الصليب في الإنجيل والقرآن-لإسكندر جديد

شارك بالموضوع
melchi
مشاركات: 22
اشترك: أغسطس 29th, 2003, 12:17 pm

مارس 15th, 2006, 2:09 pm

في الأصحاح الأّول من رسالته إلى الكورنثيّين، قال الرسول بولس : لِأَنَّ اليَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً، وَل كِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالمَسِيحِ مَصْلُوباً : لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا للْمَدْعُوِّينَ : يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللّهِ وَحِكْمَةِ الله ِكورنثوس الأولى 1 :22-24. وقال في الأصحاح الثاني : وَأَنَ المَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الكَلَامِ أَوِ الحِكْمَةِ مُنَادِيا لكُمْ بِشَهَادَةِ اللّهِ، لِأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلَّا يَسُوعَ المَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً كورنثوس الأولى 2 :1-2.

وإذا تأمّلنا في أقوال الرسل عامّة، نرى أنّ الإنجيل الذي بشّروا به منذ فجر المسيحيّة وقبله الناس وبه خلصوا، إنّما كان الخبر السارّ، الذي لخّصَه بولس بهذه العبارات الصريحة : َأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلَامٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلَّا إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَّوَلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً : أَنَّ المَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الكُتُبِ كورنثوس الأولى 15 :1-4.

ومع ذلك، فبعد مرور ما يربو على الخمس ماية عام على انتشار هذا الإنجيل في كلّ العالَم، جاء مَن يعترض على هذه الحقيقة, لكأنّه يقول للمسيحيّين : أنتم على خطأ في دينكم!

ولعلّ أصحاب هذا الاعتراض أخذوا فكرتهم عن أهل البدع من اليهود المتنصّرين، الذين جاروا آباءهم بالاعتقاد أنّ المسيح لا يموت. ونحن مدينون جدّا ليوحنّا البشير الذي ذكر لنا هذا الأمر في إنجيله، إذ سجّلَ لنا قول الفرّيسيّين في حوارهم مع المسيح : نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الْأَبَدِ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الْإِنْسَانِ؟يوحنّا 12 :34.

ويذكر لنا المؤرّخون أنّ ضلالة كانت شائعة عند نصارى الجزيرة العربيّة مفادها أنّ المسيح، وهو القادر أن يتحوّل من صورة إلى صورة، حين جاء أعداؤه لإلقاء القبض عليه، ألقى شبهه على إنسان آخر، فصُلِب بديلاً عنه.

أمّا المسيح فقد ارتفع إلى الذي أرسله، هازئاً بأعدائه.

فالنصّ القرآنيّ عن آخرة المسيح، جاء متّفقاً مع هذه الرواية ومعاكسا لرواية اليهود، إذ يقول : وَقَوْلِهِمْ أي اليهود إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الذِينَ ا خْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَالهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ا تِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً سورة النساء 4 :157-158.

وعلّنا نفهم من رواية أهل البدع الذين التصقوا بالمسيحيّة، أنّ الصليب بالنسبة لهم لم يكن قضيّة تاريخ وعقيدة فداء. بل مسألة رمزيّة كالنجم الذي اهتدى المجوس به إلى مهد طفل المذود في بيت لحم، وكهيئة الحمامة التي نزل بها الروح القدس على المسيح أثناء عماده في نهر الأردنّ. أمّا الخشبة الضخمة التي عُلّق يسوع عليها والتي هي مذبح الفداء، الذي قُدّم عليه حَمَل الله ليرفع خطيّة العالم، فلا أهمّيّة لها عندهم. لكأنّهم يرفضون الحقيقة التي نادى بها رسول الأمم : اَلْمَسِيحُ ا فْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لِأَجْلِنَا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ. لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلْأُمَمِ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ غلاطية 3 :13-14.

ولعلّ أغرب ما يُقال في الاعتراض على الصليب، هو ما جاء في الإنجيل المزوَّر والمنسوب إلى يوحنّا، والذي ألَّفَه أولئك المبدعون : إنّ هذا الصليب المنير، الذي تراه أمامك ليس بصليب الخشب الذي ستراه عند رجوعك إلى الأرض. على ذلك الصليب لم أكن إيّاي الذي تسمعه الآن ولا تراه. لقد ظنّوني مَن لستُ إيّاه، إذ لم أكن حينئذٍ مَن كنت بين الجماهير.

فممّالا شكّ فيه أنّ الإسلام ورث هذا النفور من الصليب من أولئك المبدعين، الذين كانوا منتشرين في الجزيرة العربيّة التي هي مهد الإسلام. والمؤسف في الأمر، أن يختلف فقهاء الإسلام في موضوع إحلال الشبه محلّ المسيح، وتنطلق عدّة روايات متباينة منها :

أ - أنّ اليهود لمّا صمّموا على قتل عيسى رفعه الله إلى السماء، فخاف رؤساؤهم من انتفاض الشعب عليهم فأخذوا إنساناً وقتلوه وصلبوه ولبَّسوا على الناس أنّه عيسى.

ب - أنّ الله ألقى شبه عيسى على إنسان آخر فمات هذا بديلاً عنه. ولهذه الرواية عدّة وجوه :

1 - دخل تيطاوس اليهوديّ بيتاً، كان المسيح فيه بقصد اعتقاله، فلم يجده. وألقى الله شبه عيسى عليه، فلمّا خرج ظنّوه أنّه عيسى فأخذوه وصلبوه.

2 - أنّ اليهود حين اعتقلوا عيسى، أقاموا عليه حارساً. ولكنّ عيسى رُفِعَ إلى السماء بأعجوبة، وألقى الله شبهه على الحارس فأُخِذَ وصُلِبَ وهو يصرخ أنا لست بعيسى.

3 - وُعِدَ أحد أصحاب عيسى بالجنّة فتطوّع بالموت عنه، فألقى الله شبه عيسى عليه فأُخرِجَ وصُلِبَ. أمّا عيسى فرُفِعَ إلى السماء.

4 - نافق أحد تابعِي عيسى أي يهوذا وجاء مع اليهود ليدلّهم عليه. فلمّا دخل معهم لأخذه ألقى الله عليه شبهه فأُخِذ وقُتِل وصُلِبَ.

وقد سرد أبو جعفر الطبري في كتابه جامع البيان عدّة روايات في هذا الصدد.

الأولى أنّ بعضهم قال : لمّا أحاطت اليهود بعيسى وبأصحابه أحاطوا به، وهم لا يثبتون في معرفة عيسى عينه. وذلك أنّهم جميعاً حُوِّلوا في صورة عيسى. فأُشكِل الأمر على الذين كانوا يريدون قتلَ عيسى. فخرج إليهم بعض مَن كان في البيت مع عيسى فقتلوه وهم يحسبونه عيسى.

الثانية مروية عن ابن حمية، عن يعقوب القمّيّ، عنوهب بن منبّه. قال : أتى عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريّينفي بيت وأحاطوا به. فلمّا دخلوا صّورهم الله كلّهم على صورة عيسى. فقالوا لهم سحرتمونا. لتبرزنَ لنا عيسى، أو لنقتلنّكم جميعاً.فقال عيسى لأصحابه : مَن يشتري نفسه منكماليوم بالجنّة؟ فقال رجل منهم أنا. فخرج إليهم، فقال أنا عيسى فأخذوه، فقتلوه وصلبوه. فمِن ثمّ شُبّه لهم. وظنّوا أنّهم قتلوا عيسى. ورفع الله عيسى من يوم ذلك.

الثالثة مروية عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن المفصّل، عن أسباط، عن السديّ، قال إنّ بني اسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلاً من الحواريّين في بيت. فقال عيسى لأصحابه : مَن يأخذ صورتي، فيُقتَل وله الجنّة؟ فأخذها رجل منه، وصعد بعيسى إلى السماء. فلمّا خرج الحواريّون أبصروهم تسعة عشر، فأخبروهم أنّ عيسى عليه السلام قد صعد بهم إلى السماء فجعلوا يعدّون القوم، فيجدون أنّهم ينقصون رجلاً من العدّة، ويرون صورة عيسى فيهم فشكّوا فيه. وعلى ذلك الرجل. وهم يرون أنّه عيسى فصلبوه.

الرابعة مروية عن ابن حميد، عن سلمة عن ابن إسحاق. قال : كان اسم ملك بني إسرائيل الذي أُرسِل إلى عيسى ليقتله رجلاً منهم يُقال له داود. فلمّا أجمعوا لذلك، لم يفزع عبد من عباده بالموت فزعه. ولم يجزع جزعه. وإنّه ليقول عمّا يزعمون : اللهمّ أِن كنتَ صارفاً هذه الكأس عن أحد من خلقك، فاصرفها عنّي وحتّى أِن جلده من كرب ذلك، ليتفصّد دماً. فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه، ليقتلوه، هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر بعيسى. فلمّا أيقن أنّهم داخلون عليه ألقى شبهه على أحدهم فأمسكوه وصلبوه.

الخامسة مروية عن سلمة، قال حدّثني رجل كان نصرانيّاً فأسلم، أنّ عيسى حين جاءه من الله إنّي رافعك إليّ، قال : يا معشر الحواريّين أيّكم يحب أن يكون رفيقي في الجنّة، على أن يشبّه للقوم في صورتي فيقتلوه مكاني؟ فقال سرجس. أنا يا روح الله. قال فاجلس في مجلسي. فجلس فيه ورفع عيسى، فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه. فكان هو الذي صلبوه وشُبّه لهم جمع البيان 6 :12-14.

وجاء في تفسير السنوي الجزء الأوّل عن مالك : من المحتمل أن يكون المسيح، مات حقيقة، وأنّه سيحيا في آخر الزمان، ويقتل الدجّال.

وجاء في تفسير ابن كثير، عن إدريس : قال : مات المسيح ثلاثة أيّام ثمّ بعثه الله ورفعه.

وقال إخوان الصفا : إنّ المسيح مات وصُلِبَ وقام وتراءى لخاصّته بعد ذلك إخوان الصفا جزء 4، ص3. وكذلك اختلفوا في اسم الشخص الذي صُلِب. ففريق قال إنّه يهوذا، وفريق قال إنّه تيطاوس، وفريق قال إنّه سرجس، وفريق قال إنّه أحد الحواريّين وكذلك مفسّرو القرآن، إلاّ قليلاً منهم لم يكونوا أكثر توفيقاً في رواياتهم. فقد قال الجلالان في تفسير مقالة القرآن : ولكن شُبّه له المقتول وهو صاحبهم بعيسى، أي ألقى الله عليه شبه عيسى فظنّوه إيّاه فقتلوه وصلبوه. وأنّ الذين اختلفوا فيهأي عيسى لفي شكّ منه أي مَن قتله. لأنّ بعضهم لمّا رأوا المقتول قالوا، الوجه وجه عيسى أمّا الجسد فليس بجسده، وقال بعض آخر أنّه، هو هو تفسير الجلالين ص 135.

وقال البيضاوي : روي أن رهطاً من اليهود سبُّوا عيسى وأمّه، فدعى عليهم فمُسخوا قردة وخنازير. فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنّه يرفعه إلى السماء. فقال لأصحابه : أيّكم يرضى بأَن يُلقى عليه شبهي فيُقتَل ويُصلَب ويدخل الجنّة. فقام رجل منهم فألقى الله عليه شبهه فقُتل وصُلِب.

أمّا الزمخشريّ، فقد قال : شُبّه لهم أي خُيِّلَ إليهم، أو توهّموا أو أوهموا أنّهم قتلوه وصلبوه، فهو ميت لا حيّ، بل هو حيّ لأنّ الله رفعه إليه.

ولا مراء في أنّ هذا التباين في الروايات، نجم عن عدم وجود نصّ صريح في القرآن، حول نهاية أيّام جسد المسيح على الأرض. وهذا التباين فتح باب الإشكال والتضارب في الآراء. ولهذا لم يكن بدّ لعالمٍ نزيه كالإمام العلاّمة فخر الدين الرازي، أن يفنّد قصّة الشبه تفنيداً محكماً. ففي تفسيره العدد 55 من سورة آل عمران يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ عالج مسألة الشبه بكلّ موضوعيّة إذ قال :

من مباحث هذه الآية موضع مشكل، وهو أنّ نصّ القرآن دلّ على أنّه تعالى حين رفعه ألقى شبهه على غيره، على ما قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم والأخبار أيضاً واردة بذلك، إلاّ أنّ الروايات اختلفت. فتارة يروي أنّ الله تعالى ألقى شبهه على بعض الأعداء الذين دلّوا اليهود على مكانه حتّى قتلوه وصلبوه، وتارة يروي أنّه رغب بعض خواصّ أصحابه في أن يلقي شبهه حتّى يُقتل مكانه. وبالجملة فكيفما كان، ففي إلقاء شبهه على الغير إشكالات :

الإشكال الأول أنّا لو جوّزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر، لزم السفسطة. فإنّي إذا رأيت ولدي، ثمّ رأيته ثانياً فحينئذٍ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً، ليس بولدي، بل هو إنسان أُلقي شبهه عليه. وحينئذٍ يرتفع الأمان على المحسوسات. وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمّداً، يأمرهم وينهاهم، وجب أن لا يعرفوا أنّه محمّد، لاحتمال أنّه ألقى شبهه على غيره. وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع. وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة، على أن يكون المخبر الأّول، إنّما أخبر عن المحسوس. فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات، كان سقوط خبر التواتر أولى. وبالجملة ففتح هذا الباب، أوّله سفسطة، وآخره أبطال النبّوات بالكلّيّة.

الإشكال الثاني هو أنّ الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام، بأَن يكون معه في أكثر الأحوال. هكذا قال المفسّرون في تفسير قوله إذ أيّدتُك بروح القدس ثمّ أنّ طرف جناح واحد من أجنحة جبريل، كان يكفي العالم من البشر. فكيف لم يكفِ في منع أولئك اليهودِ عنه؟ وأيضاً المسيح لمّا كان قادراً على إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود، الذين قصدوه بالسوء، وعلى إسقامهم، وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتّى يصيروا عاجزين عن التعرّض له؟

الإشكال الثالث أنّه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء. فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، إلاّ إلقاء مسكين في القتل، من غير فائدة إليه؟

الإشكال الرابع أنّه ألقى شبهه على غيره، ثمّ أنّه رُفِعَ بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنّه عيسى، مع أنّه ما كان عيسى. فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله.

الإشكال الخامس أنّ النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدّة محبّتهم للمسيح وغلّوهم في أمره. أخبروا أنّهم شاهدوه مقتولاً ومصلوباً. فلو أنكرنا ذلك، كان طعناً في التواتر. والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوّة محمّد، ونبوّة عيسى، بل في وجودهما، ووجود سائر الأنبياء، وكلّ ذلك باطل.

الإشكال السادس أنّه ثبت بالتواتر أنّ المصلوب بقي حيّاً زماناً طويلاً. فلو لم يكن ذلك عيسى، بل كان غيره، لأظهر الجزع، ولَقال : إنّي لست بعيسى بل إنّما أنا غيره. ولبالغ في تعريف هذا المعنى. ولو ذُكِر ذلك، لاشتهر عند الخلق هذا المعنى. فلمّالم يوجد شيء من هذا، علمنا أنّ الأمر ليس على ما ذكرتم.التفسير الكبير 7 :70-71.

ولكن إن كان القرآن في مقالته ينفي صلب المسيح، فهو لم ينفِ موته قبل ارتفاعه إلى السماء. وحين نتأمّل في آخرة المسيح من خلال القرآن نجد ثلاثة نصوص تؤكّد موته بكلمة وفاة أو موت ونصّين يؤكّدان موته قتلاً :

1وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً سورة مريم 19 :33. ففي هذا النصّ إعتراف صريح بأنّ المسيح تجسّد ومات وبُعِث، وذلك على شكل نبوّة مرتكزة على معجزة. وهذا يوافق نصّ الإنجيل روحاً وحرفاً.

2إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الذِينَ ا تَّبَعُوكَ فَوْقَ الذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ سورة آل عمران 3 :55.

3وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ا تَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَاليْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ ا عْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ سورة المائدة 5 :116-117.

4وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَالا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ ا سْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ سورة البقرة 2 :87. فكلمة تقتلون هنا لا لبس فيها، ولا يصحّ تفسيرها بغير القتل. ولمّا كان القرآن لم يذكر كيف قُتِل المسيح، فالإنجيل هو المرجع الأصليّ أوّلاً وآخراً في هذا الموضوع.

5الذِينَ قَالُوا أي اليهود إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالبَيِّنَاتِ وَبِالذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِ ينَؤ سورة آل عمران 3 :183.

وإذا ما تقصّينا الأمر من روايات القرآن نرى أنّ الرسول الوحيد الذي أتى بالقربان هو المسيح، إذ يقول :وقَالَ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَاِئدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيد الأَ وَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِ ينَؤ سورة المائدة 5 :114.

والآن لنرجع إلى مقالة سورة النساء وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم وذلك في محاولة لإخراج المتشبّثين بحرفيّة كلماتها من سجن الحرف إلى رحاب حرّيّة الروح، ليس لأنّنا نحتاج إلى غير نصوص الإنجيل لإبراز الحقّ، وإنّما عملاً بمبدأ الكياسة حيال شعور الغير. وهذه المحاولة تستلزمنا أن نكشف عن قصد رؤساء اليهود من قتل المسيح. هذا الأمر بسطه لنا يوحنّا البشير في انجيله، إذ يقول : فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ وَالفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعاً وَقَالُوا : مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً. إِنْ تَرَكْنَاهُ ه كَذَا يُؤْمِنُ الجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا. فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَيَافَا، كَانَ رَئِيسا للْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ : أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً، وَلَا تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلَا تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا الإنجيل بحسب يوحنّا 11 :47-51.

والواقع أنّهم حين علّقوه على الصليب، ومات وأُنزِل في القبر وخُتِم باب قبره عليه بأختام بيلاطس، فرحوا جدّاً وظنّوا أنّهم تخلّصوا نهائيّاً، من تعليمه وآياته. وأملوا أنّ موته القاسي يكفي لردع أتباعه عن القيام بأي نشاط. ولكنّ رياح المشيئة الإلهيّة أتت بما لا تشتهي سفن إرادة اليهود المستكبرين، لأنّ موته الكفّاريّ على الصليب، سرعان ما جذب إليه الألوف والربوات. فتمّ ما تنبّأ به له المجد : وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الجَمِيعَ الإنجيل بحسب يوحنّا 12 :32.

وكذلك العجائب ظلّت تجري على أيدي رسله. وفقا للسلطان الذي أعطاهم إيّاه. ويخبرنا الكتاب المقدَّس وَكَانَ اللّهُ يَصْنَعُ عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ المُعْتَادَةِ، حَتَّى كَانَ يُؤْتَى عَنْ جَسَدِهِ بِمَنَادِيلَ أَوْ مَآزِرَ إِلَى المَرْضَى، فَتَزُولُ عَنْهُمُ الأَمْرَاضُ، وَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ الشِّرِّيرَةُ مِنْهُمْأعمال 19 :12.

ولهذا يمكننا أن نقبل نصّ القرآن شهادة عليهم وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه مالهم به من علم إلاّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقينا لأنّه قام في اليوم الثالث. وبعد أربعين يوماً ظهر خلاله التلاميذه، صعد إلى السماء وجلس عن يمين العظمة وفقا للقول : إنّي متوفّيك ورافعك إليّ.

kurdi
مشاركات: 110
اشترك: فبراير 18th, 2003, 1:24 pm

مارس 15th, 2006, 4:58 pm

:(

kurdi
مشاركات: 110
اشترك: فبراير 18th, 2003, 1:24 pm

مارس 15th, 2006, 6:59 pm

:)

دين الإسلام
مشاركات: 9
اشترك: مارس 15th, 2006, 7:59 am

مارس 16th, 2006, 12:40 pm

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)

تفسير الجلالين

""وَقَوْلهمْ" مُفْتَخِرِينَ "إنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول اللَّه" فِي زَعْمهمْ أَيْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ عَذَّبْنَاهُمْ قَالَ . تَعَالَى تَكْذِيبًا لَهُمْ فِي قَتْله "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ" الْمَقْتُول وَالْمَصْلُوب وَهُوَ صَاحِبهمْ بِعِيسَى أَيْ أَلْقَى اللَّه عَلَيْهِ شَبَهه فَظَنُّوهُ إيَّاهُ "وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ" أَيْ فِي عِيسَى "لَفِي شَكّ مِنْهُ" مِنْ قَتْله حَيْثُ قَالَ بَعْضهمْ لَمَّا رَأَوْا الْمَقْتُول الْوَجْه وَجْه عِيسَى وَالْجَسَد لَيْسَ بِجَسَدِهِ فَلَيْسَ بِهِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ هُوَ "مَا لَهُمْ بِهِ" بِقَتْلِهِ "مِنْ عِلْم إلَّا اتِّبَاع الظَّنّ" اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ لَكِنْ يَتَّبِعُونَ فِيهِ الظَّنّ الَّذِي تَخَيَّلُوهُ "وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا" حَال مُؤَكِّدَة لِنَفْيِ الْقَتْل"


وجميع ما ذكر الأخ الفاضل هي اجنهادات من بشر قد تصيب أو تخطيء وهي لا تنفي ما جاء بالأية الكريمة
"ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب"

صدق الله العظيم

saif
مشاركات: 35
اشترك: أكتوبر 27th, 2005, 3:26 pm

مارس 16th, 2006, 9:41 pm

أخي

سؤال بسيط يتبادر إلى الدهن من تفسيرك هذا

الله القدوس الصادق هل يليق به أن يضل الناس و يجعل الأمور تختلط عليهم بسبب شبه وضعه على أحد. ألم يكن حريا به هو الذي خلق المسيح بآية منه أن يرفع المسيح إليه أمام أنظار الملأ دون حاجة إلى قتل نفس بإلقاء الشبه عليها و ما تبع ذلك من فتن إلى يومنا هذا.

في نظري لا يستقيم تفسير هذه الآية بالشكل الذي يفهمه المسلمون.

هناك حلقة مفقودة لا توفرها إلا مسألة خطة الخلاص كما هي واضحة في الكتاب المقدس

و لك الشكر

zakwan
مشاركات: 1075
اشترك: مارس 19th, 2006, 8:56 am
المكان: Dubai

مارس 21st, 2006, 12:02 pm

دين الإسلام كتب:وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)

تفسير الجلالين

""وَقَوْلهمْ" مُفْتَخِرِينَ "إنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول اللَّه" فِي زَعْمهمْ أَيْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ عَذَّبْنَاهُمْ قَالَ . تَعَالَى تَكْذِيبًا لَهُمْ فِي قَتْله "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ" الْمَقْتُول وَالْمَصْلُوب وَهُوَ صَاحِبهمْ بِعِيسَى أَيْ أَلْقَى اللَّه عَلَيْهِ شَبَهه فَظَنُّوهُ إيَّاهُ "وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ" أَيْ فِي عِيسَى "لَفِي شَكّ مِنْهُ" مِنْ قَتْله حَيْثُ قَالَ بَعْضهمْ لَمَّا رَأَوْا الْمَقْتُول الْوَجْه وَجْه عِيسَى وَالْجَسَد لَيْسَ بِجَسَدِهِ فَلَيْسَ بِهِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ هُوَ "مَا لَهُمْ بِهِ" بِقَتْلِهِ "مِنْ عِلْم إلَّا اتِّبَاع الظَّنّ" اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ لَكِنْ يَتَّبِعُونَ فِيهِ الظَّنّ الَّذِي تَخَيَّلُوهُ "وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا" حَال مُؤَكِّدَة لِنَفْيِ الْقَتْل"


وجميع ما ذكر الأخ الفاضل هي اجنهادات من بشر قد تصيب أو تخطيء وهي لا تنفي ما جاء بالأية الكريمة

145
مشاركات: 98
اشترك: يناير 10th, 2006, 5:01 pm
المكان: مغربية
اتصل:

مارس 21st, 2006, 3:56 pm

نعم أخي سيف هناك حلقة مفقودة تحدث عنها القرآن بقوة وتخص حياة المسيح بعد واقعة الصلب هذه الحقيقة التي غابت عن المسيحيين وقبل هذا وجب التطرق للأحداث التي سبقت واقعة الصلب والإنجيل ذكر هذه التحرشات والصعاب التي واجهت المسيح في ترسيخ دعوة الحق وتحدث القرآن كذلك على الكفر الذي أبداه اليهود إتجاه هذه الدعوة لقوله تعالى:[[ فلما أحس عيسى منهم الكفر ]] أي إحساس بخطورة رفض اليهود لنبوته ، هنا سيبدأ مكر اليهود في النيل من المسيح في محاولات فاشلة لقوله تعالى:[[ وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ]] أي كففت عنك مكرهم في محاولة النيل منك ولم يذكر الإنجيل ولا المسيح لتلاميذه أن هذه المحاولات ستأدي بقتله ، فورود المحاولات حاصل ولكن نجاحها غير حاصل لا في القرآن ولا في الإنجيل ويظهر هذا في قول المسيح لما أراد أحد تلامذته الدفاع عنه بالسيف حيث قال ((رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى غِمْدِهِ! فَإِنَّ الَّذِينَ يَلْجَأُونَ إلى السيف ، بالسيف يهلكون 53 أم تظن أن لا أقدر أن أطلب إلى ربي فيرسل لي أكثر من آثني عشر جيشا من الملائكة )) وهذا يدل على تقة المسيح في قوة خالقه وسرعة تدخله سبحانه في مثل هذه المواقف الصعبة إلا أن إستعمال القوة في هذه الحالات يأتي كخطوة ثانية إن لم تجدي الخطوة الأولى والتي تكمن في مكر الخالق نحو مكر بسيط كهذا. ويتضح هذا كذلك في مكر الخالق إزاء مكر القريشيين لما أرادوا الدخول للغار وقتل محمد[ص] وصاحبه فواجههم الخالق بمكر جعل كلمتهم سفلى وكلمة الله هي العليا ، فردهم عن عزمهم وهم متأكدين من وجود محمد [ص] في الغار وقد أشار الخالق في هذه الواقعة بإستعداد الملائكة للتدخل في كل لحظة كخطوة ثانية لقوله تعالى:[[ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا ]] أرأيت أخي الحماية الشاملة التي يوفرها الخالق لأنبيائه ولو إقتدى الحال لأرسلت جيوش من الملائكة لنصرة أنبيائه أما ونحن أمام شردمة من الكفار لا تستحق هذا كله بل هي حيلة إنطوت عليهم إلى يوم البعث وجعلتهم قتلت المسيح وهم لم يقتلوه أصلا وقتلوا الشبه فلا حيلة مع الله ، فسيقول بعض المسيحيين ما هي الحكمة في جعل اليهود يظنون أنهم تمكنوا من المسيح ويموتون على هذا الظن والجواب على هذا السؤال في قول المسيح نفسه حيث قال (( ولكن كيف يتم الكتاب حيث يقول إن ما يحدث الآن لابد أن يحدث )) أي تجمعكم هذا على محاكمتي قد كتب في الكتاب من قبل أن يحدث أيقصد المسيح كتاب الله الذي كتب لهذه البشرية والذي شمل الكتب الأربعة السماوية وبالفعل سيأتي قول المسيح ليأكد أن الكتاب الذي يتحدث عن هذه الواقعة هي الكتب التي أتوا بها أنبياء الله حيث قال المسيح في تلك اللحظات الأخيرة (( ولكن حدث هذا كله لتتم كتابات الأنبياء)) عندئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا ليبقى هذا القول و قوله في المحكمة هو آخر ما سمعه التلاميذ من المسيح ليكون هذا الفصل هو آخر فصول الإنجيل وكل ما أتى من بعد الواقعة إلا أقوال ومشاهد تخص تلاميذ المسيح إننا لا نجد ياأخي هذا الحدث لا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الثورات والمسيح يصر أنه كتب في كتابات الإنبياء ليأتي القرآن بعد مرور 6 قرون على الحدث ليأكد قول المسيح ويتم حقيقة ما وقع ويبين هل المسيح صلب كما شهد المسيحيون مباشرة حين طبق الحكم أم هي خدعة إلاهية إنطوت على الجميع وخاصة اليهود أما أتباع المسيح وتلاميذه فقد تأكدوا من عدم موته بعد ظهوره ثانية بعد ثلاثة أيام من الواقعة ولم يذكر المسيحيين أن المسيح ذكر لمن شاهده تلك الليلة أنه خرج من القبر بعد موته لأنه لم يمت أصلا ويبقى ذلك الشبه الذي صلب ودفن وآختفت جتته لغزا لنا ولكم لحكمة يعلمها الله سبحانه فآختفى المسيح بعد هذا الظهور مباشرة ليظن تلاميذه من بعد ذلك أنه رفع إلى السماء. ونحن لا نعلم هل فعلا تلاميذ المسيح لم يعلموا حقيقة حياة المسيح بعد واقعة الصلب أم علموها وأقبرتها الأجيال التي أتت من بعدهم ، هذه الحقيقة التي يتحدث عنها القرآن قائلا :
((وإنّ من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا)) نعم رفعه الله بعد موته في الدنيا بإنقضاء أجله الذي بلغ الكهولة لقوله تعالى: ((يكلم الناس في المهد وكهلا )) هذه المرحلة بين شبابه و كهولته قد غابت عنا وهي مرحلة محكمة بإتقان تام كقوله لموسى (( إصطنعتك لنفسي)) نعم لقد كان هذا التشبيه أساس نجاح هذه المرحلة، ولولاه لعاشها مطارد من طرف اليهود، وهنا تبرز الحكمة في أن يعيش عيسى بن مريم حياة هادئة مطمئنة بعد الإنقلاب اليهودي والتخطيط لقتله، فعلم سبحانه سرّهم فكان الذي وقع تخطيطا إلاهيا محكما، ترتب عنه بزوغ ذرية لعيسى بن مريم من أبناء وحفدة لايعلمهم إلاّ الله مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران ((وإني سميتها مريم وإنيّ أعيدها بك وذريتها من الشيطان الرّجيم)) سيقول بعض الناس أن هذا دعاء معتاد من كل أم لإبنتها، ولكن لو علم الله عدم تًَحَقق هذا الدعاء المبارك بسبب هذا الرفع الوهمي لما أخبرنا به أصلا هذا من جهة كون عيسى طرف من ذرية مريم فوجب له الأبناء لإقرارهذه الذرية المؤكدة أما قوله سبحانه في سورة الرعد : (( ولقد أرسلنا رُسُلاَ من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرّية)) فهو تأكيد بوجود الزوجة والأبناء فعيسى بن مريم هو أب لذرية مباركة أقرتها كلمات الله ولامبدل لكلماته. لقد ضللنا الطريق بعدم تحقيق معنى قوله: ((رَفعناهُ)) فجاءت النتائج وخيمة بطمس الحكمة من التشبيه وإقرار نزول عيسى بن مريم قبل القيامة. قال تعالى في سورة مريم(وآذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صدّيقا نبيّا[56] و رفعناه مكانا عليّاً)) أي أنّ العلي القدير قد رفعه إلى السماوات العلى بعد وفاته كباقي الأنبياء والشّهداء والصدّيقين والصّالحين فالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، والعمل الصالح ذي الكلام الطيب يرفع صاحبه إلى السماء مصداقا لقوله: (من كان يريد الِعزّة فِلله العِزةُ جميعا إليه يصعد الكلمُ الطيب والعمل الصالح َيْرفَعُهُ). وأمّا الذي أخدته العِزّة وإنْسلخ من آيات الله بعد ثبوتها فله الخلود في ظلمات القبر إلى يوم القيامة مصداقا لقوله تعالى(وآتلُ عليهم نبأ الذي ءاتيناه ءاياتنا فآنسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين [175] ولو ِشئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض وآتبعَ هَوَاهُ)) لقد أعطى جمهور العلماء لهذا الرفع صفة خيالية لا يقبله العقل، والواقع هو رفع الروح الطيبة بعد وفاتها مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران(إذ قال الله ياعيسىإنيّ متوفيك ورافعك إليّ و مطهرك من الذين كفروا)) وكذلك قالها عيسى بن مريم مجيبا لسؤال الله يوم القيامة(ما قلت لهم إلاّ ماأمرتني به أِن آعبدوا الله ربيّ وربّكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلمّا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم)).ليختم الله هذه الحقيقة بقوله(وإنّ من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) أي أنّ هناك أناسا من بني إسرائيل شهدوا كهولته وموته وآمنوا به نبيا وهم شهداء بما علموا ورأوا على الذين ظنّوا أنهم قتلوا عيسى بن مريم يوم القيامة. لقد أصبحت حكمة التشبيه واضحة للعيان ليبقى نزول عيسى بن مريم شيء خيالي بني على قصة خيالية خالفة القرآن الكريم، لكن وجب تأكيدعدم حدوثه بالقرآن والسنة قال تعالى(إنْ هو إلاّعبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل[59] ولو شئنا لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون[60] وإنه لعلم الساعة فلا تمترنّ بها)) فقال شيوخنا أن عيسى بن مريم علامة من علامات الساعة لنزوله قبل وقوعها. هنا كذلك لم يتحدث القرآن على نزول عيسى بل تحدث على نزول الملائكة للأرض يوم القيامة وأنه مشهد من علم الساعة فكان قوله:((ولو شئنا لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون)) جوابا على قول الذين قالوا:((لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد آستكبروا في أنفسهم وعتو عُتوا كبيرا)) وكذلك قولهم في سورة الحجر:((وقالوا ياأيها الذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون(6)لولا تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين)) فأجابهم الله بقوله[[يوم ترون الملائكة لابشرى يومئد للمجرمين ويقولون حجرا محجورا]] وكذلك أكّد سبحانه هذا المشهد العظيم بقوله[[ويوم تشقق السماء بالغمام وننزّل الملائكة تنزيلا]] وبقوله كذلك((ما ننزّل الملائكة إلاّ بالحق وما كانوا إذا منظرين)) فكان تنزيل الملائكة يوم القيامة حدث من علم الساعة وأمرا من أمورها مصداقا لقوله تعالى :[[ هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور)). لنعد لهذا الحوارا لإلاهي سنجد قول عيسى بن مريم ينفي نهائيا هذاالنزول مجيبا على سؤال يوم القيامة:((وكنتُ عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم)) فكان جوابا صادقا على الذين إدّعوا ألوهيتًه بعد موته،هؤلاء النصارى ما كانوا أن يقولوا هذا وهو فيهم بل إفتروه بعد وفاته وإدّعوا ِلله صاحبة وولدا إلى يوم القيامة. إذن فعيسى لن ينزل لكي يجتمع ثانية مع قومه النصارى لأن آخر عهد له عليه السلام بقومه كان قبل موته، وهذه شهادة يشهد بها المسيح نفسه فلا مجادلة فيها أصلا، إذا كان المسيح يقر بشهادة تامةعلى عدم نزوله قبل يوم القيامة فكيف لنا نحن أن نُقِرّ العكس؟!!. لقد تطرق نبيُّنا محمدعليه الصلاة والسلام لهذا الإدّعاء الضال وإستنكره على النصارى بقوله عليه السلام:((والذي بنفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكما مقسطا،فيكسرالصليب ويقتل الخنزير)) أخرجه أبوداود والشيخان ومالك فظن الناس أن الحديث دليل على نزول عيسى بن مريم، وكان عدم فهمه كما أراد الله ورسوله سببا في إنسياقنا وراء هذا الخطء ليومنا هذا.فإذا تمعنا في الحديث النبوي الشريف وجدناه موجه لفئتة معينة وهم النصارى الذين يفترون الكذب على الله ولتعظيم هذاالبهتان وتكبيره في أعين الناس كان قوله(ص):{يوشكن أن ينزل فيكم }وهذاإلاّ في سبيل تعظيم ذلك الإدّعاء الخاطىء عند النصارى مصداقا لقوله تعالى(وقالوا آتخد الرحمن ولدا[88] لقد جئتم شيئا إذا[89] تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا[90] أن آدعوا للرحمن ولدا)) وهل تفطرت السموات وإنشقت الأرض وخرت الجبال؟ لا والله فهي باقية بإذن الله إلى يوم القيامة بل تكاد وتوشك على ذلك تعظيما للذنب والإثم الذي إقترفه النصارى بإدّعائهم الكاذب. ولاننسى أن محمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنياء ولا نبيا بعده ،ونزول عيسى بن مريم للدنيا قد خالف هذه القاعدة والقرآن مصداقا لقوله تعالى(وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل)) أي أن محمد(ص) شأنُهُ شأن عيسى وموسى وإبراهيم وكُلُّ الرسل التي خلت وغادرت أرض الدنيا بعد أن أدّت الرسالة المنوطة بها،لقدحدثنا رسول الله عن المسيح الذجّال مما يدل على أن فكرة ظهورعيسى ثانية قدعشعشت في عقول الناس حتى يأتي زمن يخرج فيه من يدَّعي أنه عيسى بن مريم وماهو إلاّ مشعود كذاب ومسيخ ذجال كما ذكر رسول الله(ص) وحدّرنا من السقوط في شباكه،اللهم آشهد وأنت خير الشاهدين. ................................... هشام عبد الرحمان
415

melchi
مشاركات: 22
اشترك: أغسطس 29th, 2003, 12:17 pm

مارس 22nd, 2006, 1:47 pm

قلت في جوابك
والمسيح يصر أنه كتب في كتابات الإنبياء ليأتي القرآن بعد مرور 6 قرون على الحدث ليأكد قول المسيح ويتم حقيقة ما وقع ويبين هل المسيح صلب كما شهد المسيحيون مباشرة حين طبق الحكم أم هي خدعة إلاهية إنطوت على الجميع وخاصة اليهود أما أتباع المسيح وتلاميذه فقد تأكدوا من عدم موته
كلمة خدعة إلاهية تتنافى مع قداسة الله. فهل الله يحتاج لخداع البشر الضعفاء. أظن أننا نختلف في تصورنا لله. الله صادق لا يخادع احدا مهما كان و لا يحتاج إلى ذلك. الكاذب أبو الأكاذيب و الخداع هو الشيطان.

145
مشاركات: 98
اشترك: يناير 10th, 2006, 5:01 pm
المكان: مغربية
اتصل:

مارس 22nd, 2006, 4:47 pm

السلام عليكم ورحمة الله أخي لست أنا الذي يتحدث عن المكر والخدعة التي أحبطت مكر اليهود وجعلتهم صغار في أعين العقلاء بل القرآن الكريم هو الذي يقول :[[ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله وآشهد بأنا مسلمون (52) ربّنا ءامنا بما أنزلت وإتبعنا الرسول فآكتبنا مع الشاهدين (53) ومكروا ومكر الله والله خيرالماكرين ]]. إذا علمنا مكر اليهود في قتل المسيح فأين يتجلى مكرالله نحو هذا المكر اليهودي ؟ فإذا أخدنا قول المسيحيين بأن المسيح صلب وقتل فهو يظهرنجاح مكر اليهود في النيل من المسيح وهذا خالف القرآن الذي يتحدث عن مكر إلاهي في الواقعة . وإذا أخدنا قول شيوخنا في تفسيرهم للرفع نجده كذلك يقصي حقيقة مكر الله سبحانه في الواقعة لأن التشبيه الذي تحدث عنه القرآن هو أساس هذا المكرالإلاهي أصلا وبدونه فلا وجود له في الواقعة.ولهذا علم الناس بحدوث هذا التشبيه ولم يعلموا الدور الذي أحدث من أجله وهذا يظهر في مفهوم الرفع عند المسلمين والمسيحين والذي خالف قول الله :[[ كل نفس دائقة الموت]] وهي آية عامة تخص كل نفس إنسية كانت أوجنية منذ خلق الأرض إلى يوم زوالها ويأكد الخالق سبحانه هذا في قوله:[[ إني متوفيك ورافعك]] وكلام الله واضح أن الوفاة سابقة للرفع وهي وفاة طبيعية لا علاقة لها بالقتل والصلب ............................................................................هشام عبد الرحمان
415

melchi
مشاركات: 22
اشترك: أغسطس 29th, 2003, 12:17 pm

مارس 22nd, 2006, 8:55 pm

اعذرني يا أستاذ هشام

مع احترامي لأفكارك الطيبة، فمسألة مكر الله لا تنسجم مع صورتنا كمسيحيين عن الله.

سؤال. تكلمت عن وفاة السيد المسيح. متى حدثت بنظرك

zakwan
مشاركات: 1075
اشترك: مارس 19th, 2006, 8:56 am
المكان: Dubai

مارس 23rd, 2006, 5:25 am

melchi كتب:اعذرني يا أستاذ هشام
مع احترامي لأفكارك الطيبة، فمسألة مكر الله لا تنسجم مع صورتنا كمسيحيين عن الله.
سؤال. تكلمت عن وفاة السيد المسيح. متى حدثت بنظرك

عزيزي قبل ان تسأل عن وفاة المسيح علية الصلاة والسلام اسأل عن مولدة الذي بهذه ايضا زوتموها فكيف تحتفلون بمولده في الشتاء وهو ولد في الصيف ؟؟؟؟

145
مشاركات: 98
اشترك: يناير 10th, 2006, 5:01 pm
المكان: مغربية
اتصل:

مارس 23rd, 2006, 5:48 pm

السلام عليكم ورحمة الله نشكر الأخ zakwan على مشاركتنا الحوار ونقول للسيد melchi أن مكر الخالق لا علاقة له بمكر المخلوق فمكر الخالق مبني على القوة و الخير ومكر المخلوق مبني على الضعف والرديلة ولم يخبرنا الله أن مكره هذا كان موجه للأبرياء بل هو موجه لأعداء الله الذين يسعون في الأرض فسادا فكان لا زما مواجهتهم بمكر خير من مكرهم ، فلا حيلة مع الله يريدون قتل نبي الله وإسكات كلمة الحق والمسيح يناجي ربه في تلك الليلة أن ينجيه من مكر اليهود حتى أن ثلامذة المسيح تحدثوا عن العرق الذي ظهر على المسيح خلال مناجاته لربه من شدة الموقف ، فآستجاب الخالق سبحانه لنبيه ومنع يد اليهود أن تطال المسيح بقوله تعالى:[[ وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ]] أي كففت عنك مكرهم في محاولة النيل منك عن طريق التمويه الذي كان أساسه التشبيه الحاصل في الواقعة والذي ترتب عنه بزوغ ذرية مباركة من صلب المسيح مصداقا لقوله تعالى:[[ وإني سميتها مريم وإنيّ أعيدها بك وذريتها من الشيطان الرّجيم ]] وأكد الخالق وجوب الذرية لعيسى بن مريم في قوله :[[ ولقد أرسلنا رُسُلاَ من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرّية ]] وبهذا لم ينجح مكر اليهود في إقبار كلمة الحق وآستمر المسيح في نشر العقيدة الصادقة بعيدا عن هؤلاء الكفرة داخل محيط صالح يعلمه الله ، هذا المحيط الذي لم يقتصر على أهله وحفدته بل شمل حتى عامة الناس الذين عايشوه في ذلك الزمن بعد الواقعة لقوله تعالى:[[ يكلم الناس في المهد وكهلا]] فما هو الكلام الذي تحدث به المسيح في المهد؟ لقد قال المسيح بعد ولادته المباركة :( أنا نبي الله ) فآمن الجمع بنبوته وآية تحدثه في المهد ، ويمر المسيح بمرحلة الطفولة والشباب والناس يؤمنون به نبيا حتى يأتي الإنقلاب اليهودي فتظهر حكمة التشبيه في إبراز آية أخرى تجسد عظمة الخالق وهي أن يحدث المسيح في مرحلة الكهولة أناس آخرون غير الذين حدثهم في المهد وقبل الواقعة فتحدث القرآن عن هذه الطائفة المباركة التي ءامنت بالمسيح نبيا في كهولته وقبل موته والتي شملت ذريته المباركة وأناس يعلمهم وسيشهدون على هذه المرحلة الثانية والمباركة من حياة المسيح لقوله تعالى:[[ وإنّ من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا]]...............................................هشام عبد الرحمان
415

melchi
مشاركات: 22
اشترك: أغسطس 29th, 2003, 12:17 pm

مارس 23rd, 2006, 8:11 pm

شكرا أستاذ هشام

كلامك متماسك من جهة انسجامه مع النظرة الإسلامية. و أنا سعيد باهتمامك بموضوعي.

مسألة ذرية السيد المسيح لا أظن أني أتفق معك فيها من جهة النظرة المسيحية. و ربما يختلف معك حتى المسلمون.

لكن سأتأملها

من جهتي أتمنى لشخص بمثل رجاحة أفكارك أن يتأمل و لو 10 دقائق معنى الصليب، و عظمة مسألة الفداء في علاقتها بمحبة الله للإنسان.

ما رأيك في عيد الأضحى لديكم. ألا يثير ذلك العيد مشاعر الفداء العظيمة.

145
مشاركات: 98
اشترك: يناير 10th, 2006, 5:01 pm
المكان: مغربية
اتصل:

مارس 24th, 2006, 5:14 pm

السلام عليك أخي melchi نعم فالإختلاف وارد في أقوال الناس بخصوص النصوص القرآنية مند ظهور التفاسير القرآنية والتي gl تعطي حقيقة القرآن لأسباب أجهلها وكثرت أقوال الناس في آيات واضحة أصلا لا تحتاج لهذا كله فجاء تحدير الخالق لنا بعدم المزج بين أقوال الناس وقول الله وأشار سبحانه مباشرة إلى التغيير الذي أصاب أقوال الرسول [ص] ونبهنا لذلك في قوله :[[ ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون ]] إذا كان هذا يخص الأحاديث النبوية الشريفة فوجب علينا الحدر في التعامل معها دون الخروج عن قاعدة عامة أساسها هو أن كل قول خالف القرآن فهو ليس قول الرسول [ص] ومحمد [ص] بريء منه إلى يوم الدين وما قلناه على الحديث فهو سار بقوة على التفاسير القرآنية لعلاقتها المباشرة بالنص القرآني ولهذا سأذكرك أخي melchi بثلاث حقائق تخص المسيح خالف فيها قول الناس القرآن وهي : الوفاة والرفع والذرية فبالنسبة للوفاة وهي وفاة طبيعية لقوله تعالى:[[ إني متوفيك ورافعك]] فجاء قول الناس مخالف لقول الله بعدما جعلوا الرفع سابق للوفاة وكذلك قول المسيحين جاء مخالفا لمعنى الوفاة الطبيعية بإقرارهم قتل وصلب المسيح من طرف اليهود . أما في مسألة الرفع فلقد أبهرني قول شيوخنا أكثر من قول المسيحيين وقد تطابق القولين في معنى الرفع حيث يقول المسيحيين أن المسيح رفع إلى السماء بعد قيامه من القبر و يقول شيوخنا أن المسيح رفع بدون وفاة وهذان القولان خالفا الآية القرآنية. أما بخصوص الذرية فهي كارثة لم يختلف فيها المسلمون و المسيحيون لأنهم لم يعلموا بوجودها أصلا ولا نعلم هل تحدث عنها الإنجيل أم لا ليتجه العتاب الكلي لإهمالهم حقيقة ذرية المسيح في القرآن لقوله تعالى في سورة آل عمران ((وإني سميتها مريم وإنيّ أعيدها بك وذريتها من الشيطان الرّجيم)) وقوله كذلك في سورة الرعد : (( ولقد أرسلنا رُسُلاَ من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرّية)) فهو تأكيد بوجود الزوجة والأبناء فعيسى بن مريم هو أب لذرية مباركة أقرتها كلمات الله ولامبدل لكلماته.أما بالسبة لعيد الأضحى فلا علاقة بالصلب الذي أخده المسيحيين كمفهوم الشفاعة وأنت تعلم أخي أسباب هذه الأضحية التي كانت إبتلاء من الله لنبيه إبراهيم [ص] عندما إستنكر على القوم تقديم أطفالهم كقربان للآلهة في ذلك الزمن فكان إمتحان صعب لنبيه إبراهيم و إسماعيل فبرهن الإثنين كأب وإبن على طاعتهم للخالق فكان ذلك الكبش فداء للنبي إسماعيل لصدق إيمانه أما أن يكون صلب المسيح فداء وشفاعة لبشرية تقدر بالملايين إختلط فيها الصالح بالطالح فالمسيح بريء من تحمل أخطاء البشر التي أخجل من ذكرها لفضاعتها حتى أصبحنا نرى المجرمون والباغيات وصانعوا أفلام الجنس يعتنقون المسيحية ويأملون شفاعة المسيح يوم القيامة والمسيح بريئ من أخطاء البشر فكل إنسان يتحمل مسؤولية أخطائه والأنبياء أنفسهم لا يستطيعون الشفاعة لأقرب الناس إليهم فنوح [ص] لن يشفع لإبنه بقول الله وإبراهيم [ص] لن يشفع لأبيه ولوط [ص] لن يشفع لزوجته ومحمد [ص] لن يشفع لعمه الذي رباه وهو بمتابة الأب و المسيح لن يشفع لأقرب الناس إليه إذا ثبت كفره فهذه قاعدة إلاهية سنها الله ولا خروج عليها وتظهر هذه القاعد في قول نوح :[[ ونادى نوح ربه فقال رب إن آبني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنه ليس من إهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين (46) قال ربّ إني أعود بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي و ترحمني أكن من الخاسرين ]] و المسيح يعلم هذا جيدا فلا شفاعة لمن كفر بالله ولو يكن من أقرب الناس فمجرد طلب شفاعة من نبي لإنسان كافر قد لا يرضي الله فكيف له سبحانه أن يقبل الطلب فهذه قاعدة لا جدال فيها والله ليس بظلام للعبيد ولهذا كان قول المسيح موزونا يوم القيامة عندما سأله الخالق :[[ ءأنت قلت للناس آتخدوني و أمي إلاهين من دون الله ]] فقال المسيح :[[ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ]] وقال كذلك :[[ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن آعبدوا الله ربي و ربكم ]] فختم المسيح هذه الشهادة الصادقة بقوله :[[ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ]]........................................................................هشام عبد الرحمان
415

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر