نقد كتاب المبادئ العامة للحروب التقليدية

خاص بمناقشة القضايا الإسلامية من عقيدة، و فكر، و فقه، و فتاوى، الخ.
شارك بالموضوع
رضا البطاوى7
مشاركات: 2402
اشترك: يناير 12th, 2010, 8:27 pm
المكان: طنطا مصر
اتصل:

أغسطس 23rd, 2020, 11:19 am

نقد كتاب المبادئ العامة للحروب التقليدية
الكتاب تأليف شريف شكري يونس
وقد عرف تلك الأصول المزعومة فقال :
"الأصول العامة بالنسبة للحروب التقليدية تعني المبادئ العامة التي تحكم عناصر هذه الحروب، وكذلك المبادئ العامة التي تحكم عناصر هذه الحروب، وكذلك المبادئ العامة التي تحكم الإعداد لها وأما بالنسبة للحرب النووية فقد رأيت - حين حاولت التصدي لها- أن أقتصر على مبدأيها العامين في الهجوم والدفاع"
وفى الفصل الأول تناول ما سمى بالحروب التقليدية فقال:
"الفصل الأول الحرب التقليدية (الكلاسيكية):
تمهيد
يقصد بالحرب التقليدية ذلك النوع من الحروب الذي تخوضه - بصفة أساسية - القوات النظامية لدولة أو أكثر ضد دولة أو أكثر
الفرع الأول:
عناصر الحرب التقليدية:
وتنقسم هذه العناصر-كما قلنا- إلى أربعة عناصر هي: الاستراتيجية، والتكتيك، والتقدم العلمي والخطة وتتميز مبادئ الاستراتيجية بالثبات، ولم يؤثر فيها التقدم العلمي ولا التطور إلا من ناحية التطبيق فقط وكذا الأمر بالنسبة لعنصر الخطة وأما مبادئ التكتيك، فقد كان لظهور النار أثر ملموس عليها، سواء منها ما تعلق بالصدم أو بالحركة"
ثم عرف الاستراتيجية فقال :
"المبحث الأول الإستراتيجية:
وقد قيل في الاستراتيجية إنها: " استخدام الاشتباك كوسيلة للوصول لهدف الحرب " أو أنها: " فن توزيع واستخدام مختلف الوسائل العسكرية لتحقيق هدف السياسة " أو أنها: " فن استخدام القوة للوصول إلى أهداف السياسة"ونكتفي في مجال الإحاطة الثقافية -هنا- بمعرفة أن الإستراتيجية كلمة لاتينية الأصل، تشتمل على مقطعين Stra ومعناها الميدان، Tig ومعناها الجبل، وقد غلب في الاصطلاح استعمالها للدلالة على القواعد العامة التي تتعلق بمجمل التخطيط للعمليات العسكرية
وللاستراتيجية بهذا المعنى مبادىء عدة عرفت منذ أقدم العصور، ولم يكن عباقرة القواد هم الذين عرفوها وإنما كانوا هم الذين استطاعوا مراعاة هذه المبادئ وتطبيقها التطبيق المناسب والسليم"
هناك بعض الحروب التقليدية لم يكن للمنتصرين فيها هدف سياسى يتفق مع أهداف السياسيين فحرب رشيد ضد حملة الانجليز كانت الحامية فيها قليلة جدا وقام أهل البلد بحرب الحملة وهزموها وهدفهم كان الدفاع عن دينهم أساسا ولم يكن يتفق مع هدف الحاكم محمد على الذى كان يريد بناء دولة له ولأولاده من بعده
ثم تحدث عن المبادئ الرئيسية للاستراتيجية فقال:
"أولا - المبادئ الرئيسية للاستراتيجية:
1 – المبادأة:
والمبادأة هي: المبادرة إلى العمل في الاتجاه الصحيح وبأدنى تأمل، فإن المبادأة بهذا المعنى تمتد جذورها إلى لحظة ظهور الهدف السياسي لدى القادة السياسيين، إلا أنه حين يقف الأمر عند الناحية العسكرية البحتة، فإننا نجد أن القادة العسكريين لا يبدءون في العمل في الاتجاه الصحيح إلا بعد وضوح الهدف العسكري أمامهم ذلك أن تحديد الهدف العسكري في الإطار السياسي العام، يعد من صميم اختصاص القيادة السياسية ولو عاونها في تحديده العسكريون، وأما تحقيق الهدف السياسي في إطاره العسكري، فيعد من صميم اختصاص العسكريين وحدهم وأول خطوة عند المبادرة بالعمل في الاتجاه الصحيح هي: تقدير الموقف، حيث يقوم القادة بدراسة أوضاعهم وأوضاع العدو دراسة شاملة لتحديد جوانب القوة والضعف في كل من الموضعين ويستعين العسكريون في ذلك بالمعلومات عن حجم وطبيعة القوات المعادية، والإمكانيات المتاحة والمنتظرة لها، وعوامل السلب والإيجاب في تشكيل وتدريب وتسليح وأوضاع هذه القوات ثم يلي ذلك تحديد الهدف المطلوب تحقيقه إزاء هذه القوات، ثم دراسة طاقة القوات على تحقيق هذا الهدف في ظل الظروف الطبوغرافية والجوية التي ينتظر أن تعمل فيها، وبعد ذلك يقوم القادة بتهيئة قواتهم قتاليا ومعنويا وإداريا وفق خطط زمنية محددة لضمان استيعابهم لهذا الهدف، وقدرتهم على تحقيقه عندما يستمر القتال"
حكاية وجود فرق بين السياسيين والعسكريين ليست مسلم بها فغالبا ما كانت القيادة السياسية هى نفسها القيادة العسكرية حتى لو ارتدت زيا مدنيا فمثلا الملوك طبقت للتاريخ المعروف كان أكثرهم من يقود الجيوش فى المعارك وهو ما قاله فى أواخر الكتاب :
" خصوصا وأن السيطرة في أغلب الأحوال كانت للأولى ( المدنية ) لا للثانية (العسكرية ) فحينما كان الملك يتولى وحده السلطتين معا، وكانت الحرب لا تقوم - في حقيقة أمرها- إلا من أجل المليك المفدى"
وحتى فى الجمهوريات نرى نابليون الجمهورى وهو نفسه نابليون الامبراطورى ومثلا روزفلت وإيزنهاور وجورج بوش الأب وبالقطع لا يوجد فرق بين قائد عسكرى ميدانى ولا بين رئيس مخابرات
وأما الهدف السياسى للحروب فأحيانا لا يكون معروف لا للعسكريين ولا للسياسيين فى أول المعركة فمثلا شرارة بداية الحرب العالمية الأولى كان سببها اغتيال الأرشيدوق ولى عهد النمسا ومن ثم كانت للانتقام للجريمة وليس من أجل هدف سياسى معين وتطورت الأحداث فيها من جانب المشاركين فيها لتحقيق أهداف سياسية ولكن أولها
ومثلا حرب كالحرب العراقية الكويتية لم يكن هناك هدف سياسى واضح لصدام العسكرى ومن معه وإنما كما حكى هو ان السفيرة الأمريكية أوحت له أن أمريكا لن تمانع فى تأديبه للكوايتة بسبب سرقتهم النفط فى المنطقة الحدودية فهو هدف نبت فجأة وكان الهدف الأساسى السياسى للحرب هو هدف الولايات المتحدة وهو استنزاف الموارد المالية من دول الخليج فى شراء أسلحة وتوظيف الجنود وهدم الكويت رأسا على عقب كى تبنيها الولايات المتحدة وتأخذ ثمن مقاولة الهدم والبناء والهدف التالى كان هدم العراق وبناءها مع سرقة ما يقدرون عليه منه
فالحرب الأساسية لم يمن بين الكويت والعراق لها هدف محدد من أيا منهما سوى حكاية التأديب وأما حكاية المحافظة19 فكانت تضليلا اعلاميا من جانب التحالف الكافر لعمل حشد نفسى مضاد لصدام الذى ليس سوى عميل هو الأخر كان وضعه على سدة الحكم لتضييع ثروة العراق فى حروب لا فائدة من خلفها كالحرب العراقية الإيرانية وحرب الكويت وحرب الأكراد
الغريب ان كل حروب المنطقة كان الهدف منها أن يسترد الغرب أموال النفط التى يدفعها كثمن له فى صور مختلفة كشراء أسلحة وبناء مدن ومشروعات وتدريب جيوش وعمل قواعد عسكرية برضا المجانين الحكام ومن معهم
ثم تحدث فى العنصر الثانى فقال:
"2 - المفاجأة (المباغتة ):
وإذا كان جوهر المبادأة هو المبادرة بالعمل في الاتجاه الصحيح، فإن جوهر المفاجأة هو المبادرة بالعمل في الاتجاه الصحيح بطريقة تخالف توقع وتقدير العدو وتعتبر المفاجأة أهم مبدأ من مبادئ الحرب، ويؤدي إحرازها غالبا إلى انهيار العدو معنويا، فضلا عن ارتباكه وعدم قدرته على اتخاذ إجراءات مضادة فعالة، بل إنه غالبا ما سيتخذ قرارات قتالية لا تتفق والموقف الحادث فعلا مما يؤدي في النهاية إلى شل عزيمته عن المقاومة تماما وليست هناك وسيلة واحدة لإحراز المفاجأة، فالوسائل متنوعة ومتعددة، ويكمن جوهرها جميعا في الابتكار الخلاق، وتجنب النمطية والتكرار ويرى بعض الباحثين، أن المفاجأة الاستراتيجية تتحقق فقط بأساليب معينة من مثل التعبئة السريعة لجيش، والحركة السباقة الحاسمة قبل إعلان الحرب رسميا، والنقل السريع للقوات من مسرح لآخر بينما يرى بعض آخر، أن من الممكن تحقيق المفاجأة الاستراتيجية بزمان أو مكان أو قوة الهجوم كذلك فالمفاجأة بزمان الهجوم تعتمد على وسائل متعددة كالإعلام المخادع، والتضليل بالمعلومات، والهجوم من الحركة، وتأخير حشد القوات إلى آخر لحظة ممكنة، فضلا عن الهجوم في الأوقات التي يقل استعداد العدو فيها كالليل أو قبيل الفجر أو في الصباح المبكر أو حتى في وضح النهار كما حدث في حرب أكتوبر سنة 1973 وأما المفاجأة بمكان الهجوم فغالبا ما تتم بالأعمال التظاهرية، وإخفاء اتجاه المجهود الرئيسي، واتباع طرق الاقتراب غير المتوقعة، أو بدء الحرب بالهجوم على مطارات العدو المختلفة أو موانيه الرئيسية
وقد يكون زمان ومكان الهجوم معروفين للعدو، ومع ذلك يتبين عند بدء القتال أنه مفاجئ تماما بقوة الهجوم، سواء من حيث عدد القوات، أو الإمكانيات التي أتيحت لها، أو الروح المعنوية التي ظهرت بها
وتؤتى المفاجأة ثمارها المرجوة بالوسائل السابقة إذا واكبها روح معنوية عالية، واتصاف القوات بصفات وقدرات قتالية مناسبة، فضلا عن الاستطلاع النشط والمستمر للعدو، وكذا معرفة الأرض التي يقيم عليها استحكاماته، مع مراعاة السرية التامة في التحضير للهجوم، وإعداد السلاح المستخدم فيه، مع محاولة بدء الهجوم في وقت واحد على كافة الجبهات المتاحة، مع استغلال كل العوامل المساعدة، بما فيها مفاجأة العدو بالخيانة بين قواته ومن أمثلة الحروب الحديثة التي تم إحراز المفاجأة فيها: حرب الألمان ضد الفرنسيين في أثناء الحرب العالمية الثانية، فقد عمد الألمان بالأعمال التظاهرية، والإعلام المخادع، إلى إقناع القيادة البريطانية الفرنسية المشتركة بأن الضربة آتية من الشمال، مما حدا بهذه القيادة إلى نقل قواتها الرئيسية إلى شمال فرنسا في مواجهة الحدود مع هولندا، وحينذاك، حشد الألمان - في وقت محدود نسبيا - قوة ضاربة في الجنوب، وجهوا بها ضربة مفاجئة للدفاع الفرنسي الضعيف هناك، ثم استغلوا نتائج ذلك بمهارة وحذق وأنهوا الموقعة لصالحهم وفي صيف سنة 1967 طبقت إسرائيل الوسائل الألمانية بطريقة مناسبة، فعمدت إلى التضليل بالدبلوماسية إلى الحد الذي تحدد فيه يوم الأربعاء الموافق 7/6/1967 موعدا لاجتماع زكريا محي الدين نائب رئيس الجمهورية المصرية في ذلك الوقت بالرئيس الأمريكي حينذاك ليندون جونسون وذلك لإنهاء النزاع بالوسائل السلمية"
حكاية المفاجأة فى الحروب القديمة كما تحكى كتب التاريخ لم تكن تعتمد على مفاجآت إلا قليلا كحصان طراودة أو النار الإغريقية أو الخندق وكانت تعتمد على الانتصار فى الصدام والاشتباك فى القتال
وفى كثير من حروب الاحتلال لم يكن هناك مفاجئات فالأساطيل كانت تظهر للناس على الشواطىء وكثيرا ما تعلن عن نفسها كما فى احتلال مصر وتطلب فرض شروطها
ثم تحدث عن ما سماع خفة الحركة فقال :
"4 - خفة الحركة:
وخفة الحركة تعني في المنطق العسكري أمرين: أولهما التحرك بالسرعة المطلوبة في الزمان والمكان الصحيحين، وثانيهما سهولة التحرك في أي اتجاه، أي المرونة في إجراء المناورة الاستراتيجية ولاشك أن إحراز التفوق في خفة الحركة ليس أمرا مطلقا، بل هو أمر نسبي يتم بالمقارنة بالقوات المعادية على أنه في إطار الحرب التقليدية، فإن خفة الحركة تتحقق في الوقت الحاضر بوسائل عدة، منها: ميكنة القوات واستخدام الوسائط السريعة للنقل جوا وبحرا، ووضع القوات في أماكن تمركز مختارة، وكذا تدريب القوات على معطيات الاختراق السريع، والحرب الخاطفة"
كلام المؤلف هنا عن المهاجمين وليس عن المدافعين فالمدافع إذا وزع قواته توزيعا مناسبا لا يحتاج للحركة الواسعة وإنما يحتاج لحركة محدودة فى المكان الذى يدافع عنه نظرا لكونه صاحب الأرض أو محتلها على حسب
ثم تحدث عما سماه القواعد الثانوية للاستراتيجية فقال :
"ثانيا - المبادئ الثانوية للاستراتيجية:
وللاستراتيجية مبادئ أخرى، يثور الجدل أحيانا حول الاعتراف بأهميتها الاستراتيجية، إلا أن الذي يعنينا هنا، أن نؤكد أنه لا قيمة لهذه المبادئ الأخرى بمفردها، فهي لا تعني شيئا بدون المبادئ الرئيسية التي سبق الإشارة إليه اومن هذه المبادئ " البساطة " والتي تتطلب من القائد - إذا توافرت له عدة خطط سليمة - أن يختار أبسطها، فكلما اتسمت الخطة بالبساطة، قلت الأخطاء التي لابد أن تصاحب كل حرب"
هناك فرق بين البساطة وبين صحة الخطة فليس بالضرورة أن تكون الخطة البسيطة سليمة فما يراعى فى اى خطة هو صحة الخطة وليس بساطتها
ثم قال :
"ومن المبادئ الأخرى للاستراتيجية كذلك " توحيد القيادة " فالتحركات الاستراتيجية تتم في كثير من الأحيان بناء على معلومات ظنية الثبوت أو الدلالة، حيث تتعلق هذه المعلومات بتصميم العدو، ومكان قواته، ومواعيد تحركها، وحجم هذه التحركات، ولا يتم اتخاذ القرارات المناسبة لهذه المعلومات إلا على بساط الافتراض، مما يتطلب عزما وحسما شديدين ولا ضير في توحيد القيادة، مادام القائد مختارا من بين أقرانه لبعد نظره، وصوابية حكمه، وسلامة بصيرته وعقله اللماح، وشخصيته الفذة فالقيادة وفق هذه الميزات أفضل بكثير من مجالس الحرب، التي تتألف من أنداد، يستطيع كل منهم عند اللزوم أن يحمل زميله مغبة النتائج التي غالبا ما تكون كارثة، فالعدو غالبا ما يعقبهم من اتخاذ القرار بعد أن تطول مناقشاتهم"
حكاية توحيد القيادة هى ضرب من الخبل غالبا ما يأتى بالهزيمة فلابد إن كانت الخرب فى مناطق متعددة أن يكون لكل منطقة قيادة تتصرف من نفسها لأن القيادة المركزية ليست فى المنطقة حتى تقدر على اصدار الأوامر الصحيحة ومن ثم فقادة المنطقة هم يخططون وينفذون مع جنودهم
وحكاية أن المركب التى فيها رئيسين تغرق ليست صحيحة فى الحرب المتعددة المناطق فلابد أن يكون لكل منطقة قيادة خاصة بها وهو ما سماه الله تعدد أولى الأمر فى قوله تعالى :
"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم"
ثم تحدث عن مبادىء أخرى فقال :
"ويتبقى لدينا بعد ذلك من المبادئ الأخرى للاستراتيجية أربعة مبادئ على جانب كبير من الأهمية، وهذه المبادئ هي: الاقتصاد في القوة، والمحافظة على الهدف، وضمان الشئون الإدارية، وارتفاع الروح المعنوية
ويعني مبدأ " الاقتصاد في القوة "، الاكتفاء عند دفع القوات للاشتباك الفعلي بالقدر الملائم منها للظروف، مع الاحتفاظ بالقوات المتبقية دون دفع، فبعد حشد القوات للنقط الحاسمة من مسرح العمليات، لا يشترط دفع هذه القوات جميعها، وإنما يتقيد الدفع الفعلي لهذه القوات بمبدأ الاقتصاد في القوة"
هذا المبدأ يكون عندما تكون الدولة ليس لديها قوة لإكمال الحرب فحرب رمضان أو أكتوبر كان هدفها فقط عسكريا هو عبور القناة واستعادة كيلو متر بعدها نظرا لعدم وجود ميزانية أو قوة لاستكمال تحرير سيناء فهى كانت تعتمد على أنها ستعمل عملية سلام مع العدو أو على رأى القذافى أنها كانت تمثيلية فقط تمهيدا لمعاهدة السلام
هذه المقولة ليست صحيحة وتتعارض مع قوله تعالى ""ولا تهنوا فى ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"
فرغم الألم فى الجيش المسلم إلا أن الله طالبه باستكمال الحرب لأن ألم العدو يجعله لا ينتظر استكمال الحرب ومن ثم يستكين ولكن عندما تضربه مع كميات الخسائر هنا وهناك فإنك ستحقق النصر لأنه لا يتوقع هذا وهذا ما يسمى ضرب الحديد وهو ساخن
ثم نحدث عما سماه الحفاظ على الهدف فقال :
"وأما مبدأ " المحافظة على الهدف " فيعني التزام - القادة كل في موقعه بالهدف المحدد له في الخطة، حيث لا يصح أن يلهيه عن هذا الهدف وقائع الحرب مهما كانت، أو مغريات التنكب مهما عظمت وليس معنى ذلك أن هذا المبدأ يعني الجمود التام، أو التنكر لمعطيات الواقع أثناء القتال، فللقادة أن يتصرفوا عند التنفيذ بمرونة وذكاء، على أن يراعوا دائما مع تعدد الحركة ثبات الهدف، أو كما قال القائد الروماني الشهير رومونوس: " لا يهم ما دامت كل الطرق توصل إلى روما ""
المحافظة على الهدف هو ضرب من الخبل عندما يكون أمام القادة الميدانيين عملية فراغ أو انسحاب من العدو لمسافة كبيرة ولعل من أشهر الأمثلة التى تدل على الجنون هو أن محمد على اكتفى بالاستيلاء على الشام بينما كان يمكنه فى ذلك الوقت أن يستولى على الدولة العثمانية بكاملها حيث انسحبت الجيوش العثمانية من امامه وكان الطريق لاسطنبول مفتوحا فلو استولى عليها كانت اوربا لتقدر عليه لأنه حتى تتجمع تلك الجيوش كانت ستأخذ شهور وكان يقدر على أن يضم فى خلال ذلك الجيوش العثمانية إليه وهو قصر نظر أدى به إلى الجنون فى النهاية حيث ظلت دولته تصغر شيئا فشيئا حتى اقتصرت على مصر والسودان
وكذلك ما سمى بحرب رمضان اكتوبر فلو أن القادة الميدانيين تحركوا إلى عمق سيناء لحرموا إسرائيل من العودة إلى خط القناة بثغرة الدفرسوار فعدد الجيش المصرى كان بعشرات الآلاف بينما الجيش الإسرائيلى فى سيناء كلها لم يكن يتعدى عشرة أو عشرين آلاف مفرقين فى مساحة 6 فى المئة من مصر ولا يمكنهم الصمود أمام العدد والرغبة فى الانتقام لحرب النكسة
لا يمكننا ان نقول أنه قصر نظر أو شىء لأن معظم الحروب كانت تتم عن طريق اتفاقات بين قادة الدول لنهم كلهم يتبعون مجلس الفساد العالمى الذى يدير العالم
ويذكرنا هذه بحروب صلاح الدين الذى كان من الممكن أن يقضى على الصليبين لو قطع رءوس جميع أمراء الصليبين وقادتهم الذين وقعوا فى الأسر مرة واحدة ولكن ما فعله ويمدحه الكثيرون جعل الصليبيين يستمرون فى الشام قرنين أو أكثر بل شجعهم على أن يأتوا مصر ويأتوا المغرب الكبير
ثم تكلم عن الشئون الإدارية فقال :
"وأما عن " الشئون الإدارية "، فقد تناسبت أهميتها طرديا مع تعاظم الاحتياجات القتالية في الحرب الحديثة، فالجند، لا يستمرون في القتال بمعدة خاوية، أو خزنة فارغة، كما أنهم لا يتنقلون بعربات خالية من الوقود، فضلا عن أنهم لا يقاتلون بدبابة لم يتم إصلاحها أو طائرة لم تتحقق صيانتها ونحن سنسلم أكثر بأهمية الشئون الإدارية، إذا عرفت أن كل المشاكل السابقة ليست إلا قليلا من كثير، وغيضا من فيض من مشاكل الشئون الادارية، تلك المشاكل التي تمتد لتشمل كل ما يساعد على تحلي الجنود بالرغبة المتجددة للقتال، بالغة ما بلغت احتياجاتهم الإدارية في هذا الشأن، حتى لو تعلقت بعلاج مرضاهم، وإخلاء جرحاهم، أو حتى الترفيه عن الأصحاء منهم، ولهذا ذاع القول المأثور: " إن الصحراء جنة رجال التكتيك ونار رجال الشئون الإدارية ""
يمكن تلخيص الأمر فى قولهم الجيوش تمشى على بطونها وهو أمر يعتمد على تدريب الجنود على الصوم فالله شرع صوم رمضان للتدريب على اوقات الحرب للكل حيث قد لا يتواجد طعام أو شراب ومن ثم يمكن لجيش المسلمين أن يستمر شهرين بطعام شهر
ثم تحدث عن الروح المعنوية فقال :
"وأما " الروح المعنوية "، فقد كان أحسن ما قيل فيها: " أن السلاح بالرجل " فالجندي الشجاع تتجنبه الطلقة، ويرتعش أمامه السونكي وكم من حروب كانت الروح المعنوية أساس الهزيمة فيها"
أهم ما فى الحرب هى الإرادة فى النصر كما قال تعالى " إن تنصروا الله ينصركم"
ثم تكلم عن التكتيك فقال :
"التكتيك
يقصد بالتكتيك في مجالنا هذا القواعد التي تستخدم لتحقيق التأليف الصحيح بين النار والحركة بغرض إحراز قوة الصدم المطلوبة، وكذا الاستفادة التامة من الخصائص الفنية للسلاح المستخدم
ولا يؤثر في بقائنا في نطاق تطبيق القواعد التكتيكية أن تكون الوحدة المستخدمة من النطاق التعبوي، فمبادئ التكتيك التي ستمر بنا بعد حين تشمل ما دون الاستراتيجية ولو كان تعبويا
وللتكتيك عنصران رئيسيان هما: النار، والحركة وينتظم هذين العنصرين مبادئ عامة هي بعينها مبادئ الاستراتيجية وإن تبلورت لتلائم المجال التكتيكي بالطبع
وسنتناول في القسمين التاليين مبادئ كل عنصر من عنصري التكتيك، أي مبادئ النيران ومبادئ الحركة
القسم الأول:
مبادئ النيران
ويعتبر استخدام النيران في المعارك التقليدية الحديثة هو الأساس، ويستثنى من ذلك حالات قليلة قد ستخدم فيها السلاح الأبيض ويتوقف النجاح التكتيكي كثيرا على التخطيط الدقيق للنيران
ويكون التخطيط النيراني دقيقا ومحكما إذا ما روعي فيه المبادئ العامة التالية:
أولا الحشد:
ويقصد بالحشد في هذا المجال تجميع أكبر قدر ممكن لمصادر النيران في المراكز الرئيسية للمعركة التكتيكية ويتطلب تحقيق هذا الحشد مراعاة التأليف الصحيح بين السلاح المتيسر والمحلات المختارة له بعناية، وهذا بالطبع مع مراعاة التنسيق الكامل مع المستوى الاستراتيجي والمستويات التكتيكية الأخرى
ثانيا - المفاجأة :
فلا قيمة لهذا الحشد إذا أتى بطريقة يتوقعها العدو، ويعد لها الوسائل المضادة المناسبة، فلابد لكي نجني الثمرة المرجوة من أن نحرم العدو من الوقت الكافي والاستعداد المناسب لمواجهة التخطيط النيراني المعد ولن يتحقق هذا إلا بمفاجأته بالنيران
ثالثا - الدقة والمرونة
فلن يكلل الحشد، ولن تتوج المفاجأة بالنجاح، إلا إذا كانت النيران معهما دقيقة ومرنة، خصوصا وأن التقدم العلمي الهائل قد أدى إلى ضمان سقوط النيران في البقعة المطلوبة بالضبط، كما أنه أدى كذلك إلى تحقيق القدرة على المناورة بالنيران بالطريقة المطلوبة تماما
رابعا - الاستمرار:
فقد تتوافر للقائد المحلي كل العوامل السابقة، إلا أن ذخيرته تنفذ دون أن تكون هناك خطط موضوعة لضمان استعراضها واستمرارها، وهنا يتكفل العدو غالبا بحل هذا الأشكال
القسم الثاني:
مبادئ الحركة
وتتحرك القوات في الميدان تحركات متعددة، إلا أن هذه التحركات مهما تعددت لا تخرج عن إطارين هما: التحرك للهجوم، والتحرك للدفاع
ولكل من الهجوم والدفاع مزايا معروفة تكتيكيا، فالمهاجم يتمتع باختيار وقت ومكان المعركة، بينما المدافع يتمتع في مواجهة ذلك بميزتين رئيسيتين هما: دراسة الأرض، وتجهيزها هندسيا
أولا - ا لهجوم:
وللهجوم أشكال ثابتة، ومعروفة، هي: الالتفاف، والتطويق، والاقتحام بالمواجهة ويتوقف اختيار الشكل المناسب منها على عوامل فنية كثيرة، أهمها: الظروف الطبوغرافية، ونظم دفاعات العدو، وأسلوبه في العمل، فضلا عن الموعد المطلوب تحقيق الهجوم فيه ليلا أم نهارا ويقصد بالالتفاف: التقدم على أجناب العدو ومؤخرته المباشرة، مع معاونة ذلك بهجوم تثبيتي (ثانوي) آخر على المواجهة وفي الختام، يجدر التنويه إلى أن التنفيذ العملي لأي من أشكال الهجوم السابقة يصاحبه اختيارات كثيرة، سواء في نقطة الفتح للهجوم، والتي قد تكون من الاتصال القريب أو من العمق، وهذا يتوقف بدوره على طبيعة دفاعات العدو (مجهزة أو غير مجهزة)، ونوع دفاعه (ثابت - متحرك) وشكل دفاعه (خطي -صندوقي -دائري)، كما يتوقف كذلك على مسرح المعركة، هل هو صحراوي أم يقع في المدن؟ وهل أي منهما به موانع أو بدون موانع؟ وكذا تتوقف نقطة الفتح للهجوم على وقت المعركة، هل هو ليلا أم نهارا؟
وهناك كذلك اختبارات أخرى تتعلق بنوع القوات المستخدمة لتحقيق شكل الهجوم، والغالب الآن - استجابة لمعطيات معركة الأسلحة المشتركة - أن يتم التنسيق بين كافة أنواع القوات، سواء البحرية، أم البرية، أم الجوية وبالأفرع المناسبة من كل منها بالطبع
ثانيا - الدفاع:
ولا يعني الدفاع قط التخلي عن المبادئ الصحيحة لاستخدام القوات، بل ولا يعني حتى مجرد ترك المبادأة فالدفاع لا يعني فقط سوى الانتظار، هذا، وللدفاع شكلان رئيسيان، دفاع ثابت، ودفاع متحرك، ويتميز الأخير بوجود احتياطات تكتيكية تتولى الدخول مع العدو المقتحم في معركة تصادمية، أو تتولى القيام بالهجوم المضاد عليه في أماكن معدة له بعناية من قبل وأما الشكل الذي تقبع فيه القوات في وضعها الدفاعي، فقد يكون خطيا، وفيه تكون القوات في الغالب على خطين أمامي وخلفي، وقد يكون صندوقيا، وفيه تتخذ القوات وضعها على شكل مستطيل، كما قد يكون دائريا تقبع فيه القوات في شكل دائري يتيح لها الدفاع في جميع الاتجاهات"
الحديث عن كون التكتيك مبنى على النار والحركة هو ضرب من التخلف العقلى فالحرب لا تعتمد على النار كلها بل المفروض أن تعتمد على الخدع المختلفة خاصة عندما نكون على أرضنا مدافعين فعن طريق تلك الخداع دون ان تضرب رصاص او دانات يمكن ان تقتل أو تأسر العدو وكذلك فى حالة الهجوم كرد فعل على اعتداء العدو ينبغى أن تكون القيادة عاملة على كسب الحرب بالخدع خاصة أن تقوم باغتيال القادة الميدانيين للعدو لأن هذا العمل يقلل من فترة الحرب خاصة ان تسلسل القيادة عند الكفار يجعل الجيوش من غير رءوس إذا اغتيلت بينما الجيش المسلم ينبغى أن يكون كل المجاهدين مدربين على تولى القيادة تحت أى ظروف من الظروف
ثم تحدث عن التقدم العلمى فقال :
"التقدم العلمي:
وقد أضحى التقدم العلمي عنصرا من عناصر الحرب لا يمكن إغفاله، أو التهوين من شأنه، فحينما تتمكن الدولة من اختراع سلاح جديد، فإن ذلك يعطيها ميزة واضحة على أعدائها ولهذا، فقديما عد اختراع القوس بعيد المدى والبارود في القرن الرابع عشر الميلادي أمرين لهما أهميتهما
ونحب أن نؤكد أن التقدم العلمي لا يقاس في أي دولة إلا بمقدار قدرتها على تنمية واستثمار العقول العلمية فلا يكفي الاعتراف بالتقدم العلمي لدولة ما، أن تكون قادرة على استيعاب ما أنتجته الدول الأخرى من وسائط علمية، فالعبرة في مجال التقدم العلمي رهينة بتوافر المناخ الملائم لتنمية العقول تنمية علمية، ثم استثمار هذه العقول - فيما بعد - بما يحقق أقصى استفادة منها"
بالقطع التقدم العلمى أى اختراع سلاح جديد ليس شرطا لكسب المعركة فالسلاح الأمريكى المتقدم لم يفلح مع بنادق الفيتكونغ والسلاح السوقيتى لم يفلح مع بنادق الأفغان والأسطول الإنجليزى فى حرب رشيد بمدافعه لم يفلح مع السكاكين والحلل والحجارة وغيرها وهناك مقولة سوفيتية راجت أيام الحرب الباردة تقول أن السلاح الذى تصرف عليه مليون دولار يمكن أن يوقفه سلاح بدولار أو اثنين وهذا ينطبق حاليا على الطائرات اللعبة المسماة الطائرات بغير طيار التى يمكن أن تسقط طائرة تكلفت ملايين الدولارات
ثم تحدث عن الخطة فقال:
المبحث الرابع الخطة:
وبديهي أن العناصر الثلاثة السابقة للحرب لا قيمة لها ما لم تتوظف في النهاية في خطة عسكرية مناسبة زمانا ومكانا
وحين يضع القائد خطته، فإنه يبدأ أولا بالإجابة على الأسئلة التالية:
- ما هو الهدف المطلوب بالضبط؟
- أفي طاقة قواتي أن تحقق هذا الهدف؟
- ما هو الأسلوب المناسب لتحقيق هذا الهدف؟
- ماهي أبعاد معركة المفاوضات ومتطلباتها بعد أن تنهي المعركة العسكرية وإلى أن تنتهي الحرب؟
والإجابة على هذه الأسئلة هي المفتاح الصحيح لأي خطة عسكرية، وتخضع الإجابة على هذه الأسئلة السابقة لأسس دقيقة، نشير فيما يلي إلى طرف منها:
أولا - الهدف:
وهدف الحرب تضعه الحكومات الآن، ويشترك في وضعه كل أو جل أعضائها، وسواء منهم من كان مدنيا أو عسكريا ولا غرابة في ذلك، وقد استقر منذ زمن أن الحرب ليست إلا سياسة كلماتها الطلقات، ومفاوضاتها العمليات وتعمد الحكومات قبل وضع الهدف المرجو من الحرب إلى تقييم الوضع السياسي بشكل دقيق، مقدرة فيه جوانب القوة والضعف لديها ولدى عدوها، وكلما كان الهدف العسكري متلائما مع النوايا السياسية، كان هدفا مثاليا، يعبر اختياره عن فطنة تبشر بالنجاح على أرض العمليات وكلما زاد اعتماد العدو على الوسائل العسكرية لخدمة معركته السياسية ضدنا، زاد بالتالي حجم الجهد العسكري المطلوب تحقيقه، والعكس صحيح تماما، ولهذا ليس أمامنا إذا كانت سياسة العدو عسكرية في أسسها وتوسيعة عدوانية في أهدافها، إلا أن ننزع منه وسيلته العسكرية باعتبارها مركز الثقل في وسائله السياسية"
العقيدة الفاسدة التى يتحدث عنها هى عقيدة الجيوش الكافرة كلها وهى ان الحرب وسيلة للمفاوضات فالحرب من جانب المسلمين ليست وسيلة للتفاوض لكونها حرب رد عدوان ومن ثم لا يتفاوض المسامين مع احد إذا انتصروا فهم يطبقون كلام الله وليس كلام المفاوضات فمثلا الأسرة عقب الانتصار وانتهاء العمليات يطلق سراحهم سواء بمال او بدون مال دون مفاوضات مع الحكام وأما إذا أراد الكفار السلام فلهم السلام بشروط المسلمين وليس شروطهم لأن المسلمين شروطهم عادلة نابعة من أحكام الله كما قال تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"
ثم تحدث عن طرق حرمان العدو من قوته العسكرية فقال:
"وأما كيف يتحقق حرمان العدو من سلاح القوة العسكرية؟ فدون ذلك طرق متعددة:
أولاها: تدمير قوات العدو بإنزال درجة مناسبة من الخسائر بها، ثم تشتيت البقية الباقية منها إلى حيث تصبح عديمة الفاعلية والقيمة
وثانيهما: إقناع العدو بعدم فاعلية قواته في المحافظة على أهدافه السياسية، فإذا كان العدو يعتقد - مثلا - أن حصونه العسكرية تحقق له الأمن والاستقرار، فإن الاستيلاء على بعض من هذه الحصون يعد هدفا مثاليا في هذه الحالة، ولمن شاء يتدبر مثلا تطبيقيا لذلك فأمامه معركة أكتوبر سنة1973 "
لا يوجد شىء اسمه درجة مناسبة من الخسائر فطالما استمرت الاشتباكات يستمر التدمير فلا يمكن عمل درجة محددة من الخسائر إلا فى الحروب التمثيلية
وتكلم عن الطاقة فقال :
"ثانيا - الطاقة
وقد يتبادر الذهن وقد تدنينا - ولو بالتعسف- في الأهداف العسكرية للحرب إلى حد المضايقات البحرية، أننا سوف ننحي باللائمة على أي قائد يتعلل بطاقة قواته، لكن ذلك غير صحيح تماما فالقائد حين يدرس طاقة قواته ليس عليه أن يدرس طاقتها على استيعاب الهدف المزمع فقط، وإنما عليه كذلك، أن يدرس قدرتها على استيعاب رد الفعل المحتمل للعدو، بل إنه سوف يلقى تقديرنا أكثر إذا درس إلى جوار القدر المحتمل من رد الفعل تلك النسبة الثابتة للقدر غير المتوقع من العدو وقديما قيل إننا نضع ثلاثة احتمالات ليأتي منها العدو إلا أنه يأتينا دائما من الاحتمال الرابع
ويحدد لنا فيلسوف الحرب كارل فون كلاوز ضمانات هي :
1 - أن تكون القوات العسكرية كافية لتحقيق نصر حاسم على قوات العدو
2 - أن تستطيع هذه القوات تقديم الخسائر اللازمة من القوات إذا تم تتبع النصر حتى النقطة التي تصبح معها عملية استعادة التوازن غير محتملة
3 - التأكد من أن الوضع السياسي - مع تحقيق الهدف العسكري سيكون متينا بشكل لا يجعل هذه النتيجة طريقا لإثارة أعداء جدد يجبروننا على التراجع حتى عن العدو الأول ويؤكد كلاوزفيتز على ضرورة توافر هذه الشروط الثلاثة، حتى لا يضطرنا تخلف أحدها - وخصوصا الأخيرة - إلى إضاعة ما ربحناه بالشرطين الأخريين، بحيث لا نستفيد في النهاية إلا دفع تكاليف الثلاثة معا"
هذا كلام غير واقعى فالحروب قد تفرض على دول دون أن يكون هناك استعداد وكما يحكى التاريخ فإن المسلمين لم يكونوا ذاهبين للحرب فى بدر وفرضت الحرب عليهم فبم يكن هناك ضمانات ولا تفكير فى المفاوضات ولا شىء من هذا الخبل الذى يقوله كلاوزفيتز وحرب كحرب بنى إسرائيل بقيادة طالوت لم يكن فيها تلك الضمانات لأن العدد كان قليل جدا عن هدد العدو كما قال تعالى "وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"
كما لم يكن هناك مفاوضات ولا وضع سياسى
ثم تكلم عن الأسلوب فقال:
"ثالثا - الأسلوب:
فبعد أن يعرف القائد هدفه، ويطمئن إلى أنه داخل في استطاعة قواته، فانه يبدأ بعد ذلك في تحديد الأسلوب المناسب لتحقيق أقصى المواءمة بين الهدف والطاقة ويتدخل في تحديد هذا الأسلوب ثلاثة عوا مل هي: الوقت، والقدرة، وطبيعة مسرح العمليات"
الرجل يتكلم عن هنا كما قلنا عن طرف واحد بدلا من أن يتكلم عن الطرفين فلا يمكن أن تبنى خطة ولا شىء دون أن تعرف كيف يفكر الأخر فإن فعل كذا أفعل كذا
ثم تكلم عن الإعداد للحرب التقليدية فقال :
"الإعداد للحرب التقليدية:
تمهيد:
يعتبر الإعداد للحرب التقليدية أمرا معقدا بالمقارنة للإعداد لحرب العصابات مثلا، صحيح أن الإعداد لحرب العصابات يعتبر أمرا شاقا وخطرا إلا أن هناك فرقا كبيرا بين التعقيد والخطورة ويرجع التعقيد الذي يصاحب الإعداد للحرب التقليدية إلى تعدد الجوانب التي لابد من تهيئة إيقاعها لينضبط مع إيقاع الحرب التي نخطط لها فهناك الجبهة الداخلية، والجبهة السياسية، والجبهة الإعلامية، والجبهة الاقتصادية، ولابد من إعداد كل هذه الجبهات باعتبار أنها في مجموعها تشكل الجبهة العامة للحرب التقليدية وسنتناول فيما يلي إعداد كل جبهة من هذه الجبهات في مبحث مستقل
"المبحث الأول:
إعداد الجبهة الداخلية:
والجبهة الداخلية هي ذلك الشق المدني من الدولة وينتظم في هذا الشق كافة الأفراد المدنيين الذين يعملون في الأعمال غير العسكرية وقديما لم يكن لإعداد هؤلاء الأفراد أهمية تذكر، إذ لم يكن لهم في الحرب ناقة ولا جمل رغم أن الملوك في ذلك الوقت كانوا يمثلون السلطتين المدنية والعسكرية معا وقد تطور الأمر إلى النقيض من ذلك بعد انفصال السلطتين المدنية والعسكرية، خصوصا وأن السيطرة في أغلب الأحوال كانت للأولى ( المدنية ) لا للثانية (العسكرية ) فحينما كان الملك يتولى وحده السلطتين معا، وكانت الحرب لا تقوم - في حقيقة أمرها- إلا من أجل المليك المفدى، لم يكن مهما إلا إعداد النبلاء المقربين وأتباعهم المحاربين الذين كان حشدهم يتم على أسس شخصية وعوامل محلية قلما تجاوزتها أهداف الحرب نفسها وأما حين انفصلت السلطتان، وبدأت الأماني الشعبية تفرض نفسها على أهداف الحرب، فلم يعد من الممكن خوض الحروب إلا بعد إعداد الشعب لها إعدادا يؤهله لأن يكون أمينا على ظهر الطلائع العسكرية المحاربة في الميدان لتكون هذه الطلائع بدورها أمينة على أمانيه الشعبية المستهدفة من الحرب ولهذا صار من الواجب إعداد الجبهة الداخلية وهو الأمر الذي يتحقق بثلاثة أمور هي:
1 - بلورة الأماني الشعبية
2 - إعداد الغرف اللازمة لإدارة العمليات المدنية
3 - تكوين فصائل المقاومة الشعبية والدفاع المدني

إعداد الجبهة السياسية
فالحرب الناجحة محصلة أمرين: إعداد سياسي جيد، وخطة عسكرية متقنة ويعتمد الإعداد السياسي أول ما يعتمد على تهذيب أهداف الحرب لتكون متوافقة مع القانون الدولي العام، فهذا التوافق بين أهداف الحرب وبين القانون الدولي العام هو الأساس الذي تستند إليه الدول المحاربة حين تنادي بحقها في الحرب، كما أنه طريقها الواسع للحصول على تأييد الغالبية العظمى من دول العالم، فكما أنه لا قيمة لحق لا تحميه القوة، فإنه لا قيمة لقوة تتجه إلى غير حق، ولا يغرنا في هذا تقلب بعض الغاشمين في بعض البلاد فمثل هذا مصيره إلى زوال، إذ لا يصح إلا الصحيح ولو بعد حين
إعداد الجبهة الاقتصادية:
وقد تعاظمت أهمية هذه الجبهة بظهور الدول التدخلية واضطرار - حتى الدول اللاتدخلية - إلى التدخل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لضمان حل المشكلة الاقتصادية (نسبة الكثافة السكانية إلى نسبة الموارد الاستراتيجية) والمشكلة الاجتماعية (نسبة التكافل الاجتماعي المطلوب إلى نسبة العمالة المنتجة)
ويعبر عن إعداد الجبهة الاقتصادية بتحويل الاقتصاد من مدني إلى حربي، ويتم ذلك بوسائل عدة منها توجيه معظم الموارد للمجهود الحربي بما يعينه ذلك من تعطيل جزئي لبعض الخطط الاقتصادية المدنية وكذلك توجيه السياسات المالية والسعرية والنقدية والادخارية لتخدم من الإنتاج إلى الإنتاج الحربي المباشر، وكذا الحد من الاستهلاك وبناء المخزون الاستراتيجي اللازم وبالإضافة إلى هذا يتم وضع الوسائل الاقتصادية اللازمة لتجاوز أثر الحرب على الميزان التجاري نظرا لما سيصاحب الحرب من انخفاض في الصادرات وزيادة في الواردات وأثرها على النفوس العاملة،
إعداد الجبهة الإعلامية
والتأكيد على أهمية هذه الجبهة وأنها أحد ركائز الحرب الناجحة، قد صار من نافلة القول الآن
وأول الطريق لإعداد هذه الجبهة هو إعداد الكوادر الإعلامية الحرفية، فهذه الكوادر المؤهلة والواعية هي العنصر الحي الذي يحيل الأجهزة والسياسات الإعلامية إلى واقع حي مثر
ثم يأتي بعد ذلك دور الأجهزة الإعلامية، وهي على نوعين رئيسيين: أجهزة الكلمة المقروءة، وأجهزة الكلمة المسموعة ويتم التعبير عن الكلمة المقروءة بوسائل عدة تنقلب من البسيط إلى المركب حين ننتقل من حيز النشرات والكتيبات إلى حيز الكتب والصحف والمجلات المحلية والعالمية وأما التعبير عن الكلمة المسموعة فيتم بطرق عدة من مثل: الإذاعة، مرئية وغير مرئية، والأفلام التسجيلية التي تبثها قوافل الاستعلامات مصحوبة بشرح سياسي واف، والندوات والمحاضرات واللقاءات السياسية التي تنظمها وسائل الثقافة الجماهيرية والتثقيف السياسي، وأخيرا فهناك المسرح السياسي أو الوطني الذي يتعاظم دوره في زمن الحرب خصوصا إذا كان مرتكزا على أصول دينية كالمسرح الإسلامي في مصر وبعض البلاد الإسلامية وتعتبر هذه الأجهزة المختلفة وسيلة مماثلة للأجهزة الدبلوماسية ولكن في المجال الإعلامي، فإنه إذا كان مجال الدبلوماسية هو الأشخاص الرسميون وأصحاب القرار فإن مجال الأجهزة الإعلامية هو قطاعات الرأي العام والمراكز المؤثرة على صناع القرار، فالمعنى واحد وإن اختلف المجال
ولا قيمة لهذه الأجهزة ما لم تتبع سياسة إعلامية ناجحة، لا تلتزم، إن التزمت، إلا بالواقعية، وعرض الحقائق، فلم يعد ممكنا إخفاء الحقيقة الآن كما أن الناس لم يعودوا يقبلون التلون بأذواق النفعيين الذين يجيدون فن الإعلان لا الإعلام"
ما قاله الرجل عن إعداد الجبهة الداخلية والاقتصاد والإعلام هو كلام ناقص يغنى عنه وعن كل المعلمين العسكريين قوله تعالى :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" فكلمة قوة النكرة دلت على كل أنواع القوى
ثم تكلم عن الحروب النووية فقال :
"في الحرب النووية:
تمهيد
يرى بعض المحللين أن الحرب النووية لا تعد حربا بالمعنى الفلسفي للحرب، ويصدرون في ذلك عن أن الحرب عمل منظم بطبيعته، بينما الحرب النووية ليست إلا نوعا من الفوضى ليس إلا ولعل مما يؤيد هذا الرأي، أن الأساس الفكري لاستخدام الأسلحة النووية الشاملة - فيما لو استخدمت - لن يكون إلا الجنون في حالة الهجوم، أو التشفي والانتقام في حالة الرد بالهجوم المضاد إذ لا يعقل أن يكون استخدام مثل هذه الأسلحة نوعا من السياسة بوسائل أخرى ولا يخل بهذا الرأي ظهور الأسلحة النووية التكتيكية، إذ ما زلنا ننظر بعين الشك والريبة إلى إمكانية استخدام هذه الأسلحة بأسلوب العمليات التقليدية (هجوم ويلحق به المعارك التصادمية والمطاردة والتعزيز، ودفاع ويلحق به القتال داخل الحصار والقتال بقصد التخلص والارتداد لإعادة التجميع)، وقنبلتا هيروشيما ونجازاكي أصدق شاهد على ما نقول ولعل تأييدنا لمن ينكرون على الصدام النووي صفة الحرب، هو الذي دفعنا إلى دراسة هذه الحرب - إذا جاز تسميتها حربا- في فصل خاص نكتفي فيه بالإشارة إلى المبدأين اللذين يحكمان هذه الحرب، ألا وهما الصدقية، والقدرة على توجيه الضربة الثانية ونتناول فيما يلي كلا من هذين المبدأين:
أولا : مبدأ القابلية للتصديق
وأساس هذا المبدأ ما ذكرناه من أن الحرب النووية ليست إلا حربا تهديدية تخاض بالتهديد الجدي لا بالتنفيذ الفعلي ولهذا فلا يتصور أن تحسم هذه الحرب إلا بأسلوب واحد هو إقناع العدو- ليس فقط بامتلاكنا للمتفجرات النووية - وإنما كذلك بامتلاكنا للوسائط اللازمة لنقل هذه المتفجرات إلى الأهداف المختارة،
ثانيا: مبدأ القدرة على الضربة التالية
وإذا اعتبرنا أن المبدأ الأول " القابلية للتصديق " هو أساس الهجوم في الحرب النووية، فإن هذا المبدأ " اعتقاد العدو بقدرتنا على توجيه الضربة التالية " هو أساس الدفاع في هذه الحرب فالمبدأ المكافئ للمبدأ الأول، يتحقق بإحساس العدو بقدرتنا على رد ضربته بضربة مماثلة في القوة ومضادة في الاتجاه فعند هذا القدر من القناعة يتحقق التوازن المطلوب للرعب النووي لدى الطرفين، وتخرج بالتالي الوسائل النووية من حلبة التأثير في الصراع السياسي بينهما"
اخراج الحرب النووية من الحروب هو ضرب من الخبل فالحرب ليست سوى إحداث خسائر فى الأنفس والأموال ولذا قال تعالى " المجاهدين بأموالهم وأنفسهم"
والضرب بالنووى يحقق هذا ولكن بسلاح واحد ودون اشتباكات ومن ثم لكى تردع العدو لابد أن يكون لك سلاح مماثل أو مشابه أو وسيلة للإحداث دمار مماثل بتفجير السدود على الأنهار او باشعال النار فى خطوط النفط والغاز او بتفجير المفاعلات النووية
رضا البطاوى

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر