التديّن الحقيقي... والإيمان بالله

خاص بمناقشة القضايا الإسلامية من عقيدة، و فكر، و فقه، و فتاوى، الخ.
شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

أغسطس 24th, 2008, 10:16 pm

التديّن الحقيقي... والإيمان بالله

من أبسط الأمور أن تكون متديّناً دون أن تكون عضواً في أي دين...
لكن العكس هو الصعب، بل من شبه المستحيل أن تكون متديّناً عندما تكون جزءاً من دينٍ مُنَظَّم!

عليك أن تُدرك بعُمق ماذا يعني التديّن الحقيقي... ماذا يعني الإيمان بالله... ماذا يعني: الذين آمنوا وعملوا الصّالحات....
التديّن هو الامتنان والشكر للوجود الذي أعطاك الكثير دون مقابل...

سمعتُ عن شخص كان يريد الانتحار، بينما كان أحد الحمير الحكماء يجلس على ضفة النهر.
كان هذا الرجل يريد أن يقفز، فقال له الحكيم:
"انتظر لحظة! انتظر! هل تريد الانتحار؟"
أجاب الرجل: "من أنت لتمنعني؟"
قال الحكيم: "أنا لا أمنعك... في الحقيقة أريد منك شيئاً قبل أن تنتحر....
هل بإمكانك أن تعطيني عينيك؟ لأن ملك البلاد أصبح أعمى وقال الأطباء إذا تبرّع له أحدٌ ما بعينيه على أن تكون عينا شخصٍ حيّ وليس ميتاً، عندها تُزرع العينان للملك فيعود إليه بصره، ومهما طلبتَ كمُقابل سيُعْطى لك، وبما أنك ستنتحر في النهاية فلن تخسر شيئاً من هذه الصفقة...".
قال الرجل: "كم سيدفع؟" ...لقد نسي الانتحار، وبدأ الفكر التجاري للبشر الحمير بالعمل!...
قال الحكيم: "كل ما تريده، فقط اطلُبْ.."
قال الرجل: "أنا رجل فقير، ولا أستطيع أن أطلب الكثير.. اقترح عليّ أنت، وبعدها سأنتحر."
فقال الحكيم: "ما رأيك بعشرين ألفاً؟"
قال الرجل: "عشرين ألفاً! يا إلهي! لم أفكر في حياتي أني سأمتلك هذا المبلغ!"
ولكن الحكيم قال له: "يمكنك أن تفكر، أستطيع أن أطلب من الملك عشرين مليوناً، الأمر متعلّقٌ بك، والملك يريد العينين بأي ثمن..."
قال الرجل: "عشرين مليوناً!؟ ما حاجتي للانتحار بعد ذلك؟"
قال الحكيم: "هذا عائدٌ إليك أنت"
قال الرجل:"لكن حياتي بلا عينين لن يكون لها أي طعم، حتى لو كنت أملك عشرين مليوناً".
...وفي الطريق إلى القصر بدأ الرجل يقول: "لديّ أفكارٌ أخرى....."
قال الحكيم: "ما هي، هل رفعتَ سِعرَك؟".
الرجل: "السعر ليس مشكلة... أنا أفكّر أنك دفعتَ عشرين مليوناً من أجل عينيّ فقط، فماذا عن أذنيّ، أنفي، أسناني...كل جسمي؟ كم سيكون ثمن جسمي كله؟".
قال الحكيم: "يمكنك حسابها..بدّك آلة حاسبة؟.."
قال الرجل:"لن أبيع! سأعود إلى البيت.."
فقال الحكيم: "وماذا عن الانتحار؟!".
قال الرجل:"اعتقدتُ أنّك رجلٌ صالحٌ، لكنّك مجرم!.. أتريدني أن أنتحر؟!!!.....
إنني الآن، ولأول مرة أكتشفُ كَم أعطاني الوجود من أشياء ٍ لم أدفع مقابلها فِلساً واحداً....
هذه العيون التي ترى كلّ أشكال الجمال، هذه الآذان التي تسمع كل أنواع الموسيقى، هذه الحياة التي عِشتها والخبرات التي اكتسبتها ولم أدفع شيئاً مُقابلها، حتى أنني لم أقل شكراً.
الانتحار ليس إلاّ أبشع تعبيرٍ عن التذمّر والاستياء من الوجود... لقد أعطاني الكثير وأنا أدمّره، وبدلاً من أن أكون ممتناً وشاكراً، أكون جاحداً وخائناً.
لا، لا أستطيع اقتراف جريمة الانتحار، ولا أستطيع بيع عيني، إنهما لا يُقدّران بثمن، يمكنك أن تقول للملك أنه حتى لو أعطاني كل المملكة لا أستطيع أن أعطيه عيني، مع أني شحّاذ فقير".


... هل فكّرتَ مرّةً يا حبيبي بكَم وَهبك الله والوجود؟..

إنك تأخذ الشيء وكأنّه حقٌّ لك، وكأنك تستحقه، وكأنك كسبته بكدّ ذراعك!.....
لكنّك لا تستحقه، ولم تجنِه بجهدك....

إنه هبةٌ من الله، ونعمةٌ عليك، جاءَتْ ببساطة من الحب الكبير الذي أعطاه إياك الوجود، وهو مستعدٌّ ليعطيك أكثر وأكثر... وعليك فقط أن تكون مُستعداً لأخذه.

الدّينُ السطحيّ يمنعك من أن تكونَ مُتديّناً ومؤمناً... يُرسلك إلى المعبد، إلى المسجد، إلى الكنيسة، يُعلّمك كيف تتظاهر بالصلاة إلى إلهٍ افتراضي من صُنع الفكر...

المعبد الحقيقي هو جسمك وكل ما حولك من طبيعة.... تحت النجوم، تحت الشجرة الخضراء، على شاطئ البحر...

المعبد الحقيقي في كل مكان، والإله الحقيقي في كل مكان وكل مقام...
فوق المكان وفوق الزمان...

إنه الحيّ... الوَعيُ والواعي بداخلك...
الإله الحقيقي ليس إلاّ الحياة... حيثما توجد الحياة وحيثما يوجد الوعي يوجد الله.

عندما تصل للاختبار الحقيقي للوعي والاستنارة ستصبح إلهاً بذاتك وستكتشف انطواء العالَم الأكبر فيك...

ومن حق كل إنسان أن يُصبح مُتّحداً مع الله متناغماً معه...
لا أن يعبده بمذلّةٍ وخوفٍ من عقابه.

يعشقه من كل قلبه... يجنّ في حبّه لأقصى درجات الجنون... فالإيمان يعني أن تُخفّف فِكرك وتُشغّل قلبك... تُشغّل الله الساكن فيه...

الله ليس رمزاً أو صنماً... إنه الحقيقة الخالدة والمُتاحة لك في كل لحظة...
تستطيع الاتصال به... وإرسال الإيميلات وحتى "التشات" معه... لاتضحك.. ما عمّا إمزح!

لكن معظم رجال دين هذه الأيام يمنعوك، يُعلّمونك الطموح ويُعلّبونك، يعلمونك بالإجبار والإكراه كيف تكون صالحاً لتدخل الجنة وِفق أفكارهم الضيقة المتعصّبة.

ويعلمونك الخوف:
إذا فعلتَ أو لم تفعل أشياءً معيّنة ستُرمى في نار جهنم وستعاني فيها للأبد.

كل الديانات تشكّلَت بعد رسالات الأنبياء العلماء العظماء، لكن معظم مَن جاء بعدهم لم يفهموا روح الأديان وجوهرها الحقيقي وغايتها، فبَنوا أديانهم الخاصة بهم على الجهل والعُقد... مُعتمدين في أساسها على الاستغلال:

يستعبدوك ويذلّوك، ويدعونك بالآثم الخاطئ والزّاني، فيُحطّمون احترامك لنفسك ويُحوّلونك إلى تابعٍ لهم...

التديّن هو شكرٌ وامتنانٌ لله مع قلبٍ متواضعٍ خاشع...

ولأن الله أعطاكَ الكثير، فعليك أن ترتفع عن الأنانيّة والتّباهي والتّفاخر... وأن تحترم نفسك وتُقدّرها لكن بتواضع.

إن الله يُعلّمك الحب... يعلّمك كيف تكون أكثر حيوية، أكثر مرحاً، أكثر احتفالاً... أن تكون حياتك أغنيةً ودَبكةً ومهرجاناً دائماً....
فما الحاجة إلى انتمائك لفئةٍ أو حظيرة معينة؟؟؟؟

كل هذه الأشياء هي اختبارات فردية، ولا داعي لأي مجموعة أو قطيع..

إنك لا تحتاج إلى التنقّل من دين إلى دين ومن معبد إلى معبد، ولا تحتاج لأن تعبد آلهةً معيّنة أو أصناماً مادّية أو فكرية...
لا تحتاج لأن تعبُد عباراتٍ مُبهَمة لها آلاف الشروح والتفاسير المختلفة المتناقضة....

فالعبادة الحقيقية تكون لله وحده لا شريك له... الله الموجود في كل السماوات والأرض... والذي انطوى في قلوب عباده الصالحين...

التديّن ظاهرة فرديّة تماماً، لا علاقة لها بأي مجتمع أو حشد... والمتديّن الحقيقي لا يقوم بالقتال أبداً... لا يصطفّ مع أحد ضد أحد، ولا يدخل في أي جيش!!!

لكنّ رجال دينك.. أو دينهم الخاص بالأحرى... قالوا لك أن المسلمين يجب أن يتوحّدوا صفّاً واحداً ضد الهندوس، والهندوس يجب أن يتوحدوا ضد المسيحيين، والمسيحيين يجب أن يتوحدوا ضد اليهود....

هذه هي بقايا الأديان المُشوَّهة والمُشوِّهة للحقيقة الصافية... والتي كوَّنَت عبر الزمن جماعاتٍ من البشر المجانين التي تريد أن تقوم بالعُنف باسم الدين وباسم الله.... ناسيين أن لا إكراه في الدّين... وأن الله غفورٌ رحيم....... وأن الرُّسل حملوا رسالاتهم إلينا من أجل توحيدنا وزرع المحبة بيننا.....

لا يوجد مشكلة في أن يصبح الفرد متديّناً ومؤمناً... عليك فقط أن تشعر ببعض معاني التديّن...

كُن شاكراً مُمتناً لله وواثقاً به، وتمتّع بالحياة الجميلة التي تحيطك بالبركة من كل جهة...
أَحِبْ في كل لحظة، لأن اللحظة الآتية غيرُ مضمونة أبداً.
ولا تؤجل أي شيءٍ جميلٍ إلى الغد....

عِشْ بعُمق، عِشْ الكُليّة في الحياة: هنا والآن...

ولا حاجة أبداً لأن تتظاهر بأنك مسيحي أو مسلم أو هندوسي... وستجد أن الأديان هي التي أصبحَت تتشبَّث بك....
المسلمون سيقولون أنك مسلم والمسيحيون سيقولون أنك المسيح...
فكل الأديان ما هي إلا إشارة إلى الله الحقيقة الواحدة الخالدة منذ الأزل وإلى الأبد........

وستجد عندها غبطةً عظيمةً تتصاعدُ بداخلك.. وهذا الشعور العميق هو جنّتك الحقيقية....

الجنة ليست موجودةً في مكان بعيدٍ عنك

بل هي فضاءٌ فسيح داخلك يغمُرك بالجمااال.....

وكُن جميلاً ترى الوجود جميلا... فالحمار بعين أمه غزااال!

عن موفع بيت الله

وارث علم النبوة
مشاركات: 32
اشترك: نوفمبر 30th, 2008, 6:36 pm
المكان: مصر

ديسمبر 3rd, 2008, 8:33 pm

الأخ الفاضل فرج :
تحية طيبة وبعد :
فى مقالك ناقضت نفسك عدة مرات فمرة الله فى كل مكان بقولك الله الموجود في كل السماوات والأرض ومرة قلت انه خارج الزمان والمكان بقولك فوق المكان وفوق الزمان...

يا أخى حدد من هو الإله فقد ناقضت نفسك فمرة هو الحياة بقولك الإله الحقيقي ليس إلاّ الحياة... حيثما توجد الحياة وحيثما يوجد الوعي يوجد الله ومرة هو الوعى بقولك إنه الحيّ... الوَعيُ والواعي بداخلك ومرة هو الإنسان الواعى المستنير بقولكعندما تصل للاختبار الحقيقي للوعي والاستنارة ستصبح إلهاً بذاتك

faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

ديسمبر 13th, 2008, 8:39 pm

ليس تناقضا يا صديقي...الجواب يبدأ بخطوة...
خطوة نحو الدّاخل... نحو الكنز المدفون في باطنك وأعماقك... لتتعرف على نفْسِك ونفَسَك...لتصل إلي ربك
الله للجميع دون تميز الا بالتقوى(لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى)
والتقوى هي وعيك لذاتك التي هي من الله وتخلقك بأخلاق الله فتذوب كما تذوب قطعه الثلج في الماء فتصبح منها وفيها
وعندما تعي لن تستطيع أن تقوم بما يخالف هذا الوعي
أين الباب وعند من المفتاح.. أنت الباب وأنت صاحب الدار والمفتاح
من الاعتقاد إلى الإيمان
ومن الإيمان إلى العِرفان
درب النمو لكل إنسان
لذلك لنبدأ معاً برؤية النور المفيد
ونشعل شمعة تعلن ولادة الفجر الجديد
في صفاء سمائك الداخلية.... في هذا الصمت يشع نور الحقّ........
هذا الصمت هو منبع الحقيقة..... ادخل فيه... اقفز إلى عمقه بشجاعة....
الله ليس متغلغلاً في الوجود فقط، بل هو أساس الوجود كله، فعليك ان تدرك إن الله في داخلك وأنت مرتبط ومتحول ومتحرك في هذا الوجود وتدرك بان الله موجود في كل عنصر من عناصر الوجود........ وفي هذه الحالة من الوعي الذي فيها يكون كل شيء هو الله ويعمل بمشيئة الله ومن أجل الله، يصل الإنسان إلى حالة التوحيد، حالة الأحادية (الإسلام والتسليم الذي أتي به وطلبة جميع الرسل) التسليم هو ثمرة الرضى، وبالتسليم لأمر الله يُدرك الإنسان أنّه في ملكوت الله. وبذلك يبلغُ هذا الإنسان السعادة الحق.
الكثير منا سمع بالتوحيد و لكن من يعرف معناه الحقيقي ؟ ماذا تعني كلمه توحيد ؟ هل يعني ان كل شيئ من طاقه واحده ؟ او من روح واحده ؟ ما معني لا اله الا الله ؟ هل يعني انه لا يوجد اله غير الله ؟ ام انه لا يوجد اي شيئ آخر الا الله ؟ كل شيئ هو الله !!
كيف يمكن ان يكون كل شيئ واحداً ؟ و ما كل هذه الاجزاء الكبيره و الصغيره ؟ كيف هي متصله و منفصله عن بعض ؟
حين تفكر بجسدك تتصوره مفصول عن باقي العالم و لك كل الحق لانه مفصولا حقاً . انظر اليه كيف تغير عبر السنين !! في الاول كنت خليه صغيره في رحم الام و احاط بك الجلد و اصبحت كائنا مستقلا ، مستقلا و في نفس الوقت متحداً مع الام و لا تستطيع الاستغناء عنها ...
النفس و الانانيه تعمل كالجلد ؛ بمعني انها تفصلك عن التوحد مع العالم و تجعلك تفكر و تتمني و تحاول تحقيق امانيك بنفسك لانك موجودا لفتره معينه اذن اعمل علي تحقيق اهدافك !!!
كيف يمكنك ان تكون مستمراً في هذا العالم ؟
هذا الجلد الشفاف و هذه النفس ذكيه جدا ؛ لانها توهمك عبر كل السنين انك لم تتغير !! و لكنك تغيرت بالفعل ... تأمل احلامك و آمالك ! تأمل افكارك ! كيف كانت و اليوم ما هي ؟
اذن انت تغيرت من خليه و نطفه الي جنين و انت لم تشعر بكل ذلك التغيير العظيم .
من ثم انفصالك عن امك انت لم تعد متوحداً معها و لكنها لا تزال فيك عن طريق جيناتها و افكارها اذن في نفس الوقت الذي تتصور انك مفصول عن امك انت مرتبط بها بعمق اكبر ...
مولاي أنا أعلم أن مغفرتك لا حدّ لها. فإن عفوت عن جميع خلقك فإنك تعفو عن قبضة تراب…وها أنذا يا مولاي أسلم لك نفسي فتوكلني يا أرحم الراحمين .

تحياتي للجميع

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر