<u><center><font size=+3>قصة هاجر.
</font></center></u>
نجد في الإطار الذي وردت فيه قصة إبراهيم في سفر التكوين، قصتين محبوكتين معا، الأولى خاصة بابنه إسماعيل والثانية خاصة بابنه إسحق. إن إسماعيل هو ابن إبراهيم البكر الذي ولد له في شيخوخته من امرأة مصرية مشهورة اسمها هاجر، وربما كانت هدية لإبراهيم من فرعون. كانت هاجر جارية لزوجة إبراهيم فقط، ولكنها أصبحت أما بإِلحاح من سارة. ولقد طلبت سارة من هاجر أن تحمل أطفالاً بالنيابة عنها، بعد أن شعرت باليأس لأنها عاقر. وينفذ إبراهيم طلبها عن طيبة خاطر لان طفلاً كهذا سيكون من نسله (15: 4) .
وبعد أن تحبل هاجر، وتظهر عليها علامات الأم التي تنتظر طفلاً بكراً. تشعر سارة بالغيرة من فقدان مكانتها كزوجة، فلقد أخطأت في الحساب، وتقوم سارة بمضايقة هاجر بعلم إبراهيم مما يؤدي إلى هروبها إلى الصحراء. ويخبرها رسول الرب هناك بأنها تحمل ولداً سيدعى إسماعيل «السامع لله» ، وسيكون له أحفاد كثيرون. وتلد هاجر الابن الأول لإبراهيم بعد عودتها إلى خيام إبراهيم وسارة (سفر التكوين 16: 1 ـ 15) . وعندما يدعو إبراهيم الطفل باسم إسماعيل الذي تم الوحي به إلى هاجر، عرفت بشكل أكيد بأن الله يسمعها حقيقة. ولم تعد هاجر الآن مجرد جارية في البيت، وإنما تحتل مكانة سامية: إنها أم إسماعيل.
وكان إسحق هو الابن الثاني لإبراهيم الذي ولد من سارة رغم كبر سنها تحقيقا للوعد الإلهي الذي جلبه رسل الله الثلاثة. وكانت إمكانية إزالة العار عن سارة بالنسبة لها ولإبراهيم تبدو ضعيفة، ويستجيبان لوعد الله بالشك والضحك بدلا من الإيمان والأَمل. ورغم ذلك يولد الطفل ويحمل المولود اسم إسحق "الضاحك" كعلامة ثابتة لقلة إيمان والديه (سفر التكوين 18: 1 ـ 15؛ 21: 1 ـ 7) .
ويظهر ضمن هذه القصص تباين قوي بين شخصية كل من المرأتين: فقد عرفت سارة (ساراي في السابق) بحياة مليئة بالخداع والسيطرة. وتقدم نفسها بإِلحاح من إبراهيم على أنَّها أخته، عندما كان لجأ من الجوع إلى مصر، ويبدو أَنَّها قد أصبحت من حريم فرعون (سفر التكوين 12: 10 ـ 12) . وهي تفعل نفس الشيء لتهدئة الملك أَبيمالك في جير (سفر التكوين 20: 1 ـ 18) .
وتصبح سارة فيما بعد غيورة بصورة كبيرة من العلاقة التي تتطور بين هاجر وإبراهيم وإسماعيل. ويدفعها منظر الابنين وهما يلعبان معا، إلى أن تطلب طرد هاجر وإسماعيل من بيت إبراهيم، حتى لا يرث إسماعيل مع إسحق (سفر التكوين 21: 8 ـ 14) . وتذهب هاجر مرة ثانية إلى الصحراء.
ولقد عرفت هاجر من ناحية أخرى بنقاوة أخلاقها، وتقدمها القصة الافتتاحية في دور النبية. يسمع الله صراخها في الصحراء. ورغم كونها جارية (16: فإنها المرأة الوحيدة في الكتاب المقدس اليهودي التي يكون لها لقاء مع الله وجها لوجه، والمرأة الوحيدة التي تعطي الله اسما: «الله البصير» (16: 13) . وتظهر من خلال استعدادها للعودة إلى إبراهيم وسارة إيمانا اكبر من إيمانهما. لقد تعلمت في الصحراء بأن أي شيء يمكن لسارة أن تعتبره حسنا في عينيها (16: 6) . وان «رؤية» (الله يرى) يرى الأشياء بصورة مختلفة. وبعد أن طردت مرة ثانية يلتقي الله (الله يرى) بها مرة ثانية في بئر السبع «مكان العهد» ، ويؤكد على اسم إسماعيل بسماع صراخه. ثم تنال هاجر حصة لابنها في نفس الوعد الإلهي الذي قطع لإبراهيم. «سأجعل منه أُمَّة عظيمة» (سفر التكوين 21: 8 ـ 21) ، وهو تغير كبير بالنسبة للخبر السابق بأنه "سيكون رجلا وحشيا" (16: 12) .
إنّ قصة إبراهيم في الفصل التالي وهو يقدم ابنه، هي القصة الوحيدة التي تظهر إيمان إبراهيم المطلق بالله. هل يلمح الراوي بأن خضوع هاجر لله يعطي مثلا لإبراهيم ، رغم عدم وجود محادثة مسجلة بين الاثنين؟
كان إبراهيم قبل مولد إسحاق قانعا بتلقي وعود الله من خلال إسماعيل. ويصبح إبراهيم أباً لأمم عظيمة من خلال إسماعيل وإسحق معا. وتوضح قصتا إسماعيل وإسحق بأن البركة الإلهية لإبراهيم تشمل الابنين معا، ويتلقى كلاهما إشارة العهد بالختان. ويظهر تمييز في سفر التكوين (17: 21) حيث ينحصر العهد بإسحق. ويظهر الوعد بأمّة إسماعيلية عظيمة في كل من (17: 20 و 21: 18) ويتردد صداه في قصة خلاص لوط الذي تعود إليه الشعوب الموآبية والعمونية بأُصولها (سفر التكوين 19) . وتظهر بركة هذه الأُمم الثلاث، وجميعها ذات قرابة وثيقة بإسرائيل، في إِتمام الغرض الإلهي المعلن عنه في 12: 2. إن العهد الخاص بين الله والشعب العبراني هو الوسيلة التي يخطط الله من خلالها لكي تشمل بركته جميع الناس.
ومن دواعي السخرية أن تفقد هذه المجموعات ذات القربى إِمكانية المصالحة من خلال طرد سارة لهاجر وإسماعيل. يحل الابن الأَصغر محل الابن الأكبر، ويتم وضع النموذج الذي يتكرر المرة تلو الأخرى، بينما يبحث شعب إسرائيل عن مكان يلتجئ إليه. ويتم الاتصال مرة ثانية بين طرفي العائلة في الحادثة الأخيرة من قصة إِبراهيم، عندما يدفن الابنان الكبيران ، إسماعيل وإسحاق، أباهما في مغارة المكفيلة (سفر التكوين 25: 9) . يذهب إسحاق بعد موت إبراهيم للعيش في مكان لقاء هاجر الأول مع الله «الذي يرى» في بئر لاهاي رؤية، محافظا على حلقة الاتصال، وتبقى القرابة بين الجماعتين مهمة.
تدعو الأمتان إبراهيم "أبا" ، ولا زالت قبائل إسماعيل وإسحق تستمران في العيش معا إلى هذا اليوم. إن علاقة القرابة وثيقة وكلاهما شعب من "الكتاب"، يعيشون قي بئر السبع والخليل وبئر لاهاي روئيه، وفي جميع أنحاء العالم. يسمعون روايات مختلفة لقصص أجدادهم، ويستمر رواة القصص في حبك تاريخ كل من الشعبين معا. وتحث القصص القديمة لسفر التكوين الشعوب المختلفة في الشرق الأوسط على تأكيد قرابتها والإقرار بالبركة الإلهية التي تلقتها.
ويتم أثناء ذلك تمثيل قصة هاجر، الأم المؤمنة، المرة تلو الأخرى، بينما تستمر أمهات أحفاد إسماعيل بإيلاء العناية غير المشروطة لأحبائهن بروح من الإيمان الذي لا ينتقص. تعطي قصص هاجر وإسماعيل للمتألمين والمضطهدين شاهدا بأن الله يرى ويسمع المؤمنين وأن يوم الخلاص آت.
<center>ميريل كتشن
</center></font>
<center>
====================
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads// ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1033619805Hatem">
<p>قيم هذا المقال
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>