بالوثائق.. السعودية وراء اشعال الفتنة بين مصر والجزائر

يهتم بعرض ومناقشة جميع القضايا السياسية سواء المحلية أو العربية أو العالمية، وكذا عرض ومناقشة أبرز الأحداث والعناوين الإخبارية.
شارك بالموضوع
أنيس محمد صالح
مشاركات: 479
اشترك: مارس 21st, 2008, 4:00 pm
المكان: أفغانستان
اتصل:

ديسمبر 22nd, 2010, 2:26 pm

نقلا عن وطن

كشف الكاتب الصحفي رياض الصيداوي رئيس تحرير جريدة التقدمية عن حروب المخابرات السعودية السرية على الجزائر ... القصة كاملة من كمال أدهم إلى مقرن بن عبد العزيز ...
صحيفةالبشاير المصرية تلقت نسخة من الملف تنشرها كاملة .. يقول الصيداوي ..
عندما وصل الأمر إلى شتم شهداء الثورة الجزائرية مباشرة على قناة أوربيت السعودية لم يعد ضبط النفس ممكنا عند الجزائريين فثاروا ثورة عارمة.
نسوا خلافاتهم القديمة وصراعاتهم الأيديولوجية وهبوا كرجل واحد للدفاع على مقدس تم تدنيسه. مقدس المليون ونصف شهيد. اتجهت الأنظار إلى مصر وأصبحت العدو الأول للجزائريين كبارا وصغارا، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا... ودخلوا في مواجهة إعلامية شرسة مع مصر والمصريين...
مواجهة يدفع ثمنها الشعب المصري الطيب الأصيل والشعب الجزائري الثوري بطبعه... وفي الأثناء وفي القاعات الفاخرة في مقر المخابرات السعودية التي يقودها مقرن بن عبد العزيز وكذلك في مقر وزارة الداخلية التي يقودها نايف بن عبد العزيز في مدينة الرياض عاصمة المملكة كان الأمراء والضباط يبتسمون فرحا ويتبادلون تهاني النصر: لقد انتقموا من الجزائر ومن الجزائريين دون أن يقوموا بأية مواجهة أو يخوضوا أية معركة.
كانت معركة بالوكالة، من خلال قناة يمتلكونها اسمها أوربيت. وأخيرا تقاتلت مصر الناصرية والجزائر البومدينية أمامهم وانتقما من الاثنين معا. ولم يكن الثمن أكثر من تكاليف قناة أوربيت التي يمتلكونها وأشعلت نار الفتنة... ولم يتفطن كثير من الجزائريين إلى حقيقة من يملك هذه القناة ومن يمولها ولماذا؟؟؟ كانت التعبئة عامة واتجهت الأنظار فقط إلى ذيل الأفعى في القاهرة في حين نسى الجميع أن رأسها في الرياض...
اللواء محمد مدين ورفاقه
كان اللواء محمد مدين ورفاقه الضباط في مديرية الأمن والاستعلامات في مقرها في بوعكنون في الجزائر العاصمة يتابعون التطورات عن كثب مدركين لدور آل سعود الواضح في تحريك قناة أوربت وعمرو أديب ضد شعبهم، وضد ثورتهم وشهدائها...
الرسالة وصلت إليهم بدون طلاسم ولا ألغاز. ورغم مرارة الطعنة، فقد قرروا أن لا يردوا عليهم. أن لا يدخلوا في اشتباك معهم، أن يترفعوا عن صغائرهم التي تعودوا عليها منذ أيام الثورة... فالسعوديون لم يواجهوا مباشرة برجولة وفروسية وإنما عبر مصري وصحافيين مصريين ومن خلف الستار...
وأرسلوا بمذكرة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قصر المرادية تنصح بعدم الرد على السعوديين ولا حتى على المصريين. والتزم الإعلام الرسمي الجزائري الصمت.
لم تحرك قنوات التلفزيون ولا الإذاعات ولا الصحف الرسمية ساكنا. كانت خطة ذكية من ضباط سي توفيق شعارها: نحن لسنا مثلكم ولا ننزل لمستواكم. أما الصحف الخاصة فكانت لها حرية الحركة والرد وهي بطبعها تهاجم بعنف الرئيس والوزراء والضباط دون تمييز فلا يهمها أن تتصدى للحملة الإعلامية الموجهة ضد بلادهم... ما دامت تنتقد أصلا وبشدة سياسيي وعسكريي الجزائر. لكن لماذا تنتقم السعودية من الجزائر؟
حرب لبنان 2006 وكشف المستور
الحرب السرية السعودية على الجزائر قديمة منذ أيام الثورة واستمرت مع سنوات الاستقلال في عهود كل الرؤساء الجزائريين وفيها جولات وجولات وهي موثقة أولا بأول في ملفات مديرية الأمن والاستعلامات، فرع مكافحة التجسس والأمن الخارجي. وكانت مبررة لعدة أسباب... من الجانب السعودي على الأقل.
عندما قام حزب الله بعملية فدائية جريئة في صيف سنة 2006 ضد إسرائيل هلل له كل العرب من المحيط إلى الخليج وكل المسلمين في العالم بل حتى القوى التقدمية في العالم أجمع في أوروبا وفي أمريكا اللاتينية بخاصة وقفت إلى جانبه. فقط في الرياض الموقف اختلف. ذعر آل سعود من العملية وكأنها تستهدف آراضيهم وجندوا كل قواهم وموظفيهم لمحاربة المقاومة اللبنانية. واعتبروها هي من أخطأ في حق إسرائيل. وتحركوا على جبهات عديدة:
الدبلوماسية صرح وزير الخارجية سعود الفيصل أن حزب الله لم يستشر احد في هذه الحرب حتى نوافقه أم لا وبالتالي فهو خرج عن الإجماع العربي وأضر بالعرب وبقضيتهم العادلة (؟؟؟!!!). وفي الجزائر العاصمة، قام شاب نحيل الجسم هو الرسام الكاريكاتوري المعروف عند الرأي العام باسم "أيوب" واسمه الحقيقي عبدو عبد القادر، بنشر كاريكاتور في صحيفة الخبر الجزائرية التي توزع حوالي نصف مليون نسخة في اليوم جاء فيه: صورة صهيوني "يتبول" على الملك عبد الله بن عبد العزيز وهذا الأخير يرد: "ابن العم عمرو ما قام بشيء قبل أن يعلمنا...؟؟؟" وفي الأعلى لافتة كتب عليها: "العرب يحملون حزب الله مسؤولية "عدوانه" على إسرائيل، خاصة وأنه لم يتشاور مع الدول العربية"
السفارة السعودية في الجزائر العاصمة صعقت من هول الصدمة وأرسلت بالرسم والصحيفة مع مذكرة خاصة فورا إلى الرياض. كان أقوى كاريكاتور على الإطلاق يمس العاهل السعودي في العمق.
فتاوي بن جبرين وبقايا يثرب
وحينما أطلقت السعودية العنان لشيوخها الوهابيين ليفتون ضد حزب الله وضد المقاومة اللبنانية وكلفوا شيخهم الشهير الراحل عبد الله بن جبرين ليطلق فتوى تحرم التعاون مع الشيعة أو دعمهم أو مناصرتهم بل وتدعو إلى بغضهم والحقد عليهم وكرههم...
كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف بالقنابل العنقودية والفوسفورية الجنوب اللبناني وتدك الأحياء المدنية في الضاحية الجنوبية من بيروت بل وحتى الأحياء المسيحية لم تسلم من قصفها... رسم "أيوب" كاريكاتورا آخر في صحيفة الخبر جاء فيه: "رجل دين سعودي أفتى بعدم شرعية دعم حزب الله في حربه مع إسرائيل!!! وفي الصورة إسرائيلي يقول لإسرائيلي آخر : ابن عم حقيقي.
فيجيبه : لا إنه من بقايانا في يثرب" وهي إشارة ذكية من الرسام أيوب لكتاب ناصر السعيد (الكاتب خطفته المخابرات السعودية في بيروت وقتلته) "آل سعود" الذي يقدم فيه أطروحة أن آل سعود ينحدرون من قبيلة مردخاي العربية اليهودية.
مرة أخرى تصعق السفارة السعودية في الجزائر وترسل الرسم مع مذكرة خاصة لجهاز المخابرات السعودية في الرياض.
رسوم أيوب صواريخ قاتلة
وزاد أيوب ورسم كاريكاتورا آخر ثم آخر ثم آخر... وكلها قوية ومباشرة وضاربة في عمق الموضوع دون مواربة ولا دبلوماسية... نشر أيضا كاريكاتورا فيه لافتة تقول : "رئيس الحكومة الإسرائيلي ممتن للدعم العربي... على إبادة الفلسطينيين واللبنانيين. والملك عبد الله يقول لحسني مبارك : اتبهدلنا يا طويل العمر"...
وستتكرر هذه الجملة : اتبهدلنا يا طويل العمر في الكثير من رسوم أيوب مع الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وكان مسؤول المخابرات في السفارة السعودية في الجزائر يرسل كل كاريكاتور ينشره أيوب إلى قادته في الجهاز في الرياض مع مذكرة شرح وتفسير وتوصية...
وفي الرياض أصبح الشاب النحيل الجسم القادم من حي فقير من البليدة كابوسا حقيقيا للعائلة الحاكمة. رسومه كالصواريخ النووية تضرب في العمق ولا تترك مكانا للتأويل. لقد تجاوز الراحل ناجي العلي برسومه في الحدة الثورية وأسقط كل أوراق التوت عن العائلة... وهو ينشر رسومه في أكبر صحيفة جزائرية يومية تطبع حوالي نصف مليون نسخة في اليوم ويقرؤها ملايين القراء يوميا على الأنترنت...
وزاد الطين بلة أن الرأي العام في المغرب العربي كان كله وبإجماع تام يقف مع أيوب يندد بمواقف السعودية وشيوخها وصحافييها وكتابها... وخسرت السعودية معركة الفتاوي ومعركة الإعلام ومعركة الرأي العام... وبخاصة أن الجزيرة وقفت أيضا إلى جانب حزب الله وأفتى الشيخ القرضاوي ضد الشيخ الوهابي السعودي الراحل عبد الله بن جبرين وبين مدى ضلاله وانحرافه...
الانتقام عبر أوربت
جمعت أجهزة الاستخبارات السعودية كل رسوم أيوب وكذلك المقالات والحوارات التي نشرت في الجزائر ودعمت المقاومة اللبنانية وقامت بتحليلها وتوثيقها في مقرها في الرياض ثم قررت الانتقام من الجزائر شعبا وإعلاما وكتمت غيضها إلى أن تحين الفرصة وترد.
كرة القدم الفرصة الذهبية المناسبة
وجاءت الفرصة عبر مباراة رياضية بين الفريق المصري لكرة القدم مقابل الفريق الجزائري في إطار من يترشح عن القارة الإفريقية لكأس العالم. كانت مباراة بين شعبين كانا متحالفين تاريخيا.
فمصر عبد الناصر قدمت الكثيرة للثورة الجزائرية وطائرات الميغ الجزائرية هي من غطى الأجواء المصرية في 11 يونيو سنة 1967 بعد أن تم تدمير الطائرات المصرية في المطارات وهواري بومدين هو من ذهب إلى الاتحاد السوفيتي وطلب السلاح لمصر وأعطى الروس شيكا موقعا على بياض... كان الشعبان متضامنان ويحبان بعضهما بعضا وكانت القيادة السعودية تكره تحالفهما وتعتبر بومدين وعبد الناصر عدوين لدودين لها...
إن الكرة وجماهيرها الغوغائية هي الصيد الثمين... القيادة المصرية كانت تبحث عن نصر كروي يصعد من خلاله الشاب جمال مبارك إلى الحكم والقيادة السعودية كانت تريد أخذ ثأر إعلامي قديم من الجزائر.
وتم اختيار قناة أوربيت السعودية لتكون الصاعق الذي يفجر الفتنة بين الشعبين وتم التلاعب بالشعب المصري الطيب الأصيل لصالح آل سعود.
واندلعت شرارة الفتنة من القناة السعودية ومن صحفي مصري يعمل لديها. واستخدمت كافة الوسائل لتأجيجها وأغلبها من حبكة الاستخبارات السعودية من تدخل مشاهدين مزيفين إلى ألفاظ جارحة ...
إلى أن جاءت القطرة التي أفاضت الكأس: شتم شهداء الجزائر وتعييرهم. كانت ضربة قاسمة بالنسبة للجزائريين وكانت خروجا عن المألوف وحرقا لكل الأضواء الحمراء... ويبرر ضباط الاستخبارات السعودية عملهم بأن الإعلام الجزائري وبخاصة رسوم أيوب الكاريكاتورية قد تجاوزت هي أيضا كل المحرمات: فواحدة بواحدة. والعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم حسب تصورهم...
شعارهم ملوكنا وأمرائنا بشهدائكم. تنتقدون ملوكنا وأمرائنا نعاير شهدائكم. فملوكنا وأمرائنا أغلى ما عندنا إن كان شهداء ثورتكم أغلى ما عندكم... كانت ثقافة الثأر القبلية البدوية النجدية مهيمنة على المشهد في الرياض... وكان إرث ثورة نوفمبر وقيمها مهيمن على المشهد في الجزائر: ثقافتان مختلفتان ومتناقضتان في التفكير وفي القيم وفي الأسلوب... وفي الحركة.
تاريخية الحروب السرية ضد الجزائر
لماذا تكره السعودية الجزائر؟ ... منذ أيام الثورة لم يكن السعوديون راضين عن التوجه التقدمي لثورة نوفمبر وبالذات كانوا ممتعضين من تحالفها مع مصر الناصرية بخاصة ومع المعسكر الاشتراكي بعامة. ومع الاستقلال اصطدموا بأحمد بن بلا المعروف بعلاقاته الخاصة الوثيقة بعبد الناصر وهذا الأخير كان يمثل كابوسهم الأول ويهدد عرشهم بالزوال مباشرة وكاد أن ينجح... وفي اليمن تحالفت مصر والجزائر ضد الملكيين والسعوديين...
ومع مجيء هواري بومدين في انقلاب 19 يونيو 1965 استمر عداء السعودية للجزائر بسبب قيادتها لمنظومة دول عدم الانحياز ودفاعها عن سعر بترول مرتفع ودعمها لقوى التحرر العربية وللقضية الفلسطينية بالتحديد. وزاد من انضمام الجزائر لجبهة الصمود والتصدي التي تضم كل من سوريا وليبيا واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطيني من حنق آل سعود. كانت الجزائر بالنسبة إليهم عدوا دائما على مستوى الجامعة العربية وعلى المستوى الدولي أيضا...
ففي حين كانت الجزائر تدعم حركات التحرر في أمريكا اللاتينية تورطت القيادة السعودية في تمويل حروب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في هذه المنطقة البعيدة عن الوطن العربي.
القاعدة واللعب بالنار
ومولت الاستخبارات السعودية بقيادة الأمير تركي بن فيصل كل الشباب العربي الذي يريد أن يقاتل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وأشاعت عبر وسائل إعلامها وصحفها ومجلاتها في الرياض أو في لندن بوجود ملائكة خضر تقاتل إلى جانب المجاهدين الأفغان... وسقط بعض الشباب الجزائري في المصيدة وذهب ليقاتل في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل... وسيعود من نجا منه من الموت ليؤسس أول الخلايا الإرهابية التي ستفجر وتقتل وتذبح في الجزائر بعد أن تشربت من ثقافة الدماء الوهابية عبر شيوخ أرسلتهم الاستخبارات السعودية لغسل أدمغة هؤلاء الشباب وتدريبهم على القتل والذبح... وكان تنظيم القاعدة ومؤسسه الملياردير السعودي أسامة بن لادن تتشكل نواته الأولى بإشراف من ضباط تركي الفيصل...
وعملت الاستخبارات السعودية على زرع الوهابية في الجزائر... كانت تعتقد أنها بالمال تستطيع أن تنجح في ضرب حركة التقدم وقيم ثورة نوفمبر في الداخل الجزائري... كانت تدفع بسخاء كبير جدا لمن يروج لأفكارها في منطقة المغرب العربي.
شوهد شيوخ جزائريون يركبون سيارات المرسيدس الفاخرة ويحجون باستمرار لمكة حيث تلتقي بهم وتزودهم بالمال الوفير وتطلب منهم نشر المذهب الوهابي في أوساط المساجد والجامعات... وفعل المال السعودي فعله وبدأت أفكار مالك بن نبي الإصلاحية تتراجع لصالح فكر جديد غير معروف من قبل لدى المواطن الجزائري: الوهابية.
دخلت أسماء محمد العثيمين وابن الباز والألباني إلى بلد المليون ونصف شهيد. ثمة ثغرة في الجزائر تمثلت في مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة استغلتها الاستخبارات السعودية بذكاء... وكان الدفع مجزيا والعطاءات كثيرة لكل من ينشر فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويروج لفتاوي عبد الله بن جبرين ومحمد العثيمين... وبدأ بعض الجزائريين والجزائريات يغيرون ملابسهم ويرتدون ملابسا سعودية أو أفغانية غريبة عن المجتمع، وعن قيمه وثورته...
حرب الخليج الثانية وموقف الجزائريين
غزا صدام حسين الكويت وجندت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفا ضخما يضم حوالي 33 دولة تمركزت قواتها في الأراضي السعودية.
واستنجدت المخابرات السعودية بشيوخها وصحافييها بمن دفعت له سابقا وأغرته بالدفع حاضرا ليقف مع المملكة والقوات الأمريكية ضد العراق وصدام حسين... لكنها صُدمت بموقف الجماهير في المغرب العربي التي كانت مجمعة على الوقوف مع العراق.
وفوجئت بموقف الشيخ علي بلحاج وهو يدعو للجهاد ضد آل سعود وحلفائهم. كانت ضربة موجعة لها بعد كل المليارات من الدولارات التي أنفقتها لنشر الوهابية السعودية في منطقة المغرب العربي. ولم يكن المواطن الجزائري مستعدا لسماع فتاوي شيوخ الوهابية في الرياض التي تكفر صدام حسين وتدعو للقتال تحت راية الجنرال الأمريكي شوارزكوف.
مثل موقف علي بلحاج ضربة قاسمة لها. وكان الشيخ عباسي مدني مترددا في حين أن الشيخ الراحل محفوظ نحناح الممثل لتيار الإخوان المسلمين اقترب من الموقف السعودي... لكن الإجماع الشعبي كان واضحا وحازما في مناصرته للعراق.
علي بلحاج أصبح عدوا للمخابرات السعودية
ومنذ ذلك الحين أصبح الشيخ علي بلحاج عدوا للمخابرات السعودية التي ترى فيه سلفيا معاديا لها... فبحثت عن شيوخ آخرين ونجحت في اختراق التيار السلفي الجزائري الذي انقسم إلى ثلاثة تيارات: السلفية الحركية بقيادة علي بلحاج.
والسلفية الجهادية التي يقودها أمراء الحرب والدم في الجبال والمغاوير والسلفية العلمية بقيادة الوهابي الجزائري الشيخ محمد علي فركوس المكنى بـ"أبي عبد المعز"، وهو من تبنى راية الوهابية السعودية في الجزائر ودخل في صراع مع علي بلحاج لنشرها. ومن طرائف هذا الشيخ الوهابي إصداره فتوى تحرم أكل "الزلابية" وحلويات أخرى محلية تعرف باسم "الطمينة" وهي حلوى تصنع عادة في الجزائر احتفالا بالمولود الجديد.
أصبحت الخرافات الوهابية وأساطيرها تدخل الجزائر عبر هذا الشيخ الذي يصدر فتاوي نمطية مشابهة لفتاوي شيوخ الوهابية في الرياض من رضاع الكبير تارة إلى تحريم الرقص والموسيقى والسينما والفن والحب والعشق أيضا تارة أخرى... فكل شيء جميل في الحياة حرام في حرام... لكنه على عكس الشيخ علي بلحاج يدعو لطاعة أولي الأمر، أي الحاكم مثل الشيوخ الوهابيين في الرياض...
وقوف الإعلام السعودي مع الجماعات الإسلامية المسلحة
انتقمت المخابرات السعودية مرة أخرى من الجزائر عبر إمبراطوريتها. فمنذ اندلاع الإرهاب في سنوات العشرية الحمراء من سنة 1991 إلى سنة 2000 وقف الإعلام السعودي الذي يمتلك إمبراطورية في الداخل وفي الخارج وبخاصة في لندن إلى جانب الحركات الإسلامية التي تقاتل الدولة الجزائرية والجيش الجزائري.
كان يبدو غريبا أن تتحول صحيفة مرموقة مثل يومية الحياة اللندنية إلى بوق للجماعات الإسلامية المسلحة. وكانت تنشر بياناتهم في الصفحة السادسة وكأنها ناطق رسمي باسمهم. اتخذت صحيفة الماريشال خالد بن سلطان بن عبد العزيز قائد الجيش السعودي موقفا عدائيا واضحا ضد الدولة الجزائرية.
تبنت كل بيانات الجماعات المسلحة ونشرتها في الصفحة الأولى والسادسة... فقط المراقبون المحترفون كانوا يفككون الشيفرة ويرون في حملة الإعلام السعودي على الجيش الجزائري وتغذيته للحرب الداخلية بكونه انتقاما من وقوف الجزائر شعبا ودولة وإسلاميين ومعارضة مع العراق ضد السعودية سنة 1991... بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تلقت الرياض أمرا صارما من واشنطن بالكف عن تمويل الحركات الجهادية الإسلامية المسلحة والاكتفاء فقط بتمويل الوهابية الموالية والخاضعة لشعار طاعة أولي الأمر. استخلاص الدرس:
لقد كانت ثقافة الثأر القبلية البدوية النجدية مهيمنة على المشهد في الرياض... وكان إرث ثورة نوفمبر وقيمها مهيمن على المشهد في الجزائر: ثقافتان مختلفتان ومتناقضتان في التفكير وفي القيم وفي الأسلوب... وفي الحركة.
مساعدة المغرب وشراء طائرات الأف 16 نكاية في الجزائر
قامت القيادة السعودية بأمر خاص من الملك عبد الله بن عبد العزيز وبطلب جاء في مذكرة لجهاز الاستخبارات السعودية بتمويل صفقة شراء المغرب مؤخرا لطائرات أف 16 بلوك 52 الأمريكية. هل كان قرارها دفع مئات الملايين من الدولارات حبا في المملكة المغربية أم تطبيقا لقاعدة قبلية بدوية نجدية قديمة تقول "إن عدو عدوي هو صديقي".
ييبدو الانتقام واضحا من الجزائر في هذه الصفقة. فالمملكة لم تمول بهذا الشكل وبهذا المبلغ الكبير صفقات لحلفاء قريبين جدا لها مثل النظام المصري أو الأردني... رغم الخدمات الكثيرة التي قدمها لها النظامان. إضافة إلى القرب الجغرافي وضرورات التحالف الإستراتيجي العسكري. إن اختيار المغرب بتعلة الصداقة والأخوة لا يمكنه أن يفسر تمويل هذه الصدقة. فالسعودية يعيش فيها 5 مليون سعودي تحت خط الفقر. وهي تعاني من انفجار ديموغرافي حقيقي يهدد الدولة والمجتمع وتحتاج لكل ريال لإطعام سكانها. فما بالها إذن تدفع مئات الملايين من الدولارات لتمول الجيش الملكي المغربي وفي الآن نفسه يوجد 5 مليون من شعبها يعيش تحت خط الفقر؟ الإجابة مرة أخرى: ...
لقد كانت ثقافة الثأر القبلية البدوية النجدية مهيمنة على المشهد في الرياض... وكان إرث ثورة نوفمبر وقيمها مهيمن على المشهد في الجزائر: ثقافتان مختلفتان ومتناقضتان في التفكير وفي القيم وفي الأسلوب... وفي الحركة

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر