دين الإسلام ليس قاصرا على أمة المسلمين

القرآنيون أو أهل القرآن هم دعاة وباحثون ينادون بالعودة إلى جوهر الاسلام الحقيقي أي القرآن الكريم وحده الذي يعتبرونه المصدر الوحيد للشريعة.

مراقب: أنيس محمد صالح

شارك بالموضوع
faraj
مشاركات: 249
اشترك: يونيو 16th, 2006, 12:45 am
المكان: yemen

يونيو 25th, 2008, 7:36 pm

دين الإسلام ليس قاصرا على أمة المسلمين

فرج المطري
farajmatari@hotmail.com


(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (المائدة))
وهذه الآية فيها وقفات عديدة: هل كان الدين ناقصاً؟ حتي يكتمل وما معنى قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (آل عمران)) هل المقصود بالدين هنا دين محمد أم الدين من عهد آدم إلى رسالة محمد وما بعدها وقوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران) يجب أن نعلم الفرق بين الدين والديانة ويجب أن نعلم أن كلمة الدين في القرآن لا جمع لها في اللفظ ككلمة لأن الحق لا يتعدد لذلك كان من أسماء الله الحسنى الحق والواحد فالدين واحد وما يتعدد هو اسماء وشعارات للاديان.
ولهذا يجب علينا العودة إلى البداية: ما هو دين آدم والأنبياء جميعاً والمرسلين وسنعرف دين الله :
وهنا أقدم للقارئ طائفة من النصوص القرآنية، والتي تدل على أن دين الله الإسلام: هو دين كل عاقل في السماوات والأرض بل ربما دين الشمس والقمر والنجوم المسبحة لله، ودين جميع الأنبياء والرسل، ودين كل من آمن بالله وحده أن دين الإسلام ليس قاصرا على أمة المسلمين، وليس قاصرا على رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما هو دين كل المخلوقات الواعية في السماوات والأرض ممن آمن به، وليس حكرا على أمة بعينها ولا رسول أو نبي بعينه، هذا هو الدين الواصب الواحد الذي عند الله، وهو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهو الدين الذي لا إكراه فيه لأحد على الإيمان به، وهذا الدين ليس دين محمد عليه الصلاة والسلام وحده، وليس حكرا على المسلمين وحدهم، وإنما هو دين كل الأنبياء والمرسلين، وهو دين كل من اهتدى إليه بنظره ورشده وفكره، في أي مكان من العالم، حتى وإن لم تبلغه رسالة من رسالات الأنبياء والرسل هو دين الله المنهج والطريق القيم وليس الاسم والشعار
قال تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران)
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). (30- الروم).
أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ). (83- آل عمران).
(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ). (19- آل عمران).
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). (85- آل عمران).
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (265- البقرة).

والإسلام دين كل الأنبياء والمرسلين :
أخبر الله عن نوح قوله لقومه :
(فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ). (72- يونس).
وقال عن إبراهيم :
(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (67- آل عمران).
(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ). (132- البقرة).
وعن عيسى بن مريم وحوارييه :
(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). (52- آل عمران).
وعن أهل الكتاب:
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ* وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ). (52، 53- القصص).
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). (64- آل عمران).
وعن سحرة فرعون الذين آمنوا مع موسى، قولهم لفرعون:
(وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ). (126- الأعراف).
وعن يوسف بن يعقوب:
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ). (101- يوسف).
وعن سليمان عليه السلام :
(فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ). (42- النمل).
وعن لوط والذين آمنوا معه :
(فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ). (35، 36- الذاريات).
وعن الجن قولهم :
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا). (14، 15- الجن)

ونحن نرى الان رجال الكهنوت الإسلامي في الفضائيات وغيرها يدعون الناس إلى عبادة مجموعة من الأحكام والشعائر والنسك، مع ما أضافوه من اختلاقات وظن وشريعة وقول على الله بلا علم، ونبذوا دين الله وراء ظهورهم، ظنا منهم أن الأحكام ومحتويات الشريعة وجملة الشعائر والنسك هي الدين، وسلكوا بذلك مسلك أهل الكتاب من اليهود والنصارى، حين نبذوا دين الله ورائهم ظهريا، وأخذوا يدعون الناس إلى اليهودية والنصرانية المتمثلتين في جملة الشرائع والأحكام والشعائر والنسك الدينية التي أوحى الله بها إلى موسى وعيسى، مع ما اختلقوه من دين وشرائع وأحكام ما أنزل الله بها من سلطان، فضلوا وأضلوا، ولذلك قال تعالى عنهم:
(وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (135- البقرة). فأخبر القرآن أن أهل الكتاب كانوا يدعون الناس إلى اليهودية والنصرانية، ولم يدعوهم إلى الإسلام لله وحده وإخلاص الدين له والحنف عن الشرك به سبحانه، وكذلك فعل رجال الكهنوت من المسلمين، دعوا الناس إلى الأحكام والشريعة، ولم يدعوهم إلى الإسلام لله وحده وإخلاص الدين له والحنف عن الشرك به سبحانه.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). (3– المائدة).
وكثيرا ما يظن الناس خطئا أن دين الإسلام هو جملة التشريعات والأحكام والشعائر والنسك والطقوس الواردة في الشريعة والفقه الإسلامي، كلا، فالدين الذي أكمله الله بقوله: (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) إنما هو ملة إبراهيم وهو الدين القيم وهو الإسلام لله وحده والحنف عن الشرك به، وهو دين كل الأنبياء والمرسلين، ودين كل من في السماوات ومن في الأرض ممن آمنوا به، وهو الذي رضيه الله للمسلمين بقوله: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). فالدين الذي أكمله الله غير الأحكام والشعائر والنسك والطقوس الواردة في الشريعة والفقة الاسلامي وعقيدة وملة ابراهيم هما الذي ارتضاه الله لنا دينا، فتدبر.
الإسلام لله رب العالمين قد يدين به أي شخص في أي مكان من العالم، حتى وإن لم يسمع برسالات الأنبياء والمرسلين، أو لم تبلغه شرائعهم، أما من بلغته الشريعة فعليه أن ينظر فيها أولا، فإن بانت له حقائقها واطمأنت نفسه إليها فعليه الإيمان بها واتباعها من دون بطء، أما من أسلم لله رب العالمين وبلغته شرائع الأنبياء والرسل ولم يتبين حقائقها، ولم يستطع تعقلها أو الاطمئنان إليها، فهو مسلم لله رب العالمين، وسريرته لا يعلم صدقها وإخلاصها إلى الله، فأمره وحسابه على الله وحده.
وذلك لأن الإسلام لله رب العالمين فطرة فطر الله الناس عليها، قال تعالى:
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). (30- الروم).
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم)*



فما معنى كلمة الاسلام؟
في القرآن الكريم جاء ذكر إبراهيم ويعقوب ويوسف وهود ونوح وبقية الأنبياء كمسلمين لأن كل نبي دان بالإسلام كدين ودين كل الرسالات كما قلنا هو الإسلام والديانة هي المنهج والطريقة وليس الاسم والشعار.
كل الأنبياء والرسل من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة يجمع بينهم الاسلام والتسليم بوجود الله تعالى النافع الضارّ وهذا يؤكده قوله تعالى مخاطباً أمة محمد (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى) وقد تحدثت في هذا كثيراً مع اصدقائي وقلت مراراً أنه يجب أن نرفع ونلغي اسماء وشعارات الأديان التي نستعملها خطأ من قواميسنا (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) لم يقل تعالى الأديان فالمشركون ضائعون وعلينا أن نأخذهم من الديانات والدين إلى الايمان بالله. في سورة الكافرون قال تعالى (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) فجمع الكفر كله على دين واحد لأن الكفر وإن تعدد فهو باطل يواجه الحقّ الذي لا يتعدد ولم يقل تعالى لكم أديانكم وكما قلنا لا يوجد في القرآن لفظ جمع الدين على أديان أبداً وقلنا أن كلمة دين موجودة في لسان العرب لكن ليس بمعنى الدين وإنما بمعنى المنهج الذي يكون علية الجزاء والحساب والطاعة وهذا ما غفل عنه كثير من المتدينيين.
وأعجب كثيرآ ممن يسأل في وقتنا الحالي هل أصافح أو أسلّم على مسيحي أو يهودي أو غير مسلم؟ الإسلام منهج تطبيق وتنفيذ واستسلام وهذه مشكلتنا نحن كأمّة مسلمة فعلينا أن نعلم أن الإسلام يدين به اليهودي والنصراني والبوذي قبل العربي وهو المنهج العام للايمان بالله.
الدين وملة إبراهيم
(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ* إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). (130، 131- البقرة).
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ). (161: 163- الأنعام).
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ). (5- البينة).
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً). (125- النساء).
(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (105- يونس)
(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ* أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ). (2، 3- الزمر).
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ* وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي). (11: 14- الزمر).
وقد يسأل سائل ويقول: لماذا إبراهيم؟ ولماذا نسب الله الملة لإبراهيم؟ ولماذا أمر جميع من جاءوا بعده من الأنبياء والرسل والناس بأن يتبعوا ملة إبراهيم؟؟.
أقول: لأن إبراهيم قد اختاره الله إماما للناس، إماما للناس المتواجدين في تلك المنطقة من العالم في ذلك الزمان، وإماما للناس من ذريته من الأنبياء والرسل وللذين سيؤمنوا بالله معهم من بعده، قال تعالى:
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا). (124- البقرة).
فلم يكن اختيار الله إبراهيم لإمامة الناس، إلا لأن الله قد ابتلاه بكلمات أوحى بها إليه فأتمهن بلاغا وتصديقا وعملا وإخلاصا وإسلاما لله، وأيضا لم يبتليه الله بكلماته إلا بعد أن توصل إبراهيم عليه السلام إلى الدين القيم، الإسلام لله وحده والحنف عن الشرك به، وذلك بفطرته ونظره وعقله قبل أن يوحي الله إليه، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ). (51- الأنبياء)، فلذلك جعله الله إماما للناس، حيث قد آمن بالله وحده واعتنق دين الله وأخلص له الدين وحنف عن الشرك به سبحانه، وذلك بعد طول نظر وتفكر وحيرة وسير في الأرض بحثا عن الحقيقة، قال تعالى:
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ* فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ* فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). الأنعام).
فلم يجعل الله لإبراهيم دينا خاصا به وإنما هو دين الله الذي اهتدى إليه إبراهيم قبل أن يأتيه وحي أو رسالة، فاستحق أن يختاره الله إماما للناس، وعلما لهم، واستحق أن يضاف اسمه إلى الدين القيم، وتنسب الملة له، وذلك بعد طول بحث ونظر وتحير، حتى اهتدى إلى الله بفطرته وعقله، فوفاه الله أجره في الدنيا بأن نسب الملة إليه، وأمر الناس في تلك المنطقة من العالم، أن يتبعوا ملته ويسلكوا طريقه ويسيروا على نهجه، ولذلك قال تعالى:

(قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (95- آل عمران).
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً). (125- النساء).
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (161- الأنعام).
(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ). (38- يوسف).
(ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (123- النحل).
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ) (78- الحج).
وحماقات البشر ليس لها حد أدنى ترفض الهبوط تحته أو تعجز عن الهبوط تحته. ومع أنه لا حد لتفوق البشر، فإنه بنفس النسبة لا حد لهبوط ذكائهم ومستوياتهم النفسية والسلوكية.

ويقول الكاتب والمفكر السعودي عبدالله القصيمي
كان إبراهيم قد أصابه الشك في الإله وفي قدرته وتسأل : من يكو إله الكون : أهو الشمس ، أهو القمر، أهو النجم، وسأل الإله ذات مرة تحت إلحاح الشك قائلاً في لهفة من فقد اليقين:
"أرني كيف تحيي الموتى" فقال الله له دون أن يرفض طلبة وتساؤله :
"أولم تؤمن؟" وكأنه كان شيئاً عادياً أن يكون غير مؤمن ، وكان يمكن أن يقول جواباً على سؤال الله له: ((نعم،لم أؤمن)). وقد كان سؤال الله كأنما فيه توقع لمثل هذا الجواب. ولكن إبراهيم تأدب واستحيى من أن يجيب بمثل هذا الجواب ، وأجاب بجواب أخر فيه المعنى دون اللفظ إذ قال:
"بلى، ولكن ليطمئن قلبي" ، إذن كأن قلب إبراهيم لم يطمئن ، لهذا هو يطالب الله بأن يفعل شيئاً يجعله يطمئن.
والذي لا يطمئن قلبه إلى الله يحيي الموتى كيف يكون مؤمناً أو كيف يكون غير شاك ؟
إن سؤال إبراهيم نوع من التحدي للإله هذا التحدي أو هذه المطالبة بالتدليل على النفس، بل وجد أن هذا شيء مشروع، وذهب يجاوب على التحدي إن كان الموقف تحدياً، وعلى المطالبة بالدليل إن كان الموقف مطالبة بالدليل.
ولم يقل الله لإبراهيم "اخسأ أيها الزنديق أو أيها المرتاب، إن عليك أن تؤمن وتقتنع فقط وإلا قذفت بك إلى أعماق الجحيم".
إذن فالذي لا يطمئن قلبه بالإيمان مثل إبراهيم ويذهب يطالب بما يعطي الاطمئنان مثلما فعل إبراهيم لا يكون رديئاً أو مخطئاً في حكم القرآن . وإذا لم يجد من يصنع له برهان اليقين مثلما صنع الإله لإبراهيم فظل غير مقتنع ولا مطمئن القلب لم يصح الإنكار علية ولا اتهامه بالضلال أو الخطأ.
ونحن إذا سألنا أي مسلم هل أنت مسلم دين أو مسلم ديانة لا يعرف الفرق بينهما ويمكن لعدم معرفته بالفرق بينهما أ يقع في خطأ والخطأ للأسف توالى في الكتابات الدينية لدرجة أنه أصبح راسخاً في العقيدة فكثيراً ما نسمع كلمة الديانات السماوية وهذا تعبير خطأ فلا يوجد أديان سماوية ولا ارضية لأن الدين ثابت لا يتغير.
وموضوع الملة ليست له أية علاقة بالتشريعات أو الأحكام الدينية الأخرى، لأن موضوع الملة يختلف عن موضوعات الدين ، ونخلص مما سبق بأن الملة هي فعل التوجه بالعبودية الخالصة لله بخضوع تام ومحبة.
ولابد إن نقف عند قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (المائدة)) ونسأل وأترك للقارء أن يفكر في السؤال حتى نجيب عنه في هذا البحث لاحقا لماذا قال تعالى أكملت ولم يقل أتممت ولماذا قال تعالى لكم دينكم وأتممت عليكم وما هي النعمة هنا؟ أذا ما هو الدين الذي اكتمل؟ هذا ما سنوضحه في بحثنا هذا لاحقا

وأخيرآ لا بد من التنبيه الى ان مراجع ومصادر هذا المقال كانت طويلة وكثيرة ومتشعبة مما يصعب علينا ذكرها جميعآ ولكننا سنعرض قائمة بجميع المراجع والمصادر عند أصدار جميع أبواب البحث.....ونقدم أعتذارنا لكل من
أقتبسنا منه ولم نذكر أسمة أو اسم كتابة أو مقالة.

شغل عقلك
مشاركات: 838
اشترك: ديسمبر 12th, 2007, 6:45 am

يونيو 25th, 2008, 8:30 pm

السلام
الإستاذ فرج المطري المحترم
بارك الله تعالى في حضرتك وفي إنتظار بإذنه تعالى بقية البحث والشكر لحضرتك
والسلام عليكم

ابراهيم الخطيب
مشاركات: 89
اشترك: يوليو 18th, 2007, 8:30 pm

يوليو 15th, 2008, 8:58 pm

اخي فرج اني احبك في الله

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر