تاريخ الكتابة العربية (الخط الكوفي) ج1-3

خاص بمناقشة القضايا الإسلامية من عقيدة، و فكر، و فقه، و فتاوى، الخ.
شارك بالموضوع
وسام الدين اسحاق
مشاركات: 66
اشترك: إبريل 30th, 2008, 8:26 pm
المكان: California
اتصل:

مايو 22nd, 2009, 10:00 pm

إسقاطات تاريخية:



إن عام 115 ق م تاريخ مشهور عند العرب حيث دونته كل شعوبهم وقبائلهم وهو اليوم الذي أنهدم فيه سد مأرب الشهير والذي كان قد بناه الملك عامر الملطوم الأزدي جد الدواسر والذي دفع العديد من القبائل العربية إلى الهجرة في جميع الأمصار.

صورة


صورة

العرب العاربة والعرب البادئة:

عقب سيل العرم تفرقت العرب العاربة الى ارض الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والسودان والحبشة ولكن كان منهم اصلا
ما هو في الشمال مثل الثموديين في العلا والذين يعدوا من العرب البائدة كما انصهروا فيما بعد في قضاعة الحميرية, كما كان الخيبريين واليثربيين في المدينة, فانصهروا في الاوس والخزرج الانصار الازديين, وهناك الجرهميين وهم من قحطان في مكة وانصهروا في خزاعة الازدية, والتي اجلت جرهم وصهرتها فيها واخذت ولاية البيت عندما كان متعاقبا علية في العرب العاربة من عهد هود عليه السلام الى عهد خزاعة ثم آل بعد ذالك الى العدنايين, والغريب بالأمر أن العدنانيين يعدوا من بني إسماعيل الذين أتوا من فلسطين بهجرة إبراهيم عليه السلام إلى أرض مكة, وبناءه للكعبة هو وإبنه إسماعيل عليه السلام, حيث قطن هو وأمه في ذلك الوادي الذي لا زرع فيه حيث يعتبرهم العرب من العرب المستعربة.

صورة

قبيلة مذحج :
في القرن الاول الميلادي تقريبا عقب سيل العرم من اثر انهدام السد الشهير بمأرب كانت مذحج قبيلتي (جنب وشمران) من القبائل النازحة والمهاجرة تاركة اليمن وقاصدة مكانا اخر للعيش فيه, فاقتربت مذحج من مكة واوديتها فرأت أن خزاعة قد سبقتها إليها, ورأت أن مكة يسكنها من القبائل العدنانية بني عدوان ونضر وسدانة والبطحاء, فتكاتف العدنانيون واتحدوا ضد هذا النزوح الذي اعتبروه استيطانا سافراً والتحم الطرفان في حرب طاحنة تعرف بيوم البيداء بقيادة عامر بن الظرب العدناني, الملقب بالعدواني, وانتصر على قحطاني مذحج وأجبرهم على النزوح جنوباً إلى تهامة.
وقال فيها ابن الظرب :

أبونا مالك والصلب زيـــــد ==== معدا ابنه خير البنينــــــــــا
اتاهم من ذوي شمران آت ==== فظلت حولها أمد السنينــــا
فيا عوف بن بيت يالعـوف ==== وهل عوف لتصبح موعدينا
فلا تعصوا معدا إن فيهـــا ==== بلاد الله والبيت الكمينــــــــا

ومن ذالك الوقت الى يومنا هذا وما زالت شمران العصاة تسكن تهامة وقريبا من مكة ولها بعض العوائل القديمة التي تسكن مكة المكرمة وبذالك فإن شمران كانت معروفة في الجاهلية قبل ان تسكن السراه في القرن الثالث والرابع الهجري وكانت من عتاة مذحج الطعان ومن جنب, فأحياناً تأتي تحت مسمى مذحج واحيانا تحت مسمى جنب واحيانا تأتي صريحة هكذا كما اورد ذكرها ابن الظرب, وهذا ان دل عل شيء فإنما يدل على قوة شمران وسطوتها ناهيك عن اخوانها الجنبيين والمذحجيين, وفي نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري توسعت شمران في نفوذها الى الحجاز اعالي السراة, ونجد في تبالة وبيشة, وكان قبلها هاهناك شهران واكلب وناهس فتحالفت مع تلك القبائل تحت اسم الحلف التاريخي الشهير "خثعم" حيث قاموا بنحر جمل ثم خثعموا ايديهم بدم البعير, أي لطَّخوا ايديهم وتصافحوا على ان يكونوا يدا واحدة, ذاك مايسمى التحالف والحلف وبسبب هذا الحلف وقع الكثير من النسابة في اخطاء ولكن بقية شمران صريحة ونقية النسب عند اوثق النسابة في جنب ثم في مذحج, ولكن بقي الخلاف في القبائل الباقية وقد استطاعت شمران ان تفرض نفسها في هذه الديار الجديدة, الى ان اصبح يظن الناس وبعض النسابة ان ناهس واجزاءا من شهران هم من شمران وذالك لشهرتها ولصيتها الذائع.
ويعتبر اسم الحلف تاريخا وفخرا لهذه القبائل الاربعة (شمران واكلب وشهران وناهس ) وليس نسبا او جدا, آثرت كل قبيلة ان تستقل باسمها ونسبها الاول القديم, فمنها شمران وهم ابناء يزيد بن جنب بن مذحج, وكذالك شهران وهم ابناء انمار, وقد اختلف في عدنانية او قحطانية شهران واكلب (وناهس هم خثعم وعليان والعوامر اليوم).
اذن لقد مرت شمران عبر مراحل عدة استطاعت فيها ان تذروا سنائم المجد والعلا.
ففي الجاهلية بمذحج مع ابناء عمومتها وبعدم نكران انها بطن من بطونها الفتَّاكة كما ذكرها ابن الظرب ومن ثم بجنب ومن ثم بخثعم الحلف.

توحد قبائل سبأ وحمير:

أثناء حكم الملك شمر يهرعش هو شَمّر يهرعش بن ياسر يهنعم، 300 م وهو الملك الذي تنسب إليه الأخبار كثيرا من البطولات والأمجاد، بل هو من أبرز الشخصيات الملحمية في قصص أهل اليمن، وقد استطاع هذا الملك أن يوحد الكيانين السياسيين الباقيين وهما سبأ وحمير في في كيان واحد، وأقام حكما مركزيا قويا وحمل لقب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانة وانتهت مأرب كعاصمة وحلت محلها ظفار، وقد عرفت هذه الفترة التي تبدأ بتوحيد المناطق اليمنية في وطن واحد وسلطة مركزية واحدة عاصمتها ظفار بفترة حمير، وهي الفترة التي بقيت ذكراها عالقة في أذهان الناس ، وتناقل الرواة أخبارها قبل الإسلام أكثر من أية فترة سابقة في تاريخ اليمن القديم.


صورة
كتابة سبأية.
صورة
الأبجدية السبأية
صورة
ترجمة النص :

نعش | وقبر | أخيه
ن | بن | هن عبد | بن | ع
الحرف الأول غير واضح ثم : ني | ضغا | شعدغا
وفي نهاية شاهدة القبر توضع الأحرف (شعدغا) وهي للتأريخ
بحيث كل حرف له قيمته العددية حسب الأبجدية, وإذا أخذنا القيم حسب تسلسل الأحرف الأبجدية النبطية يكون التاريخ يعود إلى هذا الرقم :
ش = 500 , ع = 90 , د = 4 , غ = 1000, ا = 1
المجموع = 1595 أي سنة 1595 ولكن هذا التاريخ يعود إلى تاريخ معين محسوب من قبلهم لكننا نعلم أن هذ التاريخ يعود إلى عام 480م

صورة


ترجمة النص:

“Ammî'amar son of Ma'dîkarib dedicated to Almaqah Ra'suhumû. With 'Athtar, with Almaqah, with dhât-Himyam, with dhât-Ba'dân, with Waddum, with Karib'îl, with Sumhu'alî, with 'Ammîrayam and with Yadhrahmalik

صورة

كتابة حميرية



ويذكر نقش يمني شهير بأن عامل شَمّر يهرعش 300م في صعدة ريمان ذو حزفر اشترك في عدة حملات وجهها هذا الملك شمالا، ثم استمر غازيا، أو في سرية حتى بلغ أرض "تنوخ"، وتنوخ هو اتحاد القبائل العربية الذي كان أساس ما عرف بعد ذلك بدولة اللخميين في الحيرة، ويبدو أن امرؤ القيس بن عمرو من مؤسسي تلك الدولة – كان ممن وقف في سبيل تلك الحملة اليمنية، ويذكر نقش النمارة الذي عثر عليه على قبر امرئ القيس أنه قام بحملات عسكرية باتجاه جنوب الجزيرة بلغت نجران مدينة شمر ، ويشهد نقش عامل شمر يهرعش على أن كل شبه الجزيرة العربية كانت امتدادا حيويا للدولة اليمنية حيث لا حدود إلا حدود القوة والتمكن ، ويؤكد ذلك أيضا الحملات العسكرية المظفرة التي شنها خلفاء شمر يهرعش في منتصف القرن الرابع الميلادي في نجد والبحرين على الساحل الغربي للخليج العربي.

صورة

نقش النمارة مكتوب بالأحرف النبطية.
ترجمة النص :
هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي تقلد التاج. واخضع قبيلتي أسد ونزار وملوكهم وهزم مذحج وقاد. الظفر إلى أسوار نجران مدينة شمر واخضع معدا واستعمل بنيه. على القبائل ووكلهم فرساناً للروم فلم يبلغ ملك مبلغه. إلى اليوم. توفى سنة 223 م في 7 من أيلول (كسول) وفق بنوه للسعادة", عام 223 بتقويم بصرى الموافق لـ 338 م


وتنوخ هي الوحدة الأولى لقبائل العرب في العصر الجاهلي:

ورد ذكر تنوخ في النصوص السبئية والحميَرية وفي الكتابات الحسائية وفي كتب بطليموس. حيث تشكلت قبيلة تنوخ من اتحاد قبلي شمل أكبر القبائل العربية، ضمت :الأزد، قضاعة، وقبيص، وإياد، وتميم، والعماليق. واتفق زعماء هذه القبائل على تمليك زعيمهم مالك بن فهم الدوسي الأزدي والمناداة به ملكاً على المنطقة المحصورة بين نجد غرباً والخليج العربي شرقاً وحدود عُمان جنوباً، وحدود البصرة شمالاً ، وقد سميت هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة البحرين.

ومن تاريخ المناطق الشمالية التابعة للفرس نورد لكم نبغة تاريخية عن أراضيها وسكانها الأصليون فيعتبر وادي الرافدين في المنظار الضيق، هو الأرض المحصورة بين نهري دجلة والفرات، شمالي أو شمالي غرب التخصر الواقع عند بغداد، في العراق الحديث، والمسماة الجزيرة. وجنوبي هذه المنطقة الممتدة من الخليج العربي من الجنوب الشرقي الى قمم جبال طوروس في الشمال الغربي وتحدها جبال زاغروس من الشمال الشرقي والهضبة العربية من الجنوب الغربي.
ان التفوق التراثي للقسم الشمالي لبلاد مابين النهرين والذي استمر لغاية حوالي 4000 ق.م، كان قد سبقه سكان الجنوب عندما استجاب السكان هناك الى التحدي الذي يفرضه الموقف عليهم.
من النادر ان تتوسع الامبراطوريات على مساحات واسعة تؤمن لنفسها واردات وذلك بسلب او اخضاع المناطق المجاورة.
ان المادة الخام التي اختصت بها حضارة بلاد مابين النهرين هي الطين, من خلال المعالم المعمارية المبنية من اللبن ومن اعداد وانواع التماثيل الصغيرة وابداعات الفخاريات، تحمل حضارة بلاد مابين النهرين الطابع الطيني كما لا تحمله حضارة اخرى، ولا يوجد مكان آخر في العالم عدا بلاد مابين النهرين، والمناطق الذي بسطت نفوذها عليها، فاستخدم فيها الطين كواسطة للكتابة.
ان مصطلحات مثل " الحضارة المسمارية"،" الادب المسماري" ، و "القانون المسماري" لا يمكن ان تنطبق الا اناس يمتلكون فكرة استخدام الطين الطري لا لصنع اللبن والجرار والتي كانت تختم لبيان ملكيتها فحسب ولكن ايضا كواسطة لوضع علامات تدل على معان – انجازات ذكية ادت الى اختراع الكتابة.

صورة

الكتابة المسمارية

امتلكت بلاد مابين النهرين العديد من اللغات والحضارات؛ تاريخها مجزء الى عدة فترات وعصور؛ ليس فيها وحدة جغرافية حقيقية، وفوق كل شئ لا توجد عاصمة دائمة، فهي باختلافاتها تبرز متميزة عن باقي الحضارات ذات السياق الواحد.
تشكل النصوص والهياكل عامل توحيد، ولكن حتى في هذه تظهر بلاد مابين النهرين ميلا الى التعددية والتنوع, جرى تصفح العديد من الوثائق المكتوبة والعديد منها غالبا من نص واحد فقط. احتوت الهياكل على اكثر من 1000 معبود، حتى انه قد انطبق العديد من الاسماء المقدسة على قائمة اسماء مختلفة لآله واحد. ولقد أثرت كل حقبة من الزمن على الحقبات التي تتالت على هذه الرقعة الجغرافية فممكن أن نعتبر أن الحضارة السومرية التقليدية قد اثرت بالحضارة الاكدية، وامبراطورية اور الثالثة، والتي مثلت بذاتها مركبا سومريا اكديا، والذي ظهر نفوذه في الربع الاول من الالفية الثانية قبل الميلاد.
كما يدين عالم الرياضيات والفلك بالكثير الى البابليين – مثلا، ان النظام الستيني لحساب الوقت والزوايا والذي لا يزال عمليا بسبب قابلية القسمة للرقم 60 ؛ ان يوم الاغريق المؤلف من ضعف 12 ساعة؛ والابراج الفلكية واشاراتها.
وعلى اية حال ففي الكثير من الحالات تبقى الاصول ووسائل الاقتباس غامضة، كما هي الحال في مشكلة بقاء النظرية القانونية لبلاد مابين النهرين.
يمكن التعبير عن مآثر الحضارة نفسها بذكر افضل نقاطها – الاخلاقية، والجمالية، والعلمية، و اخيرا وليس آخرا الادبية.
ان النظرية القانونية ازدهرت وكانت متميزة في البداية، والتي عبر عنها بعدة مجموعات من القرارات القانونية، والتي سميت بشرائع والتي كانت افضلها شريعة حمورابي. ومن خلال كل هذه الشرائع يتكرر اهتمام الحاكم بالضعيف والارملة واليتيم – حتى وان بدت النصوص احيانا وللاسف تكرار ادبي.
ذكرت بلاد ما بين النهرين في العهد القديم ماعدا بناء برج بابل في قرائن تاريخية حيث غير ملوك آشور وبابل مجريات الاحداث في فلسطين وخاصة تيكلاث بليصر الثالث وسنحاريب بسياستهما التهجيرية والسبي البابلي الذي قام به نبوخذنصر الثاني.
وحسب النظرية – او الفكرة – لهذا العمل، كان هناك رسميا ملوكية واحدة في بلاد مابين النهرين، والتي كانت منوطة بمدينة معينة واحدة في زمن معين؛ وعليه فان تغير السلالات قد جلب معه تغيرا في كرسي الملكية:

كيش –اوروك – اور – اوان – كيش – همازي – اوروك – اور – اداب – ماري – كيش – اكشاك – كيش – اوروك- اكد – اوروك – غوتيانس – اوروك – اور – إيسن.

ان قائمة الملوك تعطينا حسب تسلسلها عدة سلالات والتي تعرف اليوم بانها حكمت في وقت واحد. انها وسيلة مفيدة للتواتر الزمني والتاريخ، ولكن اما بالنسبة لسنوات حكم ملك معين، فانها تفقد قيمتها بالنسبة للزمن الذي يسبق سلاللة اكد، حيث ان هنا تكون المدة التي حكم بها كل ملك او حاكم اكثر من 100 سنة واحيانا عدة مئات من السنين. اعتمدت مجموعة واحدة من قوائم الملوك قصة الطوفان التقليدية السومرية، والتي استنادا لها فان كيش كان المقعد الملكي الاول بعد الطوفان، في حين ان خمس سلالات للملوك البدائيين حكموا قبل الطوفان في اريدو، باد-تبيرا، لاراك، سيبار ، و شروباك.

الساسانيين :
كانت بلاد مابين النهرين عند نهاية الامبراطورية الاخمينية مقسمة الى ولاية بابل في الجنوب، في حين ان القسم الشمالي من بلاد مابين النهرين ضم الى سوريا ضمن ولاية اخرى. لا يعرف كم استمر هذا التقسيم، ولكن عند وفاة الاسكندر الكبير في 323 ق م ، سلخ شمال مابين النهرين من ولاية سوريا واصبح ولاية منفصلة.
عانت بلاد مابين النهرين من الحروب التي خاضها خلائف الاسكندرالكبير من خلال عبور تلك الجيوش وعمليات السلب التي اقترفوها. وعندما قسمت امبراطورية الاسكندر في 321 ق م ، استلم احد قادته سلجوق ( وعرف فيما بعد بسلجوق الاول نيكاتور) حكم ولاية بابل . وعلى اية حال فمنذ حوالي 312 ق م استولى انتيكونس الاول مونوفثالموس (اي الاعور) على حكم الولاية كحاكم لكل بلاد مابين النهرين، وهزم سلجوق وقبل اللجوء في مصر. وبمساعدة البطالمة المصريين تمكن من دخول بابل في 312 ق م ( حسب اعتقاد البابليين في 311 ) وتمكن من الثبات بها لفترة قصيرة تجاه جيوش انتيكونس قبل الاتجاه شرقا حيث اسس حكمه. في 301 اصبح لسلجوق امبراطورية كبيرة تمتد من افغانستان الحالية الى البحر المتوسط. واسس العديد من المدن اهمها مدينة سلجوقيا على دجلة ومدينة انطاكية على نهر ارونتس في سورية. سميت المدينة الاخيرة على اسم ابيه او ابنه فكلاهما يحمل اسم انطيوخوس، واصبحت انطاكية العاصمة الرئيسة في حين اصبحت سلجوقية العاصمة للمقاطعات الشرقية.
لا يعرف تاريخ تاسيس هاتين المدينتين ولكن من المفترض ان سلجوق اسس سلجوقية بعد ان اصبح ملكا، ولكن انطاكية تاسست بعد دحره لجيش انتيكونس.
ولكن يمكن تقسيم بلاد مابين النهرين جغرافيا، الى اربعة مناطق: كراسين ( وتدعى ايضا ميسين، في الجنوب؛ وبابل والتي سميت بعدئذ اسورستان، في الوسط؛ وشمال مابين النهرين، حيث كانت هناك فيما بعد سلسلة من الولايات الصغيرة مثل كوردين، اوسرون، اديابين، وكراميه، واخيرا مناطق الصحاري في شمال الفرات، والتي اطلق عليها في عهد الساسانيين عربستان.

صورة
ولهذه المناطق الاربعة سجلات تاريخية مختلفة الى غاية الحكم العربي في القرن السابع، بالرغم من ان جميعها كانت تابعة للسلاجقة اولا ثم البارثيين والساسانيين. وعرف من خلال الكتابات المسمارية ان الحكومات في بلاد مابين النهرين قد مارست طقوس الديانات التقليدية اضافة الى التقاليد الاخرى، وكانت هناك بعض المراكز الاغريقية مثل سلجوقية وجزيرة ايكاروس ( جزيرة فيلكه الحالية) حيث كانت تمارس تقاليد المدن الاغريقية. اما المدن الاخرى فكان فيها القليل من الموظفين الاغريق او المعسكرات ولكنها استمرت بممارساتها السابقة.

صورة

العملة الساسانية

صورة
الكتابة الساسانية

الساسيانيون في عصر الدعوات المسيحية :

يضع العهد الساساني نهاية للعهد القديم وبداية للعهد الاقطاعي في تاريخ الشرق الاوسط. الاديان السماوية كالمسيحية والثنوية (الصراع بين النور والظلام) وحتى الزرادشتية واليهودية حيث أنهم امتصوا الديانات والعبادات المحلية في بداية القرن الثالث, كما رأت كل من الامبراطورية الساسانية والرومانية باتخاذ دين رسمي للدولة، الزرادشتية للاولى والمسيحية للاخيرة. اما في بلاد مابين النهرين فان العبادات القديمة مثل المندائية (الصابئية) عبادة القمرللحرانيين وعبادات اخرى قد استمرت جنبا الى جنب الاديان العظيمة. لم يكن الحكام الساسانيون الجدد بنضج السلجوقيين والبارثيين فظهر لديهم الاضطهاد.

صورة

حران, المدينة التي زارها النبي ابراهيم عليه السلام, قبل أن يذهب لفلسطين.


الإنخرط العربي الفارسي بعد سقوط سد مأرب:
نلاحظ أن سقوط سد مأرب وهجرة القبائل العربية إلى الشمال والشرق والغرب جلب معه شعوباً جديدة لها أساليبها الخاصة بها فأثرت وتأثرت بما كان على مسرح الواقع آن ذاك ففي 86م استطاع مالك بن فهم الدوسي الأزدي إجلاء الفرس عن عمان وأصبح ملكاً لعمان واتخذ من مدينة قلهات عاصمه لملكه وقد حكم عمان أكثر من 70 سنة، وإمتد سلطان مالك في عمان حتى ضم إليها البحرين وأطراف العراق.

بعد وفاة ملك الحيرة جذيمة الأبرش تولى عمرو بن عدي أمور تنظيم الحكم، وحكم العراق وإقليم البحرين نحو عشرين سنة خلال هذا الفترة حدثت حروب مع عدد من الممالك المحاذية، بعد قيام دولة الساسانيين في إيران وبعد غزو الساسانيين للعراق اضطر عمرو بن عدي للإعتراف بسيادتهم.

عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن لخم (268-288) أول ملك في سلالة ملوك الحيرة, انتقل إليه الحكم بعد وفاة خاله جذيمة الأبرش الذي كان له الفضل في تنظيم أمور الحكم حيث أنه حكم عدة مناطق في العراق. المعروف أن عمرو بن عدي هو ملك من بني لخم ولكن بعض الإخباريين يرجع أصله إلى الساطرون ملك الحضر, ويرى بعض الباحثين أنه رابع ملك من أسرة كانت تحكم حران ثم انتقلت عاصمتهم للحيرة . وصف الطبري عمرو بن عدي بأنه «أول من اتخذ الحيرة منزلاً من ملوك العرب، وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق، واليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر، فلم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى مات ... وكان منفرداً بملكه، مستبداً بامره، يغزو المغازي ويصيب الغنائم، وتفد عليه الوفود دهره الأطول، لا يدين لملوك الطوائف بالعراق، ولا يدينون له، حتى قسم أردشير بن بابك في أهل فارس». أي انه كان مستقلا بحكمه قبل غزو الساسانيين للعراق ولكن بعد قيام دولة الساسانيين اضطر عمرو للإعتراف بسيادتهم, ونجد اسمه في نقش "نرسي" ضمن قائمة الملوك الذين اعترفوا بسلطان الساسانيين عليهم.

صورة

نقش نرسي

وجذيمة الأبرش هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران الأزدي ،الملك المشهور وأصله من زهران أحد القبائل الأزدية، وكان ثالث ملوك تنوخ وأول ملك بالحيرة، وأول من حذا النعال، وأدلج من الملوك وصنع له الشمع، وكان شاعراً، وقيل له الأبرص والوضاح لبرص كان به ، ويعظم أن يسمى بذلك فجعل مكانه الأبرش.
كان جذيمة بن مالك ملكًا على الحيرة والبحرين وعلى ما حولها من السواد ملك خمساً وسبعين سنة.
وكذلك ذكر في النقوش الأثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي: "جذيمة ملك تنوخ".

صورة

صورة

نقش أم الجمال 520 م


ويخالط الغموض قصة الحلف التنوخي، وقيام الممالك العربية في سوريا و العراق، ألا ان مؤرخي العرب كافة أتفقوا على أن القبائل العربية بعد ان تحالفوا باسم تنوخ وأسسوا إقليم البحرين تطلعوا إلى العراق ودخلوه، وكان أول ملك عربي منهم هناك هو مالك بن فهم، وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم، فلما مات عمر تولى الملك جذيمة الأبرش.
في أيام جذيمة كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام رجل من العماليق يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي وجرى بينه وبين جذيمة حروب فانتصر جذيمة عليه وقتلة.
وكان لعمرو بنت تدعى الزباء (1) واسمها نائلة فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين متقابلتين وأخذت في الحيلة على جذيمة فأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته واخذت بثأر أبيها.


صورة
1.ملكة تدمر بالميرا.


صورة
الكتابة الآرامية في تدمر بالميرا.

صورة

العملة المتداولة في تدمر.

المناذرة :
النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو من أشهر حكام المناذرة حكم في الفترة (403-431), ويلقب بالنعمان الأعور و النعمان السائح, وهو باني الخورنق, وفي عهده ازدهرت الحيرة ازدهارا كبيرا لم تشهد مثيله بل واقترن اسمه بالحيرة فعرفت عند بعض المؤرخين بحيرة النعمان, وقد وكل الملك الفارسي الساساني يزدجرد الأول له رعاية أبنه بهرام الخامس فرباه منذ صغره ثم ساعده النعمان بعد ذلك على تولي العرش بعد محاولة بعض النبلاء اقصاء بهرام, كان يؤمن بحرية الدين فكان متسامحا مع المسيحيين حتى أنه صهر تمثال عشتار الذهبي ووزعه على فقراءهم.

خلفه إبنه المنذر بن النعمان بن امرئ القيس سابع ملوك الحيرة. أمه هي هند بنت زيد مناة بن زيد الله بن عمرو الغساني. وبلغت الحيرة بعهده مبلغا عظيما وصار لها اسم في التاريخ, فقد أجبر كهنة الفرس على تتويج بهرام جور الذي رباه أبوه النعمان على حساب مدع قوي آخر للعرش الفارسي, وقد شارك في الحروب اتي قامت بين الفرس والروم, التي كان سببها اضطهاد المسيحيين في بلاد الفرس, فقد حاصر الروم نصيبين فأسرع بهرام لإنقاذها ومعه المنذر واشترك في المعارك, كما اتجه للإستيلاء على انطاكية إلا انه لم يحقق في ذلك نصرا, وانتهت الأمور بعقد الصلح بين الفرس والروم.


النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي، الملقب بأبو قابوس (582-610 م) تقلد الحكم بعد أبيه, وهو من أشهر ملوك المناذرة في عصر ما قبل الإسلام. كان داهية مقداما. وهو ممدوح النابغة الذبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي. وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى، وصاحب يوم البؤس والنعيم؛ وقاتل عبيد بن الأبرص الشاعر، في يوم بؤسه؛ وقاتل عدي بن زيد وغازي قرقيسيا (بين الخابور والفرات). وفي صحاح الجوهري: قال أبو عبيدة: «إن العرب كانت تسمى ملوك الحيرة -أي كل من ملكها- (النعمان) لأنه كان آخرهم». كان أبرش أحمر الشعر، قصيرا وكانت أمه يهودية من خيبر.


مقتله :
ملك الحيرة إرثا عن أبيه، سنة 582م، واستمر في الحكم حتى نقم عليه كسرى كسرى أمرا بعد أن طلب منه أن يزوجه ابنته فرفض النعمان فما كان من كسرى إلا أن عزل النعمان ونفاه إلى خانقين، فسجن فيها إلى أن مات. وقيل: ألقاه تحت أرجل الفيلة، فوطئته، فهلك وكانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أدت لاشتعال الحرب بين العرب والفرس في معركة ذي قار والذي انتصر فيها العرب انتصارا كبيرا.


يوم ذي قار هو يوم من أيام العرب في الجاهلية، وقع فيه القتال بين العرب والفرس في العراق وانتصر فيه العرب.
كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر الأعاجم وهو يوم لبني شيبان من بكر بن وائل، وقبيلة عنزة بن ربيعه أبناء عمهم وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم وخبره كالتالي :
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له: زيد بن عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله فقال له: أيها الملك العزيز إن النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة.
وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة، فلما دخلا على النعمان قالا له: إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب فأراد كرامتك وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات. فقال له النعمان: أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى وقل له: إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات وبلغه عذري. ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره وقال له: إن النعمان يقول لك ستجد في بقر العراق من يكفينك.
فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه وذهب إلى كسرى فمنعه من الدخول إليه وأهانه وأرسل إليه من ألقى القبض عليه وبعث به إلى سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه.
وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات، فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده أو أن يرحل عن دياره أو أن يحارب فاختار الحرب وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر وعنزة بن اسد بن ربيعه والنمر بن قاسط وبني ذهل.
وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.
فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ: نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم: بل قاتلوا مع جنود كسرى واصمدوا إلينا أولاً ثم انهزموا في الصحراء وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم.
وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم، فبدأ الفرس يموتون من العطش ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها فضربت فيهم ومزقتهم وقتل كل قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت.
وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم: أين هانئ ؟ وأين قياداتكم الذين لا يعرفون الفرار فسكتوا فصاح بهم فقالوا: لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم، فكاد كسرى يفقد عقله ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة فتولى مكانه ابنه شيرويه.
وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء الجيش الفارسي فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان بن المنذر، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم.
والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام.


لقد كوَن المناذرة مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل الإسلام فكانت هذه المملكة هي امتداد للمالك العربية التي سبقتها مثل مملكة ميسان ومملكة الحضر، وقد امتد سلطان مملكة المناذرة من بلاد مابين النهرين ومشارف الشام شمالاً حتى عمان جنوباً متضمنة البحرين وهجر وساحل الخليج العربي. واستمرت مملكتهم في الحيرة من (266م-633م). احتل الفرس تلك المملكة في مهدها فأصبحت مملكة شبه مستقلة وتابعة للفرس مع ذلك اكملت الحيرة ازدهارها وقوتها. وقد كان لهذه المملكة دور مهم بين الممالك العربية فقد كان لها صلات مع الحضر وتدمر والأنباط والقرشيين فكانت الآلهة في هذه المدن هي نفسها موجودة في الحيرة منها اللات والعزى وهبل، ومما يؤكد ذلك الروايات الكثيرة بصلات جذيمة الأبرش بملكة تدمر زنوبيا مثلا وعلاقتهم وعلاقة ملوك الحيرة بملوك مملكة الحضر وأحيانا ينسب المؤرخون السلالة الحاكمة في مملكة المناذرة وهم بنو لخم إلى ملوك الحضر في بلاد مابين النهرين, وكذلك نجد في النقوش الأثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي: "جذيمة ملك تنوخ" وهذا يدل على صلاتهم الواسعة بالممالك العربية الأخرى هذا سوى الروايات الكثيرة من المؤرخين، وكان لمملكة المناذرة سوق من أشهر أسواق العرب يقام في الحيرة وفي دومة الجندل يتبادل فيه التجار البضائع ومنها البضائع الفارسية التي يجلبها تجار المناذرة وكذلك يتبادلون الأدب والشعر والخطب. أطلق ملوك المناذرة على أنفسهم لقب "ملوك العرب" ومن المؤكد أن نقش قبر إمرؤ القيس الأول المتوفى سنة (338) مكتوب عليه "هذا قبر إمرؤ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم". وهذا الحاكم له إنجازات عظيمة من تكوين أسطول بحري في البحرين هاجم مدن فارسية إلى سيطرته على مدن تمتد من العراق حتى نجران.
وكانت كتابة شاهد قبره الذي عثر عليه حديثا هي من أقدم الكتابات بالخط النبطي المتطور إلى الخط العربي الحالي والتي عثر عليها إلى هذا اليوم, لذلك يعتقد العلماء أن الغساسنة هم مهد الخط العربي ويعارض هذا الرأي المؤرخ البلاذري حيث ينسب الكتابة العربية إلى الحيرة والأنبار. فيقول : أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلاثة أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الأحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين، وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.
روي أن ابن عباس قال: «أول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من بولان، وهي قبيلة سكنوا الأنبار. وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصولة. وهم مرار بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة، ويقال: مروة وجدلة. فأما مرامر فوضع الصور، وأما أسلم ففصل ووصل، وأما عامر فوضع الإعجام. وسئل أهل الحيرة: ممن أخذتم العربي؟ فقالوا: من أهل الأنبار» الفهرست ص6 - 7
قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع الاعجام والنقط (نقط المصاحف ج: 1 ص: 14

(حدثني عباس بن هشام بن محمد السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي. قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة، وهم مرامر بن مرة، وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة، فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه منهم قوم من أهل الأنبار، ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار،)(فتوح البلدان ج1 ص 737)

- قيل لأبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني
سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 319

-قال له أسلم بن سدرة وسأله ممن اقتبستها فقال من واضعها رجل يقال له مرامر بن مروة وهو رجل من أهل الأنبار فاصل الكتابة في العرب من الأنبار وقال الهيثم بن عدي وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند.


وبعد وفاة إمرؤ القيس في عام 338م بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في عهد شابور الثاني، واستمرت الحرب الاولى من 337 لغاية 350؛ وانتهت من دون نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح. وفي عام 359 غزا شابور الاراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف.وفي عام 363 تقدم الامبراطور جوليان الى ضواحي المدائن، حيث توفى، ليخلفه جوفيان الذي خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين. اما الحرب التالية فاستمرت من 502 الى 506 وانتهت دونما تغيير. واندلعت الحرب ثانية في 527 واستمرت لغاية 531 وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد، بقيت الحدود على حالها دون تغيير. وفي عام 540 غزا الملك الساساني خسرو الاول (خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا، بالرغم من ان العديد من القلاع خلفه في شمال بلاد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين. وبعد قتال كر وفر، تم الجنوح الى السلم في 562 . استمرت الحرب مع الامبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى، واستمرت في عهد من خلف خسرو، هرمزد الرابع. ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم في شمال بلاد مابين النهرين الا في 591 حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لاجئا الى الاراضي البيزنطية. وبمقتل الامبراطور البيزنطي موريس في 602 والذي كان لصالح خسرو، واغتصاب فوكاس للعرش، فقد وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس. فاستولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر وبلاد الاناضول. وبحلول 615 كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل القسطنطينية. وتغير الموقف تماما بمجئ الامبراطور البيزنطي الجديد هرقل، الذي، قام بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في 623 – 624 ، وهزم الساسانيين في ميديا. وتقدم في 627 – 628 باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور الملكية في داستاكرد شمال المدائن.
وبعد وفاة خسرو الثاني، كانت بلاد مابين النهرين مدمرة، ليس من جراء القتال وحسب بل من فيضانات دجلة والفرات، ومن انتشار الطاعون، ومن التتابع السريع للحكام الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى. واخيرا في 632 فرض آخر الملوك يزدجرد الثالث النظام والاستقرار، ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي الاسلامي وانتهت الامبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك.

يتبع .....
قراءة النص من جديد بشكلة الصافي الخالي من كل الإضافات الإنسانية التي وضعت في جميع العصور المتأخرة يجب التأكد منها.

وسام الدين اسحاق
مشاركات: 66
اشترك: إبريل 30th, 2008, 8:26 pm
المكان: California
اتصل:

مايو 22nd, 2009, 10:02 pm

الغساسنة :العرب الغساسنة
الغساسنة ملوك الشام من قبائل الأزد وهم بنو عمرو بن مازن بن الأزد، ومن الأزد الأوس والخزرج أهل يثرب، والمسلمون منهم هم الأنصار، رضي الله عنهم،. ومن الأزد: خزاعة وبارق ودوس والعتيك وغافق، فهؤلاء بطون الأزد. وغني عن الذكر نجدة الغساسنة للأوس والخزرج على اليهود وقتلهم لليهود جزاء أعتدائهم على الأوس و الخزرج فجميعهم أزد.
زيد الله: بطن من عمرو بن مازن، من غسان الشام.
زيدان: عشيرة مسيحية، مذهبها روم ارثوذكس ولاتين. تقيم بناحية جبل عجلون، وتقطن قرية عنجرة. ويقال: إنها من بقايا الغساسنة.
وبنو جفنة، وخزاعة، فسموا به. وقالوا: الغساسنة ملوك الشام، وهم: بنو عمرو بن مازن ابن الأزد.
يقول عمر رضا كحالة الصفحة : 246 فيهم:
كانت ديار غسان إذا جزت جبل عاملة، تريد قصد دمشق، من حمص، وما يليها، فهي ديار غسان من آل جفنة، وكانوا عمالاً للأمبراطورية الرومانية البيزنطية يحمون الحدود الشامية، من غارات الفرس، واللخميين، ولم يكن لهم عاصمة معينة، من أهم مراكزهم: الجولان، ومدينة الجابية، وجلق الواقعة بالقرب من دمشق، ومن ديارهم محيل. وكانت عاصمتهم الجابية، من قرى الجولان (بين دمشق والمزيريب) ثم امتد سلطانهم إلى تدمر وضفة الفرات شمالا، بعد أن حكموا عبر الأردن ووادي اليرموك جنوباً.
ولهم يوم عظيم على المناذرة ألا وهو يوم حليمة.
عملة غسانية من بصرى الشام
صورة
يوم حليمة:

لما تولى المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ، واستقر في ملكه سار إلى الحارث الغساني ملك الغساسنة طالباً بثأر أبيه عنده ، وبعث إليه : إني قد أعددت لك الكهول على الفحول ، فأجابه الحارث : قد أعددت لك المرد على الجرد. وسار المنذر حتى نزل بمرج حليمة ، وسار إليه الحارث أيضاً ، ثم اشتبكوا في القتال ، ومكثت الحرب أياماً ينتصف بعضهم من بعض.
فلما رأى ذلك الحارث قعد في قصره ، ودعا ابنته حليمة ، وكانت من أجمل النساء ، فأعطاها طيباً وأمرها أن تطيب من مر بها من جنده ، فجعلوا يمرون بها وتطيبهم ، ثم نادى : يا فتيان غسان ، من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي. فقال لبيد بن عمرو الغسائي لأبيه : يا أبت ؟ أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول دونه لا محالة ، ولست أرضى فرسي فأعطني فرسك ، فأعطاه فرسه ، فلما زحف الناس واقتتلوا ساعة شد لبيد على المنذر فضربه ضربة ، ثم ألقاه عن فرسه ، وانهزم أصحاب المنذر من كل وجه ، ونزل لبيد فاحتز رأسه ، وأقبل به إلى الحارث وهو على قصره ينظر إليهم ، فألقى الرأس بين يديه ، فقال له الحارث : شأنك بابنة عمك – أي حليمة - ، فقد زوجتكها. فقال : بل أنصرف فأواسي أصحابي بنفسي ، فإذا انصرف الناس انصرفت.
ورجع فصادف أخا المنذر قد رجع إليه الناس وهو يقاتل ، وقد اشتدت نكايته ، فتقدم لبيد فقاتل حتى قتل ، ولكن لخماً انهزمت ثانية ، وقتلوا في كل وجه، وانصرفت غسان بأحسن الظفر ، بعد أن أسروا كثيراً ممن كانوا مع المنذر من العرب. وكان من أسرهم الحارث مائة من بنى تميم ، فيهم شأس بن عبدة ، ولما سمع أخوه علقمة وفد إليه مستشفعاً ، وأنشده هذه القصيدة ، ومما قيل فيها:
إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي................ لكلكلها والقصـر بين وجيب
لتبلغني دار امرئ كان نائيــــــــا...........فقد قربتني من نداك قـروب
وأنت امـرؤ أفضت إليك أمانتي................... وقبلك ربتني فضعت ربــوب
فأدت بنو كعب بن عوف ريبها...................وغودر في بعض الجـنود ربيب
فوالله لولا فارس الجـون منهم ..................لآبوا خـزايـا والإياب حبــيب
تقدمــه حتى تغيب حجــولــــه ............... وأنت لبيض الدار عين ضروب
مظاهر سربالي حديد عليهمــا.......................عقيلا سيوف مخذم ورسوب
فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم..................وقد حان من شمس النهار غروب
وقاتل من غسان أهل حفاظه ....................... وهنب وفأس جـالدت وشبب
تخشخش أبدان الحديد عليهـم................... كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
تجـود بنفس لا يجاد بمثلهــــا............... وأنت بها يوم اللقــاء خصيب
كأن رجال الأوس تحت لبانــه ...................... وما جمعت جل معاً وعتيب
رغا فوقهم سقب السماء فداحض..................... بشكته لم يستلب وسـليب
كأنهم صابت عليهـم سحابـة......................... صواقعها لطيرهـن ريب
فلم تنج إلا شطبـة بلجامهـــا................... وإلا طمر كالقناة نجيب
وإلا كمي ذو حفــاظ كأنه.................... بما ابتل من حد الظباة خصيب
وأنت الذي آثاره في عـدوه....................من البؤس والنعمى لهن ندوب
وفي كل حي قد خبطت بنعمة ....................... فحث لشأس من نداك ذنوب
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة.................... فإني امرؤ وسط القباب غريب
ولما بلغ إلى قوله : ( فحق لشأس من نداك ذنوب) ، قال الملك : أي والله وأذنبة ، ثم أطلق شأساً وقال له : إن شئت الحباء ، وإن شئت أسراء قومك. وقال لجلسائه : إن اختار الحباء على قومه فلا خير فيه ، فقال : أيها الملك ، ما كنت لأختار على قومي شيئاً ، فأطلق له الأسرى من تميم وكساه وحباه ، وفعل ذلك بالأسرى جميعهم وزودهم زاداً كثيراً ، فلما بلغوا بلادهم أعطوا جميع ذلك لشأس وقالوا له : أنت كنت السبب في إطلاقنا ، فاستعن بهذا على دهرك ، فحصل له كثير من إبل وكسوة وغير ذلك.
وفي هذا اليوم ضرب المثل : ما يوم حليمة بسر .



كان الغساسنة قد تأثروا بالديانة المسيحية، واشترك ملوكهم في الخلافات الكنسية حول طبيعة السيد المسيح. وكانوا من أتباع عقيدة الطبيعة الواحدة (المنوفيزيين)، ويعود إلى الغساسنة فضل تعيين يعقوب البرادعي وغيره، أسقفاً في ولاية الشام، مما دعم موقف القائلين بالطبيعة الواحدة.

صورة
عملة بيزنطية عليها صورة القيصر

صورة

مزيريب وشلالات تل شهاب

ملوك غسان :
وكانوا عمالاً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الأزد ابن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبا‏.‏
تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه وكان قبلهم بالشام عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لام مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملةفأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم‏.‏
وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان ابتداء ملك غسان قبل الإِسلام بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم‏.‏
وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك‏.‏
وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب ودير هند‏.‏
ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران‏.‏
مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة‏.‏
ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرع والقسطل‏.‏
ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه‏.‏
ثم ملك بعده ابنه المنذر الأكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو بن جفنة الأول ثم هلك المنذر الأكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن الحارث‏.‏
ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم الأيهم بن الحارث وبنى دير ضخم ودير البنوة
ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الأصغر بن المنذر الأكبر وهو الذي أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق‏.‏
ثم ملك بعده أخوه النعمان الأصغر بن المنذر الأكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو المذكور يقول النابغة الذبياني‏:‏
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة .... لوالده ليست بذات عقارب
ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين‏.‏
ثم ملك بعده النعمان بن الأيهم بن الحارث بن ثعلبةثم ملك أخوه الحارث بن الأيهم ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين‏.‏
ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام‏.‏
ثم ملك بعده الأيهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع‏.‏
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة‏.‏
ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في خلافة عمر رضي اللّه عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلافة عمر إِن شاء اللّه تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل ستمائة سنة وبين ذلك‏.‏
قامت في الشام قبل الاسلام ثلاث دول هي دولة الانباط في الجنوب ودولة تدمر في الشمال ودولة الغساسنة في الوسط.
دولة الانباط :
قامت هذة الدولة في القرن الساس قبل الميلاد في المنطقة الواقعة اليوم في الاردن,
وكان التنقل والترحال الطابع السائد بين قبائل الانباط .

صورة
البتراء عاصمة الأنباط.
واخيرا بدا استقرارهم في اواخر القرن الثاني قبل الميلاد واشتغلو في الزراعة والتجارة وكانت عاصمتهم البتراء بسبب موقعها الطبيعي.
ويعتبر الملك الحارث الثالث 87-62 قبل الميلاد من اشهر ملوكهم والمؤسس لدولة الانباط , فقد ههم هذا الملك جيش اليهود عدة مرات وحاصرو اورشليم وقد اصبح حاكما لدمشق سنة 85ق.م
وقد سك الحارث الثالث مسكوكات نبطية على طراز مسكوكات البطالمة (اليونان) وقد نقش الملك النبطي على مسكوكاتهة راس رجل بوضع جانبي متجة نحو اليمين (يحتمل ان تمثل الحارث نفسه) , اما الجانب الاخر للمسكوكة فانها تحمل صورة امراة ونقش الحارث اسمة ولقبهة بالحروف اليونانية .

صورة

صورة

عملات نبطية


وقد سك الملك النبطي عبادة الثاني مسكوكات فضية نقش عليها صورة لراس رجل وعلى الوجة الاخر لطائر النسر وعليها كتابة نبطية نصها ((الملك عبادة ملك الانباط)) وتاريخ السنة الثانية من حكمة وتطورت النقود النبطية منذ حكم الملك عبيدة الثالث 28-9ق.م . حيث حملت المسكوكات النبطية صورة الملك والملكة ويبدو ان ملوك الانباط كانو قد تزوجوا من شقيقاتهم مقلدين بذلك عادات الفراعنة والبطالمة , وقد ضهر على مسكوكات الملك النبطي مالكو الثاني 40-70 م وهو ابن الحارث الرابع عبارة (شقيقة الملك )
وقد اصبحت بلاد الانباط تحت السيطرة الرومانية خلال حكم الملك النبطي رابيل الثاني 71-106م
ابن الملك النبطي مالكو الثاني الذي يعد اخر ملوك الانباط بعد ذلك ضعفت دولة الانباط بتحول طرق التجارة التي كانت تمر بعاصمتهم البتراء التي كانت تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.

الحجاز :

لقد ذهب الكثيرون من الناس إلى أنّ العرب كانوا على أصل ولادة أمّهم، لم يتعلموا الكتابة ولا الحساب، فهم على جبلتهم الأولى، وهذا غمط لشأن العرب، وافتراءات على الحقائق التاريخية، ومحاولة للنيل من حضارتهم في شبه الجزيرة، التي تشمل تهامة ونجد والحجاز والعروض واليمن.
ففي حقيقة الأمر، إن كُتاباً بيثرب كانوا يكتبون بكتاب مكة، وكان في أماكن أخرى كُتاباً يكتبون بكتابهم أيضاً، فضلاً عن انتشار الكتابة بـ «المسند» في العربية الجنوبية، وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب.
ونحن لا نريد أن نثبت هنا أنّ العرب قاطبة كانت أمة قارئة كاتبة؛ جماعها يقرأ ويكتب، وأنها كانت ذات مدارس منتشرة في كل مكان من جزيرتهم؛ تعلّم الناس القراءة والكتابة والعلوم الشائعة في ذلك الزمان «قبل الإسلام».

صورة

خط المسند هو ذاته خط السبأية.

صورة

النصب التذكاري الذي عثر عليه في مدينة العلا منقوش عليه بالخط المسند.



وهذا لا يعني أن العرب كانوا لا قارئ بينهم ولا كاتب. فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب؛ بدليل هذه النصوص التي ترجع إلى ما قبل الإسلام، وقد عثر عليها مبعثرة في مواضع متناثرة من البوادي، وفي أماكن نائية عن الحضارة، وهي كتابات أعراب ورعاة إبل وبقر وأغنام؛ دَوَّنوها تسجيلاً لخاطر أو للذكرى أو رسالة لمن قد يأتي بينهم؛ فيقف على أمرهم.
ومن هنا، نستطيع القول أن أعراب الجزيرة قبل الإسلام، كانوا أحسن حالاً من أعراب هذا اليوم، فقد كان فيهم الكاتب القارئ الذي يهتم بتسجيل خواطره، وبإثبات وجوده، بتدوينه هذه الكتابات، وأنّ الأمية لم تكن أمّيّة عامة جامعة، بل أمّيّة نسبية، على نحو ما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا، من غلبة نسبة الأمية على نسبة المتعلمين والمثقفين.
أما أهل الحواضر، فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب،كما كان بينهم الأمّيّ، أي الجاهل بالقراءة والكتابة. كان منهم من يقرأ ويكتب القلم المسند، وكان بينهم من يقرأ ويكتب بالقلم النبط، وبقلم بني إرم، وكان بينهم من يكتب ويقرأ بقلمين أو أكثر.


صورة
أهم الخطوط التي كان يستخدمها العرب بين الشمال والجنوب والشرق والغرب.



وكان الأحناف يكتبون ويقرؤون، وكانوا أصحاب رأي ومقالة في الدين وفي أحوال قومهم، وهم قالوا عن بعضهم مثل «ورقة بن نوفل» أنه كان «يكتب الكتاب العبراني، فيكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء أن يكتب.
وقد ذكر «الهمداني» أن العرب كانت «تسمي كلّ من قرأ الكتب أو كتب: صابئاً، وكانت قريش تسمي النبي أيام كان يدعو الناس بمكة ويتلو القرآن: صابئاً». فالصبأة على تفسير «الهمداني» هم الكتبة وكل من قرأ الكتب، وعلى ذلك يكون الحنفاء في جملة الصباة.
إن العرب من الشعوب التي عرفت الكتابة ومارستها في الجزيرة العربية قبل الإسلام بزمان طويل، وقد عثر في مواضع من جزيرة العرب على كتابات دُوّنت باليونانية وبلغات أخرى. وتبيّن من دراسة النصوص، أن العرب كانوا يدوّنون قبل الإسلام بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة، هو القلم الذي أُطلق عليه (القلم المسند) أو (قلم حمير)، وهو قلم يباين القلم الذي نكتب به الآن. ثم تبيّن أنهم صاروا يكتبون في ميلاد المسيح بقلم آخر، أسهل وألين في الكتابة من القلم المسند؛ أخذوه من القلم النبطي المتأخر، وذلك قبيل الإسلام.
كما بينا أنّ النبط وعرب بلاد مابين النهرين وعرب بلاد الشام، كانوا يكتبون أمورهم بالإرمية وبالنبطية، وذلك لشيوع القلمين بين الناس، حتى بين من لم يكن من «بني إرم» ولا من «النبط»، كالعبرانين الذين كتبوا بقلم إرمي، إلى جانب القلم العبراني. ولاختلاط العرب الشماليين ببني إرمن فقد تأثروا بهم ثقافيًّا، فبان هذا الأثر في الكتابات القليلة التي وصلتنا مدوّنة بنبطية متأثرة بالعربية, كنقش أم الجمال الذي يعود إلى عام 520 م
ويظهر من عثور الباحثين على كتابات مدونة بالمسند في مواضع متعددة من جزيرة العرب، ومنها سواحل الخليج العربي، أن بعضاً منها قديم، والبعض الآخر قريب من فترة ظهور الإسلام.
وفي أعالي الحجاز، عثر على أقلام تشبه القلم المسند شبهاً كبيراً، لذلك رأى الباحثون أنها من صلب ذلك القلم ومن فروعه، ولأنها متأخرة بالنسبة له، وقد سُمي قلم منها بـ «القلم الثمودي» نسبة إلى قوم ثمود، وسمي قلم آخر بـ «القلم اللحياني» نسبة إلى «لحيان»، وهي مملكة وشعبها من شعوب العربية الجنوبية، وعرف القلم الثالث بـ«الكتابة الصفوية» نسبة إلى أرض «الصفاة».


صورة
الثمودي والليحاني والسبأي

صورة

الأبجدية الصفائية


ومن الأدلة على معرفة عرب اليمن للكتابة والقراءة قبل الإسلام؛ الأوامر والقوانين التي دونّها ملوكهم وأعلنوها للناس، بوصفها في المحلات العامة وفي الأماكن البارزة.
إن تدوين تلك الكتابات ووضع الحجارة الفخمة المكتوبة للإعلان، دليل على أن في الناس قوماً يقرؤون ويكتبون ويفهمون، وأن الحكومات إنما أمرت بتدوينها لإعلام الناس بمحتوياتها للعمل بها، كما تفعل الحكومات في الوقت الحاضر عند إصدارها أمراً أو قانوناً؛ بإذاعته عبر الوسائل المعروفة على الناس.
وكان غُلمان اليمن يتعلمون الكتابة والقراءة، ويرددون قراءة ما يكتبون ويقرؤون، وقد أُشير إلى ذلك في شعر «لبيد»، قال:
فنعاف صارة فالقنان كأنها
زُبُرٌ يرجعها وليدٌ يمانِ
متعوّد لحنٌ يعيد بكفهِ
قلماً على عُسب، ذبلنَ وبانِ


وذكر أهل الأخبار أن قوماً من أهل يثرب من الأوس والخزرج، كانوا يكتبون ويقرؤون عند ظهور الإسلام، ذكروا فيهم: سعد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وكان يكتب بالكتابات العربية والعبرية والسريانية، ورافع بن مالك، وأسيد بن حُضير، ومعن بن عدي البلوي، وأبو عبس بن كثير، وأوس بن خولى، وبشير بن سعيد، وسعد بن عبادة، والربيع بن زياد العبسي، وعبد الرحمن بن جبر، وعبدالله بن أُبي، وسعد بن الربيع.



وقد أرجعوا أصل علم هؤلاء إلى قوم من يهود يثرب، مارسوا تعليم الصبيان القراءة والكتابة، دعوهم (بني ماسكة).



وإن صحّت هذه الرواية يظهر أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية أيضاً، وأنهم كانوا يعلمونها للعرب، وقد تعرض البلاذري لهذا الموضوع فقال:
(كان الكُتاب من الأوس والخزرج قليلاً، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام، وفي الأوس والخزرج عدّة يكتبون
ويظهر أن يهود يثرب، وربما بقية يهود، مثل يهود خيبر وتيماء وفدك ووادي القرى، كانوا يكتبون بقلمهم، كما كانوا يكتبون بالعربية. ويظهر من استعمال «البلاذري» جملة: «وكان بعض اليهود قد علم الكتابة العربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول»؛ أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية، كما كان يكتب بها صبيان المدينة، وكانوا يعلمون الكتابة لصبيان يثرب في مدارسهم.



لنحاول أن نلقي بعض الضوء على قبيلة الأوس والخزرج وآثارهم :



الأوس والخزرج
يتفق المؤرخون على أن الأوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان، جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب، وعندما وصلتا إلى يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع ثرة، وقد كان سكانها ـ وخاصة اليهود ـ في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار الأراضي، فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة الشرقية وقباء، وكانت ظروف عملهم أول الأمرقاسية وبمرور الزمن تحسنت أحوالهم، فبدأ اليهود يخافون من منافستهم، فتداعى عقلاء الطرفين إلى عقد حلف ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة، فتحالفوا على ذلك والتزموا به مدة من الزمن، ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم، ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على إذلالهم، وبقي الأوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلان الذي استنجد بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة، فعندما هاجم تبع بن حسان (يثرب) وأراد تخريبها وقف الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الأوس والخزرج خارج الحزام الذي كانوا محتبسين فيه وبنوا المنازل والآطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة، حينئذ خطط اليهود لاستعادة سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من القبيلتين الأوس والخزرج تمهيداً لإيقاع الفتنة بينهم، فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع الأوسيين، وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين، وبدأت كل فئة يهودية تسعر النار في حليفتها على الطرف الآخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما، ونجحت الخطة الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة ,
واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء الإسلام فأطفأها.
ولقد رأينا في بحث مدينة العلا الأثرية كيف أن عرب الأوس والخزرج هم الذين أتوا إلى المنطقة فجلبوا معهم الحرف السبأي العربي ونشروه في المنطقة وأنهم بعد أن انتصروا على اليهود كانت لهم الصدارة والحكم في المنطقة, لهذا كان انتشار كتاباتهم التي تتبع الخط المسند منتشرة في المنطقة.



وفي هذا الخبر وأمثاله -كما يقول الدكتور جواد علي- دلالة على أن الكتابة كانت معروفة بين أهل يثرب قبل الإسلام، وأنها كانت قديمة فيهم؛ ولهذا فلا معنى لزعم من زعم أنها انتشرت بيثرب في الإسلام، وأن الكتابة كانت قليلة -بها قبل هذا العهد- وقصد أهل الأخبار بجملة «وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية»؛ الكتابة بالخط العربي الشمالي، لا بالقلم المسند.
,ويظهر أن اليهود قد تعلموا الخط العربي من عرب الأنبار وبلاد الشام وهذا يعيدنا إلى النظرية الأولى التي تقول أن الخط العربي قد جاء من العرب الشماليين الأنبار( أهل الحيرة) ولكن عن طريق يهود يثرب.

يتبع ....
قراءة النص من جديد بشكلة الصافي الخالي من كل الإضافات الإنسانية التي وضعت في جميع العصور المتأخرة يجب التأكد منها.

وسام الدين اسحاق
مشاركات: 66
اشترك: إبريل 30th, 2008, 8:26 pm
المكان: California
اتصل:

مايو 22nd, 2009, 10:03 pm

الكتابة الجزء الثاني

الجزء الثاني :
لقد شاهدنا في الجزء الأول من هذا البحث التالي :
1- جميع العرب العاربة كانت تستخدم أبجدية الحرف المسند في كتابتها :

صورة
أبجدية الحرف المسند.

كما شاهدنا أنه هناك ثلاث نظريات تتحدث عن إنقلاب وتغيير في استخدام الأبجدية إلى إتباع الخط العربي الحديث وتلك النظريات هي التالي :
1- النظرية الأولى :
جاء في كتاب المؤرخ العربي البلاذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلاثة أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الأحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين، وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.


2- النظرية الثانية :


قيل لأبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني

سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 319


النظرية الثالثة :

أن الأبجدية العربية الحديثة أتت من تطور الحرف النبطي :
وتبين لنا أن الأنباط الذين يعود تاريخهم إلى القرن السادس قبل الميلاد والتي بدأت مملكتهم في 85 ق م إلى 106 م والتي إمتد حكمهم الجغرافي كما هو موضح في الشكل
خ-1 :

صورة

[center]خ-1[/center]


كما تعرفنا على أبجديتهم ووضحناها في بحث الأنباط :

وسنجد في هذا الجزء من الكتاب كيف أن الغساسنة الذين استعادوا مملكتهم من الأنباط, حاولوا تطوير الكتابة النبطية فبدأوا بتوصيل الحروف بعضها ببعض تماماً كما يفعل الأشوريين في كتابتهم فنتج معهم الخط العربي الجديد.

إن بعد التدقيق في النقشين الشهيرين نقش إمرؤ القيس العائد لعام 338 م ونقش أم الجمال العائد لعام 528 م يتبين لنا التالي :

صورة
نقش إمرؤ القيس

صورة
نقش أم الجمال


لقد حاولنا أن نجزئ الأحرف الموجودة على النقش وقارنها بالأبجدية النبطية فنتج التالي :


صورة

الأبجدية رقم واحد لقد أخذت من نقش إمرء القيس, لاحظ أنها هي ذاتها الأحرف النبطية مع اختلاف بسيط بطريقة كتابة بعض حروفا كحرف الياء في نهاية الكلمة وحرف الشين والهاء.

كما تبين لنا أيضاً أن حرف الدال والذال فيهم نوع من الإختلاف البسيط الشبيه بحرف الكاف في كلمة (عكدي)

صورة
(عكدي) .

وإن غياب حرف الضاد والطاء والظاء والذال والثاء من النقش, ما جعلنا نقع في حيرة في كيفية اختيار تلك الحروف.

كما لاحظنا أنه هناك همزة يستخدمها الغساسنة في كتابتهم وهي تشبه الفاصلة وهذا دليل على أن الخط العربي الجديد هو ذاته الخط النبطي القديم ولكنه متصل.
كما أن نقش أم الجمال الذي كتب اسم جذيمة نلاحظ أن التاء المربوطة “ـة“ قد اخذت من الأحرف الأشورية بدلاً من الأحرف النبطية التي تفتقر لذلك الرمز الذي لم يكن واضحاً في كلمة (مدينة) التي كتبت (مدينت),

صورة
جذيمة

حاول مقارنة حرف ال (ــة ) مع الأبجدية الأشورية ستجد تطابق في الحرف.


كما نلاحظ أن الشين والسين كتبت بشكل واحد ولكننا إذا دققنا لوجدنا أن الشين تختلف عن السين بإنحناء مدتها :

صورة

ولقد تبين لنا أنه قد جاءت فكرة توصيل الأحرف من الأشوريين الذين بدأوا بتوصيل حروفهم من عام 200 ق م كما في الشكل التالي :

صورة
نقش بالأبجدية الأشورية ذات الأحرف الموصلة


صورة
مخطوطة أشورية تعود إلى عام 124 ق م




كما تبين لنا أن حرف الصاد والضاد هم حروف قد اخذت من أبجدية أخرى موجودة في بلاد ما بين النهرين تدعى بالأبجدية المندائية :


صورة

الأحرف المندائية في جنوب الكوفة.


نستنتجد من هذه الأبجدية أن أصل حرف الصاد والضاد, والحاء والفاء وإنقلاب السين بشكل أفقي بدلاً من الشكل العامودي النبطي.

ولكن من الذي فعل هذه الإضافة ؟
إذا عدنا إلى النظرية الأولى التي تتحدث عن اجتماع ثلاثة أنفار من طيء بمدينى "بقة" وهم "مرا مر بن مرة" و "أسلم بن سدرة" و "عامر بن جدرة" فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية.
نجد أن هذه الحادثة قد وقعت بعد أن تعرفوا على الخط النبطي الموصل, وأن الإضافات التي أضيفت للأبجدية العربية الجديدة كانت متعلقة ببعض الحروف كما أن وضع النقاط على بعض الحروف لتميزها عن بعضها البعض كان من أهم الخطات التي أدت إلى ولادة الخط الجديد في مدينة الكوفة في الحيرة فنتج الخط الكوفي الجديد.

صورة
خط أشوري موصل من القرن العاشر الميلادي


ونرى أنه من أسباب انتشار الأبجدية الأشورية في العالم العربي هو بسبب نشر الديانة المسيحية عبر المبشرين الدينيين السريان في بلاد ما بين النهرين والجزيرة العربية, ومصر والسودان والحبشة, وأنه عندما استقر الإسلام فينما بعد على إختيار الخط النبطي الموصل الذي بدأ بتسميته بالخط العربي الكوفي وخط القرآن ومن خلال نشر الديانة الإسلامية في البلاد المجاورة, نتج عن هذا أن جميع البلاد التي وقعت تحت سيطرة الإمبراطورية الإسلامية الجديدة قد بدأت تتأثر بالخط العربي الجديد ,حيث أن الفرس وبلاد الشرق مثل الهند (الإردو) والصين ومنغوليا جميعهم تأثروا بالخط الجديد وبدأو للإنتقال إلى استخدام الأبجدية الجديدة وإليكم بعضاً من هذه الكتابات التابعة لتلك البلاد التي تقبلت الإسلام وأخذت الرسالة من المسلمين العرب واتقلوا إلى إستخدام أبجديتهم ولكن مع الحفاظ على لسانهم الغريب عن العربية :


صورة
كتابات منغولية بعد الإسلام


كتابات مسلمي الصين بالخط العربي بعد الإسلام

صورة

بعد الإسلام


صورة

عملة ساسانية كتب عليها بسم الله بعد الإسلام


صورة
عملة أموية من طبرية الغسانية

صورة
عملة تركية 1319

صورة

عملة أضيف عليها كلمة نجد

صورة
عملة مكتوب عليها بالحرف المسند العربي القديم

يعتقد أنها لملك الغساسنة الحارث


صورة

عملة غسانية للملك وشقيقته أي زوجته

صورة

عملة منغولية بعد الإسلام


صورة
علمة مكتوب عليها خان العادل الأعظم ومن الطرف الثاني محمد رسول الله بعد إسلام المغول.


صورة

عملة سلجوقية عليها أحرف عربية


وهكذا نكون قد برهنا على أن الأبجدية العربية (الخط الكوفي) هي تطور الأحرف النبطية مع استعارة بعض الأحرف الأشورية والمندائية.

تمت بعون الله.

وسام الدين اسحق
قراءة النص من جديد بشكلة الصافي الخالي من كل الإضافات الإنسانية التي وضعت في جميع العصور المتأخرة يجب التأكد منها.

اسلام 7
مشاركات: 58
اشترك: ديسمبر 4th, 2009, 2:37 pm
المكان: القاهرة
اتصل:

ديسمبر 4th, 2009, 8:19 pm

الأخ وسام حياك الله على هذا الجهد الكبير والسؤال المطروح:
أليس للخط من أصل إلهى ؟
وأعتقد أن الله علم آدم (ص) بالقلم ومن ثم فقد كان هناك خط وخط ليس به عيوب كعيوب خطوطنا الحالية كالأصوات التى تنطق ولا تكتب
إن الخطوط عبر التاريخ ربما أخذت من بعضها أو ربما هى تنويعات على أصل واحد كما حادث الآن فى أنواع الخطوط التى نكنتب بها على الحاسب فكل واحد يخترع نوع من الخط فيه ميل بزاوية معينةأو استقامة أو انكسارات متعددة
وشكرا
ما أبغى سوى الحق

ushaaqallah-editor
Site Admin
مشاركات: 30
اشترك: مارس 30th, 2006, 9:44 pm

ديسمبر 5th, 2009, 3:30 pm

مرحبا بك في منتدياتنا أخي إسلام 4

شرفت الموقع

نادر عبد الامير

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 5th, 2009, 4:13 pm

[size=18][color=green][b]

أشكرك أستاذ وسيم

مقال رائع واستفدت منه كثيراً

ورأي مثل الأخ إسلام أليس اللغات من نبع واحد ولغة وحدة واختلفت بالكتابة

لقد قمت ببحث عنها والنتيجة كانت تقريباً هذا

اللغة العربية هي لغة الأم وكانت تكتب بوحي وبرسم وبطريقة إلى أن تطورت وتميزت وأخذ كل شعب لغة خاصة به لكي يمتاز بها .

والله أعلم [/b]
[/color]
[/size]
من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

وسام الدين اسحاق
مشاركات: 66
اشترك: إبريل 30th, 2008, 8:26 pm
المكان: California
اتصل:

ديسمبر 22nd, 2009, 6:43 pm

أعزائي القراء,

الأخوة الأكارم :
الماستر جولنار, ushaaqallah-editor, اسلام 7

شكراً على قدومكم وعلى تقديم اقتراحاتكم وللجهود التي بذلتموها في البحث عن الحقيقة.
إن اللغة اللسان بدأت جميعها من أمة واحدة كما قال الله تعالى لنا في كتابه العزيز :

(كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم )2/213

وعندما أتى الإسلام اختار الله الأمة الوسطى :

(وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم ) 2/143


وأنه وخلال التاريخ الطويل لعمر الإنسان على الأرض أختلفت فيه لغة النطق, كما أختلفت فيه لغة الكتابة, أما ولادة الحرف العربي الكوفي كما رأينا فإنه قد تطور من الخط النبطي بعد أن تم تزاوجه مع القبائل العربية المتواجدة بين الغساسنة والأنبار وصولاً إلى مكة حيث تمت كتابة القرآن الكريم به, والذي رفع من شأنه إلى أن عمم اللغة والخط على أكبر بقعة جغرافية أثناء الفتوح الإسلامية التي حدثت في العصرين الأموي والعباسي.
لكن تطور الكتابة حفاظاً على لهجة قريش كان أهم عامل في توحيد اللغة بين الأقطار الإسلامية.
وإن تطور الكتابة إلى التشكيل كان أول حجر أساس في هذا التوحيد لذلك الرجاء قراءة تتمة البحث :
تاريخ الكتابة العربية (التشكيل) الخط الكوفي على هذا الرابط :

http://www.el7ad.com/smf/index.php?topic=86773.0


وشكراً لإهتمامكم


وسام الدين اسحق
قراءة النص من جديد بشكلة الصافي الخالي من كل الإضافات الإنسانية التي وضعت في جميع العصور المتأخرة يجب التأكد منها.

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر