القربان

مراقب: Hatem

شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

أكتوبر 2nd, 2002, 10:25 am

<u><center><font size=+3>القربـــــان
</center></font></u>

القربان أو تقديم شيء ما، عمل أو مفهوم يعود إلى نشأة الجنس البشري منذ بداية التاريخ المدوّن. وكان تقديم الحيوانات قرابين لمختلف الآلهة والآلهات مظهرا بارزا من مظاهر التفكير الديني القديم في الشرق الأوسط. وتسمح معظم الديانات بتقديم القرابين من قبل مجموعة من الناس أو مجتمعات وكذلك من قبل أفراد لأغراض شخصية بحتة. وقد بيّن علم الجنس البشري ـ الأنثروبولوجيا ـ أن تقديم القرابين هو تعبير عن حاجة الكائنات البشرية إلى الاتصال بالذات المقدسة، فهي إذن وسيلة لربط عالم البشر المرئي المحسوس بالعالم الروحاني غير المرئي الذي تتواجد فيه الآلهة.
<font size=+1><u>· القربان في سفر التكوين:
</font></u>
</font>
قصة قابيل وهابيل (التكوين 4: 3 ـ 4) تحتوي على أول ذكر للقرابين في التوراة. ولكن النص لايحتوى أي إشارة إلى أن الله أمر قابيل وهابيل بتقديم قرابين. وتوحي العلاقة الوثيقة بين هذه القصة وقصة الطرد العنيف لآدم وحواء من الفردوس في السابق (3: 22 ـ 24) إلى أن قرباني قابيل وهابيل يمثلان لفتة مصالحة تجاه الرب. فاللفظ العبرى لهذين القربانين هو " منشاح "، وهو يستخدم أيضا للدلالة على هدايا المصالحة بين البشر، كما حصل بين يعقوب وأخيه عيسو. ويقول يعقوب في سفر التكوين 32: 20 " استعطفه بالهدايا التي تتقدمني، ثم بعد ذلك أشاهد وجهه لعله يرضى عنيّ “.

وعلى غرار ذلك أعدّ يعقوب في شيخوخته هدية للوزير الأول في مصر دون أن يعرف أن هذا الوزير ليس سوى ابنه يوسف. وكان يجب أن تتضمن هذه " الهدية " شيئا من خير غلة الأرض إضافة لكمية مضاعفة من الفضة، بل وتتضمن كذلك ابنه الأصغر بنيامين (التكوين 43: 12 ـ 14) . ويقول يعقوب: " ولينعم عليكم الله القدير بالرحمة لدى الرجل فيطلق لكم أخاكم الآخر وبنيامين أيضا " . وفي جميع هذه الحالات يمثل "المنشاح" الأمل في نيل الرحمة والمنّة.

وهنا يبرز السؤال التالي: لماذا رفض الرب قربان قابيل وتقبله من هابيل ؟ يشير نص القصة إلى أن الجواب يرتبط بسلوك صاحب القربان وليس بنوع القربان المقدم. ويشير التعبيران «أسمن غنمه» و «أبكار غنمه» (التكوين 4: 4) إلى كرم هابيل وبالتالي تفوّق قربانه على قربان قابيل. ويعكس الاختلاف بين القربانين تعاليم الأنبياء اليهود من مثل عاموس وميخا اللذين يعطيان أفضلية للدافع الداخلي على الأفعال أو الطقوس الخارجية، ومن هنا يقدم صموئيل النصح إلى شاؤول قائلا: " هل يسر الرب بالذبائح والمحرقات كسروره بالاستماع إلى صوته ؟ إن الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش " (صموئيل الأول 22: 37) ويرد الشيء ذاته في القرآن [السورة 22: 37] حيث جاء: "لن ينال الله لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم". وقابيل لم يوفق في فعل ذلك، بينما فعله هابيل.

وفي قصة نوح نجد تعبيرا آخر للقربان هو " عوله " (التكوين 8: 20) التي تعني " تقديم المحرقات “. ويعني الفعل المرتبط بذلك " أن يسمو ". وفي هذه المناسبة قدّم نوح قرابين من البهائم والطيور التي اعتبرت طاهرة دينيا. وتصف القصة رائحة القربان الزكية التي كانت تتصاعد إلى الرب كما تصف تعهد الرب بأن لا يلعن الأرض مرة أخرى بسبب خطايا البشرية. وبصورة أو بأخرى يبدو ذلك شبيها بما جاء في ملحمة غلغامش البابلية، إذ بعد الفيضان " اشتم الأرباب الرائحة الزكية " للقربان وتجمعوا حوله استعدادا لأكله. ومع أن المجاز متشابه إلا أن فكرة القربان كوسيلة " لإطعام الأرباب " لم تكن جزءا من عبادة إسرائيل. ذلك أن التوراة اليهودية تنظر إلى القربان كوسيلة لعبادة الله واكتساب القداسة باعتبارها تطهرا “. ويعتبر البعد " الأخلاقي " للقداسة أمراً حاسماً وقد أصبح القربان عنصرا هاما للحصول على المغفرة من الذنوب (سفر اللاويين 1 ـ 7؛ 16: 1 ـ 34؛ حزقيال 45: 18 ـ 25). وقد يكون قربان نوح في البداية تعبيرا عن شكره لله كما قد يكون وسيلة لإزالة الذنب وتحقيق المصالحة. ويتقبل الله القربان لذاته وليس لرائحته.

الإِشارة التالية لقربان " المحرقات " ـ العولة ـ ترد في الإصحاح 22 من سفر التكوين حيث يستعد إبراهيم لتقديم ابنه قربانا. ولا يحدد القرآن أيا من ابني إبراهيم هو الذي استعد لتقديمه قربانا (السورة 37 الآيات 99 ـ 111). وقد ظلّ علماء الإسلام قرونا يتجادلون حول أي من الابنين هو الذي كان سيقدم قربانا، واتفقوا أخيرا على أنه إسماعيل، هذا بينما تتحدث رواية سفر التكوين عن إسحاق، ولكن لماذا يشير الإصحاح 22 من سفر التكوين إلى إسحاق على أنه الابن الوحيد لإبراهيم ؟ علما بأن إسماعيل وإسحاق كلاهما ولدا لإبراهيم وهو شيخ هرم وكان حبه لهما متساويا . (التكوين 21: 11 ـ 12) كما كان كلاهما مختوناً، وهي علامة عهد الرب (التكوين 17)، كما تلقى كلاهما البركة والوعد بأن يكون لهما نسل من أمم عظيمة. غير أن الإصحاح 17 من سفر التكوين يذكر أن الله يبلغ إبراهيم بأن وعد العهد في التكوين 12: 1 ـ 3 سيتم الوفاء به من خلال إسحاق، ومن هنا اعتبر إسحاق " "الابن الوحيد " للوعد. ولهذا السبب يعرّض الرب أخيرا إبراهيم لامتحان رهيب ليختبر إيمانه، فيطلب منه تقديم الابن المقصود بالوعد قربانا.

يجدر بالملاحظة هنا أن راوي القصة يفسر منذ البداية أن هذا الأمر ما هو إلا امتحان لإبراهيم، ولم يكن الرب يقصد البتة أن يكون إسحاق قربانا بشريا. ومع أن بعض الأمم الأخرى كانت تقدم الكائنات البشرية قرابين لآلهتهم المختلفة فإن مثل هذا العمل كان محرما على بني إسرائيل (سفر اللاويين 18: 11؛ سفر إرميا 7: 31؛ 19: 4 ـ 5). وقد نتج عن طاعة إبراهيم لربه في هذا الامتحان أن أكد الرب على وعد البركة وختمه بقسم إلهي.

الاصحاح22 هو المثال الأول في سفر التكوين على الأمر الإلهي الصريح بتقديم قربان. وترد صيغة الاسم أو الفعل الخاصة بتقديم " المحرقات " ثماني مرات في الإِصحاح. ولكن ما هو المقصود بتعبير " المحرقات " هنا؟ إننا نقرأ أن إسحاق كان يعرف أن إبراهيم كان معتادا على تقديم مثل تلك القرابين، وأن كبشا كان على الأرجح هو الأضحية المعنية. وكلما كانت " محرقة " تقدم قربانا كانت تستهلك برمتها في المذبح (سفر اللاويين 1: 1 ـ 17) وعليه، فإنها كانت تعتبر واحدة من أثمن القرابين. ويقول القرآن عن هذا القربان: [السورة 37 الآية 107] "وفديناه بذبح عظيم". وفي التوراة والإنجيل كليهما توجد ثلاثة مظاهر لقربان إبراهيم تستدعي النظر. أولها أن الكبش جاء من عند الله مباشرة، والثاني أن الكبش كان فداء أو بديلا لابن إبراهيم، والثالث أن الحادث كله ذو دلالتين: واحدة حرفية والأخرى رمزية.

إن التعبير الأكثر شيوعا في التوراة وسفر التكوين للقربان هو " الذبح " وتتضمن حيوانا ما. وقد قدم يعقوب مثل ذلك القربان أولاً في (سفر التكوين 31: 54) حيث عقد ميثاقا بينه وبين لابان أبي زوجته (التكوين 31: 44، 53) تضمن قَسَماً كما تضمّن قربانا أكل منه أقرباؤه (التكوين 31: 54). وقدّم يعقوب قرابين أخرى (ذبائح) وهو في طريقه إلى مصر، تلقّى بعدها توجيهات إلهية حول المستقبل (التكوين 46: 1 ـ 4).

اشتق من الفعل العبري ذبح الاسم مذبح ويعني مذبح القربان، وقد وجد أولا في (سفر التكوين 8: 20) حيث كان نوح يبني مذبحا بعد أن انحسر الطوفان. وفي أوقات مختلفة بنى إبراهيم وإسحاق ويعقوب مذابح في شكيم (التكوين 12: 7؛ 33: 20) وفي بيت إيل (12: 8؛ 13: 4؛ 35: 1، 3 ، 7) وفي حبرون (13: 18) ، وفي موريّا (22: 9) ، وبئر السبع (26: 25) . ولكن من بين كل هذه المذابح كان مذبح يعقوب في بيت إيل هو الوحيد الذي بني بأمر من الرب، أما المذابح الأخرى فقد اختيرت في مواقع مقدسة حيث تجلى الرب للآباء وحيث "يذكر هؤلاء اسم الرب". وفي بيت إيل بنى يعقوب المذبح شكرا لله " الذي استجاب لي في يوم ضيقتي ورافقني في الطريق الّتي سلكتها " (35: 3)

تظهر المناقشة الواردة أعلاه أن القرابين في سفر التكوين يمكن أن تقدّم بناء على أمر إلهي أو بمبادرة بشرية استجابة للرب. ولا تعني التعبيرات المختلفة الواردة في سفر التكوين قرابين واضحة بالكامل. ويركز المنشاح على الدافع الداخلي من وراء الهدية التي يقدمها المتعبد وأهمية أن تقدم للرب أفضل الهدايا. وتلفت عولة الاهتمام إلى قيمة القربان الذي يقدم خالصا للرب. ويشير زيباك إلى الطبيعة المادية للقربان ـ أي حيوان مذبوح . وفي كلتا الحالتين يعتبر القربان بمثابة وسيلة لتكريم العلاقة بين الرب والكائنات البشرية.

<font size=+1><u>· القربان في بقية أجزاء التوراة:
</font></font></u>

في مواقع عدة تعكس قصص القرابين في سفر التكوين النماذج الموضوعة لبني إسرائيل أثناء الخروج من مصر وعند جبل سيناء حسب شريعة موسى. وكان موسى طلب الإذن من فرعون قبل الخروج كي يتعهد ينو إسرائيل في العراء وتحدث عن قرابين من البهائم (ذبائح)

يجب أن تكون مميزة عن القرابين التي يقدمها المصريون (الخروج 8: 26). وقد ختم عهد سيناء بعد ذلك بتقديم " محرقة " (عولة) وتناول وجبة طعام معا (الخروج 24: 5 ـ 8، 11).
عندما غادر بنو إسرائيل مصر في نهاية الأمر، رسّخ الاحتفال بعيد الفصح اليهودي مبدأين هامين في التوراة لمعنى القربان هما:
1) أن القربان هدية للرب من حياة طاهرة،
2) وأنه "تكفير" عن حياة مليئة بالذنوب عاشها مقدم الهدية. وقد قدم كبش أو ذكر عنزة سليم من العيوب عمره سنة واحدة "كمحرقة" وسكب دمه على أطراف أبواب المنازل. ويقول الرب: "سيكون الدم علامة لكم على منازلكم وعندما أرى الدم سوف أمر فوقكم".
أما إذا لم تعرض علامة الدم فإن أول وليد في ذلك المنزل سوف يموت. وقد أصبح عيد الفصح أول أعياد بني إسرائيل وأكثر أعياد السنة أهمية حيث يحتفل فيه بحادث الخروج. سفر اللاويين 23: 4 ـ 8

وضعت شريعة موسى التي يتضمنها سفرا الخروج واللاويين نظاما شاملا للقرابين في عبادة بني إسرائيل. ويوفر هذا النظام سبعة نماذج رئيسية للقرابين لتحقيق قدسية الطقوس وأخلاقياتها معا، بما في ذلك غفران الذنوب (اللاويين 1 ـ 7، 16). ويعتبر قربان الدم ذا أهمية خاصة في غفران الذنوب استنادا إلى مبدأ " الحياة بالحياة". كما يبين النظام قواعد تقديم الهدايا (المنشاح) التي هي في العادة من الحبوب كما قدّمه قابيل، ويؤكد النظام على أهمية تقديم " باكورة " المحصول والقطعان، كما فعل هابيل (التكوين 13: 11 ـ 16).

وتعرف جميع القرابين من خلال " الرائحة الحلوة الفوّاحة " المقدمة إلى الرب وبخاصة عندما تحرق هذه القرابين بالنار عند المذبح (اللاويين) 1: 9، 13، 17؛ 2: 9، 12؛ 3: 5، 16؛ 4: 31).

اليوم العظيم الثاني للقربان الذي يحتفل به بني إسرائيل كل عام هو يوم الغفران ويسميه اليهود في العصر الحديث " يوم كيبور " (اللاويين 23: 26 ـ 32؛ 16: 1 ـ 34) وهو يوم صوم وراحة سبت حيث تقدّم الكفارة عن ذنب الأمة بأكملها. ويشتمل ذلك على طقوس للقربان بالغة التنظيم يتولاها على مراحل متعددة الحاخام الأعظم. ففي البداية، يتوجب على هذا الحاخام تقديم كفارة عن نفسه وعن أهل بيته قبل أن يقدّمها عن الناس. وعندما يكون جاهزا لتقديمها عن الناس يتم اختيار كبشين يذبح أحدهما تكفيرا عن ذنب الناس ويؤخذ دمه إلى المكان المقدس في المعبد ويسكب فوق غطاء صندوق العهد الذي يضم الوصايا العشر. ويعني ذلك تقديم القربان إلى الرب. أما الكبش الثاني فيسمى كبش الفداء حيث تنسب إليه جميع ذنوب الناس، ويرسل بعد ذلك إلى الصحراء من حيث لا يعود أبدا. ويذكّر هذا العمل بني إسرائيل كل عام بأن الذنوب يجب أن تستر وأن تُزال من بينهم.

<font size=+1><u>· القربان في المسيحية والإسلام:
</u></font></font>
يقر القرآن بأن تقديم القرابين ممارسة عامة توجد في الأديان كلها. فالقرآن يقول حول تقديم الحيوانات قرابين { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب، لكم فيها منتفع إلي أجل مسمي ثم محلها إلي البيت العتيق ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبئين } [سورة 22 الآيات 32 ـ 34].
وفي الإسلام تقاس التقوى في قلب المتعبد بقيمة ما يقدمه لله وبالقدر الذي يملكه. ويعتبر القرآن أن الإبل خاصة هي أغلى ما يمكن أن يقدم قربانا يذكر عليه اسم الله .{والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون } [السورة 22الآية 36].

كما يعتبر القرآن أن الحيوان المقدم أضحية
- هو أولا: وجه من وجوه ذكر الله والتسليم له، (القرآن الكريم 22: 34)
- وهو ثانياً: رمز لشكر الله من خلال إشراك الآخرين في لحمه (القرآن الكريم 22: 32 ـ 37)،
- وهو ثالثاً: دلالة على تقوى القلوب (القرآن الكريم 22: 32 ـ 37)،
- وهو رابعاً: وسيلة لتعظيم الله على هدايته،
- و خامساً: الأضحية هي أيضا بشرى للمحسنين (القرآن الكريم 22: 34 ـ 37)، وتتفق بعض هذه المفاهيم مع مفاهيم سفر التكوين، غير أن القرآن يشير إلى أن الغرض الحقيقي للأضحية ليس استرضاء القوى العليا ولكنه ذكر اسم الله عليها، فالله الواحد الأحد لن تناله لحومها ولا دماؤها (22: 34 ـ 37). وبهذه الطريقة لا يدعو القرآن إلى أيّ نمط مرئي لتقديم مثل هذه الأضحية لأنها مجرد رمز لما يكنّه القلب لله، وهي كذلك وسيلة لتمجيد الله على هدايته.

لا تتضمن العبادة الرسمية في الإسلام تقديم أضحية إلاّ في العيد السنوي الكبير الذي يدعى "عيد الأضحى" الذي اختير ليكون إحياء لذكرى طاعة إبراهيم واستعداده للتضحية بابنه (القرآن الكريم السورة 37 الآية 107). ويفهم من ذبح الأضحية في هذه المناسبة على أنها " تقرب إلى الله " . فاللفظ القرآني قربان يحتوي على الجذر اللغوي ذاته للفعل " قرب “. وجاء في القرآن: [السورة 37: 107]. فماذا تعني هذه العبارة ؟ إنها تتضمن ثلاث نقاط:

- أولا: إن الحيوان الأضحية جاء من عند الله نفسه مباشرة. فعندما يقدم المؤمن قربانا إلى الله فإن الأضحية تأتي من عند الله أولا وآخرا، وهذه الحقيقة الهامة تنسحب على جميع القرابين المقدّمة إلى الله في الإسلام. ولتبسيط المسألة بشكل واضح يمكن القول إن الله قدم بواسطة معجزة حيوانا لإبراهيم ليقدمه قربانا بدلا من ابنه.

النقطة الثانية: هي أن الأضحية كانت " فدية " وليس قربانا لكفارة عن ذنب. فطبقا للقصة لم يكن إبراهيم أو ابنه ارتكبا ذنبا.أما النقطة الثالثة: فهي أن هذه الفدية كانت أضحية ذات قيمة لاتقدر بثمن لأنها من عند الله مباشرة بينما لا يعتبر الكبش العادي السارح في الخلاء أضحية لاتقدر بثمن.

- وهنا يبدو أن القرآن يشير بصورة غير مباشرة إلى القيمة العظيمة لابن إبراهيم، وبسبب ذلك فإن الكبش البديل له هو أيضا رمز عظيم القيمة لإبراهيم.


احتفال المسيحيين بعيد الفصح يشبه بطريقة ما احتفال المسلمين بعيد الأضحى. فالمظاهر الثلاثة للأضحية المتعلقة بإبراهيم وابنه في القرآن تعبر أيضا عن العناصر الهامة في موت المسيح كما يبيّنه الإنجيل.
- فأولاً كان المسيح في حياته ومماته هدية الله إلى الإنسانية. إذ يقول الإنجيل إن الكائنات البشرية لا تستطيع التقرب إلى الله بالأعمال الطيبة أو التقوى الشخصية، وإنما الله، وبفضل منه، هو الذي يمكّن جميع البشر من الاقتراب منه من خلال المسيح.

-العنصر الثاني هو أن المسيح يتحدث إلى حوارييه عن تقديم حياته فداء للكثيرين (مرقس 10: 45) مستخدما رمزية عيد الفصح اليهودي. ويصف الإنجيل المسيح بشكل صريح على أنه " حمل فصحنا " (كورنثوس الأولى 5: 7). وباعتباره حمل الفصح يدفع المسيح الثمن كاملا لكي يحرر الناس من قيود ذنوبهم ويعيدهم ثانية إلى الله، خالقهم . والمظهر الثالث هو أنه بالنسبة للمسيحيين الذين يعترفون بالمسيح ابنا لله، ليس هناك من تضحية أغلى من حياة المسيح.

يتبنى القرآن وجهة النظر القائلة بأن المسيح لم يصلب ولم يقتل على يد اليهود بالرغم من أن بعض أعداء المسيح يعتقدون أنه صلب وقتل. وقد جاء في القرآن: { وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً} [القرآن الكريم السورة 4: 157 ـ 158].

هناك اختلاف في وجهات نظر المسلمين حول المعنى الحقيقي لهذه الكلمات. ولكن النظرية المقبولة عموما هي أن المسيح لم يمت ميتة بشرية عادية، ولكنه رفع إلى السماء على غرار إيليا (سفر الملوك الثاني 2: 11)، وعليه فإنه سوف يعود في آخر الزمن (السورة 43: 61) ويموت في نهاية الأمر. وتعتبر وجهة نظر إسلامية أخرى أن عيسى قد مات فعلا (السورة 19: 15، 33 ـ 34) ولكن ليس وقت صلبه. فطبقا لهذه النظرية فإن كونه " رفع " إلى الله يعني أن الله " كرّمه " لأنه رسوله فأنقذه من الإهانة على يد اليهود الذين اعتبروه شريرا. وهناك نظرية ثالثة تقول أَنَّ الله يؤنب اليهود على غرورهم، فمع أن اليهود يمكن أن يقولوا أنهم " هم " الذين قتلوا المسيح فإن الحقيقة هي أن الله هو الذي سمح به أن يقتل.
وبناء على هذا المفهوم فإن اليهود كانوا يتصرفون طبقا لمشيئة الله، ومشيئة الله هي الغالبة (السورة 4: 157 ـ 158) وطبقا لهذه النظرة فإن البعض، ومنهم ابن عربي، يعتقد بأن السورة تشير إلى النظرة الخاطئة لليهود من أن موت المسيح كان نهاية لرسالته. ولم ينحاز المؤرخ الطبري إلى أيّ من هذه النظريات وإنما ترك المسألة مفتوحة.

وتعتبر قصة تقديم إبراهيم لابنه قربانا لله تحديا لجميع الناس الذين يرغبون في إظهار الولاء لله . كما أنها تطرح السؤال الدائم عن مكان وجود الدين الحقيقي. ويقول إسحاق: «... أين خروف المحرقة؟ (التكوين 22: 7). ويقول الإنجيل بأنه يملك الجواب على هذا السؤال من خلال كلمات يوحنا المعمدان الذي يشير إلى يسوع ويقول للجمهور: «هذا هو حمل الله الذي يزيل خطيئة العالم». (يوحنا 1: 29 ـ36).

<center>
================
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads// ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1033554324Hatem">
<p>قيم هذا المقال
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر