معاني القلب في القرآن الكريم

مراقب: Hatem

شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

نوفمبر 3rd, 2003, 11:09 pm

<center><u><font size=+3>معاني القلب
في القرآن الكريم
</font></center></u>

القلب لفظ مشترك في القرآن الكريم، يعرف معناه حسب سياق ذكره من الآية، و قد ورد هذا اللفظ بأوجه عديدة في القرآن الكريم في اثنين و عشرين و مائة –(122)- آية من أصل ثلاث وأربعين سورة قرآنية ، تشمل أوجه عديدة لمعاني القلب من ذلك :
أ- القلب بمعنـى العقل في قولـه تعالـى :{إن في ذلك لذكرى لمن له قلب} و قوله : {و جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} و قوله : {و طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}
و فـي قولـه : {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب}، أي عقـل ، و قوله عز و جل : {أم على قلوب أقفالها} ، و روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( ت78هـ)، قال : خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يوما فقال: {إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، و ميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا فقال: اسمع سمعت أذنك، و اعقل عقل قلبك إنما مثلك و مثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مائدة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول و منهم من تركه}، و في حديث آخر أنه : < أتي النبي (صلي الله عليه وسلم) فقيل له لتنم عينك، ولتسمع أذنك، و ليعقل قلبك، قال : فنامت عيناي، و سمعت أذناي، و عقل قلبي، قال : فقيل لي سيد بنى دارا، فصنع مأدبة، و أرسل داعيا، فمن أجاب الداعي دخل الدار، و أكل من المأدبة، و رضي عنه السيد. و من لم يجب الداعي لم يدخل الدار، و لم يطعم من المأدبة، و سخط عليه السيد، قال : الله السيد، و محمد الداعي، و الدار الإسلام، و المأدبة الجنة > .
و روي عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) أنه قال :{قد أفلح من جعل قلبه واعيا} ، و هناك نصوص أخرى عديدة تشير إلى أنه يمكن أن يعبر بالقلب عن العقل كما أنه < جائز في العربية أن تقول : ما لك قلب، و ما قلبك معك، تقول ما عقلك معك، و أين ذهب قلبك ؟ أين ذهب عقلك ؟ > .
و حينمـا يعبر بالقلب عن العقـل فإن المراد يكون ما تحمله كلمة العقل من معاني كالعلـم، و الفهم ، و الوعي، و الذهن، و الإدراك ، و المعرفة، على النحو الذي جعل الإمام البخاري (ت256هـ)، يفرد فصلا في صحيحه باسم ( المعرفة فعل القلب لقوله تعالى : و لكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكـم ) ، و الحديث السابق {قد أفلح من جعل قلبه واعيا}، أو كما ذكر في قولـه عز و جل : {نزل به الروح الأمين على قلبك} ، جاء في معنــاه أنه < نزل به جبريـل عليـه السلام، عليك فوعاه قلبك، و ثبت فلا تنساه أبدا > ، أو < ليعيه قلبك > .
و من المعاني التي استعمل تعبير القلب عن العقل، هو أن القلب يعتبر موطنا للأحوال، والأفكار، و الخواطر، فقد روي عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) انه قال : ( يقول الله عز و جل : أعددت لعبادي ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر ). و إذا كان القلب هو مقر الخواطر، والأفكار فإنه لا بد من حالات < التلون > ، و السرعة في تشكيل الأفكار، و تغييرها حتى يكون من سماته عدم الاستقرار على وجه معين لأن معنى القلــب في اللغة يقتضي القلب، و الانقلاب، فقلــب < الشيء تصريفه، و صرفه عن وجه إلى وجه > ، وقلب الإنسان ينطبق عليه هذا المعنى لكثرة تقلبه .
وقد وردت هذه الدلالة في الحديث النبوي في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة، يقلبها الريح ظهرا لبطن ) . و قوله صلى الله عليه و سلم: ( ما من قلب إلا و هو بين إصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يقيمه أقامه، و إن شاء أن يزيغه أزاغه ) . و كان الرسول يقول: ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) .
ب- القلب بمعنى الروح كما في قوله تعالى: ( و بلغت القلوب الحناجر ) ، أي " الأرواح " . و هو المعنى الذي يراد به " النفس " أيضا فالنفس « تطلق على الجسم الصنوبري، لأنه محل الروح » ، وقد لا يراد بذلك " النفس " و " الروح " من حيث التدبير للحياة، و الموت، و لكن بمعنى الإشارة إلى النظام الانفعالي، و الوجداني لذلك جاء في تفسير الآية أن القلوب بلغت الحناجر « من شدة الخوف، والفزع » ، و قيل أيضا « إنه مثل مضروب في شدة الخوف ببلوغ القلوب الحناجر و إن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة » ، و هي درجة تعكس مبلغ الفزع الذي كادت الروح أن تزهق من شدته.
و إلى هذه المعاني الانفعالية يشير القرآن الكريم في العديد من الآيات التي تبين أن القلب هو الموطن لهذه التفاعلات التي تنسب إلى " النفس " كقوله تعالى: ( سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم )، و قولــه: ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ) ، وقولــه: ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان و زينه في قلوبكم )، و قوله: ( و لتطمئن به قلوبكم ).
ج- القلب بمعنى " الرأي " في قول الرسول: ( تحسبهم جميعا و قلوبهم شتى ) ، « يعني و آراؤهم شتى » ، و « آراؤهم مختلفة » و قد ورد معنى " الرأي " أيضا في الحديث النبوي الشريف في قول الرسول صلى الله عليه و سلم: ( استفت قلبك ).
د- القلب بمعنى المضغة التي في الصدر أي القلب " بعينه " ، كما في قوله تعالى: (فإنها لاتعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ،فهو تحديد للقلب المتواجد في الصدر و هو المضغة اللحمية؛ و إن كان المعنى يشير على " العقل " ، حقيقة و على العين مجازا « كما أطلقت العين مجازا على القلب» في قوله تعالى: ( الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري) . و قد ورد القلب بمعنى " المضغة " في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسد الجسد كله ألا و هي القلب) . و هذه المعاني مجتمعة تشير في جملتها من حيث العلاقات الدلالية إلى أن القلب يرادف النفس، و الروح في معاني التلقي، و المعرفة، و تدبير و تسيير شؤون الكتلة الآدمية، و هو نفس المعنى الذي يستخلص أيضا من الدلالة اللغوية؛ لأن " تقليب " الأمور معناه تدبيرها، و النظر فيها.
أما في استعمال أهل التصوف فإن القلب في معناه الاصطلاحي يعتبر اسما جامعا لكل مقامات الباطن، لأنه مركز الإيمان ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) ؛ و معدن التلقي، و الربط بين العالم الغيبي ومختلف أنماط السلوك الحياتي؛ و هو غير مادي من حيث الماهية و الجوهر نظرا للطافة نوعــه، وهو بذلك محل الإدراك، و انعكاس المعارف، و هذا هو المعنـى الذي أعطـوه " للروح " و " النفس ".
و مدار حديث الصوفية على معاني القلب ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحاديث موضحة لطبيعة التقلب، و لأهمية القلب في تمام إصلاح الجسد، أو فساده. و بناء على ذلك جاء تقسيمهم للقلب إلى معنيين:
المعنى الأول: و هو شكل اللحم الصنوبري المتواجد في الجانب الأيسر من صدر الإنسان؛ والذي يعرف أمره بعلم التشريح، و هو مشترك بين الإنسان و الحيوان و ذلك هو المسمى بمضغة اللحم، و يوجد لدى الحي و الميت على حد سواء.
أما المعنى الثاني: فهو المقصود الذي يعكس « حقيقة الإنسان المخاطبة المكلفة بمعرفة الله تعالى؛ المأمورة المنهية بالأعمال و هي لطيفة ربانية، و نفس روحانية» .
و القلب بهذا المعنى هو تلك اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان؛ شأنه شأن النفس بل « القلب هو النفس » و لا فرق بينهما إلا في بعض الحالات التي تتشكل فيها النفس الأمارة بالسوء فتناهض المركز النفسي العام الذي هو القلب باعتباره محل الإيمان و المعارف، فيصبح عندئذ « القلب هو البحر العذب، و النفس هي البحر الملح...فمن بحر القلب كل جوهر ثمين و كل حالة لطيفة.. و من النفس كل خلق ذميم » باعتبار حالتها الأمارة بالسوء فقط. و هذا لا يعني أن القلب ليس محلا للصراع النفسي، كما لا يعني أن القلوب في بعدها هذا متساوية في درجة التلقي، و فهم المعارف الخارجية عن الإنسان، أو أنها مفطورة على نوع واحد من السلوك مدى الحياة. بل هي مراكز قابلة لتلقي الشيء و ضده و من ذلك يعرف تقلبها.
ففي قوله صلى الله عليه و سلم ( ولما يدخل في قلوبكم ) دليل على أن محضن الإيمان هو القلب، هذا الأخير الذي يمكـن أن يصبح ذاته وعاء للنفاق كما جاء في و صفه صلى الله عليه و سلم للمنافقيـن: ( في قولهم مرض ) ؛ و مرض القلب و الإيمان ضدان .
و فرق بين أن يكون القلب مركزا لتلقي المعارف و إن اختلفت، و بين أن يستقر فيه الأضداد كالإيمان، و الكفر مثلا. فهذا محال عند الصوفية و غيرهم على حد سواء، لأن شروط اجتماع الاعتقادين يقتضي وجود قلبين ( و ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) ، و لا بأس قبل ذلك أن يحتدم تدافع النقيضين على شكل صراع في الجهاز النفسي لينتهي في آخر الأمر باستقرار أحد المعاني في القلب.
ذلك هو معنى النتيجة الاعتقادية، المعرفية التي على غرارها يستعمل القلب جميع الجوارح المنتجة للسلوك؛ و هذه النتائج المعرفية عند الصوفية مهما اختلفت في كمها، و نوعها فإنها لا تستطيع أن توجه السلوك حسب مفهوم " النية " إلا إلى وجهة واحدة حتى و إن تظاهر صاحب السلوك بغير تلك الوجهة ( وجحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و عثوا ) ، فرغم تيقن النفس بصحة ما عرض عليها إلا أن الجحود برز كسلوك محافظ على نتائجه المعرفية لمسار التوجه.
و كذلك في قوله عز وجل: ( و تكتمون الحق و أنتم تعلمون ) فيه إشارة إلى أن عملية الإدراك سليمة في أحكامها، لأن منشأ الانحراف كان هو خط الاتجاه القلبي العام؛ لأن الشعور الباطني هو المحدد الأساسي للسلوك قبل إفرازه « فليس للقلوب إلا وجهة واحدة، متى توجه إليها حجب عن غيرها » و بمقدار كثافة تلك الحجب، أو لطافتها تتحدد الوجهة.
و لسنا نقصد بالحجب تلك الموانع ذات الدلالات المادية كالحائط، أو الثوب.. و إنما هي حجب معرفية؛ أساس جودها تكوين مفاهيم معينة تعزز السلوك نحو الوجهة السلوكية المطلوبة. و يساهم في بلورة " الحجب" مجموعة من المعطيات منها الظروف الذاتية، و ظروف التكوين الطفولي، و الاعتقاد التقليدي، و ظروف الاستئناس بسلوك العادة، إلى غير ذلك من المعطيات.
<center>----------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads/d ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1067900987Hatem">
<p>تقييمك لهذا المقال:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر