البوابات السبع

شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

فبراير 6th, 2011, 9:12 pm

هيلينا پ. بلاڤاتسكي

البوابات السبعة
"لقد حسمت خياري أيها الأوبادهيا[1]، فأنا متعطش إلى الحكمة. وها أنا قد مزّقت الحجاب الذي يخفي الدرب السرّي، وبشَّرتُ باليانا الكبرى[2]".
"ها قد أصبح خادمك تحت تصرفك لكي تقوده".
هذا حسن، أيها الشرافاكا[3]. فاستعد لأن عليك السفر بمفردك. حيث ليس بوسع المعلم أن يرشدك إلى الطريق. الدرب واحد للجميع، لكن طرق الوصول إلى الهدف تختلف اختلاف المسافرين.
أي طريق ستختاره يا أيها الإنسان ذو القلب الشجاع؟ أتراه درب السامتان[4] الذي بشَّرتْ به عقيدة العين، الدرب الرباعيُّ للدهيانا؟ أم أنك ستشقُّ طريقك عبر الباراميتاس[5] الستة، تلك البوابات النبيلة التي توصل إلى البودهي والبراجنا، تلك العتبة السابعة للحكمة.
فالدرب الصلد للدهيانا الرباعيّة متعرج وقاس. معظَّم بالثلاث من يكون بوسعه الوصول إلى القمة العالية.
كما سيكون عبور مرتفعات الباراميتا عبر طريق أكثر صعوبةً، حيث عليك شقُّ طريقك من خلال البوابات السبع، تلك المتاريس السبعة التي تسيطر عليها قوى قاسية وخبيثة – العواطف المتجسدة.
حظًا سعيدًا إذن أيها المريد، وتذكّر القاعدة الذهبية، لأنك بمجرَّد أن تعبر البوابة، أيها السروتاباتي[6]، بمجرَّد أن تطأ قدمك سرير التيار النيرڤاني في هذه الحياة، لن يبقى أمامك في أية حياة مستقبلية إلاّ سبع تجسدات، يا صاحب الإرادة الماسيّة.
انظر، ما هذا الذي تراه عينك يا أيها الساعي إلى حكمة الآلهة؟
"إنه معطف الظلام يغطي أعماق المادة، وأنا أتخبط في ثناياه. إنها تزداد عمقًا تحت ناظري، يا ربّي؛ وتندثر مع حركة يدك. إنه مجرد ظلٍّ يتحرك زاحفًا متمددًا كثنايا ثعبان... فيكبر وينتفخ وسط الظلام".
"إنه ظلّك الممتد خارج الدرب والمنعكس من خلال ظلمات خطاياك."
"نعم، أني أرى الدرب يا ربّي؛ قدمه في الطين، وقممه ضائعة في قلب النور النيرڤاني المجيد. وها أنا الآن أرى البوابات التي تتقلَّص على الدرب الوعر والشائك للجنانا".
لأنه كما ترى، أيها اللانو، تقود هذه البوابات المريدَ عبر الأمواج إلى الضفة الأخرى[7]. كل بوابة منها يفتحها مفتاح ذهبي؛ وهذه المفاتيح هي:
- 1: دانا التي هي مفتاح الشفقة والحبِّ الذي لا يموت.
- 2: شيلا وهو مفتاح التناغم بين الكلام والأفعال، ذلك المفتاح الذي يعيد التوازن بين العلّة والمعلول، ولا يدع مجالاً للفعل الكارمي.
- 3: الكشانتي الذي هو الصبر الهادىء الذي لا يمكن الإساءة إليه.
- 4: الفيراجا أو اللامبالاة بما يتعلَّق بالمتعة والألم، والتغلب على الوهم، وتصور الحقيقة وحدها.
- 5: الفيريا أو الطاقة التي لا تقهر فتشقُّ طريقها نحو الحقيقة الخارقة متجاوزةً أوحال الأكاذيب الأرضية.
- 6: الدهيانا التي حين تنفتح بوابتها الذهبية تقود الناجلور (وهو الإنسان الخالي من الخطايا، أو القديس) إلى مملكة السات الخالد وتأمله الأزلي.
- 7: البراجنا التي يصبح حامل مفتاحها إلهًا فتخلق منه بوديساتفا، ويصبح ابنًا للدهياني.
هذه هي المفاتيح الذهبية للبوابات. لذلك قبل أن يكون بوسعك الاقتراب من آخرها، يا حائك حريتك، عليك أن تتملَّك، طيلة الدرب القاحل، باراميتاس الكمال، تلك الفضائل المتعالية، الستة والعشرة.
لأنه عليك أن تتذكَّر، أيها المريد، عليك أن تتذكَّر ما قيل لك قبل أن يُسمح لك حتى بمقابلة أستاذك في الضوء، معلِّمك الذي من ضوء. فما الذي قيل لك؟
قبل أن يكون بوسعك مقاربة البوابة الأولى، عليك أن تتعلَّم كيف تمايز جسدك عن عقلك، وكيف تبدِّد الظلال، وتحيا وسط الأزلية. من أجل هذا الهدف، عليك أن تحيا وتتنفَّس في كلِّ شيء، كما يتنفَّس كلُّ شيء من خلالك. عليك أن تشعر أنك موجود في كلِّ الأشياء، كما هذه الأشياء موجودة في ذاتك.
عليك أن لا تدع حواسك مرتعًا لألاعيب ذهنك.
لا شيء يفصل كيانك عن الكائن وعما تبقى. إنما ستصبح القطرة التي تبتلع المحيط، كما يبتلع المحيط القطرة.
وهكذا ستصبح في تناغم كامل مع كلِّ شيء حيٍّ. وستحبُّ البشر كما لو كانوا أخوتك وأتباعك، كتلاميذ لنفس المعلم، وأبناء للأمِّ الحنونة.
كثرٌ هم المعلِّمون، لكن الروح السيِّدة واحدة[8]، إنها الألايا، الروح الكونية. عش من خلال هذا المرشد كما يحيا نوره في قلبك. عش من خلال رفاقك كما يحيون هم من خلاله.
وقبل أن تطلَّ على عتبة الدرب، قبل أن تعبر البوابة الأولى، عليك أن تغمر الاثنين في الواحد، وأن تضحِّي بالشخصي من أجل الذات اللاشخصية، وأن تدمِّر الدرب الذي بينهما، أي الأنتاهكارانا[9].
عليك أن تتهيأ للإجابة على الدهارما، ذلك القانون الحازم، الذي سيسألك بصوته منذ البداية، منذ خطوتك الأولى:
"هل اتَّبعت كل القواعد، يا صاحب الآمال الكبيرة؟"
"هل وهبت قلبك وعقلك للعقل الكبير ولقلب كلِّ الجنس البشري؟" لأنه، كالصوت المدوّي للنهر المقدس الذي يعكس صدى أنغام الطبيعة[10]، كذلك يجب على قلب "من أراد ولوج التيار" أن يهتزَّ متجاوبًا مع كل زفرة، وكل فكرة لما هو حيّ ويتنفَّس.
حيث نستطيع مقارنة الأتباع بحبال الفينا التي توقظ أصداء الروح، بالإنسانية على مائدة وئامها وباليد التي تداعبها، تلك للنفس الموائم للروح الكبرى للعالم. فالحبل الذي لا يستطيع الاستجابة لملامسة المعلِّم، والتناغم بدماثة مع كلِّ الآخرين، سينقطع وسيرفض. كذلك الأرواح الجماعية للانو-شرافاكاس، عليها التوافق مع روح الأوبادهيا، والاتحاد مع الروح الصاعدة، وإلاّ ستنكسر.
هكذا هم أخوة الظلام، قتلة أرواحهم، العشيرة المخيفة للدادوجباس[11].
فهل والفت روحك الألم العظيم للإنسانية، يا أيها المرشح للنور؟
هل فعلت؟ بوسعك الدخول إذن. ولكن، قبل أن تطأ قدمك الدرب المقفر للألم، من المفيد أن تتعرف إلى مستنقعات هذا الطريق.
مسلحًا بمفتاح الإحسان، والحبِّ والتقوى الناعمة. بوسعك أن تكون مطمئنًا أمام بوابة الدانا المنتصبة عند مدخل الدرب.
فانظر أيها المسافر السعيد! كيف أن البوابة التي تواجهك عالية وعريضة، كيف يبدو ولوجها سهلاً. فالطريق التي تعبرها مستقيمة، متَّحدة ومخضرَّة. إنها تشبه الفرجة المضاءة في أعماق الغابة المظلمة، نقطة انعكاس أرضيّ لجنَّة أميتابا. فيها وسط الأجمات الخضراء تغنّي عنادل الأمل، تلك الطيور ذات الريش الساطع، لنجاح المسافرين الذين بلا خوف. إنها تغنّي الفضائل الخمس للبوديساتفا، الينابيع الخمسة لسلطة البودهي، والخطوات السبع في قلب المعرفة.
اعبر! فأنت تملك المفتاح؛ وأنت في أمان. والطريق نحو البوابة الثانية خضراء أيضًا: لكنها صاعدة ومتعرجة، نعم، وحتى قمتها المبحصة. غيوم قاتمة تغطي مرتفعاتها القاسية والكثيرة الحجارة، وكل ما وراءها داكن. ومع تقدُّم المسافر، ينخفض صوت أغنية الأمل في قلبه، وتتلبسه ارتعاشة الشك، وتصبح خطوته أقل وثوقًا.
فاحذر هذا أيها المرشح!
احذر الخشية التي تمتدُّ، كالأجنحة السوداء والصامتة لخفاش منتصف الليل، بين ضوء القمر الذي في قلبك وبين الهدف الكبير الذي تظلّله بَعْدُ المسافة.
فالخوف، أيها المريد، يقتل الإرادة ويشلُّ كل فعل. والمسافر سيتعثر إن فقد فضيلة شيلا، والحصا الكارمية ستدمي قدميه على الدرب الوعر.
لتكن خطوتك واثقة أيها المرشح. ولتبلِّل روحك في قلب لباب كشانتي؛ لأنك ها أنت تقترب من البوابة التي تحمل هذا الإسم، بوابة الصبر والشجاعة.
فلا تغلق عينيك، ولا تُضِع الدورجي[12] من ناظرك؛ فسهام مارا تصيب دومًا الإنسان الذي لم يصل إلى فيراجا[13].
واحذر من أن ترتجف. فمفتاح كسانتي يصدأ تحت نَفَسِ الخوف؛ والمفتاح الصدىء لا يفتح البوابة.
ومع استمرارك في التقدُّم، تلتقي قدماك المزيد من الحفر الموحلة. الدرب الذي تسير فيه ينيره نور الجرأة المشتعلة في القلب. وبمقدار ما نجرؤ بمقدار ما ننال. وبمقدار ما نخشى بمقدار ما يخفت النور، الذي وحده بوسعه الدلالة. وكما النور المتأخر حين يختفي في قمة الجبل، يسود ظلام دامس؛ كذلك حين ينطفىء نور القلب، يهبط ظلٌّ عميق ومخيف من قلبك على الدرب، ويجمِّد الخوف قدميك في مكانهما.
فاحذر أيها المريد، من هذا الظلِّ البليد. لأنه ليس بوسع أي شعاع من الروح إزالة ظلمة الروح السُّفليّة هذه، ما لم تبعد عنها كلَّ أنانيَّة. ما لم يقل المسافر: "إني تخلّيت عن هذا الشكل العابر، ودمرَّت من هو السبب. ولم يعد بوسع آثار الظلال المنعكسة التواجد". عندها تقع المعركة العليا الكبيرة، تلك التي بين الذات العليا والذات السفلى. انظر، لقد انغمس حقل المعركة نفسه في الحرب الكبيرة ولم يعد.
لكنك، بمجرد عبورك بوابة الكشانتي، تكون قد خطوت خطوتك الثالثة، وأصبحت سيِّد جسدك. فاستعد الآن للبوابة الرابعة، بوابة الإغواءات الآسرة لإنسان الباطن.
حيث قبل أن يكون بوسعك مقاربة الهدف، وقبل أن تمدَّ يدك لترفع مزلاج البوابة الرابعة، عليك تملُّك كلّ تحولاتك الذهنية الداخلية، وقتل جيش تلك الأفكار-المثيرة التي تتسلَّل، بدهاء ومكر، غير ملحوظة في قلب محراب الروح المشعَّة.
فإن لم تكن تريد أن تقتلك، عليك أن تجعل خلائقك غير ضارة، (تلك الخلائق) التي هي من بنات أفكارك، (تلك) غير المرئية وغير الملموسة، التي تدور زوابع جحافلها حول الجنس البشري، (تلك) التي هي وريثة الإنسان وبقاياه الأرضيَّة. عليك أن تفهم خواء ما قد يبدو لك مليئًا، وامتلاء ما قد يبدو لك خاويًا. فانظر جيدًا في أعماق بئر قلبك يا أيها المريد وأجب: هل تعرَّفت إلى قدرات الذات، يا من يلمح الظلال الخارجية؟
لأنك ستضيع ما لم تكن تعرفها.
حيث، على الدرب الرابع، ستحرك أبسط نسمة من الشغف أو الشهوة، النور الهادئ المنعكس على جدران الروح البيضاء والنقية. فأبسط موجة طموح أو ندم للهبات الوهمية للمايا، المتماوجة على طول الأنتاهكارانا، - ذلك الدرب الذي يصل نفسك بذاتك، درب الحواس الكبيرة، تلك القاسية والمثيرة التي من الأهامكارا[14]-. فكل فكرة، حتى وإن كانت سريعة كالبرق، ستجعلك تخسر جوائزك الثلاث، التي نلتها بجهودك.
لأنه عليك أن تفهم أن الخالد لا يعرف التغيير.
"دع التعاسات الثمانية إلى الأبد. وإلاّ لن يكون بوسعك حتمًا ولوج الحكمة، ولا حتى تحرير ذاتك"، هذا ما قاله السيد، تاتهاغاتا الكمال "الذي سار على دروب من سبقه"[15].
صارمة ومتطلبة فضيلة فيراجا. فإن شئت أن تسيطر على طريقك، عليك الحفاظ على نفسك وعلى أحاسيسك أطهر مما هي عليه قبل كلِّ فعل مذيب.
عليك أن تتشبَّع من طهارة الألايا. وأن تصبح واحدًا مع روح-فكرة الطبيعة. فأنت حين تتحد معها لا تقهر؛ ولكن حين تنفصل عنها تصبح ميدان سامفريتي[16]، الذي هو أصل كل أوهام هذا العالم.
لأن كل شيء زائل في الإنسان ما عدا اللباب الطاهر للألايا. والإنسان هو شعاعها البلوري: سهم من نورها الداخلي الطاهر، وشكل من الصلصال المادي للوجه الأسفل. وهذا الشعاع هو الذي يوجِّه حياتك وذاتك الحقيقية، هو الساهر والمفكر الصامت، وضحية ذاتك السفلية. حيث لا يمكن لروحك أن تجرح إلاّ من قبل جسدك الجاهل؛ فوجِّه الاثنان وتحكّم بهما، عندئذ سيكون بوسعك أن تعبر بسلام وأمان البوابة القادمة: بوابة الميزان.
وتمتع بالشجاعة يا أيها المسافر الجسور، اذهب إلى الضفة الأخرى. ولا تستمع لهمسات جحافل مارا. أبعد الغاوين، هذه الأروح الشريرة، تلك اللهامايان[17] الحسودة للمدى اللامتناهي.
واصمد! فأنت تقترب الآن من بوابة الوسط، بوابة الألم، ذات العشرة آلاف فخٍّ.
وإن شئت تجاوز العتبة كن متملِّكًا لأفكارك، يا أيها المحارب من أجل الكمال.
كن مالكًا لروحك، يا أيها الباحث عن الحقائق الأزلية، إن أردت الوصول إلى الهدف.
ركِّز أنظار روحك على النور الوحيد الطاهر، ذلك الذي لا يتأثر بشيء، واستعمل المفتاح الذهبي.
لقد حقَّقت المهمة الصعبة، وشارف عناءك على النهاية، وتجاوزت تقريبًا العمق السحيق الذي كان فاغرًا لابتلاعك.
لقد عبرت الآن الخندق المحيط ببوابة الإنفعالات الإنسانية. وها أنت قد هزمت مارا وفيلقها الغاضب.
لقد طهرّت قلبك من الوصمة التي أدمته الرغبة المدنسة. ولكن، يا أيها المحارب الماجد، لم تنتهي مهمتك بعد. لأنه ما زال عليك أن تبني عاليًا، أيها اللانو، الجدار الذي تختبىء خلفه الجزيرة المقدسة[18]، ذلك السدُّ الذي سيحمي روحك من الغرور والرضا، ومن فكرة العمل الكبير المنجز.
فالشعور بالفخر سيلحق الأذى بما بنيت. نعم، ابنه قويًا، خوفًا من أن ينال الزخم الغاضب للأمواج المنقضَّة، (الأمواج) الصاعدة من المحيط الكبير للمايا الكونية والضاربة على شطآنها، فتبتلع المسافر والجزيرة. نعم، وحتى بعيد تحقيق الانتصار.
فجزيرتك هي الظبي، وأفكارك هي الكلاب التي تتبعه وتلاحقه خلال جريانه في اتجاه نهر الحياة. لأنه بائس ذلك الإبل الذي تلحقه تلك الشياطين النابحة قبل وصوله إلى وادي الأمان الذي يدعى الجنانا مارجا، والذي هو درب المعرفة الصافية.
لأنه قبل أن تستقر في الجنانا مارجا[19] وتدَّعي تملكها، يجب أن تصبح روحك كثمرة المنغا الناضجة، حلوة ومعطاءة، كلُبِّها الذهبي، فيما يتعلق بآلام الآخرين، وأقسى من بذرتها فيما يتعلق بشجونك الخاصة، يا غازي الخير والشر!
فصلِّب نفسك في وجه أحابيل الذات، واستحق لقب النفس-الجوهرة[20].
لأنه، مثلما ليس بوسع الجوهرة المغروسة بعمق في قلب الأرض النابض عكس الأنوار الأرضية، كذلك ليس بوسع عقلك ونفسك، الغارقة في قلب الجنانا مارجا، عكس المملكة الوهمية لمايا.
وحين تصل إلى هذه الحال، ستنفتح البوابات التي عبرتها على الدرب عريضةً أمامك ولن يكون بوسع أعتى قوى الطبيعة إيقاف مسيرتك. ستصبح سيِّد الدرب السباعي: ولكن، أيها المريد، لن يكون ذلك قبل خوض الاختبارات التي تتجاوز الكلمات.
لأنه حتى الآن، ما زالت أمامك تلك المهمة الأكثر صعوبة. حيث على نفسك أن تشعر بكلِّ فكرة، ورغم هذا عليك عزل كل الأفكار التي في نفسك.
عليك أن تصل بنفسك إلى تلك الحال من الثبات حيث لا يكون بوسع أي نسيم، مهما بلغ من القوة، إدخال أية فكرة أرضية. وهكذا، وقد أصبحت طاهرًا، يصبح المحراب خاليًا من أيّ فعل، أو نغم أو نور أرضيين؛ وكالفراشة، التي أمسكها الجليد، تقع بلا حياة عند العتبة، كذلك يجب أن تقع كل الأفكار الأرضية ميتة أمام المعبد.
انظر، لقد كتب:
"قبل أن يصبح بوسع النار الذهبية الاشتعال كنور هادئة، يجب حماية الفانوس ووضعه في مكان آمن حيث لا يتعرض لأي ريح:... (الباغافاد – غيتا)". لأنه إن تعرضت الشعلة للنسيم المتحرك، فإنها ستترنَّح وستلقي ثمارها على المحراب الأبيض للروح، ظلالاً خادعة مظلمة ومتغيرة على الدوام.
عندها، يا أيها الساعي وراء الحقيقة، ستصبح روحك كالفيل المجنون الهائج في الغابة، والذي يحسب أشجار الغابة أعداءً أحياء، فيهلك وهو يحاول قتل الظلال المتحركة الراقصة على جدار الصخور المعرضة للهيب الشمس.
احرص من أجل ذاتك، ألاّ تخطئ نفسك الخطوة على أرضية معرفة الديفا.
وحينها، من أجل نسيان الذات، انتبه ألاّ تضيَّع روحك سلطتها على عقلك المرتجف، فتفقد بذلك الثمرة الشرعية لما حققته من منجزات.
وانتبه من التغيير، لأن التغيير هو عدوك الأكبر، ولأن هذا التغيير سيهاجمك ويلقيك خارج الدرب الذي تطرقه إلى قلب مستنقعات الشكّ اللزجة.
فاستعد وكن متنبهًا في الوقت المناسب. وإن حاولت وفشلت فلا تيأس، أيها المقاتل الذي لا يلين، ولا تفقد شجاعتك؛ بل استمر في القتال، وأعد الكرة في الهجوم، دائمًا وأبدًا...

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر