كمال تدبير الله

مراقب: Hatem

شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

أكتوبر 2nd, 2002, 4:27 am

<u><center><font size=+2>كمال تدبير الله</font></center><lb></u>
<center>الفدية</center>
تُعلِّمنا تقاليدنا الشرق أوسطية مكانة الله بالقياس إلى الإنسان وعظم أهميَّة إعداده فدية من أجل الناس. لقد ترك الله جلَّت قدرته شاهداً على قيمة دم الأضحية المُقدَّمة كفدية في حياتنا اليومية. وما تزال عادة الحصول على البركة، ووقاية المباني والمقتنيات الحديثة، حتى الآن، سارية، عن طريق تغطيتها بدم ذبيحة. ولا يُسمَّى طفل في المغرب، على سبيل المثال، حتى يوضع تحت حماية دم ذبيحة بعد ثمانية أيَّام من مولده. يُضحَّى بحيوان لفدية الطفل، أو لوقاية ممتلكات من الشرِّير. ولا يكمل حجُّ امرئ دون سفك دم أُضحية. ولبُّ العيد الكبير (عيد الأضحى) هو هدر دم ذبيحة كذكرى للقربان الذي جهَّزه الله كفدية لابن إبراهيم أبينا (عليه السلام). وعميقاً في دواخلنا، تُثبِّت أنَّ ثمَّة شيئاً مقدَّساً، قويًّا وفعَّالاً يكمن في الدم المُهراق. وهناك عادات وتقاليد أخرى تقوم دليلاً على الحاجة إلى فدية. ففي القانون المبني على العرف والعادة، يجب على مالك حيوان أتلف حقل جارٍ، أن يدفع فدية (تعويضاً) وإن لم يدفع يخسر الحيوان للجار. وإذا قتل امرؤٌ إنساناً، تُطالب أُسرة القتيل إمَّا بدم القاتل أو بفدية عن حياته. إنَّ عاداتنا وتقاليدنا وفرائضنا الدينية مغروسة عميقاً في الحاجة إلى دم ذبيحة وفدية. وقد انحدرت إلينا هذه العادة من الأزمان الغابرة، وقتما لقَّنها الله لأجدادنا القدامى. لقد ترك الرب علامة فدية الدم في تُراثنا ليُساعدنا كي نقبل فديته المُعيَّنة للناس.

وقعت هذه الحادثة في الأردن. قتل راعٍ راعياً آخر رفيقه وقال لأخِ القتيل: إن أنت كشفت الحقيقة لأسرتك، سأقتلك أنت أيضاً. غير أن الأخ كشف أمر القاتل لأسرته، فاهتاجت الأسرة، ورفضت قبول فدية عن حياة القاتل، وطالبت بدمه. واُجتمعت القبيلتان لدى شيخٍ عظيم الوقار، رجاء أن يتوسَّط في حلَّ هذه الأزمة. قدَّم الشيخ لعائلة القتيل عشرة جمال كفدية، فرفضت الأسرة. ثمَّ عرض عليها مئة ليرة عثمانية ذهباً، غير أن الأسرة أصرَّت على الدم. ولم يستطِع الشيخ والجماعة كلُّها إحلال المُصالحة بين القبيلتين. في آخر المطاف نادى الشيخ اُبنه الوحيد وقال لأسرة القتيل: «هوذا دم قتيلكم. خذوه». وهذا عين ما فعله الله لنا في سيدنا عيسى المسيح، فديته المقدَّمة عنَّا.

<center>جميع الكتب المقدسة تتحدث عن هذه الذبيحة</center>
تُعتبر ذبيحة الفداء هذه، الموضوعَ الرئيسيَّ في الكتب الإلهية، وتقول:
يجب أن تكون الذبيحة صحيحة (كاملة) ودون خطيئة.
وتقول التوراة الشريفة، [سفر اللاويين 3:1]: «إن كان القربان ذبيحة سلامة فإن قرّب من البقر ذكراً أو أنثى فصحيحاً يُقرِّبه أمام الرب» . وجاء في سفر النبي إشعياء [53:9]: «إنَّه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غشّ».
سيكون بديلاً مقبولاً يحمل إثمنا على كاهله.
جاء في التوراة الشريفة، [سفر اللاويين 1:3، 4]: «إن كان قربانه محرقة من البقر فذكراً صحيحاً يُقرِّبه... ويضع يده على رأس المُحرقة فيُرضى عليه للتكفير عنه» . وفي سفر النبي إشعياء [53: 4 ـ 6]: «ولكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها ونحن حسبناه مُصاباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحُبُره شفينا. كلُّنا كغنم ضللنا، ملنا كلُّ واحدَ إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا».
سيولد في قرية صغيرة.
لم يرد في كتاب الأنبياء ذكر براءة المنقذ من كلِّ ذنبٍ وحسب، بل كشفت أيضاً عن موضع مولده في قرية صغيرة تُدعى بيتَ لحم، طِبقاً لما ورد في سفر النبيِّ ميخا [5:2، 4 ـ 5]: «أمَّا أنتِ يا بيت لحم أَفْراتَةً وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج الذي يكون متسلِّطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيَّام الأزل».
<b يكون من ذريَّة إبراهيم>
وكما أنَّ الوعد المُعطى لإبراهيم سيتحقق في أسرته، هكذا نعلم أن القربان الفدائي سيأتي من نسل إبراهيم أيضاً. لقد أعلن الله تقدَّس اسمه في الزبور الشريف [89:35 ـ 37] عن الآتي قائلاً: «مرَّة حلفت بقدسي إنِّي لا أكذب لداود، نسله إلى الدَّهر يكون وكرسيُّه كالشَّمس أمامي، مثل القمر يثبت إلى الدَّهر». لأجل هذا، سيولد القربان التكفيري في الأسرة المُنحدرة من نسل داود (عليه السلام).
يولد من فتاة عذراء.
يُخبرنا النبي إشعياء أنَّه يُولد من عذراء. (التوراة الشريفة، سفر إشعياء 7:14) «ولكن يُعطيكم السيد الله نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عِمانوئيل (الله معنا)» . كان ينبغي أن يولد من قدرة الله رجلٌ واحد قويٌّ بلا أب بشري. وكانت مشيئته له أن لا يشترك بطبيعة أبينا آدم الخاطئة. فنحن كأبناء آدم، مُصابون جميعاً بداء الخطيئة. أمَّا الذي كان عتيداً أن يصير «الذبيحة القربانية»، فسيكون متحرِّراً كليًّا من دَرَن الخطيئة، إذ لا ينحدر من أبٍ أَرضيّ.
سيتمتع بحياة فريدة.
ثمَّة نبوَّات أخرى تتحدَّث عن حياته. ستُرافق حياته وفرة من علامات وأحداث فريدة. سيشفي المرضى والزِمنَى، ويصنع معجزات عظيمة. سيُعين المساكين والمظلومين. وعن طريق هذه العلامات سيُدرك الناس أنَّه «المسيح المُنْتَظَر». يقول النبي إشعياء في سفره المبارك (35:5 ـــ 6): «حينئذ تتفتَّح عيون العمي وآذان الصمِّ تتفتَّح. حينئذ يقفز الأعرج كالأيّل ويترنَّم لسان الأخرس...» ويُتابع النبيُّ قوله: «وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم. لتفتح عيون العمي، لتُخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين في الظلمة... قائلاً للأسرى اخرجوا، للذين في الظلام اظهروا!» (التوراة الشريفة، سفر النبي إشعياء 42:6 ـــ 7؛ 49:9).
هذه بعض النبوَّات فقط فيما يتَّصِل بالقربان الأخير الذي سيُعدُّه الله سبحانه للبشرية قاطبة ليفي بوعده لإبراهيم (عليه السلام). إنَّ مجيء البديل الكفَّاري الكامل، حياته، وموته، كلَّها جزء من مشيئة الله المُطلقة.
سيكون وريث الوعد لداود عليه السلام.
يعني اللقب «مسيح»: الممسوح أو المُختار. كان الملوك يُمسحون بالزيت علامة على أنهم اختيروا من الله. وقد تطلَّع اليهود إلى هذا الشخص المُختار من الله وانتظروه عبر تاريخهم الطويل. وتوقَّعوا أن يبعث الله بهذا المُنقذ غير العاديّ، الذي لن يكون مجرَّد «ممسوح»، بل «الممسوح»: لقد انتظروا ملكاً مُقاتلاً يجيء بالنصر والسلام والمجد لإسرائيل. وفكَّر نفر بالبعث الروحيّ وبشيء من الظفر على الفيالق الرومانية. كان المسيا «الممسوح» رجاء اليهود في السيادة والاستقلال السياسي وإعادة عصرهم الذهبيّ. غير أنَّ المسيح ما جاء وفق الدَّور الذي توقَّعوه له. إنَّ فعل إنقاذه يكمن أساساً في اتجاه مخالف.
كان المُتوقع أن يكون المسيح ابناً لداود (عليه السلام). ولكنَّه يُدعى «ابن الله» في سفر الزبور الشريف [89:20، 26، 27]: «وجدت داود عبدي، بدُهن قدسي مسحته... هو يدعوني أبي أنتَ.. أنا أيضاً أجعله بكراً».
وجاء في الزبور الشريف [2: 7، 8]: «اسألني فأُعطيَك الأمم ميراثاً لك». هذه الآية تُعيد إلى الذهن وعد الله لإبراهيم (عليه السلام). لقد كان الهدف من مجيء المسيح منح الأمم بركة شاملة. ولما بلغ ملء الزمان أعلن الله عن مولد عيسى المسيح بلسان نبيِّه إشعياء القائل: «لأنه يولد لنا ولد، ونُعطى ابناً، وتكون الرئاسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً مُشيراً إلهاً أبدياً رئيس السلام. لنمو رئاسته وللسلام لا نهاية على كرسيّ داود وعلى مملكته ليُثبِّتها ويعضدها بالحق والبرِّ من الآن إلى الأبد» (إشعياء 9:6 ـ 7).
كان ينبغي أن يُفهَم مُلْكُ هذا الملك الآتي كمُلك الله الأبدي، لا كمُلكٍ أرضيّ مؤقت ومع أنَّ المَلَكية الأرضية القوميَّة زالت منذ زمن بعيد، فقد ظلَّ الناس يتطلَّعون بلهفة إلى تحقيق هذه النبوَّات.
كان سيِّدنا عيسى المسيح (عليه السلام) هو المسيح المُنْتَظَر لفترة طويلة، ليقود إلى مملكة سلطان الله. ليس الملكوت حكماً مؤقتاً، أو قوميًّا، ولكنَّه سيادة الله الأبدية على الناس. وعلَّم أنَّ تفسير النبوَّات ما كان بعبارات زمنية وسياسية، بل بعباراتٍ روحية. إنَّه لم يأتِ كمحاربٍ مُنتقمٍ، بل كقربانٍ كاملٍ مُكفِّرٍ، وهذا الموضوع يُطِلُّ من النبوات نفسها. وقبل أن يدعوه الناس مسيحاً، كان عليه أن يُعلِّمهم أنَّ «المسيح» ليس ملكاً فاتحاً غازياً لشعبٍ ما بالمعنى السياسي المُباشر، ولكنَّه قربان مُكفِّر عن إثم البشرية كلها.
لقد كان له، من بين سائر الأنبياء، علاقة خاصة بالله أُعلنت عن طريق شفائه للمرضى، وسلطانه على عناصر الطبيعة، وسيادته على الشياطين، وقدرته على الموت. ادَّعى أنَّه من الله، ومنزَّه عن الخطيئة، وتحدَّى الناس في أيامه إن كان في طوقهم الإشارة إلى زلَّة واحدة في حياته. لم يرتكِب إثماً، لذا ما استطاع أحد أن ينبس بكلمة. و كان له أيضاً سلطان ليغفر الخطيئة، ويدَّعي أنَّه «نور الله»، ويقود الناس في طريق الربِّ، ليصير في طوق الإنسان العودة إلى الله تعالى. وقال بفمه الكريم: «أبوكم إبراهيم تهلَّل بأن يرى يومي، فرأى وفرح». (الإنجيل الشريف، رواية يوحنا 8: 56).<center>
-------------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads// ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1033532855Hatem">
<p>أكتب تقييمك للمقال:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جدأً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر