الخير والشر ... للقراءة فقط ... لا للنقاش ...

خاص بمناقشة القضايا الإسلامية من عقيدة، و فكر، و فقه، و فتاوى، الخ.
شارك بالموضوع
AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

فبراير 17th, 2011, 11:36 am

بسم الله الرحمن الرحيم


الخير والشر ... للقراءة فقط ... لا للنقاش ...


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعا ...


الخير والشر قضية تثير جدلاً كثيراً ، وسبب هذا الجدل هو عدم فهم المعنى الحقيقي للحياة .. وذلك أن الناس _ إلا القليل منهم _ قد ركزوا مقاييسهم على أن الحياة الدنيا هي الغاية .. ولذلك تعبوا وأتعبوا غيرهم . وكل من أخذ الدنيا على أنها غاية ، أتعبه الله سبحانه وتعالى فيها ، ثم لم يأخذ شيئاً .

إن الدنيا غاية بالنسبة لغير المؤمن فقط .. لأنه لا يعتقد أن هناك آخرة .. وهو لا يعتقد أن هناك حياة أبدية ، بل تنتهي طموحاته وأعماله كلها عند هذه الحياة الدنيا .. مع أنه لو نظر نظرة العاقل لعرف أن الدنيا لا يمكن أن تكون هي الحياة للإنسان _ لماذا ؟ ..

لأن العمر فيها مظنون وغير متيقن .. إنه مبنى على الظن وليس على اليقين.

فالإنسان يتوقع أن يعيش في الدنيا حتى يبلغ سن الستين أو السبعين أو أكثر من ذلك .. ولكن هناك من يموت وعمره في الدنيا ساعة .. ومن يموت وعمره يوم .. ومن يموت وعمره أسابيع أو شهور .. ومن يموت وهو يبلغ أرذل العمر .

الإنسان _ بطبيعته _ يظن أنه سيعيش في الدنيا أعواماً طويلة .. ولكن هذا ليس مبنياً على يقين. فقد يأتيه الموت في أية لحظة . ولا أحد يستطيع أن يدعي أو يتنبأ بأيامه في الدنيا ولا بعمره فيها .

لكن الإنسان يستطيع يقيناً أن يعرف عمره في الآخرة وهو أنه خالد لا يموت .. منعم لا يذهب عنه النعيم ، أو معذب لا يتركه العذاب .

إننا إذا أردنا أن نحكم على أشياء حكمها الحقيقي بالنسبة للإنسان .. فلا بد أن نأخذ هذا الحكم بمقياس الآخرة .. ثم نضع المقاييس لتصبح هذه الإحكام صحيحة وسليمة .. ولكن _ لغفلتنا _ فإن مفاهيم الخير الشر بالنسبة لمعظمنا تتركز على الحياة الدنيا .. على أساس إنها غاية وليست وسيلة .. فما يحقق لنا متعة ونعيماً في الدنيا (( اعتبرناه خيراً )).. وما يحقق لنا نوعاً من الشقاء أو عدم الرضا .. أو الحرمان مما نشتهيه (( اعتبرناه شراً )) .. وما دام هذا هو مفهومنا .. وما دمنا نعيش بهذا المفهوم الخاطئ ، فسنشقى وسنبتعد عن الله .


إن الناس تأخذ الخير والشر بمفهوم شخصي حسب مصالحها الشخصية دون أن تنظر إلى ما هو أعمق من ذلك .. ولكن المقاييس الشخصية لا يمكن أن تحدد خيراً أو شراً .. لأنها مقاييس ناقصة وأنانية ، لا تعرف أين الخير وأين الشر.

إننا إذا قسنا الحدث بمقاييسنا الشخصية .. (( نجد أنه خير لإنسان ، وشر لإنسان آخر )) ..

فإذا فرضنا مثلا أن الوزارة قد أقيلت .. وتم تأليف وزارة جديدة .. هذا الحدث هو شر بالنسبة للذين خرجوا من الوزارة .. وبالنسبة للوزراء الجدد يعتبرونه خيراً ويتلقون التهاني عليه .. مع أنه نفس الحدث .. ولكنه شر لبعض الناس وخير للبعض الآخر .


ولنا أن نتساءل :

كيف يكون الحدث نفسه خيراً وشراً في نفس الوقت ؟ ..

كيف يكون الحدث هو جامع للخير والشر معاً ؟!


لابد هنا أن المقاييس مختلة .. لذلك فهي لا تعطى المعنى الحقيقي .. ولو أن المقاييس غير مختلة لما وجدت هذا التضارب والتضاد في المعنى .. ولكن عندما تختل المقاييس يختل معنى الأحداث . تلك هي الحقيقة التي لابد أن نلتفت إليها ... ونحن نعالج قضية الخير والشر .

إن المقاييس الشخصية _ كما قلت _ لا تصلح حكماً في هذه القضية. وأنه لابد أن هناك مقاييس أخرى وضعها الله سبحانه وتعالى في الكون .. هي التي يمكن أن تحكم الأحداث وتعطينا المعنى الحقيقي لها.

هذه المقاييس لا يمكن أن نصل إليها نحن بفهمنا المحدود .. ولا بعلمنا القليل .. فأشياء كثيرة تغيب عنا تجعلنا لا نصلح كحكم على الخير والشر في الدنيا .. بل نأخذ الأشياء بسطحيتها ودون فهم .. ثم ننطلق ونصدر أحكاماً بعيدة عن الحقيقة ..

وإذا أردنا أن نقيس الكون بمقاييس مهمة الإنسان فيه _ تلك المهمة التي خلقه الله سبحانه وتعالى من أجلها _ فلابد أن نفهم أن الله تبارك وتعالى قد وضع الميزان الدقيق لحركة الحياة في الكون .. ذلك الميزان الذي يحكم كل شيء .. وأول الأشياء التي وضعها الله سبحانه وتعالى هو ميزان الجمال في الكون ..

والجمال هو أن يؤدي الشيء مهمته في الحياة .. لذلك كانت قوانين الكون تضمن أن يؤدي الإنسان مهمته .. فإذا عبث البشر بهذه القوانين وعطلوها ولم يأخذوا بها فسدت الحياة .. وامتلأت بالشقاء والشرور .. ((((((( وضاع الجمال ))))))) فيها .. ومقاييس الجمال تجدها في الكون وفي كل حركة من حركات الحياة .



وللحديث بقية ....

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

فبراير 19th, 2011, 9:14 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية .. كانت الفطرة ..

ولنبدأ مع بداية الحياة .. حين يولد الطفل .. أول شيء أنه يولد على الفطرة مسلماً .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" كل مولود يولد على الفطرة مسلماً وأهله ينصرانه أو يهودانه أو يمجسانه " .

إن كل مولود جاء إلى هذه الدنيا إنما جاء وهو على الفطرة السليمة .. على دين الله الصحيح .. ثم يحدث ((( الفساد ))) بعد ذلك من (((( الناس )))) .. أي من أهله الذين ينقلونه من دين الفطرة _ التي خلقه الله عليها _ إلى ما يعتنقونه هم ..

هذا دليل على (( جمال الله )) في كونه منذ بداية الحياة لأي مولود .. بأن خلق كل خلقه على الإسلام .. ويدل _ في نفس الوقت _ على (( إفساد الناس لهذا الجمال )) .

إن أي طفل يشب على البراءة بما منحه الله من جمال الخلق بالفطرة .. إنه لا يعرف الكذب ولا النفاق ولا السرقة .. ولا أياً من شرور الدنيا ..

ولكن أبواه هما اللذان يعلمانه كل شر ... هو مخلوق على جمال الفطرة .. صادق القول صادق الإحساس .. برئ طاهر .. فلم نسمع عن طفل ولد كذَّاباً بالفطرة ... ولم نر طفلاً ولد سارقاً بالفطرة .. ولا سمعنا عن طفل ولد منافقاً بالفطرة .. ولكن كل هذه الشرور والآثام يعلمها له والده .. أو أقاربه او أقرانه .. فكأن الخلق جاء على الجمال في الكون .. ((( والإفساد في الكون جاء من تدخل البشر ))) .

ويكبر الطفل ويذهب للمدرسة .. وبدلا من أن يعلمه والداه أن العمل هو أساس النجاح .. وأنه لكي ينجح يجب أن يذاكر .. يتحايلان على أن ينجح دون مذاكرة .. فيحاولان الحصول على أسئلة الامتحان من المدرسين .. إما بواسطة الدروس الخصوصية .. وإما بالرشوة وإما بالنفوذ .. ونكون _ بتدخلنا هذا _ قد أفسدنا الجمال في الكون .. كيف ؟ لأنه إذا نجح التلميذ بلا مذاكرة .. هل سيذاكر بعد ذلك ؟! .. .. طبعاً لا .. لأنه ما دام ينجح بلا جهد .. فلماذا يذاكر ويتعب ؟!

إن ما نراه الآن من محاولة بعض المدرسين لبيع الامتحانات .. أو إعطاء الأسئلة للطلبة مقابل دروس خصوصية أو غير ذلك .. هو محاولة لإفساد الجمال في الكون .. فيعتاد كل طالب ألا يذاكر لينجح .. وتكون النتيجة أنه لا يتعلم .. وتنتهي مرحلة تعليمه وهو لا يعلم شيئاً .. ويدخل المجتمع كله في كارثة حقيقية .

الله سبحانه وتعالى يريد منا عمارة الأرض .. ولكي نعمر الأرض فقد خلق الله جل جلاله لنا عقولاً ترث الحضارات وتضيف عليها .. ((( هذا العقل هو الذي ميز الإنسان على الحيوان ))) .. فالحيوان ما زال يعيش عيشته البدائية منذ بداية الخلق ..


إننا لم نسمع مثلاُ أن مجموعة من الحيوانات قد عقدت اجتماعاً تتدارس فيه كيف ترقى بحياتها .. وكيف تنشئ حظائر مكيفة الهواء مثلاُ .. ولم نعرف أن حيوانا تقدم عن أبيه أو جده في العلم فأصبح يعلم ما لم يكونوا يعلموه .. واستطاع ان يطور حياته ويغيرها . لم يحدث ذلك لأمر بديهي هو أنه لا يملك المؤهل للتطور .

وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

فبراير 24th, 2011, 9:41 am

بسم الله الرحمن الرحيم

معنى .. التطور .. ؟

إنني أتعجب من الذين يقولون إن الحيوان قد تطور مع البيئة فأصبح كذا وكذا .. أو ينبت له شعر كثيف في المناطق الباردة .. أو يتكيف بلون النبات حتى يختفي عن أعدائه .. أو ينشئ حجراً متطوراً !.

إن كل هذه الأشياء يعطيها الله سبحانه وتعالى لمن شاء ليحفظ حياته من الانقراض. ولكن (( الحيوان لا يملك العقل والفكر )) .. ولا القدرة ليطور حياته .. لأن هذا العقل ميزة اختص بها الله سبحانه وتعالى الإنسان وحده .. وكشف له من أسرار كونه ما يمكنه من عمارة الأرض .. ومن التقدم في الحضارة .

إن العقل البشري إذا لم يكن قادراً على أن يفهم ويعرف حضارة السابقين ويضيف عليها .. فإنه يتخلف ويعجز عن فهم أسرار الله في كونه .

وإذا كان الجمال في الحياة هو أن تتقدم البشرية وترقى وتعمر الأرض .. فكأننا _ ونحن نعلم أبناءنا أن ينجحوا دون جهد بالغش والدروس الخصوصية وغير ذلك _ نهدم العلم والعمل معاً .. ونفسد عمارة الأرض بإفساد من اختصه الله بالقيام بهذا التعمير !!

وهنا نقطة تثار في بعض الأحيان .. وهي مسألة تدريب الحيوانات على الإتيان بحركات يحاول بعض الناس أن يوهمونا أنها تعتمد على عقل الحيوان وفهمه .. ونقول لهؤلاء :

إن هذا غير صحيح .. لأن هذه الحركات تعتمد أساساً على الغريزة .. فالحيوان حين يدرب على الحركة .. إما أن يثاب إذا فعلها فيقدم له الطعام .. وإما يعاقب إذا لم يفعلها. فيسبب ذلك له ألماً ...

إنه يفعل ما يطلب منه أن يفعله بغريزته .. إما بدافع الجوع .. لأنه يعلم انه سيتناول طعامه بعد ذلك .. وإما خوفاً من الألم .. إذا لم يفعل . ولذلك فهي حركات تعتمد على الغريزة وليس على العقل .. فلو كانت تعتمد على العقل لاستطاع الحيوان ان ينقلها إلى أولاده .. ولكنه لا يستطيع .. فلم نعرف أن أسداً أو قرداً أو حصاناً علم أولاده الحركات البهلوانية التي يقدمها في السيرك .

الله سبحانه وتعالى . حدد مهمة آدم قبل أن يخلقه .. وذلك في قوله تعالى :

" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ( 30 ) ." سورة البقرة.



اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 2nd, 2011, 9:39 pm

بسم الله الرحمن الرحيم



معنى الخلافة ..


وبما أن الله قد أعطى الإنسان الخلافة في الأرض .. فإنه سبحانه سخر له سائر أجناس الدنيا لتخدمه وتعمل من أجله ..

فأجناس الدنيا أربعة هي .. الجماد والنبات والحيوان والإنسان .. الجماد ما نقول نحن إنه لا حس فيه ولا حركة .. وهذا أخذ بظاهر الأشياء .. وهو ينتهي عند أول درجات النبات .. وهي النمو ..

إننا نرى الشعب المرجانية في البحار تأخذ بشكل بدائي خاصية النمو وهي أول مميزات النبات .. والنبات له خاصية النمو والتنفس وغير ذلك .. ولكنه يفقد خاصية الحس والحركة وهي أول الدرجات في الحيوان .. ولذلك فأننا نرى .. أن هناك بعض النباتات إذا لمستها تحركت مثل ما يطلقون عليه أسم ( الست المستحية ) .. أو غير ذلك من النباتات الموجودة في الغابات الاستوائية .. إذا لمستها تحركت أغصانها .

والحيوان يبدأ بالحركة والحس وينتهي عند العقل ... ولذلك فإن أرقى أنواع الحيوان لها فكر بدائي يمكنها من الإتيان ببعض الحركات كالقردة مثلا ..

أما الإنسان فإنه يبدأ بالعقل .. وهو ما يميزه عن باقي مخلوقات الله .. وهو الذي يصنع له التقدم .. فكل جيل يستوعب حضارات الجيل الذي قبله ويضيف عليها ليسلمها إلى الجيل الذي بعده .. وهكذا كلما تقدم الزمن .. كانت هناك قفزات أسرع .. لأنه بتوالي الأجيال جيلاً بعد جيل ... يصبح لدينا ميراث ضخم من الحضارة نبني عليه تقدمنا ..

لقد وضع الله سبحانه وتعالى .. أسس الجمال في الكون .. وهي أسس لا تستقيم الحياة بغيرها .. من هذه الأسس أن الحياة لا تستقيم إلا إذا أكل الإنسان من ناتج عمله .. لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" ما أكل أحد طعاماً قط خيرا من أن يأكل من عمل يده .. وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده " .

والإسلام يمنع أن يعطي الناس أجراً بلا عمل .. حتى أنه قيل إذا لم يكن هناك عمل يؤدي .. فليكلف الناس بحفر بئر ثم يكلفون بردمه ...


وللحديث بقية ....


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 7th, 2011, 6:30 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


((( سر الجمال في الكون )))

من الناحية العقلية قد يكون هذا غير واضح .. كيف يكلف الإنسان بحفر بئر وردمها ؟!

نقول إن القصد هنا هو ألا يتعود الناس أن يتقاضوا أجراً بلا عمل .. لأنه إذا تعود الناس على أخذ المال بلا عمل .. فإنه سوف يترتب على ذلك أن نصبح مجتمعا من العاطلين الذين يأخذون أجرا ًولا يعملون .. فيضيع الجمال في الكون ويعم الفساد فيه .

كذلك من الجمال في الكون .. أن الله سبحانه وتعالى حرم أكل أموال الناس بالباطل .. فقال تعالى :

" وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ( 188 ). " سورة البقرة.

إنك إذا أكلت مالي بالباطل .. فقد حرمتني ثمرة عملي .. وفي هذه الحالة سوف أزهد في العمل .. فمادمت أعمل وأشقى .. وأنت تأخذ ناتج هذا العمل فلماذا أعمل ؟ ...

فكأنك بأكل أموال الناس بالباطل قد أضعت الجمال في الكون .. في أن يأخذ كل إنسان ناتج عمله .. حتى يكون ذلك حافزاً للعمل والتقدم في الحياة .

وهكذا نرى ان الله سبحانه وتعالى .. قد خلق الجمال في الكون .. وأن الإنسان يأتي ليفسد هذا الجمال .. فيضيع الخير ويأتي الشقاء والشر .

لقد خلق الله سبحانه وتعالى المجتمع متكاملاً بالرزق .. فأعطى كلا منا موهبة لا يملكها غيره .. لقد شاءت إرادته سبحانه وتعالى أن يكون هذا متفوقاً في الهندسة .. وهذا متفوقاً في الطب .. وهذا متفوقاً في صناعة من الصناعات .. كل واحد منا مُتفَوقٌ في شيء .. وَمُتَفَوَّقٌ عليه في أشياء .

إن ذلك مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى :

" انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ( 21 ). " سورة الإسراء .

ولكن لم يقل الله سبحانه وتعالى من هو البعض المفضل ؟.. ومن هو البعض الآخر المفضل عليه ؟ ..

لماذا ؟ ..

لأن كلا منا مفضل في شيء .. ومفضل عليه في شيء آخر. فهذا مهندس بارع .. ولكنه محتاج إلى من يعطيه مقومات حياته من طعام وشراب وملبس وغير ذلك .. إذن هو مفضل في فرع من فروع الحياة .. ولكنه مفضل عليه في باقي أوجه الحياة ..

وهذا طبيب بارع .. مُفضّلٌ في علم الطب .. ولكنه محتاج إلى المهندس ليبني له شقة يسكن فيها .. وإلى من يعد له ثياباً يلبسها ... وإلى من يزرع ويعد له طعاما يأكله ..

وهذا صانع ثياب بارع .. ولكنه محتاج إلى طبيب يداويه .. وإلى مهندس يبني له مسكنه .. وإلى مزارع يزرع له القمح .. إذن فكل منا مفضل في ناحية .. ومفضل عليه في نواح أخرى .. حتى عامل النظافة الذي ينظف الشوارع أو يحمل القمامة من الشقق والعمارات .. نحن محتاجون إليه في هذه الناحية .

لأننا لو تركنا القاذورات .. لانتشرت الأمراض والأوبئة .. وملأت القاذورات كل مكان .. انه مفضل علينا فيما يعطينا من النظافة .. وحتى هذا الذي يعمل في المجاري والبالوعات .. مفضل علينا في هذه الناحية.. لأنه لو ترك عمله لامتلأت الشوارع بمياه المجاري وفضلاتها .. وتصبح حياتنا مستحيلة .

ولكي يترابط المجتمع وينمو ويعيش .. ربط الله سبحانه وتعالى كل هذا بالرزق .. حتى يقدم كل إنسان على عمله .. وهو راض ليحصل على رزقه .. ورزق أولاده .. بل يبحث عن هذا العمل ليأتيه الرزق .. وهذه عملية ضرورية انها أساس الجمال في هذا الكون .. لأنه لو كنا جميعاً أطباء أو مهندسين ..

فمن الذي يعد لنا رغيف الخبز الذي نأكله في الصباح ؟

ومن الذي ينظف الطرقات ؟

ومن الذي يعمل في المجاري وغير ذلك ؟

إن المجتمع الذي لا يقوم على التكامل بين أفراده يفسد .. ولا يمكن ان يعيش ولا يستمر .. لقد شاء الله أن يكون كل منا مفضلاً في ناحية يستفيد منها المجتمع كله .. حتى تكون الحياة ممكنة .


وللحديث بقية ...

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 17th, 2011, 1:21 pm

بسم الله الرحمن الرحيم



هذه مقدمة لابد منها لنعرف (( سر الجمال في الكون )) .. وأن الله سبحانه وتعالى .. خلق الكون على الجمال .. كما خلقه على الخير .. ولكن (( الفساد )) جاء لأن (( الإنسان )) أعْطِي حرية الاختيار في افعل ولا تفعل .. فأخذ يفسد في الكون ويدعي أنه يصلحه .. وأقرأ قول الحق سبحانه وتعالى :

" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ( 11 ) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ( 12 )." سورة البقرة.

فالله جل جلاله قد خلق كونه على الأسس الصحيحة السليمة التي تكفل الحياة الطيبة لكل خلقه .. ولو أن الإنسان أخذ الكون بتعاليم الله تبارك وتعالى .. سواء في التكوين .. أو في العمل .. أو في التفضيل .. أو في الأسباب .. ما كان هناك شر ولا شقاء في الكون .. لأن كل شيء وضع الله سبحانه وتعالى له قواعد الجمال التي تحفظه وتجعله يؤدي مهمته دون حاجة إلى فكر إنساني يحاول به أن يغير ويبدل.

(( والشر )) في الكون لم يأت من الخلق .. ولا من القواعد التي وضعت للخلق .. ولكن تدخل الإنسان فيها هو الذي يفسدها .. فالكون في خلقه غاية في الإبداع .. يؤدي مهمته كما أرادها الله سبحانه وتعالى له .. ولكن في انسجام وراحة .. بعيداً عن كل ما يشقى ويأتي بالأمراض في هذا الكون.

إن الإنسان بابتعاده عن منهج الله .. أوجد أمراضا وآفات في المجتمع .. جاءت بالشقاء والشر .. ولذلك أرسل الله سبحانه وتعالى (( الرسل بالمنهج )) .. ليعيدوا إلى الكون انسجامه وجماله ..

وعندما نقرأ في القرآن الكريم .. قول الحق سبحانه وتعالى :

" وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ( 82 ). " سورة الإسراء .

نعرف إن القرآن قد نزل أولا .. ليعالج أمراضاً قد ظهرت واستفحلت .. نتيجة البعد عن منهج الله .. وعندما يتم الشفاء ويبرأ المجتمع من الأمراض التي تشقيه .. تأتي الرحمة وان في إتباع منهج الله .. تختفي هذه الأمراض ولا تعود مرة أخرى .. ليشقى بها الإنسان من جديد ..

والعجيب ان الإنسان ادعى أنه يصلح في الكون وهو يفسد .. ولكنه بعد أن يعاني الشقاء .. ويتحمل آلام الشر وأوجاعه وتعبه .. سيعود مرة أخرى إلى منهج الله .. وإلى قواعد الجمال في الكون .. ولكنه لن يعود إليها بإيمان .. بل سيعود لها قهراً .. لأن الحياة لا يمكن ان تمضي .. إلا بهذه القوانين والقواعد .

اننا _ للأسف الشديد _ ننقل عن مجتمعات غير مؤمنة ما يفسد حياتنا ومجتمعاتنا ونترك منهج الله الذي به وحده صلاح أمرنا .. لكن هذه المجتمعات بدأت تعود قهراً .. إلي منهج خالقها ..واكتشف أخيراً .. انه لا يمكن للحياة أن تستقيم .. إلا بمنهج السماء .. سواء أخذته عن إيمان .. أو لم تأخذه .. لأن الحياة لا تزول متاعبها إلا به .


الشر في الكون

جعل الله سبحانه وتعالى _ كما بينا _ الجمال في كل خلقه في كونه .. وجعل قوانين الأسباب لتحفظ هذا الجمال .. فالذي يأخذ بيد الله الممدودة بالأسباب .. يعطيه الله .. والذي يحاول أن يتحايل بأن يأخذ الشيء من طريق ما حرم الله .. إنما يفسد في هذا الكون ..

إن الكون مخلوق لينسجم مع منهج الله في كل شيء .. في العمل وفي الأسرة .. وفي الأطفال .. وفي الرزق .. وفي كل حركة الحياة .. تأخذ بقوانين الله لا يأتيك إلا الخير .. تبتعد عن قوانين الله .. لا يأتيك إلا الشر .. ليس فقط في الدنيا .. ولكن في الدنيا والآخرة .. ولذلك يقال :

" لا خير في خير يؤدي إلى النار .. ولا شر في شر يؤدي إلى الجنة " .

لكن كيف يمكن أن يؤدي الخير إلى النار ؟

ولنضرب لذلك مثلاُ .. رجل يسرق ليتصدق بما يسرق .. يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء .. ويطلقون عليه اسم اللص الشريف !

وهو أبعد ما يكون عن الشرف . إنه يظن أنه يعمل خيراً .. ولكنه في الحقيقة يرتكب شراً كبيراً . لأنه سرق ما حرم الله أن تمتد يده إليه .. ولن ينفعه الخير الذي فعله ولا يتقبل منه .. لأنه يأتي عن طريق حرام .. والله سبحانه وتعالى .. لم يطلب من أحد أن يعينه في كونه على الرزق .. وهو الرزاق للجميع .. حتى المال الحرام رزق .. ولكنه رزق حرام .

الله سبحانه وتعالى لا يبيح لأحد أن يأتي بمال حرام .. ثم يدعي أنه يفعل الخير . فالإنسان لا يشرع بأن يحلل حراماً .. أو يحرم حلالا . وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى في سورة يونس :

" قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ( 59 ). "


وهكذا يعرفنا الله جل جلاله .. إن الحرام والحلال بإذنه ومن تشريعه .. وأن الإنسان لا يحل له أن يحرم ما أحل الله.. ولا أن يحل ما حرم الله . والله تبارك وتعالى لا يريد من أحد أن يعينه في كونه وهو القادر على كل شيء .. القاهر لكل خلقه .. فلا يرتكب أحد عملاً حراماً .. ثم يدعي أنه خير .. لأنه _ كما قلنا _ لا خير في خيراُ يقود إلى النار.

أو تأتي امرأة فتبيع شرفها وتقول إنني فعلت ذلك لأربي أولادي تربية حسنة !!

نقول لها ما تفعلينه حرام ولا يتقبل منك ما أنفقتيه على أولادك .. لن الله غني عن هذا كله .. ولو صبرت قليلاً لرزقك الله من حلال ما أعانك على تربية أولادك .

كذلك لا شر في شر يؤدي إلى الجنة .. أي إنك لو نصرت مظلوماً وأصابك من ذلك أذى .. فهو ليس شرا ًولكنه خير .. لأنك ستثاب عليه أحسن الثواب .. ولو أنك استغنيت عن بعض الكماليات وتصدقت بثمنها تكون رابحاً ولست خاسراً .. لأنها ستضاعف لك عند الله جل جلاله .

فقد أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية ( مشوية ) .. فأمر بتوزيعها على الفقراء والمساكين .. فقامت السيدة عائشة رضي الله عنها بتوزيعها . وأبقت كتفها . لأنها كانت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب لحم الكتف .. ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم وسأل عن الشاة . قالت له السيدة عائشة : وزعنا لحمها وأبقينا الكتف .. فقال صلى الله عليه وسلم : بقيت كلها .. إلا الكتف .

هذه هي المقاييس الحقيقية للخير والشر .. إنها المقاييس التي وضعها الله سبحانه وتعالى .. ولكن الإنسان أساء بالاختيار الذي منحه الله له في الكون .. فبدلاُ من أن يأخذ مقاييس من خَلَقَهُ وأجده .. حاول أن يضع هو المقاييس لنفسه .

ولكي نفهم هذه الحقيقة .. علينا أن ننظر إلى الكون الأعلى الذي لا اختيار فيه لبشر .. سنجد أنه في غاية الانتظام .. وفي قمة الدقة .. يعطي لكل خلق الله حياة مريحة بلا شقاء ولا ظلم.

فالشمس والقمر والنجوم والكواكب والهواء وسائر الأشياء التي لا إرادة للإنسان فيها على الأرض .. تؤدي مهمتها دون أن يشكو منها أحد .. ودون أن تتعب أحداً . فلا أحد اشتكى ان الشمس تأخرت عن موعد شروقها .. أو انها أشرقت على قوم وحجبت أشعتها عن قوم آخرين .. ولا أحد أتعبه نظام الكواكب في أنه اختل فاختل معه نظام الكون .. ولا أحد قال انه بحث عن الهواء ليتنفس فلم يجده .. ولا أحد يستطيع أن يدعي ان المطر انقطع عن الأرض فقضى على الحياة فيها .. وهلك الزرع والحيوان والناس .. ولا أحد يستطيع إن يقول الأرض اختلت في دوراتها وألقت ما فوق سطحها إلى الفضاء .



وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 24th, 2011, 1:36 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


العالم المقهور يؤدي مهمته ..

كل هذا لم يحدث .. بل إن هذه العوامل كلها المقهورة لله سبحانه وتعالى تؤدي دورها دون أن نحس أو نشعر بأنها تؤدي مهمتها كاملة بلا اختيار منها .. ( ولكن الفساد والشر في الأرض جاء من الأشياء التي فيها اختيار للإنسان .. ذلك ان الإنسان تدخل باختياره ليفسد لا ليصلح !

فإذا نظرنا إلى بداية الحياة نجد ان الله سبحانه وتعالى أراد ان يلفتنا إلى منهج الحياة في هذا الكون ومنذ لحظة نزول آدم عليه السلام إلى الأرض أنزل الله تبارك وتعالى معه المنهج .. فطلب منه أن يبلغ ذريته عن هذا المنهج من الله جل جلاله .. (( من اتبعه لا يضل ولا يشقى )) .. فقال كما يروي لنا القرآن الكريم :

" قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ( 123 ). " سورة طه .

وهكذا منذ لحظة بداية الإنسان على الأرض .. بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى له عن الشقاء والشر إنما يأتي بالابتعاد عن منهج الله .. وان هذا المنهجُ إذا طبق كما أراد الله .. لما وقع شر في الكون .. فكأن الله قد بين لنا الطريق مع بداية الحياة ..

وآدم عليه السلام نزل إلى الأرض ومعه المنهج .. وأبلغه لأولاده وهؤلاء أبلغوا ذريتهم وهكذا ..

وهنا تأتي الإرادة البشرية لتضع أول بذور الشر في الكون بين أولاده في قصة هابيل وقابيل التي رواها لنا الحق سبحانه وتعالى . إنها أول جريمة قتل على الأرض بين ولدي آدم .. قابيل وهابيل .. ولو أن قابيل اتبع قول الله جل جلاله:

" وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ( 33 ) سورة الإسراء.

ما وقع هذا الشر .. ولكن الذي حدث عن أحدهما وهو قابيل .. خالف المنهج وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق .

والقصة إن الله سبحانه وتعالى قضى أن تلد حواء في كل حمل ذكراً وأنثى .. حتى يتم التكاثر في الأرض وعمارتها .. وكان ذكر البطن الأول يتزوج أنثى البطن الثاني .. وذكر البطن الثاني يتزوج أنثى البطن الأول .. ولكن قابيل لم يعجبه هذا .. لأن أخته _ التي ولدت معه _ كانت أجمل من تلك التي جاءت مع هابيل .. فأراد أن يخالف القاعدة .. وأن يتزوج أخته التي جاءت معه في نفس البطن .. ولجآ إلى أبيهما آدم عليه السلام الذي طلب منهما أن يحتكما إلى الله سبحانه وتعالى.

ويروي لنا القرآن الكريم القصة فيقول :

" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( 27 ). سورة المائدة.

وهذه القصة تلفتنا إلى ان الله سبحانه وتعالى أنزل المنهج على آدم بمجرد نزوله على الأرض وأنه جل جلاله لم يترك الإنسان على غير هدى منذ اللحظة الأولى من الحياة .. بل هداه وبين له ما يقيم الحياة الطيبة .. وما يعبد به الله ويتقرب به منه ... ذلك ان بعض الناس يدعي ان آدم نزل على الأرض بلا منهج .. وأنه ترك على غير هدى هو وذريته حتى أرسل الله أدريس نبياً ونوحاً بعده عليهم السلام .. وهم يستندون في ذلك على ان قصص الأنبياء تبدأ بنوح عليه السلام .. أي انه لم يكن هناك نبي قبله . نقول إن هذا غير صحيح ويتنافى مع عدل الله تبارك وتعالى .. والله جل جلاله يقول :

" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( 15 ). سورة الإسراء .

إذن فلابد من إبلاغ منهج الله للناس أولا .. ليكون عدلاً أن يكافأ من أطاع ويعذب من عصى .. ولو أنه لم يكن هناك منهج .. فكيف أحتكم قابيل وهابيل إلى الله سبحانه وتعالى ؟

لقد كانا على علم يقيني ان الله سبحانه وتعالى موجود وواجب الوجود .. ولولا ان آدم أخبرهما بالمنهج ما علما ذلك .


وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

مارس 29th, 2011, 8:15 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


قصور العقل الإنساني ...

لا يمكن ان نصل إلى متطلبات الله .. كيف نعبده وما يرضيه وما يغضبه بالعقل وحده .. ذلك ان العقل غاية ما يصل إليه هو أن هناك إلهاً لهذا الكون .. فيتأمل آيات الكون وخلق السموات والأرض والشمس والقمر وغير ذلك . انه يوصلنا إلى ان هناك خالقاً عظيماً .. هو الذي أوجد هذه الأشياء .. لأنه لا قدرة لبشر على أن يوجدها .. فلا أحد يستطيع أن يدعي أنه خلق الشمس أو القمر أو النجوم أو الأرض. ولا أحد مهما بلغت قوته وعلمه يستطيع أن يدعي أنه خلق نفسه .. فتلك أشياء فوق قدرة البشر جمعياً ولو اجتمعوا لها .. إذن فلابد من خالق لهذا الكون هو الذي أوجده .. وهو الذي خلقنا .

من هو الخالق ؟ ..

وماذا يريد منا ؟..

تلك أمور فوق طاقة العقل لا يستطيع أن يصل إليها ... ذلك ان قدرة العقل تقف عند الدليل على أن لهذا الكون خالقاً وموجداً .. ولكن ما أسمه ؟.. وماذا يريد منا ؟.. وكيف نتقرب إليه ؟.. وماذا يرضيه وماذا يغضبه ؟.. تلك أمور فوق قدرة العقل البشري .

ولكي نقرب ذلك إلى الأذهان .. نقول :

إذا كنا نجلس في حجرة مغلقة .. ثم سمعنا طرقا على الباب .. غاية ما نستطيع أن نصل إليه هو أن بالباب طارقاً .. ولكن من هو ؟ ..

هل هو رجل أو امرأة أو طفل ؟ ماذا يريد ؟.. أيريد بنا خيراُ أم شراً .. هل جاءنا بشيء طيب أم لم يأت بشيء على الإطلاق ..أم جاءنا ليبلغنا أشياء لا نعرفها .. هذا لا يمكن أن نصل إليه إلا إذا قمنا وفتحنا الباب.

ولكن الله سبحانه وتعالى كريم معطاء .. ولذلك لم يتركنا في حيرتنا .. لقد أرسل إلينا الرسل ليفتحوا لنا أبواب السماء ويبلغونا أن خالق هذا الكون هو الله سبحانه وتعالى .. وأنه يريد منا أن نعبده وأنه _ حتى لا نضل _ حدد لنا هذه العبادة وطريقة أدائها.. وأعلمنا ان هناك حياة أخرى فيها خلود .. وأن الله أعد للطائعين نعيماً هائلاً .. وأعد للعاصين عذاباً أليماً ..

ولذلك اقتضت رحمة الله سبحانه وتعالى ان تبدأ الحياة البشرية على الأرض بالرسل .. لأن هؤلاء هم الذين سيبلغوننا عن الله ما يريدنا جل جلاله ان نعرفه عنه في أنه هو الله الخالق الذي أوجد كل شيء .. وأنه وضع لنا منهجاً للحياة نتبعه.



وللحديث بقية ...

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

إبريل 9th, 2011, 5:27 pm

بسم الله الرحمن الرحيم


المنهج نزل مع آدم عليه السلام ...

إن احتكام قابيل وهابيل في قضيتهما إلى الله .. إنما هو دليل على إنهما عرفا وجود الله الخالق لهذا الكون .. وكونهما قررا أن يحتكما إلى الله تبارك وتعالى بقربان يقدمانه ... دليل على إنهما عرفا المنهج . وكيف يتم التقرب إلى الله .. وعرفا ان الله سبحانه وتعالى يتقرب إليه بأفعال معينة .. وتغضبه أفعال محددة .. وذلك حتى نعرف ان الله جل جلاله لم يترك الإنسان لحظة واحدة بلا منهج .. وان المنهج نزل مع آدم إلى الأرض.

وكما نعلم فقد تقبل الله سبحانه وتعالى قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل .. وقيل ان ذلك بسبب ان هابيل قدم أحسن ما عنده كقربان .. وقابيل قدم أسوأ ما عنده .. والله جل جلاله طيب لا يقبل إلا طيباً . وقيل لأن هابيل رضي بحكم الله وقضائه في أن يتزوج أنثى البطن الأول التي جاءت مع قابيل .. وقابيل تمرد على حكم شرعي لله .. وأراد أن يتزوج أخته التي جاءت معه في نفس البطن.

ومهما قيل من أسباب .. فإن الذي يهمنا هو ما ذكره القرآن الكريم .. ان الله سبحانه وتعالى تقبل قربان هابيل .. ولم يتقبل قربان قابيل .. وكان يجب على قابيل في هذه الحالة ان يحترم عدم قبول الله لقربانه .. وان يستغفر الله .. وينظر إلى ما في نفسه من اعوجاج .. فيحاول أن يصلحه .. ولكنه لم يفعل ذلك .. بل امتلأ غضباً .. وقال لأخيه هابيل سأقتلك .. ورد هابيل بأنه لا ذنب له فيما حدث .. من أن الله لم يتقبل قربان قابيل .. لأن الله يتقبل من المتقين.

وهنا نقف مرة أخرى لنتساءل:

من الذي أخبر هابيل ان الله سبحانه وتعالى يتقبل من المتقين؟

لابد أنه كان هناك منهج علم منه هابيل انه الله لا يتقبل من العاصين أو الكافرين .. وإنما يتقبل من المتقين.

ثم تمضى القصة ليذكر لنا الحق تبارك وتعالى ان قابيل قتل أخاه .. فيقول جل جلاله :

" فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( 30 ). " سورة المائدة .

وسواء تم القتل كما يُرْوَى بقطعة حديد أو بحجر .. فإن هذا لا يهمنا إنما الذي يهمنا هو أن هذه أول جريمة قتل حدثت في البشرية كلها .. وأول مخالفة _ نعلمها _ لمنهج الله على الأرض .. وأول تمرد على مراد الله الشرعي في كونه .



وللحديث بقية ...


اخوكم / الاثرم

samer 2010
مشاركات: 8
اشترك: أكتوبر 12th, 2010, 7:30 am

إبريل 20th, 2011, 8:31 am

الأخ الكريم
لم أقرا ما كتبته و لا يهمني حتى إذا جئت بما لم يأت أحدااا
كونك تحجر على الحوار لنفسك فقط و لا تقبل المناقشة ... هنيئأ لك ..فأنت تكلم نفسك.
و لكوني إنسان طبيعي أقبل الرأي و الرأي الأخر .. فأنا أرحب بردك
تحياتي
سامر

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

يونيو 17th, 2011, 8:02 am

بسم الله الرحمن الرحيم

اخي الكريم سامر .. لا .. كل من دخل المستشفى .. هو مريض .. ولا كل موضوع ينزل هنا هو للنقاش .. وأنا لم أتعرض لديانتك ... حتى تحكم وتقول ..

كونك تحجر على الحوار لنفسك فقط ولا تقبل المناقشة ... هنيئأ لك ..فأنت تكلم نفسك.


هناك .. يا اخي الكريم ... مواضيع تثار فيها شبهات في هذا المنتدى ...

وهناك ... مهم .. وهناك أهم ..

مهم اني ادعو إلى ديني .. ولكن الأهم من ذلك هم أهل عقيدتي ... فليس كل موضوع لكم ...

فأنا انسان مسلم ( سني ) من أهل السنة والجماعة ... لا نعبد بشرا كالشيعة وغيرهم .. ولا ندعوا ونتوسل بالأموات ..

http://www.youtube.com/watch?v=id9FE37gAlA


ربنا الله الذي لا إله غيره .. يحي ويميت وهو على كل شي قدير ... نؤمن بجميع الكتب السماوية .. ولا نفرق بين أحد من رسله .. إلخ .


أما بالنسبة لكلامك هذا ...

لم أقرا ما كتبته و لا يهمني حتى إذا جئت بما لم يأت أحدااا


أنا ولله الحمد .. يا أخ سامر .. لا غرورا والعياذ بالله ...ولكن لي مقصد بذلك ..

( جئت بما لم يأت أحدااا ) ...

كان لي هنا موضوع ... وحذف .. تناقشت مع اخوان لي.. فلله الحمد نقلت كل النقاش على جهازي خشية أن يحذف .. أو .. أن يخترق ويذهب المنتدى .. إلخ .

فمع إنشغالي وانقطاعي .. لظروف خاصة .. كلفت ولد اختي ( سواها قلبي ) بنقله .. ومتى أنتهى من نقله ساكمل الموضوع بإذن الله ... حتى أصل إلى .. مكة والمدينة المنورة .. في العهدين ... الجديد والقديم ..

أنا .. لا أحب أن اضع روابط خارجية ... لكن كلامك أجبرني .. وأحب أن أذكرك بكلامك هذا ...

لم أقرا ما كتبته و لا يهمني حتى إذا جئت بما لم يأت أحدااا
حذاري أن تدخل و تقرأ ..

وهذا هو الرابط ..

http://zain4u.com/vb/showthread.php?t=4434



والآن سأكمل موضوع الخير والشر ...

اخوك / الاثرم

[/size]

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

يونيو 9th, 2016, 10:50 pm

المعصية لم تتوقف ...

كان هذا عرضا سريعاً لبداية الشر في الكون .. انه جل جلاله يريد أن يلفتنا .. إلى ان الشر يأتي من مخالفة منهج الله .. ولو أن قابيل أطاع الله والتزم بمنهجه .. لامتنع عن قتل أخيه. وإذا كانت هذه هي البداية .. بداية المعصية وما تحمل من شرور .. فإنها لم تتوقف كما يروي لنا القرآن الكريم عن قصص الأنبياء والرسل .. نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى وغيرهم عليهم أفضل الصلاة والسلام .. ولقد كانت السماء تتدخل لعقاب الكافرين فتهلكهم .. وفي ذلك يروي لنا القرآن الكريم :



" فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 40 ). " سورة العنكبوت .



ولكن كيف ابتعد الناس عن المنهج ؟..

الله سبحانه وتعالى يروي لنا ذلك .. عندما أشهدنا على نفسه في عالم الذر .. يقول الله تبارك وتعالى :



" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ( 172 ) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ( 173 ). سورة الأعراف .



ان البعد عن منهج الله يأتي بطريقتين .. إما بالغفلة عن المنهج بأن ينساه الناس أو يحرفوا فيه .. وأما أن يأتوا بكلام ليس من عند الله ويقولون هو من عند الله .. إنهم أولا ينسون ما يتعارض مع أهوائهم من منهج الله .. وما لا ينسونه يحرفونه .. وما لم يحرفوه يأتون بكلام بشري ثم ينسبونه ظلماً وعدوانا إلى الله سبحانه وتعالى . وفي ذلك يقول الحق جل جلاله :



" " فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ( 79 ) سورة البقرة.



هذه هي الغفلة .. التي تدخل إلى القلوب فتعميها عن منهج الله . ثم يأتي الطريق الثاني وهو تقليد الآباء . يبدأ الآباء بالابتعاد عن منهج الله .. ويقلدهم أبناؤهم ويزيدون على ذلك انحرافاً لتحقيق مكاسب دنيوية ثم يأتي الجيل الذي بعدهم فيقلد الآباء وهكذا . والله سبحانه وتعالى يلفتنا إلى ذلك فيقول:

" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ( 170 ). " سورة البقرة.

إذن الغفلة عن المنهج وتقليد الآباء .. هما أساس المعصية والكفر .. ولذلك أراد الله سبحانه وتعالى .. أن يلفتنا إلى ان هذين العذرين غير مقبولين في الآخرة .. فحذرنا منهما ونحن في عالم الذر .. حتى لا يأتي أحدنا مجادلاً يوم القيامة مستخدما هاتين الحجتين
.




[/size]

AL-ATHRAM
مشاركات: 268
اشترك: سبتمبر 24th, 2004, 1:42 am

أكتوبر 27th, 2016, 6:07 pm

محمد رحمة للمؤمن والكافر ..

إن السماء كانت تتدخل لعقاب الكافرين .. إلى ان جاءت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم . فتوقف عقاب السماء للكافرين في الدنيا .. وذلك لسببين :

السبب الأول هو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرْسل رحمة للعالمين .. المؤمن والكافر .. وهذه الرحمة المهداة لكل من له اختيار في الدنيا .. فتحت باب التوبة للجميع حتى لحظة الاحتضار .

إن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من عباده جميعاً .. مادامت حياتهم مستمرة على الأرض .. وحتى تطلع الشمس من مغربها إيذاناً بقيام الساعة .. أو حتى تأتي ساعة الاحتضار .. وهذه رحمة مهداة إلى كل البشر على يد سيد البشر سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

أما السبب الثاني فهو ان الله تبارك وتعالى .. ائتمن أمة محمد صلى الله عليه وسلم على القيام بتبليغ الرسالة وتأديب الكافرين .. وذلك مصداقاً لقوله جل جلاله:

" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ( 110 ). " سورة آل عمران .

وإذا كنا سنتحدث عن الشر والشقاء في الكون .. فلابد أن نتحدث عن العالم المعاصر .. لأن الشر فيه والشقاء فاقا كل العصور .. فما هو سر هذا الشقاء ؟

ان أسباب الشقاء تنحصر في ان الناس قد تركوا منهج الله وأخذوا يشرعون لأنفسهم بما يسمونه القوانين الوضعية .. وهي تلك التشريعات التي تحكم الآن معظم دول العالم والتي استعاضوا بها عن المنهج الذي وضعه الله سبحانه لإصلاح الكون .. وهذا هو سر الشقاء والتعاسة التي تجتاح العالم كله رغم كل التقدم المادي والعلمي المذهل.

ولابد أن نعي ان العقول البشرية مهما بلغت من الذكاء قاصرة ومحدودة .. ومهما بلغت من العلم .. تعرف أشياء وتغيب عنها أشياء .. فهي لا تستطيع أن تلم بالمشكلة كلها .. ولذلك نجد كل قانون وضعي لا يمر عليه سنوات إلا ويحتاج إلى تعديل .. لأنه غابت عن عقول واضعيه أشياء ظهرت بعد ذلك تقتضي التعديل .. وتظل القوانين البشرية تمضي من تعديل إلى تعديل .. وتظل مليئة بالثغرات التي تظهر الواحدة بعد الأخرى ليظهر الله للناس بالبرهان والدليل ان عقولهم قاصرة ومحدودة .. وغير مؤهلة لن تشرع لحياة الإنسان.

ان أحداً لا يفيق من فوضى القوانين في العالم .. ومن الثغرات التي تملؤها ليسأل نفسه لماذا لا نطبق شرع الله الذي هو عليم بكل شيء؟! والذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه . فصانع الشيء هو أصلح الناس لوضع قوانين صيانته .. ونحن في حياتنا البشرية .. إذا أردنا أن نصلح آلة فإننا أما نلجأ إلى الصانع .. وأما إلى ما يسمونه الكتالوج الذي يضع الصانع فيه قوانين الصيانة , أو على من دربهم الصانع وأعطاهم تعليماته عن كيفية الإصلاح.

إننا نأبى .. أن نتبع مع منهج الله نفس المبدأ الذي نتبعه في حياتنا الدنيوية .. فنعيد الصنعة إلى صاحبها .. نأخذ منه منهج الصيانة الذي وضعه وأبلغه لنا .. وهذا هو السبب الأول في الشر والشقاء في الدنيا .

ان بعض الدول _ وقد شقيت بما شرعته لنفسها _ أخذت تعيد النظر في هذه التشريعات. هذه الدول عدلت في قوانين الله وألغت عقوبة الإعدام . ثم بدات تصرخ لزيادة جرائم القتل في مجتمعاتها .. ولم تجد مفراً من العودة إلى منهج الله الذي يقضى بإعدام القاتل .

وبالنسبة للطلاق .. الله تبارك وتعالى أباح الطلاق فقال جل جلاله:

" الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ( 229 ) سورة البقرة .

ولكن الكنيسة الكاثوليكية .. جاءت فألغت الطلاق .. وقالت الزواج أبدي بلا طلاق .. هذا قانون دنيوي .. فهل استقام لهم الأمر ؟ .. أبداً .. لقد نشأت متاعب ومصاعب وشقاء عائلي وغير ذلك .. حتى اضطرت هذه الكنيسة إلى عن تبيح الطلاق .. ولم تكن هذه العودة عن إيمان بالإسلام .. ولكنها أباحته عن اضطرار .. لأن الحياة لا يمكن ان تستقيم بدونه .. فهناك مشاكل تنشأ بين الزوجين يكون الطلاق فيها أسلم وأوفق من الاستمرار في الحياة الزوجية. ويوم أباحت الكنيسة الكاثوليكية الطلاق .. رفعت في روما وحدها 20 ألف قضية طلاق في يوم واحد.

وبالنسبة للرضاع يقول الحق جل جلاله في كتابه الكريم :

" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ( 233 ). " سورة البقرة.

ثم ظهر في العالم الغربي .. من يدعي ان الرضاعة الخارجية أحسن وأفيد للطفل .. وظهرت شركات ألبان الأطفال .. لتعلن زيفاً ان ما تنتجه قد وضعت فيه من الفيتامينات والمواد المقوية للطفل ما لا يوجد في لبن الأم !! ثم ظهر بعد ذلك ان الطفل الذي لا يرضع من لبن أمه عامين كاملين ينشأ مصاباً بأمراض نفسية وعصبية تدمره .. وينشأ فاقد الحنان والانتماء إلى الأسرة .. عاقاً لوالديه .. كما ظهرت أمراض نفسية كثيرة ضيعت أجيالاً بأكملها .. وألقت بها إلى المخدرات وغيرها .. وعمت الشكوى من الأبناء .. ومن عقوقهم بالأمهات والآباء.

لكن فجأة إذا باللذين طالبوا بالأمس بعدم الرضاعة الطبيعية يطالبون اليوم بالعودة إليها .. وإذا بالمؤتمرات تعقد عن فائدة الرضاعة الطبيعية وضرورتها بالنسبة لحماية الطفل لينشأ سليماً نفسياً وصحياً .

والعجيب إننا نحن في العالم الإسلامي تلقفنا هذا التغيير بالعودة إلى الرضاعة الطبيعية لمدة عامين كاملين دون أن نذكر أو نتذكّر .. أن هذا ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.. وأنه أعطانا المنهج السليم لتربية أولادنا .. ولكننا بدلا من أن نطبقها .. قلدنا دول الغرب في الاتجاه إلى الرضاعة من غير لبن الأم .. وضاعت أجيال منا .. ثم أخذنا نشكو من الأجيال الضائعة !! ولم نفطن إلى أن مخالفة منهج الله هي التي أضاعت هذه الأجيال.

ونستطيع أن نمضى .. ونضرب عشرات الأمثلة .. في الشقاء والشر الذي أصاب حياة البشر .. من مخالفة منهج الله ..

لقد قالوا ان قطع يد السارق وحشية .. ونسوا ان العقوبة في الإسلام مقصود بها منع الجريمة وردع المجرم ..وأنه إذا عرف أي لص ان يده ستقطع إذا سرق ما أقدم على السرقة ... وكانت النتيجة _ لعدم تطبيق هذا النص _ ان السرقات وعصابات السرقة ملأت العالم ..وأصبحت تروع الآمنين وتستخدم من العنف ما يشوه مئات البشر يومياً .. بل ويودي بحياتهم.

إننا لو طبقنا منهج الله .. وقطعنا يد السارق لقلت السرقة في العالم حتى كادت تنعدم .. ولكننا بتشريعنا البشري قد زدنا من شقاء البشر .. وزدنا من الشر في العالم دون أن نحقق شيئاً وسيظل هذا الشقاء مستمراً .. مادامت هناك مخالفة للمنهج .. والله سبحانه وتعالى بعلمه غير المحدود .. لا يغيب عنه شيء وهو خالق النفس البشرية ..وخير من يضع لها القوانين التي تصلحها .. والتي تجعل حياتها تستقيم ..

والعالم كله يلف ويدور .. ويملؤه الشر والشقاء .. ثم لا يجد طريقاً لحل مشاكله إلا أن يعود إلى شرع الله .. سواء عن إيمان أو عن ضرورة .

وفي نهاية هذا الكلام .. لا بد أن نتعرض إلى نقطتين هامتين :

النقطة الأولى هي ما يتحدث عنه الناس من عدم التوزيع العادل لخيرات الأرض. فبعض الشعوب لديها ما يكفيها ويزيد .. وبعض الشعوب لا تجد ما يكفيها.

أما النقطة الثانية فهي ان الناس ترى الخير في المال وحده .. فمن رزقه الله مالاً اعتقد ان ذلك رضاً من الله .. ومن لم يرزقه الله مالاً .. اعتبر أن هذا غضب من الله وعدم قبول ..

وهذه كلها مفاهيم خاطئة .. فالله أودع في كونه ما يكفي خلقه جميعاً إلى يوم القيامة.. والله يبتلى الناس بالمال.. وقد يكون المال نقمة.. وقد يكون عدم رضاً من الله.. وقد يكون إبقاء للكفر والعياذ بالله.. حتى يعتقد الإنسان أنه استغنى .. وحتى لا يرفع يده إلى السماء ويقول يا رب .. وحتى يخرج من الدنيا .. وليست له حسنة واحدة تشفع له في الآخرة .



وللحديث بقية


اخوكم الاثرم



شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر