المسيح في القرآن ...

شارك بالموضوع
عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 18th, 2005, 9:38 pm

ـــ زعم (قطع القرآن بأن لا شفاعة لمحمد) كذب على القرآن، لا يستطيع صاحبه الإتيان بآية واحدة تدل عليه.



ـــ وأما (ولله الشافعة جميعا)، فبعدما نبين صحيح نصها وهو (قل لله الشفاعة جميعًا) الزمر 44، نقول : ليس معناها أن الله هو الشافع فقط، ولكن معناها أن الله هو مالكها فلا يشفع أحد إليه إلا بإذنه، فأركان الشفاعة جميعًا بتقدير الله، فالله هو الذى قدر الشفاعة، وهو الذى أذن للشافع، ورضى عن المشفوع فيه، ولا يستطيع الشافع أن يشفع إلا فيما أذن الله له فيه، وهو سبحانه الذى يقبل الشفاعة بمنه وكرمه، مغفرة للمشفوع، وكرامة للشافع. ( قل لله الشفاعة جميعًا ) . وفى تفسير الجلالين: أي هو مختص بها فلا يشفع أحد الا بإذنه. وقال السمعانى: معناه أنه لا يشفع أحد إلا بإذنه فالشفاعة من عنده لأنها لا تكون إلا بإذنه. وقال الآلوسى: والمعنى أنه تعالى مالك الشفاعة كلها، لا يستطيع أحد شفاعة ما، إلا أن يكون المشفوع مرتضى، والشفيع مأذونا له.

وشفاعة عيسى ليست فى لفظ القرآن، وإنما من قوله تعالى (وجيهًا فى الدنيا والآخرة) آل عمران 45، وقد قال تعالى عن موسى: (وكان عند الله وجيهـًا) الأحزاب 69. فبأى معنى فسرت وجاهة عيسى وجب تفسيرها بنفس المعنى فى حق موسى. فلم يتفرد عيسى بالشفاعة عليهما سلام الله ورحمته.

وقد أثبت القرآن لنبينا مقامًا محمودًا بلفظه وفسره المفسرون بالشفاعة. وعباد المسيح لا يقبلون إثبات الشفاعة لنبينا بهذه الآية. ومنطقهم منقوض، لأنهم ما أثبتوا شفاعة عيسى من نص القرآن ولفظه، وإنما بالاعتماد على قول المفسرين، فوجب عليهم قبول شفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام، لأن نفس المفسرين وغيرهم أثبتوها بإجماع. والتفريق فى هذا المقام يدل على التشهى والهوى.

وقد ثبتت شفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام من أخباره الصادقة، وهذه الطريق آكد من طريق اجتهاد بعض المفسرين، فمَن قبل الأدنى ورفض الأولى كان داخلاً فى التشهى والهوى.

ويلزم عباد المسيح فى هذا الموضوع قبول السنة فى إثبات شفاعة المصطفى وغيرها، لأنهم يستشهدون على المسلم من القرآن وإن كانوا لا يؤمنون به، ولكنهم يعتذرون بأن المسلم يؤمن به، فيلزمهم الاستشهاد بالسنة وإن كانوا لا يؤمنون بها، لنفس العذر وهو أن المسلم يؤمن بها أيضـًا، طاعة لأمر القرآن الصريح: (وما آتاكم الرسول فخذوه).

والاستشهاد بتفاسير الجلالين والبيضاوى والرازى وابن كثير وغيرهم، لا ينفع عباد المسيح فى هذا المقام، لأن هؤلاء المفسرين الذين أثبتوا شفاعة عيسى عليه السلام هم أنفسهم الذين أثبتوا شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم. والاستشهاد بأقوالهم حجة على عباد المسيح لا لهم، لأن هؤلاء المفسرين وغيرهم لم يفهموا أن الشافع هو الله فقط كما توهم عباد المسيح، ولكن فهموا أن الشفاعة ملك لله وبأمره، فأثبتوها للمسيح وللملائكة وللنبى وللمؤمنين.



ـــ قوله تعالى : ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار ) الزمر 19، ليس بخصوص الشفاعة. قال ابن كثير: يقول تعالى أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك؟ أي لا يهديه أحد من بعد الله؛ لأنه من يضلل الله فلا هادي له، ومن يهده فلا مضل له. وقال السعدى: أي أفمن وجبت عليه كلمة العذاب، باستمراره على غيه وعناده وكفره، فإنه لا حيلة لك في هدايته، ولا تقدر أن تنقذ مَن في النار لا محالة. ا.هـ. والآية بعد ليس بينها وبين ثبوت شفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام أى تعارض؛ لأن الآية تمنع إنقاذ النبى لمن (حق عليه كلمة العذاب) والنبى عليه الصلاة والسلام لن يشفع فى هؤلاء، وإنما سيشفع فيمن سيحددهم له ربه. والشفعاء من النبيين والمؤمنين والملائكة لن يشفعوا فى كل من هب ودب، وإنما لهم مقدار معلوم ومحدد لا يتجاوزونه، ولن يشفعوا فى أى وقت شاءوا وإنما عندما يأذن الله تعالى لهم. ( قل لله الشفاعة جميعـًا).



ـــ قوله تعالى لنبيه: (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) التوبة 80، فليس فيه نفى شفاعة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والمسلم لا يؤمن بالشفاعة الشركية التى يؤثر فيها الشافع على الله، ولكن يؤمن بأن الشافع لا يشفع إلا فيمن أذن الله له فيه، ولذلك جاء فى الروايات أن الله يحد لنبيه حدًا لا يتجاوزه، وليست الشفاعة عندنا فى كل من هب ودب، بل هذه الشفاعة الشركية ولا تلزمنا فى شىء. ولذلك نفس المفسرين الذين استشهدوا بهم فى تفسير هذه الآية، هم أنفسهم الذين أثبتوا الشفاعة لنبينا ولعيسى ولباقى الرسل عليهم السلام وللمؤمنين والملائكة أيضـًا.

وعلى كل، فقد أمر الله تعالى رسوله الكريم بالاستغفار للمؤمنين فى غيرما آية، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) النساء 65. فإن قيل: هذا الاستغفار فى الدنيا وكلامنا عن الشفاعة فى الآخرة. قلنا: فآية التوبة 80 هى فى الدنيا أيضـًا.

والشاهد أن استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم إنما ينفع من يستحقه عند الله، وأما من حق عليه من الله كلمة العذاب فلا ينفعه. قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ . سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) المنافقون 5 - 6.



ـــ وأما (فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضررا أو أراد بكم نفعا) فبعد تصحيح (ضررا) إلى (ضرًا) نقول: الاستشهاد بهذه الآية الحادية عشر من سورة الفتح لا تنفى الشفاعة عن محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كانت نافية للشفاعة عنه لكانت نافية للشفاعة عن الجميع أيضـًا ، لأن الجميع لا يملكون من الله شيئـًا، ولكانت نافية عن المسيح من باب أولى، لأن الله قال فى حقه موبخـًا عباده: (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرًا ولا نفعًا) المائدة 76. إن إثبات الشفاعة للأنبياء والملائكة والمؤمنين لا يعنى أنهم يملكون شيئًا، بل ما زال الجميع فقيرًا لا يملك من الله شيئًا، لأن شفاعتهم لا تكون إلا من بعد أن يأذن الله لهم فيها، ولا تكون إلا فيمن أراد الله إكرامه بالشفاعة.

ـــ وكذلك كل الآيات التى تنفى الشفاعة، كقوله (مالكم من دونه ولى ولا شفيع) السجدة 4، (ولا تنفعها شفاعة) البقرة 123، (يوم لا بيع فيه ولا خله ولا شفاعة) البقرة 254، (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) الانفطار 19. إنما المراد من هذه الآيات وغيرها نفى الشفاعة الشركية التى توهمها المشركون، وهى تأثير الشافع على الله، أو وساطته عنده لجاه لا يستطيع الله رده، أو لشىء من الملك المتوهم له، فنفى الله هذه الشفاعة الشركية وأثبت الشفاعة الإيمانية، وهى الاعتقاد بأن الله يملك الشافع والمشفوع فيه، وليس لأحد منهما شىء من الملك، وإنما يقدر الله هذه الشفاعة إكرامًا للشافع، ورحمة بالمشفوع، فلا يستطيع المشفوع نيلها بنفسه دون الله، ولا يستطيع الشافع التأثير بها على الله، وإنما الله هو الذى يقدر الشفاعة، ويأذن للشافع، ويحدد له المشفوع فيه. (قل لله الشفاعة جميعًا).

وحتى على القول بأنها تنفى الشفاعة مطلقـًا، فلا حجة فيها لعباد المسيح، لأنه على ذلك القول لا يكون للمسيح شفاعة أصلاً. فإن قالوا: هى تنفى الشفاعة مطلقـًا وعلمنا استثناء المسيح من آية أخرى. قلنا: فيجوز استثناء غير المسيح بآيات أخرى أيضـًا. وهذا من باب الإلزام فقط، وإلا فالآيات ليس فيها نفى الشفاعة الإيمانية.



ـــ القول بأن (القرآن يسمح بالشفاعة للملائكة المقربين وإن كانت ضمن حدود وقيود) حق. ولا يفهم من ذلك أن شفاعة المسيح لن تكون بدون قيود، لأن الله قال: (من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه) فلا يستطيع المسيح ولا محمد ولا أى نبى ولا ملك ولا مؤمن أن يشفع إلا بإذن الله، ولا يشفع إلا فيمن أراد الله، وسلام الله على أنبيائه الطيبين الطاهرين.



ـــ إبطال قوله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) بأنها تعنى المقام المحمود فى الدنيا يرده لفظ الآية نفسه (يبعثك) أى في الآخرة.



ـــ وأما (يوم لا يجزى الله النبى والذين آمنوا معه ونورهم يسعى بين أديهم (قدامهم) وبإيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا وأغفر لنا أنك على كل شئ قدير)، فبعدما نصحح (يجزى) إلى (يخزى)، ونصحح (ونورهم) إلى (نورهم)، ونصحح (أديهم) إلى (أيديهم)، و(بإيمانهم) إلى (وبأيمانهم)، و(أغفر) إلى (اغفر)، و(أنك) إلى (إنك)، و(شئ) إلى (شىء)، ونص الآية الصحيح هو (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التحريم 8 .. نقول:

استغفار المؤمنين لأنفسهم لا ينفى شفاعتهم فى غيرهم. كما كانوا يستغفرون لإخوانهم فى الدنيا: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) الحشر 10. كما أن الملائكة يستغفرون للمؤمنين فى الدنيا، ويشفعون فى الآخرة: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الشورى 5 . وقال تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) غافر 7 .

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 19th, 2005, 12:03 pm

كل الردود التي ذكرت بخصوص الشفاعة لا قيمة لها لأنها تتجاهل السياق الشامل الذي منه انطلقنا. لأن الشفيع بالنسبة لنا هو الوجيه حقا لدى الله. و حاشا أن يكون وجيها حقا في الدنيا و الآخرة إلا شخص لم يخطئ و لم يذنب.
و ما ذكرته عن وجاهة موسى أمر وارد لأنه كليم الله. لكن وجاهته لا ترتقي إلى وجاهة عيسى و هو ما انتبه إليه المفسرون حين لم يعطوها بعد الشفاعة. و كذلك وجاهة كل الأنبياء. بدليل ثبات ذنوبهم و خطاياهم.

كما في التالي

1. أول الأنبياء (حسب التعليم الإسلامي) هو آدم، ويقول القرآن إنه أُهبِط من الجنة لأنه عصى ربه وغوى جاء في سورة طه 20:120 و121 (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ... وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) ولا تذكر سورة الأعراف 189 و190 آدم وحواء بالاسم، إلا أن الإشارة هناك إليهما، وتقول (هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء) وخطية الشِرك لا غفران لها في الإسلام، وهي أسوأ من المعصية.

2. جاء في سورة هود 11:45-47 بخصوص نوح (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي (فهو يطلب أن ينقذه الله من الغرق) قَالَ (الله) يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ (نوح) رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ )

ونحن لا نرى في طلبة نوح من أجل ابنه خطية ولا وزراً، فقد عبَّر عن مشاعره الأبوية الطبيعية ولكن القرآن يقول إن الله وبَّخه فاعترف بأنه أخطأ برفضه إرادة الله، وطلب الغفران والرحمة.

3. قال إبراهيم (أبو الأديان الثلاثة) في سورة إبرهيم 14:41 (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) وقال في سورة الشعراء 26:77 و81 و82 (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ... وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) وهنا يسأل إبرهيم الغفران لخطيته هو شخصياً.

4. وعندما نفحص حالة موسى كليم الله، نرى الله يوبخه في سورة القصص 28:15 و16 (من العهد المكي المتأخر) (وَدَخَلَ (موسى) الْمَدِينَةَ... فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

5. ونتأمل داود صاحب المزامير، ومكتوب عنه في سورة ص 38:21-25 (من العهد المكي المبكر) (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعزَّنِي فِي الْخِطَابِ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ)

وقال عبد الله يوسف علي في تعليقه على هذه الآيات إنها تلمح إلى ارتكاب داود الزنا مع بثشبع وقتله زوجها ليخفي جريمته (القصة في سفر صموئيل الثاني 11 و12 ومزمور اعترافه بالخطية هو مزمور 51) وقال حميد الله إنها بلا شك تشير إلى هذه الحادثة وأعتقد أنهما قد أصابا لأن ال99 نعجة، والنعجة هما رقما النعاج الواردين في المثل التوراتي، ثم لأن الآية 26 من سورة ص تقول (يَا دَاوُدُ... فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)

ومهما كان الموقف، فهذه الآيات تتكلم عن خطأ داود واستغفاره وركوعه تائباً، وأمر الله له ألّا يتَّبع الهوى.

6. وفي سورة ص 38:35 يقول سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي) ولو أنه لم يذكر الخطأ الذي يطلب بسببه الغفران ربما كان أنه نسي ذكر الله لانشغاله بالصافنات الجياد!

7. أما النبي يونس (يونان) فقد عصى ربه لما أمره أن يكون مبشراً ونذيراً لنينوى، فسافر بعيداً وتقول سورة الصافات 37:142-144 (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (آتٍ بما يُلام عليه)، فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أما كلمات توبته فموجودة في سورة الأنبياء 21:87 (من العهد المكي الوسيط) ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فهو يعترف أنه ظلم نفسه وغيره، وهو ملامٌ على ما فعل، كما لام الله فرعون (سورة الذاريات 40)

في هذه الآيات تأملنا سبعة من الأنبياء، اثنان منهم من الرسل، وقد دعوا أنفسهم خطاة، أو دعاهم الله كذلك وطلب منهم التوبة ومع أن الخطية المذكورة لكلٍ من نوح وسليمان كانت خطية مواقف فكرية، قد نعتبرها عادية، إلا أنهما طولبا بالتوبة أما آدم فقد (عصى) وجعل لله شركاء، ويونس رفض الطاعة فأصبح ملوماً ويطلب إبرهيم غفران خطيته، ويطلب موسى الغفران للقتل، وداود للزنا وكانت خطية موسى سهواً، أما خطية داود فعمداً وواضح أن الشخص الذي يعرف شرائع الله يُطالَب بأكثر مما يطالب به الإنسان العادي، ولذلك نعتبر وزر خطية الأنبياء والرسل أكبر من وزر خطايا البشر العاديين، ومسئولية النبي أكبر من مسئولية سائر الناس، كما تقول سورة الأحزاب 7 و8 إن الله أخذ من النبيين ميثاقهم، وهو ما لم يفعله مع سائر البشر.

واضح إذاً من القرآن أن للأنبياء أخطاءهم.

8. ويؤدي ما قلناه إلى موضوع حساس قد يؤلم القارئ، ولكن الأمانة تدفعنا إليه، وهو ما يقوله القرآن عن محمد والخطية ولنتأمل الآيات القرآنية بحسب ترتيب نزولها:
· سورة المدَّثّر 74:1-6 (وهي من العهد المكي المبكر) (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)
· سورة الضحى 93:6 و7 (من العهد المكي المبكر) (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى) وهناك الدعاء في فاتحة القرآن آيتي 6 و7 عن الضالين يقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وهو دعاء يردده كل مسلم في صلواته كل يوم.
· سورة الشرح 94:1-7 (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ... فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) ونقارن كلمات هذه الآيات بما جاء في سورة الأنعام 6:31 التي تصف الكافرين في النار (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
· سورة عبس 80:1-11 (من العهد المكي المبكر) (عَبَسَ (محمد) وَتَوَلّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) وهنا يوبخ القرآن محمداً لأنه كان مجاملاً للغني عابساً في وجه الأعمى الفقير.
· سورة غافر 40:55 (من العهد المكي المتأخر) (فَاصْبِرْ (يا محمد) إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)
· سورة محمد 47:19 ( عام 1 ه) (فَاعْلَم (يا محمد) أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) ولعل ذنوب المؤمنين والمؤمنات شبيهة بذنوب النبي، لأن الآية تُجمِلها معاً.
· سورة النساء 4:105-107 (عام 5-6 ه) (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بِيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً) أما سبب نزول هذه الآيات فإن محمداً أراد أن يقف ضد زيد بن السمين اليهودي البريء وأن يقف في جانب المسلم الذي اتهمه ظلماً (أسباب النزول لجلال الدين السيوطي - الآية)
· سورة الفتح 48:1 و2 (عام 6 ه) (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً)
· سورة التوبة 9:43 (عام 9 ه) (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) فإن محمداً لم يسأل في الإذن لهم، وتعجَّل في السماح للبعض بعدم الخروج للقتال.
· سورة النصر 110:3 (عام 10 ه) (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً)
ولا ندري ما هي الذنوب التي طولب محمد بالتوبة عنها، ولكننا ندرك أنه ليس معصوماً وقد يستاء القارئ من هذه الحقيقة، ولكنها لازمة لنعرف مسألة الشفاعة.

محمد لا يدري سشيئا عن مصيره فكيف يشفع في غيره

روى أبو نعيم من حديث أبي الزبير عن جابر قال: سمعتُ رسول الله يقول (لا يُدخِل أحداً منكم الجنةَ عملُهُ، ولا يُجيره من النار، ولا أنا، إلا بتوحيد من الله تعالى) (إسناده على شرط مسلم وأصل الحديث في الصحيح حادي الأرواح لابن قيم الجوزية فصل 19)

وفي حديث عن عائشة قالت: يا رسول الله ما من أحدٍ يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى؟ فقال (ما من أحدٍ يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى) قالها ثلاثاً قلتُ ولا أنت يا رسول الله؟ قال (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) قالها ثلاث مرات (رواه البيهقي في الدعوات الكبيرات - مشكاة المصابيح تحقيق الألباني حديث 1305)

وفي حديث عن ابن زيد الأنصاري أن عثمان بن مظعون، أحد المهاجرين تُوفي، فكفنوه وجاء محمد، فقالت أم العلاء (امرأة كانت قد بايعت محمداً): (رحمة الله عليك أبا السائب (تقصد عثمان) لقد أكرمك الله) فقال لها محمد: (وما يُدريك أن الله أكرمه؟) قالت: (لا أدري) فقال محمد: (إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعَل به) (صحيح البخاري ج 3 ص 164 باب القرعة في المشكلات)

وفي حديث لأبي هريرة قال: حين أُنزلت (وأنذِر عشيرتك الأقربين) قال رسول الله (يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أُغني عنكم من الله شيئاً يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئاً يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً يا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئتِ لا أُغني عنك من الله شيئاً) (عن تفسير الطبري للآية 214 من سورة الشعراء)

فإن كان محمد لا يساعد قبيلته ولا عمته ولا ابنته، فهل يعتقد أحدٌ أنه سيلقَى معونة نبي المسلمين؟ إن هذا يلقي ظلالاً من الشك على صحة الحديث الذي أوردناه من البخاري وفيه يقول محمد (أنا لها أمَّتي أمَّتي) بل إن سورة الإسراء 17:57 تقول إن الأنبياء يطلبون وسيلة التقرُّب إلى الله (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)

بل إن القرآن يقول إن الله وملائكته يصلون على النبي، كما يأمر المسلمين أن يصلوا عليه (سورة الأحزاب 56)

فعالية الشفاعة

لو أن للشفاعة فعالية، فلماذا قال أبو بكر (لو أن إحدى قدميَّ في الجنة والأخرى خارجها لا آمَنُ مكر ربي) - مع أنه واحد من العشرة الذين بشَّرهم نبي الإسلام بالجنة!

وقرأ أبو ميسرة ما جاء في سورة مريم 19:71 (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا (جهنم) كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً) فكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال (يا ليت أمي لم تلدني) فقيل: ما يُبكيك يا ميسرة؟ قال (أخبرَنا أنّا واردوها ولم يخبرنا أنا صادرون عنها)

وبكى عبد الله بن رواحة في مرضه فبكت امرأته، فسألها: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيتُ قال ابن رواحة (إني قد علمتُ أني وارد النار فما أدري أناجٍ منها أنا أم لا) وقال قيس بن أبي حازم: كان عبد الله بن رواحة واضعٌ رأسه في حِجر امرأته، فبكى فبكت امرأته قال: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت قال: إني ذكرت قول الله (وإن منكم إلا واردها) فلا أدري أنجو منها أم لا (تفسير الطبري على سورة مريم 71)

من سورة الشعراء 26:81 يبدو خليل الله إبرهيم متأكداً من الموت والبعث، فيقول (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) ولكنه غير متأكد من غفران خطيته كما يبدو ذلك من الآية التالية: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين) ويبدو عدم التأكيد هذا واضحاً في قول موسى وهارون لفرعون (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (سورة الشعراء 26:51)

ويبدو واضحاً عدم تأكد الأبرار الصالحين من غفران خطاياهم من استعمال كلمة (عسى) ففي سورة القصص 28:67 (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنْ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) وجاء في سورة التحريم 66:8 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) وجاء في سورة التوبة 9:18 (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)

فمن هو الجدير بالشفاعة بعد كل هذا

إنه المسيح عيسى يسوع روح الله و كلمته الذي لم تثبت في حقه خطيئة واحدة.
و الذي أجمعت التوراة و كتب الأنبياء أنه الشفيع الحق و هو ما لم تثبته في حق نبي آخر

فنرى النبي إشعياء يتنبأ بقدوم (العبد البار) الذي له الشفاعة، الذي هو المسيح.

وعندما يتكلم مسيحي مع مسلم عن معجزات المسيح كشاهدٍ ثانٍ على أن رسالة المسيح هي من عند الله، يقول المسلم (لقد أجرى المسيح معجزاته بإذن الله) وإن المسيح (عبد الله) ويقتبس ما ورد في القرآن على لسان المسيح: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً) (سورة مريم 19:30)

ونورد ملاحظتين:

أولاً: نؤكد أن إجراء المسيح المعجزات بإذن الله لا يُنقِص من أنها (شاهد ثانٍ) لصدق إرساليته، فقد برهنت على أن كلماته وأعماله هي من عند الله.

ثانياً: قد يندهش المسلم من أن المسيحيين يؤمنون أن المسيح عبد الله ورسوله، ولكن هذا هو ما نؤمن به فعلاً، وهو ما يصدق على فترة ثلاث وثلاثين سنة أقامها على كوكب الأرض هكذا تنبأت التوراة، وهكذا قال الإنجيل فقد تنبأت التوراة عن مجيء عبد مميَّز لله لينفّذ مشيئة الله ولُقِّب المسيح بالعبد في الإنجيل أيضاً، فيقول عن المسيح: (أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ) (فيلبي 2:7 و8)

المسيح الذي لم يخطئ
شهد المسيح أنه يطيع الله، بقوله: (لِأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الْآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِي الْآبُ هكَذَا أَتَكَلَّمُ) (يوحنا 12:49 و50) وقال أيضاً: (طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ) (يوحنا 4:34) وقال: (أَنَا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لِأَنِّي لَا أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الْآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي) (يوحنا 5:30) وقال: (لِأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لِأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي) (يوحنا 6:38)

ويظهر من هذه الآيات أن المسيح جاء للعالم طاعة لأمر الله، وكان كل ما فعله وقاله من عند الله، فهو (العبد البار).

وقال الرسول بولس بوحي الروح القدس: (إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللّهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الْآبَاءِ (إبرهيم وإسحق ويعقوب) أَمَّا الْأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللّهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ) (رومية 15:8 و9) وهذا يعني أن المسيح جاءنا عبداً ليخدمنا، سواء كنا يهوداً أم أمماً، وقال: (لِأَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ) (مرقس 10:45)

وقد شهد الإنجيل للمسيح بخلوِّه من الخطية وقال: (مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الْإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الْآبُ وَحْدِي، لِأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ) (يوحنا 8:28 و29)

وبعد أن وبَّخ المسيح اليهود لأنهم لم يؤمنوا به، ودعاهم (أبناء إبليس) تحدّاهم قائلاً: (مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟) فلم يجرؤ أحدٌ أن يجاوبه!

وعندما وعظ بطرس اليهود بالمسيح الذي قام من الموت، قال لهم: (أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ) (أعمال 3:14)
وقال الملاك للعذراء مريم (الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللّهِ) (لوقا 1:35)

ويعلن القرآن كمال المسيح في قول الملاك لمريم العذراء: (أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً) (سورة مريم 19:19) والزكي هو الطاهر النقي الكامل الذي لا نقص فيه فالمسيح هو النبي الوحيد الذي (بحسب القرآن) لم يستغفر الله قط لأجل نفسه.

وقال كاتب الرسالة إلى العبرانيين (4:15): (لِأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلَا خَطِيَّةٍ) وقال أيضاً: (7:25 و26): (يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللّهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ لِأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلَا شَرٍّ وَلَا دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ) وقال أيضاً: (9:14) (دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلّهِ بِلَا عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللّهَ الْحَيَّ)

وقال الرسول بطرس، بعد أن عاش مع المسيح عدة سنين: (عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلَا عَيْبٍ وَلَا دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ) (1بطرس 1:18 و19)

واضحٌ من كل هذه الآيات أن المسيح هو النبي الذي بلا خطية، والرسول الذي بلا وِزر صحيح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى (سورة الأنعام 164) لكن ماذا عن الرسول الذي بلا وزر؟ لا شك أنه هو الشفيع الكامل وواضح أن الآيات القرآنية التي اقتبسناها في الفصل الأول من القسم الأول والفصل الخامس من هذا القسم لم تتعرض لهذه الحالة الفريدة، ولكن الكتاب المقدس يتحدث عنها فلنتأمل الآيات الكتابية التي تتحدث عن الشفاعة.

المسيح الكامل يشفع في المؤمنين
تنبأ النبي إشعياء (750 ق م) بمجيء المسيح عبد الرب البار المتألم ونتأمل الآن نبوَّتين من نبواته في شفاعة (ذراع الرب) (العبد البار)
تقول النبوة الأولى: (فَرَأَى (الله) أَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ، وَتَحَيَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ شَفِيعٌ فَخَلَّصَتْ ذِرَاعُهُ لِنَفْسِهِ، وَبِرُّهُ هُوَ عَضَدَهُ)

وتتحدث النبوة الثانية عن عبد الرب البار المتألم، وتقول عن شفاعة (ذراع الرب): (لِمَنْ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ (المسيح) رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ وَهُوَ مَجْرُوحٌ لِأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لِأَجْلِ آثَامِنَا تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ) (إشعياء 53: 1 و3 و5 و11 و12)

تقول هذه الآيات إن شخصاً لقبه (ذراع الرب) سيأتي، ويتألم ويُجرَح من أجل معاصينا، وبالتأديب الذي سيقع عليه ننال الشفاء والسلام، وهو يحمل خطية كثيرين ويشفع في المذنبين لأنه يسكب للموت نفسه.

هذه نبوة بمجيء شفيع، قيلت قبل مجيئه بسبعمئة سنة وقد رأينا صورة نسخة منها تمَّ نسخها قبل المسيح بمئة سنة (صورة رقم 8) فهل تحققت هذه النبوة في أحدٍ؟

لقد رأينا أن المسيح وحده هو الذي لم يخطئ، فلا يكون موته على الصليب قصاصاً لجُرمٍ ارتكبه ويقول الإنجيل إن موته كان عقوبة خطايانا، وتحقيقاً لطلبتنا (اغفر لنا ذنوبنا، وكفِّر عنّا سيئاتنا) والدليل على ذلك أن الله أقامه من الموت أما الذين يموتون لأجل ما ارتكبوه فإنهم يبقون في قبورهم إلى يوم يُبعَثون.

وقال الإنجيل: (لِأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لِأَجْلِنَا) (2كورنثوس 5:21) وبالتعبير القرآني حمل (الذي بلا وزر) وزر أوزارنا.

وصعد المسيح للسماء، وهو حيٌّ هناك يشفع فينا، كما يقول: (يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللّهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ لِأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلَا شَرٍّ وَلَا دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ) (عبرانيين 7:25 و26) وكما يقول: (مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضاً، الَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللّهِ، الَّذِي أَيْضاً يَشْفَعُ فِينَا) (رومية 8:34) وكما يقول: (يَا أَوْلَادِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لَا تُخْطِئُوا وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الْآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً) (1يوحنا2:1 و2)

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 19th, 2005, 12:20 pm

بخصوص إلحاحك على الالتزام بإثبات ألوهية المسيح من القرآن فقد شرحنا لك أن السر من كل المعجزات الواردة في القرآن بشأن المسيح إنما تأخذ أهميتها من تأكيدها لكل النبوءات السابقة الواردة في التوراة و كتب الأنبياء.
و قلنا لك أن تلك المعجزات إنماهي علامات تؤكد بنوة و ألوهية الشخص الذي تتحقق فيه.
و قد اوردنا لك تفصيلا في ذلك.

و انت لا تفتأ تدور و تلف دون جدوى حول موضوع انتهينا منه و أفحمناك فيه.

و لن تستقيم حجتك بعد الآن إلا بإثباتك بالشاهد العلمي و الموضوعي أن شواهد المعجزات/العلامات الواردة في التوراة و كتب الأبنياء و التي يؤكدها القرآن ليست صحيحة.

و ما لم تفعل ذلك فما تقوله باطل في باطل و لا يعدو أن يكون دفنا للرأس في رمل حارق.

قولك

واتهامنا بالكفر لأننا نثبت أن الله استوى على عرشه اتهام باطل؛ لأن الله عز وجل هو الذى أخبر بأنه على العرش استوى، وليس فى ذاك أدنى مشابهة منه لمخلوقاته.

فأنت كفرت لأنك شبهته بمخلوقاته حين أفردت له حيزا وضعته فيه و طلعت علينا بسماء كذا و سماء كذا بينما الله موجود في كذا. و الأدهى من ذلك أنك أتيت فعلا أشنع فبدأت توزع الأدوار فاردا لله دورا و مكانا خاصين و كأنك الخالق ليس هو.

أما تعقيباتك عن عبارة عباد المسيح لا أهمية لها بالنسبة إلينا مادامت آتية من شخص ثبت بطلان ملته بالدليل و البرهان. و ما الحجر الأسود وعبادتكم له إلا غيض من فيض. انظر التعقيب المستقل بخصوصه.

و لا شيء خارج عن موضوعنا لو تتبعت تسلسل النقاش. و لا يقول مثل قولك إلا شخص همه اللف و الدوران حول نقطة تم الحسم فيها. كما انه قول لا يجرؤ على ترديده إلا الضعيف الواهي الحجج الغير قادر على التقدم في النقاش.

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 19th, 2005, 12:36 pm

قولك

ليس فى وصف الحجر الأسود بأنه يمين الله إلا كما فى قوله تعالى (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) الفتح 10 يشبه قول المشركين في تبريرهم لعبادة الأصنام بأنها تقربهم إلى الله زلفى. و استشهادك إنما يؤكد شبهة الوثنية و الشرك بالله الحقيقي و هو الإله الحق الذي لا يعرفه المسلمون.

و الأبحاث الأكاديمية سواء في الدين أو مقارنة الأديان أو الأنتروبولوجيا تتجه اليوم نحو تأكيد البعد الوثني لإله الإسلام.

و زيادة في الحجة و الإقناع هذه إضافات عن الحجر الأسود و صنميته مصحوبة بالهوامش.

عن ابن عباس قال : إن الركن يمين الله عز وجل في الأرض ، يصافح بها خلقه ، والذي نفس ابن عباس بيده ، ما من امرئ مسلم يسأل الله عز وجل شيئا عنده ، إلا أعطاه إياه ، قال عثمان بن ساج وحدثت أن الله تبارك وتعالى لما أخذ ميثاق العباد جعله في الركن الأسود فيبعثه الله عز وجل بالوفاء بعهده " (1) .
وورد أنه يبعث يوم القيامة مثل جبل أحد ، يشهد لمن استلمه وقبّله (2).
وعن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ليبعثنّ الله الحجر يوم القيامة له عينان ، يبصر بهما ، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق " (3).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله قال :" يأتي الركن يوم القيامة ، أعظم من أبي قبيس ، له لسان وشفتان يتكلم عمن استلمه بالنية ، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه ".
وجاء في الحاوي : روى محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده (4) .
وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الحجر يمين الله في الأرض فمن مسحه فقد بايع الله "(5).
وعن عكرمة قال : أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله "(6) .
قال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء : وأما الإستلام فاعتقد عنده أنك مبايع لله عز وجل على طاعته ، فصمم عز يمتك على الوفاء ببيعتك ، فمن غدر في المبايعة استحق المقت . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحجر الأسود يمين الله عز وجل يصافح به خلقه كما يصافح الرجل أخاه " (7).
ويقول الداعية فتحي يكن (8) وأما باستلام الحجر الأسود ؛ فيدرك الداعية أنه مبايع لله عز وجل على طاعته ، وعلى الجهاد في سبيله ، وإنها بيعة ثقيلة { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما } [الفتح 11] . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول :" الحجر الأسود يمين الله عز وجل في الأرض يصافح به خلقه ، كما يصافح الرجل أخاه " حديث ابن حبان .

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ليبعثن الله الحجر يوم القيامة له عينان ، يبصر بهما ، ولسان ينطق به ، يشهد على من استلمه بحق "(9).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يأتي الركن يوم القيامة ، أعظم من أبي قبيس ، له لسان وشفتان ، يتكلم عمن استلمه بالنية ، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه "(10).

_________________________
1- أخبار مكة ص326 .
2- فتح العلام .
3- اخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/75 .
38- نفس المصدر 5/116 .
4و 5- الحاوي الكبير للإمام أبي الحسن الماوردي 5/175 .
6- أخبار مكة للأزرقي ص325 .
7- إحياء علوم الدين للغزالي 1/269 .
8- قوارب النجاة في حياة الدعاة ص107 .
9- المرجع السابق .
10- أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص333 .

عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 20th, 2005, 9:28 pm

ـــ الزعم بأن (السر من كل المعجزات الواردة في القرآن بشأن المسيح إنما تأخذ أهميتها من تأكيدها لكل النبوءات السابقة الواردة في التوراة و كتب الأنبياء) زعم باطل إن قصد صاحبه نسبته للقرآن؛ لأن القرآن لا يعترف إلا بالتوراة التى فيها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالاحتجاج على القرآن بما ورد فى التوراة التى بأيدى النصارى باطل، لأنه لا يعترف بها أصلاً.

وأما إن قصد صاحب الزعم اعتقاده هو بذلك (السر) فله ما يشاء، لكن يتكلم عن اعتقاده ويحاول إثباته فى موضوع منفصل لا يستشهد فيه بالقرآن على المسلم، وإنما يقتصر على إيمانه هو واعتقاده هو. وعلى ذلك فلا وزن لهذا الزعم فى موضوعنا أصلاً.

وكذلك الزعم بأن (تلك المعجزات إنما هي علامات تؤكد بنوة وألوهية الشخص الذي تتحقق فيه) زعم باطل إن قصد نسبته للقرآن، لأن القرآن حكم بأن معجزات المسيح دليل على عبوديته، لأنها من نعم الله عليه، ولأنه لم يكن يفعلها إلا بإذن الله، وبصرف النظر عن صحة حكم القرآن هذا ــ وهو الصحيح ــ فالاعتبار وحده لحكمه فى هذا الموضوع، وغيره لا وزن له ولا اعتبار. وأما إن قصد صاحب الزعم مجرد بيان معتقده هو، فله ذلك وأكثر، ولكن ليحدثنا عن ذلك فى موضوع منفصل، يسرد فيه نبوءاته الكتابية، ويفسرها كيفما شاء، بعيدًا عن التمحك بالقرآن الذى لا يؤمن به.



ـــ قيل (الشفيع بالنسبة لنا هو الوجيه حقا لدى الله. و حاشا أن يكون وجيها حقا في الدنيا و الآخرة إلا شخص لم يخطئ ولم يذنب). هذا القول لا وزن له فى موضوعنا. فليعتقد كل امرئ بما شاء، ولكن لا اعتبار لهذا الاعتقاد فى موضوعنا، لأن موضوعنا ينحصر فى أرضية الإسلام وحدها، وليس فى الإسلام أن الشفاعة تكون لمن لم يخطئ أو يذنب، كل هذا هراء فى الإسلام، فلا وزن له فى موضوعنا، الذى يدور حول الاستشهاد من القرآن على ألوهية المسيح.



ـــ الموضوع الذى نسخ ولصق حول ما سمى بـ (خطايا الأنبياء) فيه من التلبيس والخطأ ما فيه. ولكن نعفى أنفسنا من التعرض لذلك لعدم تعلقه بموضوعنا، لأن الإسلام لا يشترط أصلاً للشفاعة خلو الشافع من الذنب والخطأ.



ـــ وأما أن المسيح هو (الذي أجمعت التوراة و كتب الأنبياء أنه الشفيع الحق) فلا وزن له فى موضوعنا، لأن الموضوع عن المسيح فى القرآن وليس عن المسيح فى التوراة وكتب الأنبياء. فإن قيل: فالقرآن يعترف بالتوراة فيجوز لنا الاحتجاج بما فيها. قلنا: يعترف القرآن بالتوراة التى تبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم تنكرون وجود ذلك فيها، فبطل استشهادكم بها فى موضوع ينحصر فى الاستشهاد بالقرآن وما والاه.



ـــ وكذلك الحديث عن (المسيح الذي لم يخطئ) بحسب كتب أهل الكتاب، لا فائدة منه فى موضوعنا، لأن الموضوع عن الاستشهاد بالقرآن على ألوهية المسيح، والقرآن لا يعترف بكتب أهل الكتاب التى ينكرون وجود البشارة بنبينا فيها، فخرجت بذلك عن اعتراف القرآن، وخرجت بالتالى عن موضوعنا، ولمن شاء الحديث عن ذلك فى موضوع منفصل.

عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 20th, 2005, 9:34 pm

ـــ بالنسبة لقوله تعالى عن المسيح: (غلامًا زكيًا) فقد تكرر ــ كغيره ــ نتيجة لعدم قراءة ما سبق ولاتباع أسلوب النسخ واللصق بلا فهم. على أية حال، فطهارة المسيح من الذنوب لم يتفرد بها عليه السلام، بل ثبتت فى حق غيره كيحيى عليه السلام: (وآتيناه الحكم صبيـًا. وحنانـًا من لدنا وزكاة) قال ابن كثير: الطهارة من الدنس والآثام والذنوب. (وكان تقيا) ذا طهر فلم يهم بذنب. ا.هـ. ونعمة الطهارة، ولو تفرد بها المسيح، مقدمة لا تنتج تجسد الله فى المسيح، بل تدل على فساد هذا القول؛ لأن المسيح احتاج وافتقر إلى ربه ليطهره ويمنعه من الذنوب، فمن كان هذا حاله فى الاحتياج والفقر لا يمكن أن يكون إلهًا بحال.



ـــ وأما أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام حول عدم دخول الجنة بالعمل وحده، فنؤكد أولاً على استشهاد القوم بالسنة عندما يتوهمون موافقتها لهم، مع أنهم يرفضونها فى نفس الموضوع والمقام! وهذا لغياب المنهج العلمى، والقبول بالتشهى والهوى. ثم نقول:

مبدأ عدم دخول الجنة بالعمل وحده، ليس فيه عدم علم نبينا بمصيره الأخروى، فضلاً عن أن ينفى الشفاعة عنه عليه الصلاة والسلام. لأن النبى عليه الصلاة والسلام لم يخبر بأنه يجهل مصيره، لكنه أخبر بأن العمل وحده ليس كافيـًا ولو كان بمثل مقدار عمله، وإنما دخول الجنة برحمة الله ابتداءً. فالعمل الصالح ــ مهما كثر ــ لا يوجب على الله إدخال العبد الجنة، ولكن رحمة الله هى التى تدخل العبد الجنة. فلا علاقة من قريب أو بعيد بالدعوى الساقطة على جهل نبينا بمصيره الأخروى، صلى الله على رسوله وآله وسلم.

وحتى على افتراض صحة فهم النصارى للحديث ــ وقد بينا بطلانه ــ ليس للمسيح أى تأليه. لأن الحديث يشمل المسيح كما يشمل غيره من البشر، فالمسيح أيضـًا لن يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته. ولا يمكن أن يكون لأى مبطل متمسك فى آية أو حديث صحيح، والحمد لله رب العالمين.

ـــ وحديث عثمان بن مظعون يفيد عدم الجزم بدخول أحد الجنة إلا بخبر من الله أو رسوله، وما لم يرد الخبر من الوحى بذلك، فالواجب على المسلم ألا يجزم على التعيين بدخول أحد بعينه فى الجنة ولا فى النار، لأن ذلك من الرجم بالغيب، ولأنه من التألى على الله العزيز الحكيم. فالله هو الذى يعلم غيب كل إنسان، وكيف كانت خاتمته. فليس فى الحديث أن النبى عليه الصلاة والسلام يجهل مصيره الأخروى أو ينفى عن نفسه الشفاعة.

ـــ وإخبار النبى عليه الصلاة والسلام لقومه بأنه لا يغنى عنهم من الله شيئــًا، ليس فيه نفى الشفاعة عنه، لأن الشافع لا يغنى عن المشفوع من الله شيئـًا، وإنما يغنى الشافع عن المشفوع فى المفهوم الشركى للشفاعة، الذى يفهم الشفاعة على أنها تأثير من الشافع على رب العالمين، ولا يلزمنا هذا الفهم الشركى، وإنما الشفاعة عندنا بمفهومها الإيمانى، فلا تتضمن تأثيرًا على الله، أو تغييرًا لحكمه، وإنما شاء الله وقدر أزلاً رحمة المشفوع فيه فى زمن بعينه، وشاء سبحانه وقدر أزلاً أن تكون رحمة المشفوع فيه بشفاعة مخلوق بعينه إكرامًا له.

وأما من فهم شفاعة الشافعين على أنها تأثير على الله، ودفعه ليفعل ما لم يكن فاعله، فهذا فى الديانات الوثنية، وقد جاء الإسلام ليهدمه، ويثبت الشفاعة الإيمانية وحدها. وهى التى تلزم المسلمين فى هذا المقام، ولا عبرة بغير هذا الفهم فى موضوعنا، لأن موضوعنا منحصر فى أرضية الإسلام، ولا وزن لما يفهمه الآخرون من شفاعة شركية فى دينهم.

ـــ وكذلك طلب الأنبياء من ربهم الهدى، وابتغاؤهم الوسيلة إليه، كحاجة نبينا إلى صلاة ربه عليه، كل ذلك لا ينفى عنهم شفاعتهم فى الآخرة عليهم السلام، لأنه لا يلزم من الشفاعة أن يكون الشافع متكبرًا ، آمرًا لله أن يخرج هذا وينقذ ذاك، كل هذا هراء فى الإسلام، وهو المفهوم الشركى للشفاعة الذى يعتقده أهل الأديان الوثنية الأخرى. أما الذى فى الإسلام فهو أن خير الشافعين محمدًا صلى الله عليه وسلم قبل أن يشفع يسجد لربه ما شاء الله له أن يسجد، ويحمد ربه بمحامد يعلمها له ربه ولم يكن يعلمها، ولا يرفع رأسه قبل أن يأذن له الله، ويحد له حدًا يشفع فيهم. فالشفاعة لا تنافى العبودية. هذه فى الشفاعة الإيمانية التى لا يعترف الإسلام بسواها، أما الشفاعة الشركية التى حاربها الإسلام، ففيها الشفاعة خروج من العبودية، لجاه مؤثر على الله لا يستطيع رب العالمين رده، أو لشىء من الملك المتوهم، أو لبنوة روحية أو مجازية مزعومة، أو لغير ذلك من الوثنيات والشركيات.

ـــ وأما ما يرد عن الصالحين من خوفهم من الله عز وجل بخصوص مصيرهم الأخروى، فهذا حال المسلم مع ربه، وهو قمة الأدب مع رب العالمين، فالمسلم لا يتبجح بأنه سيدخل الجنة شاء ربه أم أبى، والمسلم لا يوجب إلا ما أوجبه ربه على نفسه. والمسلم الذى يتألى على ربه ويلزمه دخول الجنة ولو عارض رضاه عليه أن يراجع إيمانه. وفى المقابل نهى المسلم عن إساءة الظن بربه، وعن الجزم بدخول النار والعذاب. فالمسلم بين هذين المقامين: يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه. فلا يتألى على ربه ولا يسىء الظن بمن وسعت رحمته كل شىء.

ـــ وفى هذا السياق قول خليل الرحمن إبراهيم: (والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين) فهذا من أدب المسلم مع ربه، ومع ذلك فلم يجزم لنفسه بالعذاب، بل بين (طمعه) فى مغفرة الله. وهو درس من دروس التوحيد على يد أحد عمالقة التوحيد عليهم السلام. ومثل ذلك ما ورد عن موسى وهارون عليهما السلام.

أما الذين يريدون من الصالحين أن يتكبروا ويتألوا على الله، ويريدون منهم أن يقولوا: سندخل الجنة شاء ربنا أم أبى. فليس ذلك من الإسلام فى شىء، وإنما يعرفه أهل الوثنيات على تباين طوائفهم.

ـــ ولا يهمنا إن كان معتقد الإسلام صحيحًا أم لا ــ وهو صحيح ــ لكن الذى يهمنا أن هذا هو ما يعلمه الإسلام، وهذا وحده هو الذى له الاعتبار فى موضوعنا، وكل مفهوم يخالفه لا وزن له فى موضوعنا. فالإسلام لا يرتب على طلب الأنبياء والصالحين للمغفرة نفى الشفاعة عنهم، وهذا وحده هو المعتبر فى موضوعنا.

ـــ وأما الاستدلال بكلمة (عسى) على (عدم تأكد الأبرار الصالحين من غفران خطاياهم) كما فى قوله تعالى: (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، فهو استدلال من يجهل معنى (عسى) فى العربية، فظن أنها لا تأتى إلا للرجاء الغالب، ولم يعلم أنها تأتى أيضـًا لليقين والتحقيق. بل إن استعمالها فى اليقين والتحقيق أكثر من استعمالها فى القرب والرجاء. هذا فى اللغة، وأما فى القرآن فلا تأتى (عسى) إلا للتحقيق، لأن (عسى) من الله واجبة. وإنما يؤثر القرآن التعبير بـ (عسى) فى مواضع بعينها؛ لحكم بلاغية باهرة. وعلى أية حال، فقد ورد فى القرآن آيات كثيرة كثيرة على حكم الله فى الذين آمنوا، بغير (عسى)، كما فى أول سورة البقرة: (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون).

ـــ وعلى أية حال، فلو كان المسيح هو وحده الشافع يوم القيامة، فليس فى ذلك أى تأليه له، بل فى ذلك ما يدل على بطلان ألوهيته المزعومة، لأن المسيح لم يستطع أن يخرج بنفسه من يشفع فيهم، بل اضطر أولاً إلى سؤال ربه ورب العالمين. فثبت بذلك أن شفاعته عليه السلام، ولو تفرد بها، لا تزيده إلا عبودية لربه، ونفيـًا للألوهية التى زعمها له عباده.

وقد أكد القرآن على أن إرادة المسيح لا وزن لها إذا قورنت بإرادة الله، كما قال المسيح نفسه: ( إن تعذبهم فإنهم عبادك)، فلو شاء الله تعذيب العباد لما استطاع المسيح فعل شىء، لأنه عاجز عن ذلك، بل لو أراد الله إهلاك المسيح بن مريم نفسه وأمه لما استطاع المسيح دفع ذلك عن نفسه ولا عن أمه.



ـــ الزعم بأن معجزات المسيح شاهد (لصدق إرساليته) فيه نظر. لأن معجزاته عليه الإسلام إما أن تدل على النبوة والرسالة أو على الربوبية والألوهية. ولا يجوز أن تدل على النبوة والألوهية معًا. لأنه لو جاز دلالتها على الألوهية لكانت تدل على ألوهية باقى الأنبياء الذين صدر منهم مثل هذه المعجزات. فتعين أن تدل إما على النبوة فقط أو الألوهية فقط.

فإن قال النصارى بأن معجزات المسيح تدل على نبوته، كانوا بذلك ينفون دلالتها على ألوهيته، فلا يصح منهم بعد ذلك الاستدلال على ألوهيته بما صدر عنه من معجزات. وإن قالوا بأن معجزات المسيح تدل على ألوهيته، طولبوا بمعجزاته التى تدل على رسالته ونبوته. بالإضافة إلى أن دلالة معجزاته على ألوهيته ممتنعة وإلا لدلت على ألوهية باقى الأنبياء الذين صدر عنهم مثلها.

فلم يبق إلا دلالة معجزات المسيح على نبوته ورسالته، وهو ما لا ينكره مسلم أبدًا وإلا كفر.



ـــ الزعم بأنه (قد يندهش المسلم من أن المسيحيين يؤمنون أن المسيح عبد الله ورسوله) زعم باطل، وإنما ينشأ من درج على تلقين أن المسلمين يرفضون عقيدته لعدم فهمهم لها، وأنهم لو فهموها لما رفضوها !

والمسلم يعلم أن النصارى يؤمنون ببشرية المسيح، لا لفضيلة منهم، ولكن لعجزهم عن إنكار ذلك، فإن بشرية المسيح تنضح بها الأناجيل الأربعة، بما لا يمكن لأى مكابر إنكاره. والأناجيل تسرد مظاهر بشرية المسيح بأكثر مما تذكر معجزاته بالكثرة الكاثرة.

فاضطروا إلى القول بالجمع بين البشرية والألوهية، أو بين الناسوت واللاهوت كما يقال، أو بين الطبيعتين كما اشتهر. ثم عجزوا عن التوفيق بين هذا الجمع المستحيل، فاختلفت طوائفهم فى ذلك الاختلاف المشهور.

وليس هذا موضوعنا، وإنما ننبه على فساد الزعم بأن المسلم يندهش أو يفاجأ بأن النصارى ببشرية المسيح. وننبه على منشأ هذا الزعم الفاسد، وهو التلقين الدائم بأن المخالفين فى العقيدة يرفضونها لعدم فهمهم لها.

ـــ وكنا نود بيان بطلان الجمع بين البشرية والألوهية، لكنا نعفى أنفسنا من ذلك، لعدم تعلقه بموضوعنا. فالذى يهمنا فى هذا المقام هو حكم القرآن وحده، وقد حكم أن العبودية تنافى الألوهية، وهو يرد على عباد المسيح بقوله تعالى: (إن هو إلا عبد). وبصرف النظر عن صحة حكم القرآن ــ وهو صحيح ــ إلا أن حكمه وحده فى هذا الموضوع هو المعتبر، وحكم غيره من الكتب والمعتقدات لا وزن لها لو خالفته.

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 21st, 2005, 7:33 pm

نلخص القسم الأول من ردودك في كونك تلف و تدور حول نقطة البداية التي لا تريد أن تتزحزح عنها. قتقول أن الاعتبار هو ما حكم به القرآن وحده. لكن أنت تتجاهل أن الزمن غير الزمن و العقول غير العقول. و أنت كمسلم مطالب اليوم بالبرهان من خارج القرآن على أن هذا القرآن كلام رباني وليس كلام محمد أو أي كلام. مع العلم أن مقولة إعجاز القرآن عفى عليها الزمن مع النظريات الحديثة قي اللغة والنقد. يكفي مفهوم التناص وحده ليدمر كل البناء الميتافيزيقي الذي بنيت عليه تلك النظرية.
فهوسك بالقرآن و بالاحتكام للقرآن يحتم عليك وقفة لتبرير حقيقة هذا القرآن الذي لا أرى قيه شخصيا إلا كلاما مكرورا مجتزأ من التوراة و كتب الأنبياء و أشعار و أخبار العرب. انظر أشعار أمية بن أبي الصلت السابقة عن القرآن وكيف هي منقولة نقلا. مع الإشارة إلى ان أشعار أمية بن أبي الصلت أبلغ و أجمل.

أما عن سبب اهتمامنا بالقرآن فقد أخبرناك مسبقا أن همنا هو استخدام القرآن كجسر من بين جسور أخرى نحاور من خلاله المسلم لأننا نعلم مدى غسيل الدماغ الذي مورس عليه في الأسرة و المسجد والمدرسة و الشارع حتى صار يعتبر الوهم حقيقة و يخشى السؤال عن الحقيقة خارج ما لقن. القرآن بالنسبة لنا تجميع لآيات لا أحد يعرف يقينا كيف تم و متى تم.
و نحن تهمنا فقط شهاداته للمسيح لا تكتمل إلا بتذكير القارئ المسلم بالترابطات بينها و بين النصوص الصحيحة التي لا يطالها شك و هي نصوص التوراة و الزبور و الإنجيل.

أما ردودك بخصوص إيمانك فقط بالتوراة و الإنجيل المذكور فيهما محمد فمثير للشفقة بشكل موجع لأنك يا مسكين تجرى وراء عنقاء. هات يا أخي هذه التوراة و هذا الإنجيل أو قل لنا متى وجدت و متى انتهت أو كيف تم ذلك التحريف أما أن تظل تردد أقوالا كأقوالك التالية:

(لأن القرآن لا يعترف إلا بالتوراة التى فيها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالاحتجاج على القرآن بما ورد فى التوراة التى بأيدى النصارى باطل، لأنه لا يعترف بها أصلاً. )

أو

(وأما أن المسيح هو (الذي أجمعت التوراة و كتب الأنبياء أنه الشفيع الحق) فلا وزن له فى موضوعنا، لأن الموضوع عن المسيح فى القرآن وليس عن المسيح فى التوراة وكتب الأنبياء. فإن قيل: فالقرآن يعترف بالتوراة فيجوز لنا الاحتجاج بما فيها. قلنا: يعترف القرآن بالتوراة التى تبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم تنكرون وجود ذلك فيها)

أو

(والقرآن لا يعترف بكتب أهل الكتاب التى ينكرون وجود البشارة بنبينا فيها، فخرجت بذلك عن اعتراف القرآن، وخرجت بالتالى عن موضوعنا)

قلت لك أن هذه الدعاوى اليائسة لن تنفعك في شيء لأنكم معشر المسلمين الذين تدعون هذا الأمر مطالبون بالبرهان العلمي الموضوعي على قولكم لا ما تفهمونه من القرآن الذي يحتاج بنفسه إلى برهان. و حتى القرآن لو ناقشنا مسألة التحريف براء مما تدعونه عليه لأن محمدا لم يكن بقصر نظركم.


قولك

بالنسبة لقوله تعالى عن المسيح: (غلامًا زكيًا) فقد تكرر ــ كغيره ــ نتيجة لعدم قراءة ما سبق ولاتباع أسلوب النسخ واللصق بلا فهم. على أية حال، فطهارة المسيح من الذنوب لم يتفرد بها عليه السلام، بل ثبتت فى حق غيره كيحيى عليه السلام: (وآتيناه الحكم صبيـًا. وحنانـًا من لدنا وزكاة) قال ابن كثير: الطهارة من الدنس والآثام والذنوب. (وكان تقيا) ذا طهر فلم يهم بذنب. ا.هـ. ونعمة الطهارة، ولو تفرد بها المسيح، مقدمة لا تنتج تجسد الله فى المسيح، بل تدل على فساد هذا القول؛ لأن المسيح احتاج وافتقر إلى ربه ليطهره ويمنعه من الذنوب، فمن كان هذا حاله فى الاحتياج والفقر لا يمكن أن يكون إلهًا بحال.

نرد عليك أنك أنت الذي لا تفهم لأننا طالما حاولنا إثارة فهمك دون جدوى إلى أنك تأخذ معجزات و صفات المسيح التي لم تجتمع في أحد إلا فيه ثم تستدل بها متفرقة في غيره. فالسر هو اجتماعها فيه و دلالة ذلك. و قد فسرنا لك سر ذلك و أنت متماد في تجاهلك للحقيقة. و لو تمليت في الردود لفهمت حقا.

قولك

مبدأ عدم دخول الجنة بالعمل وحده، ليس فيه عدم علم نبينا بمصيره الأخروى، فضلاً عن أن ينفى الشفاعة عنه عليه الصلاة والسلام. لأن النبى عليه الصلاة والسلام لم يخبر بأنه يجهل مصيره، لكنه أخبر بأن العمل وحده ليس كافيـًا ولو كان بمثل مقدار عمله، وإنما دخول الجنة برحمة الله ابتداءً. فالعمل الصالح ــ مهما كثر ــ لا يوجب على الله إدخال العبد الجنة، ولكن رحمة الله هى التى تدخل العبد الجنة. فلا علاقة من قريب أو بعيد بالدعوى الساقطة على جهل نبينا بمصيره الأخروى.

ونرد عليك بان قولك هذا يزيد في نفي يقين النجاة عند المسلم. و هو أمر مقبول عندكم بسبب غسيل المخ الممارس عليكم. و لكنه غير مقبول عند كل عاقل لأن الإله الحق هو الذي يمنح المرء يقينا.و الرحمة هي الخلاص الذي هو نعمة من عند الرب لأن كل أعمال بني البشر ليس لها قيمة عند إله السماء. من اجل ذلك دبّر الله بنعمته خلاصا لنا من عقوبة خطيتنا التي ورثناها من أبينا آدم. يقول الكتاب المقدس في الرسالة الى أهل أفسس الأصحاح 2: "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وهذا ليس منكم. انه هبة من الله لا على أساس الأعمال حتى لا يفتخر أحد‫."

قولك

على افتراض صحة فهم النصارى للحديث ــ وقد بينا بطلانه ــ ليس للمسيح أى تأليه. لأن الحديث يشمل المسيح كما يشمل غيره من البشر، فالمسيح أيضـًا لن يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته.

لقد شرحنا لك أن المسيح أكثر من نبي و ذلك ما يثبته القرآن قي ترابطاته مع التوراة و الإنجيل و التي يستقي منها دلالاته في هذا الباب. و قد ولد ليكمل خطة الخلاص التي دبرها الله لخلاص بني البشر قبل أن يخلق العالمين. وكانت مقاصد الله في حكمه وعلمه السابق، ثم كانت حسب الوعد الإلهي الذي سبق وخبرت به الأسفار المقدسة في العهد القديم من خلال الناموس والأنبياء. وظلت المقاصد الإلهية سراً مكتوماً، حتى أعلنها بواسطة الروح القدس عن طريق الرسل وأنبياء العهد الجديد. وهذه تعتبر الخطة الوحيدة لتبرير الإنسان، بالتركيز على يسوع الذي ظهر بر الله فيه.
الخلاص لا يأتي للبشر نتيجة لأعمال بر فيهم، بل بنعمة الله ورحمته. فقوة الله تدبر الوسائل لحياة التقوى لتمكين الناس من أن يصيروا شركاء في الطبيعة الإلهية. والبنوة الروحية، والقداسة، والشركة مع الآب السماوي كلها تتحقق عن طريق يسوع المسيح. لأن يسوع قد صار بر الإنسان حتى يكون المجد كله والتمجيد للرب وحده وليس للإنسان بنفسه. فالإنجيل هو قوة الله للخلاص، لأنه الأخبار السارة عما فعله المسيح حين دعا جميع الناس للبنوة عن طريق الإيمان به.
أصبح الفداء ممكناً بواسطة دم ابن الله المسفوك وقيامته من الموت. فعن طريق المسيح المقام، يستطيع المرء أن ينال النصرة على عدوه الروحي ويأمن غضب الله الوشيك الوقوع. ويؤكد الإنجيل للإنسان أن له حياة جديدة في علاقة جديدة مع السيد المهيمن على التاريخ البشري كله، ويأتي بالثقة في انتصار نهائي للحق. ويمنح الرجاء للفرد وللمجتمع.
إن ارتفاع يسوع في مجده، وجلوسه عن يمين الله وضعه فوق كل سلطان وقوة، وجعله رأساً للكنيسة التي وصفت بأنها ملء المسيح. ذاق المسيح الموت من أجل ذنوب البشر، وأقيم من أجل تبريرهم. وأصبح المسيح وسيطاً بين الله والإنسان، وعن طريقه يظل الله في غفرانه لخطايا أولاده الذين يعترفون بخطاياهم.
القيامة العامة واكتمال كل الأشياء سيتم عندما تأتي نهاية الموت وكل حكم، وسلطان، وقوة، والموت على كل الناس إذ يواجهون القضاء. ولكن المسيح سوف يأتي ثانية من أجل أولئك المؤمنين به. سيأتي من أجل الذين يعملون الصلاح بصبر وطول أناة، ساعين لمجد، وكرامة، وخلود، وضمان إلهي بحياة أبدية. أما الذين يرفضون وينشقون ويطيعون الباطل بدلاً من الحق، فسوف يحل عليهم غضب الله وانتقامه.
دبر الله عن طريق قيامة يسوع الرجاء للمسيحي لكي يكون في عدم فساد، وبلا دنس، ويحصل على ميراث لا يفنى. وبعد أن أصبح مستقيماً وتحرر من دينونة الخطية، يعيش المؤمن في سلام مع الله. ويصبح جميع المسيحيين أولاداً لله، وكأولاد لله، فهم ورثة لهم أن يتهللوا في رجاء المشاركة في المجد الإلهي. هنا يمتحن الإيمان بواسطة التجارب، لكن القديسين قد أعد لهم رجاء الحمد، والمجد، والكرامة لينالوها عند مجيء المسيح ثانية. وإلى أن يتم ذلك، فهم محفوظون في الإيمان بقوة الله.
يتركز عمل الله للفداء في يسوع الذي "ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رفع في المجد". فعقائد الإيمان الأساسية هي: (1) الله هو الخالق، (2) الله فدى البشر بواسطة ابنه يسوع المسيح، (3) تم وضع قانون جديد للحياة، و(4) المؤمنون يشاركون في الرجاء بحياة في ملك أبدي.
ذلك ملخص للخطة الإلهية التي تمنح كل مؤمن يقين الخلاص

باقي ردودك مست أشياء غير جوهرية كمسألة عسى التي تذكرني بما قاله الشاعر نزار قباني عن اهتمام العرب و المسلمين بسفاسف الأمور منصرفين عن جوهرها:

ماتت خيول بني أمية كلها
كمدا و ظل الصرف و الإعراب

مع ذلك قولك عن أن مسألة عسى تفيد التحقيق لأنها من الله واجبة و التي نقلتها من الروض الأنف في جزئه الثالث لا تعدو ان تكون محاولة في التأويل لا تفيد هي نفسها تحقيقا لأن الأصل و الغالب يبقى هو الترجي. و تأويل الروض الأنف لا يلزمنا لأننا لا نؤمن أن القرآن كلام الله ما دام لم يثبت من دليل على ذلك.

بشرى
مشاركات: 36
اشترك: سبتمبر 30th, 2003, 10:59 pm

نوفمبر 21st, 2005, 10:23 pm

أخي سيف .. أعتقد بأنك قد وفيت الموضوع حقه , ولا زيادة على مستزيد .
فالمسيح وحده من يحق له الشفاعة , لأنه وحده القدوس البار المعصوم ..الذي لم يُذكر له خطيئة .. الذي لم يستغفر ربه مرة , لا في الإنجيل ولا في القرآن .
فهو الشفيع الوحيد لأنه الوحيد الحي في السماء , بينما جميع الأنبياء ماتوا ودفنوا بانتظار يوم يبعثون ..

وقول السيد عبد الشكور ( الإسلام لا يرتب على طلب الأنبياء والصالحين للمغفرة نفى الشفاعة عنهم، وهذا وحده هو المعتبر فى موضوعنا. )

ينقضه أحاديث الشفاعة المنسوبة إلى محمد والتي يدعي فيها الشفاعة لنفسه .. إذ نجد بأن خطايا الأنبياء حالت دون شفاعتهم .. ففي يوم القيامة يأتي البشر إلى الأنبياء واحد فواحد من آدم إلى نوح إلى ابراهيم إلى موسى طالبين شفاعتهم .. فيرفض الجميع ذاكرين خطاياهم التي يستحي ربهم منها.. والمسيح أيضاً يرفض الشفاعة دون أن يذكر له أي خطيئة ..
أما محمد وبكل ثقة فيقول : " أنا لها " .. لأنه " أنا سيد الناس يوم القيامة " .. و " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة , ولا فخر ".. و " و ما من نبي إلا تحت لوائي , ولا فخر " ( راجع البخاري ومسلم والترمذي )
ما هذا التبجح والاستكبار؟؟

" يقاوم الله المستكبرين و اما المتواضعون فيعطيهم نعمة " (يعقوب 4 : 6)

المسيح الذي هو كلمة الله كان متواضعاً وديعاً " تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم (مت 11 : 29)

وبمناسبة الحديث عن الشفاعة والحجر الأسود !!
" اخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا هذا الحجر خيرا فإنه يأتي يوم القيامة شافع مشفع له لسان وشفتان يشهد لمن " ( الدر المنثور )

فهذا الصنم الأصم الأبكم سيكون الشافع المشفع لأمة محمد يوم الدين !!!! فعلاً مساكين ...

عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 22nd, 2005, 10:02 pm

ـــ اتهام المسلمين بالاهتمام بـسفاسف (كذا !) الأمور، بدليل مسألة (عسى)، فلو كان ذلك صحيحًا لكان الاتهام موجهـًا بالدرجة الأولى لمن استدل باللفظة على ما زعم من هراء. ويلزم المتهم أن يزدرى علماء النصرانية الذين يهتمون بالترجمات ويشغلون أنفسهم بتحقيق المخطوطات وترجيح التصويبات. وأما المسلمون ففخر لهم اهتمامهم بلغتهم وكتاب ربهم، والعيب والنقص فى الذين نسوا حظـًا مما ذكروا به.

ـــ الزعم بأن قولى عن (عسى) من الله واجبة قد (نقلتها من الروض الأنف في جزئه الثالث) هو رجم بالغيب لا يملك صاحبه عليه دليلاً. ثم هو دليل على تقصيره فى الاطلاع على أمهات كتب اللغة والتفسير. والواجب على المرء ألا يتكلم إلا فيما يعلم، وإلا سأل بأدب، كما قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم). وإلا كان داخلاً فى الذم كما فى قوله تعالى: (وإن كثيرًا ليضلون بأهوائهم بغير علم)، وقوله: (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم).



ـــ الزعم بأن المسلم (مطالب اليوم بالبرهان من خارج القرآن) حق، ولكن فى غير موضوعنا. وأما فى موضوعنا فليس على المسلم إقناع النصرانى بغير القرآن، لأن الموضوع يستشهد على المسلم من القرآن، وبذلك ارتضى النصرانى أرضية الإسلام، لا لأنه يؤمن به، ولكن ليحتج على المسلم به. فالحجة على المسلم تقوم بالقرآن وما والاه.

وأما من أراد مطالبة المسلم بالبرهان من خارج القرآن، فلو طالب بذلك فى موضوعنا فعليه بقراءة عنوان الموضوع أولاً، ثم قراءة الموضوع الأصلى ثانيـًا، إذ مطالبته تدل على عدم فهمه لا للعنوان ولا للموضوع الأصلى. ثم عليه ثالثاً أن يخرج من الموضوع إن كان خاوى البضاعة فيه، ولا يملك إلا النسخ واللصق والمواعظ الإنجيلية التى لا وزن لها فى هذا الموضوع، ثم يعقد موضوعًا منفصلاً، يطالب فيه المسلم بما شاء، ويعظه بما رغب. ولكن فى موضوع آخر منفصل.



ـــ قول النصارى (همنا هو استخدام القرآن كجسر من بين جسور أخرى نحاور من خلاله المسلم)، نقول: فشل همكم، ولم يوصل جسر القرآن إلا لتكفير عباد المسيح (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)، وهدم التثليث (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وتعبيد المسيح لا يتعدى قدره (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه)، (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله)، والمفارقة التامة بين ذات المسيح البشرية وبين رب العالمين ( تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب)، واحتياج المسيح وفقره إلى من يوجده من عدم (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه).



ـــ الزعم بأن شهادة القرآن (للمسيح لا تكتمل إلا بتذكير القارئ المسلم بالترابطات بينها و بين النصوص الصحيحة التي لا يطالها شك و هي نصوص التوراة و الزبور و الإنجيل) لا وزن له فى موضوعنا، لأن الجسر مقطوع بين القرآن وبين ما بأيدى عباد المسيح، فالترابطات المزعومة أوهام لا وجود لها، لأن هذا القرآن الذى يستشهدون به لا يعترف بما فى أيديهم أصلاً، وإنما يعترف بما احتوى على البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فتبين أن الترابطات الموهومة لم ولن توجد.

ومن ناحية أخرى، فشهادة القرآن نفسها تكفر عباد المسيح، بصرف النظر عن المصدر الذى استقوا منه عقيدتهم، وتوبخهم، وتحكم بمحاربتهم وذلهم وأخذ الجزية منهم عن يد وهم صاغرون، وكذلك فعل من أنزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم، وأمر صحابته بذلك ففعلوا رضى الله عنهم، وعلى ذلك عمل أهل الإسلام كافة. فثبت أن أمل عباد المسيح من شهادة القرآن كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.



ـــ الزعم بأن (المسيح أكثر من نبي وذلك ما يثبته القرآن) كذب صريح على القرآن.

والاعتماد على أن (ذلك ما يثبته القرآن في ترابطاته مع التوراة والإنجيل) هو كمن يقف على جرف هار فانهار به. لأن القرآن قطع هذه الترابطات الموهومة، وكفر من عبدوا المسيح وأمر بإذلالهم. فتمحك عباد المسيح به بعد ذلك ليس من العقل السليم فى شىء.

وكذلك الزعم بأن القرآن (يستقي منها دلالاته في هذا الباب) كذب صريح على القرآن. والزعم لا دليل عليه لا من القرآن ولا من السنة، بل صرح القرآن بأن التوراة والإنجيل هما اللذان يحتويان على البشارة بمحمد النبى الأمى صلى الله عليه وسلم.



ـــ الزعم بأن ألوهية المسيح تؤخذ من معجزات المسيح وصفاته، لكن وهى مجتمعة لا متفرقة، زعم باطل لم يقدم أصحابه دليلاً عليه لا من العقل ولا من النقل. وتكرار الزعم فى نفسه دليل على أن مطلقه لم يحاول قراءة الموضوع بتأن. قلنا سابقـًا:

وحتى لو ثبت الكل فى حق المسيح، وثبت تفرده عليه السلام بجميع ذلك، فليس ذلك دليلاً على أنه كان الله المتجسد.

أولاً: لغياب التلازم العقلى والنقلى بين تلك النعم وبين التجسد الإلهى المزعوم.

ثانيـًا: لأن ذكر كثرة النعم وزيادة الإنعام فى القرآن إنما هو بغرض إبطال ألوهيته المزعومة، والرد على عباده، فكلما كثرت النعم تأكدت العبودية، وثبت الاحتياج والفقر، وانتفت الألوهية. ولا يهم صواب ذلك ــ وهو صواب ــ لكن المهم أن هذا تقرير القرآن العظيم.

ثالثـًا: لأن كل نعمة فى نفسها تنفى عن المسيح الألوهية.

ثم بينا دلالة كل نعمة فى نفسها على نفى ألوهية المسيح التى زعمها عباده. فليقرأ من لم يقرأ.

ونزيد هنا فنقول:

أما بالنسبة للقرآن، فمطلق الزعم لم يقرأ الموضوع الذى جهد نفسه فيه بالنسخ واللصق. لأننا قد بينا من قبل أن القرآن لم يرتب أبدًا على اجتماع معجزات المسيح فيه إلا أنه (عبد) لو شاء الله لعذبه وأمه وما كان المسيح يستطيع دفع ذلك لا عن نفسه ولا عن أمه، وأن المسيح لا يملك ضرًا ولا نفعًا. بل القرآن يحتج بكثرة معجزات المسيح واجتماعها فيه على نفى ألوهيته الباطلة، لأن فى تعديد نعم الله على المسيح إظهار لفقره وضعفه، والإله ــ فى القرآن على الأقل ــ لا يكون فقيرًا ولا ضعيفـًا، كما فى آخر سورة المائدة، إذ عدد الله نعمه على المسيح مما آتاه من المعجزات، ويعقب بقوله (بإذنى)، زيادة فى المن على عبده الفقير.

وكذلك قد اجتمع فى القرآن لغير المسيح من النعم والمعجزات، ولم يرتب القرآن على ذلك ألوهية أحد منهم، لأن هذا المنطق هراء وسخف فى عرف القرآن. يكفى أن الله قد آتى سليمان ملكــًا حرم منه المسيح. وقد حكى القرآن عن آيات موسى الكثيرة ومنها تسع الآيات البينات إلى فرعون وقومه، فاجتمع فى موسى عليه السلام معجزات كثيرة، ونعم جليلة، على رأسها تكليم الله الذى لم يحصل للمسيح، ولم يرتب القرآن فى حق موسى أنه إله أو أقنوم أو أنه تعدى البشرية قدر أنملة.

وأما عن صحة الزعم بإطلاق ولو كان القرآن ينكره، فنعفى أنفسنا عن مناقشة ذلك، كما أعفى أصحابه أنفسهم من تبيين دليل واحد عليه من العقل أو النقل. لأن العبرة فى موضوعنا بحكم القرآن وحده، وقد حكم القرآن بأن اجتماع معجزات المسيح فيه وصفاته لا تزيده إلا عبودية لربه، ولا تدل إلا على بطلان قول عباده، ولا تنفى إلا ألوهيته المزعومة وبنوته الموهومة.

وقول القرآن هو الصحيح، لأن الشىء إذا لم يدل على لازمه منفردًا لا يدل عليه إذا اجتمع مع أقرانه. ومثال ذلك: أن العمى إذا لم يدل على الجمال منفردًا، فلن يدل على الجمال اجتماع العمى مع البرص والكمه والشلل. ومثاله أيضـًا: أن أكل الطعام إذا لم يدل على الألوهية منفردًا، فلن يدل على الألوهية اجتماع أكل الطعام مع التبرز والنوم والعطش والجوع.

فكذلك نعمة الله على المسيح بشفاء المرضى، لا تدل منفردة على ألوهيته (وهو لازم اعتذار عباد المسيح هنا) بل تنفى ألوهيته لثبوت فقره واحتياجه بها، والإله الحق لا يحتاج ولا يفتقر، فنعمة الله على المسيح بشفاء المرضى لا تدل على ألوهيته منفردة، وكذلك لن يدل على ألوهيته المزعومة اجتماع نعمة الله عليه بشفاء المرضى مع نعمة الله عليه بالنفخ فى الطير فيكون طيرًا ونعمة الله عليه بإحياء الموتى بإذن الله وأمره.

وقد بينا أن معجزات المسيح لا تدل إلا على نبوته ورسالته، لأنها لو دلت على ألوهيته لكان المسيح نبيًا بلا معجزات تصدق نبوته. واعتذار عباد المسيح عن ذلك بأنهم يشترطون اجتماع المعجزات لا ينفعهم. لأن دلالة كل معجزة منفردة على النبوة لن تتحول حين الاجتماع إلى الدلالة على الألوهية كما بينا.

ومن ناحية أخرى، فإن رسل الله غير المسيح لم يكن كل رسول منهم له معجزة واحدة، بل كان أكثرهم له معجزات عدة. وعباد المسيح لا يملكون بيانـًا للعدد اللازم من المعجزات الذى إذا اجتمع فى شخص حكمنا له بالألوهية، وإذا نقصت واحدًا حكما له بالألوهية. لا يملكون لأنه شىء لم يدلهم عليه العقل، ولم يدلهم عليه النقل، وإنما اخترعوه خروجًا من المأزق وما هم بخارجين.

عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 22nd, 2005, 11:45 pm

ـــ الزعم بأن (المسيح وحده من يحق له الشفاعة) لا وزن له فى موضوعنا إذا لم يقصد به نسبته للقرآن، لأن موضوعنا ارتضى شهادة القرآن على المسلم ولو لم يؤمن به. وأما إن قصد نسبة الزعم للقرآن فهو كذب صريح على القرآن، لأن القرآن لم يقل ذلك لا لفظـًا ولا معنى، ولا دليل على ذلك من حديث لا صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع !



ـــ قررنا سابقـًا أن الإسلام لا يرتب على طلب الأنبياء والصالحين للمغفرة نفى الشفاعة عنهم.

الزعم بأن ما قررناه (ينقضه أحاديث الشفاعة) زعم باطل. لأن صاحب الزعم يقر بأنه فى الأحاديث (المسيح أيضاً يرفض الشفاعة دون أن يذكر له أي خطيئة)، فلو كانت الشفاعة لمن لا ذنب له فلماذا أحجم المسيح ولم يتقدم ؟! .. وحسبك من بطلان زعم أن ينقضه دليله.

ولا ننسى التنبيه إلى إنكار القوم السابق للسنة وزعمهم الاقتصار على القرآن، ثم هم يأخذون من السنة ما وافق الهوى. وهذا كما أنهم أخذوا الآيات التى توهموا فيها مصلحة لهم، وتركوا (ومبشرًا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد) وأمثالها. فاعتبروا يا أولى الأبصار.

أما عن إحجام الأنبياء عن مقام الشفاعة وعلى رأسهم المسيح عليه السلام، فليس لمجرد صدور الذنب منهم، وإلا لكان المسيح قد تقدم وهو لم يذكر ذنبًا، ولكن السبب يعلمنا إياه المسيح نفسه عليه السلام، وكان أحد عمالقة التوحيد الذين علموا البشرية العبودية لربها بأستاذية فريدة. ولكن من يقرأ كلامه ويفهم؟

فى حديث الشفاعة: (... فيأتون عيسى، فيقول لهم: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).

فبين المسيح عليه السلام أحقية محمد عليه وعلى سائر الأنبياء عليهم السلام بمقام الشفاعة، وذكر السبب، وذلك أنه لو تقدم هو أو أى نبى آخر لطلب الشفاعة من رب العالمين، فلا يأمن أن يكون إقدامه مقبولاً عند ربه، لكن محمدًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو المغفور له غير مؤاخذ لو وقع منه الذنب. فهذا الذى يستحق مقام الشفاعة العظمى، وأما باقى الأنبياء فلم يعلم واحد منهم وكذلك المسيح لم يعلم أن مقام الشفاعة العظمى له، فلم يجرؤ على التقدم لما لم يعلم أنه أهل له. وأما شفاعتهم عليهم السلام فى باقى المواقف فهى ثابتة لهم، فضلاً من ربهم.



ـــ وأما قول القائل وتهجم الهاجم (ما هذا التبجح والاستكبار؟) فى حق نبينا عليه الصلاة والسلام، فنرجو قليلاً من الأدب أكثر من هذا.

وأما الاحتجاج على نبينا بـ (يقاوم الله المستكبرين) لأنه نسب لنفسه الشفاعة العظمى بأمر الله، فكيف بمن تجاوز مقام العبودية وادعى لنفسه الألوهية !

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 23rd, 2005, 7:58 pm

قولك

يلزم المتهم أن يزدرى علماء النصرانية الذين يهتمون بالترجمات ويشغلون أنفسهم بتحقيق المخطوطات وترجيح التصويبات.

نرد عليك بالقول أن هذا الأمر ليس مدعاة لأي ازدراء لأنه فعل العلماء الأجلاء الذين يحترمون أنفسهم و الذين لا يفتأون يقارنون و يحققون و يرجحون. و ليست هناك مخطوطة لم يمحصوها باستعمال أحدث الأساليب العلمية أحيانا و ذلك مصدر من مصادرنا عزتنا و قوتنا و منعتنا, إذ نحن لا نخاف على كتابنا المقدس. لا ننفي و لاننكل و لا نغتال و لا نهدد بالاغتيال أي مفكر شاء أن يتناول كتبنا بالنقد. و هذا يكفي فرقا بين الحق الذي نؤمن به و الباطل الذي يحتجز عقولكم رهائن.
قهل استطعتم أن تخضعوا مخطوطاتكم المقدسة للتمحيص. أعني القرآن بالدرجة الأولى. هل أنت على علم بالبلاوي التي اكتشفت في هذا الموضوع. ثم قبل ذلك و بعده هل لكم الشجاعة لمواجهة الأسئلة الجوهرية المطروحة على تلك النصوص. أظن أن واقع الحال يجيب بدلا عنك. لأنكم عوض أن تقارعوا الحجة بالحجة لجأتم دائما إلى التكفير ثم التقتيل او التهديد بالقتل إسكاتا لكل صوت مختلف يكشف سوءاتكم. و لائحة ضحاياكم إلى غاية هذه السنة طويلة جدا.

أما عن كلمة عسى وهل أخذتها من الروض الأنف أو غيره فأجيبك بأن ذلك غير مهم مادامت كتبكم الصفراء تكرر و تنسخ بعضها البعض, العبرة بأنك نقلتها من كتاب لغة أصفر و أن ما قيل عنها لا يعدو أن يكون تأويلا لا يرقى إلى مستوى الصواب المطلق. و أننا تبعا لمنظومة تفكيرنا لا نقبل بتأويلك و تأويل كتبك الصفراء لأن تلك الكتب ترهنك و لا ترهننا بسبب.

قولك

الزعم بأن المسلم (مطالب اليوم بالبرهان من خارج القرآن) حق، ولكن فى غير موضوعنا. وأما فى موضوعنا فليس على المسلم إقناع النصرانى بغير القرآن، لأن الموضوع يستشهد على المسلم من القرآن، وبذلك ارتضى النصرانى أرضية الإسلام، لا لأنه يؤمن به، ولكن ليحتج على المسلم به.

نرد عليك أننا نحن فعلا أقنعنا المسلم بالقرآن. إلا أن نفسك الأمارة بالسوء لم ترض بتقبل الحقيقة الواضحة و ضوح الشمس. و هي تفرد السيد المسيح في القرآن التي كانت منطلق النقاش فملأت المنتدى بهلوانيات مستعارة من كتب صفراء و ردود مكرورة من ابن الجوزي و غيره. إلا أنك لو كنت تملك درة لب لكفاك فقط لتقبل تفرده أمران اجتمعا فيه لا في غيره مع مغزى اجتماعهما فيه و هما الولادة العجيبة و الرفع العجيب. ولكن بصيرتك أعماها شيطان ذاتك. كما أن واجبنا أيضا كمؤمنين يحتم علينا كشف الجوانب اللاربانية في القرآن حتى نساعد المسلم على طرح الأسئلة الجوهرية و تفجير التناقضات التي حجبها عنه غسيل المخ الممنهج الذي مورس عليه طيلة قرون.
ثم إن الأمر ليس لعبة نلعبها معك أو مع غيرك. إن ما يهمنا هو الحقيقة و ليس التنابز بالأفكار الذي هو همك و هم أمثالك لأجل تعويم الحقيقة. نحن نعلم أن التحاور معك هو جزء من صراع جوهري تحدث عنه بولس الرسول حين قال "إن مصارعتنا ليست ضدّ اللحم والدم، بل ضدّ الرئاسات، ضدّ السلاطين، ضدّ ولاة عالم الظلمة هذا، ضدّ أرواح الشّر المنبعثة في الفضاء" (6: 12).

و بناء على ذلك فالمطالبة بالبرهان من خارج القرآن فتبقى مع ذلك جزءا لا يتجزأ من النقاش لأن مقتضيات النقاش تطلبته في مرحلة هامة من مراحله و لن ينفعك اللف و الدوران حول العودة إلى نقطة البداية لأننا تجاوزنا البداية بأشواط و لكل شوط مقتضياته. و نحن نظن أنك أنت الخاوي الوفاض ما دمت تنزاح عن جوهر النقاش إلى بهلوانيات لم تعد تبهر أحدا.

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 23rd, 2005, 7:59 pm

قولك

قول النصارى (همنا هو استخدام القرآن كجسر من بين جسور أخرى نحاور من خلاله المسلم)، نقول: فشل همكم، ولم يوصل جسر القرآن إلا لتكفير عباد المسيح (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)، وهدم التثليث (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وتعبيد المسيح لا يتعدى قدره (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه)، (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله)، والمفارقة التامة بين ذات المسيح البشرية وبين رب العالمين ( تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب)، واحتياج المسيح وفقره إلى من يوجده من عدم (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه

نرد عليك أن كل ذلك حجة على القرآن و ليس حجة له أولا بسبب تناقضه بخصوص شخص السيد المسيح ففيما يستقي مفهوم الكلمة من إنجيل يوحنا التي لم يستعملها يوحنا إلا للدلالة على أزلية و ربوبية المسيح نراه يناقض ذلك الزعم بسبب فهم محمد المغلوط لمسألة الثالوث المقدس و هو فهم مغلوط استقاه من المعتقدات الهرطقية التي كانت منتشرة في شبه الجزيرة. و نحن لا نتغيا إلا فتح عين المسلم على مثل هذه التناقضات الواضحة التي تدعمها الحجج و البراهين العلمية الموضوعية و التي لا سبيل لمدع متنطع على إنكارها.

ثم مزيدا في التوضيح انظر المبحث التالي

من يتأمل هذه الآيات في ضوء تفاسير علماء الإسلام يلاحظ أن هذه النصوص تحارب تعليماً يحمل معنى الإشراك بالله وتعدّد الآلهة وعبادة البشر. ولكن المسيحيّة لا تعلّم بالإشراك ولا بتعدّد الآلهة ولا بعبادة البشر ,بدليل قول المسيح
: لِلرَّبِّ إِلهكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ - متى 4 :10 - .
لعل من يقرأ المائدة 5 :116 يتصور أن المسيحيين يؤلهون مريم العذراء ,وهذا غير صحيح. والواقع أن السؤال الموجَّه إلى المسيح هنا ,نشأ من وجود أهل بدعة عند ظهور الإسلام. وهم أناس وثنيون حاولوا الالتصاق بالكنيسة ,فنادوا ببدعة مفادها أن مريم العذراء إلهة. ويقول المؤرّخون إنهم استعاضوا بها عن الزهرة التي كانوا يعبدونها قبلاً. وقد أطلقوا على أنفسهم اسم المريميين وأشار اليهم العلاّمة أحمد المقريزي في كتابه القول الإبريزي صفحة 26. وذكرهم ابن حَزْم في كتابه الملل والاهواء والنحل صفحة 48. ولكن هذه البدعة بعيدة كل البُعد عن المسيحيّة. وليس هناك مسيحي واحد يؤمن بها. وقد انبرى العلماء المسيحيون وقتها لمقاومة هذه الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية ,ولم ينته القرن السابع حتى كانت قد تلاشت.
وكذلك المسيحيّة لا تعلّم بأن المسيح إله من دون الله ,بل تؤمن بأن الآب والابن إله واحد ,بلا تعدّد ولا افتراق. وقد أكّد المسيح ذلك بقوله : أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ,,, أَنِّي فِي الْآبِ وَالْآبَ فِيَّ - يوحنا 10 :30 ,14 :11 - .
أما قول القرآن : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة والذي يستند عليه أعداء المسيحيّة ,فقد قيلت بطائفة المرقونيين الذين لفظتهم الكنيسة وحرمت أتباعهم ,لأنهم علَّموا بتثليث باطل ,ونادوا بثلاثة آلهة وهم :
- أ - عادل ,أنزل التوارة - ب - صالح ,نسخ التوراة - ج - شرير ,وهو إبليس
كما أن الإسلام في نصوصه هذه ,حارب طائفتي المانوية والديصانية اللتين تقولان بإلهين أحدهما للخير وهو جوهر النور ,والثاني للشر وهو جوهر الظلمة.
إذاً فالإسلام لم يحارب عقيدة الثالوث المسيحيّة الصحيحة ,كما يتوهم البعض. ولهذا لا أعتبر أن آيات القرآن المقاومة لتعدد الألهة كانت موجَّهة ضد المسيحيّة.
وحين نتتبع هذا الموضوع في الكتب الإسلامية ,نرى أن علماء المسلمين بحثوا في عقيدة الثالوث
وهذه هي تعليقاتهم على قول القرآن : ولا تقولوا ثلاثة - النساء 4 :171 - .
1تفسير الزمخشري : يقولون : هو جوهر واحد ,ثلاثة أقانيم .
إن صحت الحكاية عنهم أنهم يقولون : هو جوهر واحد ,ثلاثة أقانيم : أقنوم الآب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس ,وأنهم يريدون بأقنوم الآب الذات وبأقنوم الابن العلم وبأقنوم روح القدس الحياة فتقديره - الله ثلاثة - . وإلاَّ فتقديره - الآلهة ثلاثة - . والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة وأن المسيح ولدُ الله من مريم. ألا ترى إلى قوله : أأنت قلت للناس : اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ! وحكاية الله أوثق من حكاية غيره .
وقد علَّق كاتب مسيحي حكيم على تفسير الزمخشري بقوله : نعم ,إن حكاية الله أوثق من حكاية غيره. لكن القرآن حكى في تلك الآية لتفسير الثلاثة مقالة بعض النصارى من جهال العرب في تثليثهم الكافر الذي كفَّرته المسيحيّة قبل القرآن. فجاء الزمخشري وجعل من ذلك التثليث المنحرف تثليث المسيحيّة ظلماً وعدواناً ,مع أنه ينقل التثليث المسيحي الصحيح بتعبيره الصريح : الله ثلاثة : جوهر واحد ,ثلاثة أقانيم . ولماذا يشك في صحة قولهم الذي يورده عنهم ,وينسب اليهم قولاً كافراً هم منه براء؟ انه يفتري على القرآن وعلى المسيحية إذ يقول : وحكاية الله أوثق من حكاية غيره .
2تفسير البيضاوي : الله ثلاثة أقانيم : الآب والابن وروح القدس .
ولا تقولوا : ثلاثة! أي الآلهة ثلاثة : الله والمسيح وأمه. ويشهد عليه قوله : أأنت قلت للناس : اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟أو الله ثلاثة إن صحَّ انهم يقولون : الله ثلاثة أقانيم ,الآب والابن وروح القدس ,ويريدون بالآب الذات وبالابن العلم وبروح القدس الحياة .
والمسيحيون يسألون البيضاوي وأمثاله : لماذا هذا الشك من مقالتهم التي بها يجهرون؟ ولماذا الافتراء عليهم بنسبة مقالة كافرة من بعض جهال الجاهلية ,الى المسيحيّة جمعاء ,وهي منها براء؟
فالبيضاوي ينقل أيضاً صيغة التثليث الصحيح ولا يكفِّرها ,بل يكذب عليها مثل غيره ,اعتماداً على ظاهر القرآن في ما لا يعني المسيحيّة بشيء.
3تفسير الرازي : صفات ثلاث فهذا لا يمكن انكاره .
الرازي مفسّر متكلّم. وهو يتعرّض لصيغة التثليث المسيحي ويطبق عليها تكفير القرآن للثلاثة ,لتفسيره الخاطيء :
قوله - ثلاثة - خبر مبتدأ محذوف. ثم اختلفوا في تعيين ذلك المبتدأ على وجوه :
الأول : ما ذكرناه ,أي ولا تقولوا الأقانيم ثلاثة. المعنى لا تقولوا : إن الله سبحانه هو واحد بالجوهر ,ثلاثة بالأقانيم. واعلم أن مذهب النصارى مجهول جداً ,والذي يتحصل منه أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث. إلاَّ أنهم سمُّوها صفات ,وهي في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها. فلهذا المعنى قال : ولا تقولوا : ثلاثة. انتهوا . فأما إن حملنا الثلاثة على أنهم يُثبتون صفات ثلاث فهذا لا يمكن إنكاره. وكيف لا نقول ذلك ,ونحن نقول : هو الله الملك القدوس السلام العالِم الحي القادر المريد . ونفهم من كل واحد من هذه الألفاظ غير ما نفهمه من اللفظ الآخر. ولا معنى لتعدد الصفات إلاَّ ذلك. فلو كان القول بتعدّد الصفات كفر ,لزم ردّ جميع القرآن ,ولزوم ردّ العقل ,من حيث نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالى عالماً ,غير المفهوم من كونه حياً.
الثاني : آلهتنا ثلاثة ,كما قال الزجّاج مستشهداً بآية المائدة - 5 :116 - .
الثالث : قال الفرّاء : هم ثلاثة كقوله : سيقولون : ثلاثة . وذلك لأن ذكر عيسى ومريم مع الله بهذه العبارة يوهم كونهما إلهين .
ويعلق الكاتب المسيحي الحكيم ,الذي اقتبسنا منه بقوله : ونحن لا يعنينا التفسير اللغوي للمبتدأ المحذوف. إنما يهمنا تفسير الرازي لمقالة المسيحيين في التثليث. فهو يرد الأقانيم الثلاثة لأنها في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها .
وهذا هو غلطه في فهم العقيدة المسيحيّة. فليست الأقانيم الثلاثة في الله ذوات قائمة بأنفسها ,انما ذوات قائمة في
جوهر الله الفرد .
والتثليث المسيحي هو كما وصفه الرازي : أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث .
والمسيحيون يسمون هذه الصفات الإلهية الثلاث : الأبوة والبنوّة والروحانية في الله أقانيم لتمييزها عن سائر صفات الله. فتلك الأقانيم الثلاثة هي صلات ذاتية كيانية لا محض صفاتية وهي قائمة في الجوهر الإلهي الفرد. لذلك نردّ على الرازي قوله : فأما إن حملنا الثلاثة ويجب أن نحملها على أنهم يثبتون صفات ثلاث ,فهذا لا يمكن إنكاره... فلو كان القول بتعدد الصفات كفر ,لزم رد جميع القرآن ,ولزم رد العقل .
فالمسيحيون يثبتون في الله ذاتاً موصوفة بصلات ذاتية كيانية ثلاث ,يسمّونها الآب والكلمة والروح.
هذا هو التثليث المسيحي الصحيح الذي لمحه الرازي وابتعد عنه لعقدة في نفسه.
وهذا ما يثبته المسيحيون من صلات ذاتية ,أو صفات كيانية ,في الله. فمن أنكرها لزمه ردّ القرآن ,ولزمه رد العقل ,لأن هذا التثليث الصحيح من صميم التوحيد.
4تفسير الغزالي : وهو ينصف المسيحيّة في عقيدتها التثليثية. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي في كتابه الرد الجميل ص 43 ,يحلّل التثليث المسيحي : يعتقدون أن ذات الباري واحدة. ولها اعتبارات :
1فإن اعتُبرت مقيَّدة بصفة لا يتوقف وجودها على تقدم وجود صفة قبلها كالوجود ,فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت موصوفة بصفة يتوقفوجودها على تقدم وجود صفة قبلها ,كالعلم فإن الذات يتوقف اتّصافها بالعِلم على اتّصافها بالوجود فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الابن أو الكلمة. وان اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم روح القدس.
فيقوم اذن من الآب معنى الوجود ,ومن الكلمة أو الابن معنى العلم ,ومن روح القدس كون ذات الباري معقولة له. هذا حاصل هذا الاصطلاح فتكون ذات الإله واحدة في الموضوع ,موصوفة بكل أقنوم من هذه الأقانيم.
2ومنهم من يقول : ان الذات ,إن اعتُبرت من حيث هي ذات ,لا باعتبار صفة البتة ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن العقل المجرد ,وهو المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت من حيث هي عاقلة لذاتها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى العاقل ,وهو المسمى بأقنوم الابن أو الكلمة. وإن اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى المعقول ,وهو المسمى بأقنوم روح القدس.
فعلى هذا الاصطلاح يكون العقل عبارة عن ذات الله فقط ,والآب مرادفاً له ,والعاقل عبارة عن ذاته بقيد كونها عاقلة لذاتها ,والابن أو الكلمة مرادف له ,والمعقول عن الإله عبارة عن الإله الذي ذاته معقولة له ,وروح القدس مرادف له.
هذا اعتقادهم في الأقانيم : وإذا صحَّت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين .
ويعلّق الكاتب الحكيم على أقوال الغزالي فيقول :
فالغزالي يشهد للمسيحيين بالتوحيد. ويشهد لهم بصحة اصطلاحهم في تفسير التثليث في التوحيد ,بناءً على الاعتبارين اللذين ساقهما عنهم : الأول على اعتبار الأقانيم في الله صفات ذاتية ,في الذات الإلهية الواحدة ,والثاني على اعتبار الأقانيم في الله أفعالاً ذاتية في الذات الإلهية الواحدة.
والقول الصحيح الذي يجمع الأفعال الذاتية والصفات الذاتية ,في الله الواحد الأحد ,
كونها صلات كيانية بين الله الآب وكلمته وروحه ,في الجوهر الإلهي الفرد .
وقد أنصف الغزالي التثليث المسيحي في هذا الحكم : إذا صحت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين . والمعاني قد صحَّت ,بحسب التنزيل الإنجيلي ,والكلام المسيحي الذي يفصّله.
مطابقة الأشعرية للمسيحيّة
الأشعرية هي مذهب أهل السنّة والجماعة في الإسلام. ومقالتها في مشكل الذات والصفات في الله ,هي أصحّ تعبير لحقيقة الأقانيم الثلاثة في الله.
كانت الصفاتية تقول : صفات الله هي غير ذاته ,مما يقود إلى القول بقديمين. فجاءت المعتزلة تقول : صفات الله هي عين ذاته مما يقود إلى التعطيل في الله. وقامت الأشعرية تقول بمنزلة بين المنزلتين : الصفات في الله ليست هي عين الذات ,ولا هي غيرها ,إنما هي في منزلة بين المنزلتين . وكيف يكون ذلك؟ هذا سر الله في ذاته. وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً - الإسراء 17 :85 - .
والتعبير الأشعري ,وهو قول الإسلام في الذات والصفات ,أصحّ تعبير للتثليث المسيحي : إن الأقانيم الثلاثة في الله الواحد الأحد صفات ذاتية ,بل صلات كيانية ليست هي عين الذات ولا هي غيرها ,انما هي في منزلة بين المنزلتين .
وإذا قيل : كيف يكون ذلك؟ أُجيب بما قاله الإمام مالك في الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى - طه 20 :5 - . قال : الاستواء غير مجهول ,والكيف غير معقول ,والسؤال عنه بدعة .
فإذا كان السؤال عن تعبير قرآني مجازي بدعة ,فكم بالحري السؤال عن صلات الله الأقنومية في ذاته؟ لذلك يكفر من يحوّل الكلام في الذات والأقانيم إلى عملية حسابية ,فيقول : كيف يكون الواحد ثلاثة؟ كلا ليس الواحد ثلاثة ,على اعتبار واحد ,وعلى صعيد واحد ,انما الله واحد في ذاته مثلث في صفاته ,أو صلاته الذاتية أي أقانيمه الثلاثة. وليس في هذا ما يتعارض مع النقل الكريم ,ولا مع العقل السليم.
هذا هو التثليث الصحيح ,في التوحيد الخالص.
وهذا التثليث الإنجيلي في التوحيد الكتابي ليس بالتثليث المنحرف الكافر الذي يكفّره القرآن بمقالته في الثلاثة ,وصيغها الأربعة ,وقد كفرتها المسيحيّة من قبله.
لذلك فتكفير التثليث المسيحي باسم التوحيد القرآني ,هو افتراء على التوحيد وعلى القرآن ,وجهل بالإنجيل والعقيدة المسيحيّنة.
ان التثليث المسيحي في التوحيد الخالص هو تفسير مُنزَل لحياة الحي القيوم في ذاته الصمدانية ,فلا خلاف على الاطلاق بين التوحيد القرآني والتثليث الإنجيلي ,في التوحيد الكتابي المتواتر في التوراة والإنجيل والقرآن.

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 23rd, 2005, 8:02 pm

الجزء الثالث و الأخير من الرد

قولك

الزعم بأن شهادة القرآن (للمسيح لا تكتمل إلا بتذكير القارئ المسلم بالترابطات بينها و بين النصوص الصحيحة التي لا يطالها شك و هي نصوص التوراة و الزبور و الإنجيل) لا وزن له فى موضوعنا، لأن الجسر مقطوع بين القرآن وبين ما بأيدى عباد المسيح، فالترابطات المزعومة أوهام لا وجود لها، لأن هذا القرآن الذى يستشهدون به لا يعترف بما فى أيديهم أصلاً، وإنما يعترف بما احتوى على البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فتبين أن الترابطات الموهومة لم ولن توجد.

نرد عليك بتكرار دعوتنا لك في التفضل بإرشادنا إلى هذا الذي احتوى البشارة بالنبي المزعوم لأننا بالفعل جادون في محاولة الاقتناع إذا تبث وجود هذا الكتاب أو تاريخ اختفائه أو تحريفه او كيفية ذلك. و لك عهد مني أمام قراء هذا المنتدى أن أتخلى جهرة عن قناعاتي. فقط دلني على هذا الكتاب.

قولك

ومن ناحية أخرى، فشهادة القرآن نفسها تكفر عباد المسيح، بصرف النظر عن المصدر الذى استقوا منه عقيدتهم، وتوبخهم، وتحكم بمحاربتهم وذلهم وأخذ الجزية منهم عن يد وهم صاغرون، وكذلك فعل من أنزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم، وأمر صحابته بذلك ففعلوا رضى الله عنهم، وعلى ذلك عمل أهل الإسلام كافة. فثبت أن أمل عباد المسيح من شهادة القرآن كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.

نرد عليك بان هذا القول يميط أخيرا اللثام عن وجهكم الشرير يا عباد الحجر باسم التوحيد المزعوم. أليس عارا عليك أن تذكر الحرب و الإذلال و أخذ الجزية و الصغار و الاستعباد في عصر كعصرنا و مقام كمقامنا الذي هو مقام نقاش. ألم تخجل بالله و أنت تكتب هذه الكلمات الحقيرة و الساقطة. لقد كشفت عن تخلفك و تخلف معتقداتك و جميع من يدين بملتك. أما و الله إنكم أنتم الصاغرون و الأذلاء. و يكفي عقابا لكم ما يحل اليوم بكم من صغار في كل مكان حتى يأذن الله بنهايتكم الوشيكة إن شاء الله.

باقي ردودك تكرار عقيم لما سبق فلا نحتاج إلى تفصيل في الرد عليه لأن ردودنا السابقة تحتوى تفنيد كل ذلك.

عبد الشكور
مشاركات: 80
اشترك: أكتوبر 5th, 2005, 5:28 pm

نوفمبر 24th, 2005, 12:36 am

ـــ الزعم بأن المطالبة بالبرهان من خارج القرآن تبقى جزءا لا يتجزأ من النقاش، زعم باطل، لأن موضوعنا الذى عقده النصارى يريدون به إثبات ألوهية المسيح من القرآن، فمطالبة المسلمين بالبرهان على صحة القرآن فى نفس الموضوع ضرب من العبث وعدم الفهم. ولا يجب على المسلم فى هذا الموضوع إلا قطع أمل عباد المسيح من التمحك بالقرآن فى تأليه المسيح.



ـــ الزعم بأن للقرآن (تناقضه بخصوص شخص السيد المسيح) زعم باطل لا يملك مطلقه دليلاً واحدًا عليه.

ومنشأ الخلط من توهم تأليه القرآن للمسيح بسبب نسبة بعض المعجزات إليه، والوهم منقوض، لأن القرآن نسب لغير المسيح كثيرًا من المعجزات، كملك سليمان الذى لم يؤته المسيح ولا غيره، وكالقرآن العظيم الذى أنزل على محمد والذى هو أهدى من الإنجيل، وكتكليم الله الذى لم يؤته المسيح، وغير ذلك من المعجزات الكثيرة، ولم يرتب القرآن أبدًا تأليه الكليم ولا سليمان ولا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك القرآن عندما نسب بعض المعجزات للمسيح لم يرتب على ذلك ألوهيته، ولكنه وهم نشأ فى عقل من يريد لى عنق القرآن ليوافق هواه. بل إن القرآن ينفى عن المسيح الألوهية التى توهمها عباده بذكر معجزاته، لأنها لم تكن إلا بإذن الله له، وبإنعامه عليه، والإله الحق لا يحتاج لمن ينعم عليه، ولا يفتقر لمن يسمح له أو يأذن.

ومنشأ الخلط كذلك من وصف القرآن للمسيح بأنه روح الله وكلمته، مع أن القرآن لم يرتب على ذلك تأليه المسيح، بل يذكر القرآن الصفتين لينفى عن المسيح ألوهيته التى زعمها عباده، لأن الذى يحتاج إلى الله كى ينفخ فيه الروح بواسطة أم بدون واسطة هو عبد محتاج، والذى يفتقر إلى الله كى يخلقه بكلمته هو عبد فقير، والعبد المحتاج الفقير لا يصلح أن يكون إلهًا بحال، إلا أن يكون إلهًا باطلاً، لا يملك ضرًا ولا نفعًا، على حد تعبير القرآن.

فثبت بذلك عدم تناقض القرآن، وإنما يتوهم التناقض من يفهم مراد القرآن على هواه. ولا يلزم القرآن شىء من ذلك، وإنه لكتاب عزيز.



ـــ الزعم بأن القرآن (يستقي مفهوم الكلمة من إنجيل يوحنا) كذب صريح على القرآن. ولا يعدو مجرد وهم فى عقل صاحبه لا يلزم القرآن فى قليل ولا كثير. وكيف يكون هذا الاستقاء المزعوم والقرآن لا يعترف أصلاً بإنجيل يوحنا ولا غير يوحنا، ومعلوم عند المسلمين وغيرهم أن القرآن لا يعترف إلا بالإنجيل الذى أنزله الله على عيسى عليه السلام، والذى يتضمن البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم.



ـــ بالنسبة للمبحث الطويل المنسوخ والملصق، فلا وزن له فى موضوعنا. لأن المبحث يحاول إثبات توحيد النصارى، ولا وزن لذلك فى موضوعنا، لأن العبرة وحدها بحكم القرآن لا غيره، ولمن شاء إثبات توحيد النصارى فى موضوع منفصل.

وكذلك يحاول المبحث صرف تكفير القرآن عن كل النصارى إلى بعض أهل البدع منهم، والمحاولة فاشلة؛ لأن القرآن قالها صريحة عن المسيح: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه)، وقال ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم)، وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)، وقال: (ما المسيح بن مريم إلا رسول). وغير ذلك من الآيات التى بين بها القرآن أن المسيح لا يزيد على كونه عبدًا رسولاً، ووبخ بها القرآن كل من رفع شأنه فوق ذلك قيد أنملة.

فتبين بذلك أن جهد (الكاتب الحكيم) محاولة فاشلة للهرب من حكم القرآن. ولو كنا فى غير ذلك الموضوع، لبينا ما فى المبحث من جهالات ومضحكات. لكننا ألزمنا أنفسنا منذ البداية بعدم الالتفات إلى أى محاولة لتشتيت الموضوع.



ـــ مطالبة المسلمين (بإرشادنا إلى هذا الذي احتوى البشارة بالنبي المزعوم) لا وزن لها فى موضوعنا، لأن المسلمين لم يعقدوا الموضوع لإثبات البشارة بنبيهم فى الكتب السابقة، وإنما ظن ذلك من فاته قراءة عنوان الموضوع ومشاركاته الأولى، وإنما الموضوع نصرانى، ويهدف إلى الاحتجاج على المسلم من القرآن. فلمن شاء عقد موضوع منفصل لمطالبة المسلمين بما يشاء. أما من أراد الكتابة فى موضوعنا، فسيقبل مرغمًا شاء أم أبى خبر القرآن عن هذه البشارة، وله أن يرفض ذلك فى موضوع منفصل، لكن فى موضوعنا هو مرغم على عدم إنكار ذلك وإن كان لا يؤمن بالقرآن، وإلا كان يستشهد من قرآن لا يعرفه المسلمون.



ـــ أما الكلام عن (اللثام) و(وجهكم الشرير) و(عارا عليك أن تذكر الحرب و الإذلال و أخذ الجزية)، فكل ذلك لا وزن له، لأن الذى ذكر الحرب والإذلال والجزية هو القرآن الذى رضى عباد المسيح الاستشهاد به على المسلم فى هذا الموضوع، وكل ما فعلناه هو ذكر ما يقوله القرآن فيهم، لنقطع أملهم فى التمحك به.

وتبقى شهادة القرآن نفسها تكفر عباد المسيح وتوبخهم، وتحكم بمحاربتهم وذلهم وأخذ الجزية منهم عن يد وهم صاغرون، وكذلك فعل من أنزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم، وأمر صحابته بذلك ففعلوا رضى الله عنهم، وعلى ذلك عمل أهل الإسلام كافة. فثبت أن أمل عباد المسيح من شهادة القرآن كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

نوفمبر 24th, 2005, 1:20 am

الأخ عبد الشكور

لأن ردودك لا تعدو أن تكون دفوعات فارغة لا تخدم تقدم النقاش. بل تلف و تدور حول نقط تم الحسم فيها.

و لأنك لم ترفع تحديا واحدا من التحديات التي واجهناك بها

و لأنك فوق ذلك كله ظهرت بالوجه البشع و الشوفيني العاري الذي لا زال يؤمن بالجزية في القرن 21

نعلن تعففنا عن مواصلة النقاش مع شخص مثلك


مع دعواتي لك

سيف

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر