<u><center><font size=+3>نظرات حول مفهوم المعرفة في الإسلام
</font></center></u>
- إذا كان الطابع المميز للمعرفة الغربية يرتبط بالمادة ارتباط الأعمى بدليله الخشبي، فإن ذلك راجع للفصام النكد الذي حدث في الغرب بين العلم و الدين. لكن الاعتماد على مثل هذه المعرفة المؤسسة على العداء للدين – في جانبه الروحي – يعتبر بطرا لمعنى المعرفة في التصور الإسلامي، لأنها وفق هذا المنظور الأخير لا بد و أن تراعي مكونات الخليقة الإنسانية، أي المادة و الروح. فالارتكاز على جانب واحد مفسدة، و عدم فهم لطبيعة التكوين الآدمي.
- لذلك يمكن القول بناء على ذلك أن التصور الإسلامي للمعرفة يتركب من النوعين التاليين :
<u>أ- معرفة حسية : </u> وهي المعرفة المادية الملموسة التي توافق المحسوس من العلوم التي يكتسبها الإنسان بالتجربة، أو الحس، أو المران، و التعلم، و السماع، و الإخبار...
و غير ذلك مما هو متعارف على إدراكه بواسطة العقل، و الحواس.
<u>ب - معرفة فوق حسية :</u> ولا نعني بها المعرفة الغيبية من أحوال الغيب، والبعث، والحساب... فهذه أمور تحصل بموجب السماع، و الإخبار عنها بطريق الوحي. وإنما نعني بها معرفة فوق الإدراك الحسي، تحصل للإنسان أحيانا عن طريق الإلهام، أو الوهب، أو المشاهدة، و الفراسة الإيمانية، و كذلك الرؤيا الصادقة، و غير ذلك كثير. و قد باتت هذه المعرفة تحظى في عصرنا بمراكز، و مختبرات في بعض الدول الكبرى.
ونجد في القرآن الكريم بعض التفصيلات كقوله تعالى : على لسان يعقوب عليه السلام{إني لأجد ريح يوسف لو لا أن تفندون}.
فمعرفته عليه السلام بخبر يوسف لم تحصل عن طريق الحس، ذلك أنه لما فصلت العير، أي خرجت منطلقة من مصر إلى الشام، أدرك في التو و اللحظة خبر يوسف عليه السلام – و بينهما مسيرة ثمان ليال كما ذكر ابن عباس ( ت 68 هـ ) . و لذلك قال يعقوب عليه السلام لمن تبقى معه من أهل بيته { لولا أن تفندون }. و التفنيد نسبة إلى الفند و هو الخرف، و إنكار العقل. و ذلك لعلمه عليه السلام باستعصاء هذا النوع من المعرفة عليهم.
و الأحاديث النبوية تشهد بحصول هذا النمط من المعرفة. و لا أدل على ذلك من الأحاديث الواردة في فراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله. و من الصحابة أيضا من عاش اتصالات معرفية دون واسطة حسية كحادثة عمر بن الخطاب عليه السلام حينما كان يخطب فصاح، فقال وسط خطبته : يا سارية الجبل، و سارية في معسكر على باب نهاوند، فسمع صوت عمر رضي الله عنه و أخذ نحو الجبل، و ظفر بالعدو. و قيل لسارية كيف علمت ذلك ؟ فقال : سمعت صوت عمر رضي الله عنه يقول : يا سارية الجبل ، الجبل .
و قد تحصل المعرفة أيضا بواسطة الرؤيا كما تؤكد ذلك الأحاديث النبوية الشريفة. فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : (الرؤيا ثلاثة ، فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، و الرؤيا من تحزين الشيطان، و الرؤيا مما يحدث المرء نفسه). و هذه الأنواع الثلاثة من الرؤيا تؤدي إلى حصول معارف معينة تختلف باختلاف مصدرها، فقد يكون منها الصادق من الله عز و جل، كما يكون منها الباطل كالوسواس، و الإلهامات الشيطانية. و هناك طرق أخرى حسية تحصل بها معرفة، أو معارف معينة عدها ابن خلدون ( ت 808 هـ ) في مقدمته.
إذن فالتكامل المنهجي يقتضي الإحاطة بالتصور حول المعرفة، و هو أول الطريق إلى مشروع التأصيل الإسلامي للعلوم التي تحيط بالسلوك الإنساني، الذي هو في مجمله ينتمي إلى نظامين أساسيين، مادة و روح، و لكل منها خصائص مستقلة، لكنها تجري جميعها في انصهار متوافق لتشكيل شخصية الإنسان بين متطلبات واقع الشهادة، و السمو إلى الغيب.
إنها الطبيعة المزدوجة التي يندمج فيها المادي بالنفسي، طلبا للاعتدال و التكامل. و لن نستطيع تحقيق فهم سليم لهذه الثنائية إلا باقتفاء الدليل الشرعي الذي يعصم الاجتهاد العقلي من الخروج عن دائرة التصور الإسلامي، و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، و التكامل المنهجي لن يتم إلا بفهم شرعي لمشروع التأصيل الإسلامي لمفهوم العلم.
<center>--------------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads/d ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1069182694Hatem">
<p>تقييمك لهذا المقال:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>
نظرات حول مفهوم المعرفة في الإسلام
مراقب: Hatem
-
- معلومات
-
الموجودون الآن
الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر