الفتح

يهتم بعرض ومناقشة جميع القضايا السياسية سواء المحلية أو العربية أو العالمية، وكذا عرض ومناقشة أبرز الأحداث والعناوين الإخبارية.
شارك بالموضوع
تامر شتيوى
مشاركات: 58
اشترك: أغسطس 23rd, 2009, 5:06 pm
المكان: الإسكندرية - مصر .

يناير 3rd, 2010, 6:13 pm

هذا المقال هو أحد مقالات مجموعة مقالات حروب الرسول ضمن مجموعة مقالات القتال والجهاد بموقعى :
http://www.alla1.info

الفتح

فى بداية الأشهر الحرم من كل عام يذهب المؤمنون المتواجدون فى المدينة إحدى القرى المباركة بالأرض المباركة إلى قرية بكة فى ذات الأرض .. ذلك لإتمام الحج لله كما أمر الله فى كتابه .. ولكن الكافرين الأميين حتى وقت هذه الحرب كان لديهم القدرة على صد المؤمنين عن بلوغ المسجد الحرام وبالتالى صدهم عن سبيل الله .

(1) رؤيا الفتح :

يقول الله :

( لقد صدق الله رسوله الرويا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين رووسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) .

قبل أن يذهب جنود المؤمنين لأداء الحج فى بكة وهم فى ملابس القتال رأى رسول الله رؤيا ووعد من الله أنه هو والمؤمنين معه سيدخلون المسجد الحرام وهم بالصفات الأربعة التالية :

1. آمنين : أى منفصلون عن القتل من الكفار .. فهم فى أمن البيت الحرام .. الذى حرم فيه القتال .

2. محلقين رؤوسهم : أى كاشفين لغطاء الرأس الواقى لأنهم بلغوا محل الهدى .. وهو المسجد الحرام أو الكعبة .. وذلك أمر من الله .. يقول الحكيم :

( ولا تحلقوا رووسكم حتى يبلغ الهدى محله ) .

3. مقصرين : أى منفصلين عن قتـل العدو لهم .. آخذين حذرهم منه .. بما معهم من سلاح وعتاد ودروع تحميهم من أى هجوم مباغت .

وكلمة مقصرين كلمة مشتقة من الإسم قصر .. وتعنى الفصل .. يقول الله :

( ويجعل لك قصورا ) القصور هى المساكن التى ينفصل فيها الناس .

( حور مقصورات فى الخيام ) منفصلات فى الخيام .

( انها ترمى بشرر كالقصر ) شرر نارى كالفاصل المهلك .

4. لا يخافون : أى لا ينفصل لهم إعتداء من الكافرين عليهم عند الكعبة .

ولقد صدق وفصل الله تلك الرؤيا لرسوله بالحق والوعد الذى إنفصل له بالفعل فى منامه .. فتحققت .. تحققت قريباً من يوم تلك الرؤيا .. لأن الله يعلم ما لا يعلمه المؤمنون .. وجعل من دون تلك الرؤيا أى فى زمن منفصل عنها فتحاً وإنفصالاً وتفضيلاً على الكافرين .. لأنه لم يكن واقعياً من الممكن دخول المسجد الحرام دون قتال مع الكفار .. ولكن الرؤيا جاءت تبين للنبى وللمؤمنين أن دخول المسجد الحرام سيكون بتلك الصورة المبينة .

(2) البيع :

يقول الله :

( لقد رضى الله عن المومنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة ياخذونها وكان الله عزيزا حكيما ) .

يبين الله أن هناك بيع وعهد وقول إنفصل من المؤمنين لرسول الله .. كان فيه أن المؤمنين يتعهدون بالخروج للحج والقتال مع الرسول إذا صدهم الكفار عن بلوغ المسجد الحرام .. وكان مكان هذا البيع تحت شجرة بالمدينة .. ولقد رضى الله عن المؤمنين وفصل لهم الأجر الكريم والثواب مقابل عملهم .. لأنه علم صدق ما فى قلوبهم .. ففعل الله ما يلى :

(1) أنزل الله العزيز الحكيم السكينة وفصل القلب للإيمان والتصديق بوعد الله لهم بالنصر على الأعداء .

(2) أعطاهم ثواباً وأجراً فى الدنيا هو ما يلى :

1-الفتح والنصر القريب على الكفار .

2- مغانم كثيرة يأخذونها من الكفار .

وكان الله عليماً حكيماً .

ويقول الله :

( ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيوتيه اجرا عظيما ) .

ويبين الله معنى البيع .. فالذين يبايعون رسول الله للخروج معه هم فى الحقيقة يبايعون الله .. لأنهم جعلوا الله على عهدهم شهيدا .. يد الله فوق أيديهم .. أى أن قول الله المفصول وحكمه فوق قولهم وعهدهم المفصول منهم لرسول الله .. فمن نكث بالعهد فإنه يكتسب ويفصل لنفسه إثماً .. ومن أوفى بالعهد مع الله فله أجر عظيم منفصل من الله مقابل عمله .

(3) المخلفون :

يقول الله :

( سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلونا فاستغفر لنا يقولون بالسنتهم ما ليس فى قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا ان اراد بكم ضرا او اراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا بل ظننتم ان لن ينقلب الرسول والمومنون الى اهليهم ابدا وزين ذلك فى قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ومن لم يومن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا ولله ملك السموات والارض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما ) .

يبين الله فى قوله ما يلى :

هناك فريق من الأعراب المنفصلين عن حدود المدينة قد تخلف وإنفصل عن القتال مع المؤمنين .. ورفضوا الخروج مع الرسول للحج .. وقد نزلت هذه السورة بعد إنتصار المؤمنين فى تلك الحرب مباشرة .. أى فى ليلة القدر التى تمثل آخر ليالى شهر رمضان .. والتى يليها اليوم الأول من الشهر الأول الحرم .. وهو يوم الحج الأكبر .. وبين الله فى تلك السورة لرسوله أن المخلفون من الأعراب سيقولون لرسول الله عندما يعود من الحج أن سبب إنفصالهم عن القتال مع المؤمنين هو أن أموالهم وأهلهم قد شغلوهم وفصلوهم عن الجهاد .. وسيطلبون من الرسول أن يستغفر لهم من ذنبهم .. لأنهم بذلك قد إنفصلوا عن حكم الله بالقتال .. وكذلك إنفصلوا عن قوله :

( واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنة وان الله عنده اجر عظيم ) .

فأموال الإنسان وأولاده فتنة .. أى زينة وفضل منفصل للإنسان فى الحياة الدنيا فقط .. ولكن من إنفصل لدين الله فالله عنده الأجر العظيم بالجنة .

وبين الله أن هؤلاء الأعراب حال قولهم ذلك لرسول الله عندما يعود فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم .. فهم لا يشعرون أنهم فصلوا إثماً .. ولا يريدون الإستغفار من ذنوبهم .. ولم يكن المال والولد هو سبب إنفصالهم عن القتال .. ولكن السبب أنهم ظنوا أو قالوا أن الرسول والمؤمنين لن ينقلبوا وينفصلوا ويعودوا إلى أهليهم أبداً بعد خروجهم للقتال .. فلقد ظنوا أو قالوا ظن السوء المنفصل عن الحق بأن المؤمنين سيلاقوا هزيمة كبيرة وسيقتلون فى تلك الحرب .. وزين هذا الظن وإنفصل فى قلوبهم .. فكانوا بذلك قوماً بوراً منفصلين عن دين الله .. لأن الله وعد أن ينصر من ينصره .. ولقد أعد الله للكافرين بالله ورسوله عذاب السعير والفصل فى النار .

وأمر الله رسوله أن يقول لهؤلاء الأعراب عندما يعود ويسمع منهم هذا العذر أنه لا أحد يملك لهم من الله شيئاً .. ولا أحد يمكن أن يفصل عنهم حكماً من الله .. سواء كان حكمه عليهم أن يعذبهم ويضرهم .. أو أن ينفعهم ويفصل لهم الجزاء الحسن والأجر الكريم .. فالله له ملك السموات والارض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء من عباده .. والله خبير بما كانوا يعملون .

(4) بطن مكة :

يقول الله :

( وهو الذى كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا )
.

عندما تقدم المؤمنون لدخول مكة صدهم الكفار عن دخول المسجد الحرام .. ولكن الله أظفر ونصر وفصل وفضل المؤمنين على الكافرين وغنموا منهم الغنائم .

ثم تقدم جنود المؤمنين لبطن مكة .. أى المنطقة المنفصلة فى داخل مكة .. وقد أراد الكفار أن يقاتلوا المؤمنين فيها .. ولكن الله تدخل ففعل ما يلى :

1- كف وفصل أيدى الكفار عن قتل المؤمنين .

2- كف وفصل أيدى المؤمنين عن قتل الكفار .

وهذه ليست هى المرة الوحيدة لهذا الفعل من الله .. فالله يقول :

( يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمت الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم ) .

حيث يأمر الله المؤمنين أن يذكروا ويشكروا نعمة وفضل الله عليهم حين كاد قوم أن يبسطوا أيديهم لقتل المؤمنين .. ولكن الله فصل وكف أيديهم عن قتلهم .

(5) الصد :

يقول الله :

( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا ان يبلغ محله ولولا رجال مومنون ونساء مومنات لم تعلموهم ان تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما ) .

يبين الله لرسوله أن أعداءهم الكفار هم الذين كفروا بالله .. وكذلك صدوا المؤمنين عن الوصول للمسجد الحرام .. وبالتالى أصبح الهدى الذى قدموا به لله معكوفاً أو مفصولاً عن الوصول لمحله .. ومحل الهدى هو البيت الحرام الذى يذبح عنده الهدى ويفصل لله .

ويبين الله لرسوله أنه فصله ومنعه من قتال هؤلاء الكافرين الصادين لهم لسبب .. هو أن بين الكفار رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لا يعلمهم المؤمنون القادمين للحج .. لا يعلمون أنهم مؤمنون مثلهم .. وهؤلاء شاء الله أن يدخلهم فى رحمته وجزائه الكريم الحسن .. فلا يصيبهم المؤمنون بأى أذى أو عذاب بالقتل .. فقضى الله أن يمنع المؤمنين المقاتلين أن يطئوهم .. أى يفصلوهم ويقتلوهم .. ولو أنهم قتلوا مؤمنين مثلهم لأصاب المؤمنون القاتلون من قتلهم لمؤمنين أبرياء معرة أو معزة – بعد فصل النقاط – أى إنفصال جزاء وعقاب لهم منهم دون علم أنهم مؤمنين مثلهم .

وكلمة تطئوهم كلمة مشتقة من الإسم ط .. ويعنى الفصل .. يقول الله :

( ان ناشئة الليل هى اشد وطئا واقوم قيلا ) الليل يفصل الإنسان أكثر لله .

( ولا يطا موطئا يغيظ الكفار ) لا ينفصل لمكان منفصل يغيظ به الكفار .

( وارضا لم تطئوها ) لم تنفصلوا إليها من قبل .

كما أن كلمة معرة مشتقة من الإسم العربى عر .. الذى يعادل عز بعد نزع النقاط .. ويعنى الفصل .. يقول الله :

( ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى ) ولا تعرى أى لا ينفصل لك العذاب والعقاب .

( والله عزيز ذو انتقام ) الله عزيز أى فاصل العذاب والعقاب لعدوه .

( وعزنى فى الخطاب ) فصل لى الأذى فى القول والخطاب .

( عن اليمين وعن الشمال عزين ) عزين أى أعداء يفصلون لك الأذى .

( من الضان اثنين ومن المعز اثنين ) المعز أو المعر هى التى يفصلها الإنسان لنفسه .

ويبين الله أنه لو تزيل هؤلاء المؤمنون وإنفصلوا عن جنود الكفار الذين يصدون عن المسجد الحرام لأمر الله المؤمنين أن يعذبوا الكفار منهم عذاباً أليماً .. وذلك بقتالهم وفصلهم وإهلاكهم .

وكلمة تزيلوا مشتقة من الاسم العربى زل .. ويعنى الفصل .. يقول الله :

( فزيلنا بينهم ) ففصلنا بينهم .

( فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات ) فإن إنفصلتم عن دين الله .

( فتزل قدم بعد ثبوتها ) تنفصل قدم عن الأرض بعد ثبوتها وقوفاً عليها .

( ان الله يمسك السموات والارض ان تزولا ) أن تنفصلان وتهلكان .

( اذا زلزلت الارض زلزالها ) إنفصلت إنفصالها .

ويقول الله :

( اذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المومنين والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها وكان الله بكل شى عليما )
.

يبين الله أنه جعل فى قلوب الكفار حمية وإنفصال الجاهلية .. فهم منفصلون عن حكم الله ودينه .. فى حين أنه فعل ما يلى مع المؤمنين :

1- أنزل سكينته على الرسول وعلى المؤمنين .. والسكينة هى فصل القلب للإيمان والتصديق بوعد الله لهم بالنصر على الأعداء .

2- ألزم المؤمنين كلمة التقوى .. وكلمة التقوى هى وعد الله للمتقين المنفصلين بالطاعة لأمر الله بأن يجعل لهم مخرجاً أو أجراً حسناً وجزاءً كريماً مقابل عملهم .. كما فى قول الله :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .

ومعنى أن الله ألزمهم كلمة التقوى أى أوفى بوعده لهم .. وفصل لهم الأجر الكريم والجزاء الحسن بهذا النصر .. كما فى قول الله للكفار :

( فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ) .

فطالما كذب الكفار قول الله فسينفصل لهم وعد الله بالعذاب جزاء تكذيبهم .

وبين الله أن المؤمنين كانوا أحق بكلمة ووعد التقوى .. بأن يتحقق وينفصل لهم .. وهم أهل هذه الكلمة وهذا الوعد لأنهم هم المتقون المنفصلون بالطاعة لحكم الله .. والله عليم بكل شيئ .

والحمية كلمة مشتقة من الإسم حم .. الذى يعادل خم بعد نزع النقاط .. ويعنى الفصل .. يقول الله :

( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ) حميم أى يفصلهم وينصرهم على عدوهم .

( فى سموم وحميم وظل من يحموم ) الحميم هو ماء نارى فاصل مهلك .

( حور مقصورات فى الخيام ) الخيام أو الحيام هى أماكن ينفصل فيها الحور .

(6) المغانم :

لقد تحققت رؤيا الرسول ودخل المؤمنون المسجد الحرام آمنين دون قتال فى المسجد الحرام .. لأن الله فصل أيدى المؤمنين والكفار عن بعضهم البعض .. فحلق المؤمنون رؤوسهم أى كشفوا الغطاء الواقى للرأس عند الكعبة وهى محل الهدى .. وظلوا مقصرين آخذين لحذرهم دون خوف من الكفار .. وذبحوا هديهم لله عند الكعبة .

كما صدق وعد الله وأخذ المؤمنون غنائم كثيرة .. يقول الله :

( وعدكم الله مغانم كثيرة تاخذونها فعجل لكم هذه وكف ايدى الناس عنكم ولتكون ايه للمومنين ويهديكم صراطا مستقيما واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شى قديرا ) .

يبين الله للمؤمنين أنه قد وعدهم أن يأخذوا مغانم كثيرة فعجل وفصل لهم هذه الحرب .. وكف أيدى الناس عنهم حين دخولهم للمسجد الحرام فدخلوا آمنين .. وهذه كانت آية للمؤمنين أن يتحقق وعد الله .. ويدخلوا المسجد آمنين .. ويعودوا لأهلهم غانمين .. كما أن الله يهديهم بكتابه وآياته إلى صراطه المستقيم المؤدى للجنة .

ويبين الله أن هناك حرب أخرى سابقة قد واجهت المؤمنين لم يقدروا عليها .. أى لم يفصلوا أمرهم وحكمهم على أعدائهم فيها .. ولكن الله أحاط بها .. وفصل عليها جزائه .. فلم يستطع الكفار هزيمتهم .. والله على كل شئ قدير .

ويقول الله :

( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الادبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التى خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
.

يبين الله للمؤمنين أنه لو قاتلهم الكافرون عند المسجد الحرام لولوا الأدبار وفروا من القتال .. ثم لا يجدون لهم ولياً ولا نصيراً ينصرهم ويفصلهم على المؤمنين .. وتلك هى سنة الله ووعده المنفصل من قبل القرآن .. وهى أن يولى الكفار الدبر أمام المؤمنين ولا ينتصرون عليهم .. وهذه السنة أو الوعد المفصول من الله لا يتبدل أبداً .. وسيبقى ليوم القيامة .

ويقول الله :

( سيقول المخلفون اذا انطلقتم الى مغانم لتاخذوها ذرونا نتبعكم يريدون ان يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا ) .

يبين الله لرسوله أن الأعراب المخلفون الذين إنفصلوا عن القتال مع المؤمنين لن يرضوا بحكم الله الفاصل بتحريم خروجهم معهم للقتال مرة أخرى .. فإذا انطلق أو انفصل المؤمنون للإنتصار فى حرب أخرى تالية على الكفار نصراً من الله .. فسيطمع المخلفون فى الغنائم التى سيأخذها المؤمنون .. وسيرغبون فى مشاركتهم فيها .. ويقولون للمؤمنين ذرونا نتبعكم .. أى افصلونا من القعود لنتبعكم وننفصل معكم للقتال .. هدفهم من ذلك أن يبدلوا كلام الله ووعده الفاصل الذى ألزمهم بالقعود .. وهو قول الله :

( فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستاذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى ابدا ولن تقاتلوا معى عدوا انكم رضيتم بالقعود اول مرة فاقعدوا مع الخالفين ) .

وأمر الله المؤمنين أن يرفضوا طلبهم .. ويقولوا لهم لن تتبعونا لأن الله حكم وفصل فى هذا الأمر من قبل .. ويخبر الله المؤمنين برد المنافقين مقدماً .. سيقولون لهم بل تحسدوننا .. أى أنكم تـفصلون لنا الضر والأذى .. ولكن الحقيقة أن المؤمنين ليسوا حاسدين أبداً .. بل هم طائعون لأمر الله .. ولذلك فقد وصف الله هؤلاء المخلفين بأنهم لا يفقهون .. أى لا ينفصل إليهم علم الله إلا قليلاً .

ويقول الله :

( قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولى باس شديد تقاتلونهم او يسلمون فان تطيعوا يوتكم الله اجرا حسنا وان تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا اليما ) .

إن الله يأمر رسوله أن يبلغ المخلفين المعاقبين من الله بعدم الخروج لنيل الغنائم أنهم سيدعون فى زمن لاحق بأمر رسول الله للقاء قوم أولى بأس شديد .. أى أصحاب قوة شديدة .. ذلك ليضعوا هؤلاء الكفار الأقوياء أمام خيارين .. هما :

1- الإسلام .. وهو التسليم والإنفصال لأوامر وأحكام الله التى يأمر بها رسوله .

2- القتـل .

فإن أطاع الأعراب هذا الأمر بقتال هؤلاء الأقوياء يؤتهم الله أجراً حسناً فى الجنة .. وإن تولوا وإنفصلوا عن القتال مع المؤمنين كما تولوا من قبل فإن الله سيعذبهم عذاباً أليماً .

(7) الغفران والعذاب :

يقول الله :

( انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا ) .

يبين الله لرسوله أنه فتح وفصل له من عنده فتحاً ونصراً وفصلاً وتفضيلاً مبيناً واضحاً .. والرسول قد أطاع الله وقاتل وجاهد فى سبيله .. وحكم الله أن يغفر له كل ما تقدم من ذنبه وسبق وكل ما تأخر من ذنبه ولحق بعد هذا الفتح .

ولذلك فقد أمره الله من قبل أن يسبح بحمد الله ويستغفر الله التواب الرحيم إذا جاءه من الله النصر والفتح .. ورأى الناس يدخلون أفواجاً فى دين الله بعد هذا الفتح .. يقول الله :

( اذا جاء نصر الله والفتح ورايت الناس يدخلون فى دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا ) .

كذلك فإن الله بهذا النصر يتم ويفصل نعمته وفضله على الرسول ويهديه من خلال آيات القرآن إلى صراطه المستقيم المؤدى للجنة .. كما ينصره الله نصراً عزيزاً فاصلاً ومفضلاً له على الكفار .

والفتح يعنى النصر والتفضيل والفصل على العدو .. وهى كلمة مشتقة من الإسم فتح .. وتعنى الفصل .. يقول الله :

( واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولى القوة ) مفاتح الكنوز هى الفواصل التى تمنع الآخرين من الوصول إليها .

( ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) يفتح الله ويفصل بين الناس يوم القيامة .. أى يحكم بينهم .. وهو الفتاح الذى يفصل الحكم .

( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين ) أى إفصل حكماً بيننا وبين الكافرين بالحق المنزل .. والله هو خير الفاتحين .. أى خير من فصل حكماً بين الناس .

( فافتح بينى وبينهم فتحا ) إفصل وإحكم بينى وبين الكفار بفتح وحكم مفصول منك .

ويقول الله :

( هو الذى انزل السكينة فى قلوب المومنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السموات والارض وكان الله عليما حكيما ليدخل المومنين والمومنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا ) .

يبين الله أنه هو الذى أنزل السكينة والإيمان والتصديق لوعد الله بالنصر فى قلوب المؤمنين .. وأن هذه السكينة قد زادتهم إيمانا مع إيمانهم بالله .. فهم من جنود الله .. والله له جنود فى السموات والأرض وهو العليم بكل شئ والحكيم صاحب الحكم .

والله ينزل السكينة على المؤمنين ويؤيدهم بنصره ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار ليخلدوا وينفصلوا فيها أحياء .. إضافة إلى تكفير وفصل سيئاتهم ليصبحوا دون سيئات .. وذلك فوز وأجر عظيم عند الله .

جعل الله هذه السكينة والتأييد أيضاً ليعذب فى الدنيا والآخرة من يلى :

1- المنافقين والمنافقات .

2- المشركين والمشركات .

وهؤلاء ظنوا بالله ظن السوء .. أى قالوا عن الله القول والظن المنفصل عن الحق .. وظنوا أن من يطيع الله ينهزم ويهلك .. وأنه لا توجد آخرة وأن الساعة ليست قائمة .. وأن هناك آلهة دون الله ينصرونهم ويعزونهم .. وقد توعدهم الله أن تكون عليهم دائرة السوء .. أى أن ينفصل عليهم الجزاء السيئ مقابل ظنهم السيئ .. وأن عليهم غضب وعقاب وجزاء سيئ من الله .. وعليهم لعنته .. وأعد لهم جهنم الحارقة وهى مصير وأجر وجزاء سئ منفصل لهم مثل ظنهم .

وهكذا نجد أن الفتح كان نصراً عزيزاً على الكفار .. ولم يكن عقداً لإتفاق صلح مهين هو صلح الحديبية المزعوم .. وأن رسول الله لم يعقد مع الكفار صلحاً يعرف بصلح الحديبية .. هذا الصلح الذى لم يذكر أبداً بكتاب الله .. وقد زعمه أهل السنة كذباً ليمتلئ ظلماً للمؤمنين .. ولا يمكن لمؤمن خلقه الله أن يقبل أى شرط من شروطه .. فالله أمر بالقتال عند الصد عن بلوغ المسجد الحرام كما تبين أحداث هذه الحرب .. ولم يأمر الله بالإستسلام والخضوع لشروط الكفار .

فالمؤمنون جاءوا بملابس القتال ولم يكونوا باللبس غير المخيط المزعوم كذباً من أهل السنة .. كما أنهم دخلوا المسجد الحرام محلقين مقصرين فى نفس عام قدومهم .. وليس بعد عام من الصد وهم منزوعى السلاح والسيوف فى أغمادها كما زعم أهل السنة .. وقد شهد الله أنه أظفرهم على الكافرين .. إنما أراد أهل السنة أن ينزعوا من المؤمنين نصراً عزيزاً بشهادة الله .. أمدهم به من له جنود السموات والأرض .. لتتفق رواية الفتح عندهم مع باقى تشريعاتهم الموضوعة .

والله لم يذكر أنه كان للنبى فى هذا الفتح عدد هائل من الأسرى .. أو أنه قال عن الأسرى لو سألونى بالرحم لأطلقتهم .. أو أنه قال لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء .. أو أنهم بعد إطلاقهم دخلوا فى الإسلام .

كما أن الله لم يذكر أن من أسموه أبو سفيان ذهب للرسول فأراه كثرة عدد المؤمنين قبل الفتح .. فالله لم يذكر أن الكثرة هى سبب هذا الفتح .. ولم يذكر أن الرسول قال من دخل دار أبو سفيان فهو آمن .. فالمؤمنون مأمورون من الله بألا يقاتلوا إلا من يقاتلهم .. إن كل هذا باطل فى كتب أهل السنة .
... والله أعلى وأعلم ...


شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر