الصوم

مراقب: Hatem

شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

سبتمبر 20th, 2002, 12:49 am

<center><font size=+3>الصوم</font></center>

الصوم كلمة عبرية تعني حرفياً تغطية الفم أي إغلاقه عن الطعام والكلام وهو نفس المعني في اللغة العربية أي الإمساك عن الأكل ويعرف قاموس المصباح المنير الصائم بأنه كل ممسك عن الطعام أو الكلام أو السير.

ومما لاشك فيه أن الصوم له منافع عديدة في مجالات كثيرة. فالصوم له منافع صحية وشخصية وعائلية واجتماعية وعقلية. فمن حيث الصحة فالصوم يفيد في تنظيف المعدة والشفاء من أمراض الجهاز الهضمي، ومن الناحية الشخصية فالصوم يفيد في التخفيف أو التخلص من العادات السيئة أو الضارة كالتدخين مثلاً، ومن الناحية الاجتماعية فالصوم يفيد في جمع العائلة عند الإفطار وتقوية المحبة بين أفراد الأسرة. ومن الناحية الاجتماعية فالصوم يفيد في تقوية الروابط الاجتماعية بين الجيران والأصدقاء، ومن الناحية العقلية فالصوم يفيد في زيادة القدرة علي التفكير والتركيز لأنه يزيد من كمية الدم فيوفرها للعقل.

وتتباين أراء الناس بخصوص غرض الصوم. فهناك من يقول أن الله عز وجل فرض علينا الصوم لكي نشعر بالفقراء وما يعانونه من جوع وحرمان ونسي هؤلاء أن العطف علي الفقراء والمساكين لا يتولد من الإحساس بالجوع بل من الخلق الكريم والدليل علي ذلك أن كثيرين ممن اعتادوا الصوم لا يبالون في صومهم بهؤلاء أو أولئك وأن تصدقوا عليهم أحياناً أثناء الصوم قلما يبالون بهم بعد انتهائه هذا فضلاً عن أنه لو كان الغرض من الصوم هو الإحساس بالجوع لما كان للفقراء أن يصوموا أبداً لأنهم يحسون به في كل يوم فالله سبحانه وتعالي فرض الصوم علي الأغنياء كما فرضه علي الفقراء الذين لا حاجة لهم أن يشعروا بأنفسهم، وبعض الناس يقولون أننا نصوم حفاظاً علي مظاهرنا الدينية لدي أصدقاءنا الصائمين ونسي هؤلاء أن الصوم لهذا الغرض لا يعتبر فضلاً في نظر الله بل رياء وتظاهراً بغير الحقيقة ، ويقول الكثيرون أن الله سبحانه وتعالي فرض علينا الصيام ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا ولكن هذا الرأي غير صحيح لأنه لو كان الله سبحانه يغفر ذنوب الإنسان بسبب صيامه أو حسناته لأصبح الغفران استحقاقاً مفروضاً علي الله وليس رحمة وتكرماً منه .

وفريق من الناس يقول أننا ننتهز فرصة الصيام فلا نسرق ولا نغش ولا نكذب ويظن أصحاب هذا الرأي أنهم بهذا ذوو فضيلة ونسي هؤلاء أن الله سبحانه لا يرضي بالخطيئة والشر في كل شهور السنة وليس في وقت الصيام فقط، وهناك من يقولون أننا نصوم لنقضي علي أهوائنا وشهواتنا وهؤلاء الناس وإن كانوا أفضل كثيراً من السابق ذكرهم إلا أنهم نسوا أن الميل إلي الخطيئة ليس كامناً في الجسد حتى يتمكن الارتقاء فوق هذا الميل بالصوم بل أن الميل إلي الخطيئة يقبع داخل النفس بدليل أن يد السارق الذي يصوم كثيراً لا تختلف في تركيبها الجسماني عن يد الأمين الذي لا يصوم علي الإطلاق إنما الفرق بينهما هو أن نفس الثاني أمينة ومن ثم توحي إليه بمراعاة الأمانة ونفس الثاني شريرة ومن ثم توحي إليه بالسرقة هذا فضلاً عن أن كثيراً من الصائمين وإن كانوا لا يفعلون في الظاهر الخطايا التي اعتادوا عليها. إلا أنهم في أثناء صومهم قد يشتهونها ويفكرون فيها ويتحدثون عنها وهذه هي الخطيئة بعينها.

وبناء علي كل هذا فليس كل صوم مقبولاً عند الله فهناك أصوام باطلة لا تعتبر بالحقيقة أصواماً وهي مرفوضة تماماً من الله فكيف يقبل الله عز وجل صوماً سيهدف الصائم من ورائه كسب مديح الناس وإطرائهم ؟! وكيف يقبل الله سبحانه صوماً يكون غرضه التباهي والافتخار ؟ وكيف يقبل الله صوماً غير مقترن بالتوبة عن الخطية ؟! إن الله قدوس يريد القلب النقي أكثر مما يريد المعدة الخاوية والجسد الجائع !! إن الإنسان الذي يصوم فمه عن الطعام ولا يصوم قلبه عن الخطايا والشرور ولا يصوم لسانه عن الأباطيل فصوم هذا الإنسان باطل إن منع النفس عن الطعام لا بد أن يمتد إلي أن يصير منعاً عاماً عن كل ما يغضب الله.

إن الصوم هو علاقة عبادية روحية بين الإنسان وربه وهذه العبادة يجب إلا تمارس تحت ضغوط ونظم معينة بل يجب أن تكون بإرادة القلب وشوق الروح، فالصوم عامل هام من عوامل تعميق الشركة الروحية مع الله ففيه يتجه الإنسان نحو الله فيقلل من الروابط التي تربطه بالأرض ويضبط عناصر طبيعته نحو السماء فيأخذ نعمة تساعده علي التقدم في الطريق الروحي، إن الصوم هو فترة حب لله سبحانه والتصاق به وبسبب هذا الحب يرتفع الصائم عن مستوي الجسد ليسمو بالروح ويرتفع عن الأرضيات ليرقي إلي السمائيات.

ومتي كان الصوم بهذا الشكل تصير فيه علاقة الإنسان بخالقه علاقة عميقة وحميمة إن كان هذا الصوم مقبولاً عند الله. إن الصوم هو الذي تشعر فيه بأن الله موجود في حياتك ووجوده ظاهر في تصرفاتك وكلماتك ويوم الصوم الذي لا تفكر في الله يجب أن تشطبه من أيام صومك، ولكي يكون الصوم مقبولاً لدي الله يجب علي الصائم إلا يفتخر بصومه أو يتحدث للناس عنه بل أن يغسل وجهه ويمشط شعره حتى لا يظهر للناس صائماً بل الله الذي في السماوات والذي سيكافئه، والصوم المقبول عند الله هو الصوم المقترن بالتوبة فالأشرار الذين يكتفون من الصوم بالامتناع عن الطعام والشراب يخاطبهم الله سبحانه بالقول لما صمتم ونحتم فهل صمتم لي أنا ؟ ولما أكلتم وشربتم أما كنتم أنتم الآكلين وأنتم الشاربين … اقضوا قضاء الحق واعملوا إحساناً ورحمة.

كما انه يخاطب الذين ينادونه ما بالنا صمنا وأنت لم تلاحظ وتذللنا ولم تحفل بذلك. بالقول اللاذع ها أنكم في يوم صومكم تلتمسون مسرة أنفسكم وتسخرون جميع عمالكم وهاأنتم تصومون لكي تتخاصموا وتتشاجروا وتتضاربوا بكلمات أثيمة إن مثل صومكم اليوم لا يجعل أصواتكم مسموعة في العلاء. أيكون الصوم الذي أختاره في إذلال المرء نفسه يوماً أو في إخناء رأسه كالقصبة أو افتراش المسح والرماد كعلامة علي التذلل والانكسار ؟ أتدعو هذا صوماً مقبولاً لدي الرب ؟أليس الصوم الذي أختاره يكون في فك قيود الشر وحل عقد نير الذل والاستعباد وإطلاق سراح المتضايقين وتحطيم كل نير؟ إلا يكون في مشاطرة خبزك مع الجائع وإيواء الفقير المتشرد في بيتك وكسوة العريان الذي تلتقي وعدم التغاضي عن قريبك البائس؟

إن الله سبحانه لا يهمه كثيراً خلو المعدة في الطعام ولكن يهمه بالدرجة الأولي محاربة الفساد وترسيخ قيم الحب والعدل ومساعدة الفقراء المحتاجين وما أروع أن يكون الصوم صوماً للسان عن التفوه بالأكاذيب وكلام السفاهة وصوماً للسيد عن أخذ الرشوة أو السرقة من مال وممتلكات الغير. وصوماً للعين عن النظرات الشريرة الشهوانية وصوماً عن الأنانية وحب الذات .. هذا الصوم بما فيه من ضبط وكبح لجماح شهوات الجسد وبما فيه توبة قلبية حقيقية يكون مقبولاً عند الله.
<center> _ _ _ _ _ _ _ </center>


<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads// ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1032482985Hatem">
<p>قيم هذا الموضوع
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتاز.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيد جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيد.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبول.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيد.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

احمد
مشاركات: 12
اشترك: سبتمبر 23rd, 2002, 10:13 pm

سبتمبر 24th, 2002, 9:35 pm

معني الصوم هنا اصعب مما اعتدنا عليه فلماذا تصعيب الامور السهلة

احمد

متشائل
مشاركات: 6
اشترك: فبراير 12th, 2006, 1:34 pm

سبتمبر 27th, 2002, 6:50 pm

شكرا لكاتب المقال
فقد حدد شروط الصيام الصحيحة وواجبات الصائم

وكنت اريد ان اسأل
هل تحديد وقت الصوم مشروط باوقات معينة ؟؟
مثل شهر رمضان عند المسلمين ، وبعض الاوقات التي تحددها الكنيسة عند المسيحيين ؟؟

ام يمكن الصوم ايضا خارج هذه المواقيت ، ويكون بذلك هو صوما مقبولا عند الله ايضا ؟؟

وشكرا لكم

Mansour
مشاركات: 2
اشترك: سبتمبر 16th, 2002, 9:12 pm

سبتمبر 28th, 2002, 3:36 am


mike
مشاركات: 1
اشترك: أكتوبر 11th, 2002, 8:23 pm

أكتوبر 17th, 2002, 6:54 pm

الصوم
فى الكلام عن الصوم .. يوجد ثلاث محاور يجب على كل شخص أخذهم فى الاعتبار ....
1) الصوم يأتى نتيجة وليس سبباً !!

بمعنى أنه يأتى نتيجة لانشغالنا بالصلوات والخلوات والأشياء الروحية أكثر من انشغالنا بالماديات والطعام – وليس سبباً لكى نقترب من الله ، أو لغفران الخطايا والزلات ... الخ .
هكذا كان الآباء قديماً يفعلون فما كانوا يشعرون بالوقت ولا بأى شئ سوى الصلاة ...
أما الآن لضعفنا الروحى فإننا نأخذ الصوم كتدريب روحى لقمع أفكارنا ورغباتنا مع أجسادنا لحياة روحية أفضل نحياها مع الله .
(( انظروا الفارق بين مفهوم الصوم الأول والثانى - الأول نتيجة ، والثانى سبباً!!! ))

من التراث الرهبانى ...
+ أذاعوا فى برية مصر أن الصيام الكبير قد بدأ ، فمر أخ بشيخ كبير وقال له " لقد بدأ الصوم يا أبى " فقال له الشيخ أى صيام يا ابنى ؟ فقال له الأخ " الصيام الكبير" فأجاب الشيخ وقال له " حقاً أقول لك ان لى هنا 53 سنة لا أدرى متى يبدأ الصوم الذى تقول لى عنه ولا متى ينتهى ولكن سيرة سنينى كلها واحدة " !!
2) المحور الثانى ، إعطاء الجسم ما يحتاج فقط من غذاء .
فعلمياً يقال أن الشخص الذى يأكل برتقالة كاملة ، الجسم يستفيد منها فقط بعشر البرتقالة (أى بفص واحد فقط لا غير) .. فلا داعى إذا للإفراط فى الأكل لانك تستحسنه وتشتهيه مادام الجسم قد أخذ ما يكفيه .

3) الاهتمام بالقيمة الغذائية للأكل ، والتنوع فى أصناف الطعام .
ان الصوم ليس إذلالاً للنفس والجسد لحد المرض والهزلان ، فالذى يصوم يجب عليه أن يهتم بالقيمة الغذائية المقدمة للجسم ، وأن يبتعد عن الأكل بنهم وشهوة ...

من أقوال الآباء :
++ شيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة :
" كل اليوم وتنسك غداًَ " فقال : " لا لن أفعل ذلك ، لكنى أصوم اليوم وتتم إرادة الله غداً "
++ (( بطناً انتهرت من صاحبها ألا تأكل خبزاً لا تطلب لحماً ،
فماً انتهر من صاحبه أن لا يشرب ماءً لا يطلب خمراً ))

الثلاث محاور السابقة تختص بالصيام عن الأكل ... ولكن كما تفضل الأخ حاتم وقال فإن الصوم المقبول أمام الله هو صوم اللسان والفكر ومحاربة الفساد والشهوات بصفة عامة .

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر