التشابه في كثير من النصوص .بين العهد الجديد و القرآن الكريم.

خاص بمناقشة القضايا والمسائل التي تهم الحوار المسيحي الإسلامي من إيمان و عقيدة و فكر إلخ
شارك بالموضوع
ابن عساكر المعاصر
مشاركات: 117
اشترك: سبتمبر 7th, 2008, 1:07 pm
المكان: مصر

ديسمبر 19th, 2009, 6:41 pm

يسر ابن عساكر المعاصر الكاتب الإسلامي عبد الفتاح عساكر . أن يقدم للعقلاء هذا الكتاب علي حلقات نبدأ بالمقدمات:

الحلقة الأولى:

التشابه في كثير من النصوص .بين العهد الجديد وبين القرآن الكريم والحديث الشريف
( أساس الشراكة بين المسيحيين والمسلمين )
إعداد : أ.د. عبد المنعم محمد الشرقاوي.
=================
عاون في إعداده وكتب المقدمة:
أ.د. طارق سليم ميخائيل.مدير متحف بوزارة الثقافة.
تقـديم المؤلف: أ.د. عبد المنعم محمد الشرقاوي.

بسم الله الرحمن الرحيم.
يحاول أعداء الدين ، ومن ورائهم يدعمهم غيرُهم المخدوعون بهم ، أن يشعلوا نار الفتنة بين المسيحيين وبين المسلمين ، خاصة في مصر ، بين الحين والآخر .
وهم في سبيل تحقيق أغراضهم الدنيئة يختلقون أسباباً ملفقة ودواعي مدَّعاة ، مثل اضطهاد الأكثرية المسلمة للأقلية المسيحية ، أو محاولة تحويل بعض المسيحيين والمسيحيات إلى الدين الإٍسلامي أو إعاقة عمل جمعيات التبشير بالمسيحية .
وهم في كل ذلك يصطنعون حكايات مفتراه يغلب عليها التهويل والمبالغة لإثارة عامة الناس وقليلي الإدراك من أتباع الديانتين .
وبقليل من الفكر يتضح لكل عاقل أن بين المسيحي المتدين غير المتعصب وبين المسلم المتدين غير المتعصب من الأمور المشتركة الكثير ، سواء في العقائد أو القيم أو الأخلاقيات أو السلوكيات . وأنَّ بينهما ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما . وأن ما بين المسلم والمسيحي ، اللذان يطيعان ربهما ويتبعان تعاليم دينهما ، من الأواصر أكثر مما بين مٌسلمَيْن أحدهما يعرف ربه ويطيعه وثانيهما غير ذلك .
وأن ما بين المسلم الحق والمسيحي الحق من الأواصر أكثر مما بين مسيحِيَّيْن أحدهما يحب الكنيسة وثانيهما غير ذلك .
والعقل يقول إن بين المسيحي الحق والمسلم الحق رابطة قوية جداً تجمعهما هي الإيمان بالله ، خالق كل شيء ، والقادر على كل شيء وهذه الرابطة تدعوهما إلى التعاون في مواجهة الملحدين والمتعصبين على حد سواء ، أي أنهما في خندق واحد .
والعقل يقول أن الخلافات بين المسيحي والمسلم في بعض العقائد والأفكار لا يجب أن تكون سبباً يعوق التعايش والمشاركة بينهما أو أن يدين أحدهما الآخر فالديَّان هو الله يوم الدين .
والمسلم يقرأ في قرآنه : " اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " (الحج 69/22)
والمسيحي يقرأ في إنجيله : " لاتدينوا لكي لاتدانوا . لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون.وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم . ولماذا تنظر القذي الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها )( متى17:1-3)
والمؤلف يأمل أن يتعرف القارئ مسلماً كان أو مسيحياً على العقائد والعبادات والقيم والأخلاق التي يدعوا إليها كل من الدينَيْن المسيحي والإسلامي . وأن يعتقد أن التعايش والمشاركة بين أتباع المسيحية والإسلام واجب عليهم جميعاً وضرورة للحياة وللعيش في سلام وأمان .
والمؤلف يعترف بداية أن هذا العمل لم يصل إلى حد الكمال ولكنه بذل الجهد ، على قدر إستطاعته ، ليتعرف على نصوص العهد الجديد التي يمكن أن يجد لها مشابهاً أو مماثلاً في القرآن الكريم أو في الحديث الشريف ، ولا ينكر أنه قد أعجزه ذلك في بعض النصوص .
والمؤلف : لذلك يعتبر هذا العمل مجرد نواة يأمل أن يَبنى عليها آخرون ، وخاصة واضعوا مناهج الدين في وزارة التربية والتعليم ، حيث يمكن أن يُبنى منهج الدين المسيحي على النصوص التي ذكرناها من العهد الجديد وغيرها ، مع الإشارة المختصرة لما يشابهها من نصوص إسلامية . كما يمكن أن يُبنى منهج الدين الإسلامي على النصوص التي ذكرناها من القرآن والسُّنَّة وغيرها مع الإشارة المختصرة لما يشابهها أو يماثلها من نصوص مسيحية .
وأدعو الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .
المؤلف
د. عبد المنعم محمد الشرقاوى

لم يخطر ببال مُعِدى الكتاب أن كل منهم يبحث عن الآخر بالرغم من تلاقيهم بشكل يومى ودائم بحكم الجوار السكنى ، وأن هناك قضية هامة تشغل بال كل منهم وأن هناك أخطار تهدد أمن وسلامة الوطن ، وأن ناقوص الفتن الطائفية بدأ يعلو ضجيجة ويبحث كل منهم عن حقيقة وماهية الأمر ، وكيفية التصدى له .
وخاصة أن لكل منهم أدواتة الخاصة فى رصد هذه الظاهرة الخطرة ، فالدكتور عبد المنعم محمد الشرقاوى بحكم عملة كمؤلف وكاتب وكثرة سؤال العامة والخاصة له عن مسائل تحمل فى طياتها بدايات شرر الفتن الطائفية
وأيضا بحكم عملى فى الحقل الثقافى ،والتعامل المباشر مع الجمهور من مختلف الثقافات ، من خلال إداراة الندوات واللقاءات الثقافية ، وأيضا عملى كمدير لمتحف بوزارة الثقافة ،وأيضا تواجدى فى الجامعة أثناء استكمالي رسالة الدكتوراه ، وجدت أسئلة صارت مُتكررة وكلها فى مجملها صدى لظاهرة التناحر الدينى فى القنوات الفضائية والأنتر نت وأصحاب الكتب السوداء ،وفيها يجتهد بعض أصحاب كل دين أن يكفر الدين أصحاب الدين الآخر ويتهمة بالضلال ، فقد يطعن المسلمون بصحة الإنجيل وصحة العقيدة المسيحية ، والمسيحيون قد يطعنون بصحة القرآن والنبوة تحت شعارات مختلقة
ونظرا لدخول التكنولوجية الحديثة وتطورها ، وأستحالة وضع ضوابط أو قيود عليها ، وتحريك أيادى خفية لها لتدمير الأوطان وزرع روح الفرقة والخصام والمعاداة بين أفراد الوطن الواحد لتحقيق مصالح أعداء الوطن . وصار الناس بين مؤيد ومعارض وتعالت الأسئلة بين أصحاب الفريقين ، ومن هنا نشأت فكرة الكتاب كمحاولة للبحث عن أجابة سؤال هام هو:
هل بين العقيدة المسيحية والعقيدة الإسلامية من أوجه إتفاق وخاصة فى المبادىء والقيم والتعاليم الأساسية ؟. أم هناك فجوة وهوة سحيقة بينهما ؟ وإجابة هذا السؤال الهام سوف تحدد بشكل صادق مستقبل العلاقة بين الطرفين .
وللإجابة على هذا التساؤل الهام بشكل علمى ،لا يقبل الشك والتأويل ، وتقديم أجابة يقينية ، فقد بحثنا عن أى منهج علمى يمكننا أن نبدا بحثنا منه ، وأى مراجع نعتمد عليها ، فلم نجد خيراً من نصوص الكتاب المقدس (العهد الجديد ) ، والقرآن الكريم ، وتم أختيار أهم التعاليم والثوابت الدينية فى كل من الكتابين ووضعها متقابلين ووضع النصوص الكتابية صريحة دون تدخل بالشرح والتفسير، وذلك لضمان الأمانة العلمية فى البحث ، والحفاظ على مباشرة المعانى دون لبس أو خلط . ، وذلك لأن النص الكتابى واضح ومحدد فى معناه ، لكن الإجتهادات فى الشرح والتفسيرقد تختلف فى بعض الأحيان ،وتحتمل الكثير من التباين فى وجهات النظر، وهذا ما حرصنا على تجنبه
والحقيقة يُعد مفهوم "التواصل والحوار بين الأديان" مفهوماً قديمًا، ربما قِدم الأديان نفسها. "وهذا التواصل"يمثل عالما واسعا ومتنوع الأهداف والمستويات، والمبادرة إلى رفضه أو قبوله مبدئيًا تعتبر مغامرة غير محسوبة .والتواصل يهدف الى الفعل المشترك اليومي والتعاون على البر والتقوى، وتحسين ظروف العيش وحل المشكلات الواقعية، ونمو التعارف والتواصل العميق الذي يحترم التنوع ويستثمره لمصلحة الجماعة الوطنية بدلاً من أن يكون هذا التنوع سببًا ومقدمة للشقاق والنزاع الذى يدمر الوطن والاختلاف بين الناس أمرواقع فى كل زمان وفى كل مكان ، فطباع الناس متفاوتة وإدراكهم لحقائق الوجود وأسرار الكون متباينة.
لان التعامل الإيجابي والمتفهم مع الآخر، الفكري أو المذهبي أو الديني أو القومي، هو العنصر الأساسي في حركة التاريخ المتقدمة نحو المستقبل، اذ ان حركة الإنسان لا تتكامل عناصرها بشكل عملي إلا بتكامل الجسم الإنساني العام ، فالإنسان بمفردة لا يشكل إلا وجودا يمثل وجها واحدا ،والوجه الآخر هو الإنسان الآخر الذي يمثل البعد الآخر المكمل للوجود الإنسانى . وقال أبو حيان التوحيدي في كتابه المقابسات أن الطبيعة تعمل في تخالف الناس علي المذاهب والمقالات والآراء والنحل
وقال تعالي :
((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ))( هود / 118-119).
ويقول السيد المسيح (ولى خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة ينبغى أن أتى بتلك ايضا ) يو 10-16
إن التنوع والإختلاف الإنساني يعد هو القاعدة ، والتماثل هو الإستثناء، ومثل هذا الوعي سيُنتج الإعتراف بالآخر المختلف والقبول به والتعايش معه، كما أن التنوع يُعتبر جوهر الحقيقة الذى يستمد وجوده من الخالق المُوجد لهذا الكون، وهو الخالق لهذا التنوع الإنساني، فلا يملك أي فرد أو أية جماعة حق إلغاء هذا التنوع في الخلق واستحقاقات الخصوصية الذاتية لكل جماعة إنسانية تختلف في العِرق أو اللون أو الّلغة
من جهة أخرى إذا كان التنوع هو جوهر الحياة، فما هو السبيل لحل مشكلة الخلاف الناجم عن اختلاف الذوات الفردية والجماعية المتشكّلة بفعل التمايز و التنوع؟ فالإختلاف سيقود إلى تمايز كينونة الأول عن الثاني عن الثالث… ، وسيأخذ هذا التمايز أشكالاً متعددة في التعبير عن ذاته معرفياً وثقافياً وتجريبياً.. وهو ما سيقود إلى الخلاف.

ونجد في مؤتمر( يدا بيد من أجل عالم آمن) الذي انعقد في فيينا 21-22 كانون الثاني 2006، تعالت صيحات إقرار مباديء العدل والتكافؤ والمساواة والفضيلة الإنسانية ونبذ أية فوارق تُجزّىء الإنسانية ،أو تحرمها حقها في التعبير والعيش أو تصادر آمالها وتطلعاتها البريئة والصالحة،.. لان هذه القاعدة هي التي تؤسِّس للمجتمع الإنساني الصالح المتحاب المتآلف.
وعلينا نحن العرب أن نجيب على التساؤل التالى ..
هل التعايش بين الأديان في الأقطار العربية..واقع أم وهم؟؟
إن مجرد ذكر هذا الموضوع يثير العديد من الاجتهادات والانطباعات التي ربما تتجه عند البعض إلى ما هو سلبي وغير مستحب ، بينما يراها البعض مؤشر ايجابيا وبداية لحل المشكلات الداخلية .
وخاصه أنه قد تعالت فى الفترة الأخيرة أصوات تنادى بحتمية حدوث صراعات بين الحضارات ، ومن أشهر المؤلفات فى هذا الشأن كتاب صموئيل هنتنجتون الذى حاول فيه أن يبرهن على وجود صراعا مستمرا بين الإسلام والمسيحية وبين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية‏,‏ وأعتبر الصراع بين الديمقراطية الليبرالية والماركسية اللينينية صراعا سطحيا إذا ما قورن بصراع الإسلام والمسيحية‏.‏ وقد استعرض هنتنجتون التاريخ لكي يثبت أصالة هذا الصراع من ناحية‏,‏ واستمراريته من ناحية أخري، ويرى هنتنجتون أن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك وقد فعل ذلك مرتين علي الأقل ويقصد بهما الفتوحات الإسلامية الأولي والفتوحات العثمانية ويقول أيضا‏:‏ الطبيعة العنيفة لهذه العلاقات المتغيرة تعكسها حقيقة أن‏50%‏ من الحروب التي تضمنت ثنائيات من دول ذات أديان مختلفة بين عامي‏1820‏ و‏1929‏م كانت حروبا بين مسلمين ومسيحيين‏.‏
ونجد المستشرق برنارد لويس قد سبقه فى هذا الإتجاه أى في تأكيد الصراع والتهديد الإسلامى ، حيث يقول لويس‏:‏ لمدة ما يقرب من ألف سنة‏...‏ كانت أوروبا تحت تهديد مستمر من الإسلام‏.‏
ومن الغريب أن نرى أمثال هنتنجتون ومؤيديه يرد الصراع بين المسلمين والمسيحيين في التاريخ إلي أوجه التشابه بين الديانتين الإسلامية والمسيحية،بخلاف ما يقره المنطق والعقل‏,‏ فمن المفترض منطقيا أن وجود التشابه بين الإسلام والمسيحية تقرب بين الديانتين وأهلهما ولا تبعدهما‏,‏ ولا تؤدي إلي تطور الصراع بينهما‏,‏ بل إننا علي العكس تماما نجد أن المهتمين بالحوار بين الأديان يعتمدون اعتمادا أساسيا علي وجوه التشابه بين الأديان لكي يتخذوها وسيلة للتقريب بينها‏.‏ ويكفي في هذه الحالة أن نشير إلي أن إعلان الفاتيكان الخاص بالحوار الإسلامي ـ المسيحي أكد تأكيدا شديدا علي وجوه التشابه بين المسيحية والإسلام‏,‏ وكيف أنها تفيد في تحقيق التقارب وهجر الصراع بين الديانتين‏.‏
وينبغي أن نؤكد على حقيقة هامة هى أن كل من الإسلام والمسيحية من عقائد التوحيد ‏ ، فالأديان تقسم إلى أديان توحيد وأديان تعدد وشرك ووثنية‏.‏ وهناك فرق بين أهل التوحيد وغيرهم وميزا الديانة اليهودية والمسيحية بأنها ديانات كُتب مثلها مثل الإسلام‏,‏ وميز أهل اليهودية والمسيحية بأنهم أهل كتاب وأهل ذمة مع المسلمين‏,‏ ومن هذا المنطلق تعامل الإسلام مع اليهودية والمسيحية علي أنهما ديانات توحيد ووحى‏,‏ وبالتالي لا يجب فرض الإسلام علي أهلهما فرضا‏,‏ بل يجب منح اليهود والمسيحيين حرية الاعتقاد والممارسة الدينية، دون تدخل من المسلمين‏,‏ وجعل الأسلام هذه الحماية حماية تشريعية لا تخضع لأهواء المسلمين من حكام وغيرهم‏.‏
وعلي الرغم من أختلاف مفهوم التوحيد فى بعض جزئياته بين المفهوم المسيحي واليهودي وبين الإسلام ،الا أن التوحيد يعد هو القاعدة الأساسية التي توحد المسلم مع المسيحي‏,‏ وأيضا مع اليهودي وتقرب كلا منهما للآخر‏.‏

كما أن رسالة التوحيد كانت رسالة كل الأنبياء السابقين علي الإسلام في التاريخ‏,‏ ونجد القرآن الكريم يؤكد على عدم التفرقة بين الأنبياء عليهم السلام‏,‏ لأن دعوتهم واحدة وهم سلسلة متصلة قاعدتها التوحيد‏.‏ وطالب الإسلام المسلم الإيمان بالأنبياء السابقين وبكتبهم‏,‏ واعتبار إيمان المسلم ناقصا في حالة عدم الوفاء بهذا الشرط‏.حيث‏ يقول القرآن الكريم‏:‏ آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله‏,‏ لا نفرق بين أحد من رسله وهكذا تؤكد الآيات أن التشابه ليس سبيلا إلي الصراع كما اعتقد هنتنجتون‏ واتباعة ,‏ ولكن الاتفاق في المعتقد هو أهم قواعد الالتقاء والوفاق بالتالي الحوار.

والحقيقة أن الأسباب الحقيقية للصراع الذي نشأ لبعض الوقت بين العالم المسيحي والعالم الإسلامي‏,‏ لا تخرج علي حدود الأسباب السياسية والعسكرية والاقتصادية التي سيطرت علي كل أشكال النزاع والصراع في العالم القديم والوسيط والحديث‏.‏
و النزاع السياسي، كان له، وفي بعض المراحل، اثره السلبي على النقاش العلمي والجدال الديني، محولا هذا الجدال ميداناً للتهجم على الخصم ودفع عقائده ومقومات ايمانه، والحكم عليها بالضلال البعيد والعبث الفكري.
وكان هناك انزلاق من السماحة الى الطغيان الباغى، ومن البحث عن الفهم والتفاهم الى القضاء والحكم والإدانة، كما كان هناك أيضًا تحول من البحث عن العناصر الفكرية والعقائد الدينية والقيم الأخلاقية والشرائع المسلكية المشتركة بين المسيحية والإسلام، الى التركيز على نقاط التناقض بين الدينين والاختلاف بين انظمتهما الإجتماعية.
حقا إن تاريخ التقاء المسيحية بالاسلام، تاريخ طويل متشعب، تنوعت محطاته بين التسامح، والعنف، والدمار، والمودة، مع ان تأملاً فطرياً بسيطاً يجول في خاطر كل إنسان عاقل يدهش من عدم قدرةأصحاب الرسالات السماوية على تحقيق هذا التعايش البسيط .
إن القراءة التاريخية لمعظم الأمم والحضارات تعطينا نتيجة واضحة وهي ان الأمم التي استطاعت ان تتقدم وتتطور وترتقي سلم الحضارة هي الأمم التي استطاعت ان توجد حالة التجانس والتعايش والتفاهم بين مختلف الفئات والقوميات والطوائف والأديان وفي مختلف جوانبها النفسية والاجتماعية والسياسية بحيث كتب لها البقاء التاريخي على مرور الأجيال لقدرتها على تحقيق الوفاق الإنساني والسلام العام.
أما الأمم التي غرقت في صراعاتها وخلافاتها السلبية فقد تحولت إلى فتات مهمش لا يقوى على تجميع أجزائه حتى تقضي عليه قوانين التاريخ القاسية، وقد رأينا كيف سقطت الأمم من عليائها نتيجة لذلك التعصب والتمرد ضد الآخرين بحيث تتحول حياة تلك الأمة إلى جحيم ملتهب لعدم قدرتها على التفاهم والتعايش.
إن قدرة أي أمة على تحقيق قوتها ورقيها هى في قدرتها على استيعاب الآخرين وضمهم في مسيرتها بما يحقيق الوفاق الجماعي الشامل.
وإن عجز أي امة يتبين من نبذها للآخرين وتشتيتها لأفرادها واختيارها تقطيع أوصالها عندما ترفض مبدأ التوافق.
لكننا نجد قدر كبير من تكييف العلاقات الثقافية بين الطرفين فى محطات هامة من التاريخ تضمنت تبادل العلم ومقوّمات الحضارة، وتوثيق العلاقات الاقتصادية. (نذكر منها هنا على سبيل المثال لاالحصر، نشاط دار الحكمة في بغداد وجلب مخطوطات الفلسفة اليونانية والعلم الهليني من القسطنطينية وحركة الترجمة، ثم حمل الحضارة الاسلامية الى اوروبا من طريق ايطاليا والأندلس).
والمرحلة الأندلسية، والتى شهدت ازدهارا في الشعر والأدب والهندسة والفنون، كنتاج طبيعى لتلاقي الحضارات والأديان، ولتشاركها في رحابة وتسامح، بالرغم من أوجه الاختلاف.
وكانت حضارة العصر العباسي، التي شعت على العالم منذ القرن العاشر، بالعلم والفلسفة والأدب والشعر، نتاج حضارة التسامح والتعايش بين شعوب وأديان ومعتقدات أوفي رصدنا لكم الأدباء والفلاسفة والمترجمين المسيحيين والسريان في العصر العباسي، ما يُذهل المؤرخين من مدى الانفتاح الفكري الذي ميز هذا العصر الذهبي.
وفي استقراء لكل النتاج الفني والإبداعي لعصر الأيوبيين، نجد أنفسنا أمام فن استبطن كل التأثيرات والتصورات الدينية في المنطقة العربية، وعبر عنها باطمئنان وجمال، في ظل حكم إسلامي، أفسح المجال، أمام الفنان وأمام إبداعه، دون استرضاء أو وجل.
وفى عصرنا الحاضر تتأثر المحاولات الرامية إلى تنشيط التواصل و الحوار الاسلامي-المسيحي وتأصيل مبدأ العيش المشترك،أنما تتعلّق بغموض المواقف المختلفة في العلاقات الدولية
فهناك ظواهر تسيئ إلى العلاقات الاجتماعية بين العالمين الإسلامي والمسيحى الغربي. هذه الظواهر مؤداها أن العالم الاسلامي في إطار تحرك ناشط للأ صوليين، حيث ُتنشر صورة عنه في الغرب وكأنه هو الخطر الأول على السلام وعلى مستقبل البشرية،وتنعكس صدى تلك الصورة بشكل سلبى على العالم المسيحى الشرقى .
في المقابل، هناك صورة قاتمة تنشر عن الغرب المسيحى مفادها أنه مجتمع منحط منهار، معدوم الأخلاق، ويشكل خطراً على العالم الاسلامي. والكثير من المسليمن يساون بين الغرب والمسيحية، وينسبون سلوك الغرب الى الدين المسيحي، من دون ان يدركوا انه تم فصل الدين عن الدولة في الغرب من زمن بعيد. فالغرب ليس فيه من المسيحية نظام سياسي مسيحي، غير ان جذور القيم الأخلاقية التي ما لبث الوجدان الغربي يحترمها هي متأصلة في التراث المسيحي.
والدين يعتبر هو المكون الاساسي لسلوكيات الأفراد وترشيد ثقافتهم ، والأديان جميعها تتفق في قيم مشتركة وهي إقامة العدل وتعمير الأرض وإن أهم مقاصد الحوار هو ان نبتعد عن صميم العقائد لان كل واحد منا غيور علي دينه وأن نتجه للحوار والتعاون في القيم المشتركة الاخرى .
ويجب علينا أن ندرك أن المسيحية الشرقية، تحاور الاسلام، براحة ورحابة وقرابة، تتخطى بكثير، إمكانية حوارها مع المسيحية الغربية. والمسيحي الشرقي، في بنيته الذهنية، وفي طريقة مواجهته الفكرية والعملية للعالم، وللإيمان، أقرب الى المسلم منه الى المسيحي الغربي.
ورسالتنا نحن المسيحيون والمسلمون أن نؤسس مجتمعاً أكثر أخوة ومحبة وتسامح
(أحبوا بعضكم بعضًا... أحبوا أعداءكم، باركوا ولا تلعنوا... صلوا من اجل الذين يضطهدونكم... ما من حب أعظم من هذا ان يبذل الانسان نفسه عن احبائه.)
بهذا الدفق من الشعاع فاه السيد المسيح في سمع الدهر، وردد صدى لنجواه الرسول محمد (ص) بقوله: } الخلق كلهم عيال الله، احبهم اليه انفعهم لعياله{ لتفيض من بينهما ينابيع (على الأرض السلام وفي الناس المسرّة).
والدين العقيدة في مكنون الله يعني العقد والالتزام. أرادت الديانات أن توحدنا في الله، فاختلفنا عليه، وطفق كل فريق على أن يدخله جاهداً في ملكه.
سَمَت نفس ابن عربي الصوفي الأشهر يوماً الى المطلق الأسمن، فقال يصوّر لنا سريرة قلبه بين حالتين بقوله:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبى إذا لم يكن، ديني إلى دينه داني
فقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوهام وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أني توجهت ركائبه، فالحب ديني وإيماني
والسلام حلم البشر ، ليتنا ننسى كلمة حلم ونرى بأعيننا علم السلام وهو يرفرف على الأرجاء. فهل السلام بعيد عن البشر؟ إن ما نراه اليوم من انحدار شديد للقيم الانسانية إنما هو من صُنع أنفس بشرية نست الله عز وجل فراحت تتخبط وتتسائل أين السلام؟ إن السلام قريب جدا من انفسنا فما علينا إلا ان نتمسك به ونرجع اليه.
لقد نادت جميع الاديان بالمحبة والسلام كما نرى في هذه الجواهر العظيمةطوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السموات.) الكتاب المقدس
(أخيرا أيها الإخوة افرحوا. أكملوا تعزوا. أهتموا اهتماما واحدا. عيشوا بالسلام وإله المحبة والسلام سيكون معكم.) الكتاب المقدس
(فأطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دُعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة . مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.) الكتاب المقدس
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم. قرآن كريم
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. قرآن الكريم
(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين.) قرآن كريم
لقد خُلق الجميع من أجل إصلاح العالم, والعيش فى رحمة ومحبة ووئام لا للضغينة والعناد
في هذا الواقع الذي نعيشه حيث المحاولات لنشر رذائل الأخلاق والمفاسد، نحتاج أن تلتقي الجهود وأن تتشابك الأيدي تحقيقا لما أرادته رسالات السماء في أمر المحافظـة على حقوق الانسان، والتي كانت هي مقاصد الشريعة. ومقاصد الشريعة كما حددها الامام الشاطبي في "الموافقات" هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ النسل، حفظ المال، وحفظ العقل.
وعلى هذا الأساس نقول بأن رسالات السماء في المسيحية والإسلام أرادت أن ترفع من شأن الإنسان وأن ما حصل في بعض المحطات ما كان ليكون لولا الاستغلال الذي مارسه بعضهم لاسم الدين والدين منه براء.
وأخيرا نحب أن ننوه إلى أن هذا الكتيب يقدم مقابلة بين نصوص كل من الكتاب المقدس (العهد الجديد) والقراءن الكريم ،تحت عناوين محددة مع الحاق أسطوانة (CD)، وضع عليها كل من الكتاب المقدس (العهد الجديد )، وأيضا القرأن الكريم كاملا بصورة نصية ومسموعة ، وأيضا معاجم للبحث فى كلا الكتابين ، وأيضا أمهات الكتب فى العقيدة والتفسير وهذا للتيسير على القارىء الكريم الباحث عن الحقيقة.
دكتور/ طارق سليم ميخائيل ..
مدير متحف بوزارة الثقافة
___وإلى اللقاء في الحلقة الثانية .
وبيان محتويات الكتاب (الفهرس) وموضوع :

أولا : نصوص الشراكة في العقائد

( 1 : الإيمان بالله )

ودائما لكم تحيات ودعاء ابن عساكر المعاصر الكاتب الإسلامي عبد الفتاح عساكر .
للإتصال : Ebnasaker777@Gmail.com______________
عبد الفتاح عساكر

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر