الله والإنسان

شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

مايو 16th, 2009, 8:01 pm

الله والإنسان
منذ بداية الوجود البشري والإنسان ميّال إلى اكتساب المعرفة، بهدف أن يعرف أسرار الوجود. كان الإنسان ينظر في كل ما حوله ويسأل نفسه؛ كيف وجد هذا الوجود كله ومن يحرّكه؟ ومن يحرّك الشمس والقمر والكواكب في الفضاء؟
ويسأل أيضاً؛ من يحرّك الجسم؟ من يحرّك الأطراف؟ كيف تدرك الحواس؟ كيف نتذكر؟ كيف نميّز؟ كيف نشعر؟ كيف نعرف ذاتنا؟ ومن أين أتينا؟ متى وجد هذا الكون؟ وكم سيدوم؟ ومتى سيزول؟
واستمر الإنسان في البحث عن الأجوبة لكل تساؤلاته. وقد دونت المخطوطات والكتب الكثير من الأجوبة، ولكن الأجوبة أتت بتساؤلات جديدة، فتشعب البحث وتوزع، لدرجة ضاع السبب الرئيسي الذي بسببه انطلق البحث في البدء.
وجد الإنسان ذاته على أرض شاسعة ممتدة، و من حوله كونٌ كبير وفضاءٌ رحبٌ لا يعلم غايته ومداه، ووجد في ذاته تلك نفسًا فوضوية تشتهي كلَّ لذيذ، وتطلب كل متعةٍ عاجلةٍ، وأحسَّ إلى جانبِ هذه النفسِ المجنونة الجشعةِ بروحٍ قلقةٍ حائرةٍ غريبةٍ عن كلِّ ما تراه حولها من المتع المحسوسة والكثائف المتبرجة، فهي الكائنُ اللطيفُ المشتاقُ إلى جنسِه، المريدُ لأسبابِ أنسِه، وبين تلك النفسِ وهذه الروحِ رأى فيه قلبًا متقلبا، يوافقُ النفسَ تارةً ويوافقُ الروحَ تارةً أخرى، مرةً يضطربُ باضطرابِ النفسِ ويثورُ بثورتها، ومرةً يسكُنُ بسكونِ الروحِ ويطمئنُّ.
ورأى في ذلك القلب عَقلا متسائِلا، يطرحُ بين السؤالِ والسؤال ألفَ سؤال، لماذا وُجدتُ؟ ولماذا وُجِدَ غيري على غير ما وجدتُ عليه؟ وكيف أنفعُ ذاتي؟ وما هي نتيجةُ اختياري نفعَ ذاتي ونفعَ غيري؟ وما هو مآلُ من اختارَ ضرري وضررَ غيري؟ وهل ينتهي أمرُ الجميعِ بدخولهمْ حُفرةَ التراب؟
ويبقى طِلَّسْمُ الكون ولُغزُه بابًا مغلقًا أمامَ الروحِ والعقلِ والقلبِ، حتى يتسلَّمَ هذا الإنسانُ المسكينُ المبتلى بعجزِه وفقرِه مِفتاحَ مدينة التوحيد.
وهذا هو ما يريد كل إنسان أن يعرفه، وقد حاول الإنسان عبر العصور أن يجيب على هذه الأسئلة كلها، ولذلك وجدت كل هذه الكميات الكبيرة من الكتب والمخطوطات والمنحوتات والنقوش، وكل هذه الشرائع والفلسفات والأفكار والمفاهيم والحِكَم والتقاليد والديانات والتعاليم والدراسات والنظريات العلمية. ويبقى السؤال: هل نحن نحتاج إلى المزيد؟ ويكون الجواب؛ من المؤكد أنه ما دام الإنسان لم يصل إلى المعرفة الكاملة فهو يحتاج دوماً إلى من يذكّره بهدف الوصول. ومن طبيعة الوعي أيضاً أن يتفتّح باستمرار واستمرار جيل بعد جيل، كما تتفتّح الأزهار باستمرار واستمرار سنة بعد سنة. الزهر القديم يذبل وقد أتى للزمن القديم، أما الزهر الجديد فهو حاجة هذا العصر. في الزمن القديم تختلف المفاهيم والتفسيرات والمعتقدات والتقاليد، وفي العصر الحديث تسود مفاهيم العلم والمنطق والتحليل والإثبات. لذلك نرى في كل زمان من يحاول أن يفسّر ما قد قيل في السابق، ويكشف ضوءً جديداً على الحقيقة الأزلية، ويبقى هذا التفسير مرهوناً بمستوى الوعي البشري في الزمان والمكان، وأيضاً للمفسّر تأثيراً في عرضه للتفسيرات، هذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام الأجيال القادمة كي تحصل على كشف مستمر لوجه من أوجه الحقيقة.
وسوف تصل البشرية إلى فهم الحقيقة الأزلية وعندئذ سوف يتوقف كل بحث وكل تقدم، ولن يكون هناك أي حاجة لأي تفسيرات جديدة.
ولكن ما اكثر الغاز الحياة ( ووجود الانسان واحد من هذه الالغاز الكثيرة ) .. وحيرة الانسان تدفعه للسؤال .. وعقله يلح عليه من جديد .. يطلب الجواب .. يرى الانسان السحب تجري في السماء ...يرى الشمس تشرق وتغرب في حركة منتظمة... يرى اجراما سماوية تسقط وتهوي ... ما سرها ؟؟؟ .... ويصنع خياله تفسيرا لها وعندما يعجز الإنسان عن التفسير العلمي والعقلي يلجأ الى الخرافة..... وحتى أذا تجاهلنا هذه الأسئلة فإن العقل سيظل يلح بأسئلة أخرى أكثر تعقيدا مثل: لماذا جئت أصلا ؟؟ ما الحكمة من وجودي ؟؟ وهل الله بحاجة لي ؟؟؟ وهل هو بحاجة الى عبادتي ؟؟ وإذا لم يكن بحاجة إليها فلماذا خلقني ؟؟
ولقد بحث الإنسان منذ فترة طويلة عن إمكانات وجود حياة في مكان أخر من الكون غير الأرض ،هو ليس لغرض تلبية فضول الإنسان للمعرفة فقط،ولكن للبحث عن الجواب للأسئلة الغامضة التي طالما تدور في ذهنه، لعل الكائنات أخرى أن وجدت في الكون قد تستطيع الإجابة عليها بطريقة ما،ولكن في المقابل حصل الإنسان في بحثه هذا على خيبة فتبين له بأن الكون أوسع مما كان يعتقد زمانا ومكانا، و بمقارنة زمان وجود الجنس البشري و مكان وجوده على الأرض مع ما هو موجود في الكون ،تبدو الصورة بمن يقارن قطرة ماء إلى كل المياه الموجودة على الكرة الأرضية وفي أجوائها وتحتها، ،
و يأس هذا الإنسان المسكين في بحثه عن الصورة الكبيرة و المتمثلة بالكون ولجأ للبحث عن صورة الصغيرة ة المتمثلة بالذرة يريد الإجابة عن أسئلته، ولكن هذه الصورة زيدت أكثر فأكثر الغموض حول الإنسان،وبذلك سيستمر الإنسان في بحثه و أبحاثه لجواب الأسئلة الغيبية أو الميتافيزيقية التي في دواخل الإنسان نفسه، إذا الصور الأربعة لصراع الإنسان مع الطبيعة المحيطة به صورة مستمرة لا تتغير في المضمون التغير في الشكل و المظهر فقط .


وربما كان الرهان على المتدينيين هو مسألة وقت ... فمنذ قرون خلت عندما كانت معارف لإنسان محدودة كانت الغلبة للخرافة.. ومع مرور الأيام وتتطور العلم تمكن الإنسان من حل بعض الألغاز.. وتناقصت تدريجيا الخرافات .. ومن يدري ؟؟؟ ربما في يوم من الأيام سيتكمن الإنسان من حل هذا اللغز الغامض : من أين أتيت وما سر الموت والحياة؟؟ عندها..... سيموت المتدينيين غيضا.
مازال رؤساء وكبراء عالم اليوم على كراسي العظمة يمثّلون دور عيسي وموسي, ويحي وابراهيم,ونوح وزرادتش وبوذا وبهاء ودور محمد ووووووو,,,,,,,,,, صلوات الله عليهم جميعا في مختلف تعدّد دياناتهم، ما زالوا يتكلّمون بألسنتهم عن السلام والخلاص بنبرة "البطل المخلّص" بينما هم يشهدون على دمار الأرض والإنسان وكأنهم يملكون سحر ما سيمارسونه في لحظة القيامة وفي آخر المطاف للاختفاء والهروب من المصير الذي صنعوه لأنفسهم عندما تشتد عليهم الحروب والمحن أو كأنهم سيُكافأون على تحطيم الرقم القياسي في لعبة الانتظار حتى يأتي الخلاص من السماء.
ولكن أن يُحتَكَر الدين من قِبَل قلة يعتبرون أنفسهم يملكون مفاتيح الحكم على الأعمال الصالحة أو الطالحة، إنه لشيء يدعو للرعب.
وأيّ إرعاب للنفس هذا محاولة إقصاء الإنسان عن معرفة هوية "الذات اللطيفة في ذاته" وتحويل نظره ومصيره عوضاً إلى حكام الأرض لاستمداد هويته من نار خلافاتهم وضلالاتهم.
أليس هذا هو بالضبط ما يلجأ إليه كل يائس من رحمة الله لدى هروبه من قوانين وسُنَن محتكري الأديان التي احتكرت مفاتيح الجنّة ولم تدخل هي ولا سمحت لأحد بالدخول؟
إن الله الذي تعلمناه في المساجد والله الذي تعلمناه في الكنائس والمعابد ليس هو الله الذي في القرآن وليس هو الله الذي في الكتاب المقدس , إن الله الذي في الكتب المقدسة هو الخالق لنا ، هو ربنا ورب السماء والأرض ورب العالمين ، هو الذي خلق لنا وسخر لنا ما في السماوات وما في الأرض ، هو الذي أرسل لنا الرسل من أنفسنا ليهدونا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة , هو الذي شرع القتال لندافع عن أنفسنا ضد الطغاة والظالمين والمعتدين , ولم يشرع القتال لإجبار الناس على الإيمان به أو إكراههم على اعتناق دينه.
الله هو لفظ الجلالة وهو الاسم العلم للذات الإلهية وهو الاسم المشترك الأعلى الذي ينادى به أهل جميع الديانات ليل نهار خالقهم "يا الله"
هذا هو الله الذي رأيناه نورا تسبح فيه وبه الملائكة , هذا هو الله الذي استنشقناه في عطر الأنبياء , وأحسسناه في دفء الشمس ونور القمر وزرقة السماء , وقرأناه رحمة بين سطور الكتب المقدسة , فالله هو الوطن الأول ، الحب الأول , الأمان الأول , الأصل الأول , القرب الأول , النبع الأول.
الهي ، ما عبدتك طمعا في جنتك, فتلك عبادة التجار. ولا خوفا من نارك, فتلك عبادة العبيد. ولكني وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك .. كلمة الامام علي هذة نجدها بالعرف الديني العام اشبه بتمرد.. علما انها جاءت من الرمز الثاني في الاسلام و لو جاءت هذه الكلمة متاخرة من اسلامي ما, دون سطوة الماضي لكانت تهمة شخصية له .
أما الله الذي احتكره المتعصبون الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الله وعلى دينه , فالله لديهم شبحا يكره الحب , يكره العفو , يكره التسامح , يكره الرحمة, عنصري لا يحب إلا نفسه وأتباعه , يقتل البشر ويحرقهم ويبيدهم, يتلذذ برائحة الدماء ولون الدماء وإراقة الدماء , الله لديهم تغيظه كلمة وتزلزل عرشه , الله لديهم يستفزه نقد , ويثور وتقوم قيامته في السماء إذا تطاول عليه أحد , ويرتجف وترتعش فرائصه إذا ما فارق دينه أحد أتباعه إذا تنصر مسلم أو أسلم نصراني. الدكتور الطنطاوي
إن الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الله وعلى دينه جاهزون لإشعال نار الحقد بين الجماهير في أي وقت وفي أي زمان انتقاما لله وإرضاء لغضبه على حد زعمهم , إن هؤلاء القوم أسقطوا من قواميسهم كل مفردات الحب والرحمة والسماحة وحسن الظن والسلام والأمان واحترام الآخر واحترام دينه وعقيدته , إن هؤلاء القوم اتخذوا الله عرضة لأيمانهم وعرضة لتجارتهم وعرضة لسياستهم وعرضة لاقتصادهم وعرضة لشهواتهم ونزواتهم وعرضة لمصالحهم الشخصية .
إن الصورة الحقيقية لله تجودونها في الكتب السماوية تجدونها في انفسكم صورة قوية غنية رحيمة محبة ودودة متسامحة عفوة غفورة ليس مع المؤمنين به فقط بل مع الآخر مع أعدائه أيضا .
قال تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } " فصلت – 34 " .
نهى الله عن سب معتقدات الآخرين فقال :
وقال تعالى : { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } " الممتحنة – 7 " .
وقال تعالى : { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتنتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } " آل عمران – 186 " .
وقال تعالى : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } " العنكبوت – 46".

وقال السيد المسيح عليه السلام : [ فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات ] " إنجيل متى – الآية 16 – الإصحاح 5 " .
وقال السيد المسيح عليه السلام : [ كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق ] " إنجيل متى – الآية 25 – الإصحاح 5 " .
وقال السيد المسيح عليه السلام : [ وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر , بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا , ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين ] " إنجيل متى- الآيات 39-40-41- الإصحاح 5 " .
وقال السيد المسح عليه السلام : [ وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم , باركوا لاعنيكم , أحسنوا إلى مبغضيكم ] " إنجيل متى – الآية 44 – الإصحاح 5 " .
ولا أجد خيرآ من إنهاء مقالي هذا الا هذه الآيات من القرآن الكريم والتي أومن بوجود معناها في كل الكتب المقدسة سماوية أو غير سماوية وإن لم تكن بنفس اللفظ .. والتي يجب أن تكون بلفظها أو معناها هي أساس التعامل بين البشر الآن ..
وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .. : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(الحجرات:13)
ان لما قاله موسى، أو تألم به عيسى، أو مشى به محمد (ص) عليهم جميعا؛ كتاب واحد, إنسان واحد.... معنى واحد, تجره كل الكلمات.
وسأتابع رحلتي ممتحناً صفائي وتهذيبي لذاتي
مولاي أنا أعلم أن مغفرتك لا حدّ لها. فإن عفوت عن جميع خلقك فإنك تعفو عن قبضة تراب…وها أنذا يا مولاي أسلم لك نفسي فتوكلني يا أرحم الراحمين

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر