شــــهادة في الحب....


شارك بالموضوع
بشرى
مشاركات: 36
اشترك: سبتمبر 30th, 2003, 10:59 pm

أكتوبر 26th, 2003, 12:18 pm

إلى كل منكم ... إلى كل من يتكرم بسماع هذه الشهادة في الحب... إليكم جميعاً خالص شــــكري .

( هذه الشهادة , خبرة حياتية كتبها الأب جان باول اليسوعي , في كتابه حب بلا شروط)


قصة Tommy ( طمي )
منذ نحو اثنتي عشرة سنة , وقفت يوماً في الجامعة أراقب طلابي يدخلون , للمرة الأولى , صف اللاهوت العقائدي . كان ذلك أول لقاء لي مع طمي. رفت عيناي آنذاك وأنتفض عقلي إذ رأيته يمشط شعره الشاحب المتدلي فوق كتفيه حتى ظهره. لم أر من قبل شاباً شعره طويل كشعر طمي. كان ذاك الزي بدأ ينتشر في تلك الفترة. أنا أعرف أن المهم ليس ما هو فوق الرأس بل ما في داخله, ولكني ذلك اليوم , لم أكن مهيأً لما شاهدت, فانقلبت عواطفي, وصنفت طمي حالاً في خانة (غ) خانة الصنف الغريب ... والغريب جداً .
وتبين لي في وقت لاحق أن طمي كان الشخص المميز بإلحاده في صف اللاهوت العقائدي! فكان المعترض الدائم, والساخر الدائم, والمثابر في نكران إله محب, لا شروط لحبه.
تعايشنا في سلام نسبي طيلة فصل الدراسة, غير أن وجوده غالباً ما كان يزعجني كثيراً. وعندما أتى, في نهاية الفصل, ليقدم الامتحان النهائي, سألني بصوت فيه بعض الشك, ولا يخل تماماً من السخرية, قائلاً: « أتراني سألتقي الرب يوماً, في رأيك؟» قررت في الحال أن أُحمل جوابي صدمة قوية, فأجبته « لا » بكل تأكيد. فبدا متعجباً وقال لي: « ظننت أنك كنت تحاول دفعي إلى ذلك! » تركته يبتعد بعض الخطوات ثم ناديته, فالتفت إليّ, فقلت له آنذاك: « يا طمي أنا لا أظن أنك ستجد الله, ولكني على يقين تام أنه هو لن ينفك يبحث عنك حتى يلتقيك! ». فهز بكتفيه قليلا, وترك صفي, وخرج من حياتي ( إلى حين ). وأحسست بشيء من الخيبة لعدم تجاوبه مع ما ظننت أنه كان جواباً ذكياً.

سمعت يوماً أن طمي تخرّج. وشعرت ببعض الامتنان لسماعي الخبر. ثم بلغني خبر محزن, إن طمي مصاب بسرطان قاتل. وقبل أن أذهب إليه, أتى هو إليّ. وعندما دخل مكتبي بدا منهكاً, وقد تساقط شعره الطويل نتيجة العلاج الكيمائي. ولكني أبصرت في عينيه بريقاً من النور, وللمرة الأولى أحسست أن في صوته قوة خاصة. فبادرته بالقول, دون أن أفكر ملياً: « كنت غالباً أفكر فيك يا طمي, وقد سمعت منذ قليل أنك مريض ».
- « نعم, قال لي, أنا مريض ومرضي عضال. إن في رئتي سرطاناً, ولم يبقى لي في هذه الحياة سوى أسابيع معدودة ».
- « هل بإمكانك أن تقول لي أكثر من مرضك؟ ».
- « أجل, ماذا تريد أن تعرف؟ ».
- « كيف تشعر وأنت ابن الرابعة والعشرين, ومشرف على الموت!».
- « إن في الحياة أسوأ من ذلك ».
- « ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من ذلك؟ ».
- « مثلاً أن أكون ابن الخمسين ولا قيم عندي ولا مُثُل. أن أكون ابن الخمسين وأفكر أن السُكر والنساء والفلوس هي الأمور المهمة في الحياة ».

فأخذت أستعيد ذكرياتي , وكيف أني صنفت طمي تحت حرف (غ) كشخص غريب. ( أنا أحلف أني كلما رفضت شخصاً بتصنيفي له, يعيده الله إلى حياتي ليلقنني درساً جديداً ) . وتابع طمي يقول: « إن الذي حملني على العودة إليك, هو ما قلته لي آخر يوم التقيتك في الصف. ( لقد تذكر!) سألتك هل تعتقد أني سألتقي الله يوماً, فقلت «لا»! فتعجبت من جوابك. ولكنك قلت لي بعد ذلك: « ولكنه هو لن ينفك يبحث عنك حتى يلتقيك ». فكرت ملياً بذلك , مع أن بحثي عن الله آنذاك كان يفتقر إلى الجدية. ( جوابي «الذكي», فكر فيه ملياً!).

« ولكن عندما أخبرني الأطباء أنني مصاب بداء السرطان, بدأت أبحث عن الله بكل جدية. وكلما تفشى المرض فيّ, ضاعفت قرع باب السماء بقوة. ولكن الله لم يخرج, ولم يحدث شيء أبداً. هل حدث لك أن جاهدت طويلاً, بكل قواك, وفشلت؟ نشعر بالقنوط, ونفقد إرادة المثابرة, ثم نفقد كل أمل.
استيقظت ذات صباح, وبدلاً من أن أرسل بعض صرخات جديدة أُلقي بها فوق حائط القرميد العالي, نحو إله قد يكون هنالك أو لا يكون, قررت أن أتوقف عن كل شيء. قررت ألا أهتم بعد... بالله, وبالحياة الأخرى أو بأي شيء يشبه ذلك.
قررت أن أصرف ما تبقى لدي من وقت في أمور أكثر فائدة. فكرت فيك وفي صفك. وتذكرت أنك قلت لنا, فيما قلت: « الحزن كل الحزن في أن نعبر الحياة من غير أن نحب. وهناك حزن آخر يكاد يساويه, وهو أن نعبر الحياة ونترك الدنيا من غير أن نقول لمن نحب أننا نحبهم».

فبدأت بالشخص الأصعب: والدي, كان يقرأ الصحيفة عندما اقتربت منه:
- «يا أبي »...
- «نعم, ماذا؟ قال هذا وتابع القراءة».
- «أريد أن أتكلم إليك».
- «تكلم, قل ما تريد».
- «ما أريد هو غاية في الأهمية».
نزلت الصحيفة قليلاً :
- «ماذا؟»
- «يا أبي, إني أحبك. أردتك أن تعرف ذلك».
ثم ابتسم طمي ومال بنظره نحوي وبدت البهجة في عينيه وكان دفء فرح كبير يفيض من قلبه: « سقطت الصحيفة فجأة إلى الأرض, ثم حصل أمران ما عرفتهما عند والدي من قبل. بكى, ثم ضمني إليه وقبّلني. فتحدثنا طوال ذلك الليل, مع أنه كان سيذهب إلى عمله في صباح الغد. وكم أحسست بارتياح عميق بقرب والدي, برؤية دموعه والإحساس بضمي إلى صدره وسماعه يقول لي إنه يحبني.

« توجهي إلى أمي وأخي الصغير كان أقل صعوبة. بكيا معي هما أيضاً, وتعانقنا طويلاً, ورحنا نقول بعضنا لبعض أموراً جميلة جداً وحقيقية. أشركنا بعضنا في أمور كان كل منا يحتفظ بها سراً في نفسه منذ سنوات عديدة. وإني أسفت لأمر واحد: وهو أني انتظرت هذا الوقت كله. فها أنا مشرف على الوقت, وقد بدأت الآن فقط أنفتح حقاً على الأشخاص الذين أحببت.

« ثم التفت يوماً وإذا الله إلى جانبي, لم يأت إلي عندما توسلت إليه. كنت على ما أعتقد, كمدرب حيوانات يحمل طوقاً كبيراً ويدعو الحيوان إلى المرور فيه... هيا... إقفز... إني أعطيك ثلاثة أيام... ثلاثة أسابيع...
يبدو أن الله يحقق ما يريد كيفما يريد وساعة يشاء.
« ولكن المهم أنه كان هناك. إنه لقيني. لقد كنت على حق. إنه لقيني بعد أن توقفت عن البحث عنه».

« يا طمي, أجبت وفي صوتي ارتجاف من كاد يبكي, إنك تنطق بأمور هي غاية في أهميتها وشموليتها. في نظري, ما تقوله هنا يعني أن أفضل سبيل إلى اللقاء بالله, هو ألا نحاول امتلاكه, وألا نقيمه منقذاً لنا من المصاعب, يسكب في قلوبنا العزاء ساعة نحتاج إليه, بل أفضل السبل إليه انفتاح على الحب. أنت تعرف أن هذا من قول القديس يوحنا. إنه قال:
« الله محبة. من أقام في المحبة, أقام في الله وأقام الله فيه».

« يا طمي, هل لي أن أطلب إليك خدمة؟ أنت تعرف أنك لما كنت في صفي كنت تشكل إزعاجاً حقيقياً. ولكن بإمكانك أن تعوض علي الآن وتزيد. هل بوسعك أن تأتي إلى صفي وتقول لطلاب اللاهوت العقائدي ما قلته الآن؟ فلو قلت لهم أنا, لما كان لكلامي الوقع الذي سيتركه فيهم كلامك أنت ».
« في الحقيقة, شعرت أنه بإمكاني التكلم إليك بما أحسست, ولكني لا أعرف هل لدي الاستعداد الكافي للتحدث في الشيء نفسه مع طلابك ».
« فكر في الأمر, يا طمي. وإذا شعرت أن لديك مثل هذا الاستعداد, فسأكون في انتظارك وقت ما تشاء».

بعد بضعة أيام , كلمني طمي ليقول إنه مستعد, وسوف يتحدث إلى صفي, إكراماً لله ولي. حددنا الزمان, ولكنه لم يأت. إنه كان على موعد أهم بكثير من موعدي. إن حياته, بالطبع لم تنته بالموت, إنما تبدلت. لقد خطا خطواته الكبرى من الإيمان إلى الرؤيا، ليجد هناك ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولا خطر على قلب بشر.

قبل أن يموت تحدثنا مرة أخيرة فقال لي:
- « لن أتمكن من المجيء إلى صفك».
- « أعرف ذلك يا طمي ».
- « فهلا قلت لهم عني ما كنت أود أن أقوله لهم أنا؟ أرجوك... أخبرهم... بل أخبر العالم كله».
- « سأفعل يا طمي, سوف أحاول, سوف أعمل جاهداً كي أنجح في ذلك».

فإلى كل منكم , أنتم الذين تكرمتم علي بسماع هذه الشهادة في الحب، إليكم جميعاً خالص شكري. وأنت يا طمي, حيث أنت في بهجة رحاب السماء الجميلة, أطمئنك: «لقد قلت لهم... وبكل ما أعطاني الله من قوة وعون, أخبرتهم».

ramadan_20
مشاركات: 121
اشترك: مارس 4th, 2006, 12:33 am
المكان: مصر

مارس 4th, 2006, 8:33 pm

مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر