مفاهيم إسلامية (إسراء)

مراقب: Hatem

شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

يونيو 13th, 2003, 7:01 pm

<center><u><font size=+2>مفاهيم إسلامية
</font></u></center>

<center><u><font size=+3>إسراء
</font></u></center>

ورد هذا اللفظ في القرآن في سورة الإسراء، الآية الأولى "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير". ولسنا نعرف إذا كانت هذه الآية هي في الأصل من سورة الإسراء أم أنها كانت في بادىء الأمر من سورة أخرى، ولا يعنينا البحث فيما يمكن أن يكون معناها الحقيقي. ومهما يكن من شيء فإنا نلاحظ أن الروايات فسرت هذه الآية على ثلاثة أوجه:
1 – تذهب أقدم هذه الروايات، وقد اختفت من التفاسير الحديثة، إلى أن هذه الآية تشير إلى صعود محمد إلى السماء، وأهم ما في هذه الروايات (البخاري، طبعة القاهرة 1278، جـ2، ص 185 "باب كان النبي تنام عينه ولا ينام قلبه"، رقم2؛ مسلم، طبعة بولاق 1290، جـ1، ص 59؛ الطبري: التفسير، جـ15، س3؛ وانظر Der Islam جـ6، ص12، 14) هو أنها احتفظت بالمعنى البدائي لقصة الصعود التي صورت على أنها بداية لتعاليم النبوة التعبدية (Mohammed's: Bevan Ascension to heaven، ص 56، Schrieke: Der Islam، جـ2، ص1 وما بعدها: انظر معراج). وهذا القول يفسر عبارة "المسجد الأقصى" بالسماء، وفي الحق إن الرواية القديمة تستعمل كلمة "إسراء مرادفة لكلمة "معراج" (Der Islam، جـ6، ص 14).
2 – والرواية الثانية، وهي الوحيدة في جميع التفاسير المتأخرة، تفسر "المسجد الأقصى" ببيت المقدس. وليس هناك سبب ظاهر لهذا التفسير. ويظهر أن هذا التفسير أوحت به سياسة الأمويين التي رمت إلى تعظيم بيت المقدس على حساب مكة التي كان يحكمها حينذاك عبد الله بن الزبير (جولد سيهر: Muh. Stud. جـ2، ص55 وما بعدها؛ Der Islam، جـ6، ص13 وما بعدها) ويظهر أن الطبري قد رفض الأخذ بهذا التفسير وهو لا يذكره في تاريخه بل يظهر أنه كان أميل إلى تأييد التفسير الأول (Der Islam جـ6، ص2، 5، 6، 12، 14، وفي الطبري التاريخ، جـ1، ص 1157 وما بعدها تجد فقرة يظهر أنها تمثل رأي المؤرخ الذي بناه بعد امتحان الأدلة التي أتيحت له؛ انظر Bevan، كتابه المذكور آنفاً، ص 57)(1).
وتتفق الروايتان الأولى والثانية في تفسير كلمة "عبد"، الواردة في الآية الأولى من سورة الإسراء، بمحمد. ويظهر أن هذا صواب (Der Islam، جـ6، ص13، تعليق رقم6). وأقر "الإجماع" هذين التفسيرين، ولما ظهر تفسير الأمويين وفق الإجماع بينه وبينهما بأن أعطى لكلمة "إسراء" مدلولاً خاصاً "الرحلة الليلية إلى بيت المقدس" وإذ فقد "الصعود" مدلوله الأصلي تغير تاريخه وقالوا بحدوثه في تاريخ متأخر وأصبح من الممكن الجمع بين القصتين كما فعل ذلك ابن إسحاق في كتاب السيرة (Bevan: كتابه المذكور آنفاً، ص54) وهو أقدم كتب السيرة.
وقصة الرحلة الليلية إلى بيت المقدس هي كما يأتي:
كان النبي محمد نائماً ذات ليلة بالقرب من الكعبة بمكة (أو في بيت أم هانىء، Der Islam، جـ6، ص11 وما بعدها) فأيقظه جبريل وأتاه بحيوان ذي جناح يسمى البراق (Bevan: المصدر المذكور آنفاً، ص55، 57، 59؛ Der Islam، جـ6، ص12 وما بعدها، وانظر كذلك المصادر المذكورة في هذه المجلة وفي مادة "براق") ولما اعتلى محمد هذا الحيوان رحل مع جبريل إلى بيت المقدس، وصادفا في طريقهما قوى مختلفة خيرة وشريرة (مشكاة المصابيح، طبعة دهلى 1268، ص 521 وما بعدها؛ البغوى: مصابيح السنة، طبعة القاهرة 1294، جـ2، ص 179 وفيه إضافات) وزارا الخليل وبيت لحم (النسائي: السنن، طبعة القاهرة 1312، جـ1، ص77 وما بعدها؛ النويري: المخطوط المحفوظ بليدن، رقم2، ص93، س7-10) وقابلاً في بيت المقدس إبراهيم وموسى وعيسى، وقد وصف البخاري هذه المقابلة (البخاري، طبعة القاهرة 1278، جـ2، ص 147). وصلى محمد بهؤلاء الأنبياء. وهذا يدل على تقدمه على جميع الأنبياء الذين اجتمعوا هناك. وتشبه مقابلة النبي لهؤلاء الأنبياء في بيت المقدس ظهور عيسى على جبل تابور، وربما نسجت على منوالها (إنجيل متى، الأصحاح الثامن عشر، الآية 1؛ إنجيل مرقص، الأصحاح التاسع الآية الأولى؛ إنجيل لوقا، الأصحاح التاسع الآية 28؛ وانظر Der Islam، جـ6، ص 15؛ جولد سهير في Revue de l'Hist des Rel.، جـ31، ص 308).
3 – أما التفسير الثالث للآية الأولى من سورة الإسراء فيعتمد على الآية الثانية والستين من السورة نفسها إذ ورد فيها كلمة الرؤيا بمعنى الإسراء. وهذا يتضمن أن الرحلة الليلية لم تكن رحلة حقيقية وإنما كانت رؤيا. ولما وقف محمد بالحجر رأى بيت المقدس ووصف لقريش ما رآه فلم يصدقوه (البخاري، جـ2، ص 221، جـ3، ص 102؛ مسلم، جـ1، ص 62؛ تفسير الطبري، جـ15، ص5، س1، 14). ووضعت القصة على نحو يوفق بين التفسيرين الثاني والثالث وذلك كما يأتي:
سافر محمد ليلاً إلى بيت المقدس ثم عاد ووصف في مكة ما رآه فلم تصدقه قريش بل وأنكر ذلك منه بعض المسلمين. وحاول محمد التدليل على صدق روايته ولكنه نسي التفصيلات فأراه الله بالفعل بيت المقدس (Der Islam، جـ6، ص 15 وما بعدها).
وقد تبسطوا في سرد هذه القصة في المؤلفات المتأخرة المطولة (Der: A.Müller Islam in margen – und Abendland جـ1، ص 86-87). ويقال إن النبي خاطب الله في السماء سبعين ألف مرة، مع أن الرحلة كلها تمت على وجه السرعة بحيث إنه لما رجع كان فراشه ما زال دافئاً وكان الكأس الذي قلبه بقدمه عند إسراعه في الرحيل ما زال ندياً. وقد اختلف علماء المسلمين فيما إذا كان الإسراء حدث في نوم محمد أم في يقظته وفيما إذا كان أسرى بروحه أم بجسده. ويذهب أهل السنة إلى أن الإسراء كان الجسد إبان يقظته. ويؤيد الطبري في تفسيره (جـ15، ص13) هذا الرأي تأييداً قاطعاً معتمداً على البراهين الآتية:
1- إن لم يكن النبي قد أسرى بجسده، فإن الإسراء لا يعطينا دليلاً على نبوته، ولم يكفر الطبري من لم يسلم بهذه القصة.
2 – جاء في القرآن أن الله أسرى بعبده ولم يقل إنه أسرى بروح عبده.
3 – إذا كان النبي أسرى بروحه فقط لم تكن هناك حاجة إلى البراق لأن الحيوان يحمل الإجسام لا الأرواح (Bevan: الكتاب المذكور آنفاً، ص 60؛ Der Islam: Schrieke، جـ6، ص13؛ وانظر تفاسير الطبري والبيضاوي والبغوى). ويفضل المتصوفة والفلاسفة التفسير الرمزي (جولد سيهر: Geschichtte der Philosophie im Mittelatter, Kuttur der Gegenwart، جـ1، 5، ص 319).

<u>هوامش وتعليقات علي المقال
</u>

<font size=-1>(1) وضع القرآن قانوناً سامياً لحرية العقل وقال (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) (سورة الإسراء).
ويجب على الإنسان أن لا يتبع غير سبيل العلم والعقل، كما يجب عليه أن يجرد نفسه من كل أثر للتقليد المذعوم بلسان القرآن والعقل، وان يكون في البحث العلمي حر الرأى.
ويجب للعلماء أن يتلقوا البحث العلمي الحر بصدر رحب، فمسألة الإسراء من الميأئل ألتي إرتكبت فيها الأفكار وأختلفت الآراء بثلاثة : (1) إن الإسراء كان بصعود النبي (ص) إلى السماء بجسده. (2) إن النبي (ص) أحاطة بروحه الزكية على أسرار من العالم المحجوب ووصل إلى عالم رفيع من العلم في تلك الليلة وأزيح له النقاب عن كثير من المجهولات. (3) إنه كان رؤيا رآه رسول الله (ص).
أخذ (شريك Schrieke ) كاتب هذه المقالة خلاصة ما ذكر في كتب القدماء من المفسرين والمحدثين من غير تأمل ونظر في دلائل الآراء والنصوص الواردة فيها لتظهر له الحقيقة بل إنه لا يخلو من ميل إلى تشويه حقائق الإسلام المضيئة.
(أما) القول الأول فلا يقره العلم ولا يصدقه العقل فإن العقل كما يقول القرآن أن يرى الله تعالى أحاط بالوجود وهو محضه الذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد، كما أنه أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً وتنزه عن أن يكون في جهة من الجهات حتى يثار إليه أو يتلقاه أحد فيها والسموات معلويات بيمينه والقرآن لا يصرح بأن الإسراء كان بجسده الشريف.
إنما ظهر هنا القول لأن عدة من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوا في النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات الباهرات من صدقه وأمانته وخلقه العظيم وعلمه بأسرار الأمور خضعوا له غاية الخضوع بدرجة لم يكونوا لشدة إيمانهم به يتأملون في نبل أقواله المتضمنة للأسرار والرموز التي كانت الظروف توجبها أحياناً. روى الطبري عن ابن عباس أن النبي قال علمت ما في السماء والأرض وشرح الله صدري فأفضى إلي بأشياء لم يؤذن لي أن أحد ثكموها.
وكان صلى الله عليه وسلم يشير إلى بعض الأمور أحياناً حسب استعداد المخاطب لسماعها ولا يصرح بما هو فوق عقله واستعداده.
أضف إلى ذلك أنا إذا نظرنا إلى ما ورد من طريق الصحابة والمفسرين منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة من جميع نواحيها نجد ما يهدينا إلى أن الإسراء كان بالروح.
روى الطبري عن محمد بن كعب القرظي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قلنا يا نبي الله هل رأيت ربك "قال لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا "دنا فتدلى"."
وروى أيضاً عن أبي نمر قال سمع أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج جبريل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة ثم علا به بما لا يعلمه إلا الله حتى جاءا لسدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فإنا نجد أن آية (دنا فتدلى) تفسر في قول أنس بن مالك بمسألة الإسراء، كما نجد في قول النبي صلى الله عليه وسلم حين يسأل عن رؤية ربه اتجاهاً لهذه الآية لأنه يتلوها عقيب هذا لسؤال إلى مسألة الإسراء؛ في نظام هذه الآية في سورة النجم نجد ضوءاً يهدي إلى الحق وهو قوله تعالى "ما كذب الفؤاد ما رأى" فينسب المرئي وهو انكشاف الحقائق العلمية إلى الفؤاد وبذلك تعرف أن الإسراء كان بالروح وإلا كان ينسب المرئي إلى البصر دون الفؤاد.
على أن في نفس النصوص المروية عن بعض الصحابة ما يدل بل يصرح بذلك: يقول الطبري في روايته إن جبريل شق ما بين نحره صلى الله عليه وسلم حتى فرج عن صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست من ذهب فيه نور محشو إيماناً وحكمة فحشا به جوفه وصدره ولغاديده ثم أطبقه.
ويروى أيضاً عن أبي هريرة أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل فقال جبريل لميكائيل ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه وأخرج له صدره قال فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل وملاه حلماً وعلماً وحكمة وإيماناً ويقيناً وإسلاماً وختم ما بين كتفيه بخاتم النبوة. وفي صحيح البخاري عن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني آت فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من الذهب مملوء إيماناً فغسل قلبي ثم حشى ثم أعيد.
والنظر الدقيق والتأمل الصادق في هذه النصوص يهدي إلى أن الإسراء كان بروحه لأن العقل والنقل لا يقران بأن الشق من جبرائيل كان لجسمه الشريف ولا شك فيه عاقل ثم هل يقر العلم والعقل أن الإيمان والعلم والحكمة والحلم والإسلام واليقين مما توضع في طست من الذهب وهل صفة الغل تغسل بالماء وهل هذه الأمور التي ذكرت في ابتداء الإسراء إلا شواهد بأنه كان بالروح؟
وفي رواية الطبري أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية فنفرت العير وفيها بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتى بعد حين قدح خمر وقدح لبن فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن فقال له جبريل (هديت إلى الفطرة لو أخذت قدح الخمرة لغوت أمتك) وهل يبقى بعد ذلك شك في أن هذه الأمور تشير إلى إسراء حصل له صلى الله عليه وسلم بروحه واتصل بمقام من العلم الرفيع وكان منه قاب قوسين أو أدنى؟ وفي كلام حكماء الإسلام الإلهيين ما يعلل مسألة الإسراء فلسفياً بما لا يدع للشك إليه سبيلاًًَ. يقول صدر الدين محمد بن إبراهيم الفيلسوف الشيرازي في كتابه (مفاتيح الغيب) في المفتاح الرابع من مراتب الكشف: قد تكون المكاشفة على سبيل الملاسمة وهي بالاتصال بين النورين كما قال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت ربي فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات ثم تلا "وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين" يقول صدر الدين رآه صلى الله عليه وسلم بالتجلي والمكاشفة ومنبع هذه المكاشفات هو القلب الإنساني أي نفسه الناطقة المنورة بالعقل العملي المستعمل بحواسه الروحانية وللنفس في ذاتها عين وسمع كما أشير إليه: فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.
وهذه الحواس الروحانية هي أصل هذه الحواس الجمسانية فإذا ارتفع الحجاب بينها وبين هذه الخارجية يتحد الأصل فيشاهد بهذه الحواس ما يشاهد بها (أي في المكاشفة بهذا المعنى يرى القلب كما ترى العين) والروح تشاهد جميع ذلك بذاتها لأن هذه الحقائق يتحد في مرتبتها عند كونها في مقام العقل لأن العقل كل الموجودات وهذه المكاشفة القلبية أعلى مراتب الكشف ويسمى بالشهود الروحي فهي بمثابة الشمس المنورة بسمرات مراتب الروح وأراضي الجسد فهو بذاته أخذ من الله العليم الحكيم المعاني الحقيقية من غير واسطة على قدر استعداد المكاشف. انتهى. وبذلك يستقيم المعنى ونعرف سر قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى الوارد في نظام آيات سورة النجم في هذا المعنى.
</font>
<center>---------------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads/d ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1055530890Hatem">
<p>تقييمك لهذا المقال:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر