أم قتلت ابنها بمشاركة ابنتها ودفنوه في البيت

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

فبراير 18th, 2006, 7:54 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

وليس عجباً ان يشدد النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم كلُ مخدر ومُـفتر .. وكلُ مسكر .. وما أسكر كثيره فقليله حرام والذي يخامر العقل أياً كان ويغتاله فهو حرام .. والرسول صلى الله عليه وسلم حذر أشد التحذير من تعاطي هذه الخبائث من المخدرات .. ومن المحرمات ..


واليكم بعض القصص من كتاب وجيه ابو ذكرى ...

" بعنوان شباب في دائرة الموت : المدمنون يعترفون " المجموعة الاولى .


أمٌ في قفص الاتهام مع ابنتها .. والتهمة الموجه ! " قتلت ابنها بمشاركة ابنتها " ..


يقول لها القاضي: القانون الاعدام .. جريمة قتل .. مع سبق الاصرار والترصد .. تكلمي قتلتي ابنك ؟ لا تتكلم .. .. يوجه القاضي الكلام الى الاخت : قتلتي اخاك ؟ لا تتكلم .. .. يحاول القاضي .. لا تتكلم ..


ينظرُ إليها القاضي فيراها امرأة وقور ، الحجاب على رأسها .. ووجها الشاحب الحزين عليه قهر .. قهرُ هذه الايام .. وكبت هذه الاحزان .. ودموعها تنحدر .. لكنها لا تتكلم .. .. !!!

وفي حجرة المداولة ، رفض القاضي رئيس المحكمة ان يصدر حكماً مهما كانت عقوبته دون ان يسمع هذه الام .. .. قال القاضي لمعاونيه:

إنني اشعر ان هذه المرأة على حدٍ كبير فاضلة .. وان هناك أسباباً قد دفعتها إلى ارتكاب هذه الجريمة .. اذا كانت قد ارتكبت فعلاً جريمة .


وفتح القاضي الملف من جديد .. واخذ يقرأ ... واذا الذي بلغ عن الجريمة طفلة صغيرة ابنت بنتها المتهمة ( حفديتها ) .. قال الخيط عند الطفلة !.


أمر باحضارها في غرفةٍ جانبيةٍ .. وأحضر لها الحلاوه .. وأحضر لها بعض الالعاب .. وبدأ يمازحها حتى اطمأنت له ، .. استدرجها في الحديث .. أتحبين خالك المقتول ؟

قالت لا ... لماذا ؟

لانه يضرب جدتي ويضرب امي .. لماذا يضرب جدتك ويضرب امك ؟ لانه يريد المال .. لماذا يريد المال ؟

لا ادري ! لكن جدتي تقول له انك مؤمن وايمانك سينهيك ويقتلك .. فقال القاضي : لا يا ابنتي الايمان لا يقتل صاحبه ولا ينهيه .. لعل جدتك تقول " انك مدمن وادمانك سيقتلك " قالت نعم .. مدمن .. مدمن .. هذه الكلمة التي كانت جدتي تقولها له .


وبدأت الطفلة تروي ليلة الجريمة .. بكلمات بسيطة ورعب شديد ..

وهنا امسك القاضي الخيط !. وأخذ يبحث في القضية .. وواجه الام .. قال لا داعي للصمت ، علمنا ان ابنك مدمن .. ما حكايته ؟

قالت: مات ابوه وتركه واخته عندي .. ثم بعد ذلك تعبت في تربيتهما وبذلتُ كل ما املك .. تزوجت البنت .. وبقيَّ الولد .. فشل في دراسته والسبب انه بدأ يشرب الدخان ..

يا اولياء الأمور .. والدٌ يستدعيه الناظر بعد عثور السجائر في جيب الولد .. يقول له : أيها الوالد عثرنا في جيب ابنك على السجائر .. يشربها في المدرسة !. فالتفت الوالد الغبيُّ .. وقال: ألم أقُل لك لا تشرب في المدرسة .. اشرب في كل مكان الا في المدرسة .. انظروا الى اي درجة .! الذين يتعاطون المخدرات الخطوات الاولى في شرب السيجارات ... لان الطفلَّ لا عقل له .. سيجرُ من خلال التدخين الى المخدرات .. سيأتيه من يقول لهُ جرب .. وسيجرب لانه يدخن ..

يعود القاضي .. لا داعي للصمت ، الطفلةُ اعترفت .. الابن مدمن .. قالت: نعم
، دخلتُ عليه في غرفتهِ يومٌٍ واذا به يعطي نفسه حقنة الهيروين .. فصفعتهُ وضربتهُ ، ففرّ .. ثم عاد بعد ذلك ينهبني ويسلب كل ما لدي .. حتى تركني على الحديدة .. ثم دخل علي يوما مزق ثيابي يريد ان يهتك عرضه امه ...

تقول وكنتُ لا استطيع دفعه فأنا امرأة .. ففررتُ من بين يديّه .. وخرجت في ظلام الليلِ شبه عاريه ... أجري الى بيت ابنتي .. وضربت الباب .. فذهلت !

لمّا رأت ثيابي ممزقة ... مالك يا اماه ؟ قالت: اخوك هجم عليّ ليهتك عرضي ..

فسكنت في بيت ابنتها شهرا تترصد أخبار المدمن في بيته .. لعلهُ يموت .. لعلهُ يحترق .. لعله ينتحر .. فترتاح .. وبعد مرور الشهر قامت المسكينة وبُـنيتها وحفيدتها لتسمع اخباره ... ودخلت البيت فاذا هو وكر مخيف السجائر والزجاجات والغبار والقذر والنفايات والعفن .. وقد باع معظم الاثاث وليس هو في البيت .. فدخلت المسكينه ترتب الاثاث .. وترتب البيت ومن التعب باتت تلك الليه في البيت .. وجاء الوحش آخر الليل .. فتح الباب ودخل .. واذا به يرى أمه وأخته وابنت أخته ، فاستفاقت الامُ والاختُ عليه وهو يراود الصغيرة .. يجرها الى غرفته ليهتك عرضها ..

فجرت الام الى المطبخ وأحضرت سكينا .. ولا تدري كم طعنة طعنته .. حتى خرَّ يتلبط بدمائه .. ثم افاقت الام من ذهولها .. فاذا هو جثه هامدة .. فماذا تفعل ؟ انتظرت لحظة .. ثم خافت من الامن ومن الفضيحة .. فحفرت له في البيت ودفنته .. وبعد أيام تكلمت الطفلة مع الاطفال في الشارع .. فعلم الناس ، فبلغوا عنها .. فجاءت الشرطة فحفروا في البيت واخرجوا الجثه ..

اتهموها بالقتل .. واذا بها تنطق أمام المحكمة لأول مرة .. تقول : انا القاتلة وانا القتيله .. انا الجروح وانا السكينه ... انا التي سكتُ عليه يوم شرب اول سيجارة ... هذه هي نهاية المخدرات ... والسكوت على المخدرات .. يا حضرة القاضي أن كان هناك حكمٌ بالاعدام ، فعلى تاجر المخدرات وزارع المخدرات ومروج المخدرات .. همُ القلته .. هم شركاء الجريمه ..

هذه هي المآسي التي تفتك بهولاء الشباب ... كان بامكان هذا الشاب ان يكون نافعاً لإمّتهِ .. وان يكون خادماً لبلده .. عابداً لربه .. لكن المخدرات أردته واسرته وقضت عليهم ... هذا هو الجيش الخفي الذي يغزوا أمتنا ويدمر ديننا وأوطاننا .. فحاربوه .. .. حاربوه .. وحاربوا من يبيعه ويروجه .. فإلى الله نشكوا فحسبنا الله ونعم الوكيل ...

وبعد المداولة .. دخل رئيس المحكمة ووقف الحاضرون . وجلست هيئة المحكمة .. وبدأ القاضي في النطق بالحكم .. وساد صمت رهيب في القاعة . وبدا يتلو حيثيات الحكم .. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهمة وابنتها ...



قصةٌ اخرى ..

شابٌ في مقتبل العمر يُكوّن أسرته ... من اسرةٍ كريمة .. زوجته ذات دين .. رزقه الله بنتاً وولدا .. يعملُ في شركة الطيران .. وسافر مرة كعادة الموظفين ، فنزل في احدى الدول والتقى بفتاة .. اعطته مسحوقا أبيض ، وقالت له : شمه مرةً واحدة يجعلك تطير كالفراشة ..

ولم يعلم المسكين ما حقيقة هذا المسحوق الذي سيسحق دينهُ وأسرته وايمانه وحياته ومستقبله ...

وشمهُ .. يقولُ المدمن لا أدري أكنتُ فراشةً او حماراً .. إلا انه سقط طريح الفراش في نومٍ عميق .. أيام مستمرة .. ثم افاق واذا موعد الطائرة على الاقلاع ، فهب يجري وما أن وصل الا وارتمى على مقعدها لا يدري من حوله ..

فجاءه قائد الطائرة ينظر اليه .. قال مالك ؟ مالذي حدث ؟ قال نعسان .. اريد ان أنام .. فتفحص فيه .. قال انت مدمن ! وعلامة الادمان من الهيروين تأتي من الجرعة الاولى .. والشمة الاولى .. الخطأ الذي لا يتكرر .. ولما ان وصل ومعه المسحوق الذي اخذه من الفتاة .. لو أنه رماه من الشباك لنجى .. لكنه أحس ان اعصاراً والآم في مفاصله وكبتاً .. وحزناً .. وهماً .. وضيقاً .. يقول له انتحر .. اقتل نفسك .. ..


ففتح الصرة ثم أخذ من هذا المسحوق فسكن .. ثم جاءت دواعيه للمرة الثالثة .. انتهى المسحوق فطار من بلده يبحث عن تلك الفتاة كالمجون .. لكنه لم يجدها فعاد إلى بلده وأخذ يتحسس عن أوكار المخدرات ... فوصل واشترى منهم .. وما أن وصل الى البيت الا وأخوه الضابط وأخوه الطبيب وزوجته بانتظاره ... حيثُ ان رجال الأمن التقطوا رقم سيارته وهو يأخذ الهيروين من تاجر المخدرات .. قالوا وحيك هذا رقم سيارتك .. هل أعطيته أحد ؟ قال : لا . فتشوا جيوبه واذا المخدرات في جيبه ..

ظل يتعاطاها حتى نفذت أموالهُ .. وفرت زوجته الى بيت أبيها أخذت اطفالها لتنقذهم ... تبرأت منه أسرته .. وطُرد من شركة الطيران .. وظل في الشوارع .. شاحب الوجه .. حافي القدمين .. مُلوث البدن .. لا يعرف الذكر ولا الصلاة .. يمدُ يديّه عند اشارات المرور ، يتسول الناس فيجمع الدراهم ليشتري المخدرات .. وعرفهُ بعض الموظفين في شركة الطيران .. وقالوا : هذا أنت ؟!
قال نعم . اني أتسول لأشتري المخدرات .. أذهب الى حارس العمارة .. وكم تصدقتُ عليه ، والآن أساله فلساً واحداً لا يعطيني ... يبكي يتحسر..

فلما رأى ان كل شيىء يحاربه أين ذهب ؟ ذهب بعيداً عن مظاهر المدنيّه والحظارة والزحمة والزخم .. عن هذا الزيف والصراخ والضجيج الزائف الذي يعيشهُ الناس اليوم ... ذهب الى مكان يسمى " الوادي الجميل " فيه زروع وفيه مياه .. وفيه فلاحون .. وفيه أُناس طيّبون .. فيه مآذن تنادي حيّ على الصلاة .. فلما دخل تلك الاماكن ... لم يجد مكان يأويه الا بيت الله ...

دخل المسجد وما يدري ماذا يفعل ! فألقى بنفسه على المصحف وفتحه .. وأخذ يقرأ ما فيه .. فنظر إليه شابٌ مهندس زراعي افترب منه .. قال هل تشتغل عندي ؟ قال نعم وفّر لي مكان أنام فيه وخبزاً آكله وأعمل لك بالمجان .. أخذه الى ارضه وأخذ يحرث ويزرع واذا جاءته النوبه وحاجة الجسم الى المخدر سقط على الارض يتلوّى يجره المهندس الى غرفته ويغلق الدار عليه .. وفي مرةٍ جاء الطبيب فاذا الحمة تنفظه ثلاثة أيام .. والعرق يتصبب .. ويرى في منامه أشباحاً ووحوشاً لها ثلاثة رؤوس .. يرى الجن .. ويرى العفاريت .. يرى في جسمه مخلوقاً يريد يمزق أنياقه وعروقه .. ويقبض بمقبضٍ من حديد على قلبه .. ما هذا الذي يعيشُ في بدني وجسمي .. لا يدري ..

وبعد أيامٌ طوال من العذاب والمعاناة .. فتح كتاب الله في لحظة افاقة .. فاذا هو على آية ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} )


فأعاد القراءة مرة ثانية (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} )

وأوقفته كلمة شِفاء .. ليس دواء .. شِفاء مضمون مئة بالمئة .. لم يقل الله سبحانه دواء ! صاحب المخدرات يأخذُ دواءه من الصيدلية فيزّداد ادماناً .. القرآن يقول شِفاء .. إلتفت حوله فرأى مائدة الافطار أحضرها زميله فيها عسل فلعطه وشرب الماء ثم سقط نائماً .. فلما أفاق في اليوم الثاني وجد العسل .. قال أحضرلي منه كثراً ... فلعطه وشرب الماء ثم عاد فنام .. وبعد ثلاثة أيام أحس بقوةٍ عجيبةٍ تسري في جسمه .. توضىء .. ذهب يصلي لكنه يقول ما أدري أهي ظهر أم مغرب أم عصر أم عشاء .. عقلهُ لا يعرف الأوقات .. ..

فأحضر له صاحبه عسل ملكة النحل فشربهُ وخلال أسابيع واذا الحياة تسري به .. حياة القرآن وشفاء العسل ولزوم بيت الله .. والطاعة والصلاة .. واذا به يعود قوياً فَتياً مؤمناً .. محافظ المنطقة أعطاه عشرة فدادين .. زرعها .. فرزقهُ الله بحسن نيته .. وأخذ المال وعاد يبحث .. ما مصير زوجتي وبُنيّتي وولدي .. ظن أنها تزوجت غيره أو طلبت الطلاق ..

لكن كما يقول صلى الله عليه وسلم :

( فاظفر بذات الدين تربت يداك )

عاد اليها واذا هي في بيت ابيها صابرة محتسبه .. تنتظر انتصار أيمانه على نفسهِ والهوى .. واذا به يعود اليها ويلتزم ابنته وطفلهُ ويأخذها الى بيته الصغير المتواضع في " الوادي الجميل " .. ويعود يصلي وأياها في اسرةٍ طيبة .. أنجاه الله بالقرآن والايمان والصلاة ..

اخوكم : الاثرم

ramadan_20
مشاركات: 121
اشترك: مارس 4th, 2006, 12:33 am
المكان: مصر

مارس 4th, 2006, 11:00 pm

مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 21st, 2006, 9:35 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


قصة سالم ...

يقول الشاب لم أكن بلغتُ الثلاثين من عمري حين انجبت زوجتي اول أبنائي .. ما زلت أذكر تلك الليه .. كنت سهران مع الشله في احدى الشاليهات ... كانت سهرة حمراء كما يقولون .. اذكر ليلتها اني أضحكتهم كثيراً .. كنتُ أمتلكُ موهبةً عجيبةً في التقليد .. بامكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريباً من الشخص الذي أسخر منه ... أجل .. كنتُ أسخر من هذا وذاك ، لم يسلم أحداً مني حتى شلّتي .. صار بعض أصحابي يتجنبني كي يَسّلمْ من لساني وتعليقاتي اللاذعة تلك ...



سخرتُ من رجلٍ أعمى رأيتهُ يتسول في السوق .. والأدهى اني وضعتُ قدمي ليتعثر .. تعثر الاعمى وانطلقت ضحكتي التي دوت في السوق .. عدتُ الى بيتي متأخراً .. وجدتُ زوجتي في انتظاري كانت في حالةٍ يرثى لها ..

قالت : أين كنتُ يا راشد ؟ قلتُ في المريخ ساخراً .. بالطبع عند أصحابي .. قالت والعبرةُ تخنقُها .. راشد أنا تَعِبةٌ جداُ الظاهر موعد ولادتي صارت وشيكاً .. سقطت دمعة صامة على جبينها .. احسست أني أهملت زوجتي ..

كان المفروض أن أهتم وأقلل من سهراتي وخاصة انها في الشهر التاسع .. قاست زوجتي الآلام يوماً وليلة في المستشفى حتى رأى طفلي النور .. لم أكن في المستشفى ساعتها .. تركتُ رقم هاتف المنزل وخرجت .. وقلت اتصلوا بي حتى تعلموني الخبر .. ففعلوا .. اتصلوا بي ليزفوا ليَّ نبأ قدوم سالم حتى وصلت المستشفى ..


طُلِب مني أن أراجع الطبيبة .. أي طبيبة .. المهم الآن أن أرى ابني سالم ... قالوا لي لابد من مراجعة الطبيبة .. أجابتني موظفة الاستقبال بحزم .. صُدمتُ حين عرفت ان ابني به تشوه شديدٌ في عينيه ومعاق في بصره .. تذكرت المتسول الاعمى .. قلتُ سبحان الله كما تدين تُدان ..


لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله سبحانه وتعالى راضية .. طالما نصحتني .. وطالما طلبت مني أن أكف عن تقليد الآخرين .. .. كلا .. هي لاتسميها تقليداً ، بل غيبه .. معها كل الحق ..


لم أكن أهتم بسالم أبداً كثيراُ ، اعتبرته غير موجود في المنزل .. حين يشتدُ بكاؤه أهرب الى الصالة لأنام فيها .. كانت زوجتي تهتم به كثيراً وتحبه .. لحظة .. لا تظنوا اني أكره ، لكني لم استطيع ان أحبه .. أقامت زوجتي احتفالاً حين خطى خطواته الاولى ... وحين أكمل الثانية إكتشفنا أنه أعرج .. كلما زدتُ ابتعاداً عنه زادت زوجتي حباً وتعلقاً بسالم ، حتى بعد أن أنجبت عمراً وخالداً .. ..


مرت السنوات وكُنت لاهي .. غرّتني الدنيا وما فيها كنت كاللعبة في يديّ رفقة السوء .. مع إني كنت أضن من يعلب عليهم لم تيأس زوجتي من اصلاحي . كانت دائماً تدعو لي بالهداية .. لم تغضب من تصرفاتي الطائشة .. أو إهمالي لسام واهتمامي بباقي اخوته ..


كبر سالم ولم أُمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات ... أيامي سواء .. ليل ونهار .. عمل ونوم .. طعام وسهر .. حتى ذاك اليوم .. كان يوم الجمعة .. اسيقضت الساعة الحادية عشر ظهراً ، مازال الوقت مبكراً .. اقول ... لكن لا يهم أخذت دوشاً سريعاً .. لبست وتعطرت ، وهممت بالخروج ..

استوقفني منظره .. منظر سالم .. كان يبكي بحرفة .. انها المرة الأولى التي أرى فيها سالم يبكي منذ كان طفلاً .. أأخرج ؟؟ أم أرى ممكا يشكو سالم ؟؟ قلتُ لا كيف أتركه وهو في هذه الحالة .. أهو الفضول ؟؟ أم الشفقة ؟؟؟ لا يهم ، سألته لماذا تبكي يا سالم ؟

حين سمع صوتي توقف .. بدأ يتحسس ما حولهُ .. .. ما به يا ترى ؟!! اكتشفت ان ابني يهرب مني ! .. الآن أحسست به أين كنت منذ عشرة سنوات ؟؟ تبعته .. كان قد دخل غرفته .. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ، وتحت إصراري عرفت السبب .. تأخر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله الى المسجد ..

اليوم الجمعة .. خاف سالم ألا يجد مكان في الصف الاول .. نادى والدته لكن لا مجيب حينها .. حينها وضعت يديّ على فمه ، كأني أطلب منه أن يكف عن حديثه ، وأكملت حينها ( بكيت يا سالم ) .. لا أعلم من الذي دفعني لكي أقول له .. سالم لا تحزن هل تعلم من سيرافقك اليوم الى المسجد ... أجاب سالم أكيد عمر .. ليتني أعلم إلى أين ذهب قلت لا يا سالم أنا من سيرافقك ...

استغرب سالم ! لم يصدق , ظن أني أسخر منه .. عاد الى بكائه مسحت دموعه ُ بيدي .. وأمسكت بيده أردت أن أوصله بالسيارة .. رفض قائلاً : أبي المسجد قريب .. أريد أن أخطو الى المسجد فإني أحتسب كل خطوة اخطوها ..


يقول لا أذكر آخر مرة دخلت فيها الى المسجد .. ولا أذكر آخر مرة سجدت لله سجدة .. هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والندم .. على ما فرطت طوال السنوات الماضية ... مع أن المسجد كان مليئاً بالمصلين إلا اني وجدت لسالم مكاناً في الصف الاول .. استمعنا لخطبة الجمعة معاً ، وصليت بجانبه ..


بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفاً .. استغربت كيف سيقرأ ... هو أعمى ؟! هذا ما تردد في نفسي ولم أصرح له خوفاً من جرح مشاعره .. طلب مني أن افتح المصحف على سورة الكهف .. نفذت له ما طلب .. وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة .. .. يالله !!!! أنه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر غيب ..

خجلتُ من نفسي .. أمسكت مصحفاً ... أحسست برعشة في أوصالي .. قرأت وقرأت ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني هذا المرة ... بكيت ... أنا الذي بكى ... بيكت حزناً وندماً على ما فرطت .. ولم أشعر إلا بيد حنونة تمسح عني دموعي .. لقد كان سالم يمسح دموعي ويهدأ من خاطري ... ..

عدنا الى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم ، لكن قلقها تحول إلى دموع فرح , حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم .. منذ ذلك اليوم لم تفتني صلاة الجماعة في المسجد ... هجرت رفقاء السوء ، واصبحت الى رفقة خيرة ... عرفتها في المسجد ..

ذقت طعم الايمان . عرفت منهم أشياءً ألهتني عن الدنيا .. لم أُفّوْت حلقة ذكر أو قيام .. ختمت القرآن عدة مرات ، وانا نفس الشخص الذي هجرته سنوات .. رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسُخريتي من الناس .. أحسست أني اكثر قرباً من اسرتي .. أختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تُطلُ من عيون زوجتي ... الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم من يرى سالم يظنه أنه ملك الدنيا وما فيها .. حمدت الله كثيراً وصليتُ له كثيراً على نعمه ..


ذات يوم قررت انا واصحابي أن نتجه الى أحد المناطق البعيدة في برامج دعوية مع مؤسسة خيرية .. ترددت في الذهاب .. استخرت الله واستشرت زوجتي .. توقعت إنها ترفض . لكن حدث العكس ، فرحت كثيراً بل شجعتني ...


حين اخبرت سالم عزمي للذهاب أحاط جسمي بذراعيه فرحاً .. والله لو كان طويل القامة مثلي لما توانَ من تقبيل رأسي .. بعدها توكلت على الله وقدمت اجازة مفتوحة بدون مرتب .. والحمدلله جاءت الموافقة بسرعة أسرع مما أتصور ...


تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر .. وكنتُ خلال تلك الفترة اتصل كلما سمحت لي الفرصة بزوجتي أُحدث أبنائي ... لقد اشتقت لهم كثيراً ، لكني اشتقت أكثر لسالم .. تمنيت سمعا صوته .. هو الوحيد لم يحدثني منذ سافرت .. أما أن يكون في المدرسة أم بالمسجد ساعة اتصالي بهم .. كلما أحدثُ زوجتي أطلب منها أن تبلغه سلامي .. وتقبلهُ .. كانت تضحك حين تسمعني اقول هذا الكلام .. إلا أخر مرة هاتفتها فيها لم اسمع ضحكتها المتوقعة .. تغير صوتها وقالت لي ان شاء الله ..


.. أخيراً عدتُ غلى المنزل ... طرقت الباب ، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره .. حملتهُ بين ذراعيّه وهو يصحيح ( بابا .. بابا ) انقبض صدري حين دخلتُ البيت .. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. سُعِدتْ زوجتي بقدومي . لكن هناك شيىءٌ قد تغير فيها .. تأملتها جيداً .. انها نظرات الحزن التي ما كانت تفارقها .. عادت ثانية الى عينيها .. سألتها ما بكِ ؟


قالت لا شيىء .. هكذا ردت .. فجأة تذكرت من نسيتتُ للحظات ! .. قلت لها أين سالم خفضت رأسها لم تجب ... لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد الذي ما زال يرنُ في أُذني حتى هذه اللحظة .. قال أبي ان سالم راح عند الله إلى الجنة ..


لم تتمالك زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. وخرجت من الغرفة .. عرفتُ بعدها أن سالم أصابته حُماً قبل مجيئي باسبوعين .. أخذته زوجتي الى المستشفى ولازمته يومين .. وبعد ذلك فارقته الحُمم .. حين فارقت روحه الجسد .. أحسست ان ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى .. أجل أنه اختبار .. وأيّ اختبار ؟.. صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمدُ سواه .. ما زلت أحسُ بيده تمسحُ دموعي وذراعيه تحيطني .. كم حزنت على سالم الاعمى الاعرج .. لم يكن أعمى .. لم يكن أعرج .. انا من كنت اعمى حين انسقت وراء رفقة السوء .. ولم يكن سالم أعرج لأنه استطاع أن يسلك طرق الايمان .. رغم كل شيىء ..




اخوكم : الاثرم


AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

إبريل 17th, 2006, 7:46 am

بسم الله الرحمن الرحيم


يقول أحد الشعراء .... حينما جلست في المقعد المخصّص لي في الدرجة الأولى من الطائرة التي تنوي

الإقلاع إلى عاصمة دولةٍ غربية ، كان المقعد المجاور لي من جهة اليمين ما يزال فارغاً .. بل إن

وقت الإقلاع قد اقترب والمقعد المذكور ما يزال فارغاً .. قلتُ في نفسي : أرجو أن يظل هذا

المقعد فارغاً .. أو أن ييسّر الله لي فيه جاراً طيباً يعينني على قطع الوقت بالنافع المفيد ، نعم إن

الرحلة طويلة سوف تستغرق ساعات يمكن أن تمضي سريعاً حينما يجاورك من ترتاح إليه نفسك ..

ويمكن أن تتضاعف تلك الساعات حينما يكون الأمر على غير ما تريد !

وقبيل الإقلاع جاء من شغل المقعد الفارغ ....




وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

إبريل 20th, 2006, 8:47 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


.... فتاةٌ في مَيْعة الصَّبا ، لم تستطع العباءة الفضفاضة السوداء ذات الإطراف المزيّنة أن تخفي ما

تميزت به تلك الفتاة من الرّقة والجمال .... كان العطر فوّاحاً ، بل إن أعين الرّكاب في الدرجة الأولى

قد اتجهت إلى مصدر هذه الرائحة الزكيّة .. لقد شعرت حينها أن مقعدي ومقعد مجاورتي أصبحا

كصورتين يحيط بهيما إطار منضود من نظرات الرُّكاب ، حينما وجهت نظري إلى أحدهم ... رايتُه

يحاصر المكان بعينه ... ووجهه يكاد يقول لي : ليتني في مقعدك ... كنت في لحظتها أتذكر قول

الرسول عليه الصلاة والسلام:

" ألا وإنَّ طيب الرجال ما ظهر ريحه ، ولم يظهر لونه ، ألا وأنّ طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه . "




ولا أدري كيف استطعت في تلك اللحظة أن أتأمل معاني هذا الحديث الشريف ، لقد تساءلت حينها ... لماذا يكون طيب المرأة بهذه الصفة ..؟


كان الجواب واضحاً في ذهني من قبل : إن المرأة لزوجها .. ليست لغيره من الناس .. وما دامت له

فإنّ طيبَها وراحة عطرها لا يجوز أن تتجاوزه إلى غيره .. كان هذا الجواب

واضحاً .. ولكن ما رأيته من نظرات ركاب الطائرة التي حاصرت مقعدي ومقعد الفتاة ، قد زاد الأمر

وضوحاً في نفسي وسألت نفسي : يا ترى لو لم يَفُحْ طيب هذه الفتاة بهذه الصورة التي أقمعت

جوَّ الدرجة الأولى من الطائرة .. أكانت الأنظار اللاّهثة ستتجه إليها بهذه الصورة ؟



عندما جاءت " خادمة الطائرة " العصير ، أخذت الفتاة كأساً من عصير البرتقال ، وقدمته إليّ ... تناولته شاكراً وقد فاجأني هذا الموقف ..



وللحديث بقية ..


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

إبريل 23rd, 2006, 8:08 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


وشربت العصير وأنا ساكت ... ونظرات ذاك الشخص ما تزال تحاصرني .. وجّهت إليه نظري ولم أصرفه عنه حتى صرف نظره حياءً _ كما أظن _ ثم اكتفى بعد ذلك اختلاس النظرات إلى الفتات المجاورة ولما أصبح ذلك دًيْدًنًه ، كتبت قصاصة صغيرة ( ألم تتعب من الالتفات ؟؟ ) فلم يلتفت بعدها ...

عندما غاصتْ الطائرة في السحاب الكثيف عند الإقلاع بدقائق معدودات اتجه نظري إلى ذلك المنظر البديع .... سبحان الله العظيم ، قلتُها بصوت مرتفع وأنا أتأمل تلك الجبال الشاهقة من السحب المتراكمة التي أصبحنا ننظر إليها من مكان مرتفع ... قالت الفتاة التي كانت تجلس بجوار النافذة : إي والله سبحان الله العظيم .. ووجهتْ حديثها إليَّ قائلةً إن هذا المنظر يثير الشاعرية الفذّة.. ومن حسن حظي أنني أجاور شاعراً يمكن أن يرسم لوحة شعرية رائعة لهذا المنظر ..

لم تكن الفتاة وهي تقول لي هذا على حالتها التي دخلتها إلى الطائرة .. كلا ... لقد لملمت تلك العباءة الحريرية ، وذلك الغطاء الرقيق الذي كان مسدلاً على وجهها ووضعتهما داخل حقيبتها اليدوية الصغيرة ... لقد بدا وجهها ملوَّناً ألوان الطيف .. أما شعرها فيبدو أنها قد صفّفته بطريقة خاصة تعجب الناظرين ...

قلت لها : سبحان من علّم الإنسان ما لم يعلم ، فلولا ما أتاح الله للبشر من كنوز هذا الكون الفسيح لما أتيحت لنا رؤية هذه السحب بهذه الصورة الرائعة ...

قالت : إنها تدلُّ على قدرة الله تعالى ...

قلت : نعم تدل على قدرة مبدع هذا الكون وخالقه ، الذي أودع فيه أسرارّا عظيمة ، وشرع فيه للناس مبادئ تحفظ حياتهم وتبلَّغهم رضى ربهم ، وتنجيهم من عذابه يوم يقول الأشهاد .

قالت ألا يمكن أن نسمع شيئاً من الشعر فإني أحب الشعر وان هذه الرحلة ستكون تاريخية بالنسبة إليّ ، ما كنت أحلم أن أسمع منك مباشرة ...

لقد تمنّيتُ من أعماق قلي لو أنها لم تعرف مَنْ أنا .. لقد كان في الذهن أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها ..




وللحديث بقية ..




اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

إبريل 29th, 2006, 9:27 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

لو أنها لم تعرف مَنْ أنا .. لقد كان في الذهن أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها ..

وسكتُّ قليلاً كنت أحاور نفسي حوارّا داخلياً مُرْبكاً ... ماذا أفعل ، هل أبدأ بنصيحة هذا الفتاة وبان حقيقة ما وقعت فيه من أخطاءٍ ظاهرة ، أم أترك ذلك إلى آخر المطاف .؟؟؟

وبعد تردُّد قصير عزمت على النصيحة المباشرة السريعة لتكون خاتمة الحديث معها .

وقبل أن أتحدث أخرجت من حقيبتها قصاصاتٍ ملوَّنة وقالت : هذه بعض أوراق أكتبها ، أنا أعلم أنها ليست على المستوى الذي يناسب ذوقك ، ولكنها خواطر عبرت بها عن نفسي ..

وقرأت القصاصات بعناية كبيرة ، إني أبحث فيها عن مفتاح لشخصية الفتاة .. إنها خواطر حالمة .. هي فتاة رقيقة المشاعر جداً .. أحلامها تطغى على عقلها بشكل واضح .. لفت نظري أنها تستشهد بأبيات من شعري ...قلت في نفسي هذا شيء جميل لعل ذلك يكون سبباً في أن ينشرح صدرها لما أريد أن أقول .. بعد أن قرأت القصاصات عزمت على تأخير النصيحة المباشرة وسمحت لنفسي أن تدخل في حوار شامل مع الفتاة .. ؟

قلتُ لها : عباراتك جملية منتقاة ، ولكنها لا تحمل معنىً ولا فكرة كما يبدو لي .. لم أفهم منها شيئاً ، فماذا اردت إن تقولي ..؟؟




بعد صمتٍ قالت : لا أدري ما أردتُ أن أقول : إني أشعر بالضيق الشديد ، خاصة عندما يخيّم علىَّ الليل ، اقرأ المجلات النسائية المختلفة ... أتأمل فيها صور الفنانات والفنانين ، يعجبني أحياناً ملامح أحد الفنانين فأتمنَّى لو أن ملامح زوجي كملامحه ، فإذا مللت من المجلات اتجهت إلى الأفلام ، أشاهد منها ما أستطيع وأحسُّ بالرغبة في النوم ... بل إني أغفو وأنا في مكاني ، فأترك كل شيء وأتجه إلى فراشي ..... وهناك يحدث ما لا أستطيع تفسيره ، هناك يرتحل النوم ، فلا أعرف له مكاناً .

عجباً ... أن ذلك النوم الذي كنت أشعر به وأنا جالسة ، وتبدأ رحلتي مع الأرق .. وفي تلك اللحظات أكتب هذه الخواطر التي تسألني عنها ...

" أنها مريضة " قلتها في نفسي .. نعم إنها مريضة بداء العصر : القلق الخطير ، إنها عبارات برَّاقة .. يبدو أنك تلتقطينها من بعض المقالات المتناثرة وتجمعينها في هذه الأوراق ...

قلت : عجباً لك .. أنت الوحيد الذي تحدَّثت بهذه الحقيقة ، كل صديقاتي يتحدثن عن روعة ما أكتب ... بل إن بعض هذه الخواطر قد نشرت في بعض صحفنا ... وبعثَ إليَّ المحرَّر برسالة شكر على هذا الإبداع ، أنا معك أنه ليس لها معنى واضح ، ولكنها جميلة .

وهنا سألتها مباشرة :



وللحديث بقية ..


اخوكم/ الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مايو 1st, 2006, 8:40 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


بدا على وجهها الارتباك .. لم تكن تتوقع السؤال ، وقبل أن تجيب قلت لها :

هل لك عقل تفكرين به .. وهل لديك استقلال في التفكير ؟ أم أنك قد وضعت عقلك بين أوراق المجلات النسائية التي أشرت إليها ، وحلقات الأفلام التي ذكرت أنك تهرعين إليها عندما تشعرين بالملل .

هل أنتِ مسلمة ؟!

هنا تغيَّر كل شيء ، أسلوبها في الحديث تغيَّر ، جلستها على المعقد تغيَّرت ... قالت :

هل تشك في أنني مسلمة ؟! إني _ بحمد الله _ مسلمةٌ ومن أسرة مسلمة عريقة في الإسلام ... لماذا تسألني هذا السؤال .. إن عقلي حرٌّ ليس أسيراً لأحد .. إني أرفض أن تتحدًّث بهذه الصورة ... وانصرفت إلى النافذة تنظر من خلالها إلى ملكوت الله العظيم ..

لم أعلق على كلامها بشيء ، بل إنني أخذت الصحيفة التي كانت أمامي وانهمكت في قراءتها ..
ورحلت مع مقال في الصحيفة يتحدث عن الإسلام والإرهاب .. " كان مقالاً طويلاً مليئاً بالمغالطات والأباطيل ، يا ويلهم هؤلاء الذين يكذبون على الله .. ولا أكتمكم أنني قد انصرفت إلى هذا الأمر كلياً حتى نسيت في لحظتها ما جرى من الحوار بيني وبين مجاورتي في المقعد .. ولم أكن أشعر بنظراتها التي كانت تختلسها إلى الصحيفة لترى هذا الأمر الذي شغلني عن الحديث معها _ كما أخبرتني فيما بعد _ ولم أعد من جولتي الذهنية مع مقال الصحيفة إلا على صوتها وهي تسألني :



وللحديث بقية ...



اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مايو 4th, 2006, 8:41 pm

بسم الله الرحمن الحيم


أتشك في إسلامي ؟

قلت لها : ما معنى الإسلام ؟!

قالت : هل أنا طفلة حتى تسألني هذا السؤال !

قلت لها معاذ الله بل أنت فتاة ناضجة تمام النضج ، تُلوّن وجهَها بالأصباغ ، وتصفّفُ شعرها بطريقة جيدة .. وتلبس عباءتها وحجابها في بلادها .. فإذا رحلت خلعتهما وكأنهما لا يعنيان لها شيئاً ، نعم إنك فتاة كبيرة تحسن اختيار العطر الذي ينشر شذاه في كل مكان .. فمن قال إنك طفلة ... ...؟!

قالت : لماذا تقسو عليَّ بهذه الصورة ؟

قلت لها : ما الإسلام ؟ ... قالت : الدين الذي أرسل الله به محمداً صلى الله عليه وسلم .. قلت لها : وهو كما حفظنا ونحن صغار " الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، والخلوص من الشرك " .

قالت أي والله ذكرتني ، لقد كنت أحصل في مادة التوحيد على الدرجة الكاملة !

قلت لها : ما معنى " الانقياد له بالطاعة ؟

سكتت طويلاً ثم قالت : أسألك بالله لماذا تتسلّط علىَّ بهذه الصورة ، لماذا تسيء إليَّ وأنا لم أسيء إليك ؟

قلت لها : عجباً لك ، لماذا تعدّين حواري معك إساءة ؟ اين موطن الإساءة فيما أقول ؟

قالت : أنا ذكية وأفهم ما تعني ... أنت تنتقدني وتؤنبني وتتهمني ... ولكن بطريقة غير مباشرة ..

قلت لها : ألست مسلمة ؟ قالت لماذا تسألني هذا السؤال ؟ إني مسلمة من قبل أن أعرفك .. وأرجوك ألا تتحدّث معي مرة أخرى .

قلت لها : أنا متأسف حداً ... وأعدك بألا أتحدث إليك بعد هذا ....

ورجعتُ إلى صفحات الصحيفة التي أمامي أكمل قراءة ذلك المقال الذي يتجنّى فيه صاحبه على الإسلام ويقول :



أنه دين الإرهاب ... وإن أهله يدعون إلى الإرهاب .. وقلت في نفسي : سبحان الله ، المسلمون يذبّحون في كل مكان كما تذبح الشّاه ، ويقال عنهم إنهم أهل الإرهاب ...


وقلبتُ صفحة أخرى فرأيت خبراً عن المسلمين في كشمير .. وصورة مسلمة تحمل طفلاً ، وعبارةً تحت صورتها تقول : إنهم يهتكون أعراضنا ، ينزعون الحجاب عنّا بالقوة , إن الموت أهون عندنا من ذلك ... نسيت أيضاً أن مجاورتي كانت تختلس نظرها إلى الجريدة ... وفوجئت بها تقول :





وللحديث بقية ...



اخوكم / الاثرم


AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مايو 10th, 2006, 6:26 am

بسم الله الرحمن الرحيم


ماذا تقرأ ؟ ....

ولم أتحدث إليها ، بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُقلت عنها ...

سادت الصمت وقتاً ليس بالقصير ، ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام .. واستمر الصمت ..

وبعد أن تجوَّلتُ في الطائرة قليلاً رجعت إلى مقعدي .. وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلةً :

ما كنت أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة !..

قلت لها : لا أدري ما معنى القسوة عندكِ ، أنا لم أزد على أن وجهت أسئلةً أتوقع أن أسمع منك إجابةً عنها ... ألم تقولي إنك واثقة بنفسك ثقةً كبيرة ؟ فلماذا تزعجك أسئلتي ؟

قالت : أشعر أنك تحتقرني .. قلت لها : من أين جاءك هذا الشعور ؟ قالت : لا أدري

قلت لها : ولكنني أدري ... لقد أنطلق هذا الشعور من أعماق نفسك .. إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ .. أنت تعيشين ما يمكن أن أسمّيه بالازدواجية .. أنت تعيشين التأرجح بين حالتين ...

وقاطعتني بحدّة قائلة : هل أنا مريضة نفسياً ؟ ما هذا إلي تقول ؟ !!!!!!!

قلت لها : أرجو ألاّ تغضبي ، دعيني أكمل .. أنت تعانين من ازدواجيةٍ مؤذية ، أنتٍ مهزومة من الداخل ، لا شك عندي في لك ، وعندي أدلًة لا تستطيعين إنكارها .

قالت مذعورةً : ما هي ؟

قلت : تقولين إنك مسلمة
، والإسلام قول وعمل ، وقد ذكرت لك في أول حوارنا أن من أهم أسس الإسلام "الانقياد لله بالطاعة " فهل أنت منقادة لله بالطاعة ؟

وسكتُّ لحظةً لأتيح لها التعليق على كلامي ، ولكنها سكتتْ ولم تنطق ببنتِ شفةٍ _ كما يقولون _ وفهمت أنها تريد أن تسمع .. قلت لها :

هذه العباءة ، وهذا الحجاب اللذان حُشرا _ مظلومَيْن _ في هذا الحقيبة الصغيرة دليل على ما أقول ...

قالت بغضب واضح : هذه أشكال وأنت لا تهتم إلا بالشكل المهم الجوهر ..

قلت لها أين الجوهر ؟ ها أنت قد اضطربت في معرفة مدلولات كلمة " الإسلام " الذي تؤمنين به ، ثم إن للمظهر علاقة قوية بالجوهر ، إن أحدهما يدلُّ على الآخر . وإذا اضطربت العلاقة بين المظهر والجوهر ، اضطربت حياة الإنسان ..

قالت : هل يعني كلامك هذا أنَّ كل من تلبس عباءةً وتضع على وجهها حجاباً صالحة نقية الجوهر ؟

قلت لها : كلا ، لم أقصد هذا أبداً ، ولكنَّ من تلبس العباءة والحجاب تحقّق مطلباً شرعياً ... فإن انسجم باطنها مع ظاهرها ... كانت مسلمة حقّة ، وإن حصل العكس وقع الاضطراب في شخصيتها ، فكان نزعُ هذا الحجاب _ عندما تحين لها الفرصة هيِّناً ميسوراً .. إن الجوهر هو المهم ... وأذكرك الآن بتلك العبارة التي نقلتها الصحيفة عن تلك المرأة الكشميرية المسلمة ، ألم تقل : إن الموت أهو علينا من نزع حجابها ؟؟... لماذا كان الموت أهون ؟؟؟؟؟؟؟؟

لأنها آمنت بالله إيماناً جعلها تنقاد له بالطاعة فتحقق معنى الإسلام تحقيقاً ينسجم فيه جوهرها مع مظهرها ... وهذا هو الانسجام هو إلذي يجعل المسلم يحقق معنى قول الرسول عليه الصلاة والسلام :

" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " .

إنَّ لبس العباءة والحجاب _ عندك _ لا يتجاوز حدود العادة والتقليد ، ولهذا كان حيَناً عليك أن تنزعيهما عنك دون تردُّد حينما ابتعدت بك الطائرة عن أجواء بلدك الذي استقيت منه العادات والتقليد ... أما لو كان لبسك للحجاب منطلقاً من إيمانك بالله ، واعتقادك أن هذا أمر شرعي لا يفرّق بين مجتمع ومجتمع ، ولا بلدٍ وبلدٍ لما كان هيًناً عليك إلى هذه الدرجة .

الازدواجية في الشخصية _ يا عزيزتي _ هي المشكلة ... أتدرين ما سبب هذه الازدواجية ؟

فظننت أنها ستجيب ولكنها كانت صامتةً ، وكأنها تنتظر أن أجيب أنا عن هذا السؤال ...

قلت : سبب هذه الازدواجية الاستسلام للعادات والتقاليد ... وعدم مراعاة أوامر الشرع ونواهيه .. أنها تعني ضعف الرقابة الداخلية عند الإنسان .. ولهذا فإن من أسوأ نتائجها الانهزامية حيث ينهزم المسلم من الداخل .. فإذا انهزم تمكن منه هوى النفس ، وتلاعب به الشيطان .. وظلّ كذلك حتى تنقلب في ذهنه الموازين ..

لم تقل شيئاً ، بل لاذت بصمت عميق ، ثم حملت حقيبتها واتجهت إلى مؤخرة الطائرة ... وسألت نفسي تراها ضاقت ذرعاً بما قلت ، وتراني وُفَّقت فيما عرضت عليها ؟

لم أكن _ في حقيقة الأمر _ أعرف مدى التأثر بما قلت سلباً أو إيجاباً ، ولكنني كنت متأكداً من أنني قد كتمت مشاعر الغضب التي كنت أشعر بها حينما توجه إليّ بعض العبارات الجارحة .. ودعوت لها بالهداية ، ولنفسي بالمغفرة والثبات على الحق .

وعادت إلى مقعدها .. وكانت المفاجأة




وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مايو 14th, 2006, 4:42 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


عادت وعليها عباءًتها وحجابها .. ولا تسل عن فرحتي بما رأيت !

قالت : إن رحمة الله بي هي التي هيأت لي الركوب في هذا المقعد ، صدقت _ حينما وصفتني _ بأنني أعاني من الهزيمة الداخلية ، إن الازدواجية التي أشرت إليها هي السمة الغالبة على كثير من بنات المسلمين وأبنائهم ، يا ويلنا من غفلتنا !

إنّ مجتمعاتنا النسائية قد استسلمتْ للأوهام ، لا أكتمك أيها الأخ الكريم ، أن أحاديثنا في مجالسنا نحن النساء لا تكاد تتجاوز الأزياء والمجوهرات والعطورات ، والأفلام والأغاني والمجلات النسائية الهابطة .. الا من رحم ربي .. لماذا نحن هكذا ؟

هل نحن مسلمون حقاً ؟

هل أنا مسلمة ؟

كان سؤالك جارحاً ، ولكني أعذرك ، لقد رأيتني على حقيقة أمري ، ركبت الطائرة بحجابي ، وعندما أقلعت خلعت عني الحجاب ، كنت مقتنعةً بما صنعت .. أو هكذا خُيّل إليّ أني مقتنعة ، بينما هذا الذي صنعته يدلُّ حقاً على الانهزامية والازدواجية .. إني أشكرك بالرغم من أنك قد ضايقتني كثيراً ، ولكنك أرشدتني .. إني أتوب إلى الله وأستغفره .. ولكن أريد أن أستشيرك .

قلت وأنا في روضةٍ من السرور بما أسمع من حديثها : " نعم .. تفضلي ، إني مصغٍ إليك " .

قالت : زوجي ... أخاف من زوجي .. قلت : لماذا تخافين منه .. وأين زوجك ؟

قالت : سوف يستقبلني في المطار ، وسوف يراني بعباءتي وحجابي ..

قلت : كلا ، لقد كانت آخر وصية له في مكالمته الهاتفية بالأمس : إياك أن تنزلي إلي المطار بعباءتك لا تحرجيني أمام الناس ، أنه سيغضب بلا شك .

قلت لها : إذا أرضيت الله فلا عليك أن يغضب زوجُك ... وبإمكانك أن تناقشيه مناقشة هادئة فلعلَّه يستجيب ، إني أوصيك أن تعتني به عناية الذي يحب له النجاة والسعادة في الدنيا الآخرة .

وساد الصمت ... وشردت بذهني في صورة خيالية إلى ذلك الزوج الذي يوصي زوجته بخلع حجابها .. أهذا صحيح ؟!!

أيوجد رجل مسلم غيور كريم يفعل هذا ؟! لا حول ولا قوة إلا بالله ، إن مدنية هذا العصر تختلس أبناء المسلمين واحداً تلو الآخر ... ونحن عنهم غافلون ، بل ، نحن عن أنفسنا غافلون ..

وصلت الطائرة إلى ذلك المطار البعيد .. وانتهت مراسم هذه الرحلة الحافلة بالحوار الساخن بيني وبين جارة المقعد .. ولم أرها حين استقبلها زوجها .. بل إن صورتها وصوتها قد غاصا بعد ذلك في علام النسيان ، كما يغوص سواها من آلاف الأشخاص والمواقف التي تمر ينا كلّ يوم ..


كنت جالساً على مكتبي أقرأ كتاباً بعنوان " المرأة العربية وذكورية الأصالة " لكاتبته المسمَّاة ( ......... ) وأعجبتُ لهذا الكتاب الصغير ، وأصابني _ ساعتها _ شعور عميق بالحزن والأسى على واقع هذه الأمة المؤلم .. وفي تلك اللحظة الكالحة جاءني أحدهم برسالة ، وتسلّمتها منه بشغف .. لعلّي كنت أودّ _ في ذلك الكتاب المشؤوم الذي تريد صاحبته أن تجدر المرأة من أنوثتها تماماً .. وعندما فتحت الرسالة نظرت إلى اسم المرسل .. فقرأت : " المرسلة أختك في الله أم محمد الداعية لك بالخير "

أم محمد ؟؟ .. من تكون هذه ؟!!!

وقرأت الرسالة ، وكانت المفاجأة بالنسبة إليّ تلك الفتاة التي دار الحوار بيني وبينها في الطائرة ، والتي غاصت قصتها في عالم النسيان !

إن أهم عبارة قرأتها في الرسالة هي قولها : " لعلك تذكر تلك الفتاة التي جاورتك في مقعد الطائرة ذات اليوم .. إني أبشّرك : لقد عرفت طريقي إلى الخير .. وأبشرك إن زوجي قد تأثر بموقفي فهاده الله ... وتاب من كثير من المعاصي التي كان يقع فيها .. وأقول لك ما أورع الالتزام الواعي القائم على الفهم الصحيح لديننا العظيم .. لقد قرأت قصيدتك " ضدان يا أختاه " وفهمت ما تريد " !

لا أستطيع أن أصور الآن مدى الفرحة التي حملتني على جناحيها الخافقين حينما قرأت هذه الرسالة .. ما أعظمها من بشرى .... حينها ، ألقيت بذلك الكتاب المتهافت الذي كنت أقرؤه ( المرأة العربية وذكورية الأصالة " ألقيت به وأنا أردد قول الله تعالى "


" يُرَيدُونَ أن يُطْفئُوا نُورً اللهٍ بأفْواهِهِمْ وَيَأبَى اللهُ أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْكرٍه الكافُرون ."


ثم أمسكت بالقلم ... وكتُبْتُ رسالةً إلى " أم محمد " عبَرتُ فيها عن فرحتي برسالتها ، وبما حملته من البشرى ، وضمَّنتها أبياتاً من القصيدة التي أشارت إليها في رسالتها منها :



ضدان يا أختاه اجتمعا .... دين الهدى والفسق والصّدُ .. والله ما أزرى بأمتنا إلا ازدواج ما له حَــــدُ


وعندما هممت بإرسال رسالتي تبيّن لي أنها لم تكتب عنوانها البريدي فطويتها بين أوراقي لعلّها تصل إليها ذات يوم ..




انتهت ....







ضحكوا عليَّ وقالوا أنت محرره .... الدينُ بالقلب ليس بالأركانِ

أيّ أعملي ما شئتي أنت محرره .... ما دام قلبك مصدر الإيمانِ

فالعزُّ ان تمشين كالمُبختره ... بتكسرٍ مكحولة العينانِ

قالوا ململمةٌ وكنتُ مبعثره ... قد طوّْلوا دنياي وهي ثوانِ

هلّا سألتِ نفسكٍ يا جوهر .. لما لا أفكر في رضى الرحمنِ

لمَ حائره ؟ لما دائماً متكدره .. مع كل ما يُلهي أظلُّ أعانِ

هل تعلمين مما أنت محرره ... من سندسٍ واستبرقٍ وجنانِ





اخوكم / الاثرم

الغريب88
مشاركات: 56
اشترك: فبراير 28th, 2006, 5:57 am
المكان: الامارات

مايو 14th, 2006, 5:38 pm

هل تعلمين مما أنت محرره ... من سندسٍ واستبرقٍ وجنانِ[/b][/size]




اخوكم / الاثرم[/quote]

اي و الله صدقت يا اخي ... محررة لكن من جنات النعيم

بارك الله في يمناك ولا عدمنا من مواضيعك الشيقة والهادفة

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

أكتوبر 6th, 2006, 8:08 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


اخي الكريم " لغريب88 "

بارك الله فيك وجزاك الله خير .. وشكراً لمرورك ..



قراصنة الأدب والفكر


يقول الشاعر ...

" اقتحم علىً مكتبي " نعم ، إنني أسمَّي تلك الطريقة التي دخل بها عليّ اقتحاماً ، لأنه لم يستأذن ، ولم يسلّم .. بل دخل فجأة ، قائلاً : أنا ما أتيتك مسلّماً .. ولا معبراً عن إعجابي بما تكتب .. وإنني جئتك معبراً لك عن ضيقي بكل حرفٍ تكتبه .. وبكل بيتِ شعر تصوغه .. أنت لا تكتب شعراً .. انما تكتب مواعظ وتنظم نظماً .. إنك تشكّل عائقاً من عوائق الأدب الحديث الذي يحاول أن يتخلّص من قبضة الأشكال القديمة ، والأفكار القديمة .. أرجوك أن تتوقف ، أن تريحنا من نظمك ، ونثرك ، وأفكارك التي تريد أن تعيدنا بها إلى القرون الأولى .. نحن يا صاحبي في القرن العشرين ، لعلّك لا تعرف ذلك ، أنت لست بناثرٍ ولا شاعر ، هذا ما أردت أن أقوله لك ...

كان ثائراً ، غاضباً ، في احمرار وجهه دليل على بركان من الغضب ، كان يرسل حممه كلمات قاسيةً غاضبة ... لقد فاجأني حقاً ، وأثار غضبي ، وأشعل في داخلي شعوراً عارماً بالضيق والتبرُّم مما قال . شعوراً كاد يحملني على إن أكيل له الصاع صاعين ، ولكنني تمالكت ، واستطعت أن أفتح للصبر نافذةً هبَّ منها نسيم الهدوء على قلبي ، كنت أتأمل ملامحه وحركت يديه ، فأرى أنني أمام مراهقَ حانق ، نعم ، لقد قدّرت سنَّه بما لا يتجاوز الثامنة عشرة وانتصرت على سورة الغضب ، وأصغيت إليه حتى أتمَّ كلامه .. أتمّه والانفعال ما زال يملك عليه مشاعره .

قلت له بهدوء : اجلس حتى نتحدث .

قال لي : لن أجلس ، ماذا تريد أن تقول لي ؟ أنا لا أريد أن أسمع من أمثالك ! أنتم ليس لديكم إلى المواعظ ، الإسلام ، الإسلام ، كل شيء تقولونه ، تدخلون فيه الإسلام ... أسألك سؤالاً صريحاً ... ما علاقة الإسلام بالأدب ، الإسلام صلاة وصيام وما شابهها ، والأدب شيء آخر ، الإسلام قيد ، والأدب لا يقبل القيد ، بل إني أسألك سؤالاً أكثر صراحة .. ما أهمية الإسلام لنا في هذا الزمان ؟ أنا لا أرى له تلك الأهمية التي تتحدثون عنها !

هنا شعرت بأن أعماقي تغلي ، وبأن الغضب قد ملك علىَّ جوانب نفسي ، لابد من الردّ بقسوة وعنف لا هوادة فيها ، لقد تجاوز الأدب والشعر ، وأصبح يمس الدين والعقيدة، إلا فليذهب الاتزان والهدوء إلى غير رجعة ، كان يتحدث وأنا أفكر في الطريقة التي أبدأ بها في الردّ عليه ، هل أبدأ بالصراخ في وجهه المحمرّ الغاضب ، أم أبدأ بلطمه قوية تعيد إليه وعيّه !!..

لم أسمع في حينها صوتاً آخر في نفسي يناديني إلى الهدوء ، بل كنت أصغي على أصوات صاخبة تقول لي : واجه هذا الشاب الطائش بما يستحق ، لم تكن لديَّ عصا ، لا بأس ... يمكن أن يقوم العقال الذي يحيط برأسك مقام العصا ، حقاً أصبحت في تلك اللحظة مهيَّئاً للمعركة ، وإني لفي تلك الحالة إذْ ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء " الله أكبر ، الله أكبر "


وللحديث بقية ...

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

أكتوبر 10th, 2006, 10:37 pm

بسم الله الرحمن الرحيم



ما أروع هذا الصمت ، لقد انسكب في عروقي عبر مسامعي راحةً وهدوءاً " الله أكبر " من كل هذه الأوهام التي ينطق بها هذا الفتى المسكين ، وشعرت في لحظتها بشفقة عليه ، وانتقلت فجأة من حالة الغضب الشديد إلى حالة الحرص على إنقاذ هذا الفتى الذي يتلاعب به الشيطان ..

قلت له : اجلس يا أخي ، لقد سمعت كلامك ، فأعجبني فيك صدقك في نقل ما تشعر به دون كذبٍ ولا تزويق ، أنت رجل صريح في عصر فقدت فيه الصراحة ، وأصبح الناس فيه " _ غالباً _ يبطنون ما لا يظهرون .. أنت فتىً صادقٌ في التعبير عن نفسك .. وكفى بهذه الصفة دليلاً على اتفاق مخبرك ومظهرك .

_ الحمد لله _ لقد قرأت آثار المفاجأة على وجهه ، نعم فوجىء بهذا الموقف المتسامح ، بل شعرت أنه قد أصيب بقدرٍ لا بأس به من الحياء .. وبعد تردُّد جلس قائلاً :

نعم .. ماذا تريد أن تقول ؟

قلت له : أريد أن أعرف أسمك أولاً ...

وسكت قليلاً ثم قال : عبدالله بن ...... وبادرته بعد أن سمعت أسم عائلته بقولي : ما شاء الله من عائلة طيبة ، وأعرف منها أشخاصاً طيبين ، منهم الأستاذ " فلان " ، وما إن ذكرت أسم ذلك الرجل ، حتى ثارت ثائرته ، وقال بشدة : هذا معقّد ! ، ولم أناقشه فيما قال ، فقد فهمت أن في حياته مشكلةٌ قد دفعته إلى هذا الانحراف .

قلت له مبتسماً : يا عبدالله أنت تعيش في مجتمع تختلف مشارب الناس فيه فلا تظن الناس جميعاً مثلك ، لابد أن يتحمل أهل الوعي غيرهم ممن هم أقلّ وعياً
.

كنت أتابعه بنظري ، لقد انفجرت أسارير وجهه ، لا شك أنه فوجىء .. كان يظن أن موقفي سيكون على غير ما يرى .. بل أنه عبّر عن ذلك بقوله :

على أي حال انا آسف كنت قد تحدثت معك بانفعال .

قلت له : لا عليك ، يهمني الآن أن تشعر بأنك أمام أخ لك يريد أن يناقشك فهل أنت مستعد .

قال : نعم .

قلت له : سنشرب الشاي ولكن بعد الصلاة .

قال : لا أستطيع الصلاة .

قلت له : لماذا لا تحاول ، ما الذي يمنعك من ذلك ؟ لم يزد على أن قال : أنا أستأذنك الآن وسوف أعد إليك بعد الصلاة ..

قلت له مبتسماً : لابد أن تعود فإني وكوب الشاي في انتظارك . بعد صلاة العشاء بقليل .. جاءني ، كان هادئاً هدوءاً عجيباً قال لي : عذراً أشعر أنني قد أسات الأدب معك .. قلت له : لا تفكر في هذا الأمر ، إني أعذرك حقاً ، ولا أجد في نفسي عليك شيئاً ..

كنت _- لحضتها – أسائل نفسي ، يا ترى ماذا كان سيحدث لو استجبت لصوت الغضب ؟

قلت لصاحبي : هل أنت مستعد للمناقشة ؟ قال : نعم ، وابتسم ، وشرب الشاي وبدأت المناقشة .

بدأت معه بموضع الأدب الشعر :

سألته : كم قصيدة قرأت ، عشر قصائد ، عشرين ، ثلاثين .. قال : كلا ، بل لا تتجاوز اثنتين أو ثلاثاً ، أنا لا أرضى أن يضيع وقتي في قراءة شعر لا يعبَّر عن روح العصر !

قلت له : أنت فتى صريح وصادق ، أسألك : هل يكفي ما قرأته لإصدار هذا الحكم العام الذي ذكرته ؟

بعد لحضة صمت قال لي :

إن أستاذي في الأدب والنقد في الجامعة قد كفاني هذه المهمة لقد أكَّد لي أن شعرك لا يعبر عن روح العصر ، وأنه نظم لا يرقى إلى منزلة الشعر ، وأنا أثق برأي أستاذي .

قلت له : ألست صاحب عقل وتفكير ، أليس جديراً بمثلك أن تطّلع على الشيء بنفسك لتصل إلى الحقيقة دون رتوش ؟ ألم تقل إنك ابن القرن العشرين ، قرن التفكير والعقل .. فاني عقلك إذن .. أليس جديراً بك أن تقرأ شعري ثم تقول لأستاذك نعم أو لا ؟

قال بعد صمتٍ قصير : بلى ...

وأهديته ديوانين من شعري واتفقنا على اللقاء بعد شهر لأسمع رأيه فيما قرأ .. وقبل أن أودّعه قلت له : هل يمكن أن أسألك سؤالاً آخر ؟ .. كانت نفسه قد هدأت ، وصدره قد انشرح ، لقد كُسر حاجز الوحشة فيما يبننا ، وشاع جوّ من الأُلْفةِ التي ظهر أثرها على ملامح وجهه الوسيم .

قال لي : نعم ، إني مستعد للإجابة عن كل ما تريد .. قلت له : عندك شك في الإسلام ؟

غام وجهه من جديد ، بل أبدَّ وعلْته سحابة دكناء .. لم أعقِّب على سؤالي بكلمة ، كنت أنتظر جوابه بفارغ الصبر .. وكنت أرجو أن يقول ( كلا ) يل ليته يقولها

... إن كلمته التي قالها قبل قليل عن الإسلام قد ملأت نفسي بالأسى والوحشة والحزن العميق ... ألم يقل في لحظة انفعال : " ما أهمية الإسلام لنا في هذا الزمان ؟ " .. يا له من سؤال خطير .. يا للحسرة .. ليس الفتى من أدغال أفريقيا ، ولا من أطراف بلاد الإسلام ، نشأ في أسرةٍ مسلمة محافظة ، يا ترى من أين جاءته هذه اللَّوثة المدمِّرة .. إني لأرجو أن يكون انفعاله وغضبه هو الدافع لقول تلك الكلمة ، أرجو ألا يكون لها جذور في عقله .. ..

قال بصوتِ واهن :





وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

أكتوبر 14th, 2006, 11:59 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


أصدقك القول ، نعم عندي شك في الإسلام !!!

أصابني هدوء المفاجأة ، أو بَهْتًةُ الموقف .. نعم ، هكذا ينطلق بها لسانك يا عبدالله .. بكل سهولةٍ ، دون تردُّد ؟!

كان صوتي خافتاً ، وكانت عباراتي محمَّلةً بقدر كبير من الحزن والشفقة على هذا الفتى المخدوع .. لقد احسّ الفتى بذلك ، ولهذا بادرني قائلاً : أرجو ألاَّ تغضب منّي إني أصارحك ، لا أستطيع أن أكذب عليك .

قلت له : من اين جاءك هذا الشك ؟

سكت قليلاً ثم قال : من مناقشاتي مع بعض المثقفين ، ومن قراءتي لكتب دلَّني عليها بعض أساتذتي وأصدقائي .. لقد نشأت في ذهني أسئلةٌ كثيرة من خلال تلك المناقشات والقراءات عن الكون والعلم والدين والعقل .. إن الغرب يتطوّر بشكل مذهل مع أنه لا يدن له .. ولا يعرف بالإسلام ، أما عالمنا الإسلامي فهو يعيش حالة التخلُّف والذلَّ ما فائدة الإسلام إذن ؟!

قلت له : يا عبدالله .. هل يُطبَّق الإسلام في عالمنا الإسلامي تطبيقاً صحيحاً .. هل يتصل عالمنا الإسلامي بالله اتصالاً حقيقياً ؟

توقف قليلاُ ثم قال : كلا .

قلت : فما ذنب الإسلام إذنْ ، ولماذا نستقرىء القضية هذا الاستقراء الناقص ، ولماذا لا نفتح آفاق التفكير الصحيح في هذا الموضوع ؟ .. أنت يا عبدالله تعاني من مشكلةِ إلغاء عقلك ، والتفكير بعقول الآخرين .

بدا على وجهه أثرٌ لاضطراب كبير ، وصراع نفسي خطير ..

قلت له : هل يمكن أن أعرف أسماء بعض من تقرأ لهم ؟ ويا للهول ، لقد ذكر لي عدداً من الأسماء ، كل اسم منها كفيل بتدمير أمةٍ بكاملها .. إنها أسماءٌ لامعة لقراصنة الفكر والأدب في عالمنا الإسلامي .. أدونيس .. .. إن عقل عبدالله لقاصرٌ حقاً عن مواجهة الأوهام والشبه والكوك التي تثيرها أقلام هؤلاء .

وسألته سؤالاً حاداً صارخاً : من الذي دلّك على هذه الأسماء يا عبدالله ؟! وبعد صمت ليس بالقصير قال لي ، ليس مهماً أن أذكر أسماء من دلَّني ، المهم إنني مستعد للمناقشة .

قلت له : قبل المناقشة لابد من التوازن ...

قال : ماذا تعني بالتوازن ؟ .. قلت : أن تقرأ بعض الكتب التي تمثل الاتجاه الآخر ، والتي تشرح جوانب هذه القضية ، وتبيّن بعلمية واستقصاء خطأ الأفكار التي يطرحها " العلمانيون " والمتسكّعون في درب التفكر والمنحرف .

وافترقنا على أن نلتقي في اليوم التالي لأعطيه بعض الكتب .

ولقد كانت تلك الليلة مثقلةً بالهموم والتفكير ، والتساؤلات .. يا تُرى إلى متى تظلُّ هذه الأقلام الحاقدة الملحدة تكتب عن الإسلام ؟ مَنْ الذي يحمي شباب الإسلام نساءً ورجالاً من ضلالات المضلّين ؟ ... إنَ بذر بذرة الشك في نفوس شباب الإسلام من اخطر وسائل تدمير الأمة ، ثم أين الأسرة المسلمة التي تتابع أبناءها بأسلوب تربوي ناجح ، أين أبو عبدالله هذا وأقاربه ، أين أهل الخير ورجال الصحوة عن أمثاله ؟

بل أين إحساس بعض الأساتذة الذين يشحنون عقول الطلاب بمثل هذه التُرََهات ؟

أين إحساس القائمين على بعض الصحف والمجلات ، الذين يروّجون لأفكار أولئك المنحرفين ونصوصهم البعيدة عن جادَّة الإسلام ؟

يا لها من أسئلة مؤلمة ، ويا له من جرحٍ عميق !! .. وفي اليوم التالي جاءني عبدالله قبل الموعد المحدّد ، وحمدت الله كثيراً ، إن ّ هذا دليل على انشراح صدره واستعداده لسماع الرأي الآخر .

قال لي : إني أعتذر إليك حقاً ، لقد استعرضت البارحة ما جرى لي معك في أوّل لقاءنا فشعرت إنني أسأت إليك . .. قلت له : لا تضخّم الأمر إني سعيد بمعرفتك .

وأعطيته بعض الكتب منها : الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية و كتاب العرب والإسلام .. وغيرها .

قلت له : هذه مكتبة صغيرة اهديها إليك ، لا أطالبك بقراءتها كلَّها ، لكني اقترح عليك بعضها ، وأعطيك مهلة شهرين نلتقي بعدها للمناقشة .

قال لي متحمساً : بل يكفيني شهر واحد ، أنا مدمن قراءة ، أقراً في اليوم ما لا يقل عن عشر ساعات .. وقبل أن ينصرف قلت له : هل لي أن أقترح عليك اقتراحاً آخر . قال نعم ، أنا مستعد للتنفيذ .

قلت له مبتسماً : هكذا مستعد للتنفيذ مباشرةً حتى لو كان الاقتراح لا يعجبك ! .. ابتسم وقال : نعم ، قلت له يا عبدالله أنت مسلم ، إن إسلامك نعمة كبيرة من الله عليك ومن حق الله علي عبده المسلم أن يطيعه ، إن في الأرض ملايين الحيارى التائهين يبحثون عن حقيقة (( روحية )) تريحهم من ظلمات الإلحاد والضلال والشك ، إن الإسلام هو طريق النجاة ، فكيف ندعو الناس إليه إذا كنا ،حن _ أهله _ متشككين فيه ؟!

يا عبدالله: اقترح عليك أن تبدأ بخطوةٍ في الطريق ، أن تؤدي الصلاة التي فرضها الله عليك ، أنت صاحب إرادة ، ومثلك قادر على التنفيذ ... تأكد أن الصلاة ستنقلك نقلةً كبيرة إلى عوالم مضيئة من الراحة واليقين ، وستفتح آفاق ذهنك لفهم المعاني التي تتضمّنها الكتب الهداة إليك .

وجلس عبدالله على المقعد بعد أن كان واقفاً .. قال لي : تقترح اقتراحاً ، يا له من أسلوبٍ رائع تعاملني به ،إني أعرف لذة الصلاة ، لم اتركها إلا منذ أربع سنوات ، لقد تعرَّضت لأشدَّ أصناف العقاب من أبي ، والتأنيب من أمي والكلمات الجارحة من بعض أقاربي ، من أجل الصلاة ، ومع ذلك لم أزد إلاّ نفوراً !


وسكت ثم دسَّ وجهه في راحتيه وأخذ يبكي ، ثم كان بكاءً شديداً ، وغامت عيناي فرحةً ببكائه ، إنّ دموعه هذه ستغسل ما زان على قلبه ، يا إلهي أشكرك .. إنّ الفاصل بين الضلال والهدية حاجز نفسي إذا زال ، تبدَّدت الأوهام .

اللهم لا تحرمني من أجر هداية هذا الفتى ورفع عبدالله رأسه وقال : أنا مستعد لتنفيذ الاقتراح .. ولم أناقش عبدالله بعد شهر ، لأنه جاء إليّ وقد غسل عن قلبه أردان الشك ، وعن ذهنه أوزار الأباطيل .

قال لي : أنا الآن عبدالله بن ........ رجعت إلى ساحة الحق بعد رحلة ٍمضنية مع الأوهام .. قلت له مبتسماً : ما رأيك في شعري ؟ قال : أنا لست ناقداً حتى أقوَّم شعرك ، ولكني أخبرك أنني قرأت بعض قصائدك أكثر من مرة لأنني وجدت فيها ما يعبّر عن نفسي ...

قلت له : وأين تذهب برأي أستاذك الذي تثق به ؟ .. قال : لقد أعجبتني كلمة قلتها لي في لقاءنا الأول ، حين سميت أصحاب الأفكار المنحرفة بـ ( قراصنة الأدب والفكر ) إن أستاذي واحد منهم .

قلت : وأنا أشعر بفرح لما أرى من حال عبدالله ، واشعر بالأسى حزناً على عشرات الشباب سواه ممن يتعرضون لأساليب التشكيك والتضليل :



حسبنا الله على ( قراصنة الأدب والفكر ) ! .


اخوكم / الاثرم

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر