المسيحيون العرب ... أهم المدافعين عن القضايا العربية القومية

يهتم بعرض ومناقشة جميع القضايا السياسية سواء المحلية أو العربية أو العالمية، وكذا عرض ومناقشة أبرز الأحداث والعناوين الإخبارية.
شارك بالموضوع
kurdi
مشاركات: 110
اشترك: فبراير 18th, 2003, 1:24 pm

يوليو 17th, 2009, 11:37 am

المسيحيون العرب ليسوا أغراباً عن المجتمع الإسلامي في بلادهم، و ذلك المجتمع الذي اشتركوا في تاريخه و اسهموا في حضارته و مدنيته منذ أربعة عشر قرناً دون انقطاع حتى يومنا هذا. و كان اسهامهم بارزاً عبر التاريخ، و حائزاً على ثقة إخوتهم المسلمين الذين كثيراً ما كلفوهم بالتكلم باسم الجميع في التعامل مع الخارج.

و لا يزال للمسيحيين بمختلف كنائسهم وجود ملحوظ في العالم العربي في فلسطين والأردن، و جمهورية مصر العربية و لبنان و سوريا و العراق.

و لا يوجد مسيحيون محليون في الجزيرة العربية، و لا في البلدان الإفريقية إلى الغرب من جمهورية مصر العربية، إذ أن جميع المسيحيين في المناطق المذكورة من المغتربين العرب و الأجانب، و هناك فئة كبيرة من المسيحيين المحليين في السودان و أثيوبيا، و لكنها ليست من أصل عربي بل من أصل إفريقي، و هي محصورة في أغلبيتها في الأجزاء الجنوبية من القارة الإفريقية. و الإحصاءات لأعداد المسيحيين في الأقطار العربية اليوم متفاوتة، و لعل الرقم التقديري لمجموع المسيحيين في البلاد هو عشرة ملايين نسمة، في جمهورية مصر العربية سبعة ملايين، و في لبنان مليونان، و في سوريا نصف مليون و في فلسطين و الأردن و إسرائيل نصف مليون و نيف.

أما توزيع المسيحيين العرب بالنسبة لكنائسهم فتقديره قد لا يكون موضع إعتماد، لأن أرقامه مستمدة من سجلات كنيسة معظمها غير كامل و مفتقر إلى الدقة.

و على كل حال فإن أكبر الطوائف المسيحية في البلاد العربية هم الأٌقباط الأرثوذكس في جمهورية مصر العربية، و يحتل الروم الأرثوذكس المرتبة الثانية إذ مجموعهم في مختلف البلدان العربية لا يتعدى المليون و أكثرهم موجودون في سوريا.

و يحتل الموارنة و الأكثرية الساحقة منهم في لبنان المرتبة الثالثة مع فارق ضئيل بينهم و بين الروم الأرثوذكس.

أما الطوائف المسيحية الأخرى فأكبرها طائفة الأرمن الغريغوريين الأرثوذكس، و هم الأكثرية الساحقة بين الأرمن و الأرمن الكاثوليك و البروتسانت، و يبلغ عدد الأرمن في البلاد العربية نحو أربعمائة ألف نسمة و أكثر من نصفهم في لبنان، كما يتساوى الروم الكاثوليك مع مجموع الطوائف الأرمنية في العدد وأكثر من نصفهم لبنانيون.

و أما غير الروم الكاثوليك من الطوائف الإتحادية فليس بينهم طائفة ذات أعداد تتجاوز المئة الف، ما عدا الكلدان إذ يبلغ عددهم مليون نسمة و معظمهم في العراق.

أما الطائفة الآشورية الأرثوذكسية في العراق و خارجه فلا يتجاوز عدد أفرادها خمسين الفاً.

أما الطائفة السريانية الأرثوذكسية فمنتشرة في العراق، و سوريا، و لبنان و فلسطين و الأردن، و يتراوح عددها بين مئتى الف و ثلاثمائة الف نسمة، و لغاتهم هي اللغة القديمة التي تكلم بها السيد المسيح عليه السلام.

و طائفة اللاتين العرب تمارس طقوس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، و رهبانية الفرنسيسكان تشرف على شؤونهم الروحية، و للاتين وجود في فلسطين و الأردن و إسرائيل.

و هناك البروتستانت الإنجيليون العرب من لوثريين و أسقفين، فهم ماية و ثلاثون ألفاً في جمهورية مصر العربية، و خمسة و عشرون ألفاً في لبنان و خمسون ألفاً في فلسطين و الأردن.

و في القدس الشرقية ثلاثة بطاركة، و أقدمهم بطريرك الروم الأرثوذكس و الأرمن الأرثوذكس و اللاتين و حراسة الأراضي المقدسة للفرنسيسكان، و في القدس أيضاً نيابة بطريركية للروم الكاثوليك، و السريان الأرثوذكس و الموارنة، و الكنيسة الآثيوبية الحبشية الأرثوذكسية و كذلك رئاسة الكنيسة البروتسانتية اللوثرية و الأسقفية.

و هذه الأعداد الضئيلة نسبياً للمسيحيين في العالم العربي المعاصر لا تعادل إطلاقاً الأهمية التي يتميز بها حضورهم الإجتماعي و الإقتصادي و الثقافي، و حضورهم السياسي في بعض الحالات في الأقطار التي ينتمون اليها، و في المجتمع العربي قاطبة.

فخلال القرن التاسع عشر أدى المسيحيون في بلاد الشام، أي فيما يدعى اليوم سوريا و لبنان و فلسطين و الأردن الدور الرئيسي في النهضة العربية.

كما كان للمسيحيين العرب الدور الرائد في إنشاء الصحافة العربية، عندما وفد العديد من الأدباء و العلماء المسيحيين و معظمهم من لبنان إلى مصر فقاموا بتأسيس الصحف و الدوريات العلمية و الأدبية و دور النشر هناك.

و قد أسهم المسيحيون العرب منذ ذلك الوقت في العالم العربي في مجالات التربية و الطب و غيرها من المهن العلمية، و كانوا في جميع إنجازاتهم المثال الأعلى الذي يحتذى به.

و عندما بدأ العالم العربي ينتظم في دول في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كان للطائفة المارونية الدور القيادي في تنظيم احدى هذه الدول و هي الجمهورية اللبنانية.

كما أدى مسيحيون آخرون، ادواراً مهمة في العمل السياسي، الذي أفضى إلى تنظيم دول عربية أخرى وصون مصالحها و المصلحة القومية العربية عامة، و هذا ما حصل بشكل ملحوظ في مصر و سوريا و العراق و كذلك في

فلسطين حيث التحم المسيحيون الفلسطينيون مع اخوتهم المسلمين الفلسطينيين في النضال و الكفاح معاً في سبيل تحرير فلسطين و الإبقاء على عروبتها منذ مائة عام و حتى يومنا هذا.

و يبقى المسيحيون العرب أهم المدافعين عن القضايا العربية القومية و خصوصاً القضية الفلسطينية.

و تبقى الحقيقة الهامة و هي أن المسيحيين العرب ليسوا أغراباً بأي شكل من الأشكال عن المجتمع الإسلامي، بل اشتركوا في صنع تاريخه، و اسهموا في حضارته و مدينته مادياً و معنوياً منذ أربعة عشر قرناً دون انقطاع، و قد كان اسهامهم بارزاً و بارعاً طوال هذه المدة و حائزاً على ثقة مواطنيهم و إخوتهم المسلمين.

و لا غرو في ذلك فأن المسلمين يجلون السيد المسيح عليه السلام إلى أسمى درجات الطهر و التقديس، و قد يصل إجلالهم له و للسيدة العذراء مريم البتول حداً كبيراً.

و لا غرابة في ذلك فإنني، اقتبس من كلام الله الذي أنزله على نبيه المصطفى و دون في القرآن الكريم ما يؤيد ذلك حيث يقول تعالى: "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعمك إلى، و مطهرك من الذين كفروا و جاعلاً الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه مختلفون.

و كذلك الأمر عن مريم العذراء، فقد ذكرت بشيء من التقديس و التعظيم في مواضع كثيرة من القران الكريم منها: إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين. و قال تعالى:" و لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين و رهباناً و أنهم لا يستكبرون" صدق الله العظيم.


بقلم المحامي إبراهيم قندلفت

عضو المجلس التشريعي الفلسطيني

نقلاً عن جريدة القدس 2006/10/14

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر