سمو الذات مترجم عن أوشو (قائمة المقالات)

خلقنا من مادة، والأرض مادة. يقال أننا محاطون في الكون المادي بشيء اسمه الأثير. لكن هل هي الحقيقة؟ هناك طاقة. فكرة. معرفة. هي حول كل إنسان. لا يستطيع أن يراها لأنها إحساس.
سمعنا عن علوم كثيرة،،،بالماورائيات،،،منها الطاقة، والحاسة السادسة، وعلوم الحرف، واليوغا، وغيرها، وتتشعب هذه العلوم إلى مستويات لا تصدق. لكن في هذا المنتدى سنتطرق فقط إلى ما هو واضح وحقيقي.

مراقب: الماستر جولنار

شارك بالموضوع
الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 31st, 2009, 1:15 pm



سمو الذات
مترجم عن أوشو (قائمة المقالات)

ان سمو و نمو الذات يبدأ برفع التساؤلات عن حقيقة المعتقدات و الشروحات
التي فرضتها المجتمعات لتصنع للأفراد شخصيات غيبتهم عن معرفة حقيقة الذات..
قد يحس البعض بالزيف الذي يتعايشه و يتملكه الشعور بالذنب من الطريقة الخاطئة
التي اتبعها في حياته ... و يشعر بأنه ليس هناك أي جوهر في كيانه..

في الحقيقة لطالما تعلق الأمر بالجوهر لا احد يمكنه ان يتواجد بدونه... لأنه الحياة مستحيلة بغيابه… و هو ليس بحاجة لان يخلق بل هو مخلوق و متجوهر في كل نفس بشرية…

فالطفل في رحم الأم يضل مدركا بشكل مثالي لجوهره فهو حينها ينبض في المركز
لا يزال متصلا بصلة رحمه بجوهره و مركزه.. ليس له أي شخصية أو محيط سوى ذلك المحيط.. الجوهر هو المركز … طبيعتك التي وهبت إليك إلهيا….

اما الشخصية هي المحيط الذي بك يحيط و ليس جوهرتك و جوهرك… بل هو ما طبعته فيك المجتمعات … و بينما يخرج الطفل من رحم أمه… يجد نفسه و لأول مرة على اتصال بشيء يحيط به خارج عن كيانه.. و بالتدرج يبدأ المجتمع بامتلاك

الطفل و تركيبه حسب تراكيبه و قوانينه الخاصة… يصبح الطفل مضللا تحت طبقات تفرض عليه و تصنع له شخصيته…
و إذا ما تعمقت في أي شخصية متكونة و متطورة و ناضجة بالبعد الاجتماعي..
ستجد ثلاثة طبقات أساسية في كل شخصية..

أول هذه الطبقات .. طبقة ايجابية رقيقة جدا…. ايجابية من ناحية لكنها مزيفة..
هذه الطبقة التي تجعلك تستمر بالادعاء و التصنع…. و التي تحوي كل الأقنعة
التي تتصنع بها و تجعل من ظاهرك وجها مبتسما بينما في باطنك يملئك الغضب و الغيض… و تلك

الابتسامة التي تصنع لك أجمل الأقوال
التي لا تصدر من قلبك و لا تمس أي نفس و تجعل منها تحس بصدق القول ….
و لكن لكي تتواجد في مجتمع مزيف, عليك من صنع طبقة مزيفة لكي تتماشى معه…

ما عدا ذلك ستكون بنفس قدر الصعوبة التي واجهت المسيح و سقراط …

هذه الطبقة هي التي تجعلك مرتبطا بعالم الزيف و الخداع عالم المحيط الاجتماعي…
يضل الجميع يرسم لك ابتسامة مخادعة ليس لها أي ارتباطات قلبية و إنما تماشيا مع الظواهر الاجتماعية..

و الأباء على علم بكل هذه الظواهر و يسرعون بإضافة هذه الطبقة لأطفالهم….
لأنها تمكنه من الاندماج في مجتمع مزيف… و سيصعب على الطفل التأقلم مع المجتمع بدونها…
هذه الطبقة رقيقة جدا كالجلد على الجسد ما أن تخدش قليلا ستختفي كل الأزهار التي
ضللت كل الغضب و الكراهية و السلبية التي كانت ورائها مخفية..

اما الطبقة الثانية فهي أعمق من الأولى … و هي التي يعتبر العلاج النفسي قائم عليها..
و لأنه هناك طبقة عميقة سلبية وراء الايجابية…. تجد من الصعوبة عليك التعمق في كيانك من الداخل حيث سيمر بك من عبور كل الظواهر القبيحةو كل الهراءات و التفاهات التي قمت بجمعها لسنوات من حياتك…

و نتسأل كيف لهذه الطبقة من التكون و الظهور …. فالطفل عندما يولد فهو يولد كجوهر صافي, برئ, بدون أي ثنائية أو استثنائية…
فهو في حالة توحيد مع الأحد… و لا يعلم بأنه منفصل عن الوجود يعيش في توحد دونما تفرق… فالأنا لم تظهر لديه بعد.
و لكن منذ نعومة أظافره يبدأ المجتمع يدخل الطفل في معمله… و يفرض عليه بعدم القيام بأي شيء مخالف و غير مقبول اجتماعيا و يتوجب عليه قمعه…
و بالأشياء التي يتوجب عليه الالتزام بها و التي تجعل منه محترما و محبا من قبل المجتمع…. و من هذا الصدد تخلق الثنائية لدى الطفل … و في وسط هكذا محيط ثنائي يجعل من الطفل مشركا و غير مشاركا…

ان الطبقة الأولى الوجهة السلبية التي تصطنع بها بشكل ايجابي و تظهر بها لغيرك..
اما الثانية السلبية التي تجعل منها مخفية في داخلك..
و هذا من جراء ما صنعته المجتمعات و ألزمت به كل الأفراد من خلق التقسيم و داء الفصام في كل طفل…

الإنسانية ليس لها وجود إلى يومنا هذا … فالماضي كله كابوس جعل من توحد الفرد انقساما و ثنائية … ايجابية و سلبية… حب و كراهية .. نعم ولا , أصبح التوحد و التوحيد
شركا بهذه الثنائية…
أن هاتان الطبقتان شركنا الذي فصلنا عن التوحيد…

الطبقة الأولى ايجابية و مزيفة و الثانية سلبية و مزيفة.. كلاهما مزيفتان لأنهما فقدتا الكلية و التوحيد بتحيزهما.. أي شيء متجزيء يعتبر دائما خاطيء… لأنه أنكر شيئا بتجزئه عنه, و أصبح شيئا خاطئا … فقط عند القبول الكلي و الرفض الكلي دون أي شرك تظهر الحقيقة…
المركز و الجوهر متواجد فيك… فقط بحاجة للتعمق من خلال هذه الطبقتان …
و عندها تجد نفسك مستسلما للتوحد و التكامل مع المحيط…
عندها تظهر لك النعم, ليس مصطنعة بل منطبعة و متواجدة فيك منذ ولادتك و حتى الأزل و هي ليست بحاجة للبحث عنها و اكتشافها و إنما بحاجة لإعادة إحيائها و إنمائها..
عرفتها و تعرفت عليها سابقا و تشعر بضياعها و بالرغبة للبحث عنها و لقاءها…
ان استمرارنا بالبحث عن النعم و شق النفس من اجلها ليس الا وجهة تظهر لنا بأننا عايشنها في مرحلة ما في حياتنا ….

فالذاكرة لا زالت تصر على تلك اللحظات في رحم الأم عندما كان الشخص واحدا و متوحدا في هدوء و سكينة دون قلق أو مسئولية, هناك حيثما عاش نعمة الجنة… فرحم الأم رمز لجنة عدن … و بذلك صلة الأرحام هي الاتصال بذلك التوحد مع مركزك و جوهرك الذي كنت موصولا به في رحم أمك… ففي رحمها كنت المركز و الجوهر و الرحم جنة عدن التي أحاطت بك..
لكنك لا تستطيع التواجد في الرحم إلى الأبد… عاجلا أم أجلا ستخرج منه و هي اللحظة التي يبدأ المجتمع بتملكك و تعليمك … الا ان المجتمعات لم تتوصل إلى مستوى إنساني و إنما بدائي لا يساعد الطفل للنمو بمركزه الذي ولد به.. بل يحاول جاهدا بشتى الطرق لجعل الطفل ينسى مركزه و كيانه و يصبح متشخص بشخصية مزيفة زودته بها المجتمعات…

فالمجتمع لا يعنيه الطفل بل اهتمامه صوب تركيبه الخاص …
و كل المجتمعات متوقفة و متمسكة بالماضي .. فهي إعادة تكرار للماضي, و تستمر بفرض الماضي على حاضر الطفل…

اما في المجتمع الإنساني الذي لم يتواجد إلى الآن فلن يفرض أي شيء على الطفل… هذا لا يعني بان يترك الطفل مهملا لنفسه دون تدخل… ستتم مساعدته لكن دون أي فروض .. ستكون مساعدته على أن يبقى متجدرا و متوحدا بجوهره…
على ان يكتمل بكليته… و لن يتم إجباره بتحويل وعيه من الجوهر إلى الشخصية.. و التعليم مستقبلا سيكون تعلميا جوهريا … و هذا ما يعني بالتعليم الديني…

و لكن في الوقت الحالي ما يسمى بالتعليم الديني سواء محمدي أو مسيحي…
فهذا ليس الا تلقين باسم تعليم الدين … فالتعليم الديني سيذكر الطفل بحقيقته..
ان التعليم الحقيقي سيجعل من الطفل متأملا أي ان لا يفقد اتصاله بكيانه ...
لأنه باندماج الطفل و اختلاطه بالمجتمع حتما ستكون هناك إمكانية فقدان هذا الاتصال ... و سيبدأ بتقليد غيره و يتعلم العديد من الأشياء... المسألة ليس في ان يتعلم فهذا الشيء لن يضره ... لكن

هناك شيئا عليه ان يدركه و هو ان لا يصبح مقلدا لغيره.. و جل ما تقوم به المجتمعات هو تعليم الطفل كيف يصبح مقلدا لغيره و يفقد اتصاله بذاته... ان يكون مثل المسيح مثل بوذا ...
الحقيقة ان الطفل لا يمكنه ان يصبح الا نفسه متصادقا و صادقا مع نفسه....
و مهما حاول بان يصنع لنفسه شخصية مقلدا بها غيره فستكون مزيفة...

و عندما يصل الشخص إلى مرحلة يحس بها بان رحلته في الحياة رحلة ضحلة و الشخصية التي بناها مزيفة و خاطئة ... فهذا الإحساس يوقظ الأنفاس و هذه بداية الإدراك لحقيقة الذات ... فإذا أدركت الزيف الذي تتعايشه, لن تبقى غافلا أكثر من ذلك عن الحقيقة, لأنه إدراكك لوسائل التزييف يعني شيئا ما أصبحت مدركا لحقيقتها...

لربما في البداية يبدو لك مبهما و ليس واضحا ... الا أنها بداية لطريق الدراية...
وسيصحب هذه الرؤية إلى التيقظ بغياب التعمق في داخلك... و هذه أولى خطوات التعمق و التخلص من التعلق بشخصيتك...
فملايين من الناس يعتقدون بان شخصيتهم الضحلة هي روحهم... و يأتمنوها و يؤمنون بها ... و يستمرون بالتغيب عن حقيقتهم...
و للوهلة الأولى التي تطلع فيها للزيف الذي تتعايشه سيؤلمك هذا الشيء لأنه هذا الاعتقاد رافقك و صار رفيق دربك... أنساك ربك و نفسك و اعتقدت بان شخصيتك هي حقيقتك.... و لطالما كان وجودك كشخصية و تعلقك بها ظننت انه تعمقك في كيانك و لديك مستويات من المرتفعات و التعمقات... و هذه المعتقدات جعلتك متغيبا عن حقيقتك و جوهرك.. لأنه فقط الجوهر يمكن ان يكون له هذه المستويات..

لكن بيقضتك لزيف شخصيتك هذه بصيرة عليك تذكرها ... الا أنها سيصحبها ألما في القلب و سيكون مثل السهم الذي يتعمق و يزداد ألمه كلما زاد تعمقه...
فهي رحلة يتوجب على كل باحث المرور بها و ذلك الألم الم الانبعاث و العلم...
و تذكر بأنك لست كما تعتقد و إنما شيئا مختلفا كليا...

أنت لست الجسد و أنما ساجدا في هذا الجسد..

أنت لست العقل و أنما ابعد من حدود العقل.. أنت الشاهد على نفسك و عقلك..

تأمل فيمن الذي أصبح مدركا لكل التزييف و التحريف و انعدام العمق في حياتك..

من الذي رفع التساؤلات... هذا الشاهد هو أنت, مركزك بدأ بالسمو و النمو..

ان هذه اللحظة من اللحظات ذات القيمة العظيمة فلا تفقد مسارها و اجذب تيارها..
بالرغم من إنها رحلة مؤلمة هي مرحلة عليك المرور بها.. غايتها في نهايتها..
هذه التضحية التي يتوجب عليك القيام بها..

التضحية بالشخصية لتصل و تتصل بجوهرتك الحقيقية التي طالما ظلت عنك مخفية من جراء كل القيم و الفروض الاجتماعية...

أشكر اهتمامكم بكل الحب

أحبكم
من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر