تابع تفسير سورة المائدة 2

القرآنيون أو أهل القرآن هم دعاة وباحثون ينادون بالعودة إلى جوهر الاسلام الحقيقي أي القرآن الكريم وحده الذي يعتبرونه المصدر الوحيد للشريعة.

مراقب: أنيس محمد صالح

شارك بالموضوع
رضا البطاوى7
مشاركات: 2402
اشترك: يناير 12th, 2010, 8:27 pm
المكان: طنطا مصر
اتصل:

فبراير 20th, 2019, 11:36 am

"ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"المعنى ما على المبعوث إلى توصيل الوحى للناس والله يعرف الذى تعلنون والذى تسرون،يبين الله لنا أن الرسول(ص)وهو المبعوث واجبه البلاغ أى توصيل الوحى للناس ،ويبين أنه يعلم ما تبدون وما تكتمون أى "يعلم ما يسرون وما يعلنون"كما قال بسورة البقرة فتبدون تعنى يعلنون وتكتمون تعنى يسرون،وهذا معناه معرفته بكل شىء عن الناس ومن ثم سيجازيهم عليه والخطاب للمؤمنين.
"قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"المعنى قل يا محمد(ص)لا يتشابه الكافر والمسلم فى الجزاء ولو استحسنت كثرة الكفار فأطيعوا حكم الله يا أهل العقول لعلكم ترحمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا يستوى الخبيث والطيب أى كما قال بسورة الحشر"لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة"فالخبيث وهو الكافر أى صاحب النار لا يتشابه فى الأجر مع الطيب وهو المسلم صاحب الجنة ،ويبين له أنهم لا يتساوون حتى لو أعجبته أى استحسنت نفسه كثرة الخبيث والمراد كثرة عدد الكفار لأن العدد لا يدل على الفريق الفائز ويقول"فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"أى كما قال بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فاتقوا تعنى أطيعوا حكم الله وتفلحون تعنى ترحمون والمراد فاتبعوا حكم الله يا أصحاب العقول لعلكم ترحمون والخطاب للنبى (ص).
"يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تستفهموا عن أمور إن تظهر لكم تغمكم وإن تستفهموا عنها حين يلقى الوحى تظهر لكم صفح الله عنها والله عفو نافع،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ناهيا إياهم عن السؤال عن أشياء إن تبد لهم تسؤهم والمراد ينهاهم عن الإستفهام عن أمور إن تحدث لهم تغمهم وهى الآيات المعجزات التى كفرت بها الأقوام السابقة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالأيات إلا أن كذب بها الأولون" ويبين لهم أنهم إن يسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لهم والمراد أنهم إن يستفهموا عنها وقت يوحى الوحى بها يتضح حكمها لهم ،ويبين لهم أنه عفا عن ذنوبهم أى غفر لهم سيئاتهم الممثلة فى أسئلتهم المسيئة ويبين لهم أنه غفور رحيم أى عفو عن المسيىء إذا تاب نافع له برحمته والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين"المعنى قد استفهم عنها ناس ممن سبقكم ثم أصبحوا بها مكذبين،يبين الله للمؤمنين أن الأسئلة التى سألوها وهى طلب المعجزات قد سألها قوم من قبلهم والمراد قد طلبها ناس ممن سبقهم فلما أعطاهم الله إياها أصبحوا بها كافرين أى مكذبين مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون".
"ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون"المعنى ما فرض الله لكم مشقوقة أذن ولا متروكة دون عمل ولا واصلة ولادة إناث ولا متروك دون عمل ولكن الذين كذبوا بحكم الله ينسبون إلى الله الباطل وأغلبهم لا يفهمون،يبين الله للمؤمنين أنه لم يجعل أى لم يفرض الأحكام التالية:
البحيرة وهى البهيمة المشقوقة الأذن ،السائبة وهى البهيمة التى تترك دون عمل أو انتفاع بها ،والوصيلة وهى البهيمة التى تصل بين ولادتها للإناث بعدد معين وولادتها لذكر وتترك دون انتفاع بها،والحام وهو ذكر البهيمة الذى ينجب قدر محدد فيترك دون انتفاع به والمراد بكلمة البهيمة هنا هو ذكر أو أنثى الأنعام وهذه التعريفات حسبما وصلنا من كتب التاريخ والحديث التى معظمها كذب ويبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله يفترون على الله الكذب أى كما قال بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب"والمراد أنهم ينسبون إلى حكم الله التشريعات الباطلة التى شرعوها من عند أنفسهم وأكثرهم لا يعقلون أى كما قال بسورة الأنبياء"بل أكثرهم لا يعلمون الحق"ويعقلون تعنى يعلمون الحق والمراد أن أغلب الكفار لا يؤمنون بحكم الله.
"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون"المعنى وإذا قيل لهم هلموا لطاعة الذى أوحى الله أى إلى طاعة النبى(ص)قالوا كافينا الذى لقينا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعقلون وحيا أى لا يعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا قالوا للكفار :تعالوا إلى ما أنزل الله أى اتبعوا الذى أنزل الله كما قال بسورة لقمان"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله"والمراد أطيعوا الذى أوحى الله وفسره بأنهم يأتون للرسول أى إلى طاعة الوحى المنزل على النبى(ص)قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أى "بل نتبع ما وجدنا عليه أباءنا"والمراد كافينا الذى لقينا عليه أباءنا من الدين ويسأل الله أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون أى كما قال بسورة البقرة"ولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"فيعلمون تعنى يعقلون والمراد هل يتبعون دين الأباء حتى ولو كانوا لا يفهمون حكم الله أى لا يطيعونه ؟والغرض من السؤال إخبار القوم أن أبائهم كانوا مجانين بإرادتهم حيث تركوا اتباع دين الله والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله عليكم إنقاذ أنفسكم لا يؤذيكم من كفر إذا أسلمتم إلى جزاء الله عودتكم فيخبركم بالذى كنتم تفعلون،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله مبينا لهم أن عليهم أنفسهم والمراد عليهم إنقاذ ذواتهم من النار بطاعة حكم الله ويبين لهم أن من ضل لا يضرهم إذا اهتدوا والمراد أن من كفر بحكم الله لا يؤذيهم عند الحساب بشىء إذا أسلموا أى ليس على المتقين شىء من حسابهم مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام"وما على الذين يتقون من حسابهم من شىء "،ويبين لهم أن مرجعهم إلى الله والمراد أن عودتهم إلى جزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون عن طريق تسليمهم الكتب المنشرة والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو أخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الأثمين"يا أيها الذين صدقوا حكم الله حكم عليكم إذا جاءت أحدكم الوفاة وقت الهبة الوفاة اثنان صاحبا قسط منكم أو أخران من سواكم إن أنتم سعيتم فى البلاد فمستكم مسة الوفاة تمسكونهما من بعد الصلاة فيحلفان بالله إن شككتم لا نأخذ به متاعا ولو كان صاحب قرابة ولا نخفى حكم الله إنا إذا لمن الكافرين ،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله طالبا منهم شهادة بينهم أى تنفيذ حكم الله عليهم إذا حضر أحدهم الموت والمراد إذا جاءت أحدهم الوفاة حين الوصية والمراد وقت الوصية وهى فرض مال لبعض الناس بعد الوفاة حضور اثنان ذوا عدل والمراد رجلان صاحبا قسط أى إسلام أى من المسلمين أو أخران من غيرهم والمراد رجلان من غير المسلمين وهذا فى حالة ضربهم فى الأرض أى سفرهم فى البلاد فإذا أصابتهم مصيبة الموت والمراد فإذا حدثت للموصى الوفاة فالواجب هو حبس الشهود بعد الصلاة والمراد استبقاء الشهود بعد صلاتهم إحدى الصلوات وبعد هذا يقسمان بالله والمراد يحلفان بالله فيقولان والله إن إرتبتم أى إن شككتم فى قولنا لا نشترى به ثمنا والمراد لا نأخذ بقولنا متاعا فانيا ولو كان ذا قربى أى صاحب قرابة لنا ولا نكتم شهادة الله والمراد ولا نخفى حكم الله الذى قاله الموصى إنا إذا من المجرمين،والمفهوم من هذا هو أن الشهادة لابد فيها من الطهارة والصلاة حتى يتذكر الشاهد عقاب الله فيقول الحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإن عثر على أنهما استحقا إثما فأخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأولان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين"المعنى فإن استدل على أنهما ارتكبا جرما فأخران يشهدان مكانهما من الذين شهد عليهم الأولان فيحلفان بالله لقولنا أصدق من قولهما وما كذبنا إنا إذا لمن الكافرين ذلك أفضل أن يجيئوا بالقول على أصله أو يخشوا أن تأتى أقسام بعد أقسامهم وأطيعوا حكم الله أى اتبعوا والله لا يرحم الناس الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أن إذا عثر أى لقى البعض براهين والمراد شهود أخرين يشهدون على أن الشاهدين استحقا إثما أى ارتكبا جريمة الشهادة الزور فالواجب هو أخران مقامهما أى شاهدان مكان المزورين ويشترط فى الشاهدان كونهما من الذين استحق عليهم الأولان والمراد من الذين كذب عليهما الشاهدان السابقان أى أثبتا تزوير الشاهدين الأولين وهم يقسمان أى يحلفان بالله فيقولان :والله لشهادتنا أحق من شهادتهما والمراد لقولنا أعدل من قولهما وما اعتدينا أى وما زورنا إنا إذا لمن الظالمين أى الكافرين أى الأثمين مصداق لقوله بنفس السورة "إنا إذا لمن الأثمين"وهذا يعنى أن شهادة الزور كفر،ويبين الله لنا أن ذلك وهو مجىء شهود بعد الشهود فى حالة العثور على أدلة تثبت كذب الأوائل منهم أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها والمراد سبب فى أن يجيئوا بالوصية على حقيقتها أى أحسن أن يقولوا القول على أصله ويخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم والمراد ويخشوا أن تجىء حلفانات بعد حلفاناتهم تكذب شهادتهم ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله وفسره بأن يسمعوا والمراد أن يطيعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن"وأطيعوا الله"ويبين لهم أنه لا يهدى القوم الفاسقين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله لا يحب الكافرين "والمراد أن الله لا يرحم الناس المكذبين بدينه.
"يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك علام الغيوب"المعنى يوم يبعث الله المبعوثين فيقول بماذا رد عليكم قالوا لا معرفة لنا إلا ما عرفتنا به إنك أنت عارف المجهولات ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يجمع الله الرسل والمراد يبعث الله الأنبياء(ص)فيقول لهم أى يسألهم :ماذا أجبتم ؟والمراد بماذا رد الناس على دعوتكم؟فيردون :لا علم لنا أى لا معرفة لنا إلا ما كنا شهداء عليهم فيه مصداق لقوله بنفس السورة"وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم"إنك أنت علام الغيوب والمراد إنك أنت عارف المجهولات وهذا يعنى أنهم ينفون علمهم بما حدث بعدهم والخطاب وما بعده للمؤمنين حتى نهاية قصة عيسى(ص) .
"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين"المعنى وقد قال الله يا عيسى ولد مريم(ص)اعلم رحمتى بك وبأمك حين نصرتك بالروح الأمين تحدث الخلق فى الرضاع وكبيرا وحين عرفتك الوحى أى الحكم أى التوراة والإنجيل وحين تصنع من المعجون الترابى كشكل الطيور فتنفث فيه فيصبح طيورا بأمرى وحين تحيى الهالكين بأمرى وحين منعت أولاد يعقوب من ضرك حين أتيتهم بالأيات فقال الذين كذبوا منهم إن هذا إلا خداع عظيم ،يبين الله لنا أن الله قال لعيسى:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)اذكر نعمتى عليك والمراد اعرف رحمتى بك وعلى والدتك أى ورحمتى لأمك إذ أيدتك بروح القدس والمراد حين نصرتك بجبريل(ص) فأقدرك على أن تكلم الناس فى المهد وكهلا والمراد أن تتحدث مع الخلق فى الرضاع وكبيرا وإذ علمتك الكتاب أى الحكمة والمراد الوحى وهو حكم الله المنزل فى التوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير والمراد وحين تصنع من مزج التراب بالماء كشكل الطيور فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى أى فتنفث فيه بريح فمك فيصبح طيورا بأمر الله وإذ تخرج الموتى بإذنى والمراد وحين تحيى الهالكين بأمرى وإذ كففت عنك بنى إسرائيل إذ جئتهم بالبينات والمراد وحين منعت عنك أذى أولاد يعقوب لما أتيتهم بالأيات وهى الوحى والمعجزات فقال الذين كفروا أى كذبوا منهم :إن هذا إلا سحر مبين أى خداع كبير.
"وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى قالوا أمنا واشهد بأنا مسلمون "المعنى وحين ألقيت إلى الأنصار أن صدقوا بحكمى أى حكم مبعوثى قالوا صدقنا واعترف بأنا مطيعون،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أنه أوحى إلى الحواريين والمراد أنه ألقى فى نفوس أنصار عيسى(ص):أن أمنوا بى والمراد أن صدقوا بحكمى أى برسولى أى بحكم مبعوثى فكان ردهم:أمنا أى صدقنا واشهد بأنا مسلمون والمراد وأقر بأنا مطيعون لحكم الله.
"إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"المعنى حين قال الأنصار يا عيسى ابن مريم(ص) هل يقدر إلهك أن يأتى لنا بمائدة من السحاب قال خافوا عذاب الله إن كنتم صادقين ،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أن الحواريين وهم أنصار الله قالوا له:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء والمراد هل يقدر إلهك أن يعطينا خوان عليه طعام من السحاب ؟فرد عليهم قائلا :اتقوا الله أى خافوا عذاب الله إن كنتم مؤمنين أى مصدقين لحكمه،وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الإيمان بحكم الله لا يحتاج لمعجزات.
"قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين "المعنى قالوا نحب أن نطعم منها وتسكن نفوسنا أى نعرف أن قد قلت لنا الحق ونصبح عليها من المقرين،يبين الله لنا أن الحواريين قالوا للمسيح(ص)نريد أن نأكل منها والمراد نحب أن نتناول منها الطعام وتطمئن قلوبنا والمراد وتمنع نفوسنا الشك فى رسالتك أى نعلم أن قد صدقتنا أى نعرف أن قد قلت لنا الصدق ونكون عليها من الشاهدين والمراد ونصبح لها من المقرين بها أى المعترفين بوجودها أى المؤمنين بها مصداق لقوله بسورة القصص"ونكون من المؤمنين".
"قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وأية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين "المعنى قال عيسى ولد مريم(ص)إلهنا أعطنا خوان عليه طعام من السحاب يصبح لنا فرحا لسابقنا ومتأخرنا ومعجزة منك وارحمنا وأنت أحسن الواهبين،يبين الله لنا أن عيسى ابن أى ولد مريم(ص)قال أى دعا الله :ربنا أى إلهنا أنزل علينا مائدة من السماء والمراد أعطنا منضدة عليها طعام تحضر من السحاب تكون لنا عيدا والمراد تصبح لنا يوم فرح متكرر لأولنا وأخرنا والمراد لسابقنا وهو المسيح (ص)وأتباعه وأخرنا وهم المسلمون بعده وهو عيد الفطر وآية أى رحمة أى معجزة منك تدل على قدرتك وارزقنا وأنت خير الرازقين أى كما قال بسورة آل عمران"وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "فارزقنا تعنى هب لنا أى أعطنا الرحمة وخير الرازقين هو الوهاب أى أحسن من يعطى الرحمة.
"قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين"المعنى قال الله إنى معطيها لكم فمن يعتدى بعد نزولها منكم فإنى أعاقبه عقابا لا أعاقبه أحدا من الناس،يبين الله لنا أنه أوحى لعيسى(ص)وحيا قال فيه:إنى منزلها عليكم والمراد إنى معطى المائدة لكم فمن يكفر بعد منكم أى "يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته"فيكفر تعنى يبدل إيمانه كفرا والمعنى فمن يكذب دين الله بعد نزول المائدة منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين والمراد أعاقبه عقابا لا أعقابه إنسانا من الناس وهذا يعنى أنهم سيكونون فى أسفل درجات النار.
"وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب"المعنى وقد أوحى الله لعيسى(ص):يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)هل أنت قلت للخلق :اعبدونى ووالدتى ربين من سوى الله قال طاعتك ما ينبغى لى أن أطلب الذى ليس لى بواجب إن كنت قلته فقد عرفته تعرف الذى فى قلبى ولا أعرف الذى فى ذاتك إنك أنت عارف المجهولات ،يبين الله لنا أنه قال أى سأل عيسى ابن مريم(ص):أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله والمراد هل أنت دعوت الخلق :اعبدونى ووالدتى ربين من غير الله ؟والغرض من السؤال هو أن يبين الله للنصارى أن المسيح(ص)لم يطالب الناس بعبادته هو وأمه أبدا فكانت الإجابة :سبحانك أى العبادة لك والمراد الطاعة لحكمك أنت وحدك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق والمراد لا ينبغى لى أن أطلب الذى ليس لى بعدل وهذا يعنى أنه ينفى أن الألوهية واجب على الخلق له وقال إن كنت قلته أى طالبت به الناس فقد علمته أى عرفته من قبل وهذا يعنى أنه لم يطلب هذا أبدا فى حياته وقال تعلم ما فى نفسى أى تعرف الذى فى قلبى وهذا يعنى أن الله يعرف نية القلوب مصداق لقوله بسورة ق"ونعلم ما توسوس به نفسه"ولا أعلم ما فى نفسك والمراد ولا أعرف الذى فى ذاتك وهذا يعنى أن لا أحد يعرف شىء عن ذات الله إنك أنت علام الغيوب أى إنك أنت عارف المجهولات وهذا يعنى أن الله يعرف الخفايا كلها.
"ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد"المعنى ما طالبتهم إلا بالذى أوحيت لى أن أطيعوا حكم الله وكنت شاهدا عليهم ما ظللت معهم فلما أمتنى كنت أنت الشهيد عليهم وأنت على كل أمر مطلع،يبين الله لنا أن عيسى (ص)قال له:ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به والمراد ما تحدثت معهم إلا طالبا الذى أوحيت لى به وهو أن اعبدوا الله ربى وربكم والمراد اتبعوا حكم الرب إلهى وإلهكم وكنت عليهم شهيدا أى وكنت بأعمالهم عارفا ما دمت فيهم أى الوقت الذى عشت معهم فلما توفيتنى أى أمتنى كنت أنت الشهيد أى العارف لأعمالهم من بعدى وأنت على كل شهيد والمراد وأنت بكل أمر عارف من قبلى ومن بعدى.
"إن تعذبهم فهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" المعنى إن تعاقبهم فهم عبيدك وإن ترحمهم فإنك أنت القوى القاضى ،يبين الله لنا أن عيسى(ص)قال لله:إن تعذبهم فهم عبادك والمراد إن تعاقبهم على الكفر فهم خلقك وإن تغفر لهم أى وإن ترحم المؤمنين فإنك أنت القوى القاضى،وهذا يعنى إقراره أن الله يعاقب الكفار ويرحم المؤمنين لكونه عزيزا حكيما أى قاضيا يقضى بالحق،وهذا الحوار حدث بعد وفاة عيسى(ص).
"قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم"المعنى أوحى الله هذا يوم يفيد المؤمنين عملهم لهم حدائق تسير فى أرضها العيون مقيمين فيها دوما قبل الله عملهم وقبلوا رحمته ذلك النصر الكبير،يبين الله لنا أن الله قال لعيسى(ص)فى يوم القيامة:هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم والمراد هذا يوم يرحم المؤمنين عملهم الصالح فى الدنيا ،لهم أى ثوابهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة خالدين فيها أبدا أى "ماكثين فيها أبدا"كما بسورة الكهف والمراد أنهم مقيمين فى الجنة دائما حيث لا إخراج منها وقد رضا الله عنهم والمراد وقد قبل الله منهم عملهم وهو دينهم أى إسلامهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"وهم رضوا عنه أى وهم قبلوا رحمة الله وهى جنته وذلك هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير"والمراد الرحمة الكبرى.
"لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شىء قدير "المعنى له حكم الذى فى السموات والأرض والذى فيهن وهو لكل أمر يريده فاعل،يبين الله لنا أن له ملك أى ميراث أى حكم السموات والأرض وما فيهن والمراد والمخلوقات التى تعيش فيهن مصداق لقوله بسورة آل عمران "له ميراث السموات والأرض"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"
رضا البطاوى

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر