قد يتهمنا البعض بأننا نحن المسيحيين نؤمن بثلاثة آلهة ولكن الحقيقة غير ذلك ،لأننا نؤمن أنه لا إله غير الله ،كما نؤمن أنه تعالى لا تركيب فيه على الإطلاق .فقد قال في كتابه أنا الأول وأنا الأخر ولا إله غيري (أش 44 : 6) وقال أيضاً : أنا أنا هو وليس إله معي "( تث 22 : 39 ) وقال للذين اتخذوا غيره إلهاً : أليس أنا الرب ولا إله غيري ،إله بار ومخلص ،ليس سواي  ( أش 45 : 11) .ولذلك قال رسله وأنبيائه : الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه (تث 40 :39 ) و الرب إلهنا رب واحد  (تث 6 : 44) و لنا إله واحد “( 1 تى 2 : 5 )و“ الله واحد “ ( يع 2 : 9 )
أما من جهة حقيقة عدم وجود تركيب في الله ،فالكتاب المقدس وإن لم يتحدث عنها ،كما تحدث عن حقيقة وحدانيته تعالى  وذلك لعدم وجود شك من جهتها بين المؤمنين في العصور التى كتب فيها  .
إن سر الثالوث في ذات الله الواحد هو سر الخليقة كلها بل هو أيضاً سر الحياة .وإن اكتشاف حقيقة الثالوث في طبيعة الله الواحد هو سر فائق أكثر تقدماً وعمقاً من اكتشاف وحدانية ذاته ،فإن كان الإيمان بوحدانية ذات الله أمراً تعبدياً هاماً لأنه يخضع العقل البشرى للتعبد بالخشية والرهبة للخالق الوحيد المنفرد في ذاته وصفاته .
فالإيمان بالثالوث في طبيعة الله الواحد أمر أكثر خطورة لأنه يختص بحياتنا فهو يكشف لنا عن مدى العلاقة التى تربطنا بهذا الخالق الوحيد .
والشكر لله الذي أمر فعدل ،وأعطى وأجذل ،وشرف دينه وعظمه وأعلى شأنه وكرمه ،وجعلنا أهلاً للإيمان الموضوع على الحق المحقق والصدق المصدق من غير شبهة ولا تجديف ولا لبس ولاتحريف .وحمداً متصلاً على جزيل نعمائه إذ خالقنا على الصورة الأزلية المسجود لها من كل البرية .
وفضلنا على جميع المخلوقات الأرضية ،بالنفس العاقلة الناطقة .وأنقذنا من مرارة الطغيان وأطلعنا على سرائر الإيمان ،بتوحيد جوهره وذاته وبتثليث اقانيمه وصفاته
وإنه يوجد سؤال لا بد من عرضه والإجابة عليه والسؤال هو : هل من ضرورة وفائدة للتأمل في موضوع عقيدة الوحدانية والثالوث وما حكمة الله وغايته أن يفهم الناس إن الواحد الأحد ذو ثلاثة أقانيم ؟ و هل يزيدهم هذا ويدفعهم نحو حياة أعلى وأثمى وأقرب إلى الله وأنقى؟ إن الله إذ يكشف عن سر ويزيح النقاب عنه لا بد أنه يهدف إلى غاية عظمى ، وقصداً سامياً !! فما هو هذا القصد وهذه الغاية من هذا الإعلان المركز في قلب الديانة المسيحية
( انتظر للموضوع بقية)
