا توجد أهمية لمحامى للدفاع عن الخصوم .. ولا توجد أهمية للملابس الخاصة التى يلبسها القضاة والمحامين .. ولا توجد أهمية لمذكرات الدفاع المكتوبة .. ولا أهمية للصيغة القانونية .. ولا أهمية لدراسة القوانين المختلفة عن دين الله فى كل بلاد العالم .. فقط يكفى الحاكم أن يعلم دين الله المفصول فى كتابه ليحكم بين الناس بما أنزل الله .

ونجد أن الناس قد ذهبوا إلى النبى داود وهو الملك ليختصموا عنده .. فالملك الحاكم هنا كان أكثر الناس علماً فى كتاب الله .

ولقد كان الخصمان المنفصلان لمحراب داود أخوين .. وكان الفصل أو الخلاف هو أن لأحد الأخوين تسع وتسعون نعجة يملكهن .. وللأخ الآخر نعجة واحدة يملكها .. فأراد الأخ الأول أن يكمل نعاجه لمائة نعجة .. فقال لأخيه اكفلنى أو إفصل لى نعجتك الواحدة لتنفصل لنعاجى .. وعزه فى الخطاب .. أى فصل له الأذى فى القول والخطاب .

ونجد أن الذى تحدث أمام الحكم كان الرجل الذى وقع الظلم عليه بنفسه .. بدون محامى موكل منه .. سواء للمطالبة بحق أو للدفاع ضد رمى أو تهمة .

ولقد قال الله عن نبيه داود أنه آتاه وفصل له الحكمة .. أى القول المفصول من الله للحكم بين الناس .. وآتاه فصل الخطاب .. أى القدرة على فصل الخطاب أو القول والحكم بين الناس بما أنزل الله .. يقول الله :

( واتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) .

وكان حكم النبى داود الصادر فى هذا الفصل أو الخلاف ما يلى :

(1) أن الأخ ذو التسع وتسعون نعجة قد ظلم أخاه بأن سأله أو فصل له قولاً بفصل نعجته الواحدة إلى نعاجه ليكملهم مائة .. وبالتالى فقد حكم النبى بعدم ضم النعجة الواحدة للتسع وتسعون نعجة .

(2) أن عدد كثير من الخلطاء .. أو الناس المنفصلون معاً فى مكان واحد كعشيرة ينفصلون عن أب واحد يبغى وينفصل بعضهم على بعض .. أى يبغى أحدهم على حق وملك الآخر .. إلا المؤمنين منهم بالله والذين يعملون العمل الصالح الذى حكم به الله .. هؤلاء فقط لا يبغى أحدهم على حق المؤمنين الآخرين منهم .. وهؤلاء المؤمنون قليل .. وليسوا كثير .. كما فى قول الله :

( وما اكثر الناس ولو حرصت بمومنين ) .

(3) شهادة الحكم بين الناس :

يقول الله :

( وداود وسليمان اذ يحكمان فى الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ) .

هذان هما النبيان والملكان داود وسليمان .. يحكمان فى الحرث أو الزرع المملوك لقوم .. والذى نفشت أو انفصلت ودخلت فيه غنم قوم آخرين .. أى أن الغنم أكلت الحرث .. وقد كان حكمهم فى الحرث وفقاً لحكم الله .. وكان الله شاهداً على حكمهم .

ويقول الله :

( ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما ) .

لقد أعطى الله النبى داود الحكمة .. فكان يفصل بها فى أمر نفش الغنم فى الحرث .. وقد فهم وفصل الله لسليمان ذات العلم .. أى مكنه أن يفصل ويحكم فى الحرث مثل أبيه النبى داود .. فكل من النبيين الحكمين الملكين قد آتاهما الله الحكم أو الحكمة .. وكلاهما آتاه الله العلم منه كى يحكما بين الناس بالعدل .

ويتضح من آيات الله أن أحكام النبى داود لم تكن أحكاماً خاطئة كما ظن أهل السنة .. ولكنها كانت بحكم وعلم من الله .

فغنم القوم أصابت القوم الآخرين بخسارة تعادل قيمة ما أنفقوه فى الحرث الهالك تحديداً .. ولذلك فعلى أصحاب الغنم فصل أجر أو جزاء من عندهم يعادل مثل هذه الخسارة دون زيادة أو نقصان .. ذلك كما فى حكم الله فى القصاص .. يقول الله :

( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) .

( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) .

( فاتوا الذين ذهبت ازوجهم مثل ما انفقوا ) .

وإقرأ مقال [ القصاص ] .

ولذلك فلا صحة لما إفتراه أهل السنة من أن النبى داود حكم حكماً خاطئاً فى البداية ثم حكم النبى سليمان بحكم آخر صحيح .. وكذلك فلا صحة لحكم النبى سليمان المفترى بأنه قال أنه يجب إيداع الغنم عند أصحاب الحرث لينتفعوا بها حتى يزرعوا حرثاً جديداً لأصحاب الحرث الهالك .. ثم يرد الغنم لأصحابه .. وترد الأرض لأصحابها .. فهذا حكم ظالم لم يذكره الله فى كتابه .

... والله أعلى وأعلم ...[/size][/b]

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر