هل تريد أن تكون أبي؟ (قصة)


شارك بالموضوع
Hatem
مشاركات: 520
اشترك: سبتمبر 10th, 2002, 8:50 pm

مارس 25th, 2003, 12:36 am

<u><center><font size=+2>هل تريد أن تكون أبي؟<BR>قصة بقلم: عماد حنا</u></font></center>
بعد كثير من التردد رفع يده الصغيرة وشب عن الأرض ليدق جرس الباب... كان خائفا بعض الشيء ... للوهلة الأولى فكر أن يهرب إلى خارج البيت ... ولكنه تماسك وظل واقفا... دقائق قليلة وفتح الباب ليجد أمامه رجلا في ثياب منزلية ... نظر إليه... كان في حالة يرثى لها ... شعر طويل مجعد لونه أبيض... عيون لم تذق طعم النوم حمراء متورمة من البكاء ... وجه أحمر متجهم ... شعر بالخوف من هذا الشخص ولسان حاله يقول " ما الذي جاء بي إلى هنا؟!!" وكان هذا هو أول سؤال يسأله الرجل الحزين
- ماذا تريد يا بني ?
-هل أنت الأستاذ صالح؟
- أجل
- أنا أيمن
- أهلا بك... بماذا أخدمك؟
تردد الصبي قليلاً وبدا وكأنه لا يعرف كيف يبدأ الحديث ... ثم قال أخيراً
- هل تسمح لي أن أجلس ?
أشار الرجل إلى كرسي قريب , وقال
- تفضل.
جلس الصبي وأمامه جلس الرجل المتهالك ... ثم قال يستحثه على الكلام
- إذا...
كان الصبي لا يزال متردداً ولكنه استجمع قواه وقال:
- أنا أيمن ابن مرزوق.
نظر الرجل إليه... ومسح عينيه المتورمتين كي يتمكن من أن يرى جيداً الصبي وقال
- أنت؟
- أجل.
- أنت ابن الرجل الذي أفسد حياتي? ... أم أنه مجرد تشابه في الأسماء... قل لي بالله عليك
قال الصبي متردداً:
- بل أنا هو يا سيدي ... ابن من قتل ابنك في العام الماضي
نظر له كالمجنون ... وبدا أنه لا يدري ماذا يقول أو ماذا يفعل ?
- لماذا جئت؟ ... من المفروض أن يخرج والدك من السجن اليوم... ألن تذهب للقاءه؟
- شعرت أنك أنت أيضا سوف تذهب للقاءه ... لذلك جئت لتحقيق العدل.............

كانت الكلمة "العدل" مصدر تعب لذلك الرجل الذي ظل طوال عام كامل يتساءل أين العدل في كل الذي حدث له ولعائلته التي فقدها ... لذلك ما أن نطق الصبي بهذه الكلمة حتى كان كمن ضغط على جرح عميق عند الرجل فصرخ:
- عدل؟ أي عدل هذا ... الرجل يقتل ابني الذي انتظرت وصوله إلى هذه الدنيا أربعة عشر سنة... أربعة عشر أنتظره أنا وأمه ويأتي هو ببساطه ويصدمه بالسيارة ويهرب ... وفي آخر الأمر يدخل السجن لمدة سنة ... سنة واحدة بدلا من أن يشنق... هل هذا هو العدل ? أن يخرج إلى النور اليوم ... ويتركني فريسة للحزن والألم ...
- سيدي
- .هل تعلم أنه لم يقتل ابني فقط ... أجل ... لقد قتل زوجتي أيضا ... هل تعلم هذا...?

نظر الولد إليه مشدوها ... وقال:
- زوجتك... كلا ... لم أعلم ... لقد قالوا لي أنه صدم شخصا واحدا فقط. طفل.

اقترب وجه الرجل من وجه الصبي حتى كادا أن يلتصقا وهو لا يزال يصرخ
- ومع ذلك فقد قتل أمه التي ظلت تبكي طفلها أربعين يوما وبعدها لم تستطع العيش بدونه فمرضت وكرهت الحياة ففارقتنا لتموت كمدا وغما وتتركني وحدي سجينا للوحشة والضيق والحقد? ... وفي النهاية تقول أنك جئت من أجل العدل ... هل تسمي الذي حدث هذا عدلا ...

بدا وكأن الصبي يحاول أن يزن كلماته جيدا وهو يتكلم
- بالتأكيد لا ... لذلك جئت لكي تحقق العدل

رفع الرجل صوته أكثر وهو يحكي عن قرار ظل يفكر فيه طوال عام كامل ... عام كامل يرتب ويخطط... لم يعد يهتم بمستقبل أو حاضر ... ولكن كل همه كان أن يحقق ذلك العدل المفقود ... لذا رد عليه بإصرار عجيب:
- العدل لن تحققه أنت في هذا المكان بل أنا الذي سأحققه? لن أحققه هنا ... بل سأحققه هناك على عتبة السجن ومعي هذا ...

وأخرج من جيبه مسدسا صغيرا ... ثم أكمل كلامه
- هذا وحده سيحقق العدل... وسيريحني ويريح زوجتي التي ماتت? بسبب والدك.

- يحق لك سيدي أن تفعل هذا ... وربما سيشفي هذا غليلك... ولكنك لن تحقق العدل أبدا بهذا ...


وقف الرجل وأخذ يسير بعصبية ظاهرة ثم التفت إلى الصبي وقال:
- لن أحقق العدل? ... من قتل يقتل ... أليس هذا عدل؟؟؟!!!!!!

وهنا وقف الولد بدوره وقد أكسبه الحديث شجاعة مفاجئة فقال
- ولكنك تظلمني أنا... أنا أحتاج لأب ... وأنت ستأخذ مني أبي ... أبي الذي أحتاج له...إنه ليس أبي فقط... بل أبي وصديقي ... أبي الذي كاد يفقد عقله عندما انفجرت الزائدة الدودية في بطني منذ عام كامل فحملني في سيارته محاولا إسعافي ... وراح يجري كالمجنون في الطرقات... حتى اختل توازن السيارة منه... فصدم طفلا يمشي في الشارع... ولكنه لم ير شيئا لأن ذهنه كان مشغولا بشيء واحد وهو أن يصل إلى المستشفي لكي ينقذني ... هل أنت عادل وأنت تفقدني أعز ما أملك... أنا لم أفعل لك شيئا لتفعل معي هذا

وفي نهاية الكلمات تشنجت خلجات الولد... وراحت الكلمات تهرب من ذهنه ولسانه ... فتوقف يمسح دموعا سالت من مقلتيه ... بينما لمعت عينا الرجل وهو يرى الولد ويرى فيه صورة ابنه الذي فقده... انه يشبهه كثيرا... ماذا يحدث لو كان ابنه هو الذي واجه هذا الموقف؟ ... وبدا له أن كلمة العدل ضاعت وسط كثير من المعاني ... كيف له أن يحقق العدل لنفسه دون أن يظلم غيره ... سؤال صعب ...فتساءل بصوت انخفضت حدته عن ذي قبل
- وأين العدل في نظرك
لم يكن في الواقع السؤال موجها للصبي وأن بدا هكذا ... كان موجها إلي الفراغ... ولكن الصبي كان ينتظر هذا السؤال فقال سريعا:
- خذني أنا

نظر الرجل باستغراب ... هل يريد الابن أن يفدي أباه؟ ... هل يقصد هذا
- هل تريد أن أقتلك؟
- سيتحقق هكذا العدل بالكامل فأنت فقدت ابنك وأبي بهذه الطريقة يفقد ابنه ومن يدري فربما أمي تموت حزنا علي ... فيتحقق العدل... ولكني لم أقصد هذا ...

نظر الرجل بتساؤل أكثر وفضول أكثر
- ماذا تقصد؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!

- خذني لكي أكون ابنك... بديلا عن ابنك الذي راح ... سأكون لك نعم الابن... وأعرف أنك ستكون أباً جيدا... فقط... اترك أبي يعيش


ابتسم الرجل ابتسامة ساخرة مريرة وقال:
أنت لن تستطيع أن تكون لي ابنا أيها الصبي ... أنت تحب أباك إلى درجة أنك تضحي بنفسك في سبيله... تلك التضحية التي جعلتك تريد أن تتركه وتبقى معي على أن يظل أبوك حيا... يبدوا أن أباك رجل صالح بالنسبة لك ... أليس كذلك؟

نظر الولد إلي الرجل وقال:
- أبي ? ... هل هناك مثل أبي ?... طيب وحنون... يحبني ويصادقني ... عام كامل افتقدته كثيرا... لقد كنت في المستشفى عندما قبض عليه... وقتها جاء إلي بعد أن أفقت من العملية التي أجريت لي وقال لي " يا بني ... لقد اطمأن قلبي عليك... ولكن في سبيل ما فعلت دون أن أقصد قتلت شخصا آخر... ليسامحني القدير على هذا الأمر الذي لم أكن أقصده... والآن على أن أسلم نفسي... أتركك وكلما اشتقت إلي ارفع نظرك إلى العلاء وصل ... ? أنت تصلي اذكرني واذكر من تسببت في أذيتهم" ... ولم أره أبدا بعدها ... لم ترد أمي أبدا أن أزوره في السجن حتى يظل أبي محتفظا بصورته الحلوة في ذهني
لم يستطع الرجل أن يستمع أكثر فصرخ في الصبي
- اذهب الآن ... اذهب لتلقى أباك... اذهب لتشبع به ولترتمي في حضنه... اذهب واتركني

- هل ستترك أبى يعيش؟؟


لم يتمالك الرجل نفسه فأجهش بالبكاء ... وترك الولد وحده وذهب إلى غرفة أخرى... لم يعرف الصبي ماذا يفعل ... ولكنه ذهب وراءه إلى غرفة النوم ليجد على السرير صورة ولد صغير وصورة امرأة وبجانب الاثنين المسدس الذي كان في يد الرجل ملقى ...
... ارتمى الرجل المنهار على السرير... ومن وراءه الولد يربت على كتفه ويقول:
- سيدي

نظر الرجل إليه بعيون تائهة ... فأكمل الصغير
- لقد علمني أبي أنه كلما أصابتني مشكلة عويصة أو شعور سلبي بالعداوة أو الكراهية أن أفعل شيئا واحدا يجعلني أشفى من هذه المشاعر ... هل تسمح أن أقوله لك?

تساءل الرجل بنظراته فأكمل الولد
- اركع وصل... اطلب من الله أن ينزع عنك كل ما هو سلبي ... سلم له حياتك وقلبك واتكل عليه... إنها طريقة ناجحة ... صدقني... قبل أن آتي إلى هنا ركعت وطلبت اله السماء... هكذا علمني أبي ...? ها أنا أطلب منك نفس الشيء ... هل تجرب ?

- هل لك أن تتركني وحدي ... أرجوك

- وداعا سيدي... هل تحب أن أزورك بين فترة وأخرى؟


نظر إليه الرجل... رأى فيه صورة ابنه المفقود... أمسك يده ... احتضنه وقال
- إنني فعلا احتاجك ... هل تعدني بان تفعل ذلك
- اجل... لقد أصبحت صديقي.

وتركه الولد وذهب ليقابل أباه على باب السجن... بينما ارتمى الرجل على سريره ليبكي بكاءاً مريرا... ويتذكر مشورة الولد.. ثم مسح عينيه ... وركع
<center>------------------------
</center>
<FORM METHOD=POST ACTION="http://www.ushaaqallah.com/ubbthreads/d ... hp"><INPUT TYPE=HIDDEN NAME="pollname" VALUE="1048552610Hatem">
<p>رأيك في هذه القصة:
<input type="radio" name="option" value="1" />ممتازة.
<input type="radio" name="option" value="2" />جيدة جداً.
<input type="radio" name="option" value="3" />جيدة.
<input type="radio" name="option" value="4" />مقبولة.
<input type="radio" name="option" value="5" />غير مفيدة.
<INPUT TYPE=Submit NAME=Submit VALUE="أرسل رأيك" class="buttons"></form>

ramadan_20
مشاركات: 121
اشترك: مارس 4th, 2006, 12:33 am
المكان: مصر

مارس 4th, 2006, 7:58 pm

مشكورررررررررررمشكوررررررررررررر رمشكورمشكورررررررررررمشكوررررررررررررر رمشكوررررررررررررر ر رررررررررررر ر مشكورررر مشكورررررررررررررررررررررر مشكورررررررررررررررررررررر مشكورررر

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر