أهمية عقل النظرية العلمية مع القرءان

يهتم بعرض ومناقشة جميع القضايا السياسية سواء المحلية أو العربية أو العالمية، وكذا عرض ومناقشة أبرز الأحداث والعناوين الإخبارية.
شارك بالموضوع
سمير إبراهيم خليل حسن
مشاركات: 31
اشترك: يونيو 3rd, 2006, 8:33 pm
المكان: سوريا
اتصل:

نوفمبر 26th, 2006, 3:56 pm

أهمية عقل ٱلنظرية ٱلعلمية مع ٱلقرءان

تبدأ أىُّ نظرية علمية بٱلسؤال. ثمّ يعقبه إرسال للبصر فىۤ أشيآء ٱلحق. ثمّ ٱلنظر فيماۤ أورده ٱلبصر إلى ٱلقلب. وبذلك تبدأ أسئلة عن أصل هذه ٱلأشيآء: كيف نشأت؟ ومِن ماذا؟ ومَن فعل؟ وإلىۤ أين؟ ولماذا؟
بهذه ٱلأسئلة يبدأ ٱلبحث عن ٱلجواب. فتبدأ أعمال تحديد ٱلأشياۤء ٱلمتعلقة بٱلسؤال وما يتعلق بها من ظواهر فطرية (طبيعية). ويتكرر ٱلنظر ليتوكّد ٱلناظر من أنَّها حقّ. ثمَّ يسعى مستندا على ما تجمّع لديه من نظر إلى ٱلعلم بها وتفسيرها وشرحها وبيانها. ثمّ يتابع أعماله للوصول إلى جواب قُدُسٍ.
ومما يستنبطه علمآء فيزيآء ٱلتكوين بماۤ ٱكتسبوه من علم أنَّ ٱلكون كانت له بداية ثمّ تمدّد بعدها من موقع جمعٍ كثيف له وما زال يستمر فى ٱلتّمدد إلى ٱليوم.
وما قالوه مستنبطين يبيّن نظر إنسان فى ٱلتكوين عمل على ٱلنظر وٱلسؤال وٱلبحث عن جواب. وبفعل حاجته للمعرفة ٱكتسب علمًا قوّى لديه ٱلاستنباط.
وفى سنة 1905 وضع أينشتاين ٱستنباطه لنظرية ٱلنسبية وسهى فيها عن مسألة تمدُّد ٱلكون ونشأته. إذ كان يظنّ أنّ ٱلكون مستقر.
وفى سنة 1920 ٱستنبط هَبل أنَّ ٱلمجرَّات ٱلبعيدة عن مجرَّتنا تتحرك مبتعدة. ورأى فى ٱستنباطه أنَّ ٱلمجرَّات ٱلأكثر بُعدًا هى أكبر سرعةً فى ٱلتمدد. وجآء فى ٱستنباطه أنَّ ٱلكون كله يتمدّد. وجعله ٱستنباطه لمسألة ٱلتمدد يستنبط نظرية "ٱلانفجار ٱلأعظم The Big Ban" ٱلتى شرح بها وبيّن ما وصل إليه نظره فى ٱلتكوين وتمدده وٱستمراره وزمنه.
وقد جعلت نظريته ٱلكثير من علمآء فيزيآء ٱلتكوين يتابعون رأيه وٱستنباطه فقالوۤا أنَّ ٱلكون جميعه قد جاۤء من داتٍ (نقطة) مفردة single dot.

وعلى ٱلرغم مما لدى علمآء فيزيآء ٱلتكوين من أعمال نظر وبحث وعلم فقد رأيت فيما قالوه عن بدء ٱلتكوين أنّه محكوم بٱلتخريص وٱلظنّ لأنه لا يستند على ما توصلوۤا إليه من علم. خصوصا ٱلذى يقول منهم عن بدء تكوين ٱلأشيآء من لا شىء. فلم يتردَّد أحدهم وهو ستيفن هاوكنغ فى قوله بأنَّ الكون قد خُلِق مِن "لا شىء" (عدم nothingness). وهو بقوله ٱلظّنىّ هذا يهدّ ما كان عِلمُ ٱلفيزيآء قد توكّد منه وهو أنّه يستحيل ٱلإتيان بشىء من لا شىء.
فما يقال به ظنًّا ولغوا بكلمة "عدم nothingness" سبق وجود ٱلمادّة هو قول فَعَلَ فيه ٱلشَّيط وٱلزَّيغ عما عَلِمَ به ٱلقآئل من سنّة ٱلتكوين فيما يسمّى "قانون حفظ ٱلمادة".
لقد حملت صحف موسى معلومة عن ٱلبداية ٱلتى تسمّى فى نظرية ٱلفيزيآء "حقبة ٱلثقالة ٱلكمومية". وتظهر تلك ٱلمعلومة أنّ تلك ٱلحالة تشبه هيئة بيضة دجاج برشت. وبيّنت أنّه بفعل قوى ٱلإلِّ ٱبتعد زلالها عن صفارها. وما جآء فى صحف موسى كان له تأثيره غير ٱلمباشر فيما قاله بعض ٱلفيزيآئيين عن كونٍ مجموعٍ فى هيئة داتٍ واحدة (نقطة واحدة) أصغر من ٱلسورة (ٱلذَّرة) وقد ٱنفجرت ومنها هذا ٱلكون.
وهذا يبيّن أنّ تصورات علمآء ٱلتكوين لم تفلت من ٱلفهم ٱلطفل ٱلقاصر لما جآء فى كتب ٱللّه. ولذلك فبعضهم يقول مخرّصا فى ٱلمسألة ظانًّا أنّه يستنبط ويقول بعلم ما فهمه طفل من كلمة "בְרֵאשִית برِشيت" (كتابى "أنبآء ٱلقرءان"). ويأبى ٱلجميع ٱلتوجّه إلى عمل ٱلفقه وٱلعقل مع تلك ٱلكتب.
يقولون أنه وقع "ٱنفجار عظيم". وفى ٱلكتاب بيان لقوى إلٍّ تسبب فجرا متدفقا بٱلمادة يُصنع منها ٱلكون ٱلذى نملك ٱلقدرة على ٱلعلم به ومعرفته:
"وَٱلفجرِ(1) وليالٍ عشرٍ(2) وَٱلشَّفعِ وٱلوَترِ(3) وَٱلَّيلِ إذا يَسرِ(4)" ٱلفجر.
كما يبيّن قوى ذمٍّ تعود بٱلتكوين إلى حالته ٱلأولى:
"يَومَ نَطوِى ٱلسَّمآءَ كَطَىِّ ٱلسِّجلِّ لِلكُتُبِ كَمَا بَدَأنَآ أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدهُ" 204 ٱلأنبيآء.
وفيه بلاغ عمّا يقولون به من تمدّد:
"وٱلسَّمآء بنينَـٰها بأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" 47 ٱلذَّاريات.
فٱلكون بدأ بفجر من حال ٱلبرِشيت كما تبين صحف موسى. وهو ما يسموه "حقبة ٱلثقالة ٱلكمومية". ثم بدأ ٱلكون بعده يتوسع عابرًا فى هيۤئة دخانية. وبوصول ٱلدُّخان إلى شاطئ ٱلعبور بدأ تكوين ٱلبروتونات وٱلنترونات. إلىۤ أن وصل ٱلكون إلى هيۤئته ٱلتى يُنظر فيها ٱليوم.
فى ٱلقرءان أنبآء عن ٱلرَّتق وٱلفتق وٱلفرق وٱلفجر وعن ٱلتوسع وعن ٱلذَّرِّ وحمل ٱلأمر. وفى صحف موسىٰ بيان ٱلحدث ٱلَّذى فرق وبرأ بين הָ אָֽרֶץ (هَاَرِث). وهى ما يسمى ٱليوم ٱلطاقة ٱلمظلمة dark energy وبين הַשּׁמַים (هَشَمَيِم). وهى ٱلدُّخان ٱلَّذى يجرى عابرًا وموسعًا فى ٱلسَّمآء. وٱلَّذى يبينه ٱلقول ٱلأول فى كتٰب موسىٰ:
1 בְרֵאשׁית בּרָא אֱהימ אֵת הַשּׁמַים וְ אֵת הָ אָֽרֶץ׃ (برِشيت برا اِلُهيم اِت هَشَمَيِم فَ اِت هَاَرِث).
وفى ٱلقرءان تصديق لإمامية كتٰب موسى:
"ومن قَبلِِهِ كِِتََٰبُ موسىٰۤ إمامًا ورحمةً وهٰذا كِتَٰب مُّصدِّق لِّسانًا عربيًّا لّينذر ﭐلّذين ظلموا وبشرى للمحسنين" 12 ٱلأحقاف.

هذا يبيّن أنّ تصورات جماعة ٱلنظرية ٱلعلمية تدور حول ٱلفكرة ٱلمعروضة فى كتاب ٱللّه من دون أن تعقل معها. ولذلك تجد فيما يقولون ٱلكثير من ٱلتخريص وٱلابتعاد عن منهاج ٱلعلم ٱلفيزيآئىّ. فما قاله هاوكنغ عن ٱلكون من أنه أتى من "لا شىء" هو تخريص فى مثل هذه ٱلمسألة ٱلنظرية ٱلتى يجب أن يستند ٱلقول فيها على ٱلعلم وحده. فأن يقول (من لا شىء كان ٱلكون) هو قول من لا علم لديه. أماۤ أن يقول أن ٱلكون كان مجموعا فى داتٍ واحدة أصغر من ٱلسورة من دون أن تكون تلك ٱلدات لا شىء فيبقى قوله فى مجال ٱلعلم ٱلفيزيآئى حتى يثبت للناظرين دحضه.

لقد بيّن كتاب ٱللّه أنّ لكل شىء بداية ونهاية "كلّ شىء هالك". وكل شىء هو عبور من عدّة شهرية بقوّة إلٍّ تفعل فى تكوينه من لحظة نشوئه إلى لحظة هلاكه فيبدأ بٱلتراجع بقوّة ذمٍّ إلىۤ أصل عدّته. وٱلشىء إن لم ينشأ من عدّة وفعل لا يهلك ولا يفنى.
ٱلعدّة هى ٱلتى يسمّوها "مادة". وهى ليست أشياۤء. إنها شهور ٱثنا عشر تبيّنها ٱلفيزيآء بعلمها عن ٱلكواركات ٱلاثنا عشر. فٱلعدّة باقية لا تنشأ ولا تهلك ولا تفنى. وهى ليست ٱلسورة (ٱلذرَّة) أو ٱلبروتون أو ٱلإلكترون. كمآ أنها ليست ٱلنجم ولا ٱلمجرَّة ولا غيره من أشيآء ٱلسمآء. لكنها قد تكون ٱلكوارك وقد يكون ٱلفاعل ٱلأول هو ٱلفوتون. وقد عَلِمَ ٱلفيزيآئيون أن ٱلكواركات عدّة جميع الأشياء. فعندما يحترق ٱلخشب يتحول إلى دخان ورماد فيهلك ٱلخشب ويفنى وينشأ مكانه ٱلدخان وٱلرماد. وعندما يتحول ٱلماۤء إلى دخان يهلك ٱلماۤء ويفنى وينشأ مكانه ٱلدخان. وفى جميع هذه ٱلتحولات تبقى ٱلعدّة "ٱلمادة" باقية. فهى لا تنشأ ولا تفنى. وما نشاهده من هذه ٱلتحولات هو "ٱلمادة" ٱلباقية فى تحولها وتغيرها.
لقد أصاب أتباع نظرية "ٱلانفجار ٱلأعظم" عندما قالوۤا أنَّ مقدار ٱلمادة (ٱلعدّة وقوى ٱلفعل- ٱلكتلة وٱلطاقة) فى ٱلكون لا يزيد ولا ينقص. ولكنهم أخطأوا بقولهم أنَّ هذا ٱلمقدار محدود ويمكن حسابه. بل إنَّ بعضهم زعم حسابه.
وأرىۤ أنّ سبب مثل هذا ٱلقول ٱلظّنىّ لعالم فى فيزيآء ٱلتكوين وأمثاله هو فى ٱلامتناع عن عقل ما علم به مع بيان ٱللّه عن خلقه ٱلذى جعله عربيّا مبينا:
"إنَّا جَعَلنٰٰهُ قُرءَانًا عَربيًّا لعَلكُم تَعقِلون" 3 ٱلزخرف.

بفعل تأثير ٱلمنهاج ٱلعربىّ ٱلمنشور فى كتاب ٱللّه ٱلقرءان علىۤ أعمالى فقد تابعت ما يقوله علمآء فيزيآء ٱلتكوين وعقلت ما خرج به نظرهم مع ما جآء فى كتاب ٱللّه ٱلقرءان. وفيه وجدت أنّ ٱلمثلَ على عمل ٱلإنسان ٱلناظر هو فيما بدأ به إبرٰهيم نظره:
"فنظر نظرةً فى ﭐلنّجوم" 88 ٱلصّافات.
"فلمَّا جنَّ عليه ﭐلّيلُ رَءَا كوكبًا قال هٰذا ربّى فلمَّآ أَفَلَ قال لآ أحبُّ ﭐلأَفِلِينَ(76) فلمّا رَءَا ﭐلقمر بازغًا قال هٰذا ربّى فلمّآ أَفَلَ قال لَئِن لّم يهدنى ربّى لأكونَنَّ من ﭐلقوم ﭐلضّآلِّين(77) فلمّا رَءَا ﭐلشّمسَ بازغةً قال هٰذا ربّى هٰذآ أكبر فلمّآ أَفَلَت قال يَـٰٰقومِ إنّى برىۤء مِّمَّا تشركون(78) إنّى وجّهت وجهى للّذى فطر ﭐلسّمٰوٰتِ وﭐلأرضَ حنيفًا ومآ أنا من ﭐلمشركين(79)" ٱلأنعام.
فقد ظهر لى من هذه ٱلبلاغات ٱلعربية أنّ فعل ﭐلنّظر وﭐلسُّؤال هو ما جعل إبرٰهيم يتوجّه فى بحثه عن ٱلجواب. وفعل ذلك بمنهاج أعلنه وبيّنه فى قوله: "إنّى وجّهت وجهى للّذى فطر ﭐلسّمٰوٰتِ وﭐلأرضَ". معلنا ٱتباعه دين ٱلفطرة natural law. وبه تابع نظره وسؤاله وبحثه معلناۤ أنّ أعماله ومواقفه لا تستقرّ إلا بموته: "حنيفًا ومآ أنا من ﭐلمشركين".
وبيّن كتاب ٱللّه أنّ ما وصل إليه إبرٰهيم من إدراكٍ وعلمٍ هو ٱلذى جعله يتبع منهاج نظر متحرك لا يتوقف فلا يسقط فى وثنية وبه صار "أمّة":
"إنَّ إبرٰهِيمَ كان أمّةً قانتًا لِّلّّه حنيفًا ولم يكن من ٱلمشركين"120 ٱلنّحل.
وبعمل إبرٰهيم صار إماما للناس ٱلناظرين وأبا للمسلمين للّه ربِّ ٱلعالمين فى نظرهم ومواقفهم وٱستنباطهم.

وبمتابعتى فى كتاب ٱللّه أدركت أنّ ٱلنظرية ٱلعلمية تنشأ بفعل ٱلحاجة إلى ٱلعلم وبتأثير منهاج ٱلنظر ٱلملهم فى ٱلنّفس:
"ونفسٍ وما سَوَّـٰها(7) فألهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقوَـٰها(8) قد أَفلَحَ مَن زكَّٰها(9) وقد خاب من دسَّٰها(10) " ٱلشَّمس.
وأدركت لوۤ أنَّ ٱللَّه ترك ٱلبشر من دون هذا ٱلمنهاج لبقِىَ "روبوتًا" كبقيَّة ٱلدَّوابِّ ٱلبهيمة. له أفعاله ٱلمحدَّدة وٱلمُوزَعة (يفعل وفق منهاج محدّد). فلا يدرى ولا يسأل ولا ينظر.
أما ما فعله ٱللّه فهو فتح وتهييج لمنهاج نفس ٱلبشر بنفخه من روحه فيه. وبٱلروح صار ٱلبشر ءادما ثمّ إنسانًا يأنس ويفكر وينظر فى ٱلأشيآء يطلب ٱلعلم بتكوينها وعدّتها. وبٱلروح جعله ٱللّه يملك ٱلوسيلة ٱلتى توصله إلى رتبة خليفة:
"إنِّى جاعِل فِى ٱلأرضِ خليفةً" 30 ٱلبقرة.
وٱشترط عليه عبادته:
"إنَّنِىۤ أنا ٱللَّه لاۤ إلـٰهَ إلاۤ أنا فَٱعبدنِى وأَقِم ٱلصَّلوٰة لذكرِى" 14 طه.
وهو إن أراد لنفسه رتبة خليفة يطيع أمر ٱللَّه من دون غيره "فٱعبدنى". ويجرى ٱلأمر بجعل أعماله وأفعاله وأقواله تتبع أوامر ٱللّه:
"ٱقرَأ بِٱسمِـ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ" 1 ٱلعلق.
"وَرَتِّلِ ٱلقُرءَانَ تَرتيلاً" 4 ٱلمُزَّمِّل.
"فَٱقرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلقُرءَانِ" 20 ٱلمُزَّمِّل.
"قُل سِيرُوا فِى ٱلأَرضِ فَٱنظروا كَيفَ بَدَأَ ٱلخَلقَ" 20 ٱلعنكبوت.
"ولا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمـ إنَّ ٱلسَّمعَ وٱلبَصَرَ وٱلفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰۤئِكَ كان عنه مَسئُولاً" 36 ٱلإسرآء.
وبٱتباعه هذه ٱلأوامر ينظر ويعلم. وبعلمه يؤمن. وبإيمانه يعقل فيوقن ويطمأنّ ويتابع ليكمل رتبة خليفة بكمال ٱلروح فيه روحًا قدسًا.

ٱلاستنباط ٱلنظرىّ لا يحدث من دون سير فى ٱلأرض ونظر فى كيف بدأ ٱلخلق. وهذا لا يحدث بٱتباع ما قاله ٱلأخرون كما يبين بلاغ ٱللّه:
"ولا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمـ إنَّ ٱلسَّمعَ وٱلبَصَرَ وٱلفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰۤئِكَ كان عنه مَسئُولاً" 36 ٱلإسرآء.
وفيه توجيه إلى حسيَّة وإدراك ٱلعلم وجعل ٱلإتباع يرتبط به. أما ما قاله ٱلسَّلف وما عملوه فهو قولهم وعملهم وهم عنه مسئولون:
"تِلكَ أُمَّة قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت ولَكُم ما كسبتم ولا تُسئَلونَ عَمَّا كانوا يفعلون" 134 ٱلبقرة.
وما قاله ٱلكوزمولوجيون عن ٱلتكوين أرىۤ أنّ ٱلفاعل فيه هو تعليم ٱلأسمآء كلها:
"وَعَلَّمَ ءَادمَ ٱلأسمآءَ كُلَّها" 31 ٱلبقرة.
وقولهم عن ٱلـ Big Bang لا يبتعد عن ٱلبلاغ ٱلعربى إلا بما جآء فى لسان ٱللّغة ٱلفصحى من نقل لكلمة Bang إلى لسانها بكلمة "ٱنفجار" وبٱمتناعهم عن ٱلعقل مع بيان ٱللّه:
"وَٱلفجرِ(1) وليالٍ عشرٍ(2) وَٱلشَّفعِ وٱلوَترِ(3) وَٱلَّيلِ إذا يَسرِ(4)" ٱلفجر.
فهو فجر يبدأ من بعد طىِّ ٱلسمٰوٰت:
"يَومَ نَطوِى ٱلسَّمآءَ كَطَىِّ ٱلسِّجلِّ لِلكُتُبِ كَمَا بَدَأنَآ أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدهُ" 204 ٱلأنبيآء.
ٱلعودة يبيّنها ٱلوتد "واو" ٱلمَّحلول بٱلفتَّاح "وَٱلفجرِ". فهو يدلّ على طور منتهٍ وعلى ٱلبدء فى ٱنطلاق طور جديدٍ فى التَّكوين. وٱلوتد يبيّن قَرنًا بين طورين. وٱلطَّور هو بدء بعد نهاية. وٱلقَرنُ هو ٱشتراك ٱلنِّهاية فىۤ أسس ٱلبدء. وهو ما يبيِّنه ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"إنَّهُ هُوَ يُبدِئُ وَيُعيدُ" 13 ٱلبروج.
"إنَّهُ يَبدَؤُا ٱلخَلقَ ثُمَّـ يُعيدُهُ" 4 يونس.
فلا مكان لكلمة عدم فى ٱلتكوين. وٱلقول "كلّ شىء هالك" هو قول عربىّ يبيّن ٱستهلاك ٱلشىء لما فيه من طاقة يجعله يتحوّل ويتغير ويتبدل من دون فقدان لعدّة تكوينه وهلاكه.

ٱلنَّظرية هى قول يفعل فى نشأتِهِ ٱلسَّيرُ فى ٱلأرض وٱلنَّظر كيف بدأ ٱلخلق. وفى كلِّ طورٍ مِّن أطوار ٱلإدراك تنشأ نظريّة ترى من ٱلأشيآء ما لم يُرَ فى ٱلطَّور ٱلسَّابق.
وفى ٱلبلاغ ٱلعربىّ وصف لَّهذا ٱلطور يرتبط بإدراك ٱلنَّاظرين وتطوره. وفيه كلمة "متشابه" تدلّ على هٰذه ٱلحركة ٱلتطورية فى ٱلنَّظرية ٱلَّتى تتشعب وتتعدَّد بتشعُّب وتعدُّد ألوان ٱلنَّظر فى ٱلأشيآء وتجزأته.
وإلى ٱليوم لم يَجرِ نظرُ علمآء ٱلتكوين فىۤ أعمال عقل لما توصلوۤا إليه من علم ونظر مع بيان ٱللّه ٱلعربىّ. وهم ما يزالون على سعيهم وعملهم على ٱلمسألة يقرأون ويستنبطون من دون عقل ولا هداية عربية.
فقد دعى عالم ٱلفيزيآء "ستيفن وانبرج Steven Weinberg" إلى توحيد ٱلنَّظريات ٱلعلميَّة فى نظريَّةٍ واحدةٍ. وفى دعوته إلى ذٰلك قال:
"لن نتمكن من تتبع تفاصيل التاريخ الكوني فى تلك الأزمنة المبكرة من عمر الكون إلا إذا كانت لدينا نظرية للتثاقل والقوى الأخرى أفضل من النَّظرية الحالية" (مقال "هل ستتوحد ٱلفيزيآء مع حلول عام 2050" مجلة ٱلعلوم ٱلأمريكية ٱلمجلد 19 ٱلعدد 1/2003).
وقال فى تسويغ طلبه:
"إنَّ فهم مختلف الأحداث الطبيعية بطريقة موحدة يشكل إحدى أهم مهام الفيزياء. ولم يكن كل تقدم كبير حدث فى الماضي إلا خطوة نحو هذا الهدف: توحيد نيوتن للميكانيك الأرضي والميكانيك السماوي فى القرن السابع عشر وتوحيد ماكسويل للضوء مع نظريتي الكهرباء والمغناطيسية فى القرن التاسع عشر وتوحيد أينشتاين لهندسة الزمان والمكان مع نظرية التثاقل بين عامي 1905و1916 وأخيرا توحيد الكيمياء مع الفيزياء الذرية بواسطة الميكانيك الكمومي فى عشرينيات القرن العشرين".

وما ورآء هذا ٱلطلب هو حاجة ٱلعاملين فى هٰذه ٱلفروع للعلم فى ٱلكلِّ وٱلتَّخلُّص من ٱلتَّشتُّت وٱلتَّعدُّد فى رؤية ٱلأحداث ٱلكونيَّة.
وما يطلبه وانبرج كان قد أتى فى بيان عربىِّ مخطوط ومنطوق فى كتاب ٱللّه "ٱلقرءان". وقد جآء فيه وصف لحركة إدراك ٱلناس فى ٱلحقِّ بكلمة "متشابه":
"هُوَ ٱلَّذِى أنزَلَ عَلَيكَ ٱلكِتَٰبَ مِنهُ ءَايَٰت مُّحكمٰت هُنَّ أُمُّ ٱلكِتَٰبِ وأُخر مُتَشَٰبهٰت" 7 ءال عمران.
ٱلتشابه هو حال جميع ٱلنَّظريات ٱلعلمية ٱلمجزَّأة وٱلتى يطلب ستيفن وانبرج توحيدها. لأنَّ ٱلفاعل فى ٱلتشابه هو تطور ٱلإدراك لدى ٱلناظر بفعل تطور وسآئل بصره.

لقد بيّن ٱلبلاغ ٱلعربىّ أنّ للكتـٰب أمّ mother تحكم جميع ما فيه بما فى ذٰلك ٱلمتشابه (كتابى "أنبآء ٱلقرءان"). وهى ٱلتى تبيّن وتمثِّل هداية لِّلنَّاظر وٱلباحث فى كلِّ وجهات أعمالهم ٱلنَّظريَّة وٱلبحثيَّة إن هم عقلوا ما نظروا فيه مع ٱلبيان ٱلعربىّ.
وبٱلعقل سيظهر لهم فيها بيانُ ٱلعدَّة وعددها وقوى ٱلفعل فى كلِّ طورٍ. وبيانُ ٱلأساسِ ٱلزَّوجىِّ لكلِّ شىءٍ. وٱلأساسِ ٱلمآئىِّ لكلِّ حَىٍّ. وٱلأساسِ ٱلرُّوحىِّ لكلِّ طورٍ جديدٍ. وٱلأساسِ ٱلسمعىِّ وٱلبَصَرىِّ وٱلفؤادىِّ لكلِّ قولٍ علمىٍّ.
كما سيظهر لهم ٱلأساسُ ٱلعربىُّ لكلِّ بلاغ مُّبينٍ. وأنّ أساسَ كلِّ طورٍ فى ٱلنَّسخِ وٱلمثلِ وٱلنَّسىِّ وٱلخير. وأنّ أساسَ كلِّ تطورٍ فى ٱلامتناع عن ٱلالتفات إلى خلفٍ.
وسيتوصلون إلى ٱلعلم أنّ أساسَ هلاكِ كلِّ شىء وتكويرِه وتغيّرِه هو أساسُ ٱلعودة إلى ٱلبدء كما بدأ أول مرّة. وسيعلمون أنّ أساسَ إماميَّة أىّ طورٍ للإدراك وٱلنظرية ٱلعلمية هو فى ٱلقول: "مِلَّة إبرٰهيم حنيفًا وما كان من ٱلمشركين".

ٱلمحكم فى ٱلقرءان هو ٱلَّذِى يحكم ٱلقول ٱلنَّظرىّ ٱلمتشابه فلا يجعله يشيط ويزيغ فى ٱستنباطه. وهو ٱلذى يوصله إلى ٱستقرارٍ وٱطمئنانٍ فى ٱلعلم كيف بدأ ٱلخلق. وكلُّ ذٰلك يحدث بهداية ٱلمحكم فى ٱلبلاغ ٱلعربىّ. وأىّ خروجٍ عن ٱلمحكم يوقع فى شيط ٱلقول وٱلزيغ وٱلضَّلال وٱلضَّياع.

لقد بيَّن ٱلبلاغ ٱلعربىّ أنَّ ٱلنَّظريَّة ٱلحقّّ لا سكون ولا فتور فيها:
"ٱللَّهُ نَزَّلَ أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" 23 ٱلزّمر.
"أحسن" ٱلدَّليلُ فى "حَسَنَ". وفيه دليل ٱلأفعال "دَأَبَ وجَدَدَ وتَقَنَ وزَيَنَ". فأحسن ٱلحديث هو ٱلجدُّ من دون فتورٍ ولا سكونٍ. وٱلإيتآء بجديدٍ مُّتقَنٍ يُظهرُ زِينَةَ ٱلحقِّ ويجعله عربيًّا مُّبينًا.
ويحدث ذلك بمتابعة أعمال ٱلنَّظر وٱلبحث ٱلتى تزيد فى قدرة ٱلإدراك وٱلقرء فى كتب ٱلحق. وهٰذه ٱلزيادة تدلّ عليها كلمة مثانى multivalent فى ٱلبلاغ ٱلعربىّ.
ومثله هو عمل ٱلعقل بين بلاغ ٱلعلم ٱلنَّاظر وٱلبلاغ ٱلعربىّ. وعمل ٱلعقل هو ٱلأخر لا يفتر ولا يسكن ما دام ٱلإنسان ينظر ويبحث ويقرأ ويهتدى.
وبعمل ٱلعقل تتطابق مفاهيم بلاغ ٱلعلم مع ٱلبلاغ ٱلعربىّ عند كلِّ طورٍ علمىٍّ ويتوقف قول ٱلشيط بأنَّ الكون قد خُلِق مِن "لا شىء" (عدم nothingness).
وهذا يدلّ على حركة ٱلمفاهيم فى ٱلبلاغ ٱلعربىّ. ويُظهر ويُبيِِّّن مفهوم "أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ". فهو كتاب تكبر فيه ٱلمفاهيم وتزيد وتتضاعف وتتزيَّن بزيادة بلاغ ٱلعلم ٱلنَّاظر وٱلعقل معه. فٱلكلام ٱلعربىّ باقٍ لا تغيُّر فى هيۤئته. أما ٱلَّذِى يتغيَّر فهو إدراك ٱلدَّليل بعون ٱلتّطور فىۤ إدراك ٱلنَّاس ٱلَّذِين يسيرون فى ٱلأرض نظرًا وبحثًا فى ٱلحقِّ (بحث "ٱلملوت" كتابى ٱلثانى "منهاج ٱلعلوم").
هٰذا ٱلفهم جعلنىۤ أرى فى ٱلبيان ٱلموصوف بٱلقول: "أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" هو ٱلنَّظريَّة ٱلعلميّة ٱلموحدة ٱلَّتى يسعىۤ إليها علمآء ٱلفيزيآء. فهو يحمل بلاغا عن جميع ٱلحقِّ. وبيانا وتبيانا لِّكُلِّ شىءٍ. ولن يكون ٱلإنسان ٱلنَّاظر قادرًا على ٱلإيتآء بمثله. فٱلمحكم يبيِّن له ذلك:
"فَليَأتُوا بِحَدِيثٍ مِّثلِهِ إن كانُوا صَـٰدِقِينَ" 34 ٱلطَّور.
فوحدة ٱلنَّظريَّة ٱلتى ينتظرها ستيفن وانبرج لن تكون لا فى عام 2050 ولا فى غيره. لأنَّ ٱلَّذِى يقدر على ٱلإيتآء بها هو ٱللّه ٱلخالق لجميع ٱلحقِّ ولجميع ٱلحديث عنه. وقد فعل ذلك وأرسل لنا ٱلنَّظريَّة ٱلموحدة بلسانٍ عربىٍّ مُّبينٍ. وهى فى رسالته وللنَّاس جمبعًا. تحكمُ نظرَ وتوجُّهَ مَن كان قد أَنزَلَهُا فى قلبه وثَبََّتَ بها فؤادَهُ. فلا يضلُّ ولا يُسِىءُ ويوارى سوءَاته (أفعال سوۤء لم يسعَ إليها بإرادة).

ٱتَّباعنا ٱلنَّظريَّة ٱلموحدة فىۤ أحسن ٱلحديث سيزيد فىۤ إدراكنا وفى بلاغنا عن ٱلحقِّ. وسنوصل إلى ٱلعلم فى كيف بدأ ٱلخلق. وسنصدّق ٱلبيان ٱلعربى بوسيلة ٱلعقل بين بلاغ ٱلعلم ٱلنَّاظر وبلاغه ٱلَّذِى يهدىۤ إلى وسآئل ٱلإدراك وٱلعلم وٱلتصديق:
"ولا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمـ إنَّ ٱلسَّمعَ وٱلبَصَرَ وٱلفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰۤئِكَ كان عنه مَسئُولاً" 36 ٱلإسرآء.
ويهدىۤ إلى حتمية علمنا بكيف بدأ ٱلخلق:
"ولقد عَلِمتُمـ ٱلنَّشأَةَ ٱلأولَىٰ فَلَولا تَذَكَّرُونَ" 62 ٱلواقعة.
"إنَّا خَلَقنَٰهُم مِّمَّا يَعلَمُونَ" 39 ٱلمعارج.

إنّ ما يجعلنا نملك قوّة للتَّعريف هو كلّ من ٱلإدراك وٱلعلم. وبٱلمعرفة وٱلعقل وٱلهداية نعلم بٱلنَّظريَّة ٱلموحدة للعلم وٱلهداية فى ٱلنَّظر فىۤ أشيآء ٱلحياة ٱلدُّنيا.
أما طلب "ستيفن وانبراج لنظريَّة مُوَحَدَةٍ فى ٱلفيزيآء فيعوذه ٱلعقل بين ما وصل إليه ٱلعلم فى هٰذه ٱلمسألة وغيرها من ٱلمسآئل مع ٱلبلاغ ٱلعربىّ. كما يعوذه إخضاع جميع بلاغات ٱلعلم للمحكم فيه.
فجميع بلاغات ٱلعلم هى من ٱلمتشابه. وهى وإن ٱتسع ٱلإدراك وٱلعلم بها تخضع لسنَّة ٱلأطوار. وبيان ٱلقرءان وحده عربىّ مُّبين. وهو وحده تلك ٱلنظرية ٱلمطلوبة.
وٱلإنسان ٱلنَّاظر ٱلباحث ٱلعالم هو ٱلَّذِى يسير فى ٱلأرض ينظر كيف بدأ ٱلخلق يسأل ويسعى بحثًا عن جوابٍ. وهو ٱلخليفة فى ٱلعلم وفى جميع أسمآء ٱللَّهِ ٱلحسنى ومنه ٱسم ٱللّه نور ٱلسمٰوٰت وٱلأرض.
وبلاغ ٱلخليفة ٱلحامل للجواب على سؤال هو بلاغ علمٍ مُّتشابه. فإذا عقله مع ٱلبلاغ ٱلعربىّ وأخضعه للمحكم فيه خرج بلاغُهُ مُصَدِّقًا للبلاغ ٱلعربىّ. ونالَ بلاغُهُ ٱلتَّصديق من ٱلبلاغ ٱلعربىّ ٱلمبين.
أمَّا إذا تابع سيره فى ٱلأرض نظرًا وبحثًا من دون عقلٍ لِّبلاغه مع بلاغ ٱلقرءان. فإنَّ عمله سيكون له فيه قول يشيط ويزيغ عن ٱلحقِّ. وسيبقى قوله وبلاغه فى ريبٍ وشكٍّ.

لقد ظنَّ ٱلنَّاس أنَّ شرح ٱلقرءان قد ٱستقرَّ عند ٱلشَّارحين ٱلسَّلف. وهم بظنهم هٰذا قيدوا بلاغ ٱلعليم بإدراك علم ٱلسَّلف. وكان ٱلسلف قد قدَّموا بأعمالهم ماۤ أدركوه من ٱلبلاغ بوسآئلهم ٱلعلميَّة. وإنَّ ٱلتَّمسُّكَ بٱلفهم ٱلسَّلفىِّ للبلاغ ٱلعربىِّ وٱلظَّنَّ أنَّه ٱستقرَّ لا حركة فيه عن ذٰلك ٱلفهم كان ولا يزال ورآء تأخُّر أعمال ٱلعقل بين بلاغات ٱلعلم مع ٱلبلاغ ٱلعربىّ ٱلمبين.
وعلى ٱلرّغم من عظمة ٱلكشوف وٱلبيانات ٱلعلمية لعلمآء ٱلفيزيآء فهى لا تختلف عمّا قاله ٱلسلف إلا فى مقدار ما ٱكتشفوه. وهم فيما يكتبون من مفاهيم نظرية حول ٱلتكوين يظهر فيها غلبة ٱلظّنّ على ٱلعلم كما سبق قولى. فقد كتب ستيفن وينبرغ Steven Weinberg كتابا صغيرا حمل عنانا له "ٱلدقائق ٱلثلاث ٱلأولى مِن عُمرِ ٱلكون". عرض فيه نظرية "ٱلانفجار ٱلأعظم". وقال فىۤ أخر ٱلكتاب:
"أنَّ السعي عن رضا، لفهم الكون هو مِنَ الأشياء النادرة التي تسمو بالإنسان، وتنتشله مِنَ الترهات وصغارة الحياة اليومية، وتنعم عليه بشيء مِن شرف المشاركة في هذه المسرحية التراجيدية. ولكن، هذا السعي ليس مِنَ الأمور التي في متناول كل إنسان لاعتبارات عديدة، مِن أهمها أنَّ عقول البشر مثقلة ومقيَّدة بأفكار مسبقة، وبأجوبة إيديولوجية جاهزة، فلا ترى في الكون وأحداثه وظواهره، إلا تعبيرا عن حكمة فلسفية" (خطوط ٱلتشديد لى).
فهو يتحدث عن مسرحية وعن حكمة فلسفية كما فعل ٱلسلف فى عرضهم لظنونهم علىۤ أنّها ٱلفهم ٱلأخير لكتاب ٱللّه. وقد غاب عنه موقف وٱسم ٱلإنسان ٱلسآئل. فٱلذى يسأل تلميذ يسعى للوصول إلى جواب. وهذا هو ٱلفيلسوف. وعندما يوصل ٱلفيلسوف إلى حكم فى ٱلجواب يكون قد وصل إلى رتبة حكيم (كتابى ٱلثانى "منهاج ٱلعلوم"). وفى ٱلحكمة قوّة ٱلمعرفة ٱلتى تبنى بها ٱلنظرية ٱلعلمية. سوآء ءَكانت نظرية فى جزء أو نظرية موحدة.
كما غاب ٱلعلم عن ستيفن وينبرغ أنَّ المعرفة تقوم على علاقة جدلية بين ٱلمتشابه وٱلمطلق. وأنّ ٱلجواب على سؤال فى ٱلفيزيآء هو حكم على طلب معرفة جآء فى سؤال فيلسوف فيزيآئى. وإنَّ ٱلفلسفة وعِلم ٱلفيزيآء وٱلبيولوجيا فى ٱلسبيل إلى ٱلوحدة بفعل ٱلتطور ٱلجارى فى ٱلعلم وفى بياناته. فما يتحدث به علمآء هذه ٱلفروع هى معرفتهم ٱلتى تظهر صعوبة فى ٱلتمييز بين سؤال ٱلفلسفة وجواب حكمة ٱلعِلم.
أماۤ أن يُترك ٱلجواب للأفكار وٱلتصوُّرات. فٱلتصور مهما كان قوىّ يبقى أضعف من ٱلاحاطة بٱلكون جميعه. فٱلقول أنَّ ٱلكون بمجرَّاته ٱلتى لا يبينها ٱلقول بعدد مئة مليار أوۤ ألف مليار نجم. ولا يبينها ٱلقول أن هذا ٱلعدد كان قبل خمسة عشر مليار أو ستة عشر مليار سنة. وأنه كان مجموعا فى هيئة هىۤ أصغر من نوى سورة (ذرَّة). وأنَّه كان بثقل ٱلكون ذاته ٱلذى هو عليه ٱليوم. فنظرنا يتطور فىۤ إدراك أشيآء ٱلكون وفى ٱلعلم بها وبكيف نشأت. ويبقى علم خالق ٱلأشيآء أكبر من علمنا. فماذا نخسر من عقل أعمالنا ٱلعلمية مع بيانه ٱلعربىّ عنها حتى يكون ٱلتصور محكوم بهداية؟
دعوة إلى الديمقراطية والفيدرالية وحقوق الإنسان يسندها كتاب اللَّه القرءان

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر