ماذا تعرف عن .. تشارلز ديكينز؟!

منتدى يتعلق بالتعريف بالكتب والمنشورات الهامة، خاصة منها الحديثة الصدور، كما يتعلق بالتعريف بالقضايا الثقافية الساخنة سواء دوليا أو إسلاميا أو عربيا

مراقب: shabmoslim

شارك بالموضوع
shabmoslim
مشاركات: 73
اشترك: فبراير 9th, 2008, 3:05 pm

إبريل 12th, 2008, 8:59 am

يمكنك أن تعتبره أعظم قصاص بريطاني وثاني رجل بين كتاب بريطانيا بعد شكسبير وهو الأديب الذي ترك ثروة أدبية وروائية خالدة علي مر الزمان ، إنه تشارلز ديكنز الذي اتخذ من حياة البؤساء والفقراء والمهمشين عالم خصب لقلمه ، نسج أروع الإبداعات الروائية التي تتحدث عن ضرورة تحسين النظام الصحي العام، وتربية الجماهير الفقيرة، ومحو الأمية.
ولد ديكنز وترعرع في عائلة كبيرة وفقيرة فكان الابن الثاني من بين ثمانية إخوة .. كان والد تشارلز ديكنز كاتب حسابات أما جده وجدته لأبيه فكانا خادمين ، أحب والده العظمة والوجاهة وقد كان مسرفا وأحواله المادية صعبة وقد أدى ذلك إلي عذاب الابن في صغره ولكن هذا العذاب هو الذي خلق منه العبقري الذي خلده التاريخ وكان سببا في أن يصبح كاتبا كبيرا.
رقي والده وأصبح موظفا في الميناء الحكومي وقد كان في منزل الأسرة خادمتان وكانت احداهما وتدعى "ماري" تقص علي تشارلز قصصا مرعبة تجعله يعاني من الكوابيس ، وكان والده يجعله يقف فوق مائدة المطبخ ليغني الأغاني الضاحكة للضيوف.
في سن السابعة حتى العاشرة كان تشارلز يقرأ القصص بنهم كبير فقد كان يختفي في غرفة صغيرة ويقرأ قصص "دون كيشوت" وروبنسون كروزو وغيرها وكانت جولاته في شوارع لندن المدرسة الحقيقية التي تخرج منها ليصبح كاتبا عبقريا.
ساءت الأمور وكثرت الديون علي آل ديكنز وبيع الأثاث وجاء الدور على كتب تشارلز وقصصه مما جعله يحس بتعاسة ما بعدها تعاسة وأرسله أبواه ليعمل في مصنع للأدهنة السوداء مما أثر في نفسه تأثيرا لم ينمح بمرور السنين ويقول عن هذه الفترة: "لقد تأثرت طبيعتي كلها من الحزن ، والتحقير الذين لحقاني نتيجة للأحداث التي مرت بي حتى أنني الآن وأنا شهير وسعيد أنسى أحيانا في أحلامي ، أنني رجل ولي زوجة وأطفال وأعود بخيالي إلي تلك الأيام البائسة من حياتي".
لقد أصيب هو وعائلته بكارثة إذ قبض رجال الشرطة على والده لعدم قدرته على سداد ديونه وأرسل إلى السجن المخصص للمدينين العاجزين عن السداد. أمضى ديكنز الأب 3 أشهر في السجن ويصف تشارلز حالته في هذه الفترة "كنت أعلم أنني أتجول في الشوارع وأنا جائع وأنه لولا رحمة الله لأصبحت لصا أو متشردا صغيرا".
في سن الخامسة عشرة بدأ العمل صبيا في مكتب أحد المحامين وعمل بعد ذلك في احدي المحاكم وقد ساعده ذلك في إتقان النواحي القانونية في قصصه ، و في نفس الوقت كان يعمل مراسلا ً لأحدى الجرائد المحلية الصغيرة لقاء اجر متواضع أيضا ً، و لكنه لما يهتم بالأجر فلقد تفانى في هذا العمل الصحفي الذي كان بمثابة أولى خطواته لتحقيق أحلامه فقد كان بمثابة تمرين له على حرفة الأدب، و لقد أتاح له هذا العمل الصحفي أن يتأمل أحوال الناس على مختلف مستوياتهم الاجتماعية و الأخلاقية فخرج بالعديد من التجارب الإنسانية و الأخلاقية التي وسعت آفاقه و مداركه الأدبية و الحياتية، كما أغرم فن التمثيل فكان يكثر من الذهاب إلى المسارح وقاعات الموسيقى.
أحب ديكنز وهو في الثامنة عشرة من العمر ولكنها هجرته بعدما وعدته بالزواج لمعارضة اهلها ولقد تزوج من كاترين هوجارت ولم يكن الزواج عن حب ولكنه أثمر عشرة أطفال في خلال 15 سنة.
تقول جين سميلي مؤلفة كتاب "قصة حياة تشارلز ديكنز" أنه بدأ يلمع ادبياً عام 1835 اي وهو في الثالثة والعشرين من العمر فقد نشر عندئذ روايتين بعنوان "بدايات بوز" و"مغامرات السيد بيكويك". وبما انه كان يحب المسرح كثيراً فإنه تعود على قراءة نصوصه علنياً امام الجمهور وظل مواظباً على هذه العادة حتى موته.
ولم تكن الحياة العامة لتشارلز ديكنز بأقل أهمية من إبداعه الروائي أو الأدبي فقد كان ناشراً، وداعماً للفكرة الديمقراطية، ومنظراً للرأسمالية والحداثة، وحريصاً على المصلحة العامة، كما دافع عن الطبقات الشعبية الفقيرة والأشخاص المهمشين والشخصيات الفردية الشاذة عن الخط العام.
وتضيف: لرواياته الواقعية جداً أهمية تاريخية بالإضافة إلى أهميتها الفنية ومن يريد أن يطلع على الحياة الإنجليزية في القرن التاسع عشر فليقرأ روايات تشارلز ديكنز.
في عام 1836 حيث كان عمره أربعا وعشرين سنة فقط نشر كتابه الأول بعنوان "حكايات بوز" او "اسكيتشات بوز" وذلك في جزئين وهي عبارة عن حكايات او وقائع حصلت لبوز في حياته اليومية والواقع ان بوز ليس الا الاسم المقنع لتشارلز ديكنز نفسه وقد أسعدت هذه الحكايات الجمهور المثقف كثيراً. وكانت تنشر في الصحف على حلقات.
وعندما وجد لأول مرة اسمه مطبوعاً في الجرائد كاد ان يجن من الفرح. واخذ ينشر بعدئذ مغامرات بيكويك التي اعجبت كل انجلترا وكانت السبب في شهرته.
في عام 1859 نشر ديكنز "قصة مدينتين" اي قصة باريس ولندن وقد اعترف فيما بعد بأنه كتبها تحت تأثير الفيلسوف الانجليزي توماس كارلايل ويبدو ان كلتا المدينتين كانتا عزيزتين على قلب ديكنز ولكن معرفته بهما لم تكن متساوية فلندن اقرب اليه بكثير يضاف الى ذلك انه كان يخشى الثورة الفرنسية واعمال العنف التي حدثت في مرحلتها الثانية ولذلك فإن روايته كانت تهدف ضمنياً الى تحذير الانجليز من القيام بثورة كهذه.
وفي روايته أوقات عصيبة يدعو دكينز إلى تحسين وضع العمال المزري، ويذكر كتاب سيرة تشارلز ديكنز انه في عام 1854 حدث إضراب في مدينة بريستون الصناعية بشمال انجلترا، فقطع ديكنز، بفضوله النهم المعروف، كل الطريق من لندن الى هناك ليرى ما الذي كان يجري وفي وقت لاحق كتب هذه الرواية وسمى المدينة كوكتاون كانت مدينة مداخن طويلة تنتشر منها أعمدة دخان لا متناهية بخطوط افعوانية, كانت فيها قناة قذرة، ونهر يجري ماؤه بلون ارجواني، وبرائحة تبعث على الغثيان، واكوام هائلة من البنايات المليئة بالنوافذ حيث الضوضاء والقعقعة طيلة اليوم، وحيث مكبس الآلة البخارية يصعد ويهبط بحركة روتينية مثل رأس فيل في حالة كآبة وجنون .
ننتقل هنا إلى قصة أوليفر تويست التي تعد نموذج فريد من فن تشارلز ديكنز الروائي، كتب تشارلز هذه القصة عام 1838م، وهي تعد من روائع الأدب العالمي،إنها قصة كلاسيكية: ترجمت إلى جميع لغات العالم، وتحولت إلى فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني، ولا تزال تدرس في المدارس حتى اليوم.
وتدور القصة حول طفل يسمى أوليفر تويست، ولد في ملجأ للفقراء، حيث انتشرت هذه الملاجئ في إنجلترا في تلك الأيام بموجب قانون "إسعاف الفقراء الجديد" الذي صدر عام 1834م، وكان هذا القانون موضع انتقاد وشجب بالغ، كما كانت هذه الملاجئ مثالاً للقسوة والإهمال والفساد الإداري والاستغلال الخادع للدين، حيث كانت تُدار من قِبَلِ رجال لهم ارتباط بالكنيسة.
توفى تشارلز ديكنز وهو لم يتعد الثامنة والخمسين من عمره، وكان الشيء الذي يميز الفترة الاخيرة من حياته "1852-1870" هو تركيزه على الرواية الاجتماعية وتجديده في عدة مجالات ففي عام 1854 أصدر رواية بعنوان "في المصانع" وأما روايته "دوريث الصغيرة" فتدين بعض مظاهر الظلم والقهر في المجتمع الإنجليزي الرأسمالي الصاعد آنذاك إنها تدين المضاربات المصرفية التي تؤدي إلى الربح السريع دون بذل أي جهد يذكر كما تدين سجن الناس بسبب الديون المتراكمة عليهم والتي يعجزون عن دفعها.
وعند وفاته عام 1870 بكته انجلترا كلها ومشت وراء جنازته بالملايين ولم يحظ أي كاتب بهذا التشريف الرسمي والشعبي ..وربما كان الروائي الاكثر شعبية في كل تاريخ العالم! وفي وقته كان مشهوراً أكثر من أي شخص آخر بل ويرى البعض أن شهرته كانت تعادل شهرة الملكة فيكتوريا ذاتها!

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر