بين الحكمة القديمة والفسيولوجيا الحديثة ( البصيرة )

خلقنا من مادة، والأرض مادة. يقال أننا محاطون في الكون المادي بشيء اسمه الأثير. لكن هل هي الحقيقة؟ هناك طاقة. فكرة. معرفة. هي حول كل إنسان. لا يستطيع أن يراها لأنها إحساس.
سمعنا عن علوم كثيرة،،،بالماورائيات،،،منها الطاقة، والحاسة السادسة، وعلوم الحرف، واليوغا، وغيرها، وتتشعب هذه العلوم إلى مستويات لا تصدق. لكن في هذا المنتدى سنتطرق فقط إلى ما هو واضح وحقيقي.

مراقب: الماستر جولنار

شارك بالموضوع
الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 6th, 2009, 11:27 pm




العين الثالثة

بين الحكمة القديمة والفسيولوجيا الحديثة


مدخل


لي بين حاجبيَّ عين ثالثة. ولولاها لكنت أعمى.

ميخائيل نعيمه


رأيت ربي بعين قلبي فقلت: من أنتَ؟ قال: أنتَ!

الحلاج



"العين الثالثة" للفقاريات تشكُّل مخِّي شديد الحساسية للضوء، لكنه خلافًا للعينين "الحقيقيتين" –

وهما كذلك متفرعتان عن المخِّ مباشرة – يبدو للوهلة الأولى غير معني بالإبصار.

يُطلِق البيولوجيون على هذا التشكُّل أسماء مختلفة من نحو الصنوبرة أو حتى "العين" الصنوبرية أو الغدة الصنوبرية epiphysis للمخ.

وإن دراسة المحفوظات الأحفورية والأنواع الحالية تشير إلى أن الصنوبرة، بدءًا من الفقاريات البدائية وانتهاءً بالإنسان،

إنما هي تبرعم ينشأ عن المخ عند سقف الدماغ الأوسط diencephalic ceiling. وهو، مغطًى كان بجدار الجمجمة أم لم يكن،

يبقى حساسًا للضوء، مباشرة في غير الثدييات أو على نحو غير مباشر في الثدييات.

ويكون الجسم الصنوبري كبير الحجم عند صغار الحيوان والأطفال، ويبدأ بالتقهقر والتكلُّس عند الإنسان في أثناء العقد الثاني من العمر،

حيث يتكون حينئذٍ من مدخرات صغيرة لكربونات وفوسفات الكلسيوم والمغنيزيوم، فيما يسمى بـ"الرمل الصنوبري" الذي يمكن مشاهدته بأشعة X.
هذا ويبدو أن وجود الجسم الصنوبري لدى الإنسان كان معروفًا منذ أقدم العصور.

ومن المعلوم أن رونيه ديكارت رأى فيه مركزًا تقوم فيه النَّفْس، عن طريق سريان "الأرواح الحيوانية"،

بتلقِّي المعلومات من الجسم وبالسيطرة عليه ككل.

ولئن كان على العلم أن يقرَّ بشيء بصدد هذا العضو العجيب فإقراره بتخلفه عن مواكبة تأملات الفلاسفة.

فمع أن الأبحاث المجهرية إبان القرن التاسع عشر ترافقت بالملاحظات السريرية والدراسات الاختبارية،

ظلَّ المختصون بدراسة الصنوبرة، حتى أواسط القرن العشرين، من "الأنواع" النادرة!

ومع اكتشاف الباحث الأمريكي أ. ب. ليرنر عام 1959 لجزيء تطرحه الصنوبرة أُطلِقَ عليه اسم الميلاتونين Melatonin،

ومع النمو التكنولوجي المطَّرد وانعقاد الفرق الدراسية من بعدُ، تمَّ قطعُ شوط جديد، خصب جدًا من حيث النتائج والمفاهيم،

وبُدِئ بالإجابة على جانب من التساؤلات العلمية التي ظلت معلَّقة، وإن على حساب تنحية المعطيات القديمة التي ما تزال طيَّ كتب الحكمة القديمة،

تنتظر أن يحين الوقت لكي يطَّلع عليها عددٌ من المتنوِّرين في المجتمع العلمي،

فيلقوا على سرِّ الصنوبرة ضوءًا جديدًا. ومع ذلك،

فالفضل يعود إلى العلماء في احتلال هذه الغدة اليوم منزلةَ العضو الوظيفي بعد أن ظلت محرومة منها طويلاً في الأوساط العلمية.

فما هو دور الصنوبرة المعروف اليوم؟ وأية فائدة تجنيها المتعضِّيات من عضو حسَّاس للضوء؟

ذلك ما سنحاول الإجابة عليه،

مستندين أولاً إلى مكتشفات البيولوجيا والفسيولوجيا في هذا الصدد.


يتبع

من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 6th, 2009, 11:28 pm



. العين الثالثة بحسب الفسيولوجيا الحديثة

فلنبدأ بوصف تشريحي موجز لهذا العضو الذي ظل سرًّا عصيًّا على العلم فترةً طويلة،

وما يزال كذلك في أبعاده السرَّانية والباطنية. إن بعض الأنواع يضم إلى الصنوبرة تشكُّلاً إضافيًّا:

العضو جار الصنوبرة للشَّلْق (من أنواع الحنقليس) وبعض الأسماك، وهو العضو الجبهي عند البرمائيات والعضو الجداري عند الزواحف.

ويؤلف المجموع – الصنوبرة والعضو الإضافي – ما يُعرَف باسم المركَّب الصنوبري.

وفي العضو الصنوبري للأسماك والزواحف والسلاحف والعظايا توجد خلايا حساسة للضوء قريبة الشبه بالأعين،

هي مستقبلات ضوئية.

فهي مزودة بقطب مستقبِل للفوتونات وقطب مرسِل للرسائل الموجَّهة إلى عصبونات من الرتبة الثانية تقصد المخ.

ومع أن غالبية الزواحف والطيور تحتفظ بحساسيتها للضوء

فإن العديد من المستقبِلات الضوئية الصنوبرية "منقَّحة" بحيث يصح الكلام فعلاً على مستقبِلات ضوئية معدَّلة.

ذلك أن القطب المستقبِل فيها مختصر، بينما ينتهي القطب المرسِل على مقربة من الأوعية الدموية الشعرية.

أما الحساسية للضوء والعصبونات الموجَّهة نحو المخ فتختفي تدريجيًّا؛

إذ إن خلايا الصنوبرة – مستقبِلات ضوئية ومستقبِلات ضوئية معدَّلة وخلايا صنوبرية – تكابد إبان التطور تعديلات لا يستهان بها.

على أن الوصف الدقيق لتعضِّي هذه الأنماط الثلاثة من الخلايا، المنضوية تحت ما يسمَّى بـ"القلاَّبات" transducers، يبيِّن أنها،

على الرغم من تحوُّل عميق في بنيتها الظاهرية، تبدي تشابهات هامة. زِدْ على ذلك أنها، كما سيُتبيَّن لاحقًا، تنشئ جزيئات متماثلة.

ولقد قادت هذه الخصائص المشتركة العلماءَ إلى اقتراح وجود صلة نَسَب وثيقة بين القلاَّبات الصنوبرية.

فهل هذه تشكِّل "طيفًا" خلويًّا – وإنْ لم يُقطَع بعدُ بوجود سلالة أو سلالات خلوية ذات أصل واحد؟

وسيتضح لنا أن إعادة النَّمْذَجَة البنيوية للقلاَّبات تترافق بتغيُّر عميق في آليات فكِّ رموز المعلومات الضوئية.

يتبع



من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 7th, 2009, 8:28 am




رسائل يوقِّعها الضوء

مهما تكن القلاَّبات فإنها تنشئ على الأقل نمطين من الجزيئات–"الرسائل":

إندولات وربما ببتيد أو أكثر. بيد أن أشهر الجزيئات الإندولية هو الميلاتونين Melatonin، المشتق من السيروتونين Serotonin.

وقد سُمِّي بالـ"ميلاتونين" كونه يقبِّض حاملات صباغ الميلانين في جلد الضفدع، فيصير لونه فاتحًا.

ويتم تصنيع الميلاتونين (الذي بات يحتل منزلة الهرمون) في القلاَّبات وينطرح في الأوعية الشعرية.

وتنشئ القلاَّبات أيضًا حبيبات إفرازية من طبيعة بروتينية ، لكن بنية وظيفة الببتيد أو الببتيدات المتراكمة في الحبيبات ما تزال مجهولة.

وإلى هذه الجزيئات المشتركة بين مختلف القلاَّبات،

ينضاف في المستقبِلات الضوئية المميِّزة للفقاريات من ذوات الدم البارد إنتاجُ "رسالة" عصبية،

هي عبارة عن ناقل عصبي محرِّض لعصبونات الرتبة الثانية القاصدة للمخ.

ونذكِّر هنا بأنها القلاَّبات الصنوبرية الوحيدة ذات الصلة بالمخ بواسطة عصبونات.

الخاصية الرئيسية للقلاَّبات هي نشاطها الإيقاعي اليومي؛ إذ إن بنيتها وعملها يُبديان، في آنٍ معاً،

تبدلات واضحة إبان كلِّ دورة مؤلَّفة من أربع وعشرين ساعة. وهذه التبدلات "اليومية"

ليست محسوسة على مستوى نواتها وهيولاها والعديد من عضيَّاتها وحسب، وإنما على مستوى مختلف الجزيئات أيضاً.

كذا فإنه لدى الطيور والثدييات يبلغ تركيز الإندولات حدَّه الأقصى، سواء إبان الطور الضوئي (كما في حالة السيروتونين) أو في أثناء الليل،

كما هي الحال مع الميلاتونين. وأيًّا كان مسكن الفقاريات المدروسة حتى هذه الساعة، وأيًّا كانت عوائدها الليلية،

من الشِّلْق حتى الإنسان، فإن طرح الميلاتونين ليلي دومًا. وإن تركيبه عند عدة أنواع تتوقف على إنزيم مركِّب

هو الـSerotonin-N-acetyl-transferees.

القلاَّبات، إذن، تنتج جزئيات–رسائل مخصصة للمتعضِّية؛ وإنتاج و/أو طرح هذه الجزيئات متوقف، إجمالاً،

على الضوء (ذي التأثيرات الناهية) والظلمة (ذات التأثيرات المحرِّضة).

وإن معلوماتنا عن القَلْب الضوئي في الصنوبرة، أي عن الآليات الداخلة في عملية امتصاص الطاقة الضوئية،

ما تزال شحيحة بالقياس إلى المعطيات المتوفرة لدينا عن عمل شبكية العين.

إذ إن عملية القَلْب الضوئي تتم في المستقبِلات الضوئية للشبكية – المخاريط والعصيَّات – على مستوى القطب المستقبِل (الفص الخارجي):

وهو هدب خاص مكوَّن من ارتصاص كييسات أو أقراص؛

وتوجد هذه الأقراص في المستقبِلات الضوئية النموذجية للصنوبرة بعدد يتراوح

بحسب الأنواع وحتى ضمن النوع الواحد (من 2 إلى 3 حتى 200 قرص تقريبًا).

ويتناقص عدد الأقراص في المستقبِلات الضوئية المعدَّلة حتى تختفي تمامًا في الخلايا الصنوبرية.

لكن المقايسة مع بنية شبكية العين لا تتوقف عند هذا الحد.

إذ إن البحوث الكيميائية، الخلوية والمناعية، على قلاَّبات غير الثدييات سمحت ببيان وجود جزيئات تمتُّ بصلة وثيقة

إلى الجزيئات الداخلية في عملية القَلْب الضوئي للشبكية.

فهذه الملاحظات، لدى مقابلتها بتحليلات فسيولوجية كهربائية وطيفية مجهرية وكيميائية

تلمح إلى أن آليات القَلْب الضوئي في المستقبِلات الضوئية والمستقبِلات الضوئية المعدلة للصنوبرة قريبة إلى حدِّ التطابق من آليات شبكية العين.

على أن الاستكشاف الفسيولوجي الكهربي الذي قام به فريق من معهد ماكس بلانك في ألمانيا

سمح بالبرهان على الحساسية الضوئية المباشرة للصنوبرة عند مختلف الفقاريات ذوات الدم البارد.

فالظلام، في الصنوبرة وفي الشبكية على حدٍّ سواء، هو ما يحرِّض المستقبِلات الضوئية على النشاط، أي على زوال الاستقطاب الكهربائي فيها.

وفي المقابل، فإن المستقبِلات الضوئية مفرطةُ الاستقطاب في الضوء، الأمر الذي يتوافق مع انخفاض في النشاط.

إن زوال الاستقطاب الكهربائي في الظلام يترافق مع طرح جزيء (ناقل عصبي محرِّض)،

يزيل بدوره في الصنوبرة استقطاب العصبونات من الرتبة الثانية. وتنتشر السيالة العصبية من بعدُ حتى المخ بطرق معلومة لدى أنواع نادرة.

وتتوقف الاستجابات المسجَّلة على مستوى العصبونات من الرتبة الثانية على سلَّم واسع من الشدَّات الضوئية. ناهيك عن كونها،

على الأغلب، من نمط "غير لوني"، أي تتثبَّط بكلِّ أطوال موجات الطيف المرئي وما فوق البنفسجي بما يفوق حساسية العين للضوء.

كذلك فإن استجابات المستقبِلات الضوئية تتوقف على شدة الضوء وتكوينه الطيفي ومدة تأثيره.

ولقد سمحت هذه الملاحظات لأحد العلماء الألمان باعتبار صنوبرة الأنواع المزوَّدة بمستقبِلات ضوئية حقيقية كاشفةً لشدة الضوء:

العضو "مؤشِّر لمدة الإضاءة اليومية ومقياس للإشعاع الشمسي"، على حدٍّ قول العالِم المذكور.

فكيف يقوم المخ بالاستفادة من الرسائل العصبية التي يتلقاها على هيئة نبضات كهربائية؟

إن بحوثًا متمِّمة ضرورية لكي يتم توضيح حقيقة انخراطها في ضبط الحركات الحاصلة استجابةً للضوء،

وحرارة الجسم، والوظائف العصبية للغدد الصم، والإيقاعات اليومية. وفي المقابل،

فإن اختفاء المستقبِلات الضوئية النمطية عند الثدييات لصالح نموِّ خلايا صنوبرية غير حساسة للضوء يتلازم مع فقدان الرسالة العصبية،

بما يشير إلى عدم قيام الصنوبرة بدور قديم كانت تقوم به.

_________________


يتبع


من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 7th, 2009, 8:31 am




الميلاتونين في قلب الإيقاعات

أكثر الرسائل التي تعالجها القلاَّبات حظًّا من الدراسة هو الميلاتونين.

وقد تبيَّن أن إنتاجه ليلي دومًا، شأن طرح الناقل العصبي.

فكيف يتأثر تركيب الميلاتونين بتناوب الليل والنهار – وبعبارة أخرى، كيف يستجيب للفترة الضوئية؟

إذا لم تكون صنوبرة الثدييات حساسة للضوء مباشرة فإنها، في المقابل، ذات صلة بالشبكية بطريق عصبي واحد على الأقل،

يقابل تَمَفْصُلَه الأخير أليافًا ودية مستقيمة. بعبارة أخرى،

فإن المعلومات عن الفترة الضوئية تبلغ الخلايا الصنوبرية بلوغًا غير مباشر عن طريق العينين لأن هذه الألياف

هي آخر تَمَفْصُل على الطريق الواصل بين الشبكية والصنوبرة.

ولقد بيَّنت البحوث على مختلف رُتَب الفقاريات أن تركيب الميلاتونين لا يتم في الظلام وحسب،

بل وأن مدة إفرازه مكافئة عمليَّا لفترة إفرازه الليلي. ومن جهة ثانية فإن تركيب الميلاتونين في مختلف أنماط القلاَّبات،

شأنه شأن الناقل العصبي للمستقبِلات الضوئية الصنوبرية، يمكنه أن يتثبَّط بالضوء.

وهذا التثبيط، كما تبيِّن التجارب على سمك الشبوط المستأنس، يتوقف سواء بسواء على شدة الضوء وتكوينه الطيفي ومدة نشاطه.

ولدى إبقاء الفراريج والجرذان في شروط عزل زمني، أي في ظلمة أو ضوء متواصلين،

فإن إفراز الميلاتونين – ومن طبيعته أن يُوقَّع على ساعات اليوم – يختل انضباطه.

ففي الظلمة المتواصلة، على سبيل المثال، تقترب فترتُه من 24 ساعة، فيما تنقص سعته وينزاح أوج إفرازه كلَّ يوم.

إن هذه الظواهر غير العادية تدل على إيقاع يتبدَّل بسهولة؛ وبعبارة أوضح، فإن إيقاعية إنتاج الميلاتونين تستمر،

إنما بالمقدار نفسه من الدقة. وإن استمرار إيقاعيته ضمن شروط العَزْل الزمني هذه تشير بهذه المثابة إلى وجود ساعة أو ساعات بيولوجية

تدعى تارة بـ"النواس" وطورًا بـ"ناظم الخطى" pacemaker.

وفي الشروط الطبيعية يعاد ضبط هذه الساعات بالفترة الضوئية؛ إذ إن هذه تُعتبَر ميقاتية Zetterberg دقيقة.

بعبارة أخرى، فإن ثمة ساعات بيولوجية تفرض إيقاع إفراز الميلاتونين،

فيما تتوقف خصائص هذا الإيقاع (السعة، موقع الأوج ومدَّته، فترة الـ24 ساعة)

على التحكُّم المفروض على هذه الساعات الحيوية التي تمَّ تحديد موقعها إما في قلب الصنوبرة نفسها (كما في الفروج وبعض العظايا)،

وإما في بنى مخية معينة هي، على وجه التحديد، النوى ما فوق التصالب البصري لمنطقة ما تحت السرير البصري (كما في الجرذ).

ولقد تمَّ تبيان وجود نوَّاس صنوبري بعزل العضو الصنوبري في وسط زرعي.

هذا وتشير الأبحاث على الفروج والجرذ وغيرهما من الفقاريات إلى أن القلاَّبات حافظت إبان التطور

على التغيرات اليومية لتركيب الميلاتونين باللجوء إلى تغيير متدرِّج في نسق فكِّ رموز المعلومات المنقولة بالفترة الضوئية،

بحيث تتم الاستعاضة عن القَلْب الضوئي شيئًا فشيئًا بقلب الإشارة بالتنبيه النورأدرناليني.

_________________


يتبع


من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 7th, 2009, 8:33 am




تغيير اللون والتحكُّم بالحرارة

تزوِّد الصنوبرة المتعضِّية، عن طريق الميلاتونين، بمعلومات زمنية عظيمة الأهمية، إنْ عن مدة الليل،

أو عن فترات السنة، كما سيتبيَّن. وإن تغيُّر لون جلد الحيوانات ذوات الدم البارد – بتأثير الصنوبرة – لهو أمر معروف منذ فترة طويلة.

فعند يرقات السمك والبرمائيات وبعض الأنواع البالغة من الأسماك وبعض البرمائيات والزواحف،

يصبح جلد الظهر أفتح لونًا بصورة محسوسة في أثناء الليل. وإجمالاً،

فإن العبور من كسوة داكنة اللون إلى كسوة أظهر لونًا ناجم عن حركات حبيبات الميلانين في الخلايا الجلدية المتخصصة (حاملات الميلانين)،

إما انتشارًا في الاستطالات الخلوية ما تحت البشروية، بما يزيد لون الجلد قتامة (كما في بعض أنواع الضب)،

وإما تركيزًا في الأجسام الخلوية الواقعة في طبقة الأدمة العميقة. وإن استئصال الصنوبرة لدى بعض الحيوانات يضع حدًّا للتغيُّر الليلي للتلوين.

كذلك فإن المركَّب الصنوبري يؤثر على حرارة الجسم أو نَظْم الحرارة.

وتشير الدراسات المُجراة أساسًا على حيوانات من ذوات الدم البارد أن الأنواع المتمتعة بصنوبرات جسيمة

أو معقَّدة البنية تنزع إلى استيطان المناطق المعتدلة وحتى القطبية، بينما تنزع صاحبة الصنوبرات الصغيرة

أو البسيطة البنية إلى الاستقرار في المناطق حول المدارية.

غير أن الاستثناءات ليست بالقليلة.

فلكي ترفع العظايا من حرارة أجسامها تستفيد من المصادر الحرارية للبيئة بتغيير أوضاع جسمها بالنسبة إلى أشعة الشمس

والإدبار والإقبال من المناطق المشمسة إلى المناطق الظليلة إلخ.

وإن استئصال العضو الجداري للضبِّ يترافق بمسلك غير متكيِّف، يُترجَم إلى ارتفاع حراري أو إلى انخفاض في النسبة المثلى لحرارة الجسم.

وبذلك قد يلعب هذا العضو دور مقياس الإشعاع، محدِّدًا زمن التعرُّض للشمس وفقًا للإشعاع الحراري للضوء الشمسي.

وإن استئصال الصنوبرة، من جهة أخرى، يتسبب في انخفاض حراري مفاجئ. وهكذا يبدو أن لعضوي المركَّب الصنوبري وظيفتين متضادتين.

وتبيِّن دراسات أخرى أن المركَّب الصنوبري للبرمائيات وصنوبرة الطيور،

وربما الوليد عند الثدييات أيضًا، قد يكونان منخرطين في التنظيم الحراري أو التوقيع اليومي للحرارة الداخلية.

وتبدو الصنوبرة عند الثدييات لاعبة دورًا في السيرورات لإطلاق حالة السبات والخروج منها، وكذلك في سيرورة السبات الشتوي.

فإن استئصال الصنوبرة لدى بعض الثدييات يخفض القدرة على الدخول في السبات أو الاستمرار في هذه الحالة أو في حالة الهمود.

ويبدو أن الميلاتونين أيضًا، بما هو يخفض فعلاً النسبة المثلى لحرارة الجسم عند العظايا

ويقلِّل من الحرارة الداخلية للعصفور الدوري ويزيد من حدوث السبات لدى السنجاب ومدَّته، هو المسؤول عن هذه الظواهر.

_________________



يتبع

من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

الماستر جولنار
مشاركات: 117
اشترك: أكتوبر 27th, 2009, 6:04 pm
المكان: سوريا
اتصل:

ديسمبر 7th, 2009, 8:35 am



النشاط والراحة

لقد تبيَّن أيضًا أن الصنوبرة والميلاتونين يلعبان دورًا هامًّا في تنظيم إيقاعات يومية أخرى،

منها النشاط الحركي لدى غير الثدييات. فهذا الإيقاع يستمر في شروط العَزْل الزمني طوال فترة تقارب الـ24 ساعة.

وهذه الإيقاعية تختفي لدى بعض الأنواع، الموضوعة في ظلمة مستمرة، بعد استئصال الصنوبرة.

فهل تسيطر هذه على النشاط الموقَّع للثدييات أيضًا؟

على الرغم من شحِّ المعطيات العلمية بهذا الخصوص،

كان معلومًا أن استئصال الصنوبرة يؤدي إلى تكيُّف أسرع لإيقاع الراحة/النشاط بعد حدوث اختلال مفاجئ.

ولنذكِّر أن إيقاع الميلاتونين وإفرازه عند الثدييات محكوم بالهرمون المتوضع في النوى ما فوق التصالب البصري والمتأثِّر مباشرة بالفترة الضوئية.

وبما أن الميلاتونين يبدو وكأنه "عقرب" هذه الساعة البيولوجية فإن حقنه بجرعات منتظمة إبان اليوم،

كما بيَّنت التجارب، تُواقِت النشاطَ الإيقاعيَّ للفأر الموضوع في الظلمة.

وتوحي التجارب التي أجراها علماء من معهد الفسيولوجيا في براغ بوجود صلة بين الميلاتونين

وبين موقعين في منطقة ما تحت السرير البصري؛

وهذان الموقعان قد يقابلان مستقبِلات حقيقية للجزيء، بما يشير إلى وجود تأثير مباشر

ممكن للميلاتونين على الساعات البيولوجية المركزية اليومية.

وأخيرًا، قد تكون للميلاتونين تأثيرات على إيقاعات يومية غير إيقاع الراحة/النشاط:

فربما يمكنه أن يعيد مواقتة إيقاعه هو ويؤثر، ربما، على هرمونات أخرى، كالكورتيزون والبرولاكتين.

الجنس وفصول التناغم الحسن إن التناسل، لدى العديد من الأنواع، لهو من الوظائف الفصلية الملحقة بتطاوُل أو تقاصُر مدة الإضاءة اليومية التي تقابلها، في كلٍّ دورة يومية، مدةٌ من الإفراز الليلي للميلاتونين.

ويُستفاد من هذه المعلومة الزمنية لتنسيق الوظائف الفصلية.

ففي بعض الثدييات، كالخروف واليرنب،

يؤدي استئصال الصنوبرة، على المدى الطويل، إلى خلل في تزامن النشاط التناسلي بالنسبة إلى الدورة السنوية للبيئة.

فضمن هذه الشروط قد يفشل التناسل نظرًا لأن ولادة الصغار لا تقع في الفترة الأنسب لبقائها عل قيد الحياة.

ولقد تبيَّن أن فترة قصيرة من إفراز الميلاتونين، متزامنةً مع الأيام "الطويلة النهار"،

تحرِّض النزو لدى اليرنب (وهو حيوان يتبع نشاطُه الجنسي تطاوُلَ المدة اليومية للإضاءة)،

فيما تؤدي فترة مطوَّلة من إفرازه، تكافئ الأيام "القصيرة النهار"، إلى النتائج عينها لدى الخروف.

ومن ناحية أخرى، يؤدي استئصال صنوبرة الفأرة إلى تحريض النزو وضخامة المبيض،

كما يؤدي تعريضها لمحيط ضوئي شديد إلى النتائج عينها.

أما عند غير الثدييات فيؤدي استئصال الصنوبرة لدى بعض الأسماك إلى تراجع ملموس في وزن المناسل وفي إنتاج الخلايا الجنسية،

وقد يؤدي إلى أثر معاكس. ولقد شوهِد أحد هذين الأثرين أو كلاهما بحسب النوع المدروس ومدة التجارب وموقعها من السنة.

ويمكن لحقن الميلاتونين أن يؤثر على الوظيفة التناسلية، مؤدِّيًا إلى انخفاض في وزن الغدد الجنسية.

ومع أن آلية هذا التأثير ليست معروفة تمامًا بعدُ فإن الفرضية القائلة بأن الميلاتونين يعدِّل نِسَبَ إفراز الهرمونات النخامية المنسلية المتحكِّمة في التناسل هي الأرجح، بما يؤكِّد الصلة الفسيولوجية بين النخامة والصنوبرة.


الإنسان تحت تأثير الميلاتونين

إن وظيفة الصنوبرة البشرية غير معروفة تمامًا بعدُ.

غير أن ما تمَّ التوصُّل إليه في الأبحاث على الحيوان ليحمل على الافتراض بأن بعض الوظائف الفسيولوجية قد تتوقف على الفعل المُواقِت لإفراز الميلاتونين.

وتبيِّن الأبحاث أن أوج إفراز الميلاتونين الليلي يكون بين الساعة الثانية والخامسة صباحًا،

مهما يكن التبايُن الملحوظ في إفرازه بين الأفراد الأصحاء.

وهذه الإيقاعية داخلية المنشأ لأنها تستمر لدى الأفراد الخاضعين للعَزْل زمني.

وتشير النتائج أيضًا إلى أن آثار الضوء على الصنوبرة تمرُّ عِبْر شبكية العين.

ويبدو أن التجارب الأخيرة على الإنسان، بالإضافة إلى الملاحظات السابقة، تشير إلى أن الضوء الطبيعي يتحكَّم في إيقاع،

وبالتالي في مدة إفراز الميلاتونين البشري. وفي غياب الضوء الطبيعي

يمكن لميقاتيات Zeitgeber أخرى أن تتدخل بنجاح – وإنْ لم تكن الحال على ذلك دومًا؛

إذ إن العديد من العميان ذوو إفرازات إيقاعية غير طبيعية.

كذلك فإن إفراز هذا الهرمون يبدي لدى الإنسان أيضًا تغيرات فصلية تتوقف أيضًا على الفترة الضوئية، على ما يبدو.

وتُظهِر غالبية الدراسات في الوقت الحالي انزياحًا إلى الأمام لأوج إفراز الميلاتونين بين فصلي الشتاء والصيف،

يبلغ ذروته في بداية الصيف .

أما المعطيات حول الصلات بين الصنوبرة البشرية والتناسل فهي لا تتعدى النزر اليسير –

وإن كان الأطباء يعلمون، منذ فترة طويلة، بأن أورام هذا العضو ترتبط بنمو مفرط لدى سنِّ البلوغ.

ولقد سمحت الدراسة المقارنة لتراكيز الميلاتونين الليلية بالتوصُّل إلى النتائج التالية:

ترتفع النِّسَب في أثناء الطفولة الأولى، فيما تنخفض إبان النموِّ حتى سنِّ الحلم، ثم تثبت في أثناء النضج،

لتهوي على نحوٍ لا يُستهان به مع الشيخوخة. فهل ثمة صلة سببية بين انخفاض نسبة الميلاتونين وإطلاق تحولات البلوغ؟

لا إجابة علمية قاطعة بهذا الخصوص.

إنما فلنُشِرْ هنا إلى أن إيقاع الميلاتونين، بحسب بعض المؤلِّفين، خاضع لدى المرأة لتبدلات الدورة الشهرية.

يُستفاد من كلِّ ما تقدَّم أن قلاَّبات الصنوبرة، من الفقاريات البدائية إلى الإنسان،

كابدتْ ما لا يُستهان به من التنقيحات، فيما كانت تنمِّي مختلف الآليات الفسيولوجية الرامية إلى الحفاظ على خاصية هامة،

ألا وهي النشاط اليومي. وإن إفراز الميلاتونين ليس غير انعكاس بارز لهذا النشاط، تقوم على مُواقَتَته ميقاتيةُ تناوُب النهار والليل.

والميلاتونين – وهو أشهر الجزيئات–"الرسائل" التي تمِّ اصطفاؤها في وقت مبكر من التطور – لَينقُل ضمن المتعضِّية معلومات زمنية.

وهذه الميقاتية الداخلية تتحكم في مختلف الإيقاعات اليومية لدى العديد من الأنواع، كما تساهم في تنسيق الوظائف الفصلية.

فهل يجوز لنا القول إن العلم، على بقاء ثغرات عديدة فيما توصَّل إليه من مكتشفات، قطع شوطًا هامًّا في درس هذه الغدة؟

ما في ذلك ريب – من حيث إنه (أي العلم) حدَّد عدة محاور للبحث، من الجزيء حتى المتعضِّية.

لكن أهمَّ ما يتعلق بـ"العين الثالثة"،

فيما نرى، سيبقى عصيًّا على العم التجريبي ما لم ينفتح هذا الأخير على معطيات الحكمة القديمة فيما يخص فسيولوجيا الجسم البشري.

_________________


وشكراً

أتمنى الفائدة للجميع

الماستر جولنار

هذه اللحظة هي نقطة قوتي الماضي انتهى والمستقبل لم يأت بعد.
نقطة قوتي هي فقط في هذه اللحظة.
أختار الآن أن أقوم بما يلزم لتغيير حياتي.


من الحب خلقنا وإلى الحب ذاهبون
فلنحبب بعضنا بعضا
الماستر جولنار
أحبكم

شارك بالموضوع
  • معلومات
  • الموجودون الآن

    الاعضاء المتصفحين: لا مشتركين و 1 زائر