اكتمال الدين والعقيدة

شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

يناير 29th, 2009, 10:04 pm

اكتمال الدين والعقيدة
إخواني لقد تعلمت من خلال حواراتي واطلاعي علي مقالات مختلفة إن (الفرد يجب إن يكون إنسان كوني ) وهنا يكمن الاكتمال الحقيقي للدين والعقيدة فأي إنسان مهما كان بغض النظر عن الجنس – الدين -المذهب – العرق – اللغة …

إنك إذا اعتقدت بنفسك أنك كونيا فستصبح يوما ما كذلك ( كما تفكر تصبح)

لأن الفكر ذو شفافية و طاقة عظيمة لا يمكن تخيلها .

أما في الجانب الآخر ، فعندما يأتيك إنسان -أي إنسان – و يقول لك كلمة سلبية مثبطة لانطلاقتك الكونية و محبطة لاستعادة وعيك الكلي . ما الذي يحدث ؟؟

جرح بالصميم لن يشفَ إلا ببركة الحكماء العظام ، تصور أنه لو طعنك بخنجر أسهل بكثير كون الجسم المادي سيرمم نفسه ، أما لو طعنك بلسانه فسيحدث جرحا دائما لا يندمل ، و هذا هو قاتل الروح الحقيقي فينا و الذي هو أخطر من أخبث مجرم على هذه الأرض .

إخواني لقد تعلمت ان اكتمال الدين والعقيدة يكمن في أن يجد الإنسان طريقه إلى إدراك الله وكلّ ما هو ضروري لجعله إنساناً كاملاً، وإنسان بحياة متكاملة كلياً، وإنسان بذكاء فائق وإبداع وحكمة وسلام وسعادة.
يكمن اكتمال الدين في أن يكسب الإنسان الذي يعرف حقاً معنى لكلمة دين. وكلمة "الدين" تجيء من المصدر دين إي ما استدان الشخص من شخص آخر وعليه إعادته له، فيلتزم المدين بتسديد ما عليه للدائن. إن غاية الدين بربط الإنسان والتزامه على إرجاع ما كان قد أخذه إلى مصدره وأصله.
إذا نجح الدين في إعادة الإنسان إلى مصدره، وفي إعادة العقل إلى مصدره، في جلب الجسم ونشاط العقل يعودان إلى مصدر كلّ النشاط، ينجح دين في اكتمال غايته. العقل هو محور الحياة. إذا أمكن سحب العقل إلى أصله، تكون بذلك الحياة كلها قد سحبت إلى مصدرها وستتحقق غاية الدين.
الدين هو طريق، أو على الأقل يجب أن يكون الطريق لرفع وعي الإنسان إلى مستوى وعي الله، ولرفع العقل البشري إلى مستوى الذكاء القدسية أو العقل الكوني الشمولي.
إنّ غاية الدين في أن يضع حياة الفرد في التناغم مع قوانين الطبيعة وبوضعه كذلك يكون في التدفّق الطبيعي في مجرى التطور.
يجب على الدين أن ينسّق الحياة الفردية مع الحياة الكونية ويحسّن كلّ قيم الحياة البشرية. يفتح الدين الطريق العملي إلى إدراك الحقيقة العليا التي تم كشفها بالفلسفة. إن الفلسفة هي وصفية، بينما الدين له قيمة عملية في إيجاد الطريق المباشر إلى إدراك الله. إنه وسيلة مباشرة لتمكين البشر للتطوّر إلى المستوى القدسي. يملي الدين بما علينا أن نفعل وما علينا أن لا نفعل في الحياة لكي يحوّل نشاط الفرد لتحقيق الغاية العليا للوجود البشري. إن كلّ ما يمليه علينا الدين يقصد به وضعنا في الطريق المباشر إلى إدراك الحقيقة النهائية، أو الحرية في وعي الله. يخدم الدين الغاية العملية.
ومن دون الدخول في تعداد تفاصيل الحالة المحزنة للأديان في العالم اليوم، يكفينا القول بأنّها فقط في الجسماني السطحي؛ إنها خالية من الروح. نجد الطقوس والمعتقدات فقط؛ أما الروح فقد غادرت. لهذا السبب لا يجد أتباع الدين الاكتمال.
هذا لا يعني بأنّ الطقوس الدينية ليس لها قيمة. إنّ النواحي العقائدية للدين هي ضروري جداً، لأنه، من أجل أن تكون النفس على الجسم أن يكون. إن قيمتها في تشكيل الجسم الديني للغاية الرئيسي و تأمين الحقل الصحيح لروح الدين من أجل توجيه قدر البشرية.
إن كلّ الطقوس في الأديان المختلفة هي مثل الجسم، وممارسة التأمل التجاوزي مثل الروح. كلاهما ضروريان، ويجب أن يسيرا بالتعاون. ولا يمكن للواحد أن يبقى حياً من بدون الآخرين.
عندما تترك الروح الجسم، يبدأ الجسم بالتحلل. هذه حالة الأديان اليوم. تبدو وكأنها في حالة من التفكك لأنها يفتقر إلى الروح. الدين اليوم مثل جثّة إنسان من دون إنسان. تبقى الشعائر والطقوس من دون رفع وعي البشر.
لا تبدو الروح الداخلية للدين أنها موجودة. إذا لم تكن موجودة أبداًً، تخفق في استمالة الناس. وبسبب عدم تأثيرها، توقّفت بشكل عملي عن استمالة الإنسان المعاصر. من الصعب إيجاد أي دين في العالم اليوم عنده، على المستوى الواعي لكتبه المقدّسة، وصف ممارسة التأمل التجاوزي. لهذا السبب، وفي جميع أنحاء العالم، فقد دين تأثيره وأخفق في اكتمال غايته.
يجب أن لا تكون غاية الدين فقط للإشارة إلى ما هو صواب وما هو خطأ، لكن غايته المباشرة هي في رفع الإنسان إلى حالة الحياة يصبح فيها قادراً على اختيار ما هو صواب فقط وبالطبيعة سوف لن يختار ما هو خطأ. تكون الروح الحقيقية للدين مفقودة عندما يحاسب الدين على ما هو صواب وما هو خطأ ويخلق الخوف من العقاب والجحيم والخوف من الله في عقل الإنسان. يجب أن تكون غاية الدين في إزالة كلّ المخاوف من الإنسان. يجب أن لا يسعى إلى اكتمال غايته من خلال غرس الخوف من الله في العقل...............
يجب أن يتقدم الدين طريقة للحياة، حيث يكون الحياة مثبتة بشكل طبيعي بالتناغم مع الغاية الكونية للتطور، ويتم توجيه كلّ فكرة وكلمة وعمل للفرد من قبل الغاية الأعلى على نحو طبيعي. لا يجب أن يفرض الدين على الإنسان يجهد في يفعل الصواب كي ينال القيم الأعلى من الحياة، لكن، وبشكل الطبيعي، يجب أن توضع كلّ أفكاره وكلماته وأعماله، ليست فقط على مستوى الغاية الأعلى للحياة، لا بل على مستوى الهدف للغاية الأعلى للحياة. يجب أن يكون الدين قوياً بما فيه الكفاية لكي يجلب إلى الفرد تلك الحالة من الاكتمال في الحياة بطريقة طبيعية، ومن دون ممارسات شاقة أو سنوات طويلة من تدريب. إذا كان متكاملاً كلياً في ذاته، يجب على الدين أن يعطي الإنسان المقدرة على أن يعيش الاكتمال بشكل طبيعي.
يجب على الدين الحيّ والمتكامل جداً أن يكون قادراً أن يغرس في الإنسان روح الاكتمال. وعندما يحين الوقت لخروج إنسان من محدودات حياة القاصر ويبلغ سنّ الرشد، يكون جهازه العصبي قد أصبح جهازاً عصبياً متطوراً بالكامل لإنسان. وعندما يحين ذلك الوقت يتوجب عليه أن يكون قد اكتسب، وبإتباع إيمانه، منزلة اكتمال الحياة. أما بقية حياته يجب أن يعيشها في مثل ذلك الاكتمال.
سيكون الدين الحيّ والمتكامل ذلك الذي يكون كل إنسان فيه إنساناً مدركاً لوعي الله، وإنسان يعيش القيم الكاملة للحياة، وإنسان الله – ويكون السماوي على شكل الإنسان على الأرض.
إنّ الإمكانية هي في متناول الناس الآن ولكلّ الأديان كي تبدأ ممارسة التأمل التجاوزي ويكتسبوا في داخل أنفسهم حالة الحياة المتكاملة بالاختبار المباشرة للوعي المطلق للكينونة القدسية.
إن الدين الذي يعطي إلى الناس رسالة فعل الخير لكن يخفق في تطوير وعيهم ويخفق في رفعهم للعيش في حياة ممتلئة بالخير بطريقة طبيعية يكون مجرّد دين بالكلام. إن الديني الذي يستحقّ اسمه يجب أن يكون له قيمة عملية حقيقية. ويجب أن يضع الإنسان مباشرة في طريقة الحياة المليئة بكلّ الخير والخالية من الشرّ.
إنها مسؤولية الدين في جعل الخير يشرق على وجوه أتباعه. إذا أخفقت التعاليم الدينية في إلهام الناس للعيش في حياة جيدة في وعي الله، يجب عندئذ، على المبشرين والوعاظ الدينيين مراجعة قوّتهم ويعملوا على استقامة تعاليمهم. إنّ الضوء الداخلي للأديان هو مفقود في التعاليم الدينية، وهذه الحالة في جميع أنحاء العالم؛ والنتيجة هي غياب السلام والسعادة في حياة الناس، وزيادة التوتّرات في كل مكان. أولئك الناس المتدينين الذين يتوهموا بان عندهم سلام في حياتهم نجدهم في أغلب الأحيان بأنهم أصحاب موقف غير فعّال، ويفتقروا إلى الحياة الديناميكية – إن هذه المزايا ليست مزايا الحياة الدينية الحقيقية. إن هذا الهمود وغير الفعالية تنبع من التطبيق الخاطئ للمثالية الدينية.
يجب أن تكون حياة الإنسان المتدين ممتلئة بالنشاط والخير والديناميكية على سطح الحياة، وفي العمق، يجب أن تكون في السلام الأبدي الثابت الذي يستقر في أعماق البحر.
يجب أن تكون الحياة بأن نعيش الدين بشكل طبيعي وغايته محققة. لا يجب أن يكون صراعاً من أجل أن نعيشه أو نكتمل به. يجب أن نعيش الحياة في الاكتمال لكلّ قيمها. الإنسان على الأرض، إنسان بالدين الحقيقي الحي والمتكامل على الأرض، يجب أن يكون الله المتنقل، القدسي المتكلّم – لا يكون إنساناً يصارع بالإيمان في الله، وبالرغم من ذلك ما زال يبحث عن معنى القدسي. إن جوهر الله ومنزلة الله ووجود الله واختبار وعي الله والحياة في الوعي القدسي - كلّ هذه يجب أن تكون الحياة الطبيعية للإنسان. يفترض الإيمان في الله والإيمان في الدين بأن يكون له غاية في الحياة. إن أيّ إيمان لأجل لإيمان فقط هو مثل امتصاص طاقة الناس.
"بالإيمان نحرّك الجبال" إنه قول مشترك، ولكن، إذا لم يكن الإيمان قادراً على إعطاء الإنسان الارتياح من المعاناة ويجلب له كلّ الخير، يكون هذا الإيمان محتاجاً إلى شيء أكثر لجعله منتجاً. الناس الذين ينتمون إلى الأديان المختلفة لهم إيمانهم بأديانهم، أنه أمر جدير بالإعجاب لما هو يتحمّلون في إيمانهم بالسراء والضراء في الحياة. لذلك من الضروري تزويد المبشرين والوعّاظ في الدين بشيء له قيمة عملية وبه ستقودهم معتقداتهم إلى هدف الحياة.
إنّ الأولياء أو الأسياد وكل رؤساء الديانات هم ممثلون لله ومقامهم بين الإنسان والله. إن مسؤوليتهم هي الرابط بين البشرية والإلوهية. وعلى نفس النمط، أن الكهنة والشيوخ في دور العبادة هم بمثابة الوسطاء بين الإنسان والله، وهم أيضاً أيضاً أي ، مسؤوليتهم عظيمة. يجب أن تكون حياتهم حياةً متكاملة في وعي الله، أما إذا أخفقوا في عيش الحياة في وعي الله، فيتوقّفون عن أن يكونوا الرابط بين الإنسان والله.
إنه الوقت المناسب كي صحّوا الأمناء على الأديان. هاهنا نعرض عليه شيئاً بكلّ محبة لله، وبكلّ المحبّة لما يمثلون. إنه الوقت المناسب بأن يتم تبني التأمل التجاوزي وعروض البوربوينت وأساليب وطرق التعليم والتعلم الحديثة في الكنائس والمعابد والمساجد، وكل دور العبادة. لندع كلّ الناس الفخورين بأديانهم، والذين يعيشون طرق حياتهم الخاصة في معتقداتهم الخاصة، يتمتّعون باكتمال الحياة - الحياة القدسية في حياة الإنسان.
ليس من الضروري أن نصف الحالة المحزنة لأتباع الأديان اليوم: التوتّر المتزايد في الحياة والمعاناة والمرض وعدم الاستيعاب للقيم البشرية في كلّ المعتقدات. إن حالات الفشل هذه من ناحية الأديان هي الأسباب التي أدت لابتعاد الحياة المعاصرة عن الدين. وبالرغم من أنّ الناس يحملون اسم الدين، لكنه يخفقون في عيش قيمه بحياة دينية.
يجب أن تكون الحياة الدينية حياة في الغبطة والفرح والسلام والانسجام والإبداع والذكاء. ويجب أن يتدفّق مجرى الحياة الدينية على مستوى الحسّ العام على الأقل. ويجب أن تكون حياة المحبّة والعطف وتحمّل الآخرين، ورغبة فطرية لمساعدة الإتباع. يجب أن تكوّن كلّ هذه الصفات الحالة الطبيعية لعقل الإنسان المتدين. إذا كانت هذه الصفات - وهذه المزايا والأخلاق وحالة وعي الله – غير موجودة بشكل طبيعي في الإنسان المتدين، فهو يحمل فقط عبء اسم الدين.
يجب أن لا يزوّد الدين الأساس الصلب، لكن أيضاً يجب أن يكون قادراً على بناء الصرح العالي للحياة القدسية في حياة الإنسان، ويمكن إنجاز ذلك فقط بواسطة تحوّل طبيعة الإنسان إلى الطبيعة القدسية. سيكون من صعب للشعائر الدينية في دور العبادة أو في البيت تحويل الميول الداخلية للناس إلى الصفات الأساسية للطبيعة القدسية. وبالرغم من ذلك، وما لم يحصل ذلك، لا يمكن أن تكون الحياة على الأرض مستقيمة وأخلاقية ووقورة على كلّ المستويات.
إن التعاليم الإيحائية على سطح العقل الواعي لا يوجد فيها ما يحوّل العقل الداخلي. في تعاليم الصدق والعطف ومحبّة الآخرين ومخافة الله، أخفقت الأديان فعلاً في تزويد الحياة البشرية بأيّ درجة هامّة لتطور، لأن التقنية العملية لم يتم استعمالها لجلب العقل البشري إلى القيمة القدسية.
ما لم يرتفع العقل إلى المستوى العالي في قيمه ويبلغ درجة واضحة من الذكاء القدسي، سيواصل الإنسان ارتكاب الخطأ. الإنسان يخطئ، وجلّ من لا يخطئ. هكذا، وطالما يبقى الإنسان في حقل البشرية فهو عرضة للخطأ. لذلك من الضروري أخذه فوق حقل الخطأ، بجلب الذكاء القدسي في مجال العقل الواعي، وبذلك تتغلغل الطبيعة القدسية إلى طبيعة الإنسان. ورفع البشرية إلى الإلوهية – عندئذ تصبح غير هامة الشعائر الدينية المتبعة والتي هي مهملة على المستوى الإجمالي للدين والحياة.
طالما تسود روح الدين على حياة الناس، فلا يهمّّ أي اسم يعطون إلى دينهم، أو أي شعائر يتبعون في كنائسهم أو معابدهم أو مساجدهم أو دور العبادة المختلفة. طالما هم مثبتون في روح الدين ومرتفعون إلى حالة وعي الله، وطالما يعيشون القدسية في حياتهم اليومية، وطالما يظل مجرى الحياة متناغماً مع المجرى الكوني للتطور، فلا يهمّ سواء يدعون أنفسهم مسيحيين أو محمّديين أو هندوس أو بوذيين - أيّ اسم سيكون هامّاً. على المستوى الإجمالي للحياة تحمل هذه الأسماء أهمية، لكن على مستوى الكينونة، فهي جميعاً لها نفس القيمة.
كل انسان يختبر حدود وجوده في المكان والزمان، ولا سيمَا في أوقات الضيق والمرض والضعف والموت. من خلال تلك الخبرة يكتشف المؤمن أن الكائن المحدود لا يمكن أن يكون هو أصل ذاته. عندئذٍ ينفتح الكائن المطلق ويرى فيه أصل كل كيان وكل وجود. ويدرك إذّاك ان حياته هي نعمة أُعطيت له من قبل الله.

هذا ما تؤمن به مختلف الديانات وتعبّرعنه في عقيدة الخلق. وتلك العقيدة ليست نظرية علميّة تهدف إلى تفسير الطريقة التي خلق الله بها الكون، بل تعبير عن إيمان الانسان بعلاقته بالله أصل كيانه وعلّة وجوده.
الايمان بأن الله هو خالق الكون لا يقتصر على الزمن الماضي. فالخلق عمل دائم، لأن العلاقة بين الله والكون هي علاقة دائمة. لذلك لا يكتفي المؤمن بالنظر إلى الماضي والحاضر، بل يتجاوزهما إلى المستقبل. وفي كل نقص يختبره في الحاضر يرى دعوة من الله للعمل في سبيل بناء مستقبل يحقّق فيه كل انسان ما تصبو إليه انسانيته.

فالايمان هو إذاً نظرة إلى الكون والانسان كما يريدهما الله أن يكونا، وفي آن معاً التزام للإسهام مع الله في تحقيق تصميمه وإرادته في الكون والانسان.

عندما أراد يوحنا الانجيلي التعريف بالله لم يلجأ إلى تعبير فلسفيّ نظريّ، بل قال: "ان الله محبة. فمن ثبت في المحبة ثبت في الله وثبت الله فيه" (1 يو 4: 16).
ويجد هذا التعريف بالله صدى في قول جبران خليل جبران: "أما أنت إذا أحببت فلا تقل: الله في قلبي، لكن قل: أنا في قلب الله".
هذا هو موقف المؤمن الحقيقي إزاء الحياة والكون وكل ما يمكن أن يحدث له في اليسر والضيق، في الفرح والحزن، في السعادة والشقاء، في الحياة والموت، يؤمن انه ليس وحيداً في هذا الكون ولا غريباً في هذه الحياة. فالله قد أحبّه واختاره وقبله. انه في قلب الله إلى الأبد… وللمقال بقية

لا بدَّ لنا هنا من التنبيه إلى أن مصادر هذا المقال ومراجعه كانت كثيرة ومتشعبة، مما يصعب علينا ذكرها جميعًا. لذا نقدِّم اعتذارنا سلفًا لكلِّ مَن اقتبسنا منه ولم نذكر اسمه أو عنوان كتابه أو مقاله

ابراهيم الخطيب
مشاركات: 89
اشترك: يوليو 18th, 2007, 8:30 pm

إبريل 15th, 2009, 7:47 pm

( )

رشدية
مشاركات: 44
اشترك: يناير 15th, 2008, 12:08 am

مايو 9th, 2009, 10:51 pm

محبة رغبت بمشاركتها معكم من موقع الدكتور أحمد بدر الدين حسون مفتي سورياwww.drhassoun.com)
كلمة سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية أمام البرلمان الأوربي

15 كانون الثاني يناير 2008 / ستراسبورغ

السلام عليكم .. Good morning .. Bonjour .. Buongiorno .. Morgen .. Shalom

بسم الله خالقنا جميعاً, الذي خلق الإنسان من التراب وبروحه جعلنا نحيا, فمصدر الطاقة التي نعيش بها جميعاً هو مصدر واحد, فنحن جميعاً صنع الله من هذا المنطلق أحييكم باسم "يا أخوتي" , يا أخوتي في الأرض , يا أخوتي في الروح , يا أخوتي في الإنسانية.

صاحب السعادة Hans-Gert Poettering رئيس البرلمان الاوربي سيداتي وسادتي اعضاء البرلمان الحضور الكريم:

جئتكم من بلاد لم أخترها لنفسي إنما اختارتها السماء لأكون من أبنائها, هذه الأرض التي نسميها بلاد الشام (فلسطين , لبنان , سوريا , الأردن ) تلقت كل رسالات الروح من السماء, ففي أرضنا كان إبراهيم يمشي, وفي أرضنا أمِن موسى وعاش بسعادة, وفي أرضنا ولد عيسى ومنها صعد إلى السماء, وإلى أرضنا جاء محمد من مكة ليصعد إلى السماء, لذلك أرجو أن تعرفوا معنى الأرض التي أشرقت عليكم بالنور جميعاً فنحن يوم كنا مسيحيين وإبراهيميين وموسويين ومسلمين حملنا الرسالة للعالم كله ضياءً ونوراً وسعادةً.

الحضارة واحدة في الكون وهي (الحضارة الإنسانية) :

أشكركم جداً من كل قلبي وأشكر سعادة رئيس البرلمان على دعوته لي لأفتتح هذا الحوار الثقافي في عام حوار "الثقافات" وأصر على كلمة الثقافات وليس "الحضارات" لأن الحضارة واحدة لا تتجزأ , أما ثقافاتنا المتعددة فهي التي تثري وتغني حضارتنا الإنسانية.

لذلك فالحضارة هي من صنع الإنسان, فهذا البرلمان لم يبنه مسيحيٌ فقط, ولا يهوديٌ فقط ولا علماني ولا مسلم إنما بناه الإنسان, فكلنا نبني حضارة واحدة اسمها }الحضارة الإنسانية{, فنحن في منطقتنا لا نؤمن بصراع الحضارات أبداً لأن الحضارة لا تصطدم مع العلم أو العقل إنما صدامها يكون مع الجهل والإرهاب والتخلف, أما الإنسان المثقف "المتحضّر" أياً كان دينه, وأياً كانت ثقافته, فهو يمد يده إلى يدي لنبني الحضارة الإنسانية وكدليل على ماسبق فلإنسان حينما وصل إلى القمر إن بحثتم عن أسماء أولئك الذي صعدوا إلى سطح القمر لن تجدونهم أمريكيين فقط أو سوفيتيين فقط إنما سترون منهم أمريكان وأوربيون وإيطاليون وألمانيون وفرنسيون وبلجيكيون وعرب كلهم عملوا من أجل بناء الحضارة الإنسانية لا الحضارة الأمريكية أو العربية أو الأوربية ..

لذلك تعالوا لنعيد النظر في مصطلح "صراع الحضارات" فإنه خطير جداً فالحضارة لا تبنى على الصراع أو القتل أو على الجثث, فالذين بنوا الأهرامات هم أجدادنا جميعاً والذين بنوا برج ليزا هم أجدادنا جميعاً والذين بنوا أهرامات تشيلي أيضاً هم أجدادنا جميعاً فالحضارة الإنسانية لنا جميعاً.

هل الحضارة لها دين :

الأمر الثاني الذي أريد أن أطرحه عليكم أيها السادة هل الحضارة لها دين, أم أن الدين هو الذي يضفي على الحضارة قيماً وأخلاقاً, فليس هنالك حضارة إسلامية, ولا حضارة مسيحية, ولا حضارة يهودية, لأن الحضارة هي من صنعنا, أما الدين فهو من صنع الله.

لذلك أرجو أن لا تقيدوا الحضارة باسم واحد لأننا جميعاً أخوة, فلا يمكن أن أقول عنك أنك الآخر أو تقول عني أنني الأخر فجميعاً أخوة أما الآخر فهو النبات أو الحيوان, وبما أننا أخوة أمنا واحدة وهي الأرض أوبونا واحد وهو آدم عليه السلام فالحضارة الإنسانية هي من صنعنا جميعاً.
لا يوجد في الكون حروب مقدسة :

إن الدين في الكون هو دين واحد لا يتعدد لأن الديان سبحانه وتعالى واحد لا يتعدد, أما الشرائع المتعددة فهي التي جاء بها ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم سلام الله.

الدين الواحد يعلمنا قداسة الله وكرامة الإنسان { وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }, أما الشريعة "القانون" فهي التي تنظم لي علاقتي مع المجتمع, ومن هنا نجد أنه لا يمكن أن يوجد صراع ديني أو حروب مقدسة لأن الحرب لا يمكن أن تكون مقدسة أبداً إنما السلام هو المقدس في الكون بعد الله.

على هذا المبدأ ومن هذا المنطلق يجب أن نربي أجيالنا الجديدة وأن نعلمهم في المدارس والكنائس والمعابد والمساجد, على أن الحضارة واحدة لا تتعدد إنما الثقافات هي التي تتعدد, وعلى أن الدين واحد لا يتعدد إنما الشرائع هي التي تتعدد, وعلى أننا جميعاً أخوة ولسنا الآخر, وعلى أن المقدّس في الكون هو الإنسان وليست الكعبة فقط أو كنيسة القيامة أو المسجد الأقصى أو كنيسة المهد, فدم طفل صغير يساوي عند الله كل المقدسات في الدنيا, لأن الكعبة بناها الإنسان, وكنيسة المهد بناها الإنسان, أما الإنسان فهو من صنع الله وملعون من هدم بنيان الله.

إن أي طفل فلسطيني أو غير فلسطيني يقتل الآن سيحاسبنا الله جميعاً عليه لأن هؤلاء الأطفال هم تمثال صنعه الله في الأرض ونحن هدمنا هذا التمثال فهل نستطيع أن نعيد لهم الحياة ؟! ..

لذلك أنا أدعو من هذا المكان لحوار ثقافي بلا حدود, ولنقيم دولاً على أساس مدني لا على أساس ديني أو طائفي فالدين يأمرنا أن نعيش مع بعض بأخوة وسلام.

أدعو لبناء جيل يؤمن بأن الحضارة الإنسانية هي عمل مشترك وأن المقدس الأكبر في الكون هو الإنسان والحرية بعد الله عزوجل.

إذا أردنا وأردتم أن يعم السلام في الكون فلنبدأ من أرض السلام "فلسطين" فمنذ أعوام قال بابا الفاتيكان بدل من أن نبني الجدار تعالوا نبني جسور المحبة في فلسطين, وأنا أقول لكم لو صرفنا ثمن الجدار لبناء قرى لجمعنا فيها أبناء فلسطين مسلمين ومسيحيين, عرب ويهود, في مدرسة واحدة ليعيشوا في أرض السلام أخوة.

هذا ما مددنا أيدينا إليه نحن في سورية وهذا ما مدّ إليه يده الرئيس بشار الأسد قال أريد سلاماً حقيقياً واستراتيجياً.

إننا لن نحشد بعد اليوم سلاحاً إنما سنحشد دائماً كلمة السلام وسنقول للعالم بعد اليوم ما من حرب رابحة إنما المنتصر في حرب السلاح سيكون خاسراً وإن انتصر بسلاحه, لأنه قتل الإنسان, أما الرابح الحقيقي هو الذي يكسب أخاه الإنسان ليكون أخاً معه في الحياة والأرض, فالحرب لا تكون هي المقدسة إنما الإنسان هو المقدس.

كما يجب علينا ألا نبني آرائنا اعتماداً على الإعلام في كل شيء, لأن الإعلام في أغلب أحيانه لا ينقل الحقيقة كاملة, وقد زارني بعض أعضاء البرلمان الأوربي في سورية ودخلنا المسجد والكنيسة معاً, ورأوا كيف نعيش أسرة واحدة مسلمون ومسيحيون وعلمانيون.

إنني عشت فترة برلمانية مثلكم لمدة عشر سنوات في سورية وكنت عضواً في البرلمان وشعرت يوم دخلت إلى البرلمان أنني لا أمثل حزبي ولا طائفتي ولا جماعتي لأنني كنت مستقل إنما كنت أمثّل كل إنسان أعطاني أن أمثله وأمثّل كل إنسان لم يعطني أن أمثّله لأنه أخي, فكنت أمثّل جميع من في بلدي فهل أنتم اليوم في هذا البرلمان تمثلون أحزابكم وبلدانكم فقط, أم تمثلون الإنسان في العالم, أرجوكم كونوا ممثلين لنا ولشعوبكم فالإنسان واحد في هذا الكون.

يجب أن تمثلوننا في قضية السلام, وفي قضية الحق, وفي قضية الإيمان, فالعالم الإسلامي اليوم والنار تشتعل في عدد من بلدانه ما جاء إلا بالسلام وما حمل إلا السلام, فإن وُجد هنالك بؤر ظُلمت فالظلم هو الذي فجّر الناس وليس الدين ومن قال أنني موسوي أو عيسوي أو مسلم وأريد قتل إنسان فأقول له لقد خالفت شريعتك فالدين جاء للحياة لا للقتل فلا تقتلوا باسم الدين.

هذه رسالتي من أرض باركتها السماء ومشى عليها الأنبياء, وعاشوا فيها, المرأة فيها سيدة عظيمة في المسيحية أو في الموسوية أو في الإسلام, فإن كانت قد ظلمت فإن هذا الظلم جاء من الرجل لا من الدين, وأنا اليوم أهيء في بلدي مفتيات ليكونوا في دار الفتوى ويشاركوا في كل موقع من مواقع الحياة, والقادة يهيؤون المرأة للمشاركة في كل الميادين بالضوابط والأخلاق, حتى أن نائب رئيس الجمهورية عندنا في سورية هي إمرأة, فكيف تظلم المرأة في بلاد السلام ؟ ..



أوربا معجزة القرن العشرين :

مرت حروب عالمية على أوربا ومع ذلك تعافت منها وبنيت من جديد, وقلت عن أوربا أنها معجزة القرن العشرين لأنها استطاعت أن تهدم جدار برلين دون أن تريق قطرة دم واحدة, ولأن أوربا جمعت شعوبها في برلمان واحد, ولكن المهمة الملقاة على عاتقكم أيها السادة هي أن تجمعوا شعوب العالم ضمن برلمان إنساني عالمي روحي واحد, نحن في سورية وفي العالم العربي والإسلامي مسلمين ومسيحيين مستعدين لأن نمد يد العون لتحقيق ذلك.

وفي النهاية .. بما أن دمشق هي عاصمة الثقافة العربية لهذا العام, وأنتم قد بدأتم عام الثقافة والحوار في هذا العام .. يسعدني أن أدعوكم لأن تعقدوا جلسة للثقافات في عاصمة الثقافة العربية وفي برلماننا في دمشق لتقولوا أن العالم كله واحد ..

نحن معكم لبناء لبنان الواحد بلا طوائف, ونتعاون جميعاً على العراق الحقيقي وفلسطين الحقيقية, بلاد السلام التي يجب أن يعمها السلام.



والسلام عليكم

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر